الموضوع: هل تخضع جميع الظواهر لمبدأ الحتمية المطلق ؟.
المقدمة:
إن مبدأ الحتمية مبدأ علمي، یتمثل في الترابط الضروري بين الظاهرة وشروطها.فكل ظاهرة طبيعية
مقيدة بشروط تحدثها. وأن تكرار نفس الأسباب یؤدي إلى تكرار نفس النتائج.
ودور مبدأ الحتمية في العلم، هو التنبؤ بالظواهر قبل وقوعها. لكن هل یمكن اعتبار مبدأ الحتمية مبدأ
مطلق وشامل، تخضع له جميع الظواهر ؟ وهل الحتمية مبدأ مطلق ؟
التوسيع:
القضية: یعتبر "لابلاس" من بين العلماء والمفكرین الذین یعتبرون أن مبدأ الحتمية مبدأ مطلق. وهذا ما
عبر عنه في قوله:"یجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة وسببا في الحالة التي
تأتي بعد ذلك مباشرة “
وهذا یعني أن آل الظواهر الكونية سواء آانت مادیة أوبيولوجية. تخضع لمبدأ إمكانية التنبؤ بها، وهذا
يستلزم بالضرورة أنها تخضع لمبدأ الحتمية.
لان الطبيعة خاضعة لنضام مطرد ثابت بعيد عن التناقض. وهذا ما ذهب إليه "بوانكاري" عند ما رفض
فكرة أن الطبيعة تخضع للتعقيد والاضطراب. وهو يقول في هذا:" إن العلم حتمي وذلك بالبداهة.
وانه لولا الحتمية لما أمكن أن یكون العلم "
و عليه فإن العلوم المختلفة الطبيعية منها والإنسانية تقوم على التنبؤ الذي یعود الفضل فيه إلى مبدأ
الحتمية.
نقد القضية: إن مبدأ الحتمية ليس مطلق، بدليل أن هناك بعض الظواهر الطبيعية التي لاتقبل
التنبؤ. آالزلزال مثلا.
نقيض القضية: یرى فلاسفة القرن العشرین أن الكون لا یخضع لمبدأ الحتمية الشامل. لأن مبدأ الحتمية
مبدأ تخضع له الظواهر المتناهية في الكبر مجالها الماآر وفيزیاء. أما الظواهر المتناهية في الصغر
(الميكروفيزيائية).فلا تخضع لهذا المبدأ . واعتبر آل من "إيدينجتون" و"ديراك" أن الدفاع عن مبدأ
الحتمية مستحيل.
لان الذرة ومكوناتها الجزئية، لا تخضع لمبدأ الحتمية.وإنما للحرية والإمكان . والدليل على ذلك أنه
لایمكن التنبؤ بالظواهر الميكروفيزيائية بدقة آما هو الحال بالنسبة للماآر وفيزیاء (الظواهر القابلة
للملاحظة الحسية ).
ولقد توصل "هيزنبارغ "سنة 1926 إلى أن قياس حرآة الإ لكترون أمر صعب للغایة.فإذا تمكنا من قياس
سرعة الإلكترون ، فلت منا تحديد مكانه . وإذا حددنا مكانه فلت منا تحدید سرعته. فلايمكن التنبؤ بمكان
الإلكترون لا بسرعته. وهذا يعني أن هذا المجال، لا یخضع لمبدأ الحتمية. وهكذا أصبحت
الحتمية مجرد فرضية علمية وليس مبدأ مطلق یعمم على جميع الظواهر.
نقد نقيض القضية: لكن قد تتطور وسائل الملاحظة وعندئذ يصبح تحديد مكان وسرعة الإلكترون في آن
واحد أمر ممكن.
الخاتمة: إن مبدأ الحتمية مبدأ تخضع له الظواهرالماآروفيزيائية ولا تخضع له الظواهر الميكروفيزيائية.
هادي المقالة الأولى
ان شاء الله نلقى الآخرين
ونحطهم هنا