ماذا لو عاد العلامة عبد الحميد بن باديس رائد النهضة الإسلامية الإصلاحية في الجزائر من قبره ورأى الإرساليات التنصيرية تهرول نحو الجزائر وهي تدس السم في العسل للشباب الجزائري الذي سرقته البطالة حيناً وغربته المحن السياسية حيناً آخر؟!
ماذا تراه سيقول لو رأى 300 كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام حسب بعض الإحصائيات الجزائرية من الذين ركبوا الموجة "اليسوعية" التي قذفت بها الأيادي الأجنبية الحاقدة على الإسلام إلى الجزائر طمعاً في وظيفة أو مال؟
وماذا تراه سيقول وهو يرى رياح التنصير تهب على الجزائر وهو صاحب بيت الشعر الشهير:
شعب الجزائر مسلم
من قال حاد عن أصله
الأرقام المذهلة تقول للأسف إن التنصير في الجزائر يكاد يبتلع منطقة القبائل في الشمال بالكامل، وهي التي بدأ نشاط المنصرين فيها مبكراً بالتوازي مع احتلال الجزائر عام 1830م، وكذا بعض المناطق في الجنوب الجزائري، وبدلاً من أن يواجه المسؤولون الجزائريون هذه الكارثة التي أصبحت معروفة بالأرقام وبتفاصيل الإرساليات التنصيرية، يعتبرون هذه الأرقام من قبيل المبالغة، ويقولون إن الهدف منها إذكاء نار الحقد والضغينة حسب قولهم(!)
أما ضحايا هذا التنصير فهم من خيرة الشباب الجزائري الذين وقعوا في بئر الغواية والوعود ودسّ السم في العسل، وهم الذين يعانون من البطالة وقلة العمل وعدم القدرة على تكاليف الزواج والذين فرقتهم خلافات الفرقاء السياسيين في بلادهم، فأغراهم المنصرون بالعمل والمال كطوق نجاة من جحيم البطالة والفقر والصراعات الداخلية.
(المجتمع) حققت في خفايا التنصير في عدد من الولايات، وتفتح هذا الملف الشائك وتنشر إحصاءات مهمة عنه، وتستعرض آراء شباب تنصّروا، ومسؤولين جزائريين استجوبناهم فنفوا أن يكون التنصير بهذه الحدة وتلك الضراوة، وإن اعترفوا بوجوده، إلا أنهم قالوا إن الاسلام بخير وإن المتنصرين واحد في المليون، وهم من الجهلة وضعاف النفوس ومدمني المخدرات!
ماذا تراه سيقول لو رأى 300 كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام حسب بعض الإحصائيات الجزائرية من الذين ركبوا الموجة "اليسوعية" التي قذفت بها الأيادي الأجنبية الحاقدة على الإسلام إلى الجزائر طمعاً في وظيفة أو مال؟
وماذا تراه سيقول وهو يرى رياح التنصير تهب على الجزائر وهو صاحب بيت الشعر الشهير:
شعب الجزائر مسلم
من قال حاد عن أصله
الأرقام المذهلة تقول للأسف إن التنصير في الجزائر يكاد يبتلع منطقة القبائل في الشمال بالكامل، وهي التي بدأ نشاط المنصرين فيها مبكراً بالتوازي مع احتلال الجزائر عام 1830م، وكذا بعض المناطق في الجنوب الجزائري، وبدلاً من أن يواجه المسؤولون الجزائريون هذه الكارثة التي أصبحت معروفة بالأرقام وبتفاصيل الإرساليات التنصيرية، يعتبرون هذه الأرقام من قبيل المبالغة، ويقولون إن الهدف منها إذكاء نار الحقد والضغينة حسب قولهم(!)
أما ضحايا هذا التنصير فهم من خيرة الشباب الجزائري الذين وقعوا في بئر الغواية والوعود ودسّ السم في العسل، وهم الذين يعانون من البطالة وقلة العمل وعدم القدرة على تكاليف الزواج والذين فرقتهم خلافات الفرقاء السياسيين في بلادهم، فأغراهم المنصرون بالعمل والمال كطوق نجاة من جحيم البطالة والفقر والصراعات الداخلية.
(المجتمع) حققت في خفايا التنصير في عدد من الولايات، وتفتح هذا الملف الشائك وتنشر إحصاءات مهمة عنه، وتستعرض آراء شباب تنصّروا، ومسؤولين جزائريين استجوبناهم فنفوا أن يكون التنصير بهذه الحدة وتلك الضراوة، وإن اعترفوا بوجوده، إلا أنهم قالوا إن الاسلام بخير وإن المتنصرين واحد في المليون، وهم من الجهلة وضعاف النفوس ومدمني المخدرات!
بداية التنصير
يخطئ من يظن أن التنصير في الجزائر حديث الولادة، فقد تضافرت الظروف الأمنية التي اندلعت في بداية التسعينيات مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية في خلقه، فولد التنصير في أحضان الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830م، حيث اصطحب قائد الحملة الفرنسية "دوبونياك" بتوصية من دائرة الاستعمار التابعة لوزارة الخارجية الفرنسية 14 قساً فرنسياً جاءوا ليطبقوا المقولة التالية على أرض الواقع: "يجب أن يندحر الهلال وهو لفظ يطلقه الفرنسيون على الإسلام حتى تعود الجزائر إلى أحضان الصليب".
ولذلك قام الفرنسيون بتحويل المساجد إلى كنائس واصطبلات لخيول الجنود الفرنسيين، وبالموازاة مع ذلك، ألغوا معاهد التعليم الديني واللغوي، وحاربوا الزوايا وحولوها إلى أوكار للشعوذة، وانطلق القساوسة الذين عرفوا ب"الآباء البيض" نحو منطقة القبائل وأغاروا على المجتمع "القبائلي" بعد أن أخفوا صفتهم الكهنوتية وعملوا على إقناع البسطاء والأميين بأن الإسلام هو السبب في القضاء على العِرق البربري، وأن العرب الغزاة الذين جاءوا من مكة والمدينة قاموا بمصادرة أراضي البربر وقضوا على لغتهم!
وسعياً لتشويه ماضي الإسلام ألقوا في روعهم أن عرب اليوم هم امتداد للعرب الفاتحين، كما عملت الكنيسة الفرنسية على إقناع سكان منطقة القبائل بأنهم ينتمون إلى العنصر الآري الذي تنتمي إليه أوروبا وفرنسا الكاثوليكية، وبعد استقلال الجزائر أقامت فرنسا عام 1963م ما سمي "الأكاديمية البربرية" التي اضطلعت بكتابة الإنجيل بالحروف الأبجدية الأمازيغية، وظلت البعثات اليسوعية تمد أذرعها الأخطبوطية إلى منطقة القبائل بشكل لافت ومثير للقلق.
وقد نتج عن هذا حسب وكالة "الأسوشيتد برس" عام 2004م ظهور 15 كنيسة في مدينة "تيزي أوزو" الواقعة على بعد 98 كيلومتراً من العاصمة، وصار نحو 30 % من سكان هذه المنطقة رواداً لتلك الكنائس، وبدأت أناجيل ذات طبعات أنيقة تصلهم بشكل منتظم، حتى الأطفال أرسل لهم المبشرون أقراصاً مضغوطة (سي دي) تتناول حياة المسيح مستخدمة في ذلك "الأمازيغية" وهي اللغة المتداولة في منطقة القبائل، وكشفت دراسة أكاديمية عن أن وفوداً من الرهبان الإنجيليين الأمريكيين ذهبت إلى ولايتي "تيزى أوزو" و"بجاية" الواقعة على امتداد 160 كلم شرق الجزائر العاصمة ضمن مسلسل التنصير المكثف.
6 شباب يتنصرون يومياً!
وقد عكف عدد من الباحثين الجزائريين على رصد هذا النشاط التنصيري الواسع، وظهرت عدة تقارير بحثية ترصد إحصاءات ميدانية عن هذا التنصير، ففي بحث أعده ثلاثة باحثين جزائريين، تم الكشف عن ارتفاع معدل التنصير في الجزائر حتى إن عدد المرتدين عن الإسلام بلغ 10 آلاف شخص، وبمعدل 6 أشخاص في اليوم معظمهم من الشباب.
وحسب تقرير الأديان التابع للخارجية الأمريكية، فإن فئة "غير المسلمين" في الجزائر بلغت نصف مليون شخص يرتادون 300 كنيسة أغلبها في منطقة القبائل.
