/\/\/\/\/\/\/| (ملخصــات التـــــاريخ و الجغرافيــــا الجزئ(2) |\/\/\/\/\/\/\/\

Bad Boy MMA

:: عضو مُشارك ::
إنضم
26 ماي 2011
المشاركات
163
نقاط التفاعل
19
النقاط
7
العمر
30
الحركات الليبرالية والقومية في أوربا في القرن التاسع عشر



مقدمة : يعتبر القرن التاسع عشر مرحلة هامة في تاريخ أوربا حيث تميز بالصراع بين الأنظمة المحافظة الإقطاعية والحركات الليبرالية التحررية والقومية، التي تزعمتها البرجوازية. كما تميز ببداية التوسع الاستعماري خارج أوربا.





انتشرت مبادئ الليبرالية والقومية بأوربا عقب الثورة الفرنسية والتوسعات النابوليونية



1 ) انتشار الأفكار الليبرالية والقومية : ظهر المذهب الليبرالي " الحر " في أواخر القرن السابع عشر بإنجلترا. ويقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية في المجال الاقتصادي والحريات الفردية والسياسية في المجال السياسي. وانحصرت مبادئ الليبرالية في فكر الأنوار، تبنتها الثورة الفرنسية كمبادئ سياسية، فأصبحت إيديولوجيا للبرجوازية ضد الأنظمة الاستبدادية، تلخصت في شعار الثورة الفرنسية الحرية، المساواة، الإخاء

وأصبحت فرنسا تتزعم التيار الليبرالي التحرري، خاصة بعد سيطرة نابوليون على السلطة في فرنسا، عقب انقلابه ضد حكومة الإدارة، وتوسعاته في أوربا حيث كسب عطف الشعوب الأوربية الخاضعة للأنظمة الاستبدادية. لكن تحالف الإمبراطوريات الفيودالية مثل روسيا، بروسيا، النمسا، وانحراف أهداف نابوليون عن نشر الفكر التحرري إلى التوسع والاستعمار، مما أدى إلى تراجع التوسعات النابوليونية، حيث تعددت انهزاماته أمام الدول المتحالفة حتى معركة واترلو18 يونيو 1815، والتي وضعت حدا لتوسعاته.




2 ) معارضة قرارات مؤتمر فيينا لمبادئ الليبرالية والقومية:
انعقد مؤتمر فيينا ما بين نونبر 1814 ويونيو 1815 تحت هيمنة الدول المتحالفة ضد نابويليون وهي: روسيا، بروسيا، ابريطانيا والنمسا التي مثلها مستشارها مترنيخ، الذي هيمنت شخصيته على أشغال المؤتمر. واستهدفت قرارات المؤتمر إضعاف فرنسا تحت فكرة تحقيق التوازن الدولي؛ حيث أفقدتها جميع المناطق التي سيطرت عليها أيام نابوليون. وأحاطت فرنسا بمجموعة من الدويلات، فتغيرت خريطة أوربا. وسيطرت الدول المتحالفة على مناطق واسعة وعقدت فيما بينها تحالفات: الحلف المقدس بين روسيا بروسيا والنمسا، والحلف الرباعي الذي يضم ابريطانيا إلى جانب دول الحلف المقدس.
لكن قرارات مؤتمر فيينا لم تقض على الفكر الليبرالي والحركات التحررية حيث تحالفت البرجوازية مع المثقفين وأسسوا جمعيات سرية مناهضة للفكر الإستبدادي، أهمها جمعية الكربوناري بمملكة نابولي بإيطاليا. وبرز الإتجاه القومي، معتمدا على الاختلافات اللغوية والعرقية والدينية والعادات، وتبنى إعلان حقوق الإنسان والمواطن. وعارضت الأفكار القومية التقسيمات التي أحدثتها قرارات مؤتمر فيينا.





استمر كفاح الحركات الليبرالية والقومية ضد قرارات مؤتمر فيينا، وكانت له عدة نتائج أهمها تحقيق الوحدتين الألمانية والإيطالية



1 ) ثورات 1815-1848 : أدت إلى عدة نتائج ويمكن تقسيمها إلى مرحلتين أساسيتين:


أ ) المرحلة الأولى 1815-1830 : مثلت هذه المرحلة الصراع بين البرجوازية والإقطاع ودفاع الطبقة العاملة عن مصالحها. لكن جل الثورات قمعت من طرف الأنظمة الاستبدادية ماعدا المناطق التي حصلت على الاستقلال وهي بلجيكا واليونان.

أنظر الجدول التالي: أحداث 1815-1830.



كان هدف جمعية الكربوناري هو توحيد إيطاليا والقضاء على النفوذ النمساوي. وفي 1820 تمرد الجيش وسيطر على السلطة. لكن الثورة قمعت من طرف النمسا.
إيطاليا
1820 انتفض الجيش بمدينة قادس وتشكلت حكومة من البرجوازية والنبلاء. وتدخلت فرنسا بإيعاز من دول الحلف المقدس للقضاء على الثورة.
إسبانيا

1817 قيام عدة انتفاضات تنادي بالحد من الملكية المطلقة. وفي 1830 قيام ثورات تنادي بالوحدة الألمانية، مما أدى إلى تدخل النمسا للقضاء عليها وإلغاء الحريات العامة.
ألمانيا

قرر مؤتمر فيينا تقسيمها بين روسيا وبروسيا والنمسا. وأدى نشاط الحركات القومية إلى إعلان الاستقلال في 1830، فتدخلت روسيا وسيطرت على البلاد في 1831.
بولونيا

1814 اعتلى العرش لويس 18 وأعاد الإقطاع للسلطة بشكل متوازن مع البرجوازية.

1824 تولى السلطة شارل العاشر وانحاز للتيار المحافظ، واحتل الجزائر كحل للأزمة الداخلية، مم أدى إلى ثورة باريس بزعامة البرجوازية، فخلفه لويس فليب 1830-1848 الذي قضى على الثورة وحكم حكما استبداديا.
فرنسا

في 1822 أعلنت استقلالها عن العثمانيين الذين حاولوا استرجاعها. لكن إعلان روسيا الحرب على تركيا وتدخل فرنسا وابريطانيا إلى جانب اليونان، فاضطرت تركيا إلى الاعتراف باستقلال اليونان في 1828.
اليونان

قرر مؤتمر فيينا إدماجها مع هولندا وتشكيل مملكة الأراضي المنخفضة. لكن الاضطهاد الهولندي دفع البلجيكيين إلى الثورة وإعلان الاستقلال في 1830.
بلجيكا






ب ) المرحلة الثانية : تمثلت في ثورات 1848، وبرز خلالها الصراع بين ثلاث طبقات: البرجوازية، الإقطاع والطبقة العاملة. ويتجلى ذلك في النماذج التالية:



1848 عزل لويس فليب وتم إعلان قيام الجمهورية الثانية. وتكونت حكومة برجوازية، فتطور الصراع بين الطبقة العاماة والبرجوازية التي أسندت السلطة للجيش بقيادة كافينياك الذي أخمد الثورة بالقوة. وتولى السلطة لويس بونابارت بعد نجاحه في الانتخابات. وحكم حكما استبداديا عندما أعلن نفسه إمبراطورا حاملا لقب نابوليون الثالث. ودام حكمه حتى سنة 1870.
فرنسا
1848 استقل مترنيخ عقب الثورة التي تزعمها المثقفون، وتأسس الدستور والبرلمان. وطالب المجريون بالاستقلال، وتدخلت روسيا لمساعدة النمسا ضد ثورة المجر. كما فشلت محاولات استقلال بعض الإمارات الإيطالية عن النفوذ النمساوي.
النمسا

قامت الثورة واضطر ملك بروسيا القيام ببعض الإصلاحات كإحداث الدستور وانتخاب البرلمان. لكن البرجوازية الألمانية تحالفت مع الإقطاع مستفيدة مما وقع في فرنسا ولتتجنب الصراع مع الطبقة العاملة.
ألمانيا






2 ) تكونت الدولة القومية بإيطاليا بقيادة مملكة البييمونت وفي ألمانيا بقيادة بروسيا



أ ) الوحدة الإيطالية: كانت إيطاليا مقسمة إلى سبع إمارات، ثلاث منها مستقلة والباقي تحت نفوذ النمسا، إضافة إلى ممتلكات الكنيسة. وكانت مملكة البييمونت أكثر الإمارات تطورا من الناحية السياسية والاقتصادية حيث تتمتع بملكية دستورية منذ 1848 وعلى رأسها الملك فكتور إمانويل. ولعب كافور دورا هاما في تحقيق الوحدة الإيطالية حيث كان يتزعم التيار الليبرالي الملكي المنسجم مع تطلعات البرجوازية. وتمكن من توحيد إيطاليا بمساعدة غاريبالدي الذي قاد المتطوعين وحرر معظم الأراضي الجنوبية تحت سلطة ملك البييمونت إيمانويل الثاني الذي أعلن ملكا على مجموع إيطاليا سنة1861، ماعدا الأراضي الخاضعة للكنيسة.




ب ) الوحدة الألمانية: عرفت بروسيا تطورات اقتصادية هامة خاصة في المجال الصناعي، لكن التجزئة السياسية تحد من ذلك التطور، فأصبح هدف البرجوازية هو تحقيق الوحدة السياسية. وفي 1862 تولى بسمارك منصب الوزير الأول " المستشارية " واعتمد على قوة بروسيا العسكرية وعلى نضج الوعي القومي الألماني. وتمكن من تحقيق الوحدة الألمانية بالقضاء على الهيمنة الأجنبية حيث حارب الدانمارك وانتصر في 1864، كما انتصر على النمسا في معركة سادوا Sadowa 1866، وهزم فرنسا في معركة سدان sedan 1870 وسيطر على الألزاس واللورين. وعرفت سياسته بسياسة الحديد والدم. وانضمت الإمارات الألمانية الأخرى إلى الإتحاد الألماني بزعامة بروسيا، والذي أصبح يعرف بالإمبراطورية الألمانية بعد تتويج غليوم الأول إمبراطورا على ألمانيا.




خاتمة : بعد تحقيق الوحدتين الإيطالية والألمانية، عرفت أوربا تغييرا في موازين القوة حيث هيمنت القوة الألمانية على السياسة الأوربية. وبدأت كل من إيطاليا وألمانيا تتسابق للحصول على أسواق ومستعمرات خارج أوربا وتنافس الدول الاستعمارية الأخرى خاصة ابريطانيا وفرنسا.


تطور الرأسمالية ونتائجه خلال القرن التاسع عشر



مقدمة : عرفت أوربا الغربية تحولات اقتصادية وتقنية خلال القرن 18، مما ساعد على تطور الرأسمالية في القرن 19 بأوربا الغربية وأمريكا الشمالية؛ حيث تحولت من رأسمالية صناعية إلى رأسمالية مالية. وكانت لذلك التطور نتائج هامة شملت ميادين مختلفة: سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية.




تجلى تطور الرأسمالية في القرن 19 في تطور مختلف القطاعات الاقتصادية.



تطور الصناعة والفلاحة:

في مجال الصناعة :

تطور الانتاج الصناعي نتيجة استعمال الآلة وتطبيق الاختراعا التقنية الجديدة، مما أدى إلى تجديد هياكل الصناعة وظهور صناعات جديدة حيث ظهرت الصناعة الميكانيكية كفرع مستقل، فتطور إنتاج الآلات مما ساعد على تطور الصناعة من يدوية إلى آلية. وظهرت مصانع كبرى لصهر المعادن، فأصبحت الصناعة الثقيلة تحتل المكانة الأولى عوض صناعة النسيج. وارتبط تطور صناعة التعدين بتطور صناعات أخرى كاستخراج المعادن والكيميائية وإنتاج الكهرباء، حيث عرف الثلث الأخير من القرن 19 بعصر الفولاذ. واستمر التطور التقني باختراع أنواع مختلفة من المحركات كمحركات الكهرباء والدييزيل ومحركات الاحتراق الداخلي والتربينات البخارية. واستعملت هذه الآلات بشكل واسع شمل البوادي الأوربية فعرفت تحولات هامة.



في مجال الفلاحة :

ظل الانتاج الفلاحي في معظمه معيشيا تقليديا حتى منتصف القرن19. ثم تطورت الفلاحة نتيجة تدخل الرأسمالية في البوادي وامتداد طرق المواصلات خاصة السكك الحديدية، إضافة إلى أهمية الطلب نتيجة ارتفاع عدد سكان المدن. واتجه الاستغلال الفلاحي نحو الزيادة في الانتاج وتحقيق مردودية مرتفعة باستعمال الآلة ونتائج البحث العلمي والأسمدة وطريقة التناوب الزراعي والتخصص في الانتاج قصد التسويق. وتطلب ذلك التحول استثمارات مالية هامة، مما أدى إلى التركيز الرأسمالي في مجال الفلاحة. وأصبحت معظم الأراضي في يد الملاك الكبار البرجوازيون، والنبلاء الذين استوعبوا التطورات الجديدة، في حين اختفى الفلاحون الصغار تقريبا، وتقلصت نسبة اليد العاملة في الفلاحة بسبب استعمال الآلة. ونشطت الهجرة القروية نحو المدن لتوفر طرق المواصلات. وتخصصت بعض المناطق والدول في إنتاج معين مثل القمح بالولايات المتحدة وكندا وروسيا، والصوف بأستراليا و الأرجنتين. كما تراجعت بعض المزروعات ) النباتات الزيتية ( أمام تربية الأبقار المنتجة للحليب واللحوم قصد تلبية حاجيات المدن. واهتمت بعض الشركات الفلاحية باستغلال المستعمرات خاصة بالنسبة للمنتجات المدارية.



المواصلات والمبادلات التجارية :

ارتبط تطور المواصلات البرية والنهرية والبحرية بتطور الصناعة، نظرا لحاجتها إلى الأسواق والمواد الأولية ومصادر الطاقة. وتطلب ذلك تعبيد الطرق وحفر قنوات ملاحية للربط بين الأنهار الصالحة للملاحة. لكن السكة الحديدية كانت رمزا للثورة الصناعية؛ اكتشفت بإنجلترا على يد جورج ستيفنسن، وانتشر استعمالها في باقي أوربا الغربية والولايات المتحدة ) خريطة ص.16 ( مما أدى إلى تخفيض تكاليف النقل والمدة الزمنية للتنقل بين المناطق. وتطورت الملاحة البحرية بحفر قنوات جديدة مثل السويس و باناما، واستعمل الحديد والآلة البخارية في صناعة السفن الكبرى. وظهرت موانئ كبرى مثل لندن ونيويورك وروتردام، كما ظهرت شركات ملاحية كبرى.

وبعد اختراع محركات البنزين والعجلات المطاطية، ظهرت السيارات في 1895. كما ظهرت وسائل أخرى في أواخر القرن 19 كالدراجة العادية والنارية والتلغراف والهاتف والصحف ووكالات الأنباء.

وساعدت وسائل المواصلات على تطور المبادلات التجارية، حيث مكنت الصناعة من تصريف الانتاج والحصول على المواد الأولية ومصادر الطاقة. واتسع حجم المبادلات العالمية وظهرت البورصات وزادت حدة التنافس التجاري، مما دفع بعض الدول إلى فرض الحماية الجمركية. ولعبت الأبناك دورا هاما في تطوير القطاعات الاقتصادية حيث وظفت أموالها في المؤسسات التجارية والصناعية وفي المضاربات البورصوية، إضافة إلى القروض. واستفادت الأبناك من نمو الكتلة النقدية بعد اكتشاف الذهب في كاليفورنيا و أستراليا، وإصدار الأوراق النقدية واستعمال الشيكات.



خلـف تـطـور الـرأسمالـية خـلال الـقـرن 19 نـتائج هـامة.


تطورت الرأسمالية الصناعية إلى رأسمالية مالية :

نتيجة للتركيز الرأسمالي تطورت الشركات من - شركات الأشخاص- عائلية أو لبعض الشركاء إلى - شركات الرساميل- شركات المساهمة أو المجهولة الاسم .وهذا التركيز حتمته ظروف المنافسة من أجل تحسين الجودة وتخفيض تكاليف الانتاج ولتحقيق الأرباح. والتركيز الرأسمالي أنواع؛ فعلى مستوى الانتاج نجد الأفـقي ويتم بين شركات ذات إنتاج متشابه، ويعطي ما يسمى بالكارتيل. ثم العمودي ويتم بإدماج شركات تساهم في إنتاج واحد لتشكيل شركة واحدة، ويعطي ما يسمى بالتروست. وعلى المستوى الملي ظهرت شركات التملك ) الهولدينغ ( وهي شركات مالية احتكارية تفرض سيطرتها على المؤسسات البنكية والصناعية بواسطة امتلاك قسم كبير من أسهمها. لذلك سميت رأسمالية القرن 19 بالرأسمالية المالية.

ورغم تطور الاقتصاد الرأسمالي في القرن 19، فإنه تميز بتعرضه للأزمات الدورية الناتجة عن تضخم فائض الانتاج والمبالغة في القروض والمضاربات المالية، مما يؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي وانتشار البطالة.



النتائج الديمغرافية والفكرية والاجتماعية:


المجال الديمغرافي :

تزايد عدد سكان الدول الرأسمالية منذ مطلع القرن 19 بسبب تطور الفلاحة وتحسن ظروف التغذية، وتطور العلوم الطبية وتحسن الظروف الصحية، فتقلصت نسبة الوفيات وارتفعت نسبة الولادات. وتزامن ارتفاع عدد السكان مع التطورات الاقتصادية، فاصبحوا يلعبون دور المنتج والمستهلك. ونشطت الهجرة القروية نتيجة التحولات التي عرفتها الفلاحة ولتوفر طرق المواصلات، فارتفع عدد سكان المدن، وظهرت المدن الكبرى بمشاكلها الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن الهجرة كالبطالة. وبدا التشجيع على الهجرة الخارجية كحل للمشاكل الداخلية، حيث شملت حوالي 60 مليون أوربي خلال القرن 19. ودعمت بهم أوربا نفوذها في عدة مناطق من العالم.


في المجال الفكري :

تبنت البرجوازية المذهب الليبرالي، وتبنت الطبقة العاملة المذاهب الاشتراكية.

ـ المذهب الليبرالي الكلاسيكي: تأسس على يد أدم سميث في أواخر القرن 18، وطوره كل من مالتوس و ريكاردو خلال القرن 19. وتتلخص مبادئه في الملكية الفردية والحرية الاقتصادية. ويدعو على تحديد النسل لتحقيق التوازن بين النمو الديمغرافي والامكانيات الغذائية، وإلى البحث عن الأسواق لتصريف فائض الانتاج الصناعي.

ـ المذاهب الاشتراكية: بدأت الاشتراكية باتجاهها المثالي ( أو الطوباوي ) خلال القرن 18 على يد سان سيمون و روبرت أوين. ويدعو إلى نظام اجتماعي افضل تتعزز فيه الملكية الجماعية والعمل الجماعي والقضاء على الفقر والاستغلال. ثم تطورت الاشتراكية على يد ماركس و إنجلز خلال القرن 19، وأصبحت تعرف بالاشتراكية العلمية. وتعتبر الصراع الطبقي المحرك الأساسي للتاريخ، ودعت إلى تحقيق المجتمع الاشتراكي.


الجانب الاجتماعي :

ظل المجتمع الرأسمالي طبقيا رغم التحولات التي عرفتها البنية الاجتماعية نتيجة التطورات الاقتصادية. ويتألف من:

ـ الأرستقراطية: التي تراجعت بشكل كبير أمام نمو البرجوازية. لكن بعض السر حافظت على مكانتها لأنها استوعبت التحولات الجديدة، وتصاهرت مع بعض الأسر البرجوازية، وتقلدت مناصب هامة إدارية وعسكرية.

ـ الطبقة البرجوازية: عرفت نموا كبيرا، ويمكن تصنيفها إلى: برجوازية كبيرة، وهي المسيطرة على المجالات الاقتصادية. وبرجوازية متوسطة، يمثلها أصحاب المهن الحرة كالأطباء والصيادلة والمهندسين. وأخيرا البرجوازية الصغيرة، ويمثلها الموظفون والملاك والتجار الصغار والحرفيون المتخصصين.

ـ الطبقة العاملة: أو البروليتاريا، وهي التي تمثل جميع الفئات المستغلة كالحرفيين وعمال البيوت الذين يشتغلون في منازلهم لحساب المقاولين. والعمال المؤهلون تقنيا وغير المؤهلين.

ونتيجة للإستغلال الرأسمالي الذي تعرضت له الطبقة العاملة، دعت الاتجاهات الاشتراكية العمال إلى الإتحاد، لأنهم يشكلون قوة اقتصادية يكمن خطرها في اتحادها، لذلك ظهرت النقابات والاتحادات النقابية( الفيدراليات) واتحادات دولية ( الأممية الأولى بلندن 1864 ). وحققت هذه التنظيمات بعض المطالب الأساسية كتحديد ساعات العمل والحق في العطلة الأسبوعية وحق تأسيس النقابات وتحديد السن القانوني لتشغيل الأطفال ( ما بين 10 و13 سنة ) واعتبار فاتح ماي عيدا للعمال منذ 1890.



التحولات السياسية والاقتصادية في البلدان الرأسمالية :


دفعت التطورات الاقتصادية في الدول الرأسمالية إلى الاهتمام بالمشاكل الاجتماعية وتنظيم الحياة السياسية بوضع قوانين لترسيخ الديمقراطية. وأصبحت الدول الرأسمالية تبحث عن منافذ جديدة لتصريف فائض الانتاج الصناعي واستيراد المواد الغذائية، ولحل المشاكل الاجتماعية الناتجة عن الهجرة القروية والنمو الديمغرافي. وكذلك لحل المشاكل السياسية الناتجة عن الصراعات السياسية والاجتماعية، حيث تطورت الأحزاب القديمة وظهرت أحزاب جديدة والاتحادات العمالية. ولتحقيق ذلك نهجت الدول الرأسمالية سياسة التوسع الامبريالي. وعقدت مجموعة من المؤتمرات للحد من التنافس الاستعماري مثل مؤتمر برلين Conférence de Berlin 1884 ـ 1885، والاتفاق الودي 1904 ومؤتمر الجزيرة الخضراء 1906، ذلك التنافس الذي أدى إلى الحرب العالمية الأولى.


خاتمة : تطورت الرأسمالية في القرن 19 من رأسمالية صناعية إلى رأسمالية مالية، وأصبحت المؤسسات المالية تتحكم في النشاط الاقتصادي والحياة السياسية. وانعكس ذلك التطور بشكل سلبي على الشعوب المستضعفة حيث استهدفها التوسع الامبريالي.

 

المغرب


الضغوط الاستعمارية على المغرب خلال القرن التاسع عشر ومحاولات الإصلاح



مقدمة : عرف المغرب ضغوطا استعمارية مختلفة ؛عسكرية واقتصادية ودبلوماسية وذلك من أجل انتزاع أجزاء من ترابه وغزو سوقه الداخلية. ذلك ما دفع المخزن المغربي إلى القيام بمحاولات إصلاحية لتفادي السيطرة الأجنبية.


خـضــع المــغرب لضــغوط استـعـمـاريـة مخــتــلــفـة.


1 ): الضغوط العسكرية:


تمثلت في التدخل العسكري الفرنسي والاسباني في المغرب؛ فنتيجة لمساعدة المغرب للمقاومة الجزائرية، تدخلت فرنسا بأسطولها وقصفت مدينة طنجة في 6 غشت 1844، ثم مدينة الصويرة في11 غشت. وفي 14 غشت وقعت معركة إيسلي التي انهزم فيها المغرب وانكشف ضعفه، ووقع على معاهدة الصلح ( لالة مغنية 1845) التي تركت الحدود مبهمة بين المغرب وفرنسا بالجزائر. وقد تعمدت فرنسا ذلك لتتمكن فيما بعد من التوغل بالمغرب. وفي1848 إحتلت إسبانيا الجزر الجعفرية ووسعت نفوذها انطلاقا من سبتة ومليلية، مما أدى إلى معركة تطوان(1859-1860) حيث تم احتلال مدينة تطوان في 6 فبراير1860. وأبرم المغرب صلحا مع إسبانيا يوم26 أبريل من نفس السنة، وفق شروط قاسية كالموافقة على توسيع حدود سبتة ومليلية وغرامة مالية(100 مليون بسيطة=20 مليون ريال). وسبب ذلك في إفراغ حزينة المغرب وتنازله عن 50 % من مداخيله الجمركية لصالح إسبانيا. والتجأ إلى الاقتراض من إنجلترا مقابل التنازل لها عن 25 % من رسومه الجمركية، وبذلك أصبحت مداخيل المغرب الجمركية تحت مراقبة الأجانب.


2 ): الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية :




نهج المغرب سياسة الاحتراز من أوربا إلى منتصف القرن 19 باتخاذ إجراءات تقلص من التعامل مع الأوربيين. لكن الدول الأوربية عملت على إخراج المغرب من عزلته وذلك بتدخلها العسكري، ثم بالحصول على الامتيازات عن طريق الاتفاقيات المبرمة. وتحت الضغط والتهديد العسكري، اضطر المخزن إلى مراجعة سياسته التجارية مع أوربا. وأبرم المغرب في عهد المولى عبد الرحمان في 9 يناير 1856 اتفاقية تجارية مع ابريطانيا، حصلت بموجبها على امتيازات هامة كحق التجارة والتملك والتنقل داخل المغرب، وتخفيض الضرائب على الواردات إلى 10 % نقدا، ومنح الحماية الفردية للمغاربة. وحصلت إسبانيا على نفس الامتيازات بعد اتفاقية 1861 وفرنسا بعد إتفاقية 1863. وأصبحت الأسواق المغربية مفتوحة أمام المنتجات الأوربية مما أدى إلى تدهور اقتصاد المغرب وتضرر الحرفيين بسبب المنافسة، وارتفاع أسعار المواد الأولية نتيحة تصديرها إلى أوربا. واضطر المخزن إلى إحداث ضرائب جديدة (المكوس) فقامت ثورات وتمردات في الأوساط الحضرية والقروية. ومكنت الحماية الفردية مجموعة من المغاربة المحميين( يهود ومسلمين ) من الخروج عن السلطة المحلية حيث يتمتعون بحقوقهم كمغاربة وليست عليهم واجبات مخزنية. وجمعوا ثروات هامة وظفوها في التجارة والمضاربات العقارية والقروض بفوائد مرتفعة، وفي شراء الأراضي الفلاحية. وأصبحوا وسيلة للتوغل الاستعماري وإضعاف السلطة المركزية حيث شملت الحماية الفردية موظفي المخزن وشيوخ الزوايا مثل (الوزاني) والعمال والقواد، بل حتى وزيرالحربية( المنبهي ) في بداية القرن 20. واستفاد اليهود المغاربة من هذه الوضعية وتجنسوا بجنسيات أجنبية، وساهموا في الأزمة الداخلية.



قــام المـغرب بمحاولات إصـلاحية لمـواجـهـة الضـغوط الأجـنـبـيـة.




1 ): الاصلاحات الادارية والجبائية والنـقدية:




تم إصلاح الادارة المركزية بتحديد إختصاصات كل وزير. وأصبحت مهمة الصدر الأعظم تقتصر على السهر على الشؤون الداخلية والمراسلات الرسمية بين الادارة المركزية والعمال والباشوات والقواد. وتم تعيين أمين الأمناء ومهمته السهر على جباية الضرائب وتنظيم مختلف الشؤون المالية. وعلى المستوى الجهوي تم الحد من نفوذ القواد الكبار بتقسيم مناطق نفوذهم إلى قيادات صغرى. كما تم التقليص من نفوذ الزوايا المتعاملة مع الأوربيين. وتم تعميم نظام الأجور على موظفي المخزن مركزيا وجهويا حيث أصبحت رواتبهم قارة. وذلك تجنبا للنهب والتلاعب في مداخيل الدولة وحتى يتمكن المخزن من تسديد القروض الأجنبية. لكن التقلبات الاقتصادية المرتبطة بالجفاف والأزمات الدورية وتدهور قيمة العملة المغربية ورواج النقود المزورة، دفع المخزن إلى سك عملة فضية جديدة في عهد الحسن الأول سميت بالريال الحسني. وحاول المخزن الزيادة في مداخيل الدولة فأحدث ضريبة المكوس على الأسواق وأبواب المدن. وزاد في قيمة الرسوم الجمركية، مما أدى إلى قيام ثورات أشهرها ثورة الدباغين بفاس 1873.


2 ): الاصلاحات العسكرية :



اعتمد المغرب في إصلاحاته العسكرية على الأوربيين الذين كانوا يفكرون ويخططون لاحتلاله؛ ففي عهد الحسن الأول (1873 ـ 1894) تم إرسال بعثات طلابية إلى الأكاديميات الأوربية لتكوين ضباط مغاربة وتدريبهم على الأسلحة الحديثة. وبلغ عدد الضباط المغاربة المتخرجين من أوربا 180 ضابط سنة 1880. كما استعان الحسن الأول بضباط وخبراء فرنسيين وأنجليز قصد تدريب الجيش المغربي. وقام بإنشاء معامل لإنتاج الأسلحة في فاس ومراكش. واقتنى أسلحة من أوربا ومراكب حربية لحراسة السواحل المغربية ولمنع تجارة التهريب. وكلفت هذه الاصلاحات نفقات باهضة أثرت على ميزانية الدولة حيث عرف الميزان التجاري المغربي عجزا كبيرا وصل إلى 14 مليون فرنك فرنسي.


3 ): محاولة الحد من خطر الحماية الفردية :




تفاقم خطر الحماية الفردية وأصبح يهدد سيادة المخزن وماليته. ودعا الحسن الأول الدول الأوربية إلى تقنينها، فانعقد مؤتمر مدريد 1880، حققت من خلاله الدول الأجنبية مكاسب جديدة؛ حيث تمسكت بالامتيازات التي تخولها لها اتفاقياتها السابقة مع المغرب مثل الحق في امتلاك العقارات والأراضي وإبقاء الحماية الفردية. ومارست ضغوطا على المغرب للحصول على امتيازات جديدة، لكن الحسن الأول عارضها معتمدا على اقتراحات العلماء والأمناء و كبار التجار. وبذلك تأزمت أوضاع المغرب على جميع المستويات.





خاتمة : تعددت أشكال الضغوط الأجنبية على المغرب وتنوعت أساليب التوغل الاستعماري داخله، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الداخلية. وفكر المخزن في القيام بعدة إصلاحات خلال النصف الثاني من القرن 19. لكن أطماع الدول الاستعمارية بالإضافة إلى العوامل الداخلية، أفشلت سياسة الاصلاحات.


الحرب العالمية الأولى 1914-1918




مقدمة: عرف العالم في مطلع القرن العشرين حربا كبرى، اندلعت في أوربا واتسع مجالها لتصبح عالمية وتمثلت أسبابها في تعارض المصالح الاقتصادية والاستعمارية للدول الأوربية، والسباق نحو التسلح وظهور التحالفات العسكرية .وشكلت حادثة مقتل ولي عهد النمسا سببا مباشرا لاندلاع الحرب في 1914. وامتدت عبر مراحل إلى سنة1918، وكانت لها نتائج هامة ومتعددة




كانـت أســباب الـحرب العـالـمـية الأولى متـعددة ومعــقدة.



نتج عن التحولات الاقتصادية التي عرفتها أوربا خلال القرن 19، تزايد الحاجة إلى الأسواق والمواد الأولية. ونهجت الدول الأوربية سياسة الحماية الجمركية، فامتدت المنافسة إلى البحث عن منافذ جديدة عن طريق التوسع الإمبريالي واكتساب المستعمرات، خاصة وأن أغلب المستعمرات كانت تقتسمها فرنسا وابريطانيا، ممادفع إلى السباق نحو التسلح والتحالفات العسكرية، رغم استعمال الطرق الدبلوماسية التي فشلت في حل النزاعات بين الدول الإمبريالية.



m 1): النزاعات الدبلوماسية والتحالفات العسكرية:




أ): النزاعات الدبلوماسية:

كانت ناتجة عن التنافس حول المستعمرات. وتمثلت في عدة قضايا منها: قضية الكنغو؛ حيث كان مجالا اقتصاديا تستغله فرنسا وإنجلترا والبرتغال. وأصرت ألمانيا على مزاحمتهم فيه، فاندلعت أزمة سياسية، انعقد إثرها مؤتمر برلين1884-1885 الذي أقر حرية التجارة في الكنغو. كما أن حصول ألمانيا على امتيازات داخل الإمبراطورية العثمانية شكل خطرا على المصالح الفرنسية و الإنجليزية والروسية. ونافست ألمانيا كل من فرنسا واسبانيا في المغرب. وتجلى ذلك في زيارة غليوم الثاني لطنجة وتدويل القضية المغربية وانعقاد مؤتمر الجزيرة الخضراء. لكنه لم يحقق أطماع ألمانيا فهددت باستعمال القوة(حادثة اكادير)، مما دفع فرنسا إلى التنازل لها عن جزء من الكنغو مقابل تخليها عن المغرب.



ب): التحالفات العسكرية:

بعد فشل الطرق الدبلوماسية في حل النزاعات بين الدول المتنافسة، أصبحت أغلب الدول تشجع الخيار العسكري وتتسابق نحو التسلح، مما دفع إلى التحالفات العسكرية التي مهدت إلى الحرب. وأهمها التحالف الثلاثي الذي عقد بين ألمانيا والنمساالمجر وإيطاليا في1882. ومعاهدة 1892 الثنائية بين روسيا وفرنسا، التي انضمت إليها ابريطانيا في1907 فتكون ما سمي بالوفاق الثلاثي(الذي انضمت إليه إيطاليا في 1915 ).


m 2) تصاعد الحركات القومية:

عرفت أوربا موجة من النزاعات القومية قادتها إلى الحرب. وكانت منطقة البلقان مسرحا لهذه النزاعات بين صربيا التي تمثل الشعوب السلافية وتسعى إلى توحيدها، وتساندها في ذلك روسيا، وبين الإمبراطوريتين العثمانية والنمساوية المجرية اللتان تسعيا إلى إبقاء المنطقة خاضعة لنفوذهما. وللحد من طموحات صربيا والشعوب السلافية، قامت النمسا في 1908 بضم إقليم البوسنة والهرسك، مما أدى إلى أزمة سياسية سميت بالأزمة البلقانية الأولى. وقامت أزمة ثانية في 1912 بسبب الحرب التي شنتها الدول البلقانية المدعمة من طرف روسيا على الإمبراطورية العثمانية.


m 3): شكلت حادثة سراييفو السبب المباشر للحرب:

قام ولي عهد النمسا(فرانسوا فردناند) بزيارة لمنطقة البوسنة لتأكيد النفوذ النمساوي عل المنطقة، لكنه اغتيل من طرف طالب صربي في 28 يونيو 1914. واستغلت النمسا هذا الحدث لتصفية حساباتها مع صربيا. واشترطت عليها القضاء على كل حركة معادية للنمسا، ومشاركة هذه الأخيرة في محاكمة المعتقلين الصرب. ورفضت صربيا تلك الشروط، فأعلنت النمسا الحرب على صربيا في 27 يوليوز 1914. وتدخلت روسيا حليفة صربيا وأعلنت الحرب ضد النمسا، ثم أعلنت ألمانيا الحرب ضد روسيا وفرنسا. وهكذا اندلعت الحرب العالمية الأولى واستمرت إلى1918.


مرت الـحرب العالـمية الأولـى بثـلاث مـراحل وانـتهت بانـتـصار دول الوفـاق.



انقسمت الدول المتحاربة إلى دول الوفاق وهي: ابريطانيا،فرنسا،روسيا ثم إيطاليا في1915 والولايات المتحدة في 1917. ودول الوسط وهي: ألمانيا والنمسا المجر وتركيا وبلغاريا التي انضمت إليهم في1915. ومرت الحرب بثلاث مراحل أساسية:


m 1): المرحلةالأولى:

تميزت بانتصارات سريعة للجيش الألماني الذي اكتسح بلجيكا وتوغل في شمال وشرق فرنسا. لكنه واجه مقاومة عنيفة منعته من الدخول إلى باريس، فاضطر إلى التوقف. ثم اتجه الجيش الألماني للواجهة الشرقية وألحق هزائم بروسيا. وبقيت ابريطانيا بعيدة عن هجمات الألمان نظرا لموقعها وأهمية قوتها البحرية.



m 2): المرحلة الثانية:

من نونبر1914 إلى1917: خلالها تمركزت الجيوش في مواقعها وبدأت حرب الخنادق. واتضح من خلالها أن الحرب ستطول مدتها، ولن يكسبها إلا القوي اقتصاديا والقادر على الحصول على الإمدادات، مما دفع الدول الاستعمارية إلى تكثيف استغلالها للمستعمرات.


m 3): المرحلة الثالثة :

تميزت بقيام الثورة الاشتراكية في روسيا 1917، وانسحابها من الحرب، ودخول الولايات المتحدة إلى جانب دول الوفاق التي بدأت تحقق انتصارات متتالية، في الوقت الذي بدأ فيه التراجع الألماني وباقي دول الوسط، مما دفع ألمانيا إلى التوقيع على معاهدة الهدنة في 11 نونبر1918. وبذلك انتهت الحرب لصالح دول الوفاق.


خـلــفـت الحرب الـعالــمـية الأولـى نـتــائـج مـخـتـلـفة



m 1): فقدت أوربا سيطرتها الاقتصادية على العالم:

بسبب خسائرها المادية والبشرية الهامة، حيث قدر عدد القتلى بحوالي8م.ن. وعدد الجرحى ب20م.ن. وأصابت الحرب الفئة الشابة مما أثر على النموالديمغرافي واليد العاملة، ودفع إلى تشغيل النساء. وأنفقت الدول المتحاربة أموالا باهضة على الحرب(ألمانيا40 مليار دولار+ فرنسا 25مليار دولار). وخربت الحرب عدة منشآت اقتصادية كالمعامل والمزارع والمناجم والطرق...، فتدهور الإنتاج الفلاحي والصناعي، مع صعوبة الانتقال من صناعة حرب إلى صناعة سلم. ودفع ذلك إلى الزيادة في استغلال المستعمرات ونهج سياسة القروض خاصة من الولايات المتحدة. وتدهور مستوى عيش السكان نتيجة التضخم المالي وارتفاع الأسعار، ما عدا فئة الوسطاء التي استفادت من الحرب.

وفقدت أوربا مكانتها الاقتصادية لصالح الدول التي استفادت من الحرب كاليابان التي طورت صناعاتها وعوضت أوربا في أسواق جنوب شرق آسيا، والولايات المتحدة التي تطور إنتاجها الفلاحي ب30 % والصناعي ب 40 % مابين 1913-1917. وارتفعت قيمة الدولار حيث أصبحت الولايات المتحدة تملك نصف الرصيد العالمي من الذهب، وبذلك بدأت انطلاقة هيمنتها على العالم الرأسمالي


m 2): التحولات السياسية:

تمثلت في انهيار الإمبراطوريات الكبرى وظهور دول جديدة وتشكيل عصبة الأمم التي توجت معاهدات السلام.


أ): انهيار الإمبراطوريات الكبرى:

وهي الإمبراطورية الألمانية التي تخلى غليوم الثاني عن العرش في1918، فأصبحت جمهورية. والإمبراطورية العثمانية التي فقدت معظم أراضيها في أوربا والمشرق العربي. والإمبراطورية الروسية التي تغير فيها نظام الحكم بعد الثورة الاشتراكية 1917. والامبراطورية النمساوية المجرية، حيث تم فصل المجر عن النمسا. وتغيرت خريطة أوربا بظهور دول جديدة هي: بولونيا، يوغسلافيا و تشيكوسلوفاكيا. وفي المستعمرات ظهر الوعي بضرورة التحرر. وسبب التدهور الاقتصادي في انتشار الأفكار الاشتراكية، ولجوء اليائسين إلى المنظمات المتطرفة كالفاشية بإيطاليا والنازية بألمانيا.


ب): نتائج مؤتمر السلام:

عكست مصالح الدول المنتصرة؛ عقد المؤتمر بقصر فرساي بباريس1919، تضاربت فيه الآراء والمواقف خاصة بين فرنسا التي تريد إضعاف ألمانيا بفرض شروط قاسية عليها، وابريطانيا التي تعارض ذلك لأنه في صالح فرنسا، وحتى لا تهيمن على أوربا. ورفضت مطالب إيطاليا الترابية في تركيا. ورغم ذلك خرج المؤتمر بعدة معاهدات فرضت على الدول المنهزمة وأشهرها معاهدة فرساي التي كانت شروطها قاسية على ألمانيا، وسماها الألمان بالسلم المفروض.


ج): ظهور عصبة الأمم:

تقرر إنشاؤها بناء على بنود الرئيس الأمريكي ويلسون والتي عرضها في مؤتمر السلام. وأهم أهدافها حل النزاعات بالطرق السلمية ونزع السلاح ومنع المعاهدات السرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. لكن العصبة لم تحظ بمشاركة جميع الدول حيث رفضت الدول المنتصرة مشاركة الدول المنهزمة والاتحاد السوفياتي. كما صوت الكونغرس الأمريكي ضد انضمام الولايات المتحدة. وهيمنت فرنسا وابريطانيا على عصبة الأمم لتحقيق مصالحهما الاستعمارية. واتخذت العصبة مقرها في جونيف، وتشكلت من هيئات مختلفة منها الجمعية العامة والمجلس الأعلى والأمانة العامة ومحكمة العدل الدولية (لاهاي) والمكتب الدولي للشغل



خاتمة : خلفت الحرب ع. 1 . مشاكل اقتصادية وسياسية كبرى . تعقدت بفرض مجموعة من المعاهدات على الدول المنهزمة، وخلق دول جديدة، وإخضاع مناطق أخرى للإستعمار على شكل انتداب. وفشلت عصبة الأمم في تحقيق أهدافها مما أدى إلى الاستعداد للحرب العالمية الثانية.
 
الثورة الروسية وتطور الإتحاد السوفياتي



مقدمة: كانت روسيا القيصرية في بداية القرن الحالي قوة اقتصادية ذات بنية اقتصادية واجتماعية معقدة تتميز بسيطرة الإقطاع في مجال الفلاحة و الرأسمال الأجنبي في مجال الصناعة و الاستثمارات، وتعدد القوميات. ونهجت سياسة التوسع على حساب البلدان المجاورة. لكن انهزامها أمام اليابان في 1905 شكل بداية تدهور أوضاعها الداخلية، والتي تأزمت بدخولها الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول الوفاق. وخلال الحرب عرفت انقلابا تاريخيا بقيام الثورة البلشفية في 1917 بقيادة لينين الذي نهج سياسة مرحلية لتطبيق الاشتراكية


تمثـلـت أسباب الـثورة الروسية في تـدهور أوضاع البـلاد وأثر الحرب العالـمية الأولـى



1): تدهور الأوضاع الداخلية:

كانت روسيا قبل الثورة بلدا فلاحيا يسوده النظام الإقطاعي. وكان معظم السكان في البوادي 85 % ، ومعظم الأراضي الزراعية تحت سيطرة فئة قليلة من الملاك الكبار(الكولاك، النبلاء، رجال الدين). ومع ارتفاع عدد السكان زاد بؤس الفلاحين.

وأدت بداية التصنيع في البلاد إلى ظهور طبقة عمالية فقيرة، حيث لم يوفر النظام القيصري ظروفا جيدة للعمال الذين كان عددهم يفوق 4,5 م عامل، مما زاد في عدد الساخطين على أوضاعهم المتمثلة في ضعف الأجور وكثرة ساعات العمل(من11 إلى13 ساعة في اليوم) واستخدام الأطفال والنساء من طرف أرباب العمل .

أما بالنسبة للسلطة المركزية، فقد كان القيصر نيكولا II ضعيف الشخصية متردد في اتخاذ القرارات تحت تأثير زوجته المرتبطة ب(راسبوتين) أحد المشعوذين اليهود. وكان القيصر يعيش في وسط مغلق بعيدا عن الشعب، مما أدى إلى ظهور معارضة يتزعمها البرجوازيون الليبراليون المرتبطون بالرأسمال الأجنبي. ويطالبون بنظام ديموقراطي كالنظام الإنجليزي، ثم الثوريون بزعامة لينين منذ 1903، والذين انقسموا في1912إلى المانشوفيك(الأقلية) و البلشفيك(الأغلبية) داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي.



2): أثر الحرب العالمية الأولى:

ساهم في خطورة الوضعية خصوصا وأن روسيا لم تكن لها إمكانات عسكرية كافية لمواصلة الحرب. لأنها عاجزة عن تموين جيوشها وتجهيزهم بالأسلحة الحديثة وتأطيرهم عسكريا، حيث تم حشد الملايين من الفلاحين لا يرغبون في الحرب بل الانسحاب منها ، بعدما فقدوا الثقة في قياداتهم العليا، عندما انقطع تزويدهم بالمؤونة والذخيرة. وسببت الحرب في أزمة اقتصادية أثرت على السكان حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية من3 إلى8 أضعاف. وظهرت المجاعة بالمدن عندما أصبحت المواد الغذائية غير كافية و تباع بالبطاقات

وكان هدف القيصر من الدخول في الحرب ع.1، هو تنفيذ المعاهدات المبرمة مع حلفائه وتشكيل جبهة داخلية موحدة، وتحويل أنظار السكان عن الصراعات و المشاكل الداخلية إلى الخارج، لكن النتيجة انعكست وعجلت الحرب بسقوطه.




مرت الـثـورة البـلـشفية بمرحلـتين و وضعت حدا لحكم استبدادي حل محله نظام اشتراكي.



1): المرحلة الأولى:

تمثلت في قيام ثورة فبراير(مارس) 1917 وتأسيس حكومة برجوازية. وكان السبب المباشر لقيام هذه الثورة هو انخفاض الإنتاج الفلاحي وانتشار المجاعة، فقام السكان بمظاهرات في العاصمة بتروغراد، مطالبين بالخبز. وانظم إليهم الجنود حيث رفضوا إطلاق النار. وانطلقت المظاهرات بالمدن الأخرى فانتشرت الثورة، مما دفع القيصر إلى التنازل عن العرش. وبذلك انتهى حكم أسرة رومانوف. وتكونت حكومة مؤقتة برجوازية برئاسة الأمير لفوف Lvov ، مثل فيها كرينسكي وزارة العدل ثم الدفاع، والذي أصبح رئيسا للحكومة الثانية. واتخذت الحكومة البرجوازية بعض التدابير الليبرالية(حماية الملكية الخاصة، عدم إلغاء النظام القيصري رسميا، عدم الاهتمام بأوضاع العمال والفلاحين ومواصلة الحرب). وبذلك لم تأت بأية حلول للأزمة، مما جعل الثورة تمر إلى المرحلة الثانية.



2): المرحلة الثانية:

تمثلت في قيام ثورة أكتوبر(نونبر)1917 الاشتراكية؛ في الوقت الذي بذلت فيه الحكومة البرجوازية جهودها بدون نتيجة، عاد قادة البلاشفة من المنفى وعلى رأسهم لينين. وقاموا بنشر أفكارهم وتوعية الاشتراكيين المعتدلين الذين كانوا يسيطرون على مجالس السوفيات، بواسطة جريدة برافدا(الحقيقة) المؤسسة في1912. واستطاعوا تكوين الجيش الأحمر ونشر أفكارهم بين ضباط البحرية. وقاموا بأول محاولة للإطاحة بالحكومة المؤقتة، لكنها فشلت لسوء التنظيم والتخطيط، ففر لينين إلى فلندة. وبعد عودته وضع خطة محكمة للثورة المسلحة، فاستطاع الجيش الأحمر احتلال جميع المناطق المهمة بالعاصمة بتوروغراد صباح يوم 26 أكتوبر(8 نونبر). وفي نفس اليوم تأسست حكومة جديدة برئاسة لينين، مثل فيها تروتسكي وزارة الدفاع و ستالين مكلف بشؤون القوميات. وبذلك نجحت الثورة الاشتراكية التي تم الدفاع عنها خلال الحرب الأهلية.


دافــع البـلاشـــفة بقـيـادة ليـنـين عــن الثــورة الاشــتراكـية بعد نــجاحـها



1): الانسحاب من الحرب ع.1 والقضاء على الحرب الأهلية:


وقع لينين معاهدة صلح مع ألمانيا(بريست ليتوفسك 1918) وبموجبها انسحبت روسيا من الحرب وتخلت عن فلندة وبولونيا وأكرانيا ومناطق البلطيق. وبذلك فقدت4/1 سكانها و 4/3 مناجم الفحم والحديد وذلك دفاعا عن الثورة والتمكن من القضاء على خصومها، الذين شكلوا الجيش الأبيض من كبار الضباط المؤيدين للقيصر. وحصلوا على المساعدات من طرف فرنسا وابريطانيا واليابان. وقد انتهت الحرب الأهلية بانتصار الجيش الأحمر، حيث طبق لينين مبدأ شيوعية الحرب أي تطبيق الاشتراكية بالقوة من أجل الدفاع عن الثورة بحيث أصبحت الدولة تأخذ فائض الإنتاج من الفلاحين بالقوة دون مقابل. وأممت المصانع التي أخذها العمال. وعملت الشرطة السرية(تشيكا tcheka ) على إبادة واعتقال الخونة. لكن النتائج الاقتصادية كانت سلبية حيث انخفض الإنتاج الفلاحي بسبب تخلي الفلاحين عن الأرض وإتلاف المحاصيل وقتل المواشي من طرف الملاك الكبار(الكولاك) حتى لا تستفيد منها الثورة. كما انخفض الإنتاج الصناعي بشكل كبير. وللخروج من الأزمة اتبع لينين سياسة اقتصادية جديدة تراجع فيها عن تطبيق الاشتراكية.



2): السياسة الاقتصادية الجديدة N.E.P. 1921 -1928

نهجها لينين عندما ظهر لدى الشعب اتجاه لرفض الشيوعية و التمسك بمجالس السوفيات. واقتنع بضرورة المرور من مرحلة انتقالية يستطيع الشعب خلالها قبول أساليب تطبيق الاشتراكية. ورجع إلى تطبيق الرأسمالية بشكل محدود حيث اكتفى بفرض الضرائب على الفلاحين الذين منحوا الحرية في بيع منتجاتهم وحق الإرث. وأعيدت المؤسسات الصناعية الصغرى لأصحابها وسمح للشركات بإدارة المعامل الكبرى دون تملكها. كما سمح بالاستثمارات الأجنبية تحت مراقبة الدولة. وأصبح الاقتصاد ينمو بموجب هذه السياسة، حيث ارتفع الإنتاج الصناعي والفلاحي واختفت المشاكل التي عانت منها البلاد. لكن هذه السياسة جعلت الاقتصاد يرتكز على قطاع عمومي وقطاع خاص، وأدت إلى ظهور طبقة انتهازية جديدة مثلها الكولاك بالبادية والاحتكاريون(النيبمن) بالمدن. واستمرت هذه السياسة حتى بعد وفاة لينين في1924. وكانت سببا في الصراع بين تروتسكي و ستالين الذي وضع حدا لها في 1928.



3):ميلاد الاتحاد السوفياتي:

بعد نجاح الثورة سمح للمستعمرات بتقرير مصيرها، فنشأت جمهوريات سوفياتية مستقلة. لكن تبلورت لديها فكرة الاتحاد خلال الحرب الأهلية، في ظل نظام اشتراكي يراعي خصوصيات الشعوب المختلفة نظرا لتعدد القوميات. وفي 1922 أعلن عن اتحاد فيدرالي من 4 جمهوريات(روسيا، أكرانيا، جورجيا، روسيا البيضاء). وبلغ عدد الجمهوريات المتحدة 6 في1924، ثم11 في1936 و15في1945. وعرف هذا الاتحاد باتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية U.R.S.S.



تميزت بداية عهد ستـالين بالـقـضاء على المـعارضة وتطبـيـق سيـاسة التخطـيط.



1): القضاء على المعارضة:

بعد وفاة لينين، عمل ستالين على القضاء على معارضيه، الذين انقسموا إلى تيار يساري يتزعمه تروتسكي، وتيار يميني يتزعمه (زينوفييف و كامنيف). ويعود الخلاف بين تروتسكي وستالين إلى موقفهما من السياسة الاقتصادية الجديدة، حيث يعتبرها تروتسكي رجوعا إلى الرأسمالية. ويدافع عن نظريته القائلة بالثورة الدائمة أي بثها خارج روسيا لتصبح عالمية. أما ستالين فيرى ضرورة الدفاع عن N.E.P. كمرحلة أولى لأنها ساهمت في تطوير الاقتصاد وتبنى فكرة الثورة المستمرة على مراحل(أي توطيد النظام الاشتراكي داخل روسيا ثم تدويله). وللتخلص من تروتسكي تحالف ستالين من التيار اليميني وشكل أغلبية داخل الحزب الشيوعي بفضل مركزه كأمين عام، وعزل تروتسكي من وزارة الدفاع1925، ثم من الحزب الشيوعي1927، ثم طرد من البلاد1929 والتجأ إلى المكسيك حيث تم اغتياله في 1940. ثم تفرغ ستالين للتيار اليميني وقضى عليه. وللقضاء على المعارضة التروتسكية وطبقة الانتهازيين، ألغى ستالين السياسة الاقتصادية الجديدة وطبق سياسة التخطيط.

2):سياسة التخطيط: عرفت البلاد التخطيط من خلال المجلس الاقتصادي المؤسس سنة1918، ومن خلال لجنة التخطيط(الكوسبلان) المؤسسة في1928. والهدف من المخططات هو جعل البلاد قوة صناعية كبرى وتطبيق الاشتراكية اعتمادا على الإمكانات الداخلية. وتميزت المخططات بالشمولية وإجبارية الإنجاز حسب التوجيهات وفي الوقت المحدد.


3): التصاميم الخماسية: أنقل جدول التصاميم من الكتاب المدرسي ص.71.



خاتمة : ساهمت عوامل مختلفة في قيام الثورة البلشفية. وبعد نجاحها تشكل الاتحاد السوفياتي. وأصبح قوة اقتصادية وعسكرية كبرى. لكن تطور الأوضاع الداخلية في السنوات الأخيرة في اتجاه سلبي أدى إلى تفكك الاتحاد والتخلي عن الاشتراكية.


العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية



مقدمة: أخفت الحرب العالمية الثانية التناقضات الأيديولوجية بين دول الحلفاء، حيث كان هدفهم الأول هو القضاء على الأنظمة الفاشية التي سببت توسعاتها في اندلاع الحرب. وبنهاية الصراع المشترك، برزت التناقضات الأيديولوجية و انقسم العالم إلى معسكر شرقي يتزعمه الاتحاد السوفيتي و معسكر غربي بزعامة الولايات المتحدة، فتوترت العلاقات الدولية، رغم محاولة التوازن التي حاولت الدول الحديثة الاستقلال تحقيقها حسب مبدأ عدم الانحياز






عقد الحلفاء عدة مؤتمرات ومعاهدات توجت بإحداث منظمة الأمم المتحدة.



1): المؤتمرات:

عقد الحلفاء مؤتمرات قبيل و بعد نهاية الحرب و منها:

ـ مؤتمر طهران: دجنبر1943 حضره روزفلت، ستالين، تشرشيل وبموجبه فتحت الولايات المتحدة جبهة عسكرية جديدة في أوربا ضد ألمانيا. وتمت مناقشة مصير أوربا الشرقية والوسطى بعد الحرب.

ـ مؤتمر يالطا: فبراير 1945(قبيل استسلام ألمانيا) خلاله تم الاتفاق على تقسيم ألمانيا إلى أربع مناطق نفوذ للحلفاء، وعلى مبدأ إحداث منظمة دولية. و تعهد الاتحاد السوفياتي بمحاربة اليابان بعد استسلام ألمانيا، ومنح حق استرجاع الأراضي التي خسرها في1905 لصالح اليابان.

ـ مؤتمر بوتسدام: يوليوز وغشت 1945(بعد انهزام ألمانيا)، حضره ترومان ستالين، تشرشيل، ثم خلفه أتلي. وخلاله تمت مناقشة وضعية المناطق التي أصبحت تحت النفوذ السوفياتي وكذلك معاهدات السلام مع الدول التي حاربت إلى جانب ألمانيا.

2): المعاهدات:

عقد في باريس 1945 مؤتمر، ظهرت فيه خلافات بين الحلفاء حول المشكل الألماني، واتفقوا على عقد معاهدات مع إيطاليا ورومانيا وبلغاريا وهنغاريا وفنلندا، كانت في أغلبها لصالح الاتحاد السوفياتي. وتم عقد معاهدات متأخرة مع النمسا و اليابان.

3): بروز منظمة دولية جديدة: الأمم المتحدة:

بدأ الاستعداد لإحداث منظمة دولية تعوض عصبة الأمم، لتحقيق السلم العالمي منذ توقيع روزفلت و تشرشيل على ميثاق الأطلسي 1941. وفي سنة 1942 أعربت 26 دولة عن موافقتها على ميثاق الأطلسي وسمت نفسها بالأمم المتحدة. و تأسست منظمة الأمم المتحدة عقب التوقيع على ميثاقها في مؤتمر سان فرانسيسكو26 يونيو 1945. ولها نفس أهداف عصبة الأمم. أهم أجهزتها: الجمعية العامة التي تتألف من مندوبي الدول الأعضاء، تجتمع كل سنة اجتماعا عاديا. وتنتخب الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن وأعضاء المحكمة الدولية والأمين العام للمنظمة. وتناقش القضايا المختصة بها وتصدر حولها توصيات بعد تصويت ثلثي أعضائها. ومجلس الأمن المؤلف من 15 عضو، منهم 5 دائمين، يتمتعون بحق النقض(الفيتو) وهم مندوبو الولايات المتحدة، فرنسا، إنجلترا، الصين الشعبية و الاتحاد السوفياتي سابقا وروسيا حاليا. ويعمل مجلس الأمن على تنفيذ توصيات الجمعية العامة. لكنه في الواقع هو الذي يمثل السلطة الحقيقية للمنظمة لتمتع الأعضاء الدائمين بحق الفيتو. والأمانة العامة التي تتولى إدارة الشؤون المالية والإدارية للمنظمة بواسطة عدد من الموظفين، يرأسهم الأمين العام الذي ينتخب لمدة 5سنوات من طرف الجمعية العامة وبمصادقة مجلس الأمن. وتتوفر المنظمة على عدة أجهزة متخصصة في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والقانونية مثل محكمة العدل الدولية والمكتب الدولي للشغل وصندوق النقد الدولي وغيرها.( أنظر الخطاطة ص 92):



أدى الخلاف بين المعسكرين إلى ما سمي بالحرب الباردة وعقد تحالفات عسكرية.



1 ): الخلاف الأيديولوجي:

يتجلى في كون الدول الاشتراكية ترى ضرورة التطور من نظام ديمقراطي إلى نظام اشتراكي يختفي فيه الصراع الطبقي كمرحلة لتحقيق الشيوعية حيث تختفي الطبقات، وبذلك يتم تحرير الإنسان. أما الدول الرأسمالية فترى ضرورة مواجهة المد الشيوعي دفاعا عن الحرية الفردية بضمانها دستوريا وبتعدد الأحزاب وحرية الانتخابات، عكس النظام الاشتراكي الذي يعتمد على الحزب الواحد. فكل من المعسكرين يدافع عن الحرية بمفاهيم وسبل مختلفة.

2): المد الشيوعي في أوربا الشرقية وموقف الولايات المتحدة:

رفض الاتحاد السوفياتي فكرة توحيد ألمانيا وعمل على مساعدة الأحزاب الشيوعية لتولي السلطة في مناطق نفوذه (بلغاريا، رومانيا، ألبانيا، بولونيا ما بين 1944ـ 1945)، ثم هنغاريا في1947 وتشيكوسلوفاكيا في 1948. وأمام المد الشيوعي تدخلت الولايات المتحدة لتطبيق سياسة محاصرة الشيوعية بتقديم مساعدات مالية لأوربا دون استثناء، تمثلت في مشروع مارشال 1947 الذي رفضته الدول الاشتراكية. واتخذ الاتحاد السوفياتي نفس الإجراء بتأسيس الكومنفورم في نفس السنة، وهو مكتب الإعلام الشيوعي للحفاظ على تضامن الأحزاب الشيوعية. وبذلك شكلت سنة1947 تاريخ القطيعة بين الحليفين.

3): الحرب الباردة الأولى(1947ـ 1953) تمثلت في مواجهات مسلحة في عدد من المناطق:

أ) ـ مشكلة برلين:

فشل الحلفاء في توحيد ألمانيا، وأعلنت الدول الرأسمالية قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) في يونيو 1948 في مناطق نفوذها. واعترض الاتحاد السوفياتي عن ذلك بمحاصرته لبرلين الغربية إلى حدود ماي 1949، حيث فشل في إخراج قوات الحلفاء منها، وأعلن قيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) في شتنبر 1949 واتخذت برلين الشرقية عاصمة لها.

ب) ـ مشكلة اليونان:

بعد طرد قوات الفاشية، دخلت اليونان تحت السيطرة الإنجليزية. وفي 1946 نظم الحلفاء استفتاء دون الاتحاد السوفياتي للحد من الخلاف بين الشيوعيين وأنصار الملكية. وكانت نتيجته لصالح الملكيين، فقامت حرب أهلية بين التيارين تدخل فيها الاتحاد السوفياتي لمساعدة الشيوعيين، والولايات المتحدة التي مكنت الملكيين من القضاء على الشيوعيين في1949.

ج) ـ الحرب الكورية (1950ـ 1953):

بعد التراجع الياباني في كوريا، انقسمت إلى شمال اشتراكي وجنوب رأسمالي. وفي 1950 هاجمت قوات الشمال المناطق الجنوبية، فتدخلت الولايات المتحدة بقواتها تحت ستار القوات الدولية إلى أن تجاوزت خط الحدود (خط عرض 38°شمالا). وتدخلت الصين الشعبية إلى جانب كوريا الشمالية، مما أرغم الولايات المتحدة على التراجع. وبعد مفاوضات بين الطرفين توقفت الحرب الكورية في يوليوز1953.

د) ـ حرب الفيتنام:

بعد نجاح الثورة الاشتراكية في الصين في 1949، فقدت فرنسا الأمل في القضاء على الحركة التحررية الفيتنامية، خاصة بعد هزيمتها في معركة ديان بيان فو Dien Bien Phu سنة 1954. وانقسم الفيتنام إلى شمال اشتراكي وجنوب رأسمالي تؤيده الولايات المتحدة، مما جعل الصراع يستمر بين الطرفين.

4): قيام التحالفات العسكرية:

عقدت الولايات المتحدة مجموعة من الأحلاف العسكرية هدفا لمحاصرة الشيوعية، بتكوين شريط من الدول المرتبطة فيما بينها بمعاهدات عسكرية تمتد من النرويج إلى اليابان ومنها: حلف شمال الأطلسي 1949 و حلف الأنزوس A.n.z.u.s. و منظمة حلف جنوب شرق آسيا وحلف بغداد. وأمام هذه التحالفات عقد الاتحاد السوفياتي مع الديمقراطيات الشعبية حلف وارسو 1955.(بقي منها الآن حلف شمال الأطلسي= Nato ).



استمر الصراع بين المعسكرين رغم سياسة التعايش السلمي وظهورحركة دول عدم الانحياز



1): سياسة التعايش السلمي:


اتبع المعسكران سياسة التعايش السلمي، بعد وفاة ستالين سنة 1953، تجنبا لاندلاع حرب جديدة. ففي1955 اعترف الاتحاد السوفياتي بألمانيا الغربية وحل مكتب الأحزاب الشيوعية(الكومنفورم). وربط علاقات دبلوماسية مع يوغسلافيا و النمسا. وأوقفت الولايات المتحدة حملتها ضد الشيوعية. وفي نفس السنة ظهرت كتلة جديدة تمثلها دول عدم الانحياز، انطلاقا من مؤتمر باندونغ 1955. وعقد بجونيف أول مؤتمر دولي لنزع السلاح.

2): استمرار الصراع بين المعسكرين:


رغم تبني فكرة التعايش السلمي، استمر الصراع بين المعسكرين وتمثل في عدة قضايا منها: قضية برلين؛ حيث حاول الاتحاد السوفياتي توحيد المدينة كعاصمة لألمانيا الشرقية ما بين 1953ـ1961. وعارضته الدول الرأسمالية، فتم الاتفاق على بناء جدار برلين. وقضية كوبا: قامت بها ثورة اشتراكية في1959 بقيادة فديل كاسترو، وفشلت الولايات المتحدة في الإطاحة بنظامه. ولما اكتشفت في كوبا في1962 قواعد عسكرية سوفياتية لإطلاق الصواريخ، حاصرتها، وحذر الرئيس الأمريكي كينيدي من قيام حرب بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فتراجع هذا الأخير وحل قواعده العسكرية لإطلاق الصواريخ. وقضية الفيتنام حيث استمر الصراع بين شمال وجنوب الفيتنام بظهور حركة (الفيتكونغ) بالجنوب ذات الميول الاشتراكية، مدعمة من طرف الصين والاتحاد السوفياتي. وتدخلت الولايات المتحدة عسكريا للدفاع عن الفيتنام الجنوبية ونظامها الرأسمالي مابين 1965ـ1973. وبعد فشلها توحدت الفيتنام في إطار النظام الاشتراكي.

3): ظهور كتلة عدم الانحياز:

تألفت من الدول الحديثة الاستقلال، التي استفادت من الصراعات الدولية للدفاع عن الحرية والاستقلال؛ حيث شاركت المستعمرات في الحرب العالمية الثانية دفاعا عن هذه المبادئ. واستغلت تنافس المعسكرين على النفوذ في العالم، وموقف الدول الاشتراكية المناهض للإمبريالية. وبعد استقلالها شكلت كتلة غير منحازة للدفاع عن استقلال المستعمرات الأخرى، ولتحقيق السلم العالمي والتوازن بين المعسكرين المتصارعين. ونشأت هذه الحركة بمبادرة المارشال تيتو وجمال عبد الناصر وجواهر لال نيهرو، عقب مؤتمر باندونغ في أبريل 1955. وعقد أول مؤتمر لحركة عدم الانحياز في1961 في بلغراد بيوغسلافيا.

4): نهاية التعايش السلمي وبداية المرحلة الثانية من الحرب الباردة:

انتهت حرب الفيتنام وبدأ الصراع بين المعسكرين في مناطق أخرى من العالم الثالث منذ بداية السبعينات، حيث وقعت مجموعة من الانقلابات الثورية في بعض الدول المتخلفة وأيدها الاتحاد السوفياتي مثل أفغانستان، أنغولا، إثيوبيا، الموزمبيق (أنظري جدول ص96). ودفعت الحرب الباردة إلى السباق في تطوير الأسلحة الاستراتيجية، حيث بدأت الولايات المتحدة في عهد الرئيسين ريكان وجورج بوش، في تنفيذ برنامجها المعروف بحرب النجوم انطلاقا من 1989. لكن النفقات العسكرية أثرت على اقتصاديات المعسكر الشرقي، ولاحت بوادر التغيير في عهد ميخائيل غورباتشوف بتطبيق البيرسترويكا والكلاصنوست. وأسفرت عن سقوط الأنظمة الاشتراكية بأوربا الشرقية وسقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي. وبذلك انتهت مرحلة القطبية الثنائية وظهر النظام العالمي الجديد. ورغم تعدد ملامحه، فإنه ارتكز عقب حرب الخليج على دور الأمم المتحدة كمنظمة دولية، ووسيلة للتدخل في حل مختلف النزاعات. كما ارتكز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ويتجلى ذلك في دعم التكتلات الاقتصادية كإنشاء مجموعة آسيا والمحيط الهادي للتعاون الاقتصادي سنة 1991، واتفاق دول الاتحاد الأوربي على معاهدة ماستريخت في نفس السنة. وإنشاء منطقة أمريكا الشمالية للتبادل الحر سنة 1993 بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. كما ارتكز النظام العالمي الجديد على التلويح بالدفاع واحترام حقوق الإنسان.





خـاتـمة: عرف العالم توترا في العلاقات الدولية تمثل في الحرب الباردة منذ بروز القطبية الثنائية بعد الحرب العالمية الثانية. وبنهايتها وظهور النظام العالمي الجديد، أصبح العالم يواجه مشاكل جديدة


 
نشأة الدول العربية بالمشرق والقضية الفلسطينية


مقدمة: عرف المشرق العربي تحت الحكم العثماني توغل الدول الاستعمارية قبل الحرب العالمية الأولى، وبعدها اصبح منقسما إلى عدة دويلات تسيطر عليها كل من فرنسا و ابريطانيا. وخاضت شعوبها صراعات متواصلة ضد الاستعمار، مكنتها من نيل استقلالها. وساعد الاستعمار الإنجليزي على قيام دولة إسرائيل بفلسطين، دعمتها الولايات المتحدة في حروبها ضد العرب. لكن قيام الانتفاضة الفلسطينية، دفع إسرائيل إلى التفاوض مع الفلسطينيين على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام.



الظروف العامة لنشأة الدول العربية بالمشرق العربي



1) الاستبداد التركي والقومية العربية

نتيجة للتحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي عرفها المشرق العربي في أواخر القرن19 و بداية القرن20، برز الوعي بضرورة التحرر من الاستبداد التركي وتطورت فكرة القومية العربية. واستمرت سياسة التتريك رغم قام حزب الاتحاد والترقي بانقلاب أطاح بالسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وإعادة الدستور للبلاد سنة 1908. وطالب المؤتمر العربي الأول المنعقد بباريس 1913 بإقامة كيان عربي للتمكن من مواجهة أطماع الاستعمار بالمشرق العربي.



2) اندلاع الحرب العالمية الأولى واستمرار التوغل الاستعماري


كانت الدول الاستعمارية (فرنسا،ابريطانيا،ألمانيا) تتمتع بامتيازات في المشرق العربي. وجعلته سوقا لتصريف منتجاتها الصناعية وموردا المواد الأولية الفلاحية والمعدنية. وكانت تؤثر في سياسة الباب العالي انطلاقا من سياسة القروض وتأطير الجيش العثماني وتزويده بالأسلحة. ولما اندلعت الحرب ع.1، سارعت فرنسا وابريطانيا لفرض سيطرتهما على المشرق العربي، خاصة عندما برز التحالف العثماني الألماني. وأعلنت ابريطانيا حمايتها على مصر والكويت في1914. وحرضت العرب على القيام بالثورة ضد الأتراك. وتمكنت من استمالة شريف مكة الحسين بن علي أمير الحجاز، بعد مراسلات متعددة بينه وبين المندوب السامي البريطاني في مصر(هنري ماكمهون). ووعدت الشريف حسين بالاعتراف به كخليفة لدولة عربية مستقلة عن العثمانيين. وقام بثورة في 1916، واستقل عن الباب العالي. وقاد ابناه فيصل وعبد الله الجيش العربي بالشام بمساعدة الضابط الإنجليزي لورانس قصد مواجهة العثمانيين. وأصبح هذا الجيش تحت قيادة الجنرال ألنبي، مما ساعد على انهزام العثمانيين في الحرب وتوقيع هدنة مودروس( أكتوبر1918).



3) تنكر ابريطانيا لوعودها واقتسام الشرق العربي مع فرنسا

خلال الحرب ع.1 عقدت الدول الاستعمارية(فرنسا، ابريطانيا،روسيا) إتفاقية سايكس بيكو، بشكل سري، لتقسيم أراضي المشرق العربي، فضحها الحزب البلشفي عندما سيطر على السلطة في 1917. وأعطت ابريطانيا وعدا لليهود بإقامة دولتهم بفلسطين(وعد بلفور 1917) مقابل ضغط اللوبي الصهيوني على الحكومة الأمريكية للمشاركة في الحرب إلى جانب دول الوفاق. كما منحت ابريطانيا وعدا لعبد العزيز آل سعود حاكم إقليم نجد بالاعتراف به حاكما مستقلا إذا ساعدها في الحرب ضد العثمانيين. وبنهاية الحرب العالمية الأولى وانهزام العثمانيين تحولت وعود الاستقلال إلى استعمار إنجليزي لفلسطين والعراق، بالإضافة إلى عدن والإمارات والمشيخات الخليجية ومصر، واستعمار فرنسي لسوريا ولبنان، بعد اتفاق الدولتين(فرنسا و ابريطانيا) في مؤتمر سان ريمو1920، والذي توجته عصبة الأمم في1922 تحت فكرة الانتداب. وبذلك تجاهلت الدول الاستعمارية المطالب القومية للعرب التي خرج بها المؤتمر السوري العام الذي عقده القوميون العرب بدمشق في ماي1920.



تطور الأوضاع العامة في بلدان المشرق العربي والإتجاه نحو الإستقلال


1) مواجهة دول المشرق للاحتلال والاستغلال الاقتصادي



أ): كفاح الحركات الوطنية ضد الاستعمار:

قامت في سوريا ولبنان حركات وطنية ضد الانتداب الفرنسي، أهمها الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان الأطرش. ونتيجة لاستمرار المقاومة ، اضطرت فرنسا إلى منح الاستقلال لسويا ولبنان بشكل تام سنة1946، بعد اعترافها به بموجب معاهدة1936. وفي الأردن عينت ابريطانيا الأمير عبد الله بن الحسين على إمارة شرق الأردن طيلة مابين الحربين، تحت الانتداب البريطاني. لكن الحركة الوطنية الأردنية طالبت بالاستقلال، مما دفع ابريطانيا إلى توقيع معاهدة التحالف الأردنية الإنجليزية سنة1946 والتي اعترفت باستقلال المملكة الأردنية الهاشمية. وفي العراق عينت ابريطانيا فيصل بن الحسين، الذي تعهد بضمان مصالحها بالمنطقة، بموجب معاهدة1922. وفي سنة 1924 أحدث دستورا وكون حكومة من الأعيان، مما أدى إلى قيام حركة معارضة، دفعت ابريطانيا إلى الاعتراف باستقلال العراق في 1930، مقابل احتفاضها بقواعد عسكرية وإدارة وتدريب الجيش العراقي. ولم تتحرر البلاد بشكل تام إلا بعد قيام ثورة الضباط الوطنيين في 1958 وإعلان الجمهورية العراقية. وفي مصر قامت حركة وطنية تزعمها حزب الوفد. وبعد انتفاضة 1919، منحت ابريطانيا استقلالا شكليا لمصر بموجب إعلان فبراير1922، تحتفض بموجبه بامتيازات عسكرية واقتصادية في مصر، مع استمرار استعمارها للسودان. ووافقت حكومة الملك فؤاد الأول على ذلك، لكنها وجدت معارضة من طرف حزب الوفد بزعامة سعد زغلول، ومقاومة مسلحة من طرف السودان. وبظهور بوادر الحرب العالمية الثانية، قامت ابريطانيا بمفاوضات مع حزب الوفد وتم توقيع معاهدة 1936 التي منحت مصر استقلالا مشروطا ببقاء القوات البريطانية لمدة 20 سنة، وعدم إبرام اتفاقيات أو معاهدات مع الدول الأجنبية إلا بموافقة ابريطانيا. واتفق على حكم ثنائي في السودان بين مصر وابريطانيا. وبعد الحرب العالمية الثانية، طالب المصريون بجلاء القوات الإنجليزية وتوحيد بلاد النيل (مصر و السودان). لكن حزب الأمة السوداني طالب باستقلال بلاده. وبقيت منطقة وادي النيل على هذه الوضعية حتى اندلاع ثورة الضباط الأحرار سنة 1952 بقيادة جمال عبد الناصر وإعلان الجمهورية المصرية. وانسحب الإنجليز في 1954، وأعلنت السودان استقلالها سنة 1955.



ب) الاستغلال الاستعماري لدول المشرق العربي:

قامت الدول الاستعمارية بتركيز نفوذها الاقتصادي بالمنطقة، وعملت على استغلال ثرواتها الطبيعية والبشرية. وعملت على تغيير العملة العثمانية في مناطق نفوذها. وفرضت ضرائب مختلفة على السكان، و وزعت الأراضي على الفلاحين الكبار المرتبطين بالاستعمار قصد الاهتمام بالمزروعات التسويقية كالقطن والحرير. وخضع الفلاحون الصغار لمختلف أنواع الاستغلال. وشجعت الدول الاستعمارية على ظهور صناعات خفيفة بالمنطقة كالنسيج وصناعة السجاير والخمور، فتضررت الصناعات التقليدية المحلية بسبب المنافسة، وتدهورت أوضاع عمالها. أما المبادلات الخارجية، فكانت محتكرة من طرف الدولتين المستعمرتين(فرنسا وابريطانيا). وتتمثل في تصدير الحبوب والقطن والجلود والتمر، وفتح الأسواق العربية أمام منتجاتها الصناعية، مما أدى إلى تدهور اقتصاد المشرق العربي.

وحاولت الولايات المتحدة التوغل في المنطقة بأساليب مختلفة قصد استغلال بترول الشرق الأوسط. وعقدت في 1924 اتفاقية مع ابريطانيا للسماح للرعايا الأمريكيين بإنشاء مؤسسات تجارية وتعليمية بفلسطين، واتفاقية مماثلة مع فرنسا لنفس الأهداف في سويا ولبنان.



2): التحولات السياسية والاقتصادية بالجزيرة العربية



أ ) التحولات السياسية:

كانت معظم سواحل الجزيرة العربية بالجنوب والشرق تحت الحماية الإنجليزية. وبقيت المناطق الداخلية مقسمة إلى إمارات. وتمكن عبد العزيز آل سعود(1880 ـ 1953) من الانتصار على آل الرشيد الموالين للأتراك. وسيطر آل سعود على الحجاز بعد طرد الشريف حسين الهاشمي وأعلنوا قيام المملكة العربية السعودية سنة1933. وتمكنوا من إخضاع القبائل للسلطة المركزية، متبعين مبادئ الوهابية ومستفيدين من توفر البترول.

وظل شمال اليمن مستقلا عن العثمانيين، واعترفت به الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بموجب اتفاقية لوزان التي عقدت مع تركيا في 1923. لكن الإنجليز تدخلوا في حدوده، لعدم اعترافه بنفوذهم على محمية جنوب اليمن، والتي ظهرت بها حركة وطنية أرغمت ابريطانيا على الاعتراف باستقلالها تحت اسم( الجمهورية اليمنية الشعبية) سنة 1967، والتي توحدت مع اليمن الشمالي سنة 1986.

وعملت ابريطانيا على تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي بالإمارات والمشيخات الخليجية، خاصة بعد اكتشاف البترول بها. لطن تصاعد الحركات التحررية، دفع ابريطانيا إلى الاعتراف باستقلالها قصد الحفاظ على مصالحها، حيث اعترفت باستقلال الكويت في سنة 1961 والإمارات العربية والبحرين وسلطنة عمان في سنة 1971.



ب ) التحولات الاقتصادية:

أهمها اكتشاف البترول في بلدان الجزيرة العربية والعراق، وتهافت الشركات الأجنبية وخاصة الأمريكية التي اقتسمت مع الشركات الفرنسية والإنجليزية أسهم شركة نفط العراق سنة 1928 (الشركة التركية للبترول سابقا، مؤسسة بلندن في 1911). ومنحت الدول العربية النفطية امتيازات هامة للشركات البترولية الأجنبية، مقابل الحصول على دفعة من المال عند التوقيع على عقود الامتياز، دون تحديد كمية النفط الخام المستخرج. وعملت الولايات المتحدة على تركيز شركاتها بالمنطقة خاصة في فترة مابين الحربين والحرب الباردة. لكن اعتماد دول المشرق العربي على مداخيل البترول لتنمية مشاريعها، دفعها إلى تأميم شركات النفط الأجنبية لاسترجاع سيادتها على ثرواتها الوطنية، الشيء الذي مكن العرب من استعمال سلاح حظر تصدير النفط سنة 1973 عقب حرب أكتوبر.



الـتطورات العامة للقــضية الفلسـطيــنية



1) التمركز الصهيوني بفلسطين:

ظهرت الحركة الصهيونية في أواخر القرن 19. وأهم منظريها ليون بنسكر و تيودور هرتزل، صاحب كتاب ( الدولة اليهودية/نشر في1895). وانعقد المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بال السويسرية في 1897. وأهم قراراته: اعتبار الحركة الصهيونية حركة عالمية هدفها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وبدأ التمركز اليهودي في المنطقة منذ بداية القرن20 عن طريق الهجرات. واستفادت الحركة الصهيونية من الحرب ع.1 حيث حصلت على وعد بلفور من ابريطانيا في1917. كما استفادت من الانتداب البريطاني على فلسطين. وكسبت عطف الحلفاء خلال الحرب ع.2 عقب الاضطهاد النازي لليهود في أوربا.



2) المقاومة الفلسطينية:

عملت ابريطانيا عقب احتلالها لفلسطين على تركيز النفوذ الاقتصادي اليهودي بالمنطقة، حيث منحت امتيازات للشركات اليهودية الصناعية والتجارية. ووزعت الأراضي على المهاجرين اليهود، والذين حصلوا بسهولة على الجنسية الفلسطينية.



وبدأت المقاومة الفلسطينية منذ 1921 لمعارضة الاستيطان اليهودي والانتداب البريطاني. وتمثلت في تكوين جمعيات مثل جمعية مقاومة الصهيونية وإصدار الصحف مثل الكرمل و الرأي العام. وطالبوا بإنشاء حكومة عربية بفلسطين. لكن ابريطانيا رفضت، فاضطر الفلسطينيون إلى العمل المسلح منذ 1929 انطلاقا من القدس (ثورة البراق أو حائط المبكى). وفي 1936 قام الفلسطينيون بإضراب عام لمدة 6 أشهر، وامتنعوا عن دفع الضرائب وهاجموا المؤسسات الصهيونية والحكومية. وعملت ابريطانيا على تدريب وتسليح الجناح العسكري للحركة الصهيونية المعروف بالهاغانا. وبعد الحرب ع.2، أعلنت الدول العربية التي أنشأت الجامعة العربية في1945، أن قضية فلسطين هي قضية جميع العرب. وقامت ابريطانيا برفع القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في 1947، والتي صادقت على تقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى إسرائيلية وإلغاء الانتداب البريطاني. وبعد انسحاب ابريطانيا في 14 ماي 1948، أعلن عن قيام دولة إسرائيل. واعترفت بها الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي.



3) الصراع العربي الإسرائيلي:

قامت دولة إسرائيل على العنصرية وبدأت بتهجير العرب وإبادتهم. وخاض العرب ضدها عدة حروب، كانت نتائجها لصالح إسرائيل؛ قامت أولها في 1948، وتدخلت الأمم المتحدة لتحقيق الهدنة. ومن نتائجها تهجير السكان العرب وكسب اعترافات عدة دول، وقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة في 1949. وفي سنة 1956 شاركت إسرائيل إلى جانب فرنسا وابريطانيا في العدوان الثلاثي ضد مصر، وتوسعت في غزة وسيناء. وفي 1967 وقعت حرب الستة أيام، واحتلت إسرائيل باقي أراضي سيناء وفلسطين ومنطقة الجولان وجنوب لبنان. وأصدر مجلس الأمن القرار 242، الذي لم يطبق حتى الآن وينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة. وحاول العرب تحرير الأراضي المحتلة، فقامت حرب أكتوبر 1973. وتم تحرير قناة السويس وجزء من سيناء. وبقيت المناطق الأخرى تحت السيطرة الإسرائيلية نتيجة للدعم الأمريكي لإسرائيل.ورغم ذلك اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب من جنوب لبنان أمام المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله.



4) المفاوضات الإسرائيلية مع دول المواجهة والفلسطينيين:

بدأت المفاوضات بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة، لتفكيك الموقف العربي أسفرت عن توقيع اتفاقية كامب ديفيد في شتنبر 1978 بين مصر وإسرائيل، فحصلت مصر على سيناء مقابل اعترافها بإسرائيل. وصعد الفلسطينيون مقاومتهم بجنوب لبنان، مما دفع إسرائيل إلى التدخل في لبنان سنة 1982. واضطر الفلسطينيون إلى المقاومة داخل الأراضي المحتلة، حيث اندلعت انتفاضة أطفال الحجارة سنة 1987، والتي دامت أكثر من خمس سنوات. ومع تفكك المعسكر الشرقي، ونهاية الحرب الباردة، واندلاع حرب الخليج ضد العراق، انعقد مؤتمر دولي بمدريد سنة 1991، قصد تسوية النزاع في الشرق الأوسط على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام. واستمرت المفاوضات بين إسرائيل و الفلسطينيين، أسفرت عن إتفاق أوسلو واتفاق واشنطن المعروف باتفاق غزة وأريحا أولا.لكن إسرائيل نهجت سياسة التماطل واللامبلاة بما جاء في الإتفاقيات السابقة، أوالتي تلتها، كمارفضت تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وحتى اقتراحات الدول العربية الصادرة عن قمة بيروت الأخيرة، وأعادت اكتساح أراضي السلطة الفلسطينية ممارسة سياسة الإبادة والتهجير.



خاتمة : رغم تحرر دول المشرق العربي وتوفرها على ثروات طبيعية هامة، فإنها لازالت تعاني من استمرار النزاع في الشرق الأوسط. ورغم ليونة الموقف العربي تجاه إسرائيل، فإن هذه الأخيرة تحاول عقد اتفاقيات منفردة مع دول المواجهة، مثل ما فعلت مع مصر والأردن، حتى تتفرغ لمشاكلها مع الفلسطينيين



الإستغلال الإستعماري للمغرب في عهد الحماية



مقدمة: أحدث المستعمرون الاسبان والفرنسيون بعد سيطرتهم على المغرب، تنظيمات إدارية وسياسية لإعطاء الصبغة القانونية للمشاريع التي تخدم مصالحهم. وعمل الاستعمار على استغلال خيرات المغرب الطبيعية والبشرية، مما أثر على السكان ودفعهم إلى المقاومة.




وضــع المسـتعمر تنظيــمات إداريــة مكنته من السـيطرة المبـاشرة على حـكم المغرب



1):سياسة الجنرال اليوطي:

يعتبر اليوطي أول مقيم عام بالمغرب(1912-1925).إهتم باستكمال السيطرة على البلاد وإعدادها للاستغلال لفائدة فرنسا. ونهج سياسة عرفت بالسياسة الأهلية تهدف إلى استمالة المغاربة قصد تشغيلهم في فترة الحرب، والتظاهر بالمساواة بين الفرنسيين والمغاربة في فترة السلم، بتجنب أي تدخل في الشؤون الدينية للمغاربة.وإشراكهم في تسيير شؤونهم بإبقاء موظفي المخزن في مناصبهم وتسخيرهم لخدمة نظام الحماية، مثل القواد الكبار.وإشراك الأعيان والباشوات في المجالس البلدية إلى جانب الفرنسيين. وعرف سياسته بسياسة بقعة الزيت.



2):التنظيمات الإدارية الفرنسية:

استغلت فرنسا نص معاهدة الحماية الذي يخول لها القيام بالاصلاحات، فحولت السلطة الفعلية من يد السلطان إلى يد المقيم العام، تاركة للسلطان الشؤون الدينية.



أ) الإدارة المركزية :

تتألف من الإقامة العامة وعلى رأسها المقيم العام، بيده جميع السلطات الأساسية كالتشريع والدفاع والأمن والشؤون الاقتصادية والعلاقات الخارجية. ويمثل الجمهورية الفرنسية بالمغرب. وبعد 1926 أصبح قادة المناطق يخضعون في الأمور الإدارية والسياسية للمقيم العام، وفي الأمور العسكرية للقائد الأعلى للجيش.وتخضع عدة مصالح وإدارات مركزية مباشرة للمقيم العام.ومنها:

-إدارة الشؤون الشريفة: على رأسها مستشار الحكومة الشريفة، يراقب وزارات المخزن.وهوصلة وصل بين الإقامة العامة والمخزن حيث يقدم للسلطان مشاريع القوانين المقترحة للتوقيع عليها. ويراقب الإدارات القطاعية كالمالية والأشغال العمومية والفلاحة وغيرها.

-إدارة الداخلية: تشرف على إدارة شؤون البلاد عن طريق السلطات المحلية كالمراقبين المدنيين وضباط الشؤون الأهلية والباشوات وغيرهم.

-إدارة مصالح الأمن: تقوم بمهمة الأمن وقمع كل التنظيمات الوطنية المناهضة للاستعمار.

وأحدثت فرنسا محاكم جديدة يطبق فيها القانون الفرنسي إلى جانب القضاء الشرعي المغربي هدفا لخدمة مصالحها. كما أحدثت مصالح تقنية لتسهيل استغلال الثروات المغربية كإدارة المالية والجمارك والأشغال العمومية والفلاحة والإنتاج المعدني والصناعي والبريد والصحة العمومية.وسميت بالمصالح المخزنية،أغلب موظفيها فرنسيون.وتخضع لسلطة الكاتب العام للإقامة العامة.وتقوم إدارة المالية بإعداد الميزانية وضبط الموارد المالية المختلفة.وأغلب الاعتمادات تصرف في الأشغال العمومية التي تخدم مصالح الاستعمار. وتقوم بإنجازها الشركات الفرنسية، كبناء السدود والموانئ والسكك الحديدية وغيرها.



ب) الإدارة المحلية:

قصد توطيد نفوذها بالمغرب، عملت فرنسا على تقسيم منطقة نفوذها إلى سبعة أقاليم؛ ثلاثة منها مدنية، وهي :الرباط والبيضاء ووجدة. وثلاثة عسكرية، وهي: فاس ومكناس وأكادير. واعتبر إقليم مراكش مدنيا وعسكريا في نفس الوقت. وتباشر السلطة الفعلية على مستوى هذه الجهات بواسطة المراقبين المدنيين في المناطق المدنية، وضباط الشؤون الأهلية في المناطق العسكرية. ولهم سلطة مطلقة في جميع الميادين، ويراقبون الموظفين الفرنسيين والمغاربة، ويخضعون مباشرة للمقيم العام. وعلى المستوى المحلي تمارس السلطة بواسطة الباشوات في المدن والقواد في البوادي. وكان الباشوات يعينون من طرف السلطان باقتراح من الإقامة العامة. ومنحهم ظهير 1913 سلطات واسعة مثل رئاسة المجلس البلدي ووضع ميزانية المدينة وإنفاقها، والأمن والصحة والنظافة والبناء. لكن ظهير1917 قلص من اختصاصاتهم، وأصبحوا مراقبين من طرف المراقبين المدنيين. وكانت للقواد اختصاصات واسعة تشمل القضاء وجمع الضرائب التي يتقاضون أجورهم منها بنسب معينة.



3: التنظيم الإداري في المنطقة الخليفية ومنطقة طنجة الدولية:

عرفت منطقة النفوذ الاسباني بالمنطقة الخليفية لوجود خليفة السلطان بها.وعينت إسبانيا مندوبا ساميا يراقب الخليفة السلطاني، تساعده في ذلك بعض الادارات.وينوب عن الخليفة الباشوات بالمدن تحت مراقبة القناصل الاسبان.وينوب عنه القواد في البوادي تحت مراقبة الضباط العسكريين الاسبان، لذلك كانت سلطة خليفة السلطان شكلية فقط.

وفي منطقة طنجة عين السلطان مندوبا ينوب عنه، كان دوره ثانويا، حيث نصت اتفاقية لندن 1913 المبرمة بين الدول الممثلة في طنجة على تكوين(مجلس تشريعي) يمثل الجاليات الأجنبية و(لجنة مراقبة)يمثلها القناصل الاجانب، ووساطة تنفيذية يمثلها مدير ينفذ قرارات المجلس التشريعي.وسلطة قضائية مؤلفة من محكمة من سبعة قضاة من جنسيات مختلفة. وكان الاسبان يشكلون أغلب سكان منطقة طنجة، يليهم الفرنسيون الذين كانوا يسيطرون على أغلب الأنشطة الاقتصادية. وعاش المغاربة على الهامش،محافظين على دينهم ووطنيتهم.



عمل المسـتعمر على استغــلال كل القـطاعات الاقـتـصادية بالمــغرب



وفر المستعمر الرساميل لتمويل مشاريعه لاستغلال مختلف القطاعات الاقتصادية. وتتمثل هذه الرساميل في الرأسمال الخاص الذي استثمرته الشركات المالية الأجنبية مثل البنك المخزن المغربي وبنك باريس والبلدان المنخفضة أريدي لوني وغيرها من فأبناك، التي حصلت على أرباح هامة لأنها كانت تؤثر في سياسة الإقامة العامة لوضع قوانين تخدم مصالحها. أما الرأسمال العمومي فيتمثل في مداخيل الضرائب المختلفة التي تحصل عليها الإقامة العامة، وتمول بها مشاريعها الاقتصادية والإدارية والعسكرية. وتم توظيف هذه الرساميل لاستغلال مختلف القطاعات الاقتصادية.



1: في مجال الفلاحة:

سيطر المستعمرون على الأراضي الخصبة بطرق مختلفة كشراء الأراضي عن طريق المغاربة المحميين، أو بإصدار مجموعة من الظهائر تنص على التحفيظ العقاري، أو جعل أراضي الجموع تحت حماية الدولة وكذلك ظهائر تتعلق بأراضي الكيش والأحباس. وبذلك تميزت السيطرة على الأراضي عن طريق ما سمي بالاستعمار الخاص أي شراء المعمرين للأراضي من المغاربة، أو ما سمي بالاستعمار الرسمي أي توزيع الأراضي التي سيطرت عليها سلطات الحماية على المعمرين الفرنسيين، حيث أنشأت مصلحة الاستيطان التي قامت بتقسيم الأراضي إلى استغلاليات وتوزيعها على المعمرين. وانتشرت الاستغلاليات الاستعمارية في المناطق الخصبة، ومنها الصغرى من5 إلى40 هكتار، والمتوسطة من10 إلى500 هكتار والكبرى من500 إلى 3000 هكتار. وتميزت الاستغلاليات الاستعمارية بالتجهيزات العصرية حيث استفاد المعمرون من القروض. وتخصصت في المزروعات التسويقية المربحة كالحوامض والخضر والفواكه خاصة بعد أزمة 1929 الاقتصادية. وخلال الحرب العالمية الثانية استغلت فرنسا إمكانيات المغرب الفلاحية لسد النقص الحاصل في الإنتاج الفرنسي. وصادرت أغلب الإنتاج من السكان لتصديره إلى فرنسا، فعرف المغرب نقصا حادا في المواد الأساسية جعل بعض المغاربة يعتمدون على التقاط النباتات البرية. وطبقت فرنسا منذ 1940 ما سمي بنظام التموين فعرفت تلك السنة بعام البون. وانتشرت الأوبئة بسبب نقص التغذية وسوء التغذية.



2: في مجال الصناعة:

عملت سلطات الحماية على استغلال المعادن المتوفرة في المغرب، فأنشأت المكتب الشريف للفوسفاط لاستغلال فوسفاط خريبكة واليوسفية. ومكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية. كما استغلت شركات متعددة المعادن الأخرى المتوفرة. وكانت تقوم بالتنقيب والاستخراج والتصدير، مستغلة اليد العاملة المغربية. وأقام المستعمر صناعات خفيفة بالمغرب كالنسيج وأكبر شركاته S.a.f.t. .والصناعات الغذائية كصناعة السكر. وحققت أرباحا هامة لقلة الضرائب وتوفر المواد الأولية واليد العاملة. وتركزت أغلب الصناعات في المدن الساحلية. واهتمت المؤسسات الفرنسية بغزو السوق المغربية بمنتجاتها الصناعية، مما أثر على الحرف التقليدية وأوضاع عمالها.



3: في مجال التجارة:

أنشأت سلطات الحماية شبكة من طرق المواصلات لتسهيل تنقل الجنود وتصدير المواد الأولية الفلاحية والمعدنية حيث نجد أغلب خطوط السكة الحديدية تربط بين المراكز الفلاحية والمنجمية والموانئ. وتطورت التجارة الداخلية باحداث محلات تجارية عصرية لتلبية حاجيات الأجانب. كما ظهرت شركات تجارية فرنسية تحتكر تجميع المواد الفلاحية وتصديرها. أما بالنسبة للتجارة الخارجية فكان المغرب يصدر المواد الفلاحية والمعدنية ويستورد المواد المصنعة ومواد التجهيز وبعض المواد الغذائية. وأغلب المبادلات تتم مع فرنسا المستفيد الأول، مما جعل الميزان التجاري المغربي عاجزا.



4: السياسة الضريبية:

فرضت سلطات الحماية ضرائب مختلفة على السكان؛ ففي مجال الضرائب الفلاحية كانت ضريبة الترتيب تؤدى في البوادي على المزروعات والمواشي والأشجار المثمرة بناء على تصريح صاحب الأرض مغربيا أم أجنبيا، وتستخلص الضرائب حسب النوع والمردود. وترتفع قيمتها كلما احتاج المستعمر إلى مداخيل جديدة. وأحدث المستعمر ضرائب جديدة بالمدن كالضريبة الحضرية والمهنية وضريبة السكنى ورسوم أخرى على الأسواق والنظافة ،بالإضافة إلى الاكتتابات والتبرعات الإجبارية، التي يسهر على جمعها الأشياخ والمقدمون.



خلف الإستـغلال الإستعـماري للمغـرب عدة نتائـج



أحدث الاستعمار تغييرات في البنية الاجتماعية للمغرب حيث ظهرت فئة مستفيدة من الوجود الاستعماري يمثلها القواد الكبار في البوادي والتجار المغاربة المسلمون واليهود بالمدن والذين يلعبون دور الوسيط بين السوق الداخلية والمصالح التجارية الأوربية. وظهرت فئة عمالية في القطاعين الصناعي والفلاحي مستغلة بأجور منخفضة.



1: في الــبادية:

توسعت ممتلكات القواد الكبار المرتبطين بالاستعمار على حساب الفلاحين الصغار. فبالإضافة إلى سيطرة المعمرين والشركات الأجنبية على الأراضي الخصبة، مما دفع بعض القبائل الرحل إلى الاستقرار، تم تفقير أغلب سكان البادية حيث انتزعت منهم أراضي الجموع وبدأت العلاقات القبلية في التفكك. وفرضت أعمال مختلفة على السكان كالعمل في أراضي المعمرين والقواد الكبار دون مقابل والقيام بالأشغال العمومية والحراسة، بالاضافة إلى الضرائب التي كانت تصل ربع المدخول السنوي للفلاح، ثم دفع الغرامات والهدايا وإعداد الحفلات في المناسبات. مع العلم أن إنتاجهم تنافسه المنتجات التسويقية التي ظهرت في ضيعات المعمرين. وسببت هذه التحولات في الهجرة القروية نحو المدن والتي تسببت في ارتفاع البطالة وظهور أحياء القصدير.



2: في المــدن:

تدهورت أوضاع التجار الصغار والحرفيين بسبب الاحتكارات الأجنبية حيث غزت المنتجات الأجنبية الأسواق المغربية ونافست منتجات الصناعة التقليدية المغربية. بالإضافة إلى الضرائب واستغلال اليد العاملة في مجال الصناعة واستخراج المعادن، حيث لم تحدد ساعات العمل إلا في 1937 ولم يعترف للعمال بالعطلة السنوية إلا في 1938. وكانت أجورهم لا تتجاوز 15 فرنك في اليوم. ويتعرضون للبطالة بسبب الطرد. كما استغلت اليد العاملة المغربية في ضيعات المعمرين بأجور قليلة مقابل أعمال مختلفة:زراعة،حراسة،رعي،خدمات منزلية. وظهرت فئة برجوازية من أسر يهودية ومسلمة اندمجت في التيار الرأسمالي بالمدن، قاد أبناؤها الحركة الوطنية.



خاتمة: أدت التنظيمات الإدارية التي أحدثها سلطات الحماية إلى السيطرة المباشرة على المغرب. وأدى الاستغلال الاستعماري إلى خلق تناقضات اجتماعية جديدة بالمغرب. وربط اقتصاد البلاد بالرأسمال الأجنبي. وتضرر أغلب السكان مما جعلهم يساهمون في مقاومة الاستعمار طيلة فترة الحماية.
 
المقاومة المغربية وثورة الملك والشعب

مقدمة : واجه المغاربة التوغل الفرنسي والإسباني قبل توقيع معاهدة الحماية في 1912. وبعدها استمرت مواجهة الاستعمار رغم تباين الإمكانيات بين الجانبين. وبدأت المرحلة الأولى من المقاومة المسلحة من 1912 إلى 1934، تلتها فترة المقاومة السياسية ، التي تركز عملها على المطالبة بالإصلاحات فيما بين الحربين ثم المطالبة بالإستقلال انطلاقا من 1944. لكن رفض فرنسا للمطالب المغربية ونفي محمد الخامس في 1953، دفع المغاربة إلى مرحلة ثانية من النضال المسلح السري حتى تم تحقيق الاستقلال في 1956.



تميزت المرحلة الأولى من المقاومة المسلحة بالمقاومة في الجنوب والأطلس المتوسط والريف.



بعد توقيع مولاي عبد الحفيظ على معاهدة الحماية في 30 مارس 1912، استمرت المواجهة الشعبية للإستعمار. ولتهدئة الأوضاع، عزلت فرنسا السلطان في 13 غشت، وسارعت لتعيين أخيه مولاي يوسف في اليوم التالي، قبل وصول أحمد الهيبة إلى مراكش " وصلها في 18 غشت ". وقامت فرنسا في نفس السنة بتحديد مناطق النفوذ مع إسبانيا. واستعمل المستعمرون الإسبان والفرنسيون أحدث الوسائل العسكرية لاحتلال المغرب. وجندوا أبناء المستعمرات، إضافة على الاعتماد على القواد الكبار المرتبطين بالإستعمار، للتوغل في البلاد. ورغم ذلك واجه المستعمر مقاومة شديدة في الجنوب والأطلس المتوسط والريف.



1 ) المقاومة في الجنوب : تزعم المقاومة أحمد الهيبة بن ماء العينين؛ ففي 1912 خضعت له منطقة سوس، وسيطر أخوه على أكادير وتارودانت. وفي شهر غشت خضع له الجنوب المغربي باستثناء الموانئ وعبدة. وعبر الأطلس الكبير ووصل مراكش في 18 غشت، ومنها خرج لمواجهة الفرنسيين في معركة سيدي بوعثمان في 7/9/1912، لكنه انهزم لضعف عدد جنوده وعتادهم الحربي أمام القوات الفرنسية. وانسحب إلى الجنوب وتابع المقاومة حتى توفي سنة 1919، وتابع المقاومة أخوه مربيه ربه إلى 1934.



2 ) المقاومة في الأطلس المتوسط : لقي الفرنسيون مقاومة عنيفة من طرف القبائل بقيادة موحا أو حمو الزياني. وعندما احتل الفرنسيون مدينة اخنيفرة في 1914، شن المقاومون هجوما عنيفا وهزموا القوات الفرنسية في معركة الهري في نونبر 1914. لكن القوات الفرنسية استرجعت سيطرتها على المدينة، فاعتصم الزياني وأتباعه بالجبال إلى أن قتل في 1921.



3 ) المقاومة الريفية : بعد اغتيال محمد أمزيان في 1912، الذي تزعم المقاومة الريفية في بدايتها، وسيطرة الإسبان على الريف، ظهرت مقاومة منظمة تزعمها في البداية عبدالكريم الخطابي قاضي بني ورياغل، ثم بعده غبنه محمد بن عبد الكريم، الذي ربط كفاحه بكفاح الشعوب التي تخوض الحروب التحررية. واعتبر تحرير الريف مرحلة أولى لتحقيق استقلال المغرب. وحققت المقاومة الريفية انتصاراتها الأولى في جبل عريت وجبل إبران، لكن أهم انتصار حققته في معركة أنوال في يوليوز 1921 أمام القوات الإسبانية التي قادها الجنيرال سيلفستر. وفي 1924 لم يبق بيد الاسبان سوى العرائش وأصيلا وسبتة ومليلية. ونظم محمد بن عبد الكريم المناطق المحررة وفرض التجنيد الإجباري، فوجدت إسبانيا نفسها عاجزة عن احتلال الريف، فتحالفت مع فرنسا التي أصبحت تنظر بجدية لحركة الخطابي التي تهدد مصالحها. واستمرت المواجهات العسكرية ضد المستعمرين من 1924 إلى 1926 حيث سلم قائد الثورة الريفية نفسه للقوات الفرنسية، حقنا لدماء المسلمين. ونفي إلى جزيرة لاريينيون Laréunion لمدة 20 سنة، ثم استقر في مصر لمتابعة النضال السياسي.

واستمرت المقاومة في عدة مناطق إلى حدود 1934 حيث احتلت الجيوش الفرنسية والإسبانية ما تبقى من المناطق المغربية مثل تافيلالت وجبل صاغرو بعد إخضاع قبائل أيت عطا. وكذلك منطقة درعة والأطلس الكبير والصغير والمناطق الجنوبية الصحراوية. وفي نفس السنة عرفت المدن المغربية انطلاق الحركة الوطنية التي نهجت الأسلوب السياسي للتحاور مع الاستعمار.



تركز عمل الحركة الوطنية بالمغرب فيما بين الحربين على التنظيم السياسي والمطالبة بالإصلاحات


1 ) ظهور الحركة الوطنية : قاد الحركة الوطنية شباب ينتمي في معظمه إلى العائلات المتوسطة بالمدن، تلقى ثقافته إما على يد رواد السلفية بالمغرب، أو بالمدارس العصرية التي أحدثتها الإقامة العامة، وكذلك بالخارج. واستفاد هذا الشباب من تجربة المقاومة المسلحة، وتبنى فكرة القومية العربية التي دعا إليها شكيب أرسلان. وشكل المغاربة المضطهدون من طرف الاستعمار القاعدة التي ارتكزت عليها الحركة الوطنية. وأمام الوعي الثقافي والتأزم الاقتصادي، أصدرت سلطات الحماية الظهير البربري في 16 ماي 1930، فقامت انتفاضة شعبية تطالب بإلغائه، فكان ذلك الحدث بداية للتنظيم السياسي والعمل الوطني. وتأسست الجرائد مثل المغرب الكبير بباريس 1932 وجريدة عمل الشعب بفاس 1933، تصدران بالفرنسية لأن سلطات الحماية منعت إصدار الجرائد العربية. وبدأ الاحتفال بعيد العرش في 18 نونبر 1933 لتوطيد الاتصال بين السلطان والحركة الوطنية.



2 ) المطالبة بالإصلاحات : في 1934 كون قادة الحركة الوطنية أول تنظيم سياسي باسم " كتلة العمل الوطني ". وطالبوا إدارة الحماية بتطبيق الإصلاحات التي نصت عليها معاهدة الحماية، وقدموا برنامجا تحت إسم " مطالب الشعب المغربي " ينص على إحداث حكومة مغربية تساعدها أجهزة منتخبة، وأن تقوم الحماية بدور المساعد والمراقب فقط. وبعد رفض هذه المطالب، قدمت الكتلة مطالب أخرى تحت إسم " المطالب المستعجلة للشعب المغربي ". واحتد الصراع بين قادة الحركة الوطنية والإقامة العامة، التي اعتقلت عددا منهم ومنعت الأحزاب والجرائد. وفي 1937 انقسمت كتلة العمل الوطني وتأسست الحركة القومية برئاسة محمد بن الحسن الوزاني، والحركة الوطنية لتحقيق الإصلاحات بزعامة علال الفاسي، والتي سميت فيما بعد بالحزب الوطني. وفي منطقة النفوذ الإسباني أسس عبد الخالق الطريس حزب الإصلاح الوطني ، وأسس المكي الناصري حزب الوحدة المغربية. واقتصر ت برامج هذه التنظيمات السياسية فيما بين الحربين على المطالبة بالإصلاحات والمعارضة السياسية للإستعمار.



انتقل النضال الوطني في المغرب بعد الحرب العالمية الثانية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال


1 ) استفادت الحركة الوطنية من الظروف الدولية الجديدة : كهزيمة فرنسا أمام النازية ونزول قوات الحلفاء بالمغرب في 1942 ومؤتمر الدار البيضاء "مؤتمر أنفا " 1943 بين محمد الخامس وروزفلت وتشرشيل.

وبرزت المطالبة بالاستقلال في تقديم "وثيقة المطالبة بالاستقلال" في 11 يناير 1944 من طرف قادة الحركة الوطنية إلى الإقامة العامة. أثار هذا الحدث الحماس الوطني، فقامت سلطات الحماية باضطهاد السكان واعتقال بعض زعماء الأحزاب الوطنية، التي اتخذت أسماء جديدة مثل الحزب الوطني الذي أصبح يحمل إسم حزب الاستقلال منذ 1944، وحزب الشورى والاستقلال الذي أسسه في 1946 أعضاء الحركة القومية. والحزب الشيوعي الذي نادى بالكفاح المسلح وحق تقرير المصير. وناضل العمال المغاربة في إطار " الاتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب ". وقاموا بعدة إضرابات أشهرها إضراب عمال الفوسفاط بمناجم اخريبكة سنة 1948. أسس محمد بن عبد الكريم الخطابي " لجنة تحرير المغرب العربي " في مصر بتنسيق مع قادة الحركات الوطنية بالمغرب العربي.

وتجلى نضال السلطان محمد الخامس الذي يمثل القيادة العليا للحركة الوطنية في مطالبته الحكومة الفرنسية بوضع حد لنظام الحماية، خلال رحلته إلى فرنسا سنة 1945، وفي رحلته إلى طنجة سنة 1947، حيث أكد في خطابه على وحدة المغرب الترابية تحت سلطة ملكه الشرعية، وأن مستقبل المغرب مرتبط بالإسلام والجامعة العربية التي تأسست في 1945. وفي سنة 1950 قدم السلطان مذكرة لفرنسا تهدف إلى تجاوز مشكلة الإصلاحات لتحقيق الاستقلال.



2 ) ثورة الملك والشعب وتحقيق الاستقلال : بعد فشل الإقامة العامة في فك الارتباط الحاصل بين السلطان والتنظيمات السياسية، استغلت في سنة 1952 فرصة قيام مظاهرات بالمدن المغربية احتجاجا على اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد،لتقوم باعتقال الزعماء السياسيين ومنع الأحزاب والصحف. أطلقت النار على المتظاهرين، حيث قتل في الدار البيضاء وحدها حوالي 16 ألف مغربي.

وعملت فرنسا بمساعدة القواد الكبار وزعماء الطرق الدينية " الكلاوي وعبد الحي الكتاني " على عزل السلطان محمد بن يوسف وتعيين أحد أفراد أسرته محمد بن عرفة. وفي 20 غشت 1953 ليلة عيد الأضحى، تم نفي محمد الخامس وأسرته إلى جزيرة كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر. ولم يعترف المغاربة بالسلطان الجديد. وبدأت المرحلة الثانية من المقامة المسلحة السرية، وتشكلت النواة الأولى لجيش التحرير. واستهدف المقاومون اغتيال ابن عرفة مرتين، كما استهدفوا اغتيال الباشا الكلاوي، إضافة إلى تخريب المنشآت الاستعمارية.

وحصل المغرب على تأييد الجامعة العربية وحركة دول عدم الانحياز، لرفع قضية المغرب إلى الأمم المتحدة، مما دفع السلطات الفرنسية إلى التفاوض مع السلطان وقادة الحركة الوطنية بمدينة إيكس ليبان. وانتهت المفاوضات بعودة السلطان محمد الخامس إلى المغرب في 1955، وتوقيع اتفاقية الاستقلال في 2 مارس 1956 مع فرنسا، ثم اتفاقية في أبريل مع إسبانيا. وفي أكتوبر انتهى الوضع الدولي لمدينة طنجة. ولتحقيق الوحدة الترابية استرجع المغرب إقليم طرفاية سنة 1958 ومنطقة سيدي إفني سنة 1969، وإقليمي الساقية الحمراء وادي الذهب في 1975 عقب تنظيم المسيرة الخضراء. وبقيت سبتة ومليلية والجزر الجعفرية بيد الاسبان.



خاتمة : واجه الغاربة الاحتلال الأجنبي بطرق مختلفة تمثلت في المقاومة المسلحة والنضال السياسي. وقدموا تضحيات جسيمة للحصول على الاستقلال.



الحركة الوطنية في باقي دول المغرب العربي


مقدمة : عرفت دول المغرب العربي " الجزائر، تونس، ليبيا " حركات وطنية تميز عملها فيما بين الحربين بالمطالبة بالإصلاحات. لكن المستعمر ظل يهتم بالمشاريع التي تخدم مصالحهن دون الاهتمام بمطالب هذه الحركات، التي أصبحت بعد الحرب العالمية الثانية تطالب بالاستقلال. ونظرا لتغاضي المستعمر عن رغبة شعوب المغرب العربي في الاستقلال، نهجت الحركات الوطنية أسلوب الصراع المسلح السري ضد المستعمر، إلى جانب الطرق الدبلوماسية قصد التحرر من السيطر الاستعمارية.



واجهت الحركة الوطنية التونسية الاستعمار الفرنسي وتمكنت من تحقيق الاستقلال


1 ) الاستغلال الاستعماري بتونس : سيطرت فرنسا على تونس وفرضت عليها معاهدة باردو 1881 واتفاقية المرسى 1883. وعملت على تحويل الحماية إلى استعمار مباشر، حيث سيطر المقيم العام الفرنسي على جميع السلطات، وبقت سلطة الباي شكلية فقط. وقامت سلطات الحماية بإنشاء إدارة جديدة وإصلاح النظام القضائي مع الاحتفاظ بالإدارة التقليدية وخاصة القواد والأشياخ، وذلك لحماية مصالحها. وعملت على استغلال خيرات تونس المعدنية كالفوسفاط والحديد، وإنشاء الطرق لتصديرها. كما استحوذ المعمرون على الأراضي الخصبة، بل عملت فرنسا على منح الجنسية الفرنسية للإيطاليين المقيمين في تونس، وكذلك للأعيان قصد تدعيم الاستعمار. وعانى التونسيون من الاستغلال الاستعماري، مما دفعهم إلى النضال السياسي والمقاومة المسلحة.



2 ) الحركة الوطنية التونسية : تزعمها في البداية شيوخ جامع الزيتونة الذين طالبوا بالحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية. ثم اتخذت الحركة الوطنية طابعا سياسيا بعد تأسيس الحزب الدستوري في 1920، كامتداد لحركة تونس الفتية التي توقف نشاطها خلال الحرب العالمية الأولى. وتزعم الحزب الدستوري عبد العزيز الثعالبي، الذي طالب بعدة إصلاحات كالحريات العامة والمساواة بين التونسيين والفرنسيين، وتشكيل حكومة وطنية ومجلس وطني منتخب. ونظم العمال عدة إضرابات لتحقيق هذه المطالب . لكن السلطات الفرنسية لجأت إلى تصفية الحزب الدستوري واعتقال زعمائه في سنة 1926. لكن قاعدته توسعت نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عقب أزمة 1929 الاقتصادية. وظهرت بين أعضائه فئة من الشباب الذي درس في أوربا ومن بينهم الحبيب بورقيبة الذي أسس في 1934 " الحزب الدستوري الجديد ". ونظم مع النقابات عدة إضرابات لتحقيق مطالب الإصلاحات. لكن الاستعمار الفرنسي واجهها بالعنف قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وبعد الحرب العالمية الثانية تدعمت الحركة الوطنية بإنشاء نقابة " الاتحاد العام للشغالين التونسيين " بزعامة فرحات حشاد، وأصبحت تطالب بالاستقلال. وقام الحزب الدستوري بمفاوضات مع فرنسا بشان الاستقلال على مراحل. وقبلت فرنسا إنشاء حكومة مشتركة : تونسية – فرنسية، مع الاحتفاظ بنظام الحماية. وقامت اضطرابات شعبية في أواخر دجنبر1951، واجهتها فرنسا بالقمع واغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد في 1952. لكن الحركة الوطنية نهجت أسلوب المقاومة المسلحة السرية " حركة الفلاكة ". وبدأت فرنسا المفاوضات مع الحزب الدستورين ووافقت على منح الاستقلال لتونس في 1955، مع احتفاظها بالسياسة الخارجية وحق حماية الأجانب وعدم تأميم ممتلكاتهم. لكن الزعماء التونسيون وقادة جيش التحرير عارضوا ذلك، فاضطرت فرنسا إلى منح الاستقلال التام لتونس بموجب اتفاقية 20 مارس 1956. وأعلن عن قيام الجمهورية التونسية برئاسة الحبيب بورقيبة في يوليوز 1957.



تميز الوضع الخاص بالجزائر مابين 1900 و1962 بمواجهة مخططات الاستعمار والكفاح المسلح لنيل الاستقلال


1 ) مخططات الاستعمار : استهدفت فرنسا إدماج الجزائر واعتبارها جزء من التراب الفرنسي. وعملت على تشجيع الفرنسيين بتوزيع الأراضي التي انتزعت من السكان، كما وزعت على حاملي الجنسية الفرنسية من إيطاليين وإسبان ومالطيون. كما عملت على منح الجنسية الفرنسية لليهود الجزائريين. وفي 1934 أصبح ربع الأراضي المزروعة في يد المستوطنين الفرنسيين مما أثر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأهالي؛ ففي البادية انتشرت المزروعات التسويقية خاصة الكروم، في ضيعات كبيرة تسيطر عليها مؤسسات تجارية ومالية، مستغلة اليد العاملة المحلية. وتم إنشاء الطرق البرية والسكك الحديدية والموانئ لتسهيل عملية التصدير، لتحقيق أهداف الاقتصاد الفرنسي. وتقلص الإنتاج المعيشي نتيجة انتزاع الأراضي من السكان وثقل الضرائب، التي أفقرت أغلب سكان البادية فاضطروا إلى العمل في ضيعات المستوطنين أو الهجرة إلى فرنسا. وفي المدن لم يعرف قطاع الصناعة أي تطور هام إلا بعد 1945، لرفض مبدأ تصنيع الجزائر من طرف المقاولين الفرنسيين، رغم تزايد عدد السكان وتوفر اليد العاملة.



2 ) دور الحركة الوطنية : يتمثل في مواجهة سياسة الإدماج والاعتماد على الكفاح المسلح لنيل الاستقلال. وارتبط ظهور الحركة الوطنية باسم الأمير خالد، حفيد عبد القادر الجزائري، الذي أسس " كتلة المنتخبين المسلمين الجزائريين ". وبعد نفيه إلى سوريا، قاد الكتلة سباب تلقى دراسته في المدارس الفرنسية مثل فرحات عباس ومحمد بن جلون. وطالبوا بالمساواة بين الجزائريين والفرنسيين في إطار فكرة الإدماج.

وأسس عبد الحميد بن باديس " جمعية علماء المسلمين " لمواجهة فكرة الإدماج. وكانت ذات طابع سلفي إصلاحي، دافعت عن الإسلام والثقافة العربية وأصالة الشعب الجزائري. وأسست المدارس والجرائد مثل الشهاب والبصائر، مما أدى إلى تطور الوعي الوطني الجزائري. وعملت السلطات الفرنسية على الحد من نشاط هذه الجمعية. وأسس المهاجرون الجزائريون جمعية " نجم شمال إفريقيا ط بباريس سنة 1926 بقيادة مصالي الحاج، منعتها السلطات الفرنسية في 1936، لتظهر من جديد تحت إسم " حزب الشعب الجزائري "في 1937

وبعد الحرب العالمية الثانية أسس فرحات عباس ورفاقه حزبا جديدا تلخص برنامجه في المطالبة بالإستقلال في إطار المجموعة الفرنسية. وعارضه حزب الشعب الجزائري الذي أصبح يحمل إسم " حركة انتصار الحريات الديمقراطية "بزعامة مصالي الحاج. وانفصلت عنها العناصر الثورية في 1947 وأسست " المنظمة السرية " التي تحولت إلى "حزب جبهة التحرير الجزائرية". والتي قامت بعمليات فدائية في الجزائر وفرنسا. وفي أكتوبر 1955 تم التنسيق بين جيش التحرير الجزائري والمغربي. وتكونت حكومة جزائرية بالمنفى في مصر سنة 1958.

وأمام تصاعد العمليات الفدائية ، قبلت فرنسا بالاعتراف باستقلال شكلي للجزائر، تحتفظ بموجبه بالدفاع والشؤون المالية الخارجية. لكن الجزائريين رفضوا ذلك. واستمرت المفاوضات وأسفرت عن إتفاقية إيفيان 18 مارس 1962 وأجري بموجبها استفتاء لتقرير المصير، في فاتح يوليوز 1962 كانت نتيجته لصالح استقلال الجزائر، والذي اعترفت به فرنسا رسميا في اليوم الثالث.



واجه الليبيون الاستعمار الإيطالي، ثم سيطرة الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية


1 ) مواجهة الاستعمار الإيطالي : بدا التوغل الإيطالي في ليبيا سنة 1911، وتخلى عنها الباب العالي في 1913. وتزعمت المقاومة الحركة السنوسية، وهي حركة سلفية مالكية ، عارضت الوجود العثماني في البداية ثم الاستعمار الإيطالي. واضطرت إيطاليا إلى الاعتراف بحكم السنوسيين لمنطقة برقة في 1917. وفي منطقة طرابلس أعلن الوطنيون قيام الجمهورية في 1918ن بقيادة سليمان الباروني وأحمد المريد وغيرهم. واعترفت إيطاليا بها في 1919. لكن صعود موسوليني إلى السلطة، أدى إلى إلغاء هذه الاعترافات وغزو ليبيا. وتزعم المقاومة في هذه المرحلة عمر المختار، في حين إلتجا محمد إدريس السنوسي إلى مصر. واستمرت مقاومة عمر المختار من 1923 على 1931 حيث اعتقل وتم إعدامه مع عدد من المناضلين.



2 ) مواجهة سيطرة الحلفاء : ساهم الليبيون إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء للقضاء على الفاشية. لكنهم لم يسعدوا بالاستقلال، حيث قسم الحلفاء ليبيا بينهم، فاحتلت ابريطانيا برقة وطرابلس
 
شكرا لك اختي على المجهود

بالتوفيق ان شاءالله
 
I'm a Boy not a Girl


!!!

 
شكرا لك اخي وربي يوفقك ان شاء الله
 
mrrc bcccccccccccccccp
 
De Rien

tnk u for the add

 
شكرا خويا بارك الله فيك​
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top