مداح القمر
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 14 جوان 2010
- المشاركات
- 108
- نقاط التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
الثلاثاء 14 يونيو 2011
كتبه للمفكرة / شريف عبد العزيز
http://208.66.70.165/ismemo/mailto:shabdaziz@hotmail.com
ـ من دفتر أحوال الثورة المصرية كلمات غاية في الخطورة تحمل كثيرا من المضامين والدلالات ، من أهمها ما قاله الرئيس المخلوع " حسني مبارك " في خطاب يوم الثلاثاء 1 فبراير : " البديل عن النظام الحاكم القائم هو الفوضى والخراب " وهو بذلك كان يكرس لمفهوم سار الطغاة من بعد مبارك وهو نشر الفوضى والاضطراب والانفلات الأمني في طول البلاد وعرضها ، والهدف من هذه الفوضى والانفلات الأمني واضح للجميع وتلتقطه الجماهير بسرعة وسهولة ، وهو التفكير ألف مرة قبل الإقدام على المطالبة بإسقاط النظام القائم وذلك لأنه مهما كان سوءه و فساده ، لأن الصبر على الذل والمهانة والظلم والفساد ، سيكون أرحم من الخوف والفزع العام على الأرواح والممتلكات والأعراض ، ومن ثم كان الإبقاء على حالة التوتر الاجتماعي والانفلات الأمني ضرورة من ضروريات أعداء مصر الجديدة لإبقائها رهينة الاضطرابات والقلاقل التي تفقدها دورها الحيوي والاستراتيجي المخطط والمتوقع لها في الأيام القادمة .
ـ ومن هذا المنطلق الاستراتيجي لدى كل القوى المعادية لمصر بعد الثورة ، تم إطلاق حملة جاسوسية كبيرة من جانب ألد أعداء مصر قبل وبعد الثورة ، وهم الكيانان الإيراني والإسرائيلي ، ففي أقل من أسبوعين استطاعت المخابرات العامة المصرية تحت قيادتها الجديدة ممثلة في اللواء "مراد موافي" الذي تولى المنصب خلفا للواء "عمر سليمان" الحليف والصديق المقرب من إسرائيل ، استطاعت أن تكشف عن حالتين للتجسس على الأمن القومي المصري ، لتضعنا أمام حقيقة أكيدة في فترة ما بعد مبارك ، وهي أن مصر بعد الثورة قد أصبحت مصدر قلق كبير للعديد من القوى المجاورة والتي تريد بشتى الوسائل العودة بعقارب الساعة إلى الخلف ، واستعادة أجواء حقبة مبارك والتي كانت مصر وقتها بمثابة الحليف الوثيق للولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل .
إيران وتفخيخ العلاقات الخارجية
ـ الجاسوس الإيراني كان أحد أفراد البعثة الدبلوماسية في القاهرة ، وقد ضبط وهو يقوم بنشاطات مريبة من جمع معلومات وتصوير منشآت ، ويحاول الاتصال بالشيعة المقيمين في مصر والتنسيق معهم من أجل القيام بأنشطة سياسية تصب في صالح الكيان الإيراني ، وذلك عن طريق إنشاء أحزاب سياسية وتحريك مظاهرات ضد دول الخليج عموما والسعودية خصوصا بدعوى دعم السلفيين في مصر والذين نشطوا بشدة في الأيام الفائتة حتى أصبحوا قوة سياسية مؤثرة في المشهد السياسي المصري ، ورغم أن هذه التحركات لا ترقى لدرجة التجسس والتخابر للإضرار بالأمن القومي المصري ، ومن أجل ذلك تم الإفراج عنه بعد التحقيقات وطرده من البلاد ، إلا أنها في مجملها تصب في خانة الضرر بالمصالح المصرية العليا ، وتضر بعلاقة مصر مع دول هامة مثل دول الخليج .
