- إنضم
- 3 ديسمبر 2009
- المشاركات
- 1,735
- نقاط التفاعل
- 12
- النقاط
- 77
شرعت وزارة المالية الجزائرية في بث الحياة في البورصة، تطبيقاً للسياسة الحكومية الجديدة الرامية إلى تطوير وتحديث وتنمية السوق المالية.
وموازاة مع ذلك انطلقت الوزارة الأولى في مراجعة سير «لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة» المشرفة على تسيير مؤسسة «بورصة الجزائر» التي تعيش حالة شبه جمود منذ انطلاقها في العمل شهر سبتمبر 1998.
وقال رئيس لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، التي تعد سلطة ضبط مستقلة معنوياً ومادياً، إن مساهمة سوق المال في تمويل التنمية الاقتصادية في الجزائر تبقى متواضعة جداً بعد مضي 10 سنوات من انطلاق نشاطها في الجزائر، بسبب تواضع مستويات نشاط الأسواق الأولية والثانوية التي حققت نتائج غير كافية منذ 1999.
وأضاف «إن هذا التواضع في الأداء يأتي رغم جهود التنظيم والاستثمار المتراكم في ميدان نشاطات الأوراق المالية، ومنها وضع نظام للحفظ المركزي الذي يسمح بتسيير الأوراق المالية عن طريق الحسابات الجارية، وكذا التعبئة العامة للمتعاملين وأيضاً تطلعات السلطات في الوصول إلى سوق مالية بإمكانها المساهمة بصورة فعالة في تمويل الاقتصاد الجزائري».
وكشف نور الدين إسماعيل، رئيس «اللجنة»، في حوار مع «الرؤية الاقتصادية»، إن حصيلة النشاط خلال العقد الماضي، كانت متواضعة جداً، ولم تتعد تسعير ورقتين فقط من طرف شركتين تابعتين للدولة، وهما شركة تسيير فندق «الأوراسي» ومجمع الصناعات الصيدلانية «صيدال».
كما تم إدراج 5 سندات دين (قروض سندية) فقط، من طرف شركات في البورصة، مقابل إصدار سندات دين من طرف 12 شركة عامة وخاصة، تتداول خارج البورصة بين البنوك والمؤسسات المالية والمتعاملين المؤسساتيين، إضافة إلى إدراج 20 سند دين من طرف الخزينة العمومية على مدى 15 سنة.
وأوضح نور الدين، أن القيمة الإجمالية لسندات الدين التي تم إصدارها في بورصة الجزائر، خلال 10 سنوات الماضية لم يتجاوز 3 ملايين دولار، وهو مبلغ ضئيل جداً مقارنة ببرامج الاستثمار العام التي قامت الدولة بتمويلها عن طريق الموازنة العامة التي فاقت 200 مليار دولار منذ 2000.
خطة تطوير
وتابع إسماعيل «إن الملاحظة الأساسية تتمثل في نجاح إدراج سندات الدين لأسباب متعددة، منها أن سند الدين أسهل من فتح رأس المال بالنسبة للعشرات من المؤسسات الجزائرية، سواء تعلق الأمر بالمجمعات الصناعية الكبرى العمومية أو الخاصة أو بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى هذا الأساس قامت وزارة المالية بتحضير الخطة الجديدة الممتدة على سنتين لتطوير «بورصة الجزائر» التي شرع في تطبيقها مع مطلع العام الجاري بالتعاون مع 10 من أكبر الخبراء الدوليين والجزائريين في مجال الأسواق المالية تحت إشراف مجلس وزاري مشترك ومشاركة «لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة»، وكل المتدخلين والمتعاملين في هذا الميدان، ومنهم البنك المركزي والبنوك التجارية والمؤسسات المالية والشركات، مشيراً إلى أن التقييم الذي تم القيام به كان على أساس نقاط الضعف والقوة التي تتسم بها سوق المال بالجزائر.
