[font="]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .[/font]
[font="]أما بعد فإن النفوس تحب القصص ، وتتأثر بها ، لذلك تجد في القرآن أنواعاً من القصص النافع ، وهو من أحسن القصص.[/font]
[font="]وكان من حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن اقتدى بكتاب ربه ، فقص علينا من الأنباء السابقة ما فيه العِبَر ، باللفظ الفصيح والبيـان العذب البليغ ، ويمتاز بأنه واقعي وليس بخيالي . ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) ، وإن بعض شبابنا قد مالوا إلى القصص الأجنبي الضار ، إذ أكثره جنسي مائع أو بوليسي مجرم ، يوقعهم في الفاحشة والانحراف كما يريده أعداء الإسلام . [/font]
[font="]لذلك كان واجباً على الكاتب الإسلامي أن يقدم نماذج من القصص الديني الصحيح ، فان فيها تهذيب الأخلاق ، وتقريب الشباب من الدين .[/font]
[font="]وإني أقدم نموذجاً من بدائع القصص النبوي ، وهي مختارة من الأحاديث الصحيحة ، وجعلتها على شكل حوار ، ومشاهد ، حتى كأنك ترى وقائع القصة أمامك ، وجعلت لكل قصة عبرة في آخرها للاستفادة منها ، فالله تعالى يقول : ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) . [/font]
[font="]وأحب أن أنبه إلى أمور مهمة :-[/font]
[font="]شرحت بعض الكلمات التي تساعد القارئ على فهم القصة مثل : ( فلقيه) ، فقلت: (فلقي ضماد محمد صلى الله عليه وسلم) . [/font]
[font="]نقلت الفعل الماضي إلى الفعل المضارع ليرى القارئ القصة وكأنها أمامه . [/font]
[font="]حذفت كلمة ( قال) من النص استغناء عنها بذكر القائل أول السطر . [/font]
[font="]الكلام الذي بين المعقوفتين [/font][ ][font="] هو وصف لحالة القائل وهو من كلام المؤلف .[/font]
[font="]لا يفهم من هذا الحوار والمشاهد جواز عملية التمثيل ولا سيما تمثيل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وهو حرام . [/font]
[font="]والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ، ويجعلها خالصة لله تعالى . ( الشيخ محمد بن جميل زينوا)[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]عن صهيب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :[/font]
[font="](كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان لـه ساحر ، فلما كبر الساحر ، قال للملك ، إني قد كبرت فأبعث إلىّ غلاماً أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاماً يعلمه ، فكان في طريقه إذا سلك راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب وقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر) .[/font]
[font="] [/font]
[font="]الغلام والأفعى :[/font]
[font="](بينما الغلام سائر إذ رأى دابة عظيمة "أفعى" قد حبست الناس) . [/font]
[font="]الغلام (يخاطب نفسه) : اليوم أعلم ، الساحر أفضل أم الراهب ؟ [/font]
[font="]الغلام (يأخذ حجراً) : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فأقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس . (يرمي الغلام الدابة فيقتلها ويمضي الناس) ، ( يأتي الغلام الراهب فيخبره) .[/font]
[font="]الراهب (متعجباً) : أي بني أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل عليّ . [/font]
[font="]الغلام يبرئ الأكمه ( الأعمى ) والأبرص) ويداوي الناس من سائر الأدواء ( الأمراض) . [/font]
[font="] [/font]
[font="]الغلام والأعمى :[/font]
[font="](يسمع جليس للملك كان قد عمي ، فيقدم للغلام هدايا كثيرة) [/font]
[font="]الأعمى (راجياً) : كل هذه الهدايا لك إن أنت شفيتني .[/font]
[font="]الغلام (مرشداً) : إني لا أشفي أحد ، إنما يشفي الله تعالى ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك . [/font]
[font="](يؤمن الأعمى فيشفيه الله تعالى) .[/font]
[font="]( يأتي الجليس الملك ، فيجلس إليه كما كان يجلس) . [/font]
[font="]الملك (متعجباً) : من ردَّ عليكم بصرك ؟[/font]
[font="]الجليس ( في فرح) : ربي . [/font]
[font="]الملك ( منكراً) : أو لك رب غيري . [/font]
[font="]الجليس ( في فرح) : ربي وربك الله . [/font]