وتقول تقارير أخرى لباحثين جزائريين إن المنصرين لعبوا في شمال الجزائر على وتر الانفصال الذي ترفعه حركات أمازيغية لللتنصير بين الجزائريين هناك، فيما لعبوا في الجنوب على وتر الفقر وتردي الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لتنصير الجزائريين، بينما ركزوا في ولايات أخرى تعاني من العنف الأمني والقتال بين أبنائها على تهجير أبنائها لتنصيرهم في الغرب.
وأحد هذه التقارير ذكر أن نسبة 25 % من سكان بعض القرى في منطقة القبائل وفي بعض مناطق الجنوب الجزائري، اعتنقوا المسيحية بفعل هذه السياسة التنصيرية؛ لما لمنطقة القبائل من خصوصية فرضها الإرث التاريخي القديم باعتبارها موطئ القدم الأول للمحتل الفرنسي، وكنتيجة لمطالب حركاتها السياسية المتمثلة في تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس، ومطالب الانفصال التي تستهدف استئصال هذه المنطقة جغرافياً عن بقية الجزائر.
فيما انتهز المنصرون في الجنوب الجزائري تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ليقبضوا على رقاب الأهالي بإغراء المال والعمل وينحرفوا بهم إلى المسيحية، إذ يقول تقرير أعدته باحثتان جزائريتان: إن المنصرين تغلغلوا في مناطق الجنوب الجزائري وصاروا يشاركون الأهالي أكلهم وشربهم ويتحدثون لهجتهم ويمتهنون رعيهم بل إن من نسائهم من تتبادل الزيارات مع نساء قبائل "الطوارق" بغية تنصيرهن!
وحسب نفس التقرير، فإن نسبة المرتدين في منطقة "تيميمون" الواقعة في الجنوب الجزائري، بلغت 5 % بزيادة 3 % مقارنة بالسنوات الماضية، فيما يقول تقرير آخر: إن نشاط مختلف الكنائس تزايد بنسبة 70 % خلال السنوات الماضية، رغم أن نشاط الكنائس التي تعمل في إطار قانوني نسبتها 30.5% وإن هذه الكنائس تحاول اجتذاب الشباب العاطل والفقير بتقديم يد المساعدة له حتى يسهل اقتياده فيما بعد إلى المسيحية، وهو الأمر الذي تعكف عليه الكنيسة البروتستانتية في ولايات "بسكرة" و"ورقلة" و"تقرت" و"جامعة" بولاية "الوادي".
حيث تشرف هذه الكنيسة على المشاريع المصغرة لاستصلاح الأراضي الزراعية ودعمها مادياً، كما تعمل على إنشاء مطبعة خاصة بطباعة الإنجيل بالجزائر العاصمة حتى تسهل مهمة توزيعه في كل ولايات الجزائر. وحتى تضمن استمرار نشاطها، قامت بتوزيع عناصرها على أربع جهات من البلاد حيث تختص كل مجموعة بجهة معينة ليتم تقديم تقارير للكنيسة الكاثوليكية في العاصمة حول أوضاع الأقلية المسيحية في مختلف مناطق الجزائر.
كما تقوم هذه الكنيسة من خلال جمعيات نشيطة بتنظيم مخيمات لما يسمى "المؤمنين الجدد" ويتم خلالها تعليمهم عقيدة التثليث وقواعد المسيحية بشكل عام، علماً بأن الكنيسة "البروتستانتية" بالجزائر تلقى كل الدعم المادي من طرف المنظمة الدولية للكنائس الموجودة بالولايات المتحدة.
وينتشر التنصير أيضاً في مدينة "عنابة" الواقعة في الشرق الجزائري عبر كنيسة القديس "أوجستين" بسبب الدعم المادي والمعنوي من الكنيسة، وفي ولاية "تمنراست" (1900 كلم جنوب الجزائر العاصمة)، حيث لا تزال كنيسة "أسكرام" تفتح ذراعيها للهاربين من نور الإسلام إلى ظلام التنصير، كما تعمل كنيسة "السيدة الإفريقية" في الجزائر العاصمة على تقديم عروض للعلاج في الخارج مقابل التنازل عن الإسلام، حيث يستقبل الرهبان الشباب المتردد على مكتبات الكنائس ويزودونهم بالكتب والمجلات التنصيرية وأشرطة فيديو لحصص باللغة "الأمازيغية" تتحدث عن فضائل المسيحية.
