- إنضم
- 14 فيفري 2009
- المشاركات
- 2,568
- نقاط التفاعل
- 17
- نقاط الجوائز
- 457
لا شك أن الثورتين المصرية والتونسية قد أحدثتا في العالم العربي ردود أفعال مختلفة على الصعيدين الرسمي والشعبي.
فعلى المستوى الشعبي لاقت الثورتان استحسانًا كبيرًا من القطاعات الشعبية، وإن أخفى البعض حقيقة مشاعره تجاه الثورتين خوفًا من بطش الجبارين، وخاصة أن الأسباب التي دعت إلى قيام الثورتين المصرية والتونسية تكاد تكون موجودة في معظم البلدان العربية: تكميم للأفواه، ديكتاتورية، استبداد، طبقية، هذا بالإضافة إلى كثير من المشكلات الاقتصادية والمعيشية السيئة في عدد من البلدان العربية.
أما عن رد الفعل الرسمي، فمن الواضح تمامًا لكل ذي عينين أن الدوائر الحاكمة في أي بلد عربي ترفض رفضًا قاطعًا مبدأ الثورات، فالثورات على حسب فهم الحكام: فتن كقطع الليل المظلم؛ لما تحمله من تهديد لعروشهم وسلاطينهم، ولكن كما نعلم أن العرب جميعًا يحكمهم مبدأ قديم، وهو (ما في القلب دعه في القلب، وقل ما تريد) ولذلك فإن حكام العرب يصرحون أحيانًا في حالة الاضطرار أن شعوب الدول الثائرة لها كل الحق في اختيار حكامهم، وتقرير مصيرهم، والعاقل هو الذي لا يقف أمام إرادة شعبه.. ولكنهم– في الخفاء- يعملون بشتى الطرق ومختلف الوسائل على إفشال هذه الثورات، ويظنون أنهم يخدمون أنفسهم، وهم في حقيقة الأمر يخدمون أعداء العروبة والإسلام.. ودعمهم للثورات المضادة في الدول الثائرة لن يصب أبدًا في مصلحة أي دولة عربية في نهاية الأمر.. وإنما يصب في مصلحة الدول التي تريد أن تظل البلدان العربية بثرواتها وخيراتها وكنوزها مرتعًا لهم (وخير مثال على ذلك الغاز المصري الذي يصدر للكيان الصهيوني بأبخس الأسعار).
وإني على يقين بأن ما يفعله الغرب من محاولة الظهور بأنه يقف إلى جوار الشعوب العربية الثائرة ما هو إلا سيناريوهات مفتعلة للوصول إلى تحقيق مآربهم بطرق جديدة.. فالغرب لن يتخلى عن أطماعه أبدًا، وكما يقول المثل المصري: (البومة لا ترمي كتاكيت)، وإنما هي التي تخطف الكتاكيت.
فهل يجد الغرب مثلاً شخصية مثل القذافي- الذي حارت الدنيا كلها في فهم شخصيته- يحقق لهم أغراضهم، وهل تجد الصهاينة مثل آل الأسد ليكونوا حكامًا في سوريا وهم من تركوا الجولان نهبًا للصهاينة ترتع فيها كيفما تشاء.. وهل يجد الغرب مثل علي عبد الله صالح ليكون الحارس الأمين لمصالحهم على مدخل باب المندب، فهؤلاء خير من يمثل مصالح الغرب في المنطقة.. ولكن في النهاية إذا لم يجد الغرب في هؤلاء ضالته فلن يتردد في التضحية بهم مهما كانت مكانتهم عنده..
إن ما حدث في مصر وتونس كان إرادة الله سبحانه قبل كل شيء، ثم المباغتة الشعبية لحكام ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم وقوانينهم من شعوبهم، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، فولوا فارين هاربين.
ولذلك يتملكني العجب عندما تتكرر الثورات في البلاد العربية، ويتكرر معها الصلف والغرور والتعنت والقتل والتعذيب، والوقوف أمام إرادة الشعوب من قبل الحكام بدعوى الحفاظ على أمن وسلامة البلاد.. دون الإسراع إلى إصلاح العيوب، وتدارك الأخطاء.
فلماذا لا يتعلم حكام العرب من التاريخ، ولماذا لا يعتبرون بما يحدث أمامهم.. أقول ذلك وأتذكر قصة الثيران الثلاثة، وهي قصة رمزية تجسد واقع الحكام مع شعوبهم واحتماءهم بأعدائهم على حساب مصلحة شعوبهم.
يحكى أن أسدًا شرسًا شريرًا كان يعيش في غابة مع ثيران ثلاثة: أحدها أسود والآخر أصفر وثالثها أبيض، وكان الأسد يتهددهم.. فذهب الثور الأبيض إلى زميليه وقال: يا صديقاي، إن الأسد لن يتركنا ننعم في الغابة.. ويهددنا كل يوم.. ولذلك لا بد أن نكون يدًا واحدة في مواجهته.
فردا عليه ردًا حسنًا واستحسنا كلامه..
