[FONT="]شبابنا إلى أين؟[/FONT]
[FONT="]شباب كانوا أملاً وثروة لهذه الأمة ومستقبلاً مشرقاً وربيعاً زاهراً وقلباً نابضاً وسياجاً واقياً لأمتهم من الرياح العاتية والسيول الجارفة فانحرفوا عن الجادة فسقطوا في أوحال المخدرات فأهدرت تلك الثروة الثمينة وأصبح ذلك المستقبل حاضراً بئيساً وذبلت تلك الأزهار المتفتحة وتساقطت وتوقف القلب عن الخفقان وانهار السياج فاندفعت الرياح والسيول وجرفت معها الأفكار الهدامة التي أودت بهم إلى الهاوية.[/FONT]
[FONT="]قال أحدهم:[/FONT]
[FONT="]".. سقطت في هوة المخدرات منذ أعوام أنا ورفاق لي بحجة التسلية وهرباً من الواقع الذي نعيشه ، قتلت فينا المخدرات كل شيء.. الدين.. الحياء.. الطموح.. وأصبحنا على هامش الحياة بعد أن كانت تعقد علينا الآمال وكان يتوقع أن يكون لنا مستقبل مشرق.. فأصبحنا بعد ذلك في قمة الضياع ،فمنّا من فقد وظيفته، ومنا من ترك دراسته بل ووصل الحال في بعضنا أنه كان يتسوّل من اجل أن يشتري تلك المخدرات.."[/FONT]
[FONT="]فكم من الشباب وقع في شرب المسكرات حتى صارت بالنسبة له روحاً لا تفارق جسده فخسر بعد وقوعه فيها كل شيء.. الرجولة الحمية والسّمت الحسن، وخسر مكانته بين الناس وأصبح قلبه أسود مرباداً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً،حتى صار في أثناء شربه لذلك المسكر لا يفرّق بين أمه وأخته وبغيّ من البغايا [/FONT]…[FONT="] وهكذا لعبت بهم المخدرات حتى وصلوا إلى تلك النتيجة المحزنة فكم خسرت الأمة بخسارة هؤلاء الشباب [/FONT]…
[FONT="]شاب سافر إلى بلاد الفجور وعاشر البغايا والمومسات وعاد إلى موطنه حاملا معه الفيروس الخبيث [/FONT]–[FONT="] الإيدز [/FONT]–[FONT="] ثم عاشر زوجته العفيفة فانتقلت إليها العدوى وأصيبت بذلك الداء الخطير وبقيت تنتظر ساعة الرحيل بسبب ذنب لم ترتكبه وبسبب فساد ذلك الزوج الذي زهد في الحلال وراح يبحث عن الشهوة المحرمة.[/FONT]
[FONT="]وشباب عادوا إلى الله بعد أن سئموا من حياة الملل والنكد والشقاء وبعد أن خاضوا بحور المعاصي فنظروا في أنفسهم فوجدوا أن تلك الشهوة ولّت وبقيت عاقبتها السيئة رفيقاً لهم في سفرهم الطويل فما زادتهم إلا هماً وشقاءً وقد كانوا يأملون أن هذه المعصية ستحقق لهم السعادة فما زادتهم إلا بعداً عن الله فوقفوا مع أنفسهم وقفة صدق وقرّروا الخلاص من الحياة البئيسة التي لم يجنوا منها إلا الشقاء الدائم والعناء المستمر فأقبلوا على ربهم منيبين إليه مقرّين بذنوبهم يستغفرون الله على كل لحظة قضوها في البعد عنه؛ وعلى كل لحظة فارقوا فيها هذه الحياة الطيبة ولم يذوقوا فيها لذة العبادة والإنابة إليه سبحانه؛ فتراهم يطيلون السجود ، ألسنتهم ذاكرة وأعينهم دامعة وقلوبهم خاشعة تفيض محبة ورقة وتزداد شوقاً إلى لقاء الله . [/FONT]
[FONT="]وتراهم يسارعون في الخيرات ويتحرّون الأعمال الصالحة التي تقربهم من ربهم الرحيم الذي طالما أبعدتهم المعاصي عن الطريق الذي يوصل إلى رضوانه.[/FONT]
[FONT="]وشباب تاهوا في دوامة الحياة تراهم حيارى يريدون أن يتخلصوا من الكآبة التي أحاطت بهم ويسلكوا طريق السعادة ولكن كبلتهم الذنوب والخطايا وأصبحت الشهوات عائقاً في طريقهم عن الوصول إلى الهداية فتراهم يقدّمون رجلاً ويؤخرون أخرى وكلما ساروا قليلاً رجعوا إلى الوراء .[/FONT]
[FONT="]يملأ حياتهم الأرق والهم والمخاوف وتتعالى في نفوسهم صرخات الألم من الواقع الذي يعيشون فيه ويتحرك في قلوبهم داعي الخير إلى الحياة السعيدة والمستقبل المنير ولكنهم ضلوا الطريق وعاشوا صراعاً مريراً مع أنفسهم فكيف الخلاص من[/FONT]
[FONT="]ذلك الواقع المظلم الذي ملأ قلوبهم ألماً وحسرات وكيف النجاة من تلك الحياة المريرة وأين الطريق الموصل إلى الهداية ؟!.[/FONT]
[FONT="]شبابنا هم الأمل المشرق[/FONT]
[FONT="]عندما تجلس مع بعض الشباب وتبحر في أعماقهم تجد فيهم من الخير والصفات الطيبة ما يجعلك تتحسّر وتشعر بالحرقة على وجودهم في مكان لا يليق بهم ..[/FONT]
[FONT="]فكثير من الشباب رغم غوصه في بحور المعصية إلا أنه يتحرك في قلبه الخوف من الله والندم والإحساس بالذنب الذي ارتكبه وبعضهم عندما تتحدث معه تجد قلبه يمتلئ بالحميّة لهذا الدين ولا يرضى أن يتعدى أحد على حدود الله أو يتعدى على دين الله العظيم الذي اختاره لعباده فتجده يبغض الذين يسخرون من دين الله ويشن عليهم الحملات المضادة بكل ما أوتي من قوة .[/FONT]
