عبدالرحمن الأثري
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 4 ماي 2009
- المشاركات
- 675
- نقاط التفاعل
- 4
- النقاط
- 17
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا موضوع عن اتخاذ الرقية الشرعية مهنة لفضيلة الشـيخ الدكـتور:صالح بن سعد السحيمي.
منقول من موقع المكتبة الصوتية للشيخ:
صَالح بِنْ سَعد السُّحيْميّ –حفظه الله-
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. صَلَّىٰ اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَأصْحَابِهِ أَجْمَعِين.
أمَّا بَعْدُ:
كان عندنا سؤال من ليلتين أجَّلناه، يتعلق بحكم الرقية، ما هي الرقية الشرعية؟ وما حكم تعليق التمائم؟
والمقصود بالرقية: هي النفثُ على المريض بريقٍ أو النفخ عليه بريقٍ لطيف، وتختلف هذه الرقية باختلاف ما يُرقى به، وقد تكون رقيةً مشروعة وقد تكون رقيةً غير مشروعة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث عبد الله بن مسعود: ((إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ)) ولهذا الحديث قصة، وذلك أن زوجة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه رأى عليها خيطًا قد ربطته على يدها، فسألها ابن مسعود، ما هذا؟ قالت: خيطٌ رُقِيَ لي فيه. وكان فيها ألم في عينيها فيَرقى لها رجلٌ يهودي -قبل أن تفهم الحكم- وكان إذا رقاها سكنت؛ فقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك؛ وإنما ذلكِ الشيطان ينخَسُهَا فإذا رقى فيها اليهودي سكنت؛ وإنما كان يكفيكِ أن تقولي: "رب الناس أذهب البأس واشفِ أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا"؛ ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ)) .
الرُّقَى: عرفنا معناها، وسيأتي تفصيل القول فيها.
والتمائم: هي ما يُعلَّق على الأولاد أو على الصبيان خشية الإصابة بالعين أو أي مرض آخر، سواءً كان ذهب أو فضة أو معدن أو أحجار كريمة أو خرز أو سُبَح من هذه السُبَح التي يلعبون بها والخرزات التي حتى المساجد ما سلمت منها وكلها بدع وخرافات، هذه هي التمائم.
أما التِّوَلة: فهي ضربٌ من السحرِ يزعمون أنه يُحبِّب المرأة إلى زوجها والزوج إلى زوجته. أما التِّوَلة فلا إشكال في تحريمها بالإجماع، وبأنها ضرب من السحر، والسحر كفر، ومصدِّقه كافر ومتعاطيه كافر ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ .
وأما الرُّقَى: ففيها تفصيل: فإذا خلت الرقى من الشرك وكانت بالمأثور من الكتاب والسنة أو بالمأثور عن سلف الأمة؛ فهي جائزة بثلاثة شروط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا)) ، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ)) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ)) .
والحُمة: هي سم العقرب.
والعين: إصابة المرء بمرضٍ نتيجة لنظرة شريرة من شخص لم يذكر الله -عزَّ وجلَّ- عندما يعجبه أمر؛ فينتج عن ذلك مرض أو موت؛ بل هي تورد الرجل القبر وتورد الجمل القدر، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ)) ؛ لكن الناس يبالغون الآن فأصبح كل مرض يعتبرونه عين، وهذا ينبغي التأكد منه؛ لذلك تجوز الرقية بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن تكون من القرآن الكريم أو السنة أو المأثور من الأدعية الثابتة التي تخلو من الشرك، وتخلو من البدع، وتخلو من التعلق بغير الله -سبحانه وتعالى-.
ثانيًا: أن تكون تلك الرقية على الهيئة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني القراءة المباشرة على المريض والنفث عليه.
وثالثًا: أن يَعتقد أن الشفاء من الله وإنما هي من الأسباب، قد ينفع الله -تبارك وتعالى- بها، وقد لا يحصل بها نفع، فهي سبب من الأسباب التي يُتعالج بها ولا يُعتمد عليها؛ وإنما الاعتماد على الله وحده؛ وإنما هي كسائر الأدوية يُتداوى بها .
وهناك شرط رابع: وهو أن تكون باللسان العربي؛ وهذا قد يُستثنى منه بعض الأدعية إذا كان الشخص لا يحسن العربية؛ ولكن ثبت أن الترجمة مطابقة للدعاء المأثور الثابت.
فإذا توافرت هذه الشروط فالرقية ما حكمها؟ جائزة ومشروعة وتدل لها أحاديث كثيرة.
