chahine_fb
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 18 نوفمبر 2007
- المشاركات
- 213
- نقاط التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
منذ أن صعدت أمل السيارة، و سلمى لم تنطق بحرف واحد، كانت تتابع الطريق من النافذة بوجوم، وأمل كانت تنظر إليها و هي مبتسمة، و لم تحاول الحديث معها، لأنها تعلم أن سلمى هي من ستضيق ذرعا من الصمت، وستتحدث بعد دقائق.
لكن سامي هو من تحدث حين لاحظ الصمت المخيم على أخته و صديقتها:
- ما بكما.. من الغريب أن تكونا معا و تلزما الصمت، هل وقعت مشكلة بينكما أم ماذا؟
سلمى لم تهتم بعبارته، أما أمل فرمقته ببراءة مصطنعة وكأنها تقول:ليست هناك أي مشكلة بالنسبة لي.
ضحك سامي على رد أمل الصامت وهو يقول:
- من فضلك هذه النظرات البريئة وفريها لغيري، فهي لا تخدعني يا أمل، قولي لي ماذا فعلت لأختي؟
ردت أمل باستنكار: أنا؟؟ أبدا ،لم أفعل شيئا !!
وأخيرا نطقت سلمى وهي تصرخ بوجه أمل :
- لم تفعلي شيئا غير أنك نسيتي أو تناسيتي أني طلبت منك أن لا تذهبي اليوم لتلك المكتبة، و أني بحاجه إليك لنتسوق معا، وقد وافقت، و اتصلت بك أمس ليلا لأذكرك لكن..
قاطعتها أمل:
- نعم أعلم، لكن قلت سأذهب لأحضر بعض الكتب ثم أمر عليك، لا أدري كيف داهمني الوقت حتى وجدتك تتصلين بي.
قال سامي ضاحكا:
- لو طلبت رأيي يا سلمى هذا ليس عذرا، صديقتك هذه لا تعيرك أي اهتمام وتفضل عليك الكتب..
رمته أمل بنظرات حانقة وهي تقول:- من فضلك، لم يطلب منك أحد التدخل أو إبداء الرأي..
هز سامي كتفيه وقال بلامبالاة :- أنا لم أخاطبكِ، أنا أبدي رأيي لأختي العزيزة وليس لك.
تجاهلت أمل عبارته وعادت تبتسم ببراءة لصديقتها وهي تقول:
- حسنا يا سلمى كيف تودين أن أكفر عن هذا الخطأ الكبير، الذي اقترفته في حق صديقتي ؟
ردت سلمى ببرود وكأنها لم تتأثر بأسلوب أمل في الحديث :
- ما يزعج أكثر أني لم أسمع منك حتى كلمة آسفة للآن.
ضحكت أمل على صديقتها وهي تقول:- آسفة..آسفة..آسفة
بدأ شبح الابتسامة يظهر على شفتي سلمى لكنها حاولت الاحتفاظ ببرودها وقالت : لا يكفي.
أمل: وما الذي سيكفي إذا؟
ابتسمت سلمى ابتسامة عريضة و هي تشير لخدها، فاقتربت منها أمل ضاحكة و عانقتها ثم طبعت قبلة على خدها.
استدار سامي إليهما قائلا : ستلتهمين أختي، أتركيها و شأنها...
ردت أمل بحنق: أتركنا أنت وشأننا و استدر و أنظر أمامك ستتسبب لنا في حادثة،أو على الأقل أوصلنا لمبتغانا، ثم تسبب فيما تريد من حوادث لنفسك.
لم تكد تنهي عبارتها حتى توقفت السيارة فجأة جعلتها تهتز بقوة في مكانها، وقبل أن تنطق بكلمة، وجدت سامي يفتح باب السيارة أمامها قائلا ببرود شديد : وها قد وصلتي..
ثم استدار لأخته وأكمل: لا تتأخري يا سلمى، فلن آتي لأصطحبكما إن تأخرتما ولم تجدا سيارة أجرة، مفهوم؟
ردت سلمى وهي مازالت أيضا مصدومة من طريقة توقفه بالسيارة: أولا لم يكن عليك أن تتوقف بهذا الشكل.. أرعبتني ، ثانيا أنت وهذه السخيفة- و أشارت لأمل- تتصرفان كالأطفال، و أظنه حان الوقت لتغيرا طريقة التعامل هذه، ثالثا قد أخبرت أمي أني لربما أتأخر، ولا تخشى شيئا لن أتصل بك لتصطحبنا، سنتدبر أمرنا.
فور أن نزلت الفتاتان من السيارة، انطلق سامي بها بسرعة مخيفة، جعلت كل من في الشارع يتابعه بذهول وهو يبتعد.
قالت سلمى و هي تمسك بيد أمل و تجذبها ناحية محل للملابس: لا أدري ما يحدث له أحيانا يتصرف بجنون
ردت أمل ساخرة: أحيانا ؟ !! أخوك هذا.. الجنون صفة ملازمة له..
سلمى : لا أدري، ولكن عليكما أن تغيرا أسلوب حديثكما معا، تتصرفان فعلا كالأطفال.
ردت أمل بملل متعمد لتقفل الحديث بهذا الموضوع : دعينا من هذا الكلام، فليس الأمر بيدي، هو من يجعلني أتحدث بهذه الطريقة بتصرفاته و كلماته المستفزة.
**********
في هذه الأثناء كان سامي قد توقف بالسيارة على جانب أحد الشوارع، فقد شعر بضيق شديد ، كانت كلمات أمل تترد في ذهنه : أتركنا أنت وشأننا و استدر و أنظر أمامك ستتسبب لنا في حادثة، أو على الأقل أوصلنا لمبتغانا ثم تسبب فيما تريد من حوادث لنفسك.
كان يتساءل لم كلماتها جعلته يتضايق لهذه الدرجة، أ لأنها تعبر عن عدم خوفها عليه و اهتمامها به، ولم يتضايق من هذا؟ هذا الأمر معروف ومعلوم لديه.
أمل انتقلت للسكن بحيه وهي بنت العشر سنوات، وفور وصولها أصبحت هي و أخته صديقات، بل علاقتهما تتعدى الصادقة بكثير، هما كالأختين تماما.
حتى والديه ووالدي أمل أصبحت تجمعهم علاقة وطيدة،تحولت العائلتين تقريبا لعائلة واحدة، و أمل كان تقضي أغلب أوقاتها بمنزلهم ،لأنه يحتوي على حديقة واسعة تسمح لهم باللعب بحرية، ابتسم سامي وهو يتذكر كل الأحداث التي جرت بتلك الحديقة وهم صغار، هو يكبر أمل و سلمى بثلاث سنوات، لكنه كان يفضل اللعب معهما على اللعب مع أولاد حيه، بالأحرى ليس اللعب معهما لكن مضايقتهما باستمرار، وخصوصا أمل، كان لا يفارقها،كظلها تماما. ويتفنن في طرق مضايقتها و إخافتها فيجعلها تبكي دائما، ودائما ما كان يتلقى التأنيب و العقاب من والديه ليتوقف عن مضايقتها، لكنه لم يتوقف أبدا، ولليوم لم يتوقف..
أدار سامي محرك السيارة ثم انطلق عائدا لمنزله، والابتسامة لم تفارقه وهو يحدث نفسه : نعم لازلت سامي الصغير الذي يحب مضايقة أمل ورؤية دموعها، صحيح هي أصبحت فتاة قوية، لم تعد تلك الطفلة الضعيفة، ولم أعد أرى تلك الدموع كالسابق، ولكن نظرتها لي هي هي لم تتغير، سامي المشاغب المزعج الذي عليها أن تبتعد عنه لتأمن شره. فلم أتساءل إذا عن سبب أسلوبها الفظ في التعامل معي، أنا من فرض ومنذ زمن هذا الأسلوب في التعامل بيننا، ثم لم أشغل نفسي بهذا، هل أريدها أن تغير رأيها بي؟ ولم قد أريدها أن تغيره؟؟
الأيام هي التي ستمنح سامي الأجوبة التي لم يعثر عليها الآن..
