بسم الله الرحمن الرحيم
صرخة الموت..!!
الجزء الأول
في ذلك اليوم, و في تلك الليلة الظلماء الموحشة, و عندما هدأت ثورة العاصفة, و اشتد سقوط المطر و من بعد أن رمانا قدرنا في مكان مجهول بحثنا عن مكان نأوي إليه و لكننا لم نجد إلا هذا المكان الذي يحيط به سور طويل, هنا سنجد الأمان و الحماية بالتأكيد, فدخلنا وجلسنا أسفل ركن قابع في زاوية لا يصل فيه المطر و انتظرنا إلى أن تلاشت قطرات المطر تدريجيا و توقف عن الهطول, لقد كان المكان مظلما و مخيفا كنا وحدنا؛ في تلك الليلة كان المكان هادئا جدا و كنا لا نسمع إلا صوت الحشرات, إننا خائفتان جدا, فجأة!... عم السكون في أرجاء المكان فسمعنا صوتا متناهيا من بعيد إنه صوت شخصا يبكي, لقد زاد ذلك من رعبنا كثيرا فلا يوجد أحد في هذا المكان سوى أنا و صديقتي, و لكن ما الذي يحصل لا نعرف؟؟؟
و بعد قليل اختفى الصوت و رجع الليل يدثر الأرض كما كان, فجلسنا بجانب بعضنا ممسكتين بأيدي بعض من شدة الخوف و الرعب و ندعوا ربنا أن تمر هذه الليلة بسلام... فأغمضنا أعيوننا و نحن ندعوا ربنا ثم نمنا دون أن نشعر.
و في الصباح استيقضنا على صوت العصافير و أيقضتنا أشعة الشمس الذهبية, فنظرنا حولنا بعينين مرهقتين ذابلتين, ولكن بعد أن نظرنا اتسعت أعيوننا بذهول متفاجئتين من الذي نراه بداخل هذا السور لأننا لم نجد إلا القبور تحيط بنا من كل جانب, فلم نكن نعلم بأننا كنا نائمتين مع الأموات, و لم ندرك ذلك أبدا طول الليلة الماضية, ولسوء حضنا إننا في بلدة لا نعرفها و لا نعرف أحدا فيها و لا نعرف أين نذهب؟ و أين نحن؟ و ماذا سنفعل؟؟
خرجنا من بوابة المقبرة و ابتعدنا عن أسوارها التي كانت تحيطنا و تحمينا فذهبنا نمشي في طرقات البلدة نادرا ما نرى شخصا يمشي في الطريق و لم نرى حتى حيوانات.. المكان موحش و الرياح تصفر في المكان و الجو يشوبه السكون و يبعث في القلب الخوف من المجهول, فمعظم البيوت مهجورة و المحلات و المباني مكسرة و كأنها بلدة الأموات لأن المقبرة هي المكان الوحيد الذي كان عامرا بالأجساد الهامدة و الأرواح المعذبة..
بينما كنا نمشي في هذه الطرقات الغريبة رأينا محلا لبيع الخبز فقررنا دخوله بعد تردد و تفكير فربما أحد الأشباح يبيع فيه!!! و هل يعقل بأن يكون هناك محلا لبيع الخبز في بلدة كهذه و التي لا يوجد فيها إلا القليل جدا من الناس و كأنها بلا سكان.. دخلنا إلى المخبز فربما نستطيع أن نشتري شيئا لكي نفطر به و لكي يكون قوتا لنا في هذا اليوم و ربما إلى أن نرحل من هذه المدينة المرعبة, إما إلى بلدتنا أو لبلدة أخرى و إما إلى الرفيق الأعلى قبل أي مكان.. لقد استقبلتنا هذه البلدة بأرض مفروشة بالقبور و قدمت لنا صحنا من الخوف و نشرب الرعب بعده و ربما سنحلي بالموت..