ــ إيران تعلم جيدا مدى عمق الروابط التاريخية والاقتصادية والسياسية التي تربط مصر مع دول الخليج عموما والسعودية خصوصا ، ودول الخليج في حالة حرب باردة مع الكيان الإيراني بسبب طموحاته التوسعية ورغبته العلنية في ضم البحرين وأجزاء من الكويت والعراق ، وتهديد إيران الدائم لدول الخليج بورقة الأقليات الشيعية المنتشرة في كل دول الخليج والتي تعتبر بمثابة ورقة مؤرقة لهذه الدول ، ومن أجل الوصول لأهدافها فقد وضعت إيران سياسة جديدة من أجل استعادة علاقتها مع مصر ، وهي العلاقة التي يجب أن تمر على أنقاض علاقات مصر مع دول الخليج ، من ثم بدأت لإيران في خطوات عملية على طريق تفخيخ علاقات مصر بعد الثورة مع محيطها الإقليمي والدولي .
ــ إيران أرادت أن تستغل حالة عدم الرضا السائدة عند العديد من دول الخليج من جراء محاكمات الرئيس المخلوع مبارك وأسرته ، وكانت الإمارات والكويت أكثر الدول العربية تذمرا من هذه المحاكمات ، حتى وصل الأمر لانتقاد علني لحكومة عصام شرف من هذه المحاكمات ، مما دفع بعصام شرف لأن يؤجل زيارته للإمارات عدة مرات حتى تعود الأجواء لطبيعتها ، إيران أحسنت استغلال الأمر جيدا بإطلاق حملات دعائية في قنواتها الإخبارية التابعة لها مباشرة أو بالوكالة ، واستكتبت مجموعة من الأقلام الموالية لها لبث الكراهية والتحريض تجاه دول الخليج ، وعلى الرغم من كون الإمارات والكويت هما أشد الدول اعتراضا ، إلا أن الحملة الإعلامية قد تركزت على السعودية باعتبارها الخصم التاريخي والسياسي والديني للكيان الإيراني ، وتفننت قناة العالم الإيرانية في استضافة بعض الإعلاميين والسياسيين المصريين المعروفين بعداوتهم للتيار الإسلامي على الساحة المصرية من أجل الهجوم بمناسبة وبدون مناسبة على السعودية ، وتوتير العلاقات الإقليمية ، وذلك بمنتهى الغباء السياسي ، ولا أقول طمعا في الكرم الإيراني السخي !
ــ وبالتوازي مع الحملة الإعلامية الشرسة ضد دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص ، تحركت الجاسوسية الإيرانية لرصد تحركات الشارع السياسي المصري بعد الثورة وتحسس أماكن القوة ومواضع التأثير ، و جس نبض الشارع المصري تجاه قبول فكرة قيام أحزاب شيعية في مصر ، وبالتعاون مع الأقلية الشيعية الضئيلة جدا في مصر ، جرى التحضير لإنشاء حزب سياسي ، وتحريك دعاوي قضائية ضد رموز التيار السلفي ، الخصم التاريخي الكبير للرافضة ، كما جرى تحريك مظاهرات صغيرة واعتصامات فاشلة أمام السفارات والقنصليات السعودية في مصر ، بدعوى تمويل التيار السلفي في مصر ، ولكن أحلام الجاسوسية الإيرانية قد تحطمت على صخرة الوعي المصري الجديد ، وانتبهت الحكومة المصرية للمكيدة الإيرانية ، فأرسلت رسالة تحذير شديدة اللهجة على لسان وزير خارجيتها " نبيل العربي " أن تكف إيران عن التدخل في العلاقة المتينة بين مصر ودول الخليج .
