الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة
أ) اليهود شعب عضوي منبوذ غير نافع، يجب نقله خارج أوربا ليتحوَّل إلى شعب عضوي نافع.
ب) يُنقل هذا الشعب إلى أي بقعة خارج أوربا [استقر الرأي، في نهاية الأمر، على فلسطين بسبب أهميتها الإستراتيجية للحضارة الغربية وبسب مقدرتها التعبوية بالنسبة للمادة البشرية المستهدفة] ليُوطَّن فيها وليحل محل سكانها الأصليين، الذين لابد أن تتم إبادتهم أو طَرْدهم على الأقل [كما هو الحال مع التجارب الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية المماثلة].
جـ) يتم توظيف هذا الشعب لصالح العالم الغربي الذي سيقوم بدعمه وضمان بقائه واستمراره، داخل إطار الدولة الوظيفية في فلسطين.
وهذه الصيغة الشاملة لم يُفصح عنها أحد بشكل مباشر، إلا بعض المتطرفين في بعض لحظات الصدق النماذجية النادرة. ولكن عدم الإفصاح عنها لا يعني غيابها، فهي تشكل هيكل المشروع الصهيوني والبنية الفكرية التي أدرك الصهاينة الواقع من خلالها.
ويُلاحَظ أن كثيراً من الأُسس التي تستند إليها الصيغة الشاملة قد اختفى بفعل التطورات التاريخية. فيهود العالم الغربي قد تناقص عددهم واندمجوا بشكل شبه تام في مجتمعاتهم، ولم يَعُد هناك مجال للحديث عن "عدم نفعهم". كما أن عملية نَقْل اليهود ونفي العرب اكتملت معالمها إلى حدٍّ كبير، وخصوصاً أن الترانسفير بعد تأسيس الدولة أصبح عملية هجرة تتم في ظلال قانون العودة. أما بالنسبة للسكان الأصليين فقد تم نفي غالبيتهم عام 1948، ولكن بعد عام 1967 أصبح من الصعب التخلص منهم. وما تبقَّى من الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة هو دولة وظيفية يدعمها الغرب ويضمن بقاءها وتقوم هي على خدمته وعلى تجنيد يهود العالم وراءها لخدمتها وخدمة العالم الغربي، وهذا ما يُشكِّل أساس الإجماع الصهيوني.
وعلى كلٍّ ما يتم الإفصاح عنه هو الصياغة المهوِّدة للصيغة الصهـيونية الأساسـية الشـاملة، فهي أكثر صـقلاً، وتبدو أكثر إنسانية، ولذا فإنها تحقق القبول الذي لا يمكن أن تحققه الصيغة غير المهودة بسبب إمبرياليتها وماديتها الشاملة.