فإذن المقصود أن الرقية لابدَّ أن تكون على الهيئة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما الذين يكتبون بالحبر في الأطباق ثم يعطونها المريض ويشربها هذه أولاً: مخالِفة لصفة الرقية الشرعية وثانيًا: فيها مرض، تجعله يشرب الحبر؟! الحبر سُمّ.
المهم أنه لابدَّ أن تكون على الهيئة الشرعية الثابتة، ولعلَّ هناك شرطًا آخر بسبب تعاطي الناس الرقية في هذا العصر؛ وهي أن لا تكون مهنة من أجل الحصول على الأموال. بعض الناس يفتح لي عيادة ويجمِّع الناس ويبيع الزيت ويبيع المياه حول العيادة وتحولت المسألة إلى شيء من المادة؛ فلا شك أن هذا مخالف للشرع.
طيب لو قال لنا قائل: ألم يقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا سعيد الخدري ومن معه من الصحابة على أخذ الجُعل على الرقية؟
والجواب عن هذا الإشكال أن هؤلاء الناس أولاً: لم يضيفوا الصحابة الذين طلبوا منهم الضيافة واستضافوهم فكانوا بخلاء؛ فهم يستحقون ما يفرض عليهم جزاء بخلهم.
وثانيًا: أن الصحابة لم يجعلوا ذلك شرطًا ابتداءً؛ وإنما جعلوه بناءً على تصرف هؤلاء القوم وبخلهم، وأيضًا لم يتصرفوا بذلك حتى يخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثالث: أنه لم يأخذ أحد من الصحابة، لم يستدل بهذا على اتخاذها مهنة؛ وإنما هي قضية عين، فلو أُهدي إلى المسلم الراقي هدية دون مشارطة، أو كانت قضية مماثلة مثل هذه القضية، قوم بخلوا بهذا الشكل فشُرِط عليهم هذا؛ فلا بأس بذلك؛ ولذلك ما عهدنا أن أحدًا من الصحابة اتخذ الرقية مهنة، أو فتح له عيادة، وجعل لها أسعارًا وروشيتات وقسائم وأشياء! هذه لا شك أنها مخالفة للشرع ولا تجوز الرقية بهذا الشكل.
أما التمائم : فهي محرمة بإجماع المسلمين أيضًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلاَ وَدَعَ اللَّهُ لَهُ)) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ)) ، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ)) ، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد ربط على يده حلقة من صُفرٍ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟" (حَلْقَة: يعني دائرة على يده في معصمه مثل الساعة) قال: ما هذا؟ فقال الرجل: مِنْ الْوَاهِنَةِ. أي أتعالج بهذا من الواهنة؛ والواهنة مرض يأخذ في المفاصل والمنكب ولعله -والله أعلم- مرض الروماتيزم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْنًا وإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا)) والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
حذيفة -رضي الله عنه- رأى رجلاً وفي يده خيط؛ فقطعه، وقرأ قول الله –تعالى-: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ .
لكن لما أرى أنا الآن شخص وفي يده خيط أو في يده حلقة أقطعها مثل حذيفة؟ لا؛ لأننا لسنا في منزلة حذيفة. حذيفة من هو؟ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمين سره وله مكانته العالية، أما نحن نبدأ بماذا؟ بالنصح والتوجيه والحكمة وبيان الحق للناس، أنا وأنت وأمثالنا لسنا أهلاً لهذا؛ وإنما نأتي: يا أخي! أنت أخي في الإسلام، وهذا العمل محرم، وأنت يجب أن تتوكل على الله وأن تعتمد عليه، وأن تعلق خوفك ورجاءك به، فإن امتثل وإلا فقد برأت ذمتك؛ إلا إذا كنت في بلدٍ يقيم حدود الله -عزَّ وجل-؛ فترفع أمره بعد أن يرفض النصح إلى المسؤولين، إلى القضاء أو إلى الهيئات التي تعنى بمعالجة هذه الأمور.
الخلاصة أن تعليق التمائم محرَّم مطلقاً وهو على حالين: قد يكون شركًا أصغر وقد يكون شركاً أكبر، فإن علقه بحكم العادة التي ورثها عن الآباء والأجداد، دون أن يعتقد فيها أنها هي التي تستقل بنفسها في رفع البلاء أو دفعه؛ فهذا شرك أصغر. أما إن اعتقد أن فيها خاصية معينة، وأنها تدفع البلاء أو ترفعه؛ فإن ذلك شرك أكبر. طيب، عرفنا أن التمائم محرمة بإجماع المسلمين.
