سلام
اكيد راكم متشوقين كما انا لمسلسل ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمى
ورايحين تشوقو اكثر ك تقراو حياتها
و من باعد نبعثلكم لكتاب
[FONT="][/FONT]
اكيد راكم متشوقين كما انا لمسلسل ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمى
ورايحين تشوقو اكثر ك تقراو حياتها
و من باعد نبعثلكم لكتاب
[FONT="][/FONT]
[FONT="]أحلام مستغانمي[/FONT]
[FONT="]أحلام مستغانمي[/FONT] [FONT="]كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة[/FONT] [FONT="]وتاريخه النضاليّ[/FONT].
[FONT="]لن نذهب إلى القول بأنّها أخذت عنه محاور رواياتها اقتباسًا[/FONT].
[FONT="]ولكن ما من شك في أنّ مسيرة حياته التي تحكي تاريخ الجزائر وجدت صدى واسعًا عبر[/FONT] [FONT="]مؤلِّفاتها[/FONT].
[FONT="]كان والدها "محمد الشريف" من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ[/FONT] [FONT="]لأمثال[/FONT] Victor Hugo, Voltaire Jean Jaques, Rousseau,. [FONT="]يستشف ذلك كلّ من يجالسه لأوّل مرّة. كما كانت له القدرة على سرد الكثير[/FONT] [FONT="]من القصص عن مدينته الأصليّة مسقط رأسه "قسنطينة" مع إدماج عنصر الوطنيّة[/FONT] [FONT="]وتاريخ الجزائر في كلّ حوار يخوضه. وذلك بفصاحة فرنسيّة وخطابة نادرة[/FONT].
[FONT="]هذا[/FONT] [FONT="]الأبّ عرف السجون الفرنسيّة, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي1945 . وبعد أن[/FONT] [FONT="]أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلديّة, ومع ذلك فإنّه يعتبر[/FONT] [FONT="]محظوظاً إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك (45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك[/FONT] [FONT="]المظاهرات) وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسيّة, بسبب نشاطه السياسي[/FONT] [FONT="]بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة ما هو أكثر أهميّة[/FONT], [FONT="]ويحسب له المستعمر الفرنسي ألف حساب: حزب جبهة التحرير الوطني[/FONT] FLN.
[FONT="]وأمّا عن الجدّة فاطمة الزهراء, فقد كانت أكثر ما تخشاه, هو فقدان آخر[/FONT] [FONT="]أبنائها بعد أن ثكلت كل إخوته, أثناء مظاهرات 1945 في مدينة قالمة[/FONT].
[FONT="]هذه المأساة, لم تكن مصيراً لأسرة المستغانمي فقط[/FONT].
[FONT="]بل لكلّ الجزائر من خلال[/FONT] [FONT="]ملايين العائلات التي وجدت نفسها ممزّقة تحت وطأة الدمار الذي خلّفه الإستعمار[/FONT].
[FONT="]بعد أشهر قليلة, يتوّجه محمد الشريف مع أمّه وزوجته وأحزانه إلى تونس كما لو[/FONT] [FONT="]أنّ روحه سحبت منه[/FONT].
[FONT="]فقد ودّع مدينة قسنطينة أرض آبائه وأجداده[/FONT].
[FONT="]كانت[/FONT] [FONT="]تونس فيما مضى مقرًّا لبعض الرِفاق الأمير عبد القادر والمقراني بعد[/FONT] [FONT="]نفيهما. ويجد محمد الشريف نفسه محاطاً بجوٍّ ساخن لا يخلو من النضال[/FONT], [FONT="]والجهاد في حزبي[/FONT] MTLD [FONT="]و[/FONT] PPA [FONT="]بطريقة تختلف عن نضاله السابق ولكن لا تقلّ أهميّة عن الذين يخوضون المعارك[/FONT].
[FONT="]في هذه الظروف التي كانت تحمل مخاض الثورة, وإرهاصاتها الأولى تولد أحلام في[/FONT] [FONT="]تونس[/FONT].
[FONT="]ولكي تعيش أسرته, يضطر الوالد للعمل كمدرّس للّغة الفرنسيّة. لأنّه لا[/FONT] [FONT="]يملك تأهيلاً غير تلك اللّغة, لذلك, سوف يبذل الأب كلّ ما بوسعه بعد ذلك[/FONT], [FONT="]لتتعلَّم ابنته اللغة العربيّة التي مُنع هو من تعلمها. وبالإضافة إلى[/FONT] [FONT="]عمله, ناضل محمد الشريف في حزب الدستور التونسي (منزل تميم) محافظًا بذلك[/FONT] [FONT="]على نشاطه النضالي المغاربيّ ضد الإستعمار[/FONT].
[FONT="]وعندما اندلعت الثورة الجزائريّة في أوّل نوفمبر 1954 شارك أبناء إخوته[/FONT] [FONT="]عزّ الدين وبديعة اللذان كانا يقيمان تحت كنفه منذ قتل والدهما, شاركا في[/FONT] [FONT="]مظاهرات طلاّبيّة تضامنًا مع المجاهدين قبل أن يلتحقا فيما بعد سنة 1955[/FONT] [FONT="]بالأوراس الجزائريّة. وتصبح بديعة الحاصلة لتوّها على الباكالوريا, من[/FONT] [FONT="]أولى الفتيات الجزائريات اللاتي استبدلن بالجامعة الرشّاش, وانخرطن في[/FONT] [FONT="]الكفاح المسلَّح[/FONT].
[FONT="]ما زلت لحدّ الآن, صور بديعة تظهر في الأفلام الوثائقية عن الثورة الجزائرية[/FONT]. [FONT="]حيث تبدو بالزي العسكري رفقة المجاهدين[/FONT].
[FONT="]وما زالت بعض آثار تلك الأحداث في[/FONT] [FONT="]ذاكرة أحلام الطفوليّة[/FONT].
[FONT="]حيث كان منزل أبيها مركزاً يلتقي فيه المجاهدون الذين[/FONT] [FONT="]سيلتحقون بالجبال, أو العائدين للمعالجة في تونس من الإصابات[/FONT].
[FONT="]بعد الإستقلال, عاد جميع أفراد الأسرة إلى الوطن. واستقرّ الأب في العاصمة[/FONT] [FONT="]حيث كان يشغل منصب مستشار تقنيّ لدى رئاسة الجمهوريّة, ثم مديراً في وزارة[/FONT] [FONT="]الفلاحة, وأوّل مسؤول عن إدارة وتوزيع الأملاك الشاغرة, والمزارع والأراضي[/FONT] [FONT="]الفلاحيّة التي تركها المعمّرون الفرنسيون بعد مغادرتهم الجزائر. إضافة[/FONT] [FONT="]إلى نشاطه الدائم في اتحاد العمال الجزائريّين, الذي كان أحد ممثليه أثناء[/FONT] [FONT="]حرب التحرير[/FONT].
[FONT="]غير أن حماسه لبناء الجزائر المستقلّة لتوّها, جعله يتطوّع في كل مشروع[/FONT] [FONT="]يساعد في الإسراع في إعمارها. وهكذا إضافة إلى المهمّات التي كان يقوم بها[/FONT] [FONT="]داخليًّا لتفقّد أوضاع الفلاّحين, تطوَّع لإعداد برنامج إذاعي (باللّغة[/FONT] [FONT="]الفرنسيّة) لشرح خطة التسيير الذاتي الفلاحي. ثمّ ساهم في حملة محو[/FONT] [FONT="]الأميّة التي دعا إليها الرئيس أحمد بن بلّة بإشرافه على إعداد كتب لهذه[/FONT] [FONT="]الغاية[/FONT].
[FONT="]وهكذا نشأت ابنته الكبرى في محيط عائلي يلعب الأب فيه دورًا أساسيًّا[/FONT]. [FONT="]وكانت مقرّبة كثيرًا من أبيها وخالها عزّ الدين الضابط في جيش التحرير[/FONT] [FONT="]الذي كان كأخيها الأكبر. عبر هاتين الشخصيتين, عاشت كلّ المؤثّرات التي[/FONT] [FONT="]تطرأ على الساحة السياسيّة. و التي كشفت لها عن بعد أعمق, للجرح الجزائري[/FONT] ([FONT="]التصحيح الثوري للعقيد هواري بومدين, ومحاولة الانقلاب للعقيد الطاهر[/FONT] [FONT="]زبيري), عاشت الأزمة الجزائرية يومًّا بيوم من خلال مشاركة أبيها في حياته[/FONT] [FONT="]العمليّة, وحواراته الدائمة معها[/FONT].
[FONT="]لم تكن أحلام غريبة عن ماضي الجزائر, ولا عن الحاضر الذي يعيشه الوطن. مما[/FONT] [FONT="]جعل كلّ مؤلفاتها تحمل شيئًا عن والدها, وإن لم يأتِ ذكره صراحة. فقد ترك[/FONT] [FONT="]بصماته عليها إلى الأبد. بدءًا من اختياره العربيّة لغة لها. لتثأر له[/FONT] [FONT="]بها. فحال إستقلال الجزائر ستكون أحلام مع أوّل فوج للبنات يتابع تعليمه[/FONT] [FONT="]في مدرسة الثعالبيّة, أولى مدرسة معرّبة للبنات في العاصمة. وتنتقل منها[/FONT] [FONT="]إلى ثانوية عائشة أم المؤمنين. لتتخرّج سنة 1971 من كليّة الآداب في[/FONT] [FONT="]الجزائر ضمن أوّل دفعة معرّبة تتخرّج بعد الإستقلال من جامعات الجزائر[/FONT].
[FONT="]لكن قبل ذلك, سنة 1967, وإثر إنقلاب بومدين واعتقال الرئيس أحمد بن بلّة[/FONT]. [FONT="]يقع الأب مريضًا نتيجة للخلافات "القبليّة" والانقلابات السياسيّة التي[/FONT] [FONT="]أصبح فيها رفاق الأمس ألدّ الأعداء[/FONT].
[FONT="]هذه الأزمة النفسيّة, أو الانهيار العصبيّ الذي أصابه, جعله يفقد صوابه في[/FONT] [FONT="]بعض الأحيان. خاصة بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال, مما أدّى إلى الإقامة من[/FONT] [FONT="]حين لآخر في مصحّ عقليّ تابع للجيش الوطني الشعبيّ[/FONT].
[FONT="]كانت أحلام آنذاك في سن المراهقة, طالبة في ثانوية عائشة بالعاصمة. وبما[/FONT] [FONT="]أنّها كانت أكبر إخواتها الأربعة, كان عليها هي أن تزور والدها في[/FONT] [FONT="]المستشفى المذكور, والواقع في حيّ باب الواد, ثلاث مرّات على الأقلّ كلّ[/FONT] [FONT="]أسبوع. كان مرض أبيها مرض الجزائر. هكذا كانت تراه وتعيشه[/FONT].
[FONT="]قبل أن تبلغ أحلام الثامنة عشرة عاماً. وأثناء إعدادها لشهادة الباكلوريا[/FONT], [FONT="]كان عليها ان تعمل لتساهم في إعالة إخوتها وعائلة تركها الوالد دون مورد[/FONT]. [FONT="]ولذا خلال ثلاث سنوات كانت أحلام تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا في الإذاعة[/FONT] [FONT="]الجزائريّة يبثّ في ساعة متأخرّة من المساء تحت عنوان "همسات". وقد لاقت[/FONT] [FONT="]تلك "الوشوشات" الشعريّة نجاحًا كبيرًا تجاوز الحدود الجزائرية الى دول[/FONT] [FONT="]المغرب العربي. وساهمت في ميلاد إسم أحلام مستغانمي الشعريّ, الذي وجد له[/FONT] [FONT="]سندًا في صوتها الأذاعيّ المميّز وفي مقالات وقصائد كانت تنشرها أحلام في[/FONT] [FONT="]الصحافة الجزائرية. وديوان أوّل أصدرته سنة 1971 في الجزائر تحت عنوان[/FONT] "[FONT="]على مرفأ الأيام[/FONT]".
[FONT="]في هذا الوقت لم يكن أبوها حاضراً ليشهد ما حقّفته ابنته[/FONT].
[FONT="]بل كان يتواجد في[/FONT] [FONT="]المستشفى لفترات طويلة, بعد أن ساءت حالته[/FONT].
[FONT="]هذا الوضع سبّب لأحلام معاناة كبيرة[/FONT].
[FONT="]فقد كانت كلّ نجاحاتها من أجل إسعاده هو[/FONT], [FONT="]برغم علمها أنّه لن يتمكن يومًا من قراءتها لعدم إتقانه القراءة بالعربية[/FONT].
[FONT="]وكانت فاجعة الأب الثانية, عندما انفصلت عنه أحلام وذهبت لتقيم في باريس[/FONT] [FONT="]حيث تزوّجت من صحفي لبناني ممن يكنّون ودًّا كبيرًا للجزائريين. وابتعدت[/FONT] [FONT="]عن الحياة الثقافية لبضع سنوات كي تكرِّس حياتها لأسرتها. قبل أن تعود في[/FONT] [FONT="]بداية الثمانينات لتتعاطى مع الأدب العربيّ من جديد. أوّلاً بتحضير شهادة[/FONT] [FONT="]دكتوراه في جامعة السوربون. ثمّ مشاركتها في الكتابة في مجلّة "الحوار[/FONT]" [FONT="]التي كان يصدرها زوجها من باريس, ومجلة "التضامن" التي كانت تصدر من لندن[/FONT].
[FONT="]أثناء ذلك وجد الأب نفسه في مواجهة المرض والشيخوخة والوحدة. وراح يتواصل[/FONT] [FONT="]معها بالكتابة إليها في كلّ مناسبة وطنية عن ذاكرته النضاليّة وذلك الزمن[/FONT] [FONT="]الجميل الذي عاشه مع الرفاق في قسنطينة[/FONT].
[FONT="]ثمّ ذات يوم توّقفت تلك الرسائل الطويلة المكتوبة دائمًا بخط أنيق وتعابير[/FONT] [FONT="]منتقاة. كان ذلك الأب الذي لا يفوّت مناسبة, مشغولاً بانتقاء تاريخ موته[/FONT], [FONT="]كما لو كان يختار عنوانًا لقصائده[/FONT].
[FONT="]في ليلة أوّل نوفمبر 1992, التاريخ المصادف لاندلاع الثورة الجزائريّة[/FONT], [FONT="]كان محمد الشريف يوارى التراب في مقبرة العلياء, غير بعيد عن قبور رفاقه[/FONT]. [FONT="]كما لو كان يعود إلى الجزائر مع شهدائها. بتوقيت الرصاصة الأولى. فقد كان[/FONT] [FONT="]أحد ضحاياها وشهدائها الأحياء. وكان جثمانه يغادر مصادفة المستشفى العسكري[/FONT] [FONT="]على وقع النشيد الوطنيّ الذي كان يعزف لرفع العلم بمناسبة أوّل نوفمبر[/FONT].
[FONT="]ومصادفة أيضًا, كانت السيارات العسكريّة تنقل نحو المستشفى الجثث المشوّهة[/FONT] [FONT="]لعدّة جنود قد تمّ التنكيل بهم على يد من لم يكن بعد معترفًا بوجودهم[/FONT] [FONT="]كجبهة إسلاميّة مسلّحة[/FONT].
[FONT="]لقد أغمض عينيه قبل ذلك بقليل, متوجّسًا الفاجعة. ذلك الرجل الذي أدهش مرة[/FONT] [FONT="]إحدى الصحافيّات عندما سألته عن سيرته النضاليّة, فأجابها مستخفًّا بعمر[/FONT] [FONT="]قضاه بين المعتقلات والمصحّات والمنافي, قائلاً[/FONT]: "[FONT="]إن[/FONT] [FONT="]كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب أحلام. فهذا يكفيني فخرًا. إنّها أهمّ[/FONT] [FONT="]إنجازاتي. أريد أن يقال إنني "أبو أحلام" أن أنسب إليها.. كما تنسب هي لي[/FONT]".
[FONT="]كان يدري وهو الشاعر, أنّ الكلمة هي الأبقى. وهي الأرفع. ولذا حمَّل ابنته[/FONT] [FONT="]إرثًا نضاليًا لا نجاة منه. بحكم الظروف التاريخيّة لميلاد قلمها, الذي[/FONT] [FONT="]جاء منغمسًا في القضايا الوطنيّة والقوميّة التي نذرت لها أحلام أدبها[/FONT]. [FONT="]وفاءًا لقارىء لن يقرأها يومًا.. ولم تكتب أحلام سواه. عساها بأدبها تردّ[/FONT] [FONT="]عنه بعض ما ألحق الوطن من أذى بأحلامه[/FONT].
[FONT="]مراد مستغانمي شقيق الكاتبة[/FONT]
[FONT="]الجزائر حزيران 2001[/FONT]