ديسق
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 3 نوفمبر 2010
- المشاركات
- 414
- نقاط التفاعل
- 899
- النقاط
- 21
.~| عندما يكون رئيس الحكومة أحد قادة فرق الموت في العراق |~.
بقلم: د. مثنى عبدالله
هل الان فقط حصحص الحق، لان موقع ويكيليكس أماط اللثام عن جزء من المأساة العراقية؟ وهل الان فقط بانت الايادي التي تلطخت بدماء الابرياء، أمريكية وبريطانية وايرانية وعراقية وربما أخرى؟ انها مفارقة كبيرة حينما يصادر حتى حقنا في الاعلان عن مأساتنا فتصبح رهينة لدى الاخرين يعلونها متى ما يشاؤون ويخفونها متى ما شاؤوا، لذلك لم يصدق احد صراخ أطفالنا المرتجفين على المقاعد الخلفية للسيارة والغارقين بدماء الوالدين اللذين استقرت في رأسيهما طلقات الغزاة في احدى نقاط التفتيش، حينما أعلناها سابقا.
كما لم يصدقوا دموع نسائنا الثكالى بفقد الاب والاخ والزوج، كما تجاهلوا منظر شيوخنا اللاهثين تحت حر الشمس والباحثين في الطرقات والمستشفيات والمقابر عن فلذات الاكباد الذين خطفوا وهم متوجهون الى اعمالهم أو مدارسهم، ثم تبين أنهم أعدموا خلف جدران بساتين أطراف بغداد، كما لم تصدمهم السكاكين التي كانت تمزق شرف حرائرنا في السجون السرية والعلنية للمحتلين والسلطة، واغتصاب رجالنا وقلع أظافرهم وأعينهم وثقب أجسادهم بالمثقاب الكهربائي، واذابة أطرافهم بالاسيد وهم أحياء، وللمرة الالف لم يسمع أحد صراخنا بان جيوش الحرية قد هجروا الملايين من شعبنا داخل العراق وخارجه، وبات أطفالنا يقفون طوابير على وكالات الاغاثة طمعا في لقمة خبز أو علبة حليب، أو يتسولون على الطرقات في مدن العالم التي اكتظت بهم، وأن أجساد بعض نسائنا سقطت أمام ضغط الحاجة واغراء المال في مستنقع الرذيلة أمام عبدة الدولار، بينما كانت الكلاب تنهش الاجساد في طرقات بغداد.
شكرا لكم يا موقع ويكيليكس، فعلى الرغم من أنكم نشرتم جزءا يسيرا من توثيق مأساتنا، ولم تعلنوا للعالم ما حدث في الفلوجة وحديثة والزركة وديالى والموصل والنجف وكربلاء، وكل بقعة من أرض العراق دنستها صولات فرسان المحتلين، وصولات فرسان حليفهم المالكي وقبله الجعفري وعلاوي، كما لم تذكروا تراجيديا أبو غريب وكروكر وبادوش وبوكا.
نقول شكرا لكم لان العالم الان عرف معنى الديمقراطية الامريكية التي قادت جيوشها لغزو بلد آمن وشعب بريء، بحجج أثبت الواقع بطلانها وبدلائل كاذبة دحرجت مصداقية الكبار في العالم الى الحضيض.
شكرا لكم لان العالم الان عرف كيف تقيأت صناديق الانتخابات المزورة، وعلب الديمقراطية المستوردة قادة سياسيين ترعرعوا في أحضان المخابرات الدولية والاقليمية، وقدموا الينا ليتبوؤا مراكز السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهم يحملون سياط الطائفية والعنصرية والفئوية ويرفعون شعار (لا يستطيع أحد أن يأخذها منا بعد الان) كما قال رئيس الوزراء، ولينشئوا امبراطورية الاكثرية الطائفية كما قال غيره، ويتشبثوا بالسلطة بالاجتثاث وتسييس القضاء ومهزلة اعادة العد والفرز، وتحويل أجهزة السلطة الى فرق موت حقيقية تجوب العراق من أقصاه الى أقصاه بحثا عن معارض أو مقاوم أو صاحب رأي كي يطفو رصيد زعيم دولة القانون في صناديق النفاق والكذب على بقية الاصوات، بعد أن صنع من نفسه الها آخر وركب الغرور رأسه حتى بات فرعون العراق، لذلك يقول بأن على من يريد المصالحة أن يأتي تائبا ولديه النية في الانخراط في العملية السياسية، تلك المنظومة الفكرية والعملية الشاذة التي أتت به من زوايا النسيان، والتي بات يراهن عليها ويتشبث في عودته الى مقاعدها مرة ثانية كي ينفذ برنامجه الطموح في الاعمار واعادة البناء، كما يقول بعد أن حقق الامن الذي يدعيه في الاربع سنوات الماضية المظلمة، وكأن أيام الاحد والثلاثاء والاربعاء وكل أيام الاسبوع والشهر والسنين الدامية التي نزفت فيها بغداد والعراق دماء غزيرة بريئة قد حصلت في غير عهده.
يقينا أن موقع ويكيليكس لم يكن موقعا بعثيا أو صداميا أو تابعا لفلول القاعدة، هذه الاطراف التي يحملونها كل ما يحدث في البلد، لذلك لم يجد الناطقون باسم الحكومة من يلصقون به تهمة التشهير بمالكهم ويحملونه مسؤولية نشر الوثائق، ولم يكن أمامهم بعد أن ابتلعوا السنتهم هذه المرة سوى الادعاء بأنها مؤامرة استهدفت المالكي كي يبتعد الاخرون عن اعادة ترشيحه، وانها مجرد الالاعيب وفقاعات اعلامية لصالح أطراف سياسية مدعومة من أجندات أقليمية، متناسين ان كل الاطراف المؤيدة والمعارضة للمالكي هم مساهمون رئيسيون في كل الجرائم التي تحدثت عنها الوثائق، وبذلك ذهبوا الى الايمان بنظرية المؤامرة هذه المرة، طمعا في ايجاد تبرير فاشل، بعد أن كانوا يعيبون على غيرهم الايمان بتلك النظرية في تحليل ما حدث بعد العام 2003، كما تناسوا في خضم هذه الزوبعة من الفضائح، أن ما تم نشره هو وثائق كتبت بيد من له السيطرة الفعلية على الارض والمياه والاجواء العراقية، وهي القوات الامريكية التي لا تنطق عن الهوى بواسطة طائراتها التجسسية التي تواصل مسح خارطة العراق ليل نهار، وأقمارها الثابتة والمتحركة التي ترصد كل كبيرة وصغيرة، اضافة الى سفارتهم التي هي الاكبر في العالم والتي محطتها الاستخبارية ترصد كل المكالمات الصادرة والواردة.
ان التحالف بين الامريكيين والايرانيين وأقطاب العملية السياسية، الذي كشفته الوثائق قد يكون أصاب البعض بالدهشة، لكن شعب العراق كان يعرف جيدا ان محور الشر هذا كان له هدف واحد وهو تدمير العراق ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وأن الذي جرى بينهم هو مجرد توزيع للادوار، كان للامريكيين فيه حصة الثروة، وللايرانيين حصة الربط الاستراتيجي بالمشروع الايراني، أما المالكي فكانت حصته كرسي السلطة الذي من خلاله يستطيع التنفيس عن ولائه الطائفي الذي عبر عنه ممثل الجامعة العربية السابق السيد مختار لماني عندما قال (أنا على قناعة تامة بانه لو خير المالكي بين أمريكا وايران فسيختار ايران) لكن شعب العراق الذي عرف جرائم كل هؤلاء، كان يطمح أن لا يصافح قادة دول شقيقة جلاديه وذلك أضعف الايمان، حينما ذهبوا في جولات الاستجداء السياسي، وهم الذين يعرفون جيدا حجم جرائمهم قبل أن ينشرها موقع ويكيليكس، لانهم الاقرب الى مسرح الجريمة جغرافيا واجتماعيا. أما صورة أمين عام الجامعة العربية وهو فاغر فاه من الضحك مع المالكي، كما نشرتها وسائل الاعلام، فان العراقيين يحتفظون لانفسهم بالتعليق عليها حتى حين، لانهم أكتووا بنار هذه (الجامعة) منذ العام 2003 حتى اليوم، وكانوا يأملون أن ينفجر عمرو موسى باكيا أو صارخا بوجه المالكي، كما فعلها أردوغان مع القادة الاسرائيليين انتقاما للفلسطينيين. تبا للدبلوماسية الخرقاء التي استبدلت الدم بالماء، فذبح شعب العراق وفلسطين، بينما الذباحون يستقبلون في المدن العربية.