ما زال احتفاظ الاتحادية الجزائرية بسير خمسة أسماء لمدرّبين أجانب من أصل 43 ترشيحا تلقته ''الفاف'' بشأن تولي شؤون العارضة الفنية ل''الخضر''، مازال يثير عدّة ردود فعل، رغم أن الاتحادية لم تكشف ''رسميا'' عن هوية المدرّبين الخمسة.غير ان ما تتداوله المنتديات و ما اعلن عنه الإعلام الجزائري بخصوص أسماء المدرّبين الذين احتفظت بهم الاتحادية، رغم أن هذه الأخيرة لم تؤكد ولم تنف ما تم تداوله كعادتها لحد الآن، بل أنها لم تقم، من خلال بيانها، بتقديم الأسماء للصحافيين وللجمهور الجزائري، فضح رئيس الاتحادية، كون المدرّبين الخمسة وهم البرازيلي دونغا والأرجنتيني بيكرمان والفرنسي تروسيي والبوسني حاليلوزيتش والألماني كلينسمان، رغم سمعتهم الكبيرة، إلا أنهم لا يتوفّرون على شرط مهمّ حدّده رئيس الاتحادية بنفسه، والقاضي بضرورة نيل المدرّب ''المحظوظ'' لألقاب كبيرة مع منتخبات في السابق.
والأكثر من ذلك، فإن فيليب تروسيي أعلن صراحة من خلال تصريح لـ ''الخبر الرياضي'' بأنه لم يودع سيرته الذاتية على مستوى الاتحادية، مؤكدا بأنه ''لا يطلب منصب شغل''، تاركا الانطباع بأن من أودع سيرته الذاتية من المناجرة يلهث وراء تقديم معلومات خاطئة لجعل تروسيي يظفر بالمنصب، حتى وإن كان المدرّب لا يتفق مع موكله من حيث المبدأ الذي وضعه رئيس ''الفاف''.
كلام تروسيي يؤكد أيضا بأن ''المدرّبين العالميين''، في صورة ليبي وغيره، يحترمون أنفسهم، ولا يمكنهم بأي حال من الأحوال إيداع سيرة ذاتية لتدريب منتخب، هدفه الأسمى، بلوغ نهائيات كأس أمم إفريقيا، لأن المدرّبين الكبار يتصارعون من أجل تدريب المنتخبات الكبيرة أيضا، التي يكون هدفها التتويج بلقب قاري أو عالمي، يزيد من سمعة المدرّب ومن قيمته ومن إنجازاته.
وبالعودة إلى الألماني كلينسمان، فإن هذا الأخير لم يقم بأي إنجاز كبير مع منتخب ألمانيا، وتحدثت مصادر بأن مساعده السابق في المنتخب، الذي ارتقى إلى مدرّب رئيسي، هو صاحب الفضل في بلوغ ألمانيا نصف النهائي، مستدلين بفشل كلينسمان، بعد المنتخب، مع نادي بايرن ميونيخ.
ولم ينل البرازيلي دونغا سوى لقب ''كوبا أميريكا''، حيث فشل مع نجوم البرازيل في كأس العالم الأخيرة، بينما لم ينجح بيكرمان سوى مع الأرجنتين قبل دييغو مارادونا، دون أن ينال أي لقب، وهو المدرّب الذي كذّبت ''الفاف'' العام الماضي، اتصالاتها به لتولي شؤون العارضة الفنية ل''الخضر'' خلفا لرابح سعدان.
وعدا منتخب كوت ديفوار، فإن الصربي حاليلوزيتش لم يدرّب أي منتخب، وأجرى 24 مباراة مع ''الفيلة'' وخسر مباراة واحدة، كانت أمام الجزائر في ربع نهائي كأس أمم إفريقيا، وفشل في التتويج بالكأس بنجوم إيفواريين كبار.
فضائح رئيس الاتحادية، ومراوغاته غير المجدية، تتجسّد أيضا في ''إعادة الحديث'' عن الفرنسي بول لوغوين، من خلال تقارير صحفية فرنسية، حيث أشارت ''ليكيب'' إلى أن روراوة اتصل بالمدرّب لوغوين شخصيا، في وقت ألح فيه رئيس الاتحادية بأنه لم ولن يتصل بأي مدرّب وبأنه يحتكم للسيرات الذاتية للمدرّبين التي تم إرسالها إلى الفاف.
كما أن ''إصرار'' البوسني حاليلوزيتش على قول الحقيقة والتأكيد بأنه سيلتقي روراوة فعلا هذا الجمعة في فرنسا، يفضح مرة أخرى رئيس الاتحادية الذي يفعل دائما ما لا يقوله، وما يقوله للإعلاميين يكون دائما غير صحيح.
وأمام ما قاله تروسيي، وتأكيده بأنه لم يرسل أي سيرة ذاتية، فقد كشف مصدر عليم بأن رئيس الاتحادية سيخالف ''القاعدة''، ويقوم بالاتصال بكل المدرّبين الذين سيحتفظ بسيرتهم الذاتية، للتأكد من أنهم مهتمون بتدريب المنتخب، قبل الفصل النهائي في مصير العارضة الفنية، دون أن ينتبه رئيس الاتحادية بأن ما قاله تروسيي هو ما يعرفه الجميع، والقاضي بأن ''المدرّب العالمي'' لا يطلب منصب عمل، لتدريب منتخب أهدافه وتركيبته متواضعة جدّا.
أويحيى ضد فكرة المدرب الأجنبي ل''الخضر''
و على الطرف الآخر من المعادلة وقف ليلة امس أحمد أويحيــــى بقعة الامين العام للارندي حيث اعلن عن رفضه التام فكرة استقدام مدرب أجنبي لتدريب ''الخضر ''، و هذا في رده على سؤال حول هذه قضية استقدام مدرب من العيار الثقيل التي ما تزال لغاية اليوم تسيل الكثير من الحبر في وسائل الإعلام و المنتديات عقب فضيحة مراكش و استقالة الناخب الوطني بن شيخة، و ودافع أويحيى، في حصة ''حوار الساعة'' التي بثها التلفزيون سهرة أمس، عن تفضيله للكفاءات الوطنية لما تملكه من رصيد .كما كان له ونفس الموقف بخصوص اختيار لاعبي ''الخضر''، حيث عارض أويحيى أن تكون التشكيلة المكونة لمنتحب المحاربين تعادل نسبة 90 بالمئة من المحترفين، مشيرا أن الجزائر حققت العديد من الألقاب سواء في مشاركاتها في ألعاب البحر الأبيض المتوسط أو الألعاب الإفريقية أو تصفيات كأس العالم بمدربين ولاعبين محليين مطعمين ب2 او 3 لاعبين محترفين بمعنى الكلمة. وحسبه لابد من إيجاد توازن بين اللاعبين المحليين ودعمهم بلاعبين محترفين آخرين يستطيعون تقديم الاضافة فعلا.
و من هنا نقول انه جميل جدّا أن يصل الأمر بمدرّبين من العيار الثقيل إلى الاهتمام بالفوز بمنصب تدريب المنتخب الوطني، لكن ليس من السّهل على مدرّب بحجم كليسمان أو دونغا أو خليلوزيتش وغيرهم عرض خدماتهم على هيئة "الفاف" للتنافس على تدريب التشكيلة الوطنية، ممّا يوجب على روراوة وأعضاء طاقمه الفيدرالي الاعتراف بالحقيقة وعدم الاصرار على مواصلة مراوغات الهروب الى الوراء بنفس الأخطاء التي دفع ثمنها خروج "الخضر" من سباق التأهّل إلى الدورة النّهائية لكأس أمم إفريقيا المقبلة بنسبة كبيرة جدّا·
طبعا، ترشّح مدرّبين من الطراز الرّفيع يعدّ بمثابة تأكيد على أن المنتخب الوطني كسب سمعة ما في وقت من الاوقات ، لكن هذا لا يعني أننا في الطريق الصحيح ابدا، بل بالعكس تماما ، من الصّعب جدّا إيجاد الدواء الذي يشفي المرض الخطير الذي أصاب كرتنا منذ مدّة طويلة بسبب تواجد أناس في مناصب حسّاسة جدّا ليست لهم أيّ علاقة بالتسيير الكروي ، والأكثر من ذلك عكس ما يدّعون فإنهم لا يحبّون هذا الوطن العزيز بنيّة خالصة وإنما يتفنّنون في كسب مودّة أعلى السلطات لبلوغ مآربهم الشخصية بطريقة غير حضارية· وبالتالي، يمكن القول إن مشكلة المنتخب الوطني لا تكمن بالدرجة الأولى في التأطير الفنّي، بل في السياسة المنتهجة من قبل هيئة روراوة بدليل أن المحيط الكروي أصبح مملوء بأشخاص معروفين لدى العام والخاص بأنهم "انتهازيون" ألف في الساعة وكلّ ما يهمّهم هو البقاء في الواجهة، ممّا انعكس سلبا على مستقبل المنتخب الوطني بصفة خاصّة والكرة الجزائرية بصفة عامّة·