*********
في المركز التجاري، كانت أمل قد بدأت تحس بالتعب من الانتقال بين محلات الملابس و الأحذية و والحلي والعطور...إلى آخره.
والمشكلة أن سلمى لا يبدو عليها أي تعب، بالعكس كلما اشترت شيئا، اكتشفت أنه لازال ينقصها أشياء، فتعود للبحث عن ما تريد في المحلات بكل نشاط و حماس. وهي تجر أمل وراءها جرا..
لم تستطع أمل المتابعة فتوقفت وهي تأن : سلمى كفاك ما اشتريت، قدماي تؤلمانني لن أستطيع متابعة السير..
ردت عليها سلمى من دون أن تلتفت إليها وهي تدقق النظر في الفساتين المعروضة على واجهة محل: - غدا صباحا سيغادر أحمد باريس، ويأتي عندنا ليراني، و لن يكون عندي الوقت بعدها للتسوق، تعلمين أن حفل زفافنا بعد أسبوعين، وبعدها سنسافر، وأنا للآن لم أبتع كل احتياجاتي..
ابتسمت أمل ابتسامة ذات معنى وهي تقول:
- جيد، من المؤكد أنكما ستخرجان سويا..فلم لا تؤجلين شراء بضعة أشياء حتى يكون معك ويساعدك في الاختيار، رأيه مهم أيضا كما تعلمين..
ردت سلمى و هي تهم بالدخول للمحل:- لا..هو لا يحب التسوق، خصوصا معي..
مطت أمل شفتيها وقالت باستسلام وهي تتبعها لداخل المحل:
- لأنه يعلم أن التسوق معك من المهام الصعبة، قد تورمت قدماي من السير، وأنت لا تختارين شيئا بسهولة، علينا أن نطوف بكل المراكز التجارية حتى تجدي ما يرضيك، ثم لا أفهم لم تبتاعين كل هذا، بعد أسبوعين ستكونين بباريس، بإمكانك أن تجدي أشياء أجمل بكثير هناك..
أغمضت سلمى عينيها لثانية وهي تتمتم حالمة: كم أتمنى أن تمر الأيام بسرعة..
قاطعتها أمل ضاحكة: يا الهي !!! تحلي ببعض الحياء يا فتاة، إياك أن تتصرفي هكذا أمام أحمد، سيعلم أنك مجنونة به بهذه الطريقة، و قد لا يكون هذا لصالحك، يكفي انك تخليت عن متابعة الدراسة بالجامعة من أجله..
سلمى: هو يعلم أني مجنونة به و إن لم أقلها للآن بصراحة، وهذا لا يزيده إلا جنونا بي هو الآخر، فوفري نصائحك لنفسك يا متحذلقة، أتمنى أن أراك كيف ستتصرفين لو وقعت بحب أحدهم، سيكون أمرا يستحق المشاهدة..
عقدت أمل حاجبيها وهي تمثل الغضب: مشاهدة؟ لم؟.. هل أنا معروضة في سيرك ما أم ماذا..
ضحكت سلمى بمرح وهي تقول: لا، لكنك حالة فريدة من نوعها، تظنين أن الإنسان من الممكن أن يتحكم في مشاعره، لذا أتمنى فعلا أن أراك عاشقة يوما ما لنعرف كيف ستتحكمين بمشاعرك..
ردت أمل بثقة : طبعا مشاعري ملكي لذا من السهل أن أتحكم بها، لست مثلك تكادين تفقدين صوابك بسبب أحمد.
سلمى وهي ممسكة بيد أمل خارجين من المحل، فلم تجد ما يعجبها به : لا أدري لم أشعر أحيانا أنك تغارين منه.
أمل : أعترف.. أغار منه، لأنه سيأخذ مني صديقتي و أقرب شخص الي بعيدا، لا أدري كيف سأبدأ هذه السنة بالجامعة من دونك، وكيف سأتابع حياتي من دونك، ونحن لم نفترق منذ عشر سنوات.
اقتربت سلمى من أمل وعانقتها بقوة وتسللت دمعة رغما عنها وانسابت على خدها، ثم قالت وهي لا تزال متعانقة مع أمل : وأنا أيضا لا أدري كيف سيمر يوم علي من دون الحديث معك، لكن كوني واثقة سأتصل بك كل يوم و لن أريحك مني كما تتوقعين.
أمل بارتباك وهي تبعد سلمى عنها برفق: ابتعدي، كل من يمر ينظر إلينا، ليس هناك سبب لكل هذه الدراما..
ابتعدت سلمى مبتسمة ومسحت دمعتها وهي تقول :لم كل هذا الارتباك.. لن تتغيري أبدا، أتمنى أن يأتي اليوم الذي تفهمين فيه أن المشاعر ليست ضعفا أو عيبا أبدا يا أمل.
ردت أمل بابتسامة واسعة: لا أظن أن يوما كهذا سيأتي، وحتى إن أتى فستكونين بعيدة، لذا لن تستمتعي بمشاهدتي كما تودين.
ونظرت لكل الأكياس التي بيدها و بيد سلمى قبل أن تكمل: ومن فضلك، يكفي كل ما ابتعناه، لن نستطيع حمل المزيد.
هزت سلمى رأسها موافقة وهي تقول: فعلا، للأسف لن نستطيع حمل المزيد، علينا أن نجد سيارة أجرة الآن، تأخرنا.
خرجت الفتاتان من المركز التجاري واستقلتا سيارة أجرة، وكل منهما غارقة في أفكارها.
سلمى سرحت بعيدا، تنتظر يوم الغد بفارغ الصبر، اشتاقت لخطيبها أحمد الذي سيصبح زوجها قريبا، سرحت في أحلامها الوردية التي تجمعها معه، وكانت بذهنها تساؤلات كثيرة عن مستقبلها معه.
أما أمل فقد كانت تفكر في أن الموسم الدراسي الجديد سيبدأ قريبا، وستضطر لقضاء السنتين المتبقيتين لها في الجامعة دون صديقتها سلمى، ثم وجدت أفكارها تأخذ منحى آخر، استرجعت تلك اللحظة التي التقت فيها نظراتها بنظرات ذلك الشاب بالمكتبة، واستغربت لم تذكرته الآن؟؟
الأيام القادمة أيضا هي الوحيدة القادرة على توفير أجوبة للأسئلة التي تدور بذهن كل من سلمى و أمل..
***********
>>> يتــبــع >>>
حتى نلقى باقي القصة’’’’’
لكن سامي هو من تحدث حين لاحظ الصمت المخيم على أخته و صديقتها:
- ما بكما.. من الغريب أن تكونا معا و تلزما الصمت، هل وقعت مشكلة بينكما أم ماذا؟
سلمى لم تهتم بعبارته، أما أمل فرمقته ببراءة مصطنعة وكأنها تقول:ليست هناك أي مشكلة بالنسبة لي.
ضحك سامي على رد أمل الصامت وهو يقول:
- من فضلك هذه النظرات البريئة وفريها لغيري، فهي لا تخدعني يا أمل، قولي لي ماذا فعلت لأختي؟
ردت أمل باستنكار: أنا؟؟ أبدا ،لم أفعل شيئا !!
وأخيرا نطقت سلمى وهي تصرخ بوجه أمل :
- لم تفعلي شيئا غير أنك نسيتي أو تناسيتي أني طلبت منك أن لا تذهبي اليوم لتلك المكتبة، و أني بحاجه إليك لنتسوق معا، وقد وافقت، و اتصلت بك أمس ليلا لأذكرك لكن..
قاطعتها أمل:
- نعم أعلم، لكن قلت سأذهب لأحضر بعض الكتب ثم أمر عليك، لا أدري كيف داهمني الوقت حتى وجدتك تتصلين بي.
قال سامي ضاحكا:
- لو طلبت رأيي يا سلمى هذا ليس عذرا، صديقتك هذه لا تعيرك أي اهتمام وتفضل عليك الكتب..
رمته أمل بنظرات حانقة وهي تقول:- من فضلك، لم يطلب منك أحد التدخل أو إبداء الرأي..
هز سامي كتفيه وقال بلامبالاة :- أنا لم أخاطبكِ، أنا أبدي رأيي لأختي العزيزة وليس لك.
تجاهلت أمل عبارته وعادت تبتسم ببراءة لصديقتها وهي تقول:
- حسنا يا سلمى كيف تودين أن أكفر عن هذا الخطأ الكبير، الذي اقترفته في حق صديقتي ؟
ردت سلمى ببرود وكأنها لم تتأثر بأسلوب أمل في الحديث :
- ما يزعج أكثر أني لم أسمع منك حتى كلمة آسفة للآن.
ضحكت أمل على صديقتها وهي تقول:- آسفة..آسفة..آسفة
بدأ شبح الابتسامة يظهر على شفتي سلمى لكنها حاولت الاحتفاظ ببرودها وقالت : لا يكفي.
أمل: وما الذي سيكفي إذا؟
ابتسمت سلمى ابتسامة عريضة و هي تشير لخدها، فاقتربت منها أمل ضاحكة و عانقتها ثم طبعت قبلة على خدها.
استدار سامي إليهما قائلا : ستلتهمين أختي، أتركيها و شأنها...
ردت أمل بحنق: أتركنا أنت وشأننا و استدر و أنظر أمامك ستتسبب لنا في حادثة،أو على الأقل أوصلنا لمبتغانا، ثم تسبب فيما تريد من حوادث لنفسك.
لم تكد تنهي عبارتها حتى توقفت السيارة فجأة جعلتها تهتز بقوة في مكانها، وقبل أن تنطق بكلمة، وجدت سامي يفتح باب السيارة أمامها قائلا ببرود شديد : وها قد وصلتي..
ثم استدار لأخته وأكمل: لا تتأخري يا سلمى، فلن آتي لأصطحبكما إن تأخرتما ولم تجدا سيارة أجرة، مفهوم؟
ردت سلمى وهي مازالت أيضا مصدومة من طريقة توقفه بالسيارة: أولا لم يكن عليك أن تتوقف بهذا الشكل.. أرعبتني ، ثانيا أنت وهذه السخيفة- و أشارت لأمل- تتصرفان كالأطفال، و أظنه حان الوقت لتغيرا طريقة التعامل هذه، ثالثا قد أخبرت أمي أني لربما أتأخر، ولا تخشى شيئا لن أتصل بك لتصطحبنا، سنتدبر أمرنا.
فور أن نزلت الفتاتان من السيارة، انطلق سامي بها بسرعة مخيفة، جعلت كل من في الشارع يتابعه بذهول وهو يبتعد.
قالت سلمى و هي تمسك بيد أمل و تجذبها ناحية محل للملابس: لا أدري ما يحدث له أحيانا يتصرف بجنون
ردت أمل ساخرة: أحيانا ؟ !! أخوك هذا.. الجنون صفة ملازمة له..
سلمى : لا أدري، ولكن عليكما أن تغيرا أسلوب حديثكما معا، تتصرفان فعلا كالأطفال.
ردت أمل بملل متعمد لتقفل الحديث بهذا الموضوع : دعينا من هذا الكلام، فليس الأمر بيدي، هو من يجعلني أتحدث بهذه الطريقة بتصرفاته و كلماته المستفزة.
**********
في هذه الأثناء كان سامي قد توقف بالسيارة على جانب أحد الشوارع، فقد شعر بضيق شديد ، كانت كلمات أمل تترد في ذهنه : أتركنا أنت وشأننا و استدر و أنظر أمامك ستتسبب لنا في حادثة، أو على الأقل أوصلنا لمبتغانا ثم تسبب فيما تريد من حوادث لنفسك.
كان يتساءل لم كلماتها جعلته يتضايق لهذه الدرجة، أ لأنها تعبر عن عدم خوفها عليه و اهتمامها به، ولم يتضايق من هذا؟ هذا الأمر معروف ومعلوم لديه.
أمل انتقلت للسكن بحيه وهي بنت العشر سنوات، وفور وصولها أصبحت هي و أخته صديقات، بل علاقتهما تتعدى الصادقة بكثير، هما كالأختين تماما.
حتى والديه ووالدي أمل أصبحت تجمعهم علاقة وطيدة،تحولت العائلتين تقريبا لعائلة واحدة، و أمل كان تقضي أغلب أوقاتها بمنزلهم ،لأنه يحتوي على حديقة واسعة تسمح لهم باللعب بحرية، ابتسم سامي وهو يتذكر كل الأحداث التي جرت بتلك الحديقة وهم صغار، هو يكبر أمل و سلمى بثلاث سنوات، لكنه كان يفضل اللعب معهما على اللعب مع أولاد حيه، بالأحرى ليس اللعب معهما لكن مضايقتهما باستمرار، وخصوصا أمل، كان لا يفارقها،كظلها تماما. ويتفنن في طرق مضايقتها و إخافتها فيجعلها تبكي دائما، ودائما ما كان يتلقى التأنيب و العقاب من والديه ليتوقف عن مضايقتها، لكنه لم يتوقف أبدا، ولليوم لم يتوقف..
أدار سامي محرك السيارة ثم انطلق عائدا لمنزله، والابتسامة لم تفارقه وهو يحدث نفسه : نعم لازلت سامي الصغير الذي يحب مضايقة أمل ورؤية دموعها، صحيح هي أصبحت فتاة قوية، لم تعد تلك الطفلة الضعيفة، ولم أعد أرى تلك الدموع كالسابق، ولكن نظرتها لي هي هي لم تتغير، سامي المشاغب المزعج الذي عليها أن تبتعد عنه لتأمن شره. فلم أتساءل إذا عن سبب أسلوبها الفظ في التعامل معي، أنا من فرض ومنذ زمن هذا الأسلوب في التعامل بيننا، ثم لم أشغل نفسي بهذا، هل أريدها أن تغير رأيها بي؟ ولم قد أريدها أن تغيره؟؟
الأيام هي التي ستمنح سامي الأجوبة التي لم يعثر عليها الآن..
*********
في المركز التجاري، كانت أمل قد بدأت تحس بالتعب من الانتقال بين محلات الملابس و الأحذية و والحلي والعطور...إلى آخره.
والمشكلة أن سلمى لا يبدو عليها أي تعب، بالعكس كلما اشترت شيئا، اكتشفت أنه لازال ينقصها أشياء، فتعود للبحث عن ما تريد في المحلات بكل نشاط و حماس. وهي تجر أمل وراءها جرا..
لم تستطع أمل المتابعة فتوقفت وهي تأن : سلمى كفاك ما اشتريت، قدماي تؤلمانني لن أستطيع متابعة السير..
ردت عليها سلمى من دون أن تلتفت إليها وهي تدقق النظر في الفساتين المعروضة على واجهة محل: - غدا صباحا سيغادر أحمد باريس، ويأتي عندنا ليراني، و لن يكون عندي الوقت بعدها للتسوق، تعلمين أن حفل زفافنا بعد أسبوعين، وبعدها سنسافر، وأنا للآن لم أبتع كل احتياجاتي..
ابتسمت أمل ابتسامة ذات معنى وهي تقول:
- جيد، من المؤكد أنكما ستخرجان سويا..فلم لا تؤجلين شراء بضعة أشياء حتى يكون معك ويساعدك في الاختيار، رأيه مهم أيضا كما تعلمين..
ردت سلمى و هي تهم بالدخول للمحل:- لا..هو لا يحب التسوق، خصوصا معي..
مطت أمل شفتيها وقالت باستسلام وهي تتبعها لداخل المحل:
- لأنه يعلم أن التسوق معك من المهام الصعبة، قد تورمت قدماي من السير، وأنت لا تختارين شيئا بسهولة، علينا أن نطوف بكل المراكز التجارية حتى تجدي ما يرضيك، ثم لا أفهم لم تبتاعين كل هذا، بعد أسبوعين ستكونين بباريس، بإمكانك أن تجدي أشياء أجمل بكثير هناك..
أغمضت سلمى عينيها لثانية وهي تتمتم حالمة: كم أتمنى أن تمر الأيام بسرعة..
قاطعتها أمل ضاحكة: يا الهي !!! تحلي ببعض الحياء يا فتاة، إياك أن تتصرفي هكذا أمام أحمد، سيعلم أنك مجنونة به بهذه الطريقة، و قد لا يكون هذا لصالحك، يكفي انك تخليت عن متابعة الدراسة بالجامعة من أجله..
سلمى: هو يعلم أني مجنونة به و إن لم أقلها للآن بصراحة، وهذا لا يزيده إلا جنونا بي هو الآخر، فوفري نصائحك لنفسك يا متحذلقة، أتمنى أن أراك كيف ستتصرفين لو وقعت بحب أحدهم، سيكون أمرا يستحق المشاهدة..
عقدت أمل حاجبيها وهي تمثل الغضب: مشاهدة؟ لم؟.. هل أنا معروضة في سيرك ما أم ماذا..
ضحكت سلمى بمرح وهي تقول: لا، لكنك حالة فريدة من نوعها، تظنين أن الإنسان من الممكن أن يتحكم في مشاعره، لذا أتمنى فعلا أن أراك عاشقة يوما ما لنعرف كيف ستتحكمين بمشاعرك..
ردت أمل بثقة : طبعا مشاعري ملكي لذا من السهل أن أتحكم بها، لست مثلك تكادين تفقدين صوابك بسبب أحمد.
سلمى وهي ممسكة بيد أمل خارجين من المحل، فلم تجد ما يعجبها به : لا أدري لم أشعر أحيانا أنك تغارين منه.
أمل : أعترف.. أغار منه، لأنه سيأخذ مني صديقتي و أقرب شخص الي بعيدا، لا أدري كيف سأبدأ هذه السنة بالجامعة من دونك، وكيف سأتابع حياتي من دونك، ونحن لم نفترق منذ عشر سنوات.
اقتربت سلمى من أمل وعانقتها بقوة وتسللت دمعة رغما عنها وانسابت على خدها، ثم قالت وهي لا تزال متعانقة مع أمل : وأنا أيضا لا أدري كيف سيمر يوم علي من دون الحديث معك، لكن كوني واثقة سأتصل بك كل يوم و لن أريحك مني كما تتوقعين.
أمل بارتباك وهي تبعد سلمى عنها برفق: ابتعدي، كل من يمر ينظر إلينا، ليس هناك سبب لكل هذه الدراما..
ابتعدت سلمى مبتسمة ومسحت دمعتها وهي تقول :لم كل هذا الارتباك.. لن تتغيري أبدا، أتمنى أن يأتي اليوم الذي تفهمين فيه أن المشاعر ليست ضعفا أو عيبا أبدا يا أمل.
ردت أمل بابتسامة واسعة: لا أظن أن يوما كهذا سيأتي، وحتى إن أتى فستكونين بعيدة، لذا لن تستمتعي بمشاهدتي كما تودين.
ونظرت لكل الأكياس التي بيدها و بيد سلمى قبل أن تكمل: ومن فضلك، يكفي كل ما ابتعناه، لن نستطيع حمل المزيد.
هزت سلمى رأسها موافقة وهي تقول: فعلا، للأسف لن نستطيع حمل المزيد، علينا أن نجد سيارة أجرة الآن، تأخرنا.
خرجت الفتاتان من المركز التجاري واستقلتا سيارة أجرة، وكل منهما غارقة في أفكارها.
سلمى سرحت بعيدا، تنتظر يوم الغد بفارغ الصبر، اشتاقت لخطيبها أحمد الذي سيصبح زوجها قريبا، سرحت في أحلامها الوردية التي تجمعها معه، وكانت بذهنها تساؤلات كثيرة عن مستقبلها معه.
أما أمل فقد كانت تفكر في أن الموسم الدراسي الجديد سيبدأ قريبا، وستضطر لقضاء السنتين المتبقيتين لها في الجامعة دون صديقتها سلمى، ثم وجدت أفكارها تأخذ منحى آخر، استرجعت تلك اللحظة التي التقت فيها نظراتها بنظرات ذلك الشاب بالمكتبة، واستغربت لم تذكرته الآن؟؟
الأيام القادمة أيضا هي الوحيدة القادرة على توفير أجوبة للأسئلة التي تدور بذهن كل من سلمى و أمل..
***********
>>> يتــبــع >>>
حتى نلقى باقي القصة’’’’’