- إنضم
- 30 أفريل 2009
- المشاركات
- 2,298
- نقاط التفاعل
- 164
- النقاط
- 79
ان المتأمل في اختلاف الناس و تباين طبائعهم ليعجب اشد العجب, و اكثر ما زادني حيرة اناس ليس لهم هم و لا شغل يشغلهم غير اتخاذ أعراض الغير علكة يلوكونها بافواههم في كل مقعد و مجلس, و تجدهم لا يفوتون مناسبة الا و قد هيئوا لها سكاكين الجزارة و قد سنوها بتقهقر اخلاقهم و تغييب لغة العقل و تجاهل امر الدين.
حاولت و حاولت مرارا الولوج لهاته النفوس المريضة لمعرفة كنه هذا الداء و اجمال اسبابه علنا بتشخيصه نقدر معالجته, فوجدت ان اسبابه يمكن تلخيصها فيما يلي:
اما يكون لحسد في نفس حاسد ضعيف ايمانٍ ما استطاع ان يقمع نفسه اللوامة و يلجمها بلسان عقل انّ الرزاق هو الله و ان الذي اصابنا ما كان ليخطأنا و ما أخطأنا ما كان ليصيبنا و انه يرزق من يشاء بغير حساب. و نسي انه بحسده هذا زاد لنفسه حسرة فوق افتقاده لما يملك الغير و تمعن لقول احدهم: اصبر على كيد الحسود فالصبر قاتله ** فالنار تاكل نفسها ان لم تجد ما تاكله.
و اما ليشفيّ غيضه عقب مشاحنة او مشاجرة او لاختلاف في الاراء, فلم اجد سببا لغيبة الاخرين كالغضب و لو علموا هؤلاء ما جزاء من كظم غيضه لفعلوا و لو كانوا ذوي حق مهدور, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: '' من كظم غيضا و هو قادر على ان ينفذه دعاه الله عز و جل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور العين ما شاء''
و اما لمجاملة اصحاب او لكسب ود رئيس, فتجد هذا يتتبع عدو صديقه و يتقصي اخباره و يحرص كل الحرص على ايفاد كل التصرفات لمرئيسه . و لو علموا هؤولاء ان الصداقة اسمى من تشغلِك عندها مخبر زلل أو فضاح أمم فسلام على الدنيا اذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا كما قال الامام الشافعي رحمه الله, و اعلم يا هذا ان الاقسام بيد الله لا بيد من أعلى منك مرتبة و '' لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق''
فأسموا عن تتبع عورات الغير و وجهوا راداراتكم لرصد نقائصكم و اسعوا لتداركها و اصلاحها و أشغلوا افواهكم بتسبيح و استغفار, آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر فتنالوا اعلى المراتب عند الخالق و تكونوا محبوبين عند الخلق و تذكروا دوما قول خير الخلق المصطفى صلى الله عليه و سلم: '' طوبى لمن شغله عيبه عن ذكر عيوب الناس''