[font="](يأخذه الملك فلم يزل يعذبه حتى يدل على الغلام فيؤتي بالغلام) . [/font]
[font="]الملك ( مهدداً) : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل . [/font]
[font="]الغلام : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى .[/font]
[font="]تعذيب من آمن : [/font]
[font="](يأخذ الملك الغلام ، فلا يزال يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيئ بالراهب فقيل له : إرجع عن دينك فيأبى ، فيدعو الملك بالمنشار ، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى يقع شقاه على الأرض) . [/font]
[font="]ثم يجيئ بجليس الملك ، فقيل له : إرجع عن دينك فيأبى ، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى وقع شقاه .[/font]
[font="]الغلام يعذب : [/font]
[font="](يؤتى بالغلام ، فيقال له : إرجع عن دينك ، فيأبى ، فيدفعه الملك إلى نفر من أصحابه) [/font]
[font="]الملك (غاضباً) : إذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به إلى الجبل فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، والا فاطرحوه . [/font]
[font="](يذهبون بالغلام ، ويصعدون به الجبل) [/font]
[font="]الغلام ( داعياً عليم : اللهم أكفينهم بما شئت .[/font]
[font="]( يرجف بهم الجبل فيسقطون ويجيئ الغلام يمشي إلى الملك ) . [/font]
[font="]الملك ( في حيرة ودهشة) : ما فعل أصحابك ؟ [/font]
[font="]الغلام ( في شجاعة وإيمان) : كفانيهم الله تعالى ( يدفعه الملك إلى نفر من أصحابه) [/font]
[font="]الملك : أذهبوا به فأحملوه في قرقورة ( زورق) وتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فأقذفوه ( يذهبون بالغلام) . [/font]
[font="]الغلام (داعياً) : اللهم أكفينهم بما شئت . [/font]
[font="]( تنكفئ بهم السفينة فيغرقون . ويجيئ الغلام إلى الملك يمشي ) . [/font]
[font="]الملك ( في قهر وخذلان) : ما فعل أصحابك ؟ [/font]
[font="]الغلام ( في طمأنينة وثبات) : كفانيهم الله تعالى .[/font]
[font="]الغلام يضحي بنفسه : [/font]
[font="]الغلام ( للملك) : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به . [/font]
[font="]الملك ( في عجز ويأس) : وما هو ؟ [/font]
[font="]الغلام : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهماً من كنانتي ، ثم ضع السم في كبد القوس ، ثم قل : ( بسم الله رب الغلام) . ثم أرمني ، فإنك إذا فعلت ذلك تقتلني .[/font]
[font="]يجمع الناس في صعيد واحد ، ويصلب الغلام على جذع ، ثم يأخذ الملك سهماً من كنانة الغلام ، ثم يضع السهم في كبد القوس ثم يقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم الله رب الغلام) ثم يرميه ، فيقع السهم في صدغه ، فيضع يده في صدغه في موضع السهم ويموت . [/font]
[font="]الناس ( يهتفون) : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام . [/font]
[font="](يجيئ الجند إلى الملك) . [/font]
[font="]الجند (في أسف) : أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس . [/font]
[font="]الملك (في تحفظ) : إحفروا الأخدود (الخنادق) بأفواه السكك وأضرموا فيها النيران ، ومن لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها (أطرحوه) . [/font]
[font="](الجند على أطراف الأخدود ، يعرضون الشعب المؤمن على النار ، ويعرضون عليهم أن يرجعوا عن دينهم ، فمن لم يرجع أوقعوه في النار ) . [/font]
[font="]على حافة النار إمرأة معها رضيع تخشى علي فتتردد ، وتتقاعس أن تقع في النار . [/font]
[font="]الرضيع (يقول) : يا أمه إصبري فإنك على الحق .[/font]
[font="] [/font]
[font="]إحتراق الكفار :[/font]
[font="]قال [/font][font="]تعالى : ([/font][font="]إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ[/font][font="]) :[/font]
1- [font="]قال ابن جرير بعد ذكره قصة أصحاب الأخدود : وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالصواب للذي ذكرنا عن الربيع من العلة : وهو أن الله أخبر أن لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم ، ولو لم يكونوا أحرقوا في الدنيا لم يكن لقوله (ولهم عذاب الحريق) معنى مفهوم من إخباره أن لهم عذاب جهنم ، لأن عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابهما في الآخرة . [/font]