طيب، إذا كان المكتوب في التمائم من القرآن الكريم؛ يعني الحجب التي يكتبها بعض الناس ويعلقونها على النساء وعلى الصبيان وعلى الأولاد وعلى الكبار والصغار لرفع البلاء أو دفعه وكان المكتوب فيها من القرآن، هل يجوز ذلك أو لا يجوز؟
نُقلت روايات ضعيفة لا تثبت منسوبة إلى عائشة -رضي الله عنها- وعبد الله بن عمر بن العاص، وعند التحقيق فإن تلك الروايات لا يثبت منها شيء، والذي كان يفعله الصحابة أنهم كانوا يعلقون اللوحات على الأولاد في الكتاتيب؛ ليكتبوا لهم عليها القرآن من أجل الحفظ، فإذا ما حفظوا محوا الآيات التي حفظها، وكتبوا لهم آيات جديدة؛ فتَوَهَّم بعض الناس أن هذا من باب تعليق التمائم إذا كانت من القرآن. ولذلك نَقَلَ إبراهيم النَّخَعِيّ -رحمه الله تعالى- وغيره أن الصحابة والتابعين كانوا يكرهون التمائم من القرآن ومن غير القرآن، والكراهة عند السلف إنما يعنون بها التحريم. والنخعي من أخص تلاميذ الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-.
المهم أنه لا يثبت ذلك عن الصحابة ولو نقله مَن نقله، وبناءً عليه فإن تعليق التمائم إذا كانت من القرآن محرمة لأربعة أسباب:
السبب الأول: أنَّ النهي عن تعليق التمائم عام ولم يأت ما يُخصِّصها، والعام يبقى على عمومه حتى يَرِد دليل التخصيص. عندنا مثلاً لحم الميتة محرَّم، ورد ما يخصص أكله عند الاضطرار لمن لم يجد طعامًا فيأخذ ما يكفيه دون أن يتخذ شيئًا للادخار منه هذا مخصَّص؛ لكن الأحاديث الواردة في النهي عن التمائم، هل جاء أي استثناء لتعليق التمائم إذا كانت من القرآن في السنة؟ هذه السنة وهذه الأحاديث النبوية ارجعوا إليها -وفقني الله وإياكم- وتأملوا، لن تجدوا حديثًا واحدًا يقول: إلا إذا كانت من القرآن؛ بل إن النهي عن التمائم عام لم يخصَّص، والعام يبقى على عمومه ما لم يخصَّص.
ثانياً: أنَّ ذلك لم يفعله أحد من السلف، لم يثبت بسند صحيح فِعلُ ذلك عن أحد من السلف، وكل خير في اتباع من سلف، ولو ثبت؛ لنُقِلَ إلينا نقلاً صحيحًا ولا عبرة بالنقول الضعيفة التي تنسب إلى بعض الصحابة، ولو صح فإن ذلك أيضًا لا يُلتفت إليه مع وجود النص.
ثالثاً: سد الذريعة؛ ما معنى سد الذريعة؟ لو قُدِّر أنه جاء استثناء لتعليق التمائم ثم علمنا أن المشعوذين قد استغلوا ذلك وهو الحاصل الآن لما سمعوا بعض الفتاوى، ألا يجب أحيانًا منع المباحات إذا كانت تفضي إلى محرَّم؟ كذا أو لا؟ طيب، أنا أضرب لكم مثال: بيع التمر حلال أليس كذلك؟ لو أنني علمت أن الذي سيشتري هذا التمر سيصنع منه خمرًا، هل يجوز أن أبيعه عليه؟ لا يجوز، ومثله بيع السلاح للكفار أو المبتدعة الذين يخربون في بلاد المسلمين؛ مثل: فعل الخوارج، فبَيع السلاح عليهم محرَّم حتى ولو كانوا مسلمين، ومثله بيع أي شيء محرم إذا كان يفضي إلى ...
يعني مثلاً: بيع الأشرطة الفارغة -كاسيت فارغ- الكاسيت مثل الماعون؛ يعني حكمه بحسب ما يسجَّل فيه؛ لكن لو أنني علمت أن هذا الشاب سيسجل فيه أغاني أو سيسجل فيه كلامًا بذيئًا سيئًا وتأكدت من ذلك، هل يجوز أن أبيعه عليه؟ لا، فما بالكم بما لم يرد فيه نص بل ورد فيه نهيٌ؟ فإنه لما تساهل بعض الناس في الفتاوى بتعليق التمائم إذا كانت من القرآن؛ استغل ذلك المشعوذون، وصاروا يضحكون على الناس، ويعطونهم الحجُب يكتب فيها آيات قرآنية؛ ثم تكتب فيها أسماء شياطين أو أسماء جن -الله أعلم بها- المهم أسماء غير معروفة.