وأوضح إسماعيل، أن تكاليف تسيير وحدة تسيير مشروع تطوير البورصة، قدرت بمليوني دولار في 2010 و4 ملايين دولار في سنة 2011، علماً بأن تمويل تطوير وتحديث سوق المال سيكون على عاتق المتدخلين كل في ما يخصه.
ومع ذلك تعتبر اللجنة أن هذه المرحلة تحتاج إلى دعم وتمويل إضافي من طرف الدولة حتى تتحقق هذه الأهداف، وتنطلق فعلاً بورصة الجزائر.
وتدور خطة التطوير حول خمسة محاور، تتمثل في إعادة الثقة بالسوق المالية وتعزيزها وتطوير صناعة محلية للمهن والخدمات المالية في الجزائر، والقيام بإصدار أوراق مالية جديدة، خصوصاً أسهم جديدة من طرف شركات صغيرة ومتوسطة ومجموعات كبيرة خاصة وشركات عامة في إطار قانون جديد وبحوافز مهمة جديدة، إضافة إلى تعزيز وعصرنة الأنظمة الإلكترونية والمعلوماتية الخاصة بالبورصة، وتعزيز مكانة المؤسسات العامة في السوق المالية وتعزيزها وتقوية دور لجنة مراقبة عمليات البورصة وتعزيز دور الحفظ المركزي.
وتابع إسماعيل، «إن الشروع في تنفيذ الخطة، لا يعني توقف السوق عن العمل، بل ستتواصل دراسة كل الملفات المطلوب تمويلها خلال هذه المدة، وربما سيتم إدراج شركات جديدة، كما سيتم مواصلة مراقبة عمليات البورصة في إطار المهام العادية للسوق المالية والاستجابة إلى كل طلبات التمويل التي ترد إلى السوق من طرف القطاعين الخاص والعام، على غرار مجموعة الكهرباء والغاز «سونلغاز» التي تتوافر على رخصة لإصدار قرض سندي جديد بقيمة 330 مليون دولار مطلع السنة الجارية.
التجربة الإماراتية
يؤكد إسماعيل، أن ورشة التقييم وقفت مطولاً عند أسباب فشل الجزائر في إنشاء بورصة، في حين نجح غيرها من بلدان العالم العربي، في المغرب أو بلدان الخليج العربي، وعلى هذا الأساس اقترحت الورشة خطة شاملة وكاملة لتحديث وتطوير سوق المال في الجزائر مع الاستفادة من تجارب بعض الدول العربية، ومنها تجربة الإمارات العربية المتحدة التي تعتبر واحدة من أهم الأسواق المالية دولياً.
وفي هذا الصدد يقول إسماعيل، أنه قام في يوليو الماضي بزيارة سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية، على رأس وفد مهم للاستفادة من تجربتهما المهمة.
وأوضح أن اللجنة قامت بعد ذلك بوضع الطريقة والتدابير اللازمة لتطبيق الخطة بعد وقوفها على الملاحظات الرئيسة لمحيط السوق الجزائرية التي تتوافر فيها إمكانات ادخار كبيرة جداً لا ينقصها سوى وجود فرص بديلة وجذابة، إضافة إلى وجود قدرات معتبرة من النمو الاقتصادي في الدائرة الحقيقية بفضل وجود مشاريع كبرى في البنية التحتية تقوم بتمويلها الدولة بإمكاناتها الذاتية، كما تتوافر استراتيجية إعادة تأهيل وتطوير أقطاب الاستثمار الوطني العمومي والخاص، وظهور مجموعات صناعية وخدماتية خاصة، مع وجود برنامج بقيمة 600 مليون دولار لتأهيل المؤسسات والصناعات الصغيرة والمتوسطة.
وزاد إسماعيل، «إن انفتاح القطاع المصرفي والمالي في الجزائر رافقته عصرنة أنظمة الدفع وتوسيع مجالات تدخل الأعوان الماليين في الائتمان الإيجاري ورأس المال الاستثماري، وتزويد الساحة المالية بأدوات ضمان القرض الاستثماري، وكذا توافر الشروط والأطر القانونية التي تمكن القطاع المالي من العمل ضمن ظروف اقتصاد ناشئ».