[font="] [/font]
2- [font="]قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ([/font][font="]إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ[/font][font="]) : أي حرقوهم بالنار ، فلهم عذاب جهنم لكفرهم ، ولهم الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار .[/font]
[font="]وقيل ([/font][font="]جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ[/font][font="]) أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين . [/font]
3- [font="]ذكر المفسر الألوسي نقلاً عن ابن جرير وغيره : إن الله بعض على المؤمنين ريحاً تقبض أرواحهم قبل الوصول إلى النار ، وأن النار خرجت فأحرقت الكفار الذين كانوا على حافتي الأخدود . ويدل لهذا قوله تعالى : ( قتل أصحاب الأخدود) ، وقوله تعالى : ( ولهم عذاب الحريق) . [/font]
[font="] [/font]
[font="]من فوائد القصة : [/font]
1- [font="]كل مولود يولد على الفطرة ، فاقتضت الفطرة السليمة أن تكون مع الحق والخير دائماً وترفض الشر ، فوجهت الغلام نحو الخير حين سمع الحق من الراهب ونبذت الشر المتمثل في الساحر الكافر . [/font]
2- [font="]لا بأس بالكذب للنجاة من كيد الكافرين عند الضرورة . [/font]
3- [font="]علم الغلام بفطرته أن الحق مع الراهب ولكن أراد أن يقيم الحجة (مثل إبراهيم عليه السلام) حيث أقام الحجة على قومه . [/font]
4- [font="]الدعاء إلى الله أن يظهر له الحق ويبين له وجه الصواب ويقطع الشك باليقين ، وهذا شأن المؤمن يلجأ إلى الله دائماً لحل مشاكله . [/font]
5- [font="]إماطة الأذى عن الطريق وتخليص الناس من كرب وقعوا فيه ، مشروع ومطلوب يؤجر المسلم عليه ، كما صرحت بذلك الأحاديث . [/font]
6- [font="]المؤمن الصادق هو الذي ينسب فعل الكرامة إلى الله وليس إلى نفسه . [/font]
7- [font="]الاعتراف بالفضل ولو إلى غلام صغير : ( أي بني أنت اليوم أفضل مني) . [/font]
8- [font="]كل من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وصدع بالحق لا بد من أن يبتلى ، وعليه بالصبر ، وله الأجر الكبير عند الله ، قال تعالى على لسان لقمان يوصي ولده ([/font][font="]يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[/font][font="])[/font] [font="].[/font]
9- [font="]كل من أخطأ في تعبيره لا يترك في خطئه ، بل يبين له وجه الصواب ، لا سيما في عقيدة التوحيد ، فالغلام يقول للوزير : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى ، وهذا مطابق لقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : ([/font][font="]وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ[/font][font="]).[/font]
10- [font="]إن لله رجالاً أقوياء بإيمانهم ، فمهما عذبوا لا يرجعون عن دينهم ، ولا يرضون الطغاة بكلمة فيها ضعف أو كفر ، ولو حرقوا ، أو نشروا أو أغرقوا وهو الأفضل وقد أشار إليهم الله سبحانه وتعالى بقوله : ([/font][font="]وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[/font][font="]) ، وقد سمح الله للمؤمن أن ينطق بالكفر إذا أكره عليه فقال سبحانه وتعالى : ([/font][font="]مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[/font][font="]) .[/font]
11- [font="]لا بد لكلمة الحق أن تنتصر ، فالملك يعجز عن قتل الغلام ، ولا يتم له ذلك إلا بطريقة يرسمها الغلام للملك ، يعقبها إيمان الشعب وانحدار الملك ، ويتحقق قول الله تعالى : ([/font][font="]وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[/font][font="]) .[/font]
12- [font="]الغلام المؤمن يضحي بنفسه ليؤمن الناس ، وهذا شأن المؤمنين المخلصين يسعون لإنقاذ أمتهم ، ولو أدى ذلك إلى استشهادهم ، فهم إلى الجنة ذاهبون ، قال تعالى : ([/font][font="]وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[/font][font="]) [/font].