وقفنا عند باب المخبز و كنا نرتجف من الخوف لقد فتحنا الباب لعصافير خوفنا المحبوسة في داخلنا حتى تحمينا و أطلقنا لها العنان لترحل فربما نتحلى بالشجاعة لنبعد الخوف المؤلم, و في نفس الوقت كنا نحاول عدم إظهار خوفنا أمام أحد. دخلنا إلى هناك و كان الجميع ينظرون إلينا نظرة تعجب و تساؤل و يتهامسون فيما بينهم و يتساءلون يا ترى من نكون؟ و ماذا نفعل هنا؟؟ إنهم على حق ماذا نفعل في بلدة كهذه؟! ليس هم فقط الذين يتساءلون نحن أيضا نتساءل ماذا نفعل هنا؟؟ و لكن ماذا عسانا نفعل؟ إننا ضحيتان بيد قدرنا..
كنا نريد أن نشتري من المخبز و لكننا لا نعرف ماذا ندفع بالمقابل لقد احترنا, ماذا نفعل؟ أخذتني صديقتي على جنب و سألتني هل لديك شيئا ترهنينه لهم إلى أن نرجع لديارنا و نرجع لهم النقود؟؟ قلت لها ليس معي شيء ماذا نفعل؟ و لكني تذكرت بأن لدي خاتما من الذهب كنت ألبسه و هو لأمي, فقمت بإعطائه الخاتم فقال لنا أن نأتي في المرة المقبلة للشراء لكي نوفي حقنا في هذا الخاتم لأنه لا يملك ثمنه, و لكننا سنقوم بمقايضة الخاتم بالخبز و أي شيء نحتاجه من هذا المخبز.
لا أعرف لماذا أشعر بأن هؤلاء الناس عيونهم حزينة و حتى ابتسامتهم مجرد ابتسامة مرسومة على شفاههم على الرغم من ضحكهم أحس بأن بداخل أعماقهم أكوام من الأحزان و الآلام المدفونة...
اشترينا ما نريد و خرجنا من المخبز ولكن إلى أين نذهب في هذا الوقت من الصباح و خصوصا في هذه البلدة؟..إننا لا نعرف أحدا هنا لذلك فوضنا أمرنا لله و حده فرجعنا أدراجنا إلى المكان الذي احتمينا فيه في الليلة الماضية عن المطر لأننا لا نعرف مكانا غيره لنلجأ إليه جلسنا في المقبرة نتناول الإفطار و نفكر في حالنا و في ما الذي حلنا بنا فجأة؟؟ فبينما كنا نأكل أتت العصافير تراقبنا من أعلى المكان و كأنها تطلب منا كسرة خبز ليسدوا بها جوعهم من هذه الأرض القاحلة, فرمينا لها قطعا من الخبز فنزلت تأكل هي أيضا معنا و تغرد و كأنها تشكرنا على ما فعلناه لأجلها..
بعد أن تناولنا إفطارنا جلسنا ننتظر لعل شخصا يرجعنا إلى ديارنا أو حتى يوصلنا لمكان يوجد به حياة و نشعر فيه بالأمان و لكن لا أحد.. يا لها من بلدة غريبة جدا!..
بعد طول انتظار و بعد أن استسلمنا لهذا الحال, أقبل الليل ينصب خيامه علينا, فجلسنا في مكاننا و لم يكن هناك أحدا يتكلم سوى أنا و صديقتي لأننا الوحيدتين اللتين مازلنا على قيد الحياة في هذا المكان ربما لهذه اللحظة فقط فجميعهم أموات, فربما ستأتي علينا اللحظة التي نسكت مثلهم..
لقد قضينا الليلة الأولى في رعب و فزع أما في هذه الليلة لا نعرف ماذا سيكون مصيرنا, بدأت الحشرات بعزف ألحان الليل الطويل و الوحيد دون أحد يتسامر فيه ليسمع لحنهم الحزين الذي يعزفونه لأهالي القبور في هذا الظلام حالك السواد, فبعد أن انتصف الليل.. فجأة...! أصبح المكان هادئا و تلاشى ذلك اللحن الحزين الذي كان يدوي في المكان و يرتطم بأسوار المقبرة و يرجع إلى مدفنه.. سمعنا صوت البكاء من جديد هو نفسه البكاء الذي أرعبنا الليلة الماضية, فعندما سمعنا هذا الصوت شعرنا بالفزع و الرعب و الخوف كثيرا أنه نفس الطبق الذي تذوقناه الليلة الماضية.....
صرخة الموت..!!
الجزء الأول
في ذلك اليوم, و في تلك الليلة الظلماء الموحشة, و عندما هدأت ثورة العاصفة, و اشتد سقوط المطر و من بعد أن رمانا قدرنا في مكان مجهول بحثنا عن مكان نأوي إليه و لكننا لم نجد إلا هذا المكان الذي يحيط به سور طويل, هنا سنجد الأمان و الحماية بالتأكيد, فدخلنا وجلسنا أسفل ركن قابع في زاوية لا يصل فيه المطر و انتظرنا إلى أن تلاشت قطرات المطر تدريجيا و توقف عن الهطول, لقد كان المكان مظلما و مخيفا كنا وحدنا؛ في تلك الليلة كان المكان هادئا جدا و كنا لا نسمع إلا صوت الحشرات, إننا خائفتان جدا, فجأة!... عم السكون في أرجاء المكان فسمعنا صوتا متناهيا من بعيد إنه صوت شخصا يبكي, لقد زاد ذلك من رعبنا كثيرا فلا يوجد أحد في هذا المكان سوى أنا و صديقتي, و لكن ما الذي يحصل لا نعرف؟؟؟
و بعد قليل اختفى الصوت و رجع الليل يدثر الأرض كما كان, فجلسنا بجانب بعضنا ممسكتين بأيدي بعض من شدة الخوف و الرعب و ندعوا ربنا أن تمر هذه الليلة بسلام... فأغمضنا أعيوننا و نحن ندعوا ربنا ثم نمنا دون أن نشعر.
و في الصباح استيقضنا على صوت العصافير و أيقضتنا أشعة الشمس الذهبية, فنظرنا حولنا بعينين مرهقتين ذابلتين, ولكن بعد أن نظرنا اتسعت أعيوننا بذهول متفاجئتين من الذي نراه بداخل هذا السور لأننا لم نجد إلا القبور تحيط بنا من كل جانب, فلم نكن نعلم بأننا كنا نائمتين مع الأموات, و لم ندرك ذلك أبدا طول الليلة الماضية, ولسوء حضنا إننا في بلدة لا نعرفها و لا نعرف أحدا فيها و لا نعرف أين نذهب؟ و أين نحن؟ و ماذا سنفعل؟؟
خرجنا من بوابة المقبرة و ابتعدنا عن أسوارها التي كانت تحيطنا و تحمينا فذهبنا نمشي في طرقات البلدة نادرا ما نرى شخصا يمشي في الطريق و لم نرى حتى حيوانات.. المكان موحش و الرياح تصفر في المكان و الجو يشوبه السكون و يبعث في القلب الخوف من المجهول, فمعظم البيوت مهجورة و المحلات و المباني مكسرة و كأنها بلدة الأموات لأن المقبرة هي المكان الوحيد الذي كان عامرا بالأجساد الهامدة و الأرواح المعذبة..
بينما كنا نمشي في هذه الطرقات الغريبة رأينا محلا لبيع الخبز فقررنا دخوله بعد تردد و تفكير فربما أحد الأشباح يبيع فيه!!! و هل يعقل بأن يكون هناك محلا لبيع الخبز في بلدة كهذه و التي لا يوجد فيها إلا القليل جدا من الناس و كأنها بلا سكان.. دخلنا إلى المخبز فربما نستطيع أن نشتري شيئا لكي نفطر به و لكي يكون قوتا لنا في هذا اليوم و ربما إلى أن نرحل من هذه المدينة المرعبة, إما إلى بلدتنا أو لبلدة أخرى و إما إلى الرفيق الأعلى قبل أي مكان.. لقد استقبلتنا هذه البلدة بأرض مفروشة بالقبور و قدمت لنا صحنا من الخوف و نشرب الرعب بعده و ربما سنحلي بالموت..
وقفنا عند باب المخبز و كنا نرتجف من الخوف لقد فتحنا الباب لعصافير خوفنا المحبوسة في داخلنا حتى تحمينا و أطلقنا لها العنان لترحل فربما نتحلى بالشجاعة لنبعد الخوف المؤلم, و في نفس الوقت كنا نحاول عدم إظهار خوفنا أمام أحد. دخلنا إلى هناك و كان الجميع ينظرون إلينا نظرة تعجب و تساؤل و يتهامسون فيما بينهم و يتساءلون يا ترى من نكون؟ و ماذا نفعل هنا؟؟ إنهم على حق ماذا نفعل في بلدة كهذه؟! ليس هم فقط الذين يتساءلون نحن أيضا نتساءل ماذا نفعل هنا؟؟ و لكن ماذا عسانا نفعل؟ إننا ضحيتان بيد قدرنا..
كنا نريد أن نشتري من المخبز و لكننا لا نعرف ماذا ندفع بالمقابل لقد احترنا, ماذا نفعل؟ أخذتني صديقتي على جنب و سألتني هل لديك شيئا ترهنينه لهم إلى أن نرجع لديارنا و نرجع لهم النقود؟؟ قلت لها ليس معي شيء ماذا نفعل؟ و لكني تذكرت بأن لدي خاتما من الذهب كنت ألبسه و هو لأمي, فقمت بإعطائه الخاتم فقال لنا أن نأتي في المرة المقبلة للشراء لكي نوفي حقنا في هذا الخاتم لأنه لا يملك ثمنه, و لكننا سنقوم بمقايضة الخاتم بالخبز و أي شيء نحتاجه من هذا المخبز.
لا أعرف لماذا أشعر بأن هؤلاء الناس عيونهم حزينة و حتى ابتسامتهم مجرد ابتسامة مرسومة على شفاههم على الرغم من ضحكهم أحس بأن بداخل أعماقهم أكوام من الأحزان و الآلام المدفونة...
اشترينا ما نريد و خرجنا من المخبز ولكن إلى أين نذهب في هذا الوقت من الصباح و خصوصا في هذه البلدة؟..إننا لا نعرف أحدا هنا لذلك فوضنا أمرنا لله و حده فرجعنا أدراجنا إلى المكان الذي احتمينا فيه في الليلة الماضية عن المطر لأننا لا نعرف مكانا غيره لنلجأ إليه جلسنا في المقبرة نتناول الإفطار و نفكر في حالنا و في ما الذي حلنا بنا فجأة؟؟ فبينما كنا نأكل أتت العصافير تراقبنا من أعلى المكان و كأنها تطلب منا كسرة خبز ليسدوا بها جوعهم من هذه الأرض القاحلة, فرمينا لها قطعا من الخبز فنزلت تأكل هي أيضا معنا و تغرد و كأنها تشكرنا على ما فعلناه لأجلها..
بعد أن تناولنا إفطارنا جلسنا ننتظر لعل شخصا يرجعنا إلى ديارنا أو حتى يوصلنا لمكان يوجد به حياة و نشعر فيه بالأمان و لكن لا أحد.. يا لها من بلدة غريبة جدا!..
بعد طول انتظار و بعد أن استسلمنا لهذا الحال, أقبل الليل ينصب خيامه علينا, فجلسنا في مكاننا و لم يكن هناك أحدا يتكلم سوى أنا و صديقتي لأننا الوحيدتين اللتين مازلنا على قيد الحياة في هذا المكان ربما لهذه اللحظة فقط فجميعهم أموات, فربما ستأتي علينا اللحظة التي نسكت مثلهم..
لقد قضينا الليلة الأولى في رعب و فزع أما في هذه الليلة لا نعرف ماذا سيكون مصيرنا, بدأت الحشرات بعزف ألحان الليل الطويل و الوحيد دون أحد يتسامر فيه ليسمع لحنهم الحزين الذي يعزفونه لأهالي القبور في هذا الظلام حالك السواد, فبعد أن انتصف الليل.. فجأة...! أصبح المكان هادئا و تلاشى ذلك اللحن الحزين الذي كان يدوي في المكان و يرتطم بأسوار المقبرة و يرجع إلى مدفنه.. سمعنا صوت البكاء من جديد هو نفسه البكاء الذي أرعبنا الليلة الماضية, فعندما سمعنا هذا الصوت شعرنا بالفزع و الرعب و الخوف كثيرا أنه نفس الطبق الذي تذوقناه الليلة الماضية.....