ويوضح إسماعيل، أن هذه الوضعية الجديدة والمتطورة للاقتصاد الجزائري سمحت بتسجيل اهتمام متزايد من المستثمرين الأجانب بالسوق الجزائرية تمثل في الرد الإيجابي على المناقصات وإصدارات سندات الدين من طرف المستثمرين، فضلاً عن بداية تعود بنوك الساحة المالية على عمليات التعاون وتوظيف القروض السندية، واهتمام متزايد بالوسطاء الماليين الجدد والمستثمرين الأجانب بالسوق المحلية، إضافة إلى بروز سوق قيم للخزينة مهم ومنظم من طرف المديرية العامة للخزينة ينشطه المتخصصون في قيم الخزينة، خصوصاً بعد إدراج سندات الاستحقاق الشبيهة للخزينة المسعرة في بورصة الجزائر، هذه الأشياء الإيجابية مع الأسف رافقتها أشياء غير إيجابية حالت دون تطور البورصة في الجزائر.
يقول رئيس «لجنة تنظيم»، عن الأسباب الرئيسة لفشل البورصة في الجزائر، إنها تتمثل في وجود لدى الجمهور ووسائل الإعلام والمصدرين المحتملين نظرة سيئة عن بورصة الجزائر، كما أن العمل المنجز منذ 10 سنوات من الناحية التراكمية كان في إطار عدم وضوح الاستراتيجية الاقتصادية وغياب التوافق وغياب مخطط رئيس ونموذج بورصة وغياب نظام استرشادي للتنمية والتسيير، واقتصار نشاط الخدمات المالية في السوق على عمليات البيع والشراء للأسهم والسندات فقط وهي عمليات إدارية بسيطة لا تتعدى في الغالب فتح حسابات السندات وتسجيل عمليات الاكتتاب أثناء عمليات الإصدار ودفع الفوائد والأرباح السنوية.
ويضيف «إنه لم يكن هنالك تطوير حقيقي للخدمات اللازمة للسوق المالية من استشارة وخبرة ومعلومات دقيقة حول السندات والأسهم المصدرة، فضلاً عن الغياب الكلي للتحليل العميق والوافي بشأن السندات والأسهم، إضافة إلى الغياب شبه التام لعمليات الهندسة المالية».
ومن أسباب تراجع العمل في البورصة أن السوق الثانوية فيها تتسم بقلة النشاط والنقص في السيولة الهيكلية والانخفاض في أسعار الأسهم المدرجة، إضافة إلى مشكلات أخرى، تتمثل في أن كل عمليات الخصخصة جرت خارج البورصة، ولم يسجل أي إصدار للأسهم منذ 2000.
ضوابط جديدة
وتتضمن الخطة الجديدة بحسب رئيس «لجنة تنظيم»، تحليلاً معمقاً ودقيقاً لحالة الاقتصاد الجزائري وآفاق تطوره على المدى المتوسط والطويل، وعلى ذلك الأساس تم تحديد الشروط الجديدة لإدراج المزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة والمجموعات الكبرى العامة والخاصة في بورصة الجزائر، كما سيتم تعديل الشروط السابقة للإدراج التي تم إعدادها سنة 1993 عند تأسيس لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها، مراعاة للتحولات العميقة التي عرفها الاقتصاد الجزائري والعالمي خلال السنوات الـ15 الماضية وآخرها وأهمها الأزمة المالية العالمية التي دفعت الكثير من الاقتصادات إلى التشدد في تنظيم عمل الأسواق المالية، خصصاً بالنسبة لمستوى رأس المال الأدنى للشركات المدرجة ووضعيتها القانونية وشروط ربحيتها خلال السنوات التي تسبق عمليات دخولها إلى البورصة وكيفية التصرف في الأسهم وتطبيق قواعد الشفافية التي تمثل عقبة أساسية في الجزائر بسبب الحالة القانونية لمئات الآلاف من المؤسسات التي هي في الغالب مؤسسات عائلية تجد الكثير من المتاعب في نقل الملكية أو تمويل عمليات التوسع.