13- [font="]يثبت الله المؤمنين بالحجج البينات ، ويؤيد دينهم بالكرامات ، فهذا هو الرضيع ينطق (يا أمه إصبري فإنك على الحق) . والأم تستجيب لهذا الأمر ، وتلقي بنفسها مع طفلها صابرة محتسبة . [/font]
[font="]مصير المؤمنين إلى الجنة بعد موتهم ، ومصير هؤلاء الكفار الحرق في الدنيا ، وعذاب جهنم في الآخرة . [/font]
[font="]أما بعد فإن النفوس تحب القصص ، وتتأثر بها ، لذلك تجد في القرآن أنواعاً من القصص النافع ، وهو من أحسن القصص.[/font]
[font="]وكان من حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن اقتدى بكتاب ربه ، فقص علينا من الأنباء السابقة ما فيه العِبَر ، باللفظ الفصيح والبيـان العذب البليغ ، ويمتاز بأنه واقعي وليس بخيالي . ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) ، وإن بعض شبابنا قد مالوا إلى القصص الأجنبي الضار ، إذ أكثره جنسي مائع أو بوليسي مجرم ، يوقعهم في الفاحشة والانحراف كما يريده أعداء الإسلام . [/font]
[font="]لذلك كان واجباً على الكاتب الإسلامي أن يقدم نماذج من القصص الديني الصحيح ، فان فيها تهذيب الأخلاق ، وتقريب الشباب من الدين .[/font]
[font="]وإني أقدم نموذجاً من بدائع القصص النبوي ، وهي مختارة من الأحاديث الصحيحة ، وجعلتها على شكل حوار ، ومشاهد ، حتى كأنك ترى وقائع القصة أمامك ، وجعلت لكل قصة عبرة في آخرها للاستفادة منها ، فالله تعالى يقول : ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) . [/font]
[font="]وأحب أن أنبه إلى أمور مهمة :-[/font]
[font="]شرحت بعض الكلمات التي تساعد القارئ على فهم القصة مثل : ( فلقيه) ، فقلت: (فلقي ضماد محمد صلى الله عليه وسلم) . [/font]
[font="]نقلت الفعل الماضي إلى الفعل المضارع ليرى القارئ القصة وكأنها أمامه . [/font]
[font="]حذفت كلمة ( قال) من النص استغناء عنها بذكر القائل أول السطر . [/font]
[font="]الكلام الذي بين المعقوفتين [/font][ ][font="] هو وصف لحالة القائل وهو من كلام المؤلف .[/font]
[font="]لا يفهم من هذا الحوار والمشاهد جواز عملية التمثيل ولا سيما تمثيل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وهو حرام . [/font]
[font="]والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ، ويجعلها خالصة لله تعالى . ( الشيخ محمد بن جميل زينوا)[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الغلام المؤمن والساحر [/font]
[font="] [/font]
[font="](كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان لـه ساحر ، فلما كبر الساحر ، قال للملك ، إني قد كبرت فأبعث إلىّ غلاماً أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاماً يعلمه ، فكان في طريقه إذا سلك راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب وقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر) .[/font]
[font="] [/font]
[font="]الغلام والأفعى :[/font]
[font="](بينما الغلام سائر إذ رأى دابة عظيمة "أفعى" قد حبست الناس) . [/font]
[font="]الغلام (يخاطب نفسه) : اليوم أعلم ، الساحر أفضل أم الراهب ؟ [/font]
[font="]الغلام (يأخذ حجراً) : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فأقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس . (يرمي الغلام الدابة فيقتلها ويمضي الناس) ، ( يأتي الغلام الراهب فيخبره) .[/font]
[font="]الراهب (متعجباً) : أي بني أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل عليّ . [/font]
[font="]الغلام يبرئ الأكمه ( الأعمى ) والأبرص) ويداوي الناس من سائر الأدواء ( الأمراض) . [/font]
[font="] [/font]
[font="]الغلام والأعمى :[/font]
[font="](يسمع جليس للملك كان قد عمي ، فيقدم للغلام هدايا كثيرة) [/font]
[font="]الأعمى (راجياً) : كل هذه الهدايا لك إن أنت شفيتني .[/font]
[font="]الغلام (مرشداً) : إني لا أشفي أحد ، إنما يشفي الله تعالى ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك . [/font]
[font="](يؤمن الأعمى فيشفيه الله تعالى) .[/font]
[font="]( يأتي الجليس الملك ، فيجلس إليه كما كان يجلس) . [/font]
[font="]الملك (متعجباً) : من ردَّ عليكم بصرك ؟[/font]
[font="]الجليس ( في فرح) : ربي . [/font]
[font="]الملك ( منكراً) : أو لك رب غيري . [/font]
