مقتطفات من كتاب بحر الدموع
[FONT="]هو كتاب من أجلّ كتب الوعظ يرقق القلوب المعرضة عن ذكر الله سبحانه وتعالى. فالتوبة والندم سبب كشف الغم، ودفع البلاء.
فالسعيد من وعظ بحال أبيه آدم. فتاب واستغفر. والشقي من دعاه ابليس فأصر واستكبر.[/FONT]
بحر الدموع
[FONT="]هو كتاب من أجلّ كتب الوعظ يرقق القلوب المعرضة عن ذكر الله سبحانه وتعالى. فالتوبة والندم سبب كشف الغم، ودفع البلاء.
فالسعيد من وعظ بحال أبيه آدم. فتاب واستغفر. والشقي من دعاه ابليس فأصر واستكبر.[/FONT]
يا اخوان الغفلة تيقظوا، يا مقيمين على الذنوب انتهوا واتعظوا، فبالله أخبروني: من أسوأ حالا ممناستعبده هواه،
أممن أخسر صفقة ممنباع آخرته بدنياه، فما للغفلة قد شملت قلوبكم؟ وما للجهالة قد ترت عنكم عيوبكم؟ أما ترون
صوارم الموت بينكم لامعة، وقوارعه بكم واقعة، وطلائعه عليكم طالعة، وفجائعه لعذركم قاطعة، وسهامه فيكم
نافذة، وأحكامة بنواصيكم آخذة؟ فحتى متى؟ والى متى؟ وعلام التخلف والمقام؟ أتطمعون في بقاء الأبد؟ كلا والواحد
والصمد. ان الموت لبالرّصد، ولا يبقي على والد ولا ولد، فجدّوا، رحمكم الله، في خدمة مولاكم، وأقلعوا عن
الذنوب، فلعله يتولاكم
يامن يسير بعمره وقد تعدّى الحدود، ابك على معصيتك فلعلك مطرود. يامن عمره ينتهب وليس الماضي يعود، قد أسمعتك المواعظمن ارشادها نصحا، وأخبرك الشيب أنك بالموت تقصد وتنحّا، وناداك لسان الاعتبار:{ يا أيها الانسان انك كادح الى ربك كدحا} الانشقاق
اخواني، الدنيا سموم قاتلة، والنفوس عن مكائدها غافلة، كممن نظرة تحلو في العاجلة، ومرارتها لا تطاق في العاقبة الآجلة. يا ابن آدم،قلبك قلب ضعيف، ورأيك في اطلاق الطرف وأى " وهم" سخيف. عينك مطلوقة،ولسانك يجني الآثام، وجسدك يتعب في كسب الحطام، كممن نظرة محتقرة زلت بها الأقدام
يامن يذوب ولا يتوب، كم كتبت عليك الذنوب، ويحك خلّ الأمل الكذوب. واأسفا، أينأرباب القلوب، تفرّقت بالهوى في شعوب، ندعوك الى صلاحك ولا تؤوب، واعجبالك، ما الناس الا ضروب
.
.
يا هذا، كم لك على المعاصي مصر؟ متى يكونمنك المتاب؟ جسمك باللهو عامر، وقلبكمن التقوى خراب، ضيّعت الشباب في الغفلة، وعند الكبر تبكي على زمان الشباب. في المجلس تبكي على الفائت، واذا خرجت عدت للانتهاب. لا حيلة لوعظي فيكوقد غلق في وجهك الباب. كم لي أحدّث قلبك، وأرى قلبك غائبا مع الغيّاب، يامن قلبه مشغول، كيف تفهم الخطاب. وافرحة ابليس اذا طردت عن الباب! هذا مأتم الحزن، هذا المجلس قد طاب
رحلت رفاق التائبين الى رفاق الأحباب. يا وحشة المهجور المبعد عن الباب اذا لم يجد للقرب والدنو سببامن الأسباب. يامنقطعاعن الرفاق الأحباب، تعلق بأعقاب الساقة بذلّ وانكسار ودمع ذي اسكاب، وقل: تائه في بريّة الحرمان، مقطوع فيه تيه الشقاء، مسبول دونه الحجاب، كلمارام القيام، أقعده وأبعده بذنوبه الحجّاب، لا زاد ولا راحلة ولا قوة، فأينالذهاب؟ عسى عطفةمن وراء ستر الغيب تهون عليك صعاب المصاب.
لله درّ أقوام شاهدوا الآخرة بلا حجاب، فعاينوا ما أعدّ الله للمطيعينمن الأجر والثواب. ترى لماذا أضمروا أجسادهم وأظمؤوا أكبادهم، وشرّدوا رقادهم، وجعلوا ذكره بغيتهم ومرادهم؟!.
أيها المقيم على الخطايا والعصيان، التارك لما امرك الرحمان، المطيع للغويّ الفتان، الى متى أنت على جرمك
مصرّ، ومما يقرّبك الى مولاك تفرّ؟ تطلبمن الدنيا ما لا تدركه، وتتقيمن الآخرة ما لا تملكه، لا أنت بما قسم الله
منالرزق واثق، ولا أنت بما أمرك به لاحق.
يا أخي، الموعظة، والله لا تنفعك، والحوادث لا تردعك. لا الدهر يدعك، ولا داعي الموت يسمعك، كأنك يا مسكين
لم تزل حيا موجودا، كأنك لا تعود نسيا مفقودا.
فاز، والله، المخفونمن الأوزار، وسلم المتقونمن عذاب النار، وأنت مقيم على كسب الجرائم والأوزار
يا غافلا عن نصيره، يا واقفا مع تقصيره، سبقك أهل العزائم، وأنت فيبحر الغفلة عائم، قف على الباب وقوف نادم، ونكّس رأس الذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار: مذنب وراحم، وتشبّه بالقوم وان لم تكنمنهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم، وقم في الدجى نادبا، وقف على الباب تائبا، واستدركمن العمر ذاهبه، ودع اللهو جانبا، وطلّق الدنيا ان كنت للآخرة طالبا، يا نائما طوال الليل سارت الرفقة، ورحل القوم كلهم، وما انتبهتمن الرقدة
أخي، مالك لا تفيق من غفلتك، وتنتهي من نومتك، وتصحو من سكرتك.
الى متى الصدود عن طاعة المعبود، والغفلة عن بحر الموت المورود.
فارحم نفسك قبل التلف، وابك عليها قبل الأسف،
فان السفر بعيد والزاد قليل.
فاعمل للموت قبل الفوت
دعوني على نفسي أنوح وأندب ******** بدمع غزير واكف يتصبب
دعوني على نفسي أنوح لأنني ***** أخاف على نفسي الضعيفة تعطب
فمنلي اذا نادى المنادي بمنعصا ****** الى أين ألجأ أم الى أين أذهب
فيا طول حزني ثم يا طول حسرتي ******* اذا كنت في نار الجحيم أعذب
وقد ظهرت تلك القبائح كلها *********** وقد قرّب الميزان والنار تلهب
ولكنني أرجو الاله لعله *************** يحسن رجائي فيه لي يتوهب
ويدخلني دار الجنان بفضله **************** فلا عمل أرجو به أتقرّب
وهذا رابط الكتاب للتحميل
[FONT="]كتاب بحر الدموعجمال الدين أبي الفرج بن الجوزي[/FONT]