بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا مختصر ننقله لاخواننا هنا في بيان حقيقة الكفر وانواعه نسأل الله ان ينفع به ونرجو ممن له زاد في هذا الباب ، ان لا يبخل علينا بما يثري الموضوع لاهميته في تصوري والله اعلم
حقيقة الكفر وأنواعه
تعريف الكفر لغة
هو التغطية ويقال للابس السلاح كافر، وهو المحارب الذي غطاه السلاح، وكَفَرَ عليه يَكْفِرُهُ بمعنى غَطّاهُ وسَتَرَهُ، وكل من ستر شيئا
فقد كَفَرهُ وكَفَّرهُ
والكافر هو الزرّاع الذي يستر البذور بالتراب والجمع كفّار
قال الله جل وعلا
* كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ *
أي أعجب الزرّاع
ويسمى الليل كافرا لأنه يستر كل شيء بظلمته
تعريف الكفر شرعا
الكفر شرعا نقيض الإيمان، بمعنى ضده
فمن جهة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد فكذلك الكفر يكون بالقول والعمل والاعتقاد فينبغي التنبه لهذه النقطة بالذات لأهميتها .
أنواع الكفر :
الكفر في أصل الشريعة نوعان
كفر اكبر، وكفر أصغر، كفر يخرج من الملة، وكفر لا يخرج من الملة
والكفر المخرج من الملة
أربعة أنواع ، أو خمسة أنواع على الراجح من أقوال أهل العلم .
يقول بن قيم الجوزية - رحمة الله عليه –
أما الكفر الأكبر فخمسة أنواع
1- كفر التكذيب
2- وكفرا استكبار وإباء مع تصديق
3- وكفر إعراض
4- وكفر شك
5- وكفر نفاق
كفر التكذيب : وهو اعتقاد كذب الرسل وهذا قليل في الكفار فإن الله تعالى أيد الرسل بالبراهين والأدلة على صدقهم ما أقاموا به الحجة
قال الله جل وعلا :
* وجَحَدوا بهَا واسْتيقنَتها أنفُسُهُم ظلماً وعُلُوا *
وقال جل وعلا لرسوله :
* فإنّهم لا يكذبونك ولكنَّ الظالمين بآيات الله يجحدون *
وهذا لا ينافي تسمية هذا النوم من الكفر بكفر التكذيب إذ هو تكذيب باللسان.
أما كفر الإباء والاستكبار : فنحو كفر إبليس لأنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار ، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار ، ولهذا فقد كفر من عرف الرسل وصدق بأن ما جاؤوا به هو الحق من عند الله ، ولكن لا ينقاد لهم استكبار وعلوا في الأرض وقد حكى الله عن فرعون وقومه
فقال جل وعلا :
* أنُؤمن لبَشَرين مثلنا ، وقومهما لنا عابدون *
وقال أيضا جل وعلا:
* إن أنتم ألا بشر مثلنا *
وهو كفر اليهود أيضا كما قال الله جل وعلا في وصفهم
* فلمّا جاءهُم ما عرفوا كفروا به *
وقال أيضا سبحانه :
* يعرفونه كما يعرفون أبناءهُم *
وهو كفر أبي طالب أيضا فإنه يعرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، ولكن أخذته الحمية في تعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم ، ويشهد عليهم بالكفر .
وأما كفر الإعراض : فهو أن يعرض عن النبي صلى الله عليه وسلم
بسمعه وقلبه فلا يصدقه ولا يكذبه ولا يواليه ولا يعاديه ولا يصغي إلى ما جاء به البتة – وإن كان هو الحق –
كما قال رجل من بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم :
* والله أقول لك كلمة ، إن كنت صادقا فأنت اجل في عيني من أن أرد عليك ، وإن كنت كاذبا فأنت أحقر من أن أكلمك *
...........
فسبحان الله ، في أقوام إذا ذكر كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا لا يفتؤون يذكرون كلاما شبيها بكلام هذا الرجل من بني عبد ياليل
ثم تجد احدهم يزعم حب النبي والدعوة إلى الله ونصرة دينه
كلابس ثوبي زور ولا حول ولا قوة إلا بالله
أما كفر الشك : فإن صاحبه لا يجزم بصدقه ولا يكذبه بل يشك في أمره وما ذلك إلا بإعراضه عن النظر في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة ، لأن العاقل لو نظر بقلب سليم وعقل صحيح فلا بد يقينا أن يبصر النور لان دلالة الوحي على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم كدلالة الشمس على النهار .