[font="]الجليس ( في فرح) : ربي وربك الله . [/font]
[font="](يأخذه الملك فلم يزل يعذبه حتى يدل على الغلام فيؤتي بالغلام) . [/font]
[font="]الملك ( مهدداً) : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل . [/font]
[font="]الغلام : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى .[/font]
[font="]تعذيب من آمن : [/font]
[font="](يأخذ الملك الغلام ، فلا يزال يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيئ بالراهب فقيل له : إرجع عن دينك فيأبى ، فيدعو الملك بالمنشار ، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى يقع شقاه على الأرض) . [/font]
[font="]ثم يجيئ بجليس الملك ، فقيل له : إرجع عن دينك فيأبى ، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى وقع شقاه .[/font]
[font="]الغلام يعذب : [/font]
[font="](يؤتى بالغلام ، فيقال له : إرجع عن دينك ، فيأبى ، فيدفعه الملك إلى نفر من أصحابه) [/font]
[font="]الملك (غاضباً) : إذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به إلى الجبل فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، والا فاطرحوه . [/font]
[font="](يذهبون بالغلام ، ويصعدون به الجبل) [/font]
[font="]الغلام ( داعياً عليم : اللهم أكفينهم بما شئت .[/font]
[font="]( يرجف بهم الجبل فيسقطون ويجيئ الغلام يمشي إلى الملك ) . [/font]
[font="]الملك ( في حيرة ودهشة) : ما فعل أصحابك ؟ [/font]
[font="]الغلام ( في شجاعة وإيمان) : كفانيهم الله تعالى ( يدفعه الملك إلى نفر من أصحابه) [/font]
[font="]الملك : أذهبوا به فأحملوه في قرقورة ( زورق) وتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فأقذفوه ( يذهبون بالغلام) . [/font]
[font="]الغلام (داعياً) : اللهم أكفينهم بما شئت . [/font]
[font="]( تنكفئ بهم السفينة فيغرقون . ويجيئ الغلام إلى الملك يمشي ) . [/font]
[font="]الملك ( في قهر وخذلان) : ما فعل أصحابك ؟ [/font]
[font="]الغلام ( في طمأنينة وثبات) : كفانيهم الله تعالى .[/font]
[font="]الغلام يضحي بنفسه : [/font]
[font="]الغلام ( للملك) : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به . [/font]
[font="]الملك ( في عجز ويأس) : وما هو ؟ [/font]
[font="]الغلام : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهماً من كنانتي ، ثم ضع السم في كبد القوس ، ثم قل : ( بسم الله رب الغلام) . ثم أرمني ، فإنك إذا فعلت ذلك تقتلني .[/font]
[font="]يجمع الناس في صعيد واحد ، ويصلب الغلام على جذع ، ثم يأخذ الملك سهماً من كنانة الغلام ، ثم يضع السهم في كبد القوس ثم يقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم الله رب الغلام) ثم يرميه ، فيقع السهم في صدغه ، فيضع يده في صدغه في موضع السهم ويموت . [/font]
[font="]الناس ( يهتفون) : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام . [/font]
[font="](يجيئ الجند إلى الملك) . [/font]
[font="]الجند (في أسف) : أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس . [/font]
[font="]الملك (في تحفظ) : إحفروا الأخدود (الخنادق) بأفواه السكك وأضرموا فيها النيران ، ومن لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها (أطرحوه) . [/font]
[font="](الجند على أطراف الأخدود ، يعرضون الشعب المؤمن على النار ، ويعرضون عليهم أن يرجعوا عن دينهم ، فمن لم يرجع أوقعوه في النار ) . [/font]
[font="]على حافة النار إمرأة معها رضيع تخشى علي فتتردد ، وتتقاعس أن تقع في النار . [/font]
[font="]الرضيع (يقول) : يا أمه إصبري فإنك على الحق .[/font]
[font="] [/font]
[font="]إحتراق الكفار :[/font]
[font="]قال [/font][font="]تعالى : ([/font][font="]إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ[/font][font="]) :[/font]
1- [font="]قال ابن جرير بعد ذكره قصة أصحاب الأخدود : وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالصواب للذي ذكرنا عن الربيع من العلة : وهو أن الله أخبر أن لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم ، ولو لم يكونوا أحرقوا في الدنيا لم يكن لقوله (ولهم عذاب الحريق) معنى مفهوم من إخباره أن لهم عذاب جهنم ، لأن عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابهما في الآخرة . [/font]