التدهور الأمني يشجع التنصير
وتعتبر الأوضاع الأمنية المتردية التي عاشتها الجزائر عقب توقيف المسار الانتخابي في بداية التسعينيات من أكثر الأسباب التي شرعت الأبواب للتنصير في الجزائر.
وحسب تقدير إحصائيات رسمية فقد تم استدراج 20.000 جزائري إلى المسيحية؛ لأن السلطات الجزائرية انشغلت آنذاك بتضييق الخناق على المساجد بحجة إبعاد السياسة عن الدين أو حماية الدين من السياسة؛ ولأنه رافق هذا التضييق حملة شعواء ضد المدارس الجزائرية وضد اللغة العربية ومادة التربية الإسلامية على وجه التحديد.
كما عملت الطبقة الفرانكفونية التي كانت في مراكز السلطة والقرار التي تدعم هذه الإرساليات التنصيرية على محاربة التدين الإسلامي بزعم الحد من تنامي التيار الأصولي ومن ضمنه تيار العروبة.
وفتح هذا الباب للإرساليات التنصيرية للعمل بحرية خصوصاً في منطقة القبائل، فعملت على بناء الكنائس في منطقة القبائل وتقديم دروس العقيدة المسيحية للشباب القبائلي الذين تنصّر منهم المئات، وساعد على هذا الغزو الإعلامي المتمثل في الفضائيات والإذاعات التنصيرية الموجهة لسكان شمال إفريقيا عامة ومنطقة القبائل خاصة، وبدأت الإرساليات تسد حاجات الشباب بالإغراءات المادية كالهجرة والزواج والتكفل بمصاريف العلاج كل ذلك بغرض المقايضة بترك الإسلام.
المنصرون يعملون في صمت
لأن محاولة الولوج إلى عالم المتنصرين الذين باعوا دينهم مقابل حفنة من الوعود والأماني ليس بالأمر السهل على اعتبار أن 99% من الشعب الجزائري مسلم وليس من السهل أن يعلن المرء عن نصرانيته أمام الملأ وإلا اعتبر مرتداً ومنبوذاً من ذوي أرحامه، فقد سعى المتنصرون لإخفاء أمر اعتناقهم للنصرانية خاصة في المناطق التي لا تعرف انتشاراً واسعاً للتنصير، ففي ولاية "سطيف" الواقعة 300 كلم شرق الجزائر العاصمة، لا أثر ظاهراً للمسيحية فيها.
ولكن "المجتمع" اكتشفت خلية تدير نشاطاتها في مقر سري وتحت إشراف قس فرنسي يعمل طبيباً للمعاقين، وإن كان الوصول إلى هذه الخلية السرية من أصعب المهمات التي صادفتنا لأن التكتم الشديد يطبع أمر التنصير في هذه المدينة المحافظة، غير أن العناصر التي تنتمي إلى هذه الخلية تحاول أن تنشر المسيحية بين الناس في صمت وهو الأمر الذي تعرض إليه أحد الأشخاص الذي كان مسافراً في حافلة، وفوجئ بفتاة جلست بالقرب منه تعرض عليه المسيحية!
وقد كشف لنا مسؤول رفيع المستوى أن التنصير في المناطق الشمالية لولاية "سطيف" يشهد نشاطاً متزايداً على عكس المناطق الأخرى وقال: "إن بعض السكان هناك أبلغونا أنهم عثروا على كتيبات ومنشورات على قارعة الطريق تتحدث عن مزايا المسيحية"، وأكد هذا المسؤول أن الجامعة هي أكثر البؤر التي ينتشر فيها التنصير لكونها تضم طلبة أفارقة استطاعوا أن يؤثّروا على بعض الطلبة ويردونهم عن دينهم.
ومع ذلك يعتبر طلبة الجامعة أكثر وعياً في التصدي لظاهرة التنصير على عكس طلبة الثانويات الذين يسقطون في فخ التنصير من أول وهلة، وفي هذا الصدد عبر أولياء أمور تلاميذ إحدى الثانويات بالجزائر العاصمة عن قلقهم بعد عثورهم على أناجيل وصلبان في "محافظ" أبنائهم وتبين فيما بعد أن هذه الأناجيل والصلبان قدمت إلى المنطقة عبر البواخر القادمة من مختلف الدول الأجنبية.
والملاحظ أن الإغراءات المادية ليست وحدها وراء تنصر العشرات من الشباب، فهناك من ارتمى في أحضان المسيحية هروباً من فهم خاطئ لتشريعات الإسلام أو من التزامات الشريعة، مثل حالة شاب اعتنق المسيحية لأن الأوروبيين يبيحون الزنى بالنساء وشرب الخمر!
ومن الآثار التي خلفها التنصير الذي اجتاح منطقة القبائل، أن أحد المساجد بقرية "حسناوة" تم تحويله إلى شبه مقهى ونُصب هوائيٌ مقعر فوق مئذنته لتلقي الاستقبال الجيد حسب سكان هذه المنطقة، كما تشهد مناطق أخرى في ولاية "تيزي أوزو" فتح مطاعم لتقديم لحم الخنزير، وقد أكد الصحفي "ن. هارون" مراسل جريدة "الشروق اليومي" من ولاية "بجاية" ل "المجتمع" أن التنصير في بعض قرى هذه الولاية اشتد أُواره خاصة قرية "فرعون" ولكنه قال: إن حلول شهر رمضان ورياحه الإيمانية كانت فرصة ل 45 شاباً كي يعودوا إلى أحضان الإسلام بعد أن غرر بهم أحد الشيوخ الذي اعتنق المسيحية إبان الاستعمار الفرنسي ووعدهم أنه سيتكفل بأمورهم الشخصية من خلال ربط علاقاتهم بجمعية فرنسية تمهيداً للهجرة ثم أخلف وعده.
قوانين لمكافحة التنصير
ولأن الظاهرة استفحلت، وظهر نشاط محموم للمبشرين لتنصير الشباب بصفة خاصة ضرباً على وتر الفقر والبطالة والعمل في أوروبا، فقد كان من الطبيعي أن تتحرك الدولة الجزائرية وتتصدى لهذه الظاهرة بسن العديد من القوانين التي من شأنها أن تنزع فتيل التنصير في الجزائر، ومن أهم هذه القوانين ما تم إصداره بموجب الأمر الرئاسي (06 - 03) والذي صادق عليه مجلس الوزراء في 27 فبراير 2006م وتضمن قانوناً لتنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين وأورد عقوبات ردعية ضد المنصرين الذين يتخفون وراء حرية المعتقد لفتنة الجزائريين.
حيث حدد القانون العقوبات بالسجن الذي يتراوح مابين 2 إلى 5 سنوات وغرامة مالية من 500 ألف إلى مليون دينار جزائري، كما حدد شروط وكيفيات سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين، ووضع إجراءات صارمة من شأنها أن تحد من تحركات المنصرين ومما جاء فيه: "إن التظاهرات الدينية يجب أن تخضع للتصريح المسبق من طرف والي الولاية وأنه يجب توضيح الهدف من التظاهرة، وتسمية الجهة المنظمة، والعدد المحتمل للمشاركين".
وقد أقر البرلمان الجزائري في نفس السياق قانوناً يمنع الدعوة لاعتناق دين آخر غير الإسلام ونص على إنزال عقوبات بالسجن لمن يحاول دعوة مسلم إلى اعتناق دين آخر أو من يخزّن أو يوزع أشرطة سمعية أو بصرية أو أية وسيلة أخرى تهدف إلى زعزعة الإيمان بالإسلام.
ورغم هذا فقد أكد عبد الله طمين المستشار الإعلامي لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية ل "المجتمع" أن ظاهرة التنصير في الجزائر عموماً وفي منطقة القبائل الكبرى خصوصاً مبالغ فيها إعلامياً، وأن القضية لا تتعدى المحاولات اليائسة للقلة القليلة التي استجابت لدعوة التنصير و"التي لاتتجاوز الجري وراء تحقيق بعض المصالح الشخصية الضيقة لأناس محتاجين، جهلة، مرضى نفوس، مدمنين على تناول المخدرات..." وقال: "نسبة هؤلاء لا تتعدى واحداً في المليون وليس المئات أو الآلاف كما قالت وسائل الإعلام ومقابل التنصير في منطقة القبائل يجب أن أذكّر بالإقبال المتزايد على بناء المساجد وتشييد وتعمير المؤسسات الدينية بصفة عامة".
وأضاف: "إنه كمثال على ذلك يوجد قرابة 2000 مسجد و50 زاوية تاريخية وعشرات المدارس القرآنية ومعهد إسلامي، وتسجيل قرابة مائة حالة اعتناق جديدة للإسلام بمنطقة القبائل (من مجموع قرابة الألف حالة في الجزائر كلها) التي حاربت بالأمس المعتدي على وطنها ودينها الإسلامي، وإن مساجدها اليوم تفيض بأكثر من مليون مصلٍ".
وأوضح أن "العدد الحقيقي للجالية المسيحية في الجزائر لا يتعدى 11 ألف مسيحي، وأن مجهودات المؤسسات الدينية الإسلامية الجزائرية في مجال تحصين المجتمع الجزائري من الغزو العقدي، تتمثل عموماً في نشر الثقافة الإسلامية على أوسع نطاق مع تعريف الإسلام وتحبيبه إليهم وتقوية ارتباطهم به والتعهد بالرعاية الدينية الإسلامية".
قبل فوات الأوان!
ليس من الحكمة في شيء أن نعتبر ظاهرة التنصير في الجزائر حتى وإن لم تكن بالحدة التي صورتها بعض الأرقام سحابة عابرة سرعان ما تزول بزوال الظروف والأسباب التي أوجدتها، لأن التنصير في الجزائر أصبح له بارونات ورؤوس كبيرة تديره من وراء البحار والمحيطات، وقساوسة ورهبان يقبضون على ناصيته ويسهرون على استمرار نشاطه داخل الجزائر، سيّما وأن الإرهاب عاد مجدداً على ظهر دبابة وهو يحاول أن يعطي صورة سيئة عن الإسلام ما يقدم خدمة لهؤلاء المنصرين للتنفير من الإسلام ونشر المسيحية.
لذلك من الضرورة بمكان أن تتكاتف جهود الدولة الجزائرية والقوى الإسلامية وعلماء الدين لمحاصرته ومحاربة مروجيه بإبراز المعاني الروحية للإسلام وأبعاده الحضارية؛ لأن معظم الذين تنصروا لم تكن علاقتهم بالإسلام وطيدة ولم ينهلوا من مشاربه العذبة النقية، فما أن عُرض عليهم البديل حتى تخلوا عن دينهم، فالخوف كل الخوف على هؤلاء الذين يصبحون على الإسلام ويمسون على المسيحية، أما الجزائريون الذين قصدهم العلامة بن باديس بشعره الشهير الذي أشرنا إليه في بداية هذا الاستطلاع، فالإسلام منسكب في دمائهم، فلو وضعوا الشمس عن يمينهم والقمر عن شمالهم مابدلوا دينهم.
قسّ فرنسي يشكك في شرعية أضحية العيد!
لم يكتف القساوسة بزرع بذور التنصير في الجزائر فحسب، بل عمدوا إلى التشكيك في تعاليم الإسلام والتشويش عليها حتى يصبح اقتياد الناس إلى المسيحية أسهل من اقتياد الخراف إلى المذبح، في هذا الصدد ألقى قس فرنسي ينتمي إلى كنيسة "تافاث" بولاية "تيزي أوزو" خطبة على 120 شخصاً من سكان هذه المنطقة ممن سقطوا في شباك التنصير وألقى في روعهم أن أضحية العيد ماهي إلا حقيقة تاريخية مزيفة، وأن النبي الذبيح الذي فداه الله حسب ما جاء في الإنجيل هو إسحاق وليس إسماعيل عليهما السلام كما أخبر بذلك القرآن الكريم، ودعا أتباعه إلى اجتناب ذبح أضحية العيد، وعلى إثر هذه الخطبة تحرك القساوسة الذين ينشطون على مستوى جميع الكنائس المتناثرة على تراب ولاية "تيزي أوزو"، وقاموا بتعليق صور الكباش أمام صلبان الكنائس، وذكرت جريدة "الشروق اليومي" أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، دعت القس الفرنسي المروج لهذه الخرافة إلى مناظرة علمية على الملأ للتأكيد على شرعية أضحية العيد، غير أن الكنيسة رفضت استلام الدعوة، وهو ما فسرته جمعية العلماء المسلمين "بضعف حجة هؤلاء الناس وافتقارهم إلى أي سند علمي لما يفترونه من أكاذيب حول الإسلام والمسيحية"، وشددت الجمعية في ذات الوقت على الوقوف بالمرصاد في وجه هذه الحملات المسعورة التي ترمي إلى ضرب الإسلام في عقر داره.