أما كفر النفاق : فهو أن يظهر بلسانه الإيمان وينطوي قلبه على التكذيب فهذا نفاق اكبر وهو كفر مخرج من الملة : وقرينه كفر الجحود
وهو نوعان
جحود مطلق : وهو أن يجحد جملة ما انزله الله ، وإرساله الرسل وهو غالب ما عليه ملاحدة اليوم .
وجحود مقيد : كأن يجحد فرضا من فروض الإسلام أو تحريم محرم من محرماته ، أو صفة وصف الله بها نفسه – كالعلو مثلا –
أو كالقائل إن الله في كل مكان ويحل في مخلوقاته
أو يجحد خبرا أخبر به الله جل وعلا كعذاب القبر مثلا
فتجد الرجل يصلي ويصوم ويحج ويزكي ويتقرب إلى الله بشتى القربات فإذا ذكر عذاب القبر عنده
هزّ رأسه ، ويقول بصريح العبارة لم يرجع إلينا احد من هناك فيخبرنا اليقين ، وكثيرا ما نسمع مثل هذا وقد يكون بداعي الاستهزاء ، أو التكذيب والجحود ، ولا يخرج عن كونه كفرا . فلا حول ولا قوة إلا بالله .
هذا مختصر ما أثبته العلامة بن قيم الجوزية في أنواع الكفر الخمسة المذكورة ، مع تعليقات بسيطة يسيرة لتوضيح المقصود
...............
ونعود فنقول أن : كفر الإباء – والاستكبار – والإعراض
لا ينفيان التصديق البتة ومن هذا الباب وقع من وقع من أهل الإرجاء في هوة الانحراف في إقرار مفهوم الكفر والإيمان سواء من المرجئة الأولين أو من أذنابهم الجدد في هذا العصر ممن حذرت منهم ومن كتبهم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ وعضوية كل من الشيخان بكر بن عبد الله ابو زيد ، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان أعمدة السلفية في هذا العصر ، فاضطرب أمرهم وهاموا في كل واد ينعقون مع كل ناعق ، باحثين لهم عن مخرج في هذا المأزق الذي وقعوا فيه
متمسحين بأسمال سلفية جديدة لا تم إلى السلف بصلة ..
وسنعود إلى ذكر أحوالهم بعد أن نفرغ من بيان حقيقة الكفر وأنواعه
في نهاية هذا المقال البسيط .. مع بيان الوجه الذي خالفوا فيه أهل السلف في تقرير مفهوم الإيمان والكفر على حد سواء وسنتطرق تحديا إلى أقوال تلك العصابة التي حذرت منها اللجنة الدائمة
نعود إلى موضوعنا فأقول
تأمل أخي الكريم قول شيخ الإسلام بن قيم الجوزية
كفر اليهود ، وكفر إبليس ، وكفر أبي طالب
فتعلم يقينا أن هذا النوع من الكفر لا ينفي التصديق ولا ينفي الإقرار
فعلم أن كفر هؤلاء الطوائف هو كفر عدم الانقياد والتزام الطاعة اللذان هما من لوازم عمل القلب ، وإذا عمل القلب عملت الجوارح ولا بد ، وهذا هو عين التلازم بين الظاهر والباطن فالحكم بالإسلام لا يكون فقط بالاعتراف بالله بالقلب والإقرار به باللسان بل لا بد من شيء فوق ذلك وهو الالتزام بما شرع الله ، وعمل الجوارح الذي هو ركن فيه وجزء لا يتجزأ من الإيمان .
يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله عليه
* فتكذيب الرسول كفر ، وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر ، عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة العلم وسائر الطوائف ، إلا جهم ومن وافقه كالصالحي ، والأشعري وغيرهم . *
فالصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة العلم ، هؤلاء هم السلف ومن نهج نهجهم ، وهم السلفية الحقة الشرعية المتمسكة بالكتاب والسنة إلى يوم الدين
والاستثناء جهم والصالحي من رؤوس الإرجاء والتجهم وأذنابهم في هذا العصر ، إلى يوم الدين
يقول الإمام بن حزم رحمة الله عليه :
* ولو كان الإيمان هو التصديق والإقرار فقط لكان جميع المخلدين في النار من اليهود والنصارى وسائر الكفار ، مؤمنين حينئذ، لأنهم كلهم مصدقون بكل ما كذبوا به في الدنيا مقرون بكل ذلك ، ولكان إبليس واليهود والنصارى في الدنيا مؤمنين ضرورة ، وهذا كفر مجرد ممن أجازه ، وإنما كفر أهل النار بمنعهم الأعمال . *
................................................ / .. يتبع إن شاء الله .