صرخة حجر.. السم في العسل
معين نعيم
ضج الإعلام العربي في الأيام الاخيرة بمسلسل تركي مدبلج اسمه الفراق وسموه العرب باسم صرخة حجر بثت أول حلقاته على قناة mbc1 وأثار أزمة سياسية بين تركيا والكيان الصهيوني هدد خلالها بعض القيادات الصهيونية بمقاطعة تركيا سياسيا وحتى بعض الشركات العاملة في السياحة ألغت حجوزاتها في الفنادق والمرافق السياحية التركية وقد تابعت المسلسل منذ اللحظة الأولى ودعوت كل من أعرف من الزملاء والأصدقاء الأتراك لمتابعته لما كان فيه من دعم واضح للقضية الفلسطينية واظهار لظلم وجور العدوان الصهيوني على أهل فلسطين ومع بث الحلقة الأولى لهذا المسلسل على التلفزيون الحكومي حتى ازدادت الضجة وازداد الضغط السياسي على تركيا وبدأت تظهر بوادر أزمة سياسية حقيقية بين الكيان وتركيا .
وكنت أنا قد كتبت مقالا بعنوان لا تتركوا العثمانيين وحدهم في الميدان مطالبا الشعوب والمؤسسات العربية قبل الأنظمة بمساندة تركيا والوقوف بجانبها في مواجهة هذه الحملة المسعورة حتى لا ترضخ للضغوط ولكن وللأسف لم يحدث شيء
وقد كتبت يومها شكوى في الاعلام التركي أشتكس فيها هذا الضيم الذي وقع على شعبنا الفلسطيني بقصد أو بغير قصد وقد نبهت فيها أن المسلسل استطاع أن يشد له الجمهور وبقوة خاصة أنصار القضية الفلسطينية ولكنه بعدها إما بشكل مخطط له مسبقا أو أنه بانصياع للضغوط الصهيونية اضطر لتغيير بعض الحقائق فكان الرد في اليوم التالي من المشرف السياسي للمسلسل هاكان البايراك والذي أصبح بعدها مساعد لمستشار رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان حيث أعلن في بيان صحفي عن اعتذاره للشعب الفلسطيني ومقاومته أولا ثم لكل من دعاه هو لمتابعة المسلسل من أنصار القضية الفلسطينية وطالب إدارة المسلسل بسحب اسمه من قائمة الأسماء في مقدمة وخاتمة المسلسل وقال أنه اطلع على فكرة وحلقات المسلسل بشكل عام ولكنه أصابه الاحباط حين رأى بعض الجزئيات من المسلسل لا تمثل الحقيقة وهو بالمناسبة من المختصين في قضية فلسطين ويجيد اللغة العربية بطلاقة.
ومن هذا المنطلق ومن واقع أن مجموعة mbc لم ولن تخرج يوما عن طوع الغرب وما يتمناه والكيان المحتل وما يرغب به حيث المسلسلات الهدامة وغرس ثقافة الكاوبوي في نفوس شبابنا العربي من خلال قنواتها المتعددة وحتى انها في العديد من أفلامها تنقل وجهة النظر الأمريكية عن شعوبنا العربية ومقاومتنا الفلسطينية والعراقية وغيرها من الأحداث ولا اظنها بحسن نية أو تفعل ذلك عن غير قصد فإنني ومن هذا الواقع أدعو الجميع للحذر من الترويج لهذا المسلسل الذي لم تسكت الهجمة الصيونية عليه إلا بعد ان اطمأنت على تحويل محتواه عن المجرى القوي للأحداث أدعو أولا القيادات الفلسطينية عدم التسرع في تأييد والترويج لهذا المسلسل حتى لا يقعوا في المحظور فيصبح ما فيه من أخطاء حقائق لا يمكن نكرانها عن الشعب الفلسطيني ومقاومته وكذلك أدعو الأخوة العرب الذين يتابعون هذا المسلسل الحذر لأن في هذا القدر من العسل شيء لا يستهان به من السم فلا ترسموا شكل الشعب الفلسطيني من خلال مسلسل لم يشارك في اخراجه أي فلسطيني أو عربي يعرف واقع فلسطين أو حتى لا يعرف عن فلسطين وواقعها بل هو محاولة إذا أحسنا الظن بها نقول أنها فيها العديد من الأخطاء يجب معالجتها في غيره من الأعمال الفنية والتي أدعو الإعلاميين والفنانين العرب أن يتحركوا ليتعاونوا مع زملائهم الأتراك لتجاوزها واخراج الأعمال الفنية الحقيقية التي تدعم صمود الشعب الفلسطيني.