[FONT="]وبعضهم قد امتلأ قلبه محبةً وإجلالاً لله فهو يحب ربه وخالقه الذي أنعم عليه بنعم لا تعد ولا تحصى وكان أرحم به من أمه التي ولدته، ويحب نبيّه محمداً [/FONT][FONT="]صلى الله عليه و سلم[/FONT][FONT="] الرحمة المهداة ويحب صحابته الأطهار الأبرار وما إن تذكّره بسيرتهم حتى ترى دمعة قد انحدرت من عينيه ويدعو الله أن يجمعه بهم في الجنة والنعيم والمقيم ، وشباب تجدهم يتمتعون بأعظم صفات الرجولة من النخوة والغيرة على المحارم والكرم والشجاعة[/FONT][FONT="] وهؤلاء إن اهتدوا فسيكونون من أفضل الناس ؛ كما قال [/FONT][FONT="]صلى الله عليه و سلم:" فعن معادن العرب تسألوني ؟ خيارهم في الجاهلية؛ خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "[/FONT][FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="])؛[/FONT][FONT="] فهؤلاء الشباب الطيبون الذين يحملون هذه الصفات الطيبة وغيرها الكثير لا يستغرب منهم القرب من الطاعة لأنهم أصلاً أبناء هذه الأمة وهم أحفاد الصحابة وسلف هذه الأمة الصالح وكثير منهم يريد الهداية ولكنه متذبذب يعرف أن هذا هو الطريق ولو سألته لماذا لا تلتزم يا فلان لقال :[/FONT]
[FONT="]" والله إني لأتمنى الهداية [/FONT]…[FONT="] ولكن [/FONT]…[FONT="] ؟!!" ولكن ماذا [/FONT]…[FONT="] ؟!! [/FONT]…
[FONT="]أُخيّ.. إذا كنت قد سئمت من حياة البؤس والشقاء وأردت أن تودع تلك الحياة البئيسة وتقبل على الله فهذا هو السبيل .[/FONT]
[FONT="]إن السبيل الذي يوصلك إلى ما تطمح إليه من النجاة مما أنت فيه والإقبال على حياة السعادة هو باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه [/FONT]…
[FONT="]" [/FONT]…[FONT="] ولا تحسب أن قوله تعالى: ( إنِّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ . وإنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) ؛ مقصور على نعيم الآخرة وجحيمها فقط [/FONT]…[FONT="] بل في دورهم الثلاثة هم كذلك [/FONT]–[FONT="]أعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار- فهؤلاء في نعيم وهؤلاء في جحيم وهل النعيم إلا نعيم القلب وهل العذاب إلا عذاب القلب؟ وأي عذاب أشد من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر وإعراضه عن الله والدار الآخرة وتعلقه بغير الله وانقطاعه عن الله بكل واد منه شعبة وكل من تعلق به وأحبه من دون الله يسومه سوء العذاب .[/FONT]
[FONT="]فكل من أحب شيء غير الله عذب به ثلاث مرات في هذه الدار؛ فهو يعذب به قبل حصوله حتى يحصل ، فإذا حصل عذب به حال حصوله بالخوف من سلبه وفواته والتنغيص والتنكيد عليه وأنواع من العذاب في هذه المعارضات ، فإذا سلبه اشتد عليه عذابه فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار .[/FONT]
[FONT="]وأما في البرزخ [/FONT]–[FONT="]القبر [/FONT]–[FONT="] فعذاب يقارنه ألم الفراق الذي لا يرجو عوده وألم فوات ما فاته من النعيم العظيم باشتغاله بضده، وألم الحجاب عن الله وألم الحسرة التي تقطع الأكباد فالهمّ والغم والحسرة والحزن تعمل في نفوسهم نظير ما يعمل الهوام والديدان بأبدانهم بل عملها في النفوس دائم مستمر حتى يردها الله إلى أجسادها فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع هو أدهى وأمرّ؛ فأين هذا من نعيم من يرقص قلبه طرباً وفرحاً وأنساً بربه واشتياقا إليه وارتياحاً بحبه وطمأنينة بذكره ، حتى يقول بعضهم حال نزعه : واطرباه .[/FONT]
[FONT="]ويقول الآخر : إن كان أهل الجنة في مثل هذه الحال إنهم لفي عيش طيب . [/FONT]
[FONT="]ويقول الآخر : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها ، وما ذاقوا أطيب ما فيها .[/FONT]
[FONT="]ويقول الآخر : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف .[/FONT]
[FONT="]ويقول الآخر : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة [/FONT][FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="])[/FONT][FONT="].[/FONT]
..................... يتبع ......................
[FONT="]([/FONT][FONT="][1][/FONT][FONT="]) رواه البخاري[/FONT] [FONT="](3175) ومسلم (2638 ).[/FONT]
[FONT="]([/FONT][FONT="][2][/FONT][FONT="]) الجواب الكافي لابن القيم ص 146[/FONT]
آخر تعديل: