الحديث في الدائرة الحمراء :فتنة مقتل سبدنا عثمان

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

osama305

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
31 أكتوبر 2008
المشاركات
3,690
نقاط التفاعل
782
النقاط
171
محل الإقامة
المسيلة
مرحبا بكم جميعا
اعرف انني اتكلم في دائرة حمراء فعلا
واعرف انني امام موضوع شائك
انوه في البداية انني اتناول فقط الشق السياسي من الموضوع
واترك الرؤية من الزوايا الاخرى للمرة القادمة
الكل يعرف ان سيدنا عثمان رضي الله عنه
تعرض اثناء خلافته لفتنة كبيرة كانت سببا في
استشهاده عليه رحمة الله
والكل يعرف ان سيدنا عثمان رضي الله عنه
رفض سفك الدماء حتى اخر لحظة من عمره
حفاظا على هذه الامة
ويعرف الكل ان تلك الفتنة لم تتوقف عند مقتل سيدنا عثمان
بل استمرت الى عهد سيدنا على رضي الله وعنه وما بعده
هذه الاحداث كلها وقعت
الذي اريد الحديث عنه ليس اعادة قراءة تلك الاحداث
وانما اطرح التالي :
هل استفاد المسلمون من تلك الفتنة ؟
هل اخذوا العبر من تلك الاحداث ؟
هل الف عالم مسلم كتاب او بحث عن اسباب تلك الفتنة ومن وقف ورائها ؟
هل امتدت ايادي الغدر في تلك الايام لتجهض على الامة ؟
ومن يقف وراء تلك الفتن ؟
هل هناك ايادي يهودية في القضية ؟
ام المنافقون فقط من ساعد على نشر الفتنة ؟
وهل المجتمع الاسلامي محمي من الفتن الدينية والطائفية
اترك النقاش للرواد المنتدى السياسي
شرط بقاء النقاش في الدائرة السياسية فقط
طيب الله اوقاتكم
 
آخر تعديل:
بارك الله فيك على الموضوع الرائع
 
السلاام عليك أخي أسامة ....

الملاحظ أخي أن كل الفتن كانت قبلتها البغداد ... وقودها العراقيين ...
والله أخي اتمنى أن أحد الباحثين يدرس تركيبة الشخصية العراقية .. يدرس هرموناتهم .. يدرس نسلهم كيف جآء وكيف تشكل حتى يعطي لنا هؤلاء القوم الذين لديهم تركيبة غير كل البشرية ...

..قال عمر رضي الله عنه وأرضاه :أعياني أهل الكوفة ..فإن إستعملت عليهم لينا إستضعفوه ..وإن إستعملت عليهم شديدا شكوه...
كل الخلفاء كانوا يعانون من أهل العراق ... وخاصة عثمان ..
 
أريد ان أسالك سؤال أخي .... هل أنت من مأيدي التيار الذي يقول أن كل مصيبة في هذه الدنيا لليهود يد فيها ؟
 
السلام عليكم :
1/ الدائرة الحمراء التي وضعها علماء سنة حيث أمروا بعدم البحث في الموضوع بحجة أن الله حفظنا من القتال لنحفظ نحن ألسنتنا ... كانت تيجته البحث عن الحقيقة في كتب الشيعة والنصارى وأصبحت لدينا أفكار متناقضة وكل يعتمد على مؤرخ معين وتداخلت الرويات والأكاذيب وضاع جزء كبير من الحقيقة


لا دخل لليهود والمنافقين بل المسلمون هم السبب ... وما حدث في الماضي يحدث اليوم يعني لم نتعظ...
حتى ولو كان اليهود والمنافقون فهل نحن أغبياء لهذه الدرجة


سبب الإختلاف في ذلك الزمان وهذا الزمان هو تقديس الأشخاص وتنزيههم وتحميلهم أكثر مما يستحقون
لو إعتبرنا أن الصحابة بشر يصيبون ويخطئون والعلماء بشر يصيبون ويخطئون لما بقينا ندور في نفس الدائرة منذ 14 قرنا

المجتمع الإسلامي أكثر المجتمعات تعرضا للفتن وهو أكثر المجتمعات إنقساما وتشرذما .... لأن كل واحد مفتي وعالم وكلامه من القرآن .... فكيف تجادله وتقنعه

أتمنى لو أنني أعرف حقيقة ماجرى بين المسلمين في ذلك الزمان حتى تنجلي كثيرا من الشكوك عندي
لأنه في الحقيقة لم أقتنع يوما أن صحابة الكرام حفظة القرآن ومنهم المبشرين بالجنة ولهم أفضال كثيرة يقتلون بعضهم بعضا بالآلاف لا لشيئ سوى لأمر دنيوي .... هي الخلافة والحكم وحب الدنيا سبب الفتن قديما وحديثا


.............



 
السلاام عليك أخي أسامة ....


الملاحظ أخي أن كل الفتن كانت قبلتها البغداد ... وقودها العراقيين ...
والله أخي اتمنى أن أحد الباحثين يدرس تركيبة الشخصية العراقية .. يدرس هرموناتهم .. يدرس نسلهم كيف جآء وكيف تشكل حتى يعطي لنا هؤلاء القوم الذين لديهم تركيبة غير كل البشرية ...

..قال عمر رضي الله عنه وأرضاه :أعياني أهل الكوفة ..فإن إستعملت عليهم لينا إستضعفوه ..وإن إستعملت عليهم شديدا شكوه...
كل الخلفاء كانوا يعانون من أهل العراق ... وخاصة عثمان ..

العراقيون مثل كل البشر .....لكن الفرق انهم يعارضون كثيرا ..
اغلب المعارضه كانت تأتي من العراق وخصوصا ايام الحكم الاموي
والمعارضه تختلف عن الفتنه ..
 
العراقيون مثل كل البشر .....لكن الفرق انهم يعارضون كثيرا ..
اغلب المعارضه كانت تأتي من العراق وخصوصا ايام الحكم الاموي
والمعارضه تختلف عن الفتنه ..

السلاام عليك أخي ...
هذه الفتنة كانت بدايتها العراق ... أليس العراقيين هم من ذهبوا للمدينة وحاصروا الخليفة عثمان ثم قتلوه ..ومن هنا بدات الفتنة بين المسلمين في قضية القصاص منهم أو تأجيل ذلك في عهد علي رضي الله عنه وارضاه ...
فالعراقيين ليسوا كسائر البشر فهم سلالة مميزة جدا ....
 
ابدا لم يستفد المسلمون قيد انملة من هذه الفتن
1-94.jpg

هذا المؤلف يروي القصة كلها
من يقف وراء تلك الفتن ؟
هل هناك ايادي يهودية في القضية ؟

[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]ان الغوغاء التي أجهزت على عثمان بن عفان وقتلته ثم منعت دفنه يوما كاملا وقام بعضها بالوطء على صدره حتى كسرت أضلاعه وهو ميت، ثم حمل آخرون قميصه وعليه دماؤه مطالبين بالثأر من قتلته ! وكذلك الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب وحاربوه ظلما وعدوانا ورفعوا المصاحف على رؤوس الرماح وبقي فكرهم المتطرف إلى يومنا هذا، ومنهم أولئك الذين ادعوا نصرة الحسين في الكوفة وزينوا له فكرة الخروج على معاوية ثم غدروا به ليموت شهيدا ثم يجعلوا يوم استشهاده ذكرى دموية سنوية[/FONT]
[FONT=&quot]هم الذين اذا أجتمعوا غلبوا ، واذا تفرقوا لم يعرفوا[/FONT]
االمنافقون واليهود

[FONT=&quot]منذ بزوغ شمس الرسالة المحمدية ، ومن أول يوم كتبت فيه صفحة التاريخ الجديد ، التاريخ الإسلامي المشرق ، احترق قلوب الكفار وأفئدة المشركين ، وبخاصة اليهود[/FONT]

[FONT=&quot]وأول من دس دسَّه هم أبناء اليهودية البغيضة ، ، دسوا في الشريعة الإسلامية باسم الإسلام ، حتى يسهل صرف أبناء المسلمين الجهلة عن عقائد الإسلام ، ومعتقداتهم الصحيحة ، الصافية ، وكان على رأس هؤلاء المكرة المنافقين ، المتظاهرين بالإسلام ، والمبطنين الكفر أشد الكفر، والنفاق ، [/FONT]

[FONT=&quot]، عبد الله بن سبأ اليهودي ، الخبيث[/FONT]
[FONT=&quot]عبدالله بن سبأ[/FONT]
[FONT=&quot]يهودي من يهود اليمن ، أظهر إسلامه وطاف بلاد المسلمين لييفرقهم[/FONT]

[FONT=&quot]عن طاعة الأئمة (عثمان وعلي رضي الله عنه) ويدخل بينهم الشر-دوره كان خطيرا جدا على المسلمين (وهو سبب في تأسيس التشيع والرفض) لعنه الله[/FONT]​
[FONT=&quot]المجتمع الاسلامي محمي من الجوع والعطش
[/FONT]
[FONT=&quot]لكن الفتن والدسائس تتكرر في كل الحقب عبر الاجيال
[/FONT]
[FONT=&quot]وبنفس الصورة لكن لا احد يتفطن او يعتبر
[/FONT]
[FONT=&quot]الفتنة =يهودي +مسلم منافق +كافر حاقد[/FONT]
[FONT=&quot]معادلة اذا وفقت اذا كان س معلوم
[/FONT]​

[FONT=&quot][/FONT]​
 
ابدا لم يستفد المسلمون قيد انملة من هذه الفتن
1-94.jpg

هذا المؤلف يروي القصة كلها
من يقف وراء تلك الفتن ؟
هل هناك ايادي يهودية في القضية ؟

[font=&quot]ان الغوغاء التي أجهزت على عثمان بن عفان وقتلته ثم منعت دفنه يوما كاملا وقام بعضها بالوطء على صدره حتى كسرت أضلاعه وهو ميت، ثم حمل آخرون قميصه وعليه دماؤه مطالبين بالثأر من قتلته ! وكذلك الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب وحاربوه ظلما وعدوانا ورفعوا المصاحف على رؤوس الرماح وبقي فكرهم المتطرف إلى يومنا هذا، ومنهم أولئك الذين ادعوا نصرة الحسين في الكوفة وزينوا له فكرة الخروج على معاوية ثم غدروا به ليموت شهيدا ثم يجعلوا يوم استشهاده ذكرى دموية سنوية[/font]
[font=&quot]هم الذين اذا أجتمعوا غلبوا ، واذا تفرقوا لم يعرفوا[/font]
االمنافقون واليهود

[font=&quot]منذ بزوغ شمس الرسالة المحمدية ، ومن أول يوم كتبت فيه صفحة التاريخ الجديد ، التاريخ الإسلامي المشرق ، احترق قلوب الكفار وأفئدة المشركين ، وبخاصة اليهود[/font]

[font=&quot]وأول من دس دسَّه هم أبناء اليهودية البغيضة ، ، دسوا في الشريعة الإسلامية باسم الإسلام ، حتى يسهل صرف أبناء المسلمين الجهلة عن عقائد الإسلام ، ومعتقداتهم الصحيحة ، الصافية ، وكان على رأس هؤلاء المكرة المنافقين ، المتظاهرين بالإسلام ، والمبطنين الكفر أشد الكفر، والنفاق ، [/font]

[font=&quot]، عبد الله بن سبأ اليهودي ، الخبيث[/font]
[font=&quot]عبدالله بن سبأ[/font]
[font=&quot]يهودي من يهود اليمن ، أظهر إسلامه وطاف بلاد المسلمين لييفرقهم[/font]

[font=&quot]عن طاعة الأئمة (عثمان وعلي رضي الله عنه) ويدخل بينهم الشر-دوره كان خطيرا جدا على المسلمين (وهو سبب في تأسيس التشيع والرفض) لعنه الله[/font]
[font=&quot]المجتمع الاسلامي محمي من الجوع والعطش
[/font]

[font=&quot]لكن الفتن والدسائس تتكرر في كل الحقب عبر الاجيال
[/font]

[font=&quot]وبنفس الصورة لكن لا احد يتفطن او يعتبر
[/font]

[font=&quot]الفتنة =يهودي +مسلم منافق +كافر حاقد[/font]
[font=&quot]معادلة اذا وفقت اذا كان س معلوم
[/font]

الف شكر الاخت الفاضلة : فاطمة الزهراء
السؤال
لماذا لم يهتم المسلمون بعد تلك الفتنة
بدراستها جيدا
ومعرفة كل الاسباب التي يمكن ان تعصف يوما بالمجتمع الاسلامي كما فعلت رياح الفتنة
ايام حكم سيدنا عثمان رضي الله عته
ثم لماذ كل هذا الخوف من الحديث عن تلك الحقبة
ثم من يملك العصمة ؟
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقط
ام المبشرون بالجنة
ام صحابة رسول الله
ثم هل الذي حدث كله خير
ام انه غير ذلك ؟
طيب الله اوقاتكم
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سبحان الله منذ ايام و أنا و ابي نتحدث عن هذا الشيء لننا نتابع مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي و الذي صار يتناول حاليا هاته المعضلة
يبدو أن المسلمين لم يستوعبوا الدرس و لن يستوعبوه فمنذ عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه و نحن في الفتن و كان وقعها اشد بعد مقتله إذ كان الطلب بثأره القطرة التي افاضت الكأس
و هم لم يستفيدوا شيئا من ذلكـ لانهم إلى الآن لم يتبين لهم موقف واحد كي يجتمعوا عليه
للاسف هذا هو حال المسلمين و سيبق طالما بقيت نظرتهم الحالية و عصبيتهم الجاهلية
 
لماذا لم يهتم المسلمون بعد تلك الفتنة
بدراستها جيدا
اهتموا ودرسوا واسالوا الحبر والدم ولم يستفيدو شيء من الاخطاء
ومعرفة كل الاسباب التي يمكن ان تعصف يوما بالمجتمع الاسلامي كما فعلت رياح الفتنة
ايام حكم سيدنا عثمان رضي الله عته
عرفو الاسباب واحاطو بها من كل الجوانب لكن الخنوع والخوف وحب الدنيا وكراهية كل ما قد يكدر صفوها يلازمهم
ثم لماذ كل هذا الخوف من الحديث عن تلك الحقبة
ثم من يملك العصمة ؟
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقط
ام المبشرون بالجنة
ام صحابة رسول الله
[font=&quot]العصمة حفظ الله لأنبيائه ورسله عن الوقوع في الذنوب والمعاصي وارتكاب المنكرات والمحرمات. [/font]
ولا تكون الا للانبياء
اما ما يرمي اليه الشيعة والفرق الضالة فلا اومن به

ثم هل الذي حدث كله خير
ام انه غير ذلك ؟
لازلنا نتخبط في شر ما حدث الى يومنا
وليس للخير فيما حدث موطن

اليهود والفرق الضالة هم سبب المصائب في كل
الفجاج

 
السلاام عليك أخي أسامة ....

الملاحظ أخي أن كل الفتن كانت قبلتها البغداد ... وقودها العراقيين ...
والله أخي اتمنى أن أحد الباحثين يدرس تركيبة الشخصية العراقية .. يدرس هرموناتهم .. يدرس نسلهم كيف جآء وكيف تشكل حتى يعطي لنا هؤلاء القوم الذين لديهم تركيبة غير كل البشرية ...

..قال عمر رضي الله عنه وأرضاه :أعياني أهل الكوفة ..فإن إستعملت عليهم لينا إستضعفوه ..وإن إستعملت عليهم شديدا شكوه...
كل الخلفاء كانوا يعانون من أهل العراق ... وخاصة عثمان ..

الف شكر الاخت الفاضلة : تالة
على المرور
وعلى الرد
نحن في حاجة لاهل الاختصاص
من اجل دراسة كل تلك الاسباب
حتى نحفظ مستقبل الامة
وحتى لا تتكرر كل تلك الاخطاء
طيب الله اوقاتكم
 
البداية من هنا

لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام، كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد علىٰ أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله !!، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانىٰ الإسلام منها كثيرًا. !!
منح عثمانُ من بيت المال زوجَ ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم، فلمّا أصبح الصّباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن وترقرقت في عينه الدّموع، فسأله أن يعفيه من عمله؛ ولما علم منه السّببَ وعرف أنّه عطيّته لصهره من مال المسلمين، قال مستغربًا:" أتبكي يابن أرقم أن وصلت رحمي؟" فردّ الرجل الّذي يستشعر روح الإسلام المرهف:"لا يا أمير المؤمنين. ولكن أبكي لأنّي أظنّك أخذت هذا المال عوضًا عمّا كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله، والله لو أعطيته مئة درهم لكان كثيرًا!" فغضب عثمان علىٰ الرّجل الّذي لا يطيق ضميره هذه التّوسعة من مال المسلمين علىٰ أقارب خليفة المسلمين، وقال له:"ألقِ المفاتيح يابن أرقم فإنّا سنجد غيرك"
! .
والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان علىٰ هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحة مائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية، ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة علىٰ رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا"، فأنكروا عليه وسألوه:"فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال:"إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي"، فقاموا عنه غاضبين يقولون:"فهديهما والله أحبُّ إلينا من هديك".
وغير المال، كانت الولايات تغدق علىٰ الولاة من قرابة عثمان، وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك، فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…إلخ"

- "وأخيرًا ثارت الثّائرة علىٰ عثمان، واختلط فيها الحق والباطل، والخير والشّر، ولكن لابد لمن ينظر إلىٰ الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح الإسلام، أن يقرر أنّ تلك الثّورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام؛ وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبإ عليه لعنة الله! .


- "مضىٰ عثمان إلىٰ رحمة ربه، وقد خلف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكن لها في الأرض، وبخاصة في الشام، وبفضل ما مكن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام، من إقامة الملك الوراثي، والاستئثار بالمغانم والأموال والمنافع، مما أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام، وليس بالقليل ما يشيع في نفس الرعية - إن حقًّا وإن باطلًا - أن الخليفة يؤثر أهله، ويمنحهم مئات الألوف؛ ويعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله؛ ويبعد مثل أبي ذر لأنه أنكر كنـز الأموال، وأنكر الترف الذي يخب فيه الأثرياء، ودعا إلىٰ مثل ما كان يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الإنفاق والبر والتعفف، فإن النتيجة الطبيعية لشيوع مثل هذه الأفكار - إن حقًّا وإن باطلًا - أن تثور نفوس، وأن تنحل نفوس.


-"جاء علي - كرّم الله وجهه - لم يكن من اليسر أن يرد الأمر إلىٰ نصابه في هوادة، وقد علم المستنفعون علىٰ عهد عثمان وبخاصة من أمية أن عليًّا لن يسكت عليهم، فانحازوا بطبيعتهم إلىٰ معاوية، وبمصالحهم إلىٰ معاوية، جاء علي ليرد التصور الإسلامي للحكم إلىٰ نفوس الحكام ونفوس الناس.
جاء ليأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها، ويختم هو علىٰ جراب الشعير ويقول
:
"لا أحب أن يدخل بطني إلا ما أعلم".
... وما يصنع عليٌّ هذا بنفسه وأهله، وهو يجهل أن الدين يبيح لـه فوق ما يصنع، وأنه لا يحتم التزهد والحرمان والشظف، وأن حظه من بيت المال في ذلك الحين كفرد من المسلمين يبلغ أضعاف ما يأخذ، وأن راتبه كأمير المؤمنين يؤدي خدمة عامة، أكبر من هذا لو شاء أن يأخذ مثلما خصصه عمر لبعض ولاته علىٰ الأقاليم، إذ قدر لعمار بن ياسر حين ولاه الكوفة ستمائة درهم في الشهر له ولمساعديه، يزاد عليها عطاؤه الذي يوزع عليه كما توزع الأعطية علىٰ نظرائه، ونصف شاة ونصف جريب من الدقيق ؛ كما قدر لعبد الله بن مسعود مئة درهم وربع شاة لتعليمه الناس بالكوفة وقيامه علىٰ بيت المال فيها، ولعثمان بن حنيف مائة وخمسين درهمًا وربع شاة في اليوم مع عطائه السنوي وهو خمسة آلاف درهم
.
وسـار علـيّ - كرم الله وجهه - في طريقه يرد للحكم صورته كما صاغها النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعده."

- "و لقد كان من الطبيعي ألا يرضى المستنقعون عن علي،و ألا يقنعَ بشرعة المساواة من اعتادوا التفضيل، و من مردوا على الاستئثار . فانحاز هؤلاء في النهاية إلى المعسكر الآخر: معسكر أمية، حيث يجدون فيه تحقيقاً لأطماعهم، على حساب العدل و الحق اللذين يُصرّ عليهما علي-رضي الله عنه- هذا الإصرار !

و الذين يرون في معاوية دهاءً و براعةً لا يرونهما في علي، و يعزون إليهما غلبة معاوية في النهاية،إنما يخطئون تقديرَ الظروف، كما يُخطئون فهمَ عليّ و واجبه. لقد كان واجب عليّ الأول و الأخير، أن يردَّ للتقاليد الاسلامية قوتَها، و أن يردّ إلى الدين روحَه، و أن يجلو الغاشيةَ التي غشت هذا الروح على أيدي بني أمية في كبرة عثمان.
- "ومضىٰ علي إلىٰ رحمة ربه، وجاء بنو أمية، فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته، كانت تقف حاجزًا أمام بني أمية، لقد انهار هذا الحاجز، وانفتح الطريق للانحراف.
لقد اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد، ولكن روحه انحسرت بلا جدال، ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في طاقته الروحية؛ لكانت أيام أمية كفيلة بتغيير مجراه الأصيل، ولكن روحه ظلت تقاوم وتغالب، وما تزال فيها الطاقة الكامنة للغلب والانتصار
.
غير أنه منذ تولي بني أمية انساحت حدود بيت مال المسلمين، فصار نهبًا مباحًا للملوك والحاشية والمتملقين، وتخلخلت قواعد العدل الإسلامي الصارم، فأصبح للطبقة الحاكمة امتيازات، ولأذيالها منافع، ولحاشيتها رسوم، وانقلبت الخلافة ملكًا، وملكًا عضوضًا

وعدنا نسمع عن الهبات للمتملقين والملهين والمطربين، فيهب أحد ملوك أمية اثني عشر ألف دينار لمعبد، ويهب هارون الرشيد - من ملوك العباسيين - إسماعيل بن جامع المغني في صوت واحد أربعة آلاف دينار، ومنزلًا نفيس الأثاث والرياش، وتنطلق الموجة في طريقها لا تقف إلا فترة بين الحين والحين"

-خطب معاوية في أهل الكوفة بعد الصلح، فقال: يا أهل الكوفة، أتراني قاتلتكم علىٰ الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ولكني قاتلتكم؛ لأتأمر عليكم وعلىٰ رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون....


وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائيًّا من دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام.


كتبه مؤلف مسلم سني
 
البداية من هنا

لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام، كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد علىٰ أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله !!، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانىٰ الإسلام منها كثيرًا. !!
منح عثمانُ من بيت المال زوجَ ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم، فلمّا أصبح الصّباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن وترقرقت في عينه الدّموع، فسأله أن يعفيه من عمله؛ ولما علم منه السّببَ وعرف أنّه عطيّته لصهره من مال المسلمين، قال مستغربًا:" أتبكي يابن أرقم أن وصلت رحمي؟" فردّ الرجل الّذي يستشعر روح الإسلام المرهف:"لا يا أمير المؤمنين. ولكن أبكي لأنّي أظنّك أخذت هذا المال عوضًا عمّا كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله، والله لو أعطيته مئة درهم لكان كثيرًا!" فغضب عثمان علىٰ الرّجل الّذي لا يطيق ضميره هذه التّوسعة من مال المسلمين علىٰ أقارب خليفة المسلمين، وقال له:"ألقِ المفاتيح يابن أرقم فإنّا سنجد غيرك"
! .
والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان علىٰ هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحة مائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية، ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة علىٰ رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا"، فأنكروا عليه وسألوه:"فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال:"إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي"، فقاموا عنه غاضبين يقولون:"فهديهما والله أحبُّ إلينا من هديك".
وغير المال، كانت الولايات تغدق علىٰ الولاة من قرابة عثمان، وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك، فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…إلخ"

- "وأخيرًا ثارت الثّائرة علىٰ عثمان، واختلط فيها الحق والباطل، والخير والشّر، ولكن لابد لمن ينظر إلىٰ الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح الإسلام، أن يقرر أنّ تلك الثّورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام؛ وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبإ عليه لعنة الله! .


- "مضىٰ عثمان إلىٰ رحمة ربه، وقد خلف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكن لها في الأرض، وبخاصة في الشام، وبفضل ما مكن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام، من إقامة الملك الوراثي، والاستئثار بالمغانم والأموال والمنافع، مما أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام، وليس بالقليل ما يشيع في نفس الرعية - إن حقًّا وإن باطلًا - أن الخليفة يؤثر أهله، ويمنحهم مئات الألوف؛ ويعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله؛ ويبعد مثل أبي ذر لأنه أنكر كنـز الأموال، وأنكر الترف الذي يخب فيه الأثرياء، ودعا إلىٰ مثل ما كان يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الإنفاق والبر والتعفف، فإن النتيجة الطبيعية لشيوع مثل هذه الأفكار - إن حقًّا وإن باطلًا - أن تثور نفوس، وأن تنحل نفوس.


-"جاء علي - كرّم الله وجهه - لم يكن من اليسر أن يرد الأمر إلىٰ نصابه في هوادة، وقد علم المستنفعون علىٰ عهد عثمان وبخاصة من أمية أن عليًّا لن يسكت عليهم، فانحازوا بطبيعتهم إلىٰ معاوية، وبمصالحهم إلىٰ معاوية، جاء علي ليرد التصور الإسلامي للحكم إلىٰ نفوس الحكام ونفوس الناس.
جاء ليأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها، ويختم هو علىٰ جراب الشعير ويقول
:
"لا أحب أن يدخل بطني إلا ما أعلم".
... وما يصنع عليٌّ هذا بنفسه وأهله، وهو يجهل أن الدين يبيح لـه فوق ما يصنع، وأنه لا يحتم التزهد والحرمان والشظف، وأن حظه من بيت المال في ذلك الحين كفرد من المسلمين يبلغ أضعاف ما يأخذ، وأن راتبه كأمير المؤمنين يؤدي خدمة عامة، أكبر من هذا لو شاء أن يأخذ مثلما خصصه عمر لبعض ولاته علىٰ الأقاليم، إذ قدر لعمار بن ياسر حين ولاه الكوفة ستمائة درهم في الشهر له ولمساعديه، يزاد عليها عطاؤه الذي يوزع عليه كما توزع الأعطية علىٰ نظرائه، ونصف شاة ونصف جريب من الدقيق ؛ كما قدر لعبد الله بن مسعود مئة درهم وربع شاة لتعليمه الناس بالكوفة وقيامه علىٰ بيت المال فيها، ولعثمان بن حنيف مائة وخمسين درهمًا وربع شاة في اليوم مع عطائه السنوي وهو خمسة آلاف درهم
.
وسـار علـيّ - كرم الله وجهه - في طريقه يرد للحكم صورته كما صاغها النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعده."

- "و لقد كان من الطبيعي ألا يرضى المستنقعون عن علي،و ألا يقنعَ بشرعة المساواة من اعتادوا التفضيل، و من مردوا على الاستئثار . فانحاز هؤلاء في النهاية إلى المعسكر الآخر: معسكر أمية، حيث يجدون فيه تحقيقاً لأطماعهم، على حساب العدل و الحق اللذين يُصرّ عليهما علي-رضي الله عنه- هذا الإصرار !

و الذين يرون في معاوية دهاءً و براعةً لا يرونهما في علي، و يعزون إليهما غلبة معاوية في النهاية،إنما يخطئون تقديرَ الظروف، كما يُخطئون فهمَ عليّ و واجبه. لقد كان واجب عليّ الأول و الأخير، أن يردَّ للتقاليد الاسلامية قوتَها، و أن يردّ إلى الدين روحَه، و أن يجلو الغاشيةَ التي غشت هذا الروح على أيدي بني أمية في كبرة عثمان.
- "ومضىٰ علي إلىٰ رحمة ربه، وجاء بنو أمية، فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته، كانت تقف حاجزًا أمام بني أمية، لقد انهار هذا الحاجز، وانفتح الطريق للانحراف.
لقد اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد، ولكن روحه انحسرت بلا جدال، ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في طاقته الروحية؛ لكانت أيام أمية كفيلة بتغيير مجراه الأصيل، ولكن روحه ظلت تقاوم وتغالب، وما تزال فيها الطاقة الكامنة للغلب والانتصار
.
غير أنه منذ تولي بني أمية انساحت حدود بيت مال المسلمين، فصار نهبًا مباحًا للملوك والحاشية والمتملقين، وتخلخلت قواعد العدل الإسلامي الصارم، فأصبح للطبقة الحاكمة امتيازات، ولأذيالها منافع، ولحاشيتها رسوم، وانقلبت الخلافة ملكًا، وملكًا عضوضًا

وعدنا نسمع عن الهبات للمتملقين والملهين والمطربين، فيهب أحد ملوك أمية اثني عشر ألف دينار لمعبد، ويهب هارون الرشيد - من ملوك العباسيين - إسماعيل بن جامع المغني في صوت واحد أربعة آلاف دينار، ومنزلًا نفيس الأثاث والرياش، وتنطلق الموجة في طريقها لا تقف إلا فترة بين الحين والحين"

-خطب معاوية في أهل الكوفة بعد الصلح، فقال: يا أهل الكوفة، أتراني قاتلتكم علىٰ الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ولكني قاتلتكم؛ لأتأمر عليكم وعلىٰ رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون....


وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائيًّا من دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام.


كتبه مؤلف مسلم سني

الف شكر الاخ الفاضل : يوسف
على المرور
وعلى الرد
نتمنى ان يستفيد المسلمون من تلك الاحداث
ويبنون حاجزا سميكا امام كل الفتن
طيب الله اوقاتكم
 
تلك الفتنة هي ليس من الصحابة الذين جاهدو في الله و رضي الله عنهم و لم يرث شئ و لم يورث ملك لاحد و قصور و دخل الاسلام اغنياء ماديةا و خرج فقراء و لكن اغناهم الله بالايمان و الفردوس
لكن الفتنة كانت من المنافقين و الخوارج



فتنة مقتل سيدناعثمان رضي الله عنه

لم يكن لقتلة عثمان t أية عصبية تجمعهم. بل لم يجمعهم إلا طمع بالدنيا أو كره للحق، و لو أن بعضهم كان ينقم على فضل قريش والأنصار، و يتطلع لنيل شيء من تلك السابقة. فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير t، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة[1]. و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد[2]. و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية[3].
و كان عددهم ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من أهل البصرة و الكوفة و مصر. و لم يجمعهم شيء إلا طاعة عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف بإبن السوداء لعنه الله. و هو الذي أراد أن يخرب الإسلام كما فعل بولص اليهودي بالنصرانية. فحرض الناس على عثمان t إما بإثارة الشبهات حوله، أو بشهودٍ زور على وِلاته، أو بكتبٍ مزورة و شهاداتٍ زائفة. فتجمّع معه هؤلاء الفُجّار، فذهبو إلى المدينة غِيلةً و هم يزعمون أنهم يريدون الحج، فلمّا وصلو داهمو المدينة و حاصرو عثمان و طلبو منه أن يعزل نفسه أو يقتلوه. و اغتنمو غيبة كثيرٍ من أهل المدينة في موسم الحج، و غيبتهم في الثغور و الأمصار، و لم يكن في المتبقين من أهل الدينة ما يقابل عدد الخوارج، فخشي عثمان إن قاتلهم أن تكون مجزرةٌ للصحابة بسببه.
فأشار المغيرة بن الأخنس على عثمان بخلع نفسه. فردَّ ابن عمر عليه، و نصح عثمان بأن لا يخلع نفسه، و قال له: «فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمّصكه الله، فتكون سُنة: كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه»[4]. و بعد أن قطع عليه الفجرة الماء، دخل عليه عبد الله بن سبأ و ضربه فتشجّع القتلة[5]. فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان t فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله. فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: ]فـَسَــيَكفيكـَهُمُ الله[[6]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان، فوضعت يدها لتحميه فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة، فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه. ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: «ثلاثٌ لله، و سِتٌ لما في الصدور». ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف، ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره. ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه. هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه، و استطاعو أن يقتلو كلاً من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلو الغلمان جميعاً، و تركو جثثهم داخل الدار[7].
وهناك رواية أصح أخرجها الطبري في تاريخه[8] وابن سعد في طبقاته[9] قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم (بن علية، ثقة ثبت) عن إبن عون (ثقة ثبت) عن الحسن (البصري، ثقة ثبت) قال: أنبأني وثّاب –وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر، وكان بين يدي عثمان، ورأيت بحلقه أثر طعنتين كأنهما كبتان طعنهما يومئذ يوم الدار، دار عثمان– قال: بعثني عثمان، فدعوت له الأشتر[10]، فجاء. –قال إبن عون أظنه قال: "فطرحت لأمير المؤمنين وسادة وله وسادة"–. فقال: «يا أشتر، ما يريد الناس مني؟». قال: «ثلاث ليس لك من إحداهن بد». قال: «ما هن؟». قال: «يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول هذا أمركم فاختارو له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك. فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك». قال: «أما من إحداهن بد؟». قال: «لا، ما من إحداهن بد». قال: «أما أن أخلع لهم أمرهم، فما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله. والله لأن أقدم فتضرب عنقي، أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض. وأما أن أقص من نفسي، فو الله لقد علمت أن صاحِبيّ بين يديّ[11] قد كانا يُعاقبان. وما يقوم بُدٌّ في القصاص. وأما أن تقتلوني: فو الله لئن قتلتموني لا تتحابون بعدي أبداً، ولا تصلون بعدي جميعاً أبداً، ولا تقاتلون بعدي عدوّاً جميعاً أبداً». ثم قام فانطلق فمكثا. فقلنا لعل الناس. فجاء رويجل كأنه ذئب، فاطلع من باب ثم رجع. فجاء محمد بن أبي بكر[12] في ثلاثة عشر رجلاً حتى انتهى إلى عثمان، فأخذ بلحيته. فقال بها حتى سمع وقع أضراسه. فقال: «ما أغنى معاوية. ما أغنى عنك ابن عامر. ما أغنت كتبك». فقال: «أرسل لي لحيتي يا ابن أخي. أرسل لي لحيتي يا ابن أخي». قال (وثاب): فأنا رأيت استعداء رجل من القوم يعينه[13]، فقام إليه[14] بمشقص حتى وجأ به في رأسه. ثم تغاوو والله عليه حتى قتلوه رحمه الله.
هذه هي الرواية المشهورة، وهناك روايات أخرى تثبت أن عبد الله بن سبأ قد خنق عثمان t وظن أنه قد قتله، قبل أن يطعنه باقي القتلة. إذ أن المنافقين كانو مترددين في قتله مهابة منهم له رضوان الله عليه. لكن الشخص الذي زور خطابًا على لسان عثمان t إلى عامله على مصر بقتل و صلب وفد مصر، و زوّر خطاباً على لسان علي t إلى وفد مصر يأمرهم بالعودة إلى المدينة. إن هذا الشخص الذي مزق الحقد أحشاءه، ما كان ليرضى بضياع ثمرة جهوده –وهي قتل عثمان– بعد أن أصبح بينه و بين هدفه مسافة قريبة. لذا فإن هذا التردد الذي أصاب المنافقين حين دخلو على عثمان t، ما كان ليرضي اليهودي ابن السوداء (عبد اللّه بن سبأ المسمي نفسه جبلة) الذي كان من ضمن الجيش القادم من مصر. فتقدم بنفسه لقتل عثمان رضوان الله عليه.
أورد ابن حجر من طريق كنانة مولى صفية بنت حيي قال: «قد خرج من الدار أربعة نفر من قريش مضروبين محمولين، كانو يدرؤون عن عثمان». فذكر الحسن بن علي و عبد الله بن الزبير و ابن حاطب و مروان بن الحكم. قلت: «فهل تدمّى (أي تلطخ و تلوث) محمد بن أبي بكر من دمه بشيء؟». قال: «معاذ الله! دخل عليه فقال له عثمان: لست بصاحبي. و كلمه بكلام فخرج و لم يرز (أي لم يُصِب) من دمه بشيء». قلت: «فمن قتله؟». قال: «رجل من أهل مصر يقال له جبلة[15]، فجعل يقول: «أنا قاتل نعثل[16]» (يقصد عثمان). قلت: «فأين عثمان يومئذ؟». قال: «في الدار»[17]. و قال كنانة كذلك: «رأيت قاتل عثمان في الدار رجلاً أسود من أهل مصر يقال له جبلة، باسط يديه، يقول: أنا قاتل نعثل»[18]. و عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: «دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له الموت الأسود، فخنقه. و خنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: و الله ما رأيت شيئاً ألين من خناقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان[19] تردد في جسده»[20].
و اعلم –رعاك الله– أن كلّ من اشترك في حصار عثمان أو حرّض القتلة عليه بغرض قتله أو ظاهرهم و كثّر جمعهم، فإنه مجرم قاتِل، و حكمه أن يـُقتل قصَاصَاً، و رسول الله r يقول «من شَرَكَ في دمٍ حرامٍ بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله»[21]. فهذا من شارك بنصف كلمة، فما بالك بمن ساهم بالقتل؟
و كذلك قوله r عن طريق معاوية: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا»[22]، وجاء من طريق أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قوله r: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَ أَهْلَ الأَرْضِ اشْتَرَكُو فِي دَمِ مُؤْمِنٍ، لأَكَبَّهُمُ اللهُ فِي النَّارِ». لذا فقد كان ابن عباس يرى أنه ليس لقاتل النفس المؤمنة من توبة، كما رواه مسلم «عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ ]وَ الذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ[ إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ ]وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيها وَ غَضِبَ اللهُ عَليهِ وَ لَعَنهُ و أعدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً[»[23].
و سئل ابن عباس t عمن قتل مؤمناً متعمداً، ثم تاب و آمن و عمل صالحاً ثم اهتدى. فقال ابن عباس: «وَ أَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟! سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ r يَقُولُ: "يَجِيءُ مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، يَقُولُ: أيْ ربِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي". وَ اللهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا الله ثم مَا نَسَخَهَا»[24]. وفي الحديث الصحيح: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا، أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»[25].
و كان مقتل عثمان t في سنة 35 بعد الهجرة، ثم تلتها فتنٌ عظيمة، كما تنبئ بذلك رسول الله r بقوله: «تَدُورُ رَحَى الإِسْلامِ لِخَمْسٍ وَ ثَلاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَ ثَلاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَ ثَلاثِينَ»[26]. و قد ثبت يقيناً أن أحداً من الصحابة لم يرض بما حلّ لعثمان t، فضلاً أن يكون قد أعان على قتله. فقد ثبت عن الحسن البصري رحمه الله –و هو شاهد عيان كان عمره وقتها أربع عشرة سنة– عندما سُئِل «أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين و الأنصار؟». فقال: «لا! كانو أعلاجاً من أهل مصر»[27]. و كذلك الثابت الصحيح عن قيس بن أبي حازم أن الذين قتلو عثمان ليس فيهم من الصحابة أحد[28]. و لكن عثمان أمرهم بعدم القتال و شدّد عليهم في ذلك.
و سبب منع عثمان t الصحابة من قتال أتباع إبن سبأ، فلعمه بأنه مقتول مظلوم، لا شك فيه. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه: «إنك تقتل مظلوماً فاصبر»، فقال: «أصبر». فلما أحاطو به علم أنه مقتول، و أن الذي قاله النبي r له حق كما قال، لا بد من أن يكون. ثم عَلِم أنه قد وعده من نفسه الصبر، فصبر كما وعد. و كان عنده: أن من طلب الانتصار لنفسه و الذب عنها، فليس هذا بصابر إذ وعد من نفسه الصبر، فهذا وجه.
و وجه آخر: و هو أنه قد علم أن في الصحابة –رضي الله عنهم– قلة عدد، و أن الذين يريدون قتله كثيرٌ عددهم. فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم. لأنه راعٍ، و الراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه. و مع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه، و هذا وجه.
و وجه آخر: هو أنه لما علم أنها فتنة، و أن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق، فلم يختر لأصحابه أن يسلو في الفتنة السيف، و هذا إنما إشفاقاً منه عليهم هم، فصانهم عن جميع هذا[29]. و هكذا كانت أحوالهم في إصلاح دينهم بفساد دنياهم و نحن:
نـُرَقـِّعُ دُنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى و لا ما نرقـع
و انتقم الله لعثمان من قتلته شرّ انتقامٍ، و كفاه إياهم، فلم يمت منهم أحد ميتة طبيعية، إنما كلهم ماتو قتلاً. أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت: «خرجتُ مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قـُتِل و هو في حُجره. فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية]فـَسَــيَكفيكـَهُمُ الله[[30]. قالت عمرة: فما مات منهم رجل سوياً»[31].
و عن ابن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: «اللهم اغفر لي، و ما أظن أن تغفر لي!». قلت: «يا عبد الله. ما سمعت أحداً يقول ما تقول!». قال: «كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته. فلما قتل و وضع على سريره في البيت، و الناس يجيئون فيصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة، فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه و سجيته و قد يبست يميني». قال محمد بن سيرين: «رأيتها يابسة كأنها عود»[32].
و عن قتادة أن رجلاً من بني سدوس قال: كنت فيمن قتل عثمان، فما منهم رجل إلا أصابته عقوبة غيري. قال قتادة: «فما مات حتى عَمي»[33]. و قال الحسن البصري (و هو شاهد على ذلك الحادث): «ما علمت أحداً أشرك في دم عثمان t و لا أعان عليه، إلا قـُـتِـل». و في رواية أخرى: «لم يدع الله الفَسَـقة (قتلة عثمان)، حتى قتلهم بكل أرض»[34].
]أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ؟ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِه!ِ[[35]. ليتنا جميعاً نكون كخيري ابني آدم القائل: ]لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي، مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ[[36]. فكن عبد الله المقتول، و لا تكن عبد الله القاتل[37].


--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر: الطبري (4/461-462).
[2] في طبقاته (3/71).
[3] في منهاج السنة (6/297).
[4] طبقات ابن سعد (3/66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن.
[5] قال الذهبي في تاريخ الإسلام (ص481) أنه قتل و هو ابن اثنتين و ثمانين سنة. و هو الصحيح.
[6] (البقرة:138).
[7] إنظر هذا الخبر في تاريخ الطبري (4/412).
[8] (2\664).
[9] (3\72).
[10] من زعماء المجرمين القتلة.
[11] يقصد أبا بكر وعمر.
[12] ولا بد من التنبيه هنا إلى أن محمد بن أبي بكر لا تثبت له صحبة، إذ أن رسول الله r قد توفي وهذا طفل رضيع. ومعلومٌ أن الصحبة تثبت بالرؤية لكن بشرط الإدراك، وهو لا يكون قبل خمس سنين. ثم توفي أبو بكر وكان ابنه محمد طفلاً، فلم ينشأ في بيت أبيه.
[13] وأظن هذا الرجل هو ابن سبأ اليهودي كما سنرى. وتأمل كيف أنه رجل غريب عن المدينة لا يكاد يعرفه أحد.
[14] ابن سبأ هو الذي طعن.
[15] جبلة: الغليظ. (ابن منظور: لسان العرب 11/98).
[16] نعثل: رجل من أهل مصر كان طويل اللحية، قيل: إنه كان يشبه عثمان، و شاتمو عثمان t يسمونه نعثلاً تشبيهاً بذلك الرجل المصري. (ابن منظور: لسان العرب 11/670).
[17] المطالب العالية لابن حجر (4/292-293) و عزاه لابن إسحاق، و الاستيعاب لابن عبد البر (3/1044-1045) و (3/1367). و إسناده حسن.
[18] ابن سعد: الطبقات 3/83،84. و رجال إسناده ثقات.
[19] الجان: نوع من الحيات، خفيف الحركة، دقيق الشكل. (ابن منظور: لسان العرب 13/97).
[20] خليفة بن خياط: التاريخ 174. و رجال إسناده ثقات.
[21] رواه الطبراني في الكبير (11/79) عن طريق ابن عباس، ورواه غيره عن طريق أبي هريرة بلفظ (من أعان على قتل مؤمن..) وقد رواه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى (8/22) وأبو يعلى في مسنده (10/306)، وابن ماجه في سننه (2/874). و قد حكم الألباني عليه عن أبي هريرة بالضعف. ضعيف إبن ماجة (ص 209) رقم (571).
[22] الحديث أخرجه أبو داود و النسائي و أحمد و الحاكم و صححه و لم يتعقبه الذهبي و صححه السيوطي أيضاً. و صحّحه الألباني في كتاب "غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام" (ص 254) برقم (441).
[23] أخرج البخاري و مسلم في صحيحيهما الكثير من الآثار في هذا المعنى، فانظره.
[24] رواه النسائي، و عند ابن ماجة «و أنى له الهدى» مكان «التوبة».
[25] رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجة. و صحّحه الألباني في صحيح بن ماجة (2\92) برقم (2121)، و كذلك في غاية المرام (ص253) برقم (439)، و التعليق الرغيب (3\202).
[26] أخرجه أبو داود و أحمد، و صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (2\667) برقم (976)، و كذلك في صحيح أبي داود (3\801) برقم (3578). ومدار الحديث على البراء بن ناجية، فانظر الخلاف فيه في ترجمته.
[27] تاريخ خليفة (ص 176) بسند صحيح. وهذا لا ينقض أن منهم محمد بن أبي بكر كما زعم بعض من شغب علينا. فإن هذا الأخير ليس من المهاجرين ولا من الأنصار ولا حتى من الصحابة أصلاً. وكان الحسن البصري لا يسميه إلا الفاسق، كما روى ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح. بل روى الخلال بإسناده، عن ربيع بن مسلم، قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول: العنوا قتلة عثمان، فيقال له: قتله محمد بن أبي بكر، فيقول: «العنوا قتلة عثمان، قتله من قتله».
[28] أخرجه ابن عساكر في تاريخه، ترجمة عثمان (ص408).
[29] إنظر كلام الإمام الآجري في كتاب الشريعة (4/1981-1983) عن موقف الصحابة في المدينة من حصار المنافقين لعثمان t. و كذلك ما قاله ابن كثير في البداية والنهاية (7/197-198).
[30] (البقرة:138).
[31] إنظر: فضائل الصحابة (1/501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127-128).
[32] تاريخ دمشق لابن عساكر (39/446-447).
[33] أنساب الأشراف للبلاذري (5/102).
[34] تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/1252).
[35] (الزمر:36).
[36] (المائدة:28).
[37] أصل هذا القول حديث ضعيف في مسند أحمد (5\110)، و لكنه صحيح في حالة الفتنة لشواهد كثيرة.
 
البداية من هنا

لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام، كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد علىٰ أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله !!، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانىٰ الإسلام منها كثيرًا. !!
منح عثمانُ من بيت المال زوجَ ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم، فلمّا أصبح الصّباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن وترقرقت في عينه الدّموع، فسأله أن يعفيه من عمله؛ ولما علم منه السّببَ وعرف أنّه عطيّته لصهره من مال المسلمين، قال مستغربًا:" أتبكي يابن أرقم أن وصلت رحمي؟" فردّ الرجل الّذي يستشعر روح الإسلام المرهف:"لا يا أمير المؤمنين. ولكن أبكي لأنّي أظنّك أخذت هذا المال عوضًا عمّا كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله، والله لو أعطيته مئة درهم لكان كثيرًا!" فغضب عثمان علىٰ الرّجل الّذي لا يطيق ضميره هذه التّوسعة من مال المسلمين علىٰ أقارب خليفة المسلمين، وقال له:"ألقِ المفاتيح يابن أرقم فإنّا سنجد غيرك"
! .
والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان علىٰ هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحة مائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية، ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة علىٰ رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا"، فأنكروا عليه وسألوه:"فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال:"إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي"، فقاموا عنه غاضبين يقولون:"فهديهما والله أحبُّ إلينا من هديك".
وغير المال، كانت الولايات تغدق علىٰ الولاة من قرابة عثمان، وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك، فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…إلخ"

- "وأخيرًا ثارت الثّائرة علىٰ عثمان، واختلط فيها الحق والباطل، والخير والشّر، ولكن لابد لمن ينظر إلىٰ الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح الإسلام، أن يقرر أنّ تلك الثّورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام؛ وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبإ عليه لعنة الله! .


- "مضىٰ عثمان إلىٰ رحمة ربه، وقد خلف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكن لها في الأرض، وبخاصة في الشام، وبفضل ما مكن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام، من إقامة الملك الوراثي، والاستئثار بالمغانم والأموال والمنافع، مما أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام، وليس بالقليل ما يشيع في نفس الرعية - إن حقًّا وإن باطلًا - أن الخليفة يؤثر أهله، ويمنحهم مئات الألوف؛ ويعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله؛ ويبعد مثل أبي ذر لأنه أنكر كنـز الأموال، وأنكر الترف الذي يخب فيه الأثرياء، ودعا إلىٰ مثل ما كان يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الإنفاق والبر والتعفف، فإن النتيجة الطبيعية لشيوع مثل هذه الأفكار - إن حقًّا وإن باطلًا - أن تثور نفوس، وأن تنحل نفوس.


-"جاء علي - كرّم الله وجهه - لم يكن من اليسر أن يرد الأمر إلىٰ نصابه في هوادة، وقد علم المستنفعون علىٰ عهد عثمان وبخاصة من أمية أن عليًّا لن يسكت عليهم، فانحازوا بطبيعتهم إلىٰ معاوية، وبمصالحهم إلىٰ معاوية، جاء علي ليرد التصور الإسلامي للحكم إلىٰ نفوس الحكام ونفوس الناس.
جاء ليأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها، ويختم هو علىٰ جراب الشعير ويقول
:
"لا أحب أن يدخل بطني إلا ما أعلم".
... وما يصنع عليٌّ هذا بنفسه وأهله، وهو يجهل أن الدين يبيح لـه فوق ما يصنع، وأنه لا يحتم التزهد والحرمان والشظف، وأن حظه من بيت المال في ذلك الحين كفرد من المسلمين يبلغ أضعاف ما يأخذ، وأن راتبه كأمير المؤمنين يؤدي خدمة عامة، أكبر من هذا لو شاء أن يأخذ مثلما خصصه عمر لبعض ولاته علىٰ الأقاليم، إذ قدر لعمار بن ياسر حين ولاه الكوفة ستمائة درهم في الشهر له ولمساعديه، يزاد عليها عطاؤه الذي يوزع عليه كما توزع الأعطية علىٰ نظرائه، ونصف شاة ونصف جريب من الدقيق ؛ كما قدر لعبد الله بن مسعود مئة درهم وربع شاة لتعليمه الناس بالكوفة وقيامه علىٰ بيت المال فيها، ولعثمان بن حنيف مائة وخمسين درهمًا وربع شاة في اليوم مع عطائه السنوي وهو خمسة آلاف درهم
.
وسـار علـيّ - كرم الله وجهه - في طريقه يرد للحكم صورته كما صاغها النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعده."

- "و لقد كان من الطبيعي ألا يرضى المستنقعون عن علي،و ألا يقنعَ بشرعة المساواة من اعتادوا التفضيل، و من مردوا على الاستئثار . فانحاز هؤلاء في النهاية إلى المعسكر الآخر: معسكر أمية، حيث يجدون فيه تحقيقاً لأطماعهم، على حساب العدل و الحق اللذين يُصرّ عليهما علي-رضي الله عنه- هذا الإصرار !

و الذين يرون في معاوية دهاءً و براعةً لا يرونهما في علي، و يعزون إليهما غلبة معاوية في النهاية،إنما يخطئون تقديرَ الظروف، كما يُخطئون فهمَ عليّ و واجبه. لقد كان واجب عليّ الأول و الأخير، أن يردَّ للتقاليد الاسلامية قوتَها، و أن يردّ إلى الدين روحَه، و أن يجلو الغاشيةَ التي غشت هذا الروح على أيدي بني أمية في كبرة عثمان.
- "ومضىٰ علي إلىٰ رحمة ربه، وجاء بنو أمية، فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته، كانت تقف حاجزًا أمام بني أمية، لقد انهار هذا الحاجز، وانفتح الطريق للانحراف.
لقد اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد، ولكن روحه انحسرت بلا جدال، ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في طاقته الروحية؛ لكانت أيام أمية كفيلة بتغيير مجراه الأصيل، ولكن روحه ظلت تقاوم وتغالب، وما تزال فيها الطاقة الكامنة للغلب والانتصار
.
غير أنه منذ تولي بني أمية انساحت حدود بيت مال المسلمين، فصار نهبًا مباحًا للملوك والحاشية والمتملقين، وتخلخلت قواعد العدل الإسلامي الصارم، فأصبح للطبقة الحاكمة امتيازات، ولأذيالها منافع، ولحاشيتها رسوم، وانقلبت الخلافة ملكًا، وملكًا عضوضًا

وعدنا نسمع عن الهبات للمتملقين والملهين والمطربين، فيهب أحد ملوك أمية اثني عشر ألف دينار لمعبد، ويهب هارون الرشيد - من ملوك العباسيين - إسماعيل بن جامع المغني في صوت واحد أربعة آلاف دينار، ومنزلًا نفيس الأثاث والرياش، وتنطلق الموجة في طريقها لا تقف إلا فترة بين الحين والحين"

-خطب معاوية في أهل الكوفة بعد الصلح، فقال: يا أهل الكوفة، أتراني قاتلتكم علىٰ الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ولكني قاتلتكم؛ لأتأمر عليكم وعلىٰ رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون....


وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائيًّا من دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام.


كتبه مؤلف مسلم سني

ضع لنا اسم المؤلف .. واسم الكتاب بارك الله فيك ...............؟
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top