ولكن الثور الأصفر يذهب إلى الأسد، ويحكي له الحديث الذي دار بينه وبين صاحبيه، فيتوعد الأسد الثور الأبيض، ويمني الثور الأصفر بمكانة كبيرة عنده، فيفرح الثور الأصفر بوعد الأسد له.
ويذهب الأسد إلى الثور الأبيض ويفترسه..
علم الثور الأسود بما فعله الثور الأصفر، فأراد أن يحظى بمكانة عند الأسد فذهب إليه ووشى بالثور الأصفر.. فوعده الأسد أن يكون صديقًا له بعد أن يتخلص من الثور الأصفر.. وفعلاً ذهب الأسد إلى الثور الأصفر وافترسه ولم يبق إلا الثور الأسود والأسد.. وذات يوم انتهز الأسد فرصة اختلائه بالثور الأسود، وهجم عليه ليفترسه.. فقال الثور الأسود: كيف تفترسني وأنا صديقك؟ فقال الأسد: ليس لي أصدقاء يا ثوووووووور..
وهجم عليه وافترسه، وكان آخر ما تلفظ به الثور الأسود أن قال: إنما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض..
تُرى لو اتحدت هذه الثيران مع بعضها ووقفت في مواجهة الأسد هل كان سيقدر عليها..
وفي القصة فائدة للشعوب التي تحققت الثورة على أرضها وهى مصر وتونس، فلا بد من نبذ الفرقة وتقسيم الشعب إلى طوائف متعددة، فهذه الفرقة وهذا التنازع هو بداية الفشل.. وثغرة مفتوحة على مصراعيها أمام أعداء البلاد ليدخلوا منها.
وأعتقد أن تزكية روح الخلاف التي تسري بقوة الآن في المجتمع المصري وراءها أياد خفية تعلم أن الخلاف هو فيروس الفشل، قد يكون مناخ الديمقراطية مغريا للكثيرين، فيعرض كل فرد رؤيته ونظرته لكيفية الإصلاح.. ولكن الكثرة المفرطة في رؤى الإصلاح المعروضة على الساحة تشتت وتفرق ولا تجمع وتوحد.. والفترة الحالية تحتاج إلى تضافر الجهود والتوحد على كلمة سواء.
وأن يجتمع الناس تحت راية ما يتفقون عليه ويعذر بعضهم بعضا فيما يختلفون فيه، وهذا ما يجب أن يكون عليه أمر الناس في هذه المرحلة.. هذا بالإضافة إلى ضرورة الكف التام عن كل صور التشكيك المتبادل بين الأفراد والهيئات والمؤسسات، فالتشكيك هو بداية التخوين.
فعلى المستوى الشعبي لاقت الثورتان استحسانًا كبيرًا من القطاعات الشعبية، وإن أخفى البعض حقيقة مشاعره تجاه الثورتين خوفًا من بطش الجبارين، وخاصة أن الأسباب التي دعت إلى قيام الثورتين المصرية والتونسية تكاد تكون موجودة في معظم البلدان العربية: تكميم للأفواه، ديكتاتورية، استبداد، طبقية، هذا بالإضافة إلى كثير من المشكلات الاقتصادية والمعيشية السيئة في عدد من البلدان العربية.
أما عن رد الفعل الرسمي، فمن الواضح تمامًا لكل ذي عينين أن الدوائر الحاكمة في أي بلد عربي ترفض رفضًا قاطعًا مبدأ الثورات، فالثورات على حسب فهم الحكام: فتن كقطع الليل المظلم؛ لما تحمله من تهديد لعروشهم وسلاطينهم، ولكن كما نعلم أن العرب جميعًا يحكمهم مبدأ قديم، وهو (ما في القلب دعه في القلب، وقل ما تريد) ولذلك فإن حكام العرب يصرحون أحيانًا في حالة الاضطرار أن شعوب الدول الثائرة لها كل الحق في اختيار حكامهم، وتقرير مصيرهم، والعاقل هو الذي لا يقف أمام إرادة شعبه.. ولكنهم– في الخفاء- يعملون بشتى الطرق ومختلف الوسائل على إفشال هذه الثورات، ويظنون أنهم يخدمون أنفسهم، وهم في حقيقة الأمر يخدمون أعداء العروبة والإسلام.. ودعمهم للثورات المضادة في الدول الثائرة لن يصب أبدًا في مصلحة أي دولة عربية في نهاية الأمر.. وإنما يصب في مصلحة الدول التي تريد أن تظل البلدان العربية بثرواتها وخيراتها وكنوزها مرتعًا لهم (وخير مثال على ذلك الغاز المصري الذي يصدر للكيان الصهيوني بأبخس الأسعار).
وإني على يقين بأن ما يفعله الغرب من محاولة الظهور بأنه يقف إلى جوار الشعوب العربية الثائرة ما هو إلا سيناريوهات مفتعلة للوصول إلى تحقيق مآربهم بطرق جديدة.. فالغرب لن يتخلى عن أطماعه أبدًا، وكما يقول المثل المصري: (البومة لا ترمي كتاكيت)، وإنما هي التي تخطف الكتاكيت.
فهل يجد الغرب مثلاً شخصية مثل القذافي- الذي حارت الدنيا كلها في فهم شخصيته- يحقق لهم أغراضهم، وهل تجد الصهاينة مثل آل الأسد ليكونوا حكامًا في سوريا وهم من تركوا الجولان نهبًا للصهاينة ترتع فيها كيفما تشاء.. وهل يجد الغرب مثل علي عبد الله صالح ليكون الحارس الأمين لمصالحهم على مدخل باب المندب، فهؤلاء خير من يمثل مصالح الغرب في المنطقة.. ولكن في النهاية إذا لم يجد الغرب في هؤلاء ضالته فلن يتردد في التضحية بهم مهما كانت مكانتهم عنده..
إن ما حدث في مصر وتونس كان إرادة الله سبحانه قبل كل شيء، ثم المباغتة الشعبية لحكام ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم وقوانينهم من شعوبهم، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، فولوا فارين هاربين.
ولذلك يتملكني العجب عندما تتكرر الثورات في البلاد العربية، ويتكرر معها الصلف والغرور والتعنت والقتل والتعذيب، والوقوف أمام إرادة الشعوب من قبل الحكام بدعوى الحفاظ على أمن وسلامة البلاد.. دون الإسراع إلى إصلاح العيوب، وتدارك الأخطاء.
فلماذا لا يتعلم حكام العرب من التاريخ، ولماذا لا يعتبرون بما يحدث أمامهم.. أقول ذلك وأتذكر قصة الثيران الثلاثة، وهي قصة رمزية تجسد واقع الحكام مع شعوبهم واحتماءهم بأعدائهم على حساب مصلحة شعوبهم.
يحكى أن أسدًا شرسًا شريرًا كان يعيش في غابة مع ثيران ثلاثة: أحدها أسود والآخر أصفر وثالثها أبيض، وكان الأسد يتهددهم.. فذهب الثور الأبيض إلى زميليه وقال: يا صديقاي، إن الأسد لن يتركنا ننعم في الغابة.. ويهددنا كل يوم.. ولذلك لا بد أن نكون يدًا واحدة في مواجهته.
فردا عليه ردًا حسنًا واستحسنا كلامه..
ولكن الثور الأصفر يذهب إلى الأسد، ويحكي له الحديث الذي دار بينه وبين صاحبيه، فيتوعد الأسد الثور الأبيض، ويمني الثور الأصفر بمكانة كبيرة عنده، فيفرح الثور الأصفر بوعد الأسد له.
ويذهب الأسد إلى الثور الأبيض ويفترسه..
علم الثور الأسود بما فعله الثور الأصفر، فأراد أن يحظى بمكانة عند الأسد فذهب إليه ووشى بالثور الأصفر.. فوعده الأسد أن يكون صديقًا له بعد أن يتخلص من الثور الأصفر.. وفعلاً ذهب الأسد إلى الثور الأصفر وافترسه ولم يبق إلا الثور الأسود والأسد.. وذات يوم انتهز الأسد فرصة اختلائه بالثور الأسود، وهجم عليه ليفترسه.. فقال الثور الأسود: كيف تفترسني وأنا صديقك؟ فقال الأسد: ليس لي أصدقاء يا ثوووووووور..
وهجم عليه وافترسه، وكان آخر ما تلفظ به الثور الأسود أن قال: إنما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض..
تُرى لو اتحدت هذه الثيران مع بعضها ووقفت في مواجهة الأسد هل كان سيقدر عليها..
وفي القصة فائدة للشعوب التي تحققت الثورة على أرضها وهى مصر وتونس، فلا بد من نبذ الفرقة وتقسيم الشعب إلى طوائف متعددة، فهذه الفرقة وهذا التنازع هو بداية الفشل.. وثغرة مفتوحة على مصراعيها أمام أعداء البلاد ليدخلوا منها.
وأعتقد أن تزكية روح الخلاف التي تسري بقوة الآن في المجتمع المصري وراءها أياد خفية تعلم أن الخلاف هو فيروس الفشل، قد يكون مناخ الديمقراطية مغريا للكثيرين، فيعرض كل فرد رؤيته ونظرته لكيفية الإصلاح.. ولكن الكثرة المفرطة في رؤى الإصلاح المعروضة على الساحة تشتت وتفرق ولا تجمع وتوحد.. والفترة الحالية تحتاج إلى تضافر الجهود والتوحد على كلمة سواء.
وأن يجتمع الناس تحت راية ما يتفقون عليه ويعذر بعضهم بعضا فيما يختلفون فيه، وهذا ما يجب أن يكون عليه أمر الناس في هذه المرحلة.. هذا بالإضافة إلى ضرورة الكف التام عن كل صور التشكيك المتبادل بين الأفراد والهيئات والمؤسسات، فالتشكيك هو بداية التخوين.