هل الإنسان مخير في فعل المعصية أم مسير ؟

أم الشفاء

:: عضو مُشارك ::
إنضم
15 جوان 2010
المشاركات
320
نقاط التفاعل
1
النقاط
7
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


السؤال :

فضيلة الشيخ هل يمكن أن نقول أن الإنسان مخير و مسير في فعله للمعاصي ؟ و هل كلمة مسير لها أكثر من معنى ؟ وإن كان لها أكثر من معنى فما هي المعاني التي تحتملها ؟ نرجو من فضيلتكم بيان ذلك و جزاكم الله خيرا .



الجواب :


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبعد ؛
فيريدون بالمسير هنا المجبر .
وهذا جواب العلامة ابن عثيمين على هذا السؤال :

الأفعال التي يفعلها الإنسان يكون مخيراً، فالإنسان مخير، فبإمكانه أن يأكل، ويشرب، ولهذا بعض الناس إذا سمع أذان الفجر قام إلى الماء ليشرب، وذلك باختياره، وكذلك إذا جاء الإنسان النوم فإنه يذهب إلى فراشه لينام باختياره، وإذا سمع أذان المغرب، والتمر أمامه والماء، فإنه يأكل باختياره، وهكذا جميع الأفعال تجد أن الإنسان فيها مخير، ولولا ذلك لكان عقوبة العاصي ظلماً، فكيف يعاقب الإنسان على شيء ليس فيه اختيار له، ولولا ذلك لكان ثواب المطيع عبثاً، فكيف يثاب الإنسان على شيء لا اختيار له فيه؟! وهل هذا إلا من باب العبث؟.



إذاً فالإنسان مخير، ولكن ما يقع من فعل منه فهو بتقدير الله، لأن هناك سلطة فوق سلطته ولكن الله لا يجبره، فله الخيار ويفعل باختياره.

ولهذا إذا وقع الفعل من غير إرادة من الإنسان لا ينسب إليه، قال تعالى في أصحاب الكهف: { ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال } ، فنسب الفعل { نقلبهم } إليه سبحانه، لأن هؤلاء نوم فلا اختيار لهم، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه".

فنسب الإطعام والسقي إلى الله، لأن الناسي ما فعل الشيء باختياره فلم يختر أن يفسد صومه بالأكل والشرب.

الحاصل أن هذه العبارة لم أرها في كتب المتقدمين من السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ولا في كلام الأئمة، ولا في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، أو ابن القيم أو غيرهم ممن يتكلمون، لكن حدثت هذه أخيراً، وبدؤوا يطنطنون بها، "هل الإنسان مسير أم مخير؟" ونحن نعلم أننا نفعل الأشياء باختيارنا وإرادتنا، ولا نشعر أبداً أن أحداً يكرهنا عليها ويسوقنا إليها سوقاً، بل نحن الذين نريد أن نفعل فتفعل، ونريد أن نترك فنترك.

لكن كما أسلفنا أولاً في مراتب القدر فإن فعلنا ناشىء عن إرادة جازمة وقدرة تامة، وهذان الوصفان في أنفسنا، وأنفسنا مخلوقة لله، وخالق الأصل خالق للفرع.مجموع الفتاوى له .

وقال في موضع آخر :
لو أردت أن أقول لهذا السائل هل أنت مسير حين ألقيت هذا السؤال أو ألقيته باختيارك في علمي أنه سيقول ألقيته باختياري إذاً فالانسان يفعل ما يفعله باختياره لا شك فالإنسان يذهب ويرجع ويصلي ويتوضأ ويصوم ويزكي ويحج ويبيع ويشتري ويتزوج ويزوج وكل ذلك باختياره لا أحد يجبره على ذلك ولهذا تجده يختار أحد شيئين على الآخر يختار مثلا أن يدخل في كلية الشريعة دون أن يدخل في كلية الهندسة مثلا والجامعة واحدة من الذي أجبره على هذا ؟هل أحد أجبره ؟ هو باختياره في الواقع، ولولا أن الإنسان يفعل باختياره لكانت عقوبته على الذنوب ظلما والله سبحانه وتعالى منزه عن الظلم وما أكثر الآيات التي يضيف فيها الله تعالى الأعمال إلى الإنسان (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) والآيات في هذا كثيرة والعقل شاهد بهذا ولا يمكن أن تستقيم قدم عاقل على القول بأن الإنسان مجبر أبدا لأن هذا يكذبه الحس فضلا عن الشرع ولكن يبق النظر هل هذا الاختيار مستقل عن إرادة الله والجواب لا إنك ما أردت شيئا إلا علمنا بأن الله قد أراده من قبل لقول الله تعالى (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) فإذا أراد الإنسان أن يأكل فأكل علمنا أن الله تعالى قد أراد قبل إرادته أن يريد الأكل فيأكل وإذا أراد الإنسان أن يبيع ويشتري واشترى وباع علمنا أن الله تعالى قد أراد ذلك أي أراد منه أن يريد ويبيع ويشتري وهلم جرا فإرادة الله سابقة وإرادة المخلوق هي اللاحقة المباشرة ونحن لا نعلم أن الله قد أراد بنا شيئا إلا حين يقع ولهذا لا يكون في هذا القول الذي قلته الآن حجة على العاصي الذي يعصي الله ويقول إن
الله قد أراد ذلك لأننا نقول له ما الذي أعلمك أن الله أراد أنت لا يمكن أن تعلم أن الله أراد إلا إذا فعلت وفعلك واقع باختيارك لا شك ولهذا لم نجد هذه الكلمة مسير أو مخير ما رأيتها في كلام السابقين الأولين أبدا لكنها قالها بعض المحدثين فسارت بين الناس لأنها كلمة رنانة وإلا فمن المعلوم أن الإنسان مخير (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وكفر الإنسان باختياره وإيمانه باختياره وليس المعنى بالاختيار يعني أنك إن شئت فآمن وإن شئت فاكفر لا المعنى أن وقوع الكفر باختيارك ووقوع الإيمان باختيارك وعلى هذا فنقول الإنسان مخير بمعنى أنه يفعل الشيء باختياره لكننا نعلم أنه إذا اختار شيئا وفعله فهو بإرادة الله السابقة عليه نعم هناك أشياء ليست باختيار الإنسان لو سافر الإنسان مثلا وأصابه حادث هذا بغير اختياره لو أن الإنسان عمل عملا ناسيا هذا بغير اختياره ولهذا لا يؤاخذ الله على النسيان ولا على الخطأ ولا على فعل النائم لأنه غير مختار. فتاوى نور على الدرب . والله أعلم


كتبه الشيخ أبو الحسن علي الرملي حفظه الله
بتاريخ 24/06/2010م
 
السلام عليكم

بارك الله فيك موضوع قيم

جزاك الله عنا خيرا

دمت في حفظ الرحمن
 

بارك الله فيك على المرور أختي
موفقة ....
 
العودة
Top