


أصعب لحظات المحبين تلك اللحظة التي يلملم فيها كل طرف بقايا مشاعره .. وأحلامه .. وذكرياته .. ويقرر الرحيل
تلك اللحظة التي ينتبه فيها قلب إلى أن نصفه الآخر ، والذي ظن في نشوة فرحة وسكرة سعادته أنه قد التئم معه ، وأنه من المستحيل أن يستطيع العيش بدونه قد قرر المضي وحده ..
ذهول .. غضب .. حيرة .. ألم .. رجاء ..
بعض من هذه المشاعر ـ وربما كلها ـ يبدأ في الظهور حينما يقرر طرف أن لحظة النهاية الدامية قد آن ..
وأن الفراق أصبح قدر محتوم لا مناص منه .
ويبدأ المرء في إلقاء الأسئلة في حيرة ...
لماذا !!؟
وكيف ..؟!!
ومتى ..؟!!
والحقيقة أن هناك خطأ كبير وواضح يقع فيه معظم المحبين !.
نعم كبير وواضح .. لكن الحب بلمعانه وبريقه ونشوته يغشى أعيننا عن رؤية الكثير من الحقائق والمسلمات ، مما يجبرنا على تذوق ألم التجربة ومرارة الحدث .
إن أكبر الأخطاء التي يقع فيها المحبون هو أنهم ينهلون من الحب بلا حساب .. وبدون ثمن ! .
بلى وبدون ثمن ..!
إن أحد قواعد الحياة الثابتة أن لكل شيء ثمن..
حتى الحب والعشق والحميمية ..
بيد أن ثمنها من نفس جنسها .. والدفع يكون كالتحصيل ..
فهو حب مقابل حب .. ومشاعر متبادلة تدخل وتخرج في امتزاج فريد..
أكبر أخطائنا أننا حينما نحب نأخذ ، ونفرح ، وننتشي في سعادة ، ونظن بأن هذا هو الطبيعي والمتوقع ، وننسى في المقابل أن نُعطي .. ننسى أن للطرف الآخر حاجيات يريد إروائها ،
ومشاعر تحتاج إلى رعاية وتعهد .
ونخدع أنفسنا دائما بأن الحب قادر على مداوة مشاكله بنفسه ..
فتركه تارة للأيام علها تعالجه ..
وندعه تارة أخرى لحسن النوايا .. وبلسم النسيان .
وكأي كائن حي .. يعطش الحب ..
ويتشقق ..
ويذبل ..
ويموت ..
يموت في غفلة عنا .. ولا نستطيع وقتها مد يد العون له ..
لكننا وفي غمرة الألم .. والغضب .. والذهول
نلقي الاتهامات على الطرف الآخر في تلك الفاجعة .
نستدعي من مخزون الذاكرة كل موقف سيء .. ومؤلم .. وخاطئ للطرف الآخر ساعد على موت الحب .
نُخرج من أرشيف القلب أوراق سيئة .. وكلمات قاسية .. وممارسات خاطئة .
وتتجه الأصابع نحو الآخر ..
وننسى ذواتنا .. وأخطائنا .. وما جنته أيدينا .
وتنتهي المأساة ..
ويصبح الحب ماض .. وبقايا ذكريات متناثرة في زوايا العقل والقلب .
وورقة انفصال .. عليها توقيع شاهدين ..
وقلبين قد حطم كل منهما الآخر .
فلاش باك
ونعود أدراجنا قبل أن نقف ذلك الموقف .. لنرى الأشياء على حقيقتها .. والأمور على طبيعتها .
لنفعل ما بوسعنا من أجل عدم الوقوع في تلك الأخطاء التي تحطم الحب ..
وتدمر سعادتنا .
فلكل نتيجة مسببات .. ولكل حدث تداعيات ..
والأيام تدور .. والحياة تكرر نفسها بشكل رتيب ..
ولكن من يقطف حكم الأيام ويتعلم من دروسها ..؟!
المشكلات الزوجية .. سحابة صيف
سحابة صيف .. غيم ينشر ظلاله علينا لفترة ثم ينقشع ..
تغيب شمسنا خلالها هنيهة .. ثم تعود محمله بالشروق والدفء .. والحياة .
قد تنقبض خلال الغيم صدورنا .. أو تتوقف عن النبض فيها قلوبنا .. وقد تتخطفنا هواجس التشتت والضياع ..
لكننا بعد فترة ، نرى الأمر على حقيقته .. ونطمئن حينما نتأكد من كونها سحابة صيف .. وانقشعت .
سحابة تظلل جميع البيوت .
فأشد المتفائلين لا يمكنه الادعاء بأن هناك بيت لا تُخفي سحابة الصيف معالمه لفترة طالت أم قصرت .
فلو جلنا العالم طوله وعرضه ، وسألنا جدران البيوت عن أنات المحبين ، لرئينا وسمعنا الكثير .. والكثير .
نعم .. هناك مشكلات بسيطة ، ومناوشات عابرة ، وهناك في المقابل مشاكل وكوارث تضرب البيت فتزلزل أركانه ، إلا أن الشاهد أن المشكلات الزوجية عامل مشترك بين جميع البيوت .
ولم يكن في يوم من الأيام الحل الصحيح هو تجنب المشكلات نظرا لاستحالة هذه الأمنية ، وإنما كانت نصائح المختصين والعلماء في كيفية إدارتها والتعامل معها ، بل ذهب بعضهم إلى أننا نستطيع بالتعلم والحنكة والصبر استغلالها لزيادة رصيد الحب