إسرائيل وتفخيخ العلاقات الداخلية
ـ الكيان الصهيوني بلا ريب هو أشد الأطراف الخارجية عداوة لمصر ، وهو أيضا أشدهم تضررا من رحيل مبارك ونظامه ، فهو أخلص وأوثق حلفاء إسرائيل ، وهو الكنز الاستراتيجي الذي فقدوه إلى غير رجعة ، والمخاوف الإسرائيلية من مصر بعد الثورة كثيرة ومتزايدة ، فعلاقة السيد المطاع ، والآمر الناهي ، قد ولت وانتهت أيامها ، والمعادلة الاستراتيجية المختلة قد اعتدلت ، وعادت مصر ـ أو على الأقل على طريق العودة ــ لمكانتها وثقلها الاستراتيجي في المنطقة ، وسقف المخاوف الإسرائيلية ارتفع بشدة منذ نتيجة الاستفتاءات التي دفعت بالتيار الإسلامي لتصدر المشهد السياسي ، وفرض أجندته المعادية للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ، فقد رأى الخبير الاستراتيجي والمتخصص في دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "إيهود عيلام" أن هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بل واحتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري، ولأسباب أخرى متعلقة بالجانب الإقليم ،
وقال إن احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في مصر في فرض سيطرتها وإحكام قبضتها على البلاد، بواسطة انتخابات ديمقراطية، أو بواسطة حرب أهلية من أهم المخاطر التي تهدد اتفاق السلام ،لافتاً إلى أنّ من سيُنتخب رئيسًا للجمهورية في الانتخابات المصريّة القادمة سيكون الفيصل في تحديد وجه العلاقة المصرية الإسرائيلية.
ــ ومن ثم لم تنتظر إسرائيل طويلا حتى أرسلت جواسيسها ، لتستطلع الأوضاع داخل مصر ، ومدى تأثير المتغيرات الجديدة على الداخل والخارج المصري ، وكان رجل المهمة ضابط سلاح المظلات ، وأحد أبطال حرب 2006 الصهيوني الأمريكي " إيلان جرابيل " الذي دخل مصر لرصد تداعيات ثورة 25 يناير ، ولإجادته العربية ، ولملامحه الشامية حقق الجاسوس نجاحا كبيرا وصل لحد إقناعه للكثيرين برغبته في الإسلام ، حتى قيل أنه صلي ببعض المصريين في المساجد عدة مرات ، وصوره الكثيرة التي التقطها في مناسبات كثيرة ومع شرائح متباينة من الشعب المصري تكشف مدى نجاحه في تحقيق مهمته ، كما تكشف عن سذاجة وبساطة كثير من المصريين ، ولكن كل هذه المهارات والمواهب لم تفد مع العيون الساهرة للشباب الواعي الذي ارتاب من تحركات وأسئلة هذا المتظاهر بأنه مراسل لصحيفة أمريكية ، خاصة وأن حواراته كلها تصب لصالح الانفلات الأمني والتحريض ضد المجلس العسكري ، ورفض التعديلات الدستورية ، وغيرها من الأمور التي تسهم بطريق غير مباشر في مزيد من القلاقل والتوترات الاجتماعية والسياسية ، فقام هذا الشباب الواعي بإبلاغ المخابرات العامة في مصر الجديدة ، حيث تم رصد تحركاته وضبطه بالصوت والصورة وهو يحاول بث الفرقة والفتنة الطائفية بين المصريين ، ودفع المال للتحريض ضد الجيش المصري ، ومن ثم تم القبض عليه ، لتوجه مصر الجديدة صفعة عنيفة للكيان الصهيوني ، لم تحدث منذ خمسين سنة أيام فضيحة " لافون" في أوائل الستينيات
ـ الكيان الصهيوني يريد أن تبقى مصر أسيرة صراعات داخلية طويلة ومريرة ، فالصهاينة يعلمون جيدا أن مبارك وأيامه لن تعود ، لذلك كان من الوجوب تعطيل مصر وإغراقها في المشاكل الداخلية لتبقى رهينة الإملاءات الأمريكية والغطرسة الصهيونية ، ويحضرني في هذا المقام تصريحات الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" مائير داغان ، والتي كشفت هي الأخرى بوضوح أبعاد ما المؤامرة الصهيونية ضد مصر بعد الثورة، و محاولتها العبث بأمن واستقرار مصر ، وكان داغان وفي تعليقه على سؤال لمقدمة النشرة الصباحية بالقناة الثانية الإسرائيلية في 8 مايو حول انتفاضة الخامس عشر من مايو التي دعا إليها كثير من الشباب العربي على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت للزحف نحو فلسطين المحتلة وكسر الحصار الخانق على غزة ، رد وهو يبتسم بسخرية ووقاحة ، قائلا :" شكرا للفتنة الطائفية في مصر".
ولعل الحقير داغان قد وصله الرد المصري الحاسم ، بكلمات واضحة وقصيرة : " شكرا للغباء الإسرائيلي "
منقول
كتبه للمفكرة / شريف عبد العزيز
http://208.66.70.165/ismemo/mailto:shabdaziz@hotmail.com
ـ من دفتر أحوال الثورة المصرية كلمات غاية في الخطورة تحمل كثيرا من المضامين والدلالات ، من أهمها ما قاله الرئيس المخلوع " حسني مبارك " في خطاب يوم الثلاثاء 1 فبراير : " البديل عن النظام الحاكم القائم هو الفوضى والخراب " وهو بذلك كان يكرس لمفهوم سار الطغاة من بعد مبارك وهو نشر الفوضى والاضطراب والانفلات الأمني في طول البلاد وعرضها ، والهدف من هذه الفوضى والانفلات الأمني واضح للجميع وتلتقطه الجماهير بسرعة وسهولة ، وهو التفكير ألف مرة قبل الإقدام على المطالبة بإسقاط النظام القائم وذلك لأنه مهما كان سوءه و فساده ، لأن الصبر على الذل والمهانة والظلم والفساد ، سيكون أرحم من الخوف والفزع العام على الأرواح والممتلكات والأعراض ، ومن ثم كان الإبقاء على حالة التوتر الاجتماعي والانفلات الأمني ضرورة من ضروريات أعداء مصر الجديدة لإبقائها رهينة الاضطرابات والقلاقل التي تفقدها دورها الحيوي والاستراتيجي المخطط والمتوقع لها في الأيام القادمة .
ـ ومن هذا المنطلق الاستراتيجي لدى كل القوى المعادية لمصر بعد الثورة ، تم إطلاق حملة جاسوسية كبيرة من جانب ألد أعداء مصر قبل وبعد الثورة ، وهم الكيانان الإيراني والإسرائيلي ، ففي أقل من أسبوعين استطاعت المخابرات العامة المصرية تحت قيادتها الجديدة ممثلة في اللواء "مراد موافي" الذي تولى المنصب خلفا للواء "عمر سليمان" الحليف والصديق المقرب من إسرائيل ، استطاعت أن تكشف عن حالتين للتجسس على الأمن القومي المصري ، لتضعنا أمام حقيقة أكيدة في فترة ما بعد مبارك ، وهي أن مصر بعد الثورة قد أصبحت مصدر قلق كبير للعديد من القوى المجاورة والتي تريد بشتى الوسائل العودة بعقارب الساعة إلى الخلف ، واستعادة أجواء حقبة مبارك والتي كانت مصر وقتها بمثابة الحليف الوثيق للولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل .
إيران وتفخيخ العلاقات الخارجية
ـ الجاسوس الإيراني كان أحد أفراد البعثة الدبلوماسية في القاهرة ، وقد ضبط وهو يقوم بنشاطات مريبة من جمع معلومات وتصوير منشآت ، ويحاول الاتصال بالشيعة المقيمين في مصر والتنسيق معهم من أجل القيام بأنشطة سياسية تصب في صالح الكيان الإيراني ، وذلك عن طريق إنشاء أحزاب سياسية وتحريك مظاهرات ضد دول الخليج عموما والسعودية خصوصا بدعوى دعم السلفيين في مصر والذين نشطوا بشدة في الأيام الفائتة حتى أصبحوا قوة سياسية مؤثرة في المشهد السياسي المصري ، ورغم أن هذه التحركات لا ترقى لدرجة التجسس والتخابر للإضرار بالأمن القومي المصري ، ومن أجل ذلك تم الإفراج عنه بعد التحقيقