مخاطر تهدد المصالحة الفلسطينية!

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عمار صادق

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 فيفري 2009
المشاركات
2,585
نقاط التفاعل
17
النقاط
77
الانفراجة الكبرى التي حدثت في ملف المصالحة الفلسطينية، والتوقيع السريع على اتفاقها في بداية شهر مايو الماضي بالقاهرة؛ أغرتنا بأن التحرك في الملف سيكون بنفس الوتيرة النشطة، وألقت في روعنا بأن ذلك الملف سيتحرك بنفس السرعة دون عوائق.. لكن، وبعد ما يقرب من شهر تقريبًا، لم نلمس خطوة فعلية على الأرض تنبئ بأن المصالحة تمضي في طريقها، ويبدو أن "الألغام" المغروسة في طريقها ما زالت كما هي، ولم نشعر بأي تحرك من السيد "محمود عباس" لاقتلاعها حتى تنطلق تلك المصالحة خاصة أنه المسئول الأول عنها.

أبرز تلك الألغام ذلك التنسيق الأمني المجرم بين السلطة الفلسطينية وقوات العدو الصهيوني، وهو تحالف أمني بين القوات الصهيونية والسلطة الفلسطينية برعاية- أو بالأحرى- بحراسة أمريكية، ومهمته اجتثاث تيار المقاومة عن بكرة أبيه في الضفة الغربية، وتقوم بالمهمة الرئيسة قوات أمن السلطة، وتساندها القوات الصهيونية، ويدعمها بالمال والسلاح المطلوبين الطرف الأمريكي الذي يقوم أيضًا بدور المراقب الذي يطلع بنفسه على جدية السلطة في تنفيذ المطلوب في هذا الصدد.

وقد أسفر هذا التنسيق الأمني عما يقرب من ألف معتقل في سجون السلطة من قيادات حركة "حماس" وكوادرها المهمة، إضافة لعدد آخر من بقية فصائل المقاومة تم اعتقالهم وتعذيب وقتل بعضهم لأجل عيون المدللة "إسرائيل".

والغريب أن حملات الاعتقال ضد كوادر "حماس" وقياداتها ما زالت متواصلة حتى بعد توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة، ولن يستطيع السيد "محمود عباس" الإفراج عن معتقل واحد إلا بموافقة الراعي الأمريكي للتنسيق الأمني، بعد رضا الطرف الصهيوني بالطبع!

وينسحب على ذلك مواصلة السلطة تأميم وإغلاق المؤسسات الاجتماعية والخيرية والثقافية التابعة لـ"حماس" في الضفة، وكذلك التابعة لكل فصائل المقاومة، ولا شك أن تلك المؤسسات كانت تقوم بدور اجتماعي وخيري وإغاثي وطبي وثقافي لأبناء الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال تم حرمانه منه ولم تعوضهم السلطة بشيء؛ فباتوا يقاسون سطوة السلطة وسطوة الاحتلال من جانب، والحرمان من الخدمات من جانب آخر.

هل يمكن أن تتم مصالحة يا سيد "عباس" وأنت تواصل سجن واعتقال كوادر المقاومة وقادتها، وتواصل مصادرة ممتلكات ومؤسسات كل مَنْ له صلة بالمقاومة؟!، إن الخطوة الأولى على طريق المصالحة هي تصفية هذا الملف "النكد" وتنظيفه بالكامل.

لقد حصل "أبو مازن" على الغطاء العربي الذي يتعلل بتوفيره له؛ حتى يتخذ موقفًا جادًّا من الصهاينة، بإعلان لجنة "متابعة مبادرة السلام العربية" في قطر وتحميل "إسرائيل" وحدها المسئولية كاملةً عن فشل ما يسمى بـ"عملية السلام"، فما الذي ينتظره السيد "أبو مازن" لكي يتحلل من ذلك التنسيق الأمني.. إن كان جادًّا في المصالحة؟!

من الألغام الخطيرة التي تهدد تلك المصالحة؛ محاولة حركة "فتح" التعامل مع "الورقة المصرية" بانتقائية والتي تعدّ خريطة الطريق التي ارتضتها الفصائل الفلسطينية، فتنطلق بهمة ونشاط في مسألة تشكيل الحكومة الجديدة سعيًا لإزاحة "حماس" من إدارة قطاع غزة، والانطلاق نحو انتخابات فلسطينية رئاسية وتشريعية دون حل ملف المعتقلين في سجون السلطة، واستمرار فرض الحصار والطوارئ على فصائل المقاومة، مع مواصلة التضييق عليها، والتلاعب في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بما يروق لـ"عباس" و"فتح"، وتأجيل إعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية.

قول: إن التعامل بهذا الشكل لن يسمح به أحد في الساحة الفلسطينية، ولا الراعي المصري في العصر الجديد، ومن الأفضل للسيد "محمود عباس" ألا ينجرف إلى سيناريو الرئيس "علي عبد الله صالح" في المراوغة والمماطلة واللعب على الحبال؛ لإيهام الرأي العام بأنه ماضٍ في المصالحة، بينما هو يلتقط من بنودها ما يكرّس نفوذه، ويجهض قوة "حماس" وبقية الفصائل.

لا "حماس" ولا الفصائل الأخرى بالبساطة التي تمكّنه من تحقيق ذلك، ثم إن زمن المراوغات والمماطلات ورمي الآخرين بكل نقيصة قد ولّى مع سقوط مرجعيات "عباس" الكبرى وسنده الأكبر.. الرئيس السابق "مبارك"، واللواء "عمر سليمان"، ثم فشله في الحصول على أي مكسب للقضية من مفاوضيه على الطرف الصهيوني منذ "أوسلو" حتى اليوم، هو اليوم في مأزق لا يُحسد عليه، فلا سند عربيًّا ولا منصف غربيًّا أو أمريكيًّا ولا شريك حقيقيًّا للسلام في الطرف الصهيوني.. ليس أمامه إلا الاعتراف بفشله في خيار المفاوضات والصلح والانبطاح والعودة لشعبه ولتيار المقاومة إن كانت لديه الشجاعة، وأظن أن الشجاعة لن تعرف إليه طريقًا بعد أن انغرس في الخندق الصهيوني حتى أذنيه.

الأخطر في الألغام التي تهدد المصالحة أن "فتح"، و"حماس" ليسا فصيلين مختلفين في التوجه السياسي فقط، وإنما يمثلان مشروعين متناقضين بل ومتصارعين. مشروع "المصالحة والانبطاح للعدو"، ومشروع "المقاومة والجهاد والاستشهاد"، ومن الصعب أن يلتقي المشروعان. ولقد جرّب السيد "محمود عباس" وتياره كل المخططات للقضاء على مشروع المقاومة؛ بمحاولة الاحتواء، والحصار، والحملات الأمنية الواسعة، ثم الحرب الماحقة الساحقة في غزة.. فلم يزد كل ذلك مشروع "المقاومة" إلا قوة ومنعة، بينما انهار مشروع "التطبيع".

ومن هنا، أعتقد أن السيد "محمود عباس" غير قادر على التعاطي مع مستحقات المصالحة الحقيقية، خاصة وسط "جوقة من الثعابين المتصهينة" التي تحيط به في داخل السلطة، وتكيد لتلك المصالحة ليل نهار.. أتمنى أن أكون مخطئًا!
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

المواضيع المشابهة

العودة
Top