[font="] [/font]
2- [font="]قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ([/font][font="]إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ[/font][font="]) : أي حرقوهم بالنار ، فلهم عذاب جهنم لكفرهم ، ولهم الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار .[/font]
[font="]وقيل ([/font][font="]جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ[/font][font="]) أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين . [/font]
3- [font="]ذكر المفسر الألوسي نقلاً عن ابن جرير وغيره : إن الله بعض على المؤمنين ريحاً تقبض أرواحهم قبل الوصول إلى النار ، وأن النار خرجت فأحرقت الكفار الذين كانوا على حافتي الأخدود . ويدل لهذا قوله تعالى : ( قتل أصحاب الأخدود) ، وقوله تعالى : ( ولهم عذاب الحريق) . [/font]
[font="] [/font]
[font="]من فوائد القصة : [/font]
1- [font="]كل مولود يولد على الفطرة ، فاقتضت الفطرة السليمة أن تكون مع الحق والخير دائماً وترفض الشر ، فوجهت الغلام نحو الخير حين سمع الحق من الراهب ونبذت الشر المتمثل في الساحر الكافر . [/font]
2- [font="]لا بأس بالكذب للنجاة من كيد الكافرين عند الضرورة . [/font]
3- [font="]علم الغلام بفطرته أن الحق مع الراهب ولكن أراد أن يقيم الحجة (مثل إبراهيم عليه السلام) حيث أقام الحجة على قومه . [/font]
4- [font="]الدعاء إلى الله أن يظهر له الحق ويبين له وجه الصواب ويقطع الشك باليقين ، وهذا شأن المؤمن يلجأ إلى الله دائماً لحل مشاكله . [/font]
5- [font="]إماطة الأذى عن الطريق وتخليص الناس من كرب وقعوا فيه ، مشروع ومطلوب يؤجر المسلم عليه ، كما صرحت بذلك الأحاديث . [/font]
6- [font="]المؤمن الصادق هو الذي ينسب فعل الكرامة إلى الله وليس إلى نفسه . [/font]
7- [font="]الاعتراف بالفضل ولو إلى غلام صغير : ( أي بني أنت اليوم أفضل مني) . [/font]
8- [font="]كل من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وصدع بالحق لا بد من أن يبتلى ، وعليه بالصبر ، وله الأجر الكبير عند الله ، قال تعالى على لسان لقمان يوصي ولده ([/font][font="]يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[/font][font="])[/font] [font="].[/font]
9- [font="]كل من أخطأ في تعبيره لا يترك في خطئه ، بل يبين له وجه الصواب ، لا سيما في عقيدة التوحيد ، فالغلام يقول للوزير : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى ، وهذا مطابق لقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : ([/font][font="]وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ[/font][font="]).[/font]
10- [font="]إن لله رجالاً أقوياء بإيمانهم ، فمهما عذبوا لا يرجعون عن دينهم ، ولا يرضون الطغاة بكلمة فيها ضعف أو كفر ، ولو حرقوا ، أو نشروا أو أغرقوا وهو الأفضل وقد أشار إليهم الله سبحانه وتعالى بقوله : ([/font][font="]وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[/font][font="]) ، وقد سمح الله للمؤمن أن ينطق بالكفر إذا أكره عليه فقال سبحانه وتعالى : ([/font][font="]مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[/font][font="]) .[/font]
11- [font="]لا بد لكلمة الحق أن تنتصر ، فالملك يعجز عن قتل الغلام ، ولا يتم له ذلك إلا بطريقة يرسمها الغلام للملك ، يعقبها إيمان الشعب وانحدار الملك ، ويتحقق قول الله تعالى : ([/font][font="]وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[/font][font="]) .[/font]
12- [font="]الغلام المؤمن يضحي بنفسه ليؤمن الناس ، وهذا شأن المؤمنين المخلصين يسعون لإنقاذ أمتهم ، ولو أدى ذلك إلى استشهادهم ، فهم إلى الجنة ذاهبون ، قال تعالى : ([/font][font="]وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[/font][font="]) [/font].
13- [font="]يثبت الله المؤمنين بالحجج البينات ، ويؤيد دينهم بالكرامات ، فهذا هو الرضيع ينطق (يا أمه إصبري فإنك على الحق) . والأم تستجيب لهذا الأمر ، وتلقي بنفسها مع طفلها صابرة محتسبة . [/font]
[font="]مصير المؤمنين إلى الجنة بعد موتهم ، ومصير هؤلاء الكفار الحرق في الدنيا ، وعذاب جهنم في الآخرة . [/font]