أنا اطلعت على حجاب -ما شاء الله- فيه آية الكرسي، وقل هو الله أحد، والمعوذات؛ ثم خُتم بنداء غريب -في بلد ما من بلاد المسلمين- مكتوب: يا رَوقَيائيل، إيش روقيائيل هذه؟ سألت وحاولت أن أعرف قال لي بعض الذين لهم خبرة وتعامل مع المشعوذين؛ قال: هذه من أسماء الشياطين عندهم من أسماء الجن، طبعًا يتسترون بالقرآن، والقرآن يلعنهم؛ ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وَالْقُرْآنُ حَجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ)) وهو حتى لو كان القرآن المجرد لا يجوز تعليقه، فما بالُكَ إذا حُشِرَت معه هذه الشركيات؟!
الأمر الرابع: أن في تعليق الحجب والتمائم إذا كانت من القرآن امتهانًا للقرآن وتلاعبًا به واحتقارًا له وتعريضًا له للنجاسات والمهانة، أليس كذلك؟ يُعلق على مَن؟ على الأطفال، يبولون عليه ويتغوطون عليه وينجسونه، يعلق على من أيضًا؟ النساء، تحيض وتُجنِب وتدخل الخلاء وتكون نفاس، وهو معلق عليها ويعرَّض لهذا، إذا كان ورد عن السلف أنهم كانوا يكرهون جعل المصحف في الجيب الذي إلى الجانب خشية أن يقع في جهة العورة، ونص بعضهم على أن المصحف لا يُجعل هنا؛ وإنما يُجعل في الجيب العلوي فما بالكم بمن يعلقه مباشرة على جلد أولئك وما يتعرض له من نجاسات ومهانات، تُجامع وهو عليها، وتجنب وتحيض وتنفس. وكذلك الرجال نفس الحكاية، يدخل الخلاء وما إلى ذلك وهو متلبس بهذه الآيات القرآنية!
في بعض البلاد الإسلامية رأينا بعض الرجال ملبَّس من أعلاه إلى أسفله بحُجب! حجب في رقبته، حجب في رأسه، حُجُب في يديه، حُجُب على صدره، حُجُب على ظهره، وحُجُب في رجليه! والله أعلم إذا كانت هناك حجب داخلية عند العورة أم لا؟ قد يكون، لا ندري! يقولك هذا من القرآن فهل يجوز هذا؟ القرآن ما أُنزل لهذا -يا عبد الله!- القرآن أُنزل لنتعبد به الله، ونتلوه حق تلاوته، ونتقرب به إلى الله -عزَّ وجل-؛ فلذلك فإن تعليق التمائم ولو كان من القرآن؛ فإنها محرمةٌ لا تجوز.
فعلينا أن لا نذهب إلى هؤلاء الذين يتاجرون بالقرآن ويلعبون به، يَضَع لَك عليه عشرين ألف لفة، ملفوف ويقولك: إيَّاك أن تفتحه؛ لأنك إن فتحته تتضرر! إذا فتحته إذا كان قرآن أتضرر به؟ طيب، أنا أفتح المصحف -ولله الحمد والمنَّة- ما أتضرر. إذن ماذا فيه ما دام يتضرر به الشخص؟!
فانتبهوا إخوتي وفقني الله وإياكم، ومن كان عليه حجاب فلينزعه الآن وليتوب إلى الله -عزَّ وجلَّ- وليعتمد على الله وحده، يقوي إيمانه، لا يخاف أمام هذا الحجاب ويظن أنه لو نزعه يعود إليه المرض، فإن وُجد هذا الخوف؛ فإنه سيتعلق به إلى يوم القيامة؛ لكن لو أنه قوي إيمانه، واعتمد على الله، وتوكل عليه، ووثَّق صلته به، واعتقد أن الضر والنفع بيده -سبحانه وتعالى-، وأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، لو أنه فعل ذلك؛ لذهب كل ما في قلبه؛ لكن إذا كان يخاف من الحجاب أو من صاحب الحجاب؛ فسيتعلق به إلى يوم القيامة، ثم يحشر معه يوم القيامة، فانتبه -يا عبد الله!- وأقبل على الله -عزَّ وجل- واعتمد عليه.
هذه بعض أحكام الرقى والتمائم
والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه رضاه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
{ونسأل الله الإخلاص والمتابعة والقبول}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.