يقول اسماعيل، إن تطوير بورصة الجزائر، يتطلب أيضاً ضرورة وجود مقر سهل البلوغ وظيفياً وعصرياً يسمح بتجميع كل العاملين في مجال الأوراق المالية من أجل توفير شروط التآزر والتبادل، وظهور ساحة مالية، تطبعها الاحترافية والدفع بحركة المتدخلين لتطوير نشاطاتهم وتشجيعهم على الشراكة مع المهنيين العالميين في هذا المجال الخاص، والعمل على تأهيلهم بسرعة وتدريبهم على الأنظمة والإجراءات المطابقة للمواصفات والممارسات الدولية، من أجل توفير شروط النجاح والأمان والفعالية لدى جميع المهنيين المُصدرين والمستثمرين الموجودين في الساحة.
ويضيف إن ذلك سيأتي من خلال تهيئة ظروف العمل القانونية والتنظيمية والجبائية التي تمكن من تحقيق ازدهار جديد للسوق المالية بفضل إصدار سندات رأسمال جديدة عن طريق خوصصة مؤسسات صغيرة ومتوسطة أو مجموعات الكبيرة خاصة أو رفع رأسمال مؤسسات صغيرة ومتوسطة وخوصصة مجمعات كبيرة عن طريق البورصة، إضافة إلى تمويل السوق لعمليات إنشاء مؤسسات جديدة.
المؤسسات الصغيرة
وتقوم السياسة الجديدة لتطوير البورصة على تعزيز مكانة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لأن السوق تحتاج إلى تنوع واندماج عن طريق هذا النوع من المؤسسات، كون الخطة الجديدة تسمح برفع أموال وتمويل عمليات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن طريق البورصة، ولهذا سيتم إنشاء قسم خاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويكون بإمكانها الحصول على أموال، ويمكن تشجيعها عن طريق صندوق يسمح بتمويلها في حدود 70 بالمئة من مصاريف الإدراج، لأن العملية مكلفة بالنسبة لهذا النوع من المؤسسات التي تحتاج إلى استشارة قانونية وتقنية وهندسة مالية صحيحة.
1200 شركة قادرة على دخول البورصة
أوضح رئيس لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة، أن القانون الجزائري يشترط على أي مؤسسة تريد الدخول إلى البورصة، أن يكون الحد الأدنى لرأسمالها عند 1.3 مليون دولار، وأن تكون حققت ربحاً صافياً خلال السنوات الثلاث الأخيرة قبل طلبها الإدراج في البورصة، وأن تكون شركة ذات أسهم، كما أن القانون الجاري العمل به حالياً لا ينص على شروط إدراج الشركات الأجنبية في البورصة الجزائرية، وما إذا كان لزاماً عليها أن تكون مدرجة في موطنها الأصلي، ولم يحدد القانون كيفية التصرف في قيمة الأسهم المدرجة بعد فترة الإدراج.
كما لم يتحدث القانون عن مستوى نسبة الربح الصافي المحققة حتى يتم قبول الشركة، وأيضاً الشروط المتعلقة بإعلان النتائج ومدة الإعلان، هل هي سنوية أو نصف سنوية أو خلال كل ربع؟ وهو ما يتطلب سرعة مراجعة النص القديم الصادر سنة 1993.
وقدر إسماعيل عدد الشركات والمجموعات التي تتوافر على شروط الدخول إلى البورصة بنحو 1200 في حالة القيام بجرد موضوعي للمؤسسات والشركات العامة والخاصة والأجنبية الخاضعة للقانون الجزائري، والتي تستوفي شروط الإدراج حتى في حال تطبيق القانون الجاري العمل به دون تعديل.
@sami@
آخر تعديل: