مبادرة سلفية للإصلاح: معارضة التوريث "قضايا فارغة"
الشيخ سعيد عبد العظيم صاحب المبادرة
في سابقة تعد الأولى من نوعها صدرت مؤخرا مبادرة إصلاحية عن تيار الدعوة السلفية في مصر، وجاءت تفاصيل المبادرة على لسان الشيخ سعيد عبد العظيم أحد رموز السلفية الحركية. ومن اللافت أن المبادرة تأتي في سياق حالة من السجال الساخن بين النخب والقوى السياسية المصرية حول مستقبل النظام السياسي ومشاريع التغيير المطروحة.
قدم عبدالعظيم للمبادرة بخطوط عامة وعناوين عريضة قال فيها: "إن الإصلاح الذي نطالب به يقوم على أساس من كتاب الله وسنة نبيه واتباع السلف الصالح في إصلاح أحوال البلاد والعباد"، رافضا الديمقراطية والانتخابات ومتهكما في ذات الوقت من أصحاب الدعوات الإصلاحية والليبراليين الذين يقفون ضد "توريث الحكم"، ويطالبون بتداول السلطة؛ لأنهم برأيه لا يدركون مخاطر دعواتهم التي قد تؤدي إلى صعود "كافر" أو "امرأة" إلى قمة السلطة.
ونشرت مواقع سلفية "صوت السلف" و"أنا السلفي" خطبة الجمعة (6 نوفمبر 2009 بمدينة الاسكندرية) التي عرض خلالها الشيخ سعيد عبد العظيم لمبادرة تحت عنوان "مبادرة السلفية لإصلاح المجتمع"، تعرض خلالها لمشمولات وتفاصيل مبادرة السلفية لإصلاح الفرد والمجتمع والحكم.
وتحدث خبراء في شئون الحركات الإسلامية لـ"الإسلاميون.نت" عن مآخذهم على المبادرة وانفصالها عن الواقع المعاش، لكنهم لم ينكروا دورها في تطوير الرؤية السياسية لدى التيار السلفي، مستبعدين أن تصب المبادرة في تقارب ما بين السلطة والسلفيين، أو بين السلفيين وتيار الإخوان المسلمين.
وأوضح أن الإصلاح الذي يريدونه "يتعدى الفرد إلى المجتمع... ولن نقبل المساومة على هذه المبادئ، وعندما يخرج البعض ينادي باشتراكية أو قومية أو بديمقراطية فلا بد أن نرد عليه دعوته لمخالفتها كتاب الله وسنة رسول الله".
وردا على من يتهمون التيار السلفي بالحديث في عموميات القضايا ولا يتعرضون للتفاصيل قال عبد العظيم: "هم أيضا يتكلمون بمجملات عندما يرفعون الرايات على أحزابهم ودعواتهم، فهذا دعوته ليبرالية وهذا دعوته اشتراكية، بل إنهم اعتبروا أن ضياع فلسطين بسبب الديمقراطية، وأن عودتها للأمة مرة ثانية ستكون بالديمقراطية".
ويشير إلى أن: "الإسلام به أحكام تفصيلية شملت كل نواحي الحياة، سياسية كانت أو اجتماعية واقتصادية أو أخلاقية، لكنها أحكام مقننة وحبيسة الأدراج. فنحن عندنا مجملات وتفصيلات، وإن أعجزني الأمر فسأرده إلى عالمه {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:83].
وأكد أن جهود الحركة السلفية في الإصلاح صاحبتها منذ نشاتها: "لقد كنا نقدم للدنيا مبادرة إصلاحية يوم تكلمنا في تفاصيل الأحكام، الصلاة والصيام، الزكاة والحج.. حتى إن تكلمنا بالسنن.. وفي فقه الحيض والنفاث، فلا سبيل أبدا لإهدار المعاني الشرعية، فلا بد من تعمير الدنيا بدين الله، وإقامة خلافة على منهاج النبوة.. فالخلافة موضوعة لإقامة الدين وسياسية الدنيا، فالحكم لله، والأحكام لا ترد لأكثرية ولا لأقلية {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ} [الأنعام:116].
وفي سياق عرضه لما يراه طرح مبادراتي من قبل السلفيين طوال الفترة الماضية يقول عبدالعظيم: "كنا نقدم مبادرة إصلاحية ونحن نرد على الشبهات ونفند الأباطيل والأضاليل، شبهات الديمقراطية.. رددنا الباطل الديمقراطي بالحق الإسلامي، وفندنا شبهات الربويين، ووقفنا ضد دعاة التحلل والفسق والفجور، والتبرج والخلاعة والاختلاط، كنا بذلك نقدم مبادرة إصلاحية لعلمنا أن الذنوب والمعاصي تهدر العباد والبلاد {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً} [الطلاق:8].
ومتحدثا عن أنشطة الحياة وموقعها من الإصلاح والتغيير يضيف عبد العظيم: "أوضحنا أن الزراعة والصناعة والهندسة والطب كلها من فروض الكفاية، ولابد من الأخذ بأسباب القوة، لا فصل أبدا بين الدنيا والآخرة.. والعلوم النافعة تؤخذ من كل من أفلح فيها، أما علوم الهداية فتؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله".
ويسخر عبدالعظيم من بعض دعاة الإصلاح الذين "استنفدوا كل وسائل الإصلاح ولم يبق إلا النزول للشارع، والتظاهر"، ويتساءل :"ما هي الوسائل التي استنفدوها لإصلاح البلاد والعباد، الديمقراطية؟.. إنها عفن من شأنه أن يدمر البلاد والعباد، وماذا يفعلون لو نزلوا للشارع وتظاهروا على مثل هذا النحو، إنها خيبة وضيق أفق وغباء مستحكم..".
ويرفض كذا صناديق الانتخابات خاصة إن كانت ستأتي بامرأة للسلطة، يقول: "ما قيمة صندوق شفاف أو غير شفاف إذا كان سيأتي أيضا بامرأة تحكم (وما فلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، أو يهودي أو بشيوعي أو كافر يحكم بغير شرع الله، لا قيمة لهذا الصندوق حتى إن كانت هذه هي إرادة الجماهير، فحكم الله لا بد أن يقدم.. إذ من البديهيات في من يتولى الحكم أن يكون مسلما، مجتهدا ويصلح أن يكون قاضيا.. لا اعتبار لصندوق شفاف أو غيره، إلا إذا كان سيقدم به الأصلح والأتقى وسط مسلمين".
ويجمل صاحب المبادرة رؤيته في أنه "لا نصر ولا عزة ولا تمكين ولا خير وبركة إلا في العمل بشرع الله والرجوع لكتابه ولسنة رسوله، فإن رفضوا الرجوع، فإن الخلافة على منهاج النبوة ستأتي وطوفان التدين الذي تعيشونه شاهد، ولا يسعكم إلا أن تستبشروا".
وختم حديثه بأن "الإصلاح لا يتحقق بدون تذكر الموت كمسألة شرعية، فهذا قد يمنع الرشوة والزنا والسرقة والاغتصاب.. وهي حقيقة ينفر منها الإصلاحيون والديمقراطيون والليبراليون، فالإنسان إذا تذكر هذه الحقائق الإيمانية وتأملها لا يملك إلا أن يتوب ويحسن العمل سواء كان حاكما أو محكوما".
وأهمية مثل هذه المبادرات برأيه أنها تصب في تطوير رؤية التيار السلفي من عدة نواحي، منها حضوره في الحياة الاجتماعية، بما يمثله من حفاظ على هوية المجتمع، فمن المفيد للتيارات الفكرية والسياسية في المجتمع أن تتواصل بعقل وقلب مفتوح، بعيدا عن محاولة تصيد الأخطاء أو التربص لأصحاب الفكر والتوجه السلفي.
ومختلفا مع رأي جمال سلطان يرى د.رفيق حبيب الباحث في شئون الإسلام السياسي أن الموقف السلفي يطرح رؤية نظرية للإصلاح دون أن يشتبك مع الواقع، فهناك فجوة بين ما ينادون به وبين المشكلات والقضايا الملحة في الواقع، وهو كذلك يحافظ على مساحة البعد عن السياسة، والحديث عن المبادرة لإصلاح المجتمع معناه أنني بصدد رؤية يدعو لها التيار، هذه الرؤية يمكن تطبيقها على المستوى الفردي لكن تطبيقها على المستوى المجتمعي مؤجل وبالتالي السياسي أيضا مؤجل، ووقوف التيار السلفي وثباته في هذه المساحة يعني تضاؤل قدرته على تطوير أفكاره؛ فيكتفي برفض الديمقراطية والانتخابات دون طرح آليات بديلة لاختيار الحاكم، ولذلك سيظل التيار السلفي في خانة طاعة ولي الأمر وتأييد النظام الحاكم.
أما إذا بدأ التيار السلفي في طرح رؤى ومبادرات يحاور من خلالها التيارات الأخرى في الساحة المصرية ويتعرض للإجابة على أسئلة أكثر فاعلية، فإن هذا سيؤدي إلى اقترابه من الأسئلة السياسية والاجتماعية، وهنا سيبدأ خطابه في التطوير والتغيير حتى يطرح الإجابات المناسبة على سؤال الديمقراطية وتداول السلطة وغيره من الأسئلة الشائكة كما يتحدث حبيب.
لكن دخول هذه المبادرات برأيه في مساحة الإصلاح السياسي سيؤدي إلى نتائج سلبية للتيار السلفي، فالنظام الحاكم وإذا كان يضغط على السلف ويمنعهم من تكوين تنظيمات وكيانات مؤسسية، فإنه يرحب بدعوتهم إلى طاعة ولي الأمر ورفض الخروج عليه، وتطوير الخطاب السلفي مرتبط بدخوله في قضايا الاجتماع والسياسة، ولكن في نفس الوقت إذا دخل فيها بقوة فسوف تتم ملاحقته من قبل النظام الحاكم.
الشيخ سعيد عبد العظيم صاحب المبادرة
في سابقة تعد الأولى من نوعها صدرت مؤخرا مبادرة إصلاحية عن تيار الدعوة السلفية في مصر، وجاءت تفاصيل المبادرة على لسان الشيخ سعيد عبد العظيم أحد رموز السلفية الحركية. ومن اللافت أن المبادرة تأتي في سياق حالة من السجال الساخن بين النخب والقوى السياسية المصرية حول مستقبل النظام السياسي ومشاريع التغيير المطروحة.
قدم عبدالعظيم للمبادرة بخطوط عامة وعناوين عريضة قال فيها: "إن الإصلاح الذي نطالب به يقوم على أساس من كتاب الله وسنة نبيه واتباع السلف الصالح في إصلاح أحوال البلاد والعباد"، رافضا الديمقراطية والانتخابات ومتهكما في ذات الوقت من أصحاب الدعوات الإصلاحية والليبراليين الذين يقفون ضد "توريث الحكم"، ويطالبون بتداول السلطة؛ لأنهم برأيه لا يدركون مخاطر دعواتهم التي قد تؤدي إلى صعود "كافر" أو "امرأة" إلى قمة السلطة.
ونشرت مواقع سلفية "صوت السلف" و"أنا السلفي" خطبة الجمعة (6 نوفمبر 2009 بمدينة الاسكندرية) التي عرض خلالها الشيخ سعيد عبد العظيم لمبادرة تحت عنوان "مبادرة السلفية لإصلاح المجتمع"، تعرض خلالها لمشمولات وتفاصيل مبادرة السلفية لإصلاح الفرد والمجتمع والحكم.
وتحدث خبراء في شئون الحركات الإسلامية لـ"الإسلاميون.نت" عن مآخذهم على المبادرة وانفصالها عن الواقع المعاش، لكنهم لم ينكروا دورها في تطوير الرؤية السياسية لدى التيار السلفي، مستبعدين أن تصب المبادرة في تقارب ما بين السلطة والسلفيين، أو بين السلفيين وتيار الإخوان المسلمين.
الإصلاح على طريق السلف
في البداية يقول الشيخ عبد العظيم صاحب المبادرة إن البعض طالبهم بمبادرات إصلاحية منذ فترة رغم أنهم -يقصد الحركة السلفية- يتكلمون بالمبادرة الإصلاحية منذ اليوم الأول الذي انتهجوا فيه منهج الأنبياء والمرسلين بدون تغيير أو تبديل، ويضيف: "طالبنا الناس بالرجوع لكتاب الله وسنة رسوله بفهم أعلم الناس بالكتاب والسنة أي السلف؛ فـكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف، وما لم يكن يومئذ بدين فليس اليوم دينا.. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".وأوضح أن الإصلاح الذي يريدونه "يتعدى الفرد إلى المجتمع... ولن نقبل المساومة على هذه المبادئ، وعندما يخرج البعض ينادي باشتراكية أو قومية أو بديمقراطية فلا بد أن نرد عليه دعوته لمخالفتها كتاب الله وسنة رسول الله".
وردا على من يتهمون التيار السلفي بالحديث في عموميات القضايا ولا يتعرضون للتفاصيل قال عبد العظيم: "هم أيضا يتكلمون بمجملات عندما يرفعون الرايات على أحزابهم ودعواتهم، فهذا دعوته ليبرالية وهذا دعوته اشتراكية، بل إنهم اعتبروا أن ضياع فلسطين بسبب الديمقراطية، وأن عودتها للأمة مرة ثانية ستكون بالديمقراطية".
ويشير إلى أن: "الإسلام به أحكام تفصيلية شملت كل نواحي الحياة، سياسية كانت أو اجتماعية واقتصادية أو أخلاقية، لكنها أحكام مقننة وحبيسة الأدراج. فنحن عندنا مجملات وتفصيلات، وإن أعجزني الأمر فسأرده إلى عالمه {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:83].
الحكم والسلطة
تصطدم الرؤية السلفية بالواقع القائم
وفيما يتعلق بطبيعة الحكم والسلطة في رؤية السلفيين للإصلاح يقول سعيد عبد العظيم: "نحن أمة حكمت عبر عصورها بكتاب الله وسنة رسوله، فبأي شيء كان يحكم رسول الله والخلفاء الراشدون؟".. مستشهدا بحديث رسول الله صلى عليه وسلم "فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار". وأكد أن جهود الحركة السلفية في الإصلاح صاحبتها منذ نشاتها: "لقد كنا نقدم للدنيا مبادرة إصلاحية يوم تكلمنا في تفاصيل الأحكام، الصلاة والصيام، الزكاة والحج.. حتى إن تكلمنا بالسنن.. وفي فقه الحيض والنفاث، فلا سبيل أبدا لإهدار المعاني الشرعية، فلا بد من تعمير الدنيا بدين الله، وإقامة خلافة على منهاج النبوة.. فالخلافة موضوعة لإقامة الدين وسياسية الدنيا، فالحكم لله، والأحكام لا ترد لأكثرية ولا لأقلية {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ} [الأنعام:116].
وفي سياق عرضه لما يراه طرح مبادراتي من قبل السلفيين طوال الفترة الماضية يقول عبدالعظيم: "كنا نقدم مبادرة إصلاحية ونحن نرد على الشبهات ونفند الأباطيل والأضاليل، شبهات الديمقراطية.. رددنا الباطل الديمقراطي بالحق الإسلامي، وفندنا شبهات الربويين، ووقفنا ضد دعاة التحلل والفسق والفجور، والتبرج والخلاعة والاختلاط، كنا بذلك نقدم مبادرة إصلاحية لعلمنا أن الذنوب والمعاصي تهدر العباد والبلاد {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً} [الطلاق:8].
ومتحدثا عن أنشطة الحياة وموقعها من الإصلاح والتغيير يضيف عبد العظيم: "أوضحنا أن الزراعة والصناعة والهندسة والطب كلها من فروض الكفاية، ولابد من الأخذ بأسباب القوة، لا فصل أبدا بين الدنيا والآخرة.. والعلوم النافعة تؤخذ من كل من أفلح فيها، أما علوم الهداية فتؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله".
ضد الديمقراطية
وأشار سعيد عبد العظيم إلى أن الصوفية والشيعة لا تصلح كدعوات إصلاحية، فهذه الدعوات على حد قوله: "لا تصلح لدعوة إصلاحية كاملة..". وكذا وجه نقده للتيار العلماني والليبرالي، يقول: "العلمانيون والديمقراطيون والليبراليون يحتاجون لمن يصلحهم، ويصلح قلوبهم وأرواحهم ويهديهم صراطا مستقيما، ولمن يقودهم بكتاب الله وسنة رسوله، والمتأمل في كلماتهم يجد الخواء والفراغ، إنهم لا يجيدون المجملات ولا التفصيلات، ولا مبدأ عندهم ولا معرفة بسبل إصلاح النفس، فضلا عن أن يصلحون المجتمع، أو الدنيا بأسرها".ويسخر عبدالعظيم من بعض دعاة الإصلاح الذين "استنفدوا كل وسائل الإصلاح ولم يبق إلا النزول للشارع، والتظاهر"، ويتساءل :"ما هي الوسائل التي استنفدوها لإصلاح البلاد والعباد، الديمقراطية؟.. إنها عفن من شأنه أن يدمر البلاد والعباد، وماذا يفعلون لو نزلوا للشارع وتظاهروا على مثل هذا النحو، إنها خيبة وضيق أفق وغباء مستحكم..".
الدولة وتداول السلطة
وتطرق سعيد عبدالعظيم لقضية الدولة المدنية، قائلا: "يتكلمون بدولة مدنية، وبعضهم يجهر بأن فلانا كان لا يحب كل ما هو ديني، ويفتخرون بذلك، نعرات كفرية ضلالية". وينتقد تداول السلطة، قائلا: "ما معنى تداول السلطة؟ ماذا نصنع إن أتى على رأس السلطة حاكم كافر؟".ويرفض كذا صناديق الانتخابات خاصة إن كانت ستأتي بامرأة للسلطة، يقول: "ما قيمة صندوق شفاف أو غير شفاف إذا كان سيأتي أيضا بامرأة تحكم (وما فلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، أو يهودي أو بشيوعي أو كافر يحكم بغير شرع الله، لا قيمة لهذا الصندوق حتى إن كانت هذه هي إرادة الجماهير، فحكم الله لا بد أن يقدم.. إذ من البديهيات في من يتولى الحكم أن يكون مسلما، مجتهدا ويصلح أن يكون قاضيا.. لا اعتبار لصندوق شفاف أو غيره، إلا إذا كان سيقدم به الأصلح والأتقى وسط مسلمين".
التوريث قضية فارغة
يتوقع خبراء أن يتولى جمال مبارك السلطة خلال الانتخابات القادمة
وفي إطار حديثه يسخر صاحب المبادرة السلفية من الذين يعارضون توريث السلطة، يقول: "ترتفع عقيرتهم بـ(لا للتمديد ولا للتوريث)، إنها قضايا فارغة، لقد فرغوا الإسلام من محتواه، وللأسف تجارى مع ذلك (أصحاب الإسلام السياسي)، لقد نسوا إسلامهم، بل صاروا يستحيون من الكلام بكلمة الإسلام الواضحة، والواحد منهم إذا تخوف فإنه يتخوف على ضياع الديمقراطية، وإذا ما طالب بتحكيم قال حكموا الديمقراطية نسيانا لدين الله.. فليحكم ولو عبد حبشي وليحكم طيلة حياته، والمهم في المسألة أن نُحكم بكتاب الله، وبسنة رسوله".ويجمل صاحب المبادرة رؤيته في أنه "لا نصر ولا عزة ولا تمكين ولا خير وبركة إلا في العمل بشرع الله والرجوع لكتابه ولسنة رسوله، فإن رفضوا الرجوع، فإن الخلافة على منهاج النبوة ستأتي وطوفان التدين الذي تعيشونه شاهد، ولا يسعكم إلا أن تستبشروا".
وختم حديثه بأن "الإصلاح لا يتحقق بدون تذكر الموت كمسألة شرعية، فهذا قد يمنع الرشوة والزنا والسرقة والاغتصاب.. وهي حقيقة ينفر منها الإصلاحيون والديمقراطيون والليبراليون، فالإنسان إذا تذكر هذه الحقائق الإيمانية وتأملها لا يملك إلا أن يتوب ويحسن العمل سواء كان حاكما أو محكوما".
ثغرات التيار السلفي
وتعقيبا على ما طرحه الشيخ سعيد عبد العظيم في هذه المبادرة يقول جمال سلطان الكاتب والمفكر الإسلامي :المبادرة في حد ذاتها مكسب يدعونا إلى التفاؤل؛ لأنها ستسهم في سد ثغرات التيار السلفي، خاصة فيما يتعلق بالتعاطي وتكوين رأي في المسألة السياسية والوعي بالمشكلة السياسية، فالمشكلة السياسية لها وجهان، شرعي وعملي واقع، وكلاهما يكمل بعضه بعضا، والسلفيون يفتقدون البعد الواقعي في التعامل مع الحياة السياسية".وأهمية مثل هذه المبادرات برأيه أنها تصب في تطوير رؤية التيار السلفي من عدة نواحي، منها حضوره في الحياة الاجتماعية، بما يمثله من حفاظ على هوية المجتمع، فمن المفيد للتيارات الفكرية والسياسية في المجتمع أن تتواصل بعقل وقلب مفتوح، بعيدا عن محاولة تصيد الأخطاء أو التربص لأصحاب الفكر والتوجه السلفي.
ومختلفا مع رأي جمال سلطان يرى د.رفيق حبيب الباحث في شئون الإسلام السياسي أن الموقف السلفي يطرح رؤية نظرية للإصلاح دون أن يشتبك مع الواقع، فهناك فجوة بين ما ينادون به وبين المشكلات والقضايا الملحة في الواقع، وهو كذلك يحافظ على مساحة البعد عن السياسة، والحديث عن المبادرة لإصلاح المجتمع معناه أنني بصدد رؤية يدعو لها التيار، هذه الرؤية يمكن تطبيقها على المستوى الفردي لكن تطبيقها على المستوى المجتمعي مؤجل وبالتالي السياسي أيضا مؤجل، ووقوف التيار السلفي وثباته في هذه المساحة يعني تضاؤل قدرته على تطوير أفكاره؛ فيكتفي برفض الديمقراطية والانتخابات دون طرح آليات بديلة لاختيار الحاكم، ولذلك سيظل التيار السلفي في خانة طاعة ولي الأمر وتأييد النظام الحاكم.
أما إذا بدأ التيار السلفي في طرح رؤى ومبادرات يحاور من خلالها التيارات الأخرى في الساحة المصرية ويتعرض للإجابة على أسئلة أكثر فاعلية، فإن هذا سيؤدي إلى اقترابه من الأسئلة السياسية والاجتماعية، وهنا سيبدأ خطابه في التطوير والتغيير حتى يطرح الإجابات المناسبة على سؤال الديمقراطية وتداول السلطة وغيره من الأسئلة الشائكة كما يتحدث حبيب.
لكن دخول هذه المبادرات برأيه في مساحة الإصلاح السياسي سيؤدي إلى نتائج سلبية للتيار السلفي، فالنظام الحاكم وإذا كان يضغط على السلف ويمنعهم من تكوين تنظيمات وكيانات مؤسسية، فإنه يرحب بدعوتهم إلى طاعة ولي الأمر ورفض الخروج عليه، وتطوير الخطاب السلفي مرتبط بدخوله في قضايا الاجتماع والسياسة، ولكن في نفس الوقت إذا دخل فيها بقوة فسوف تتم ملاحقته من قبل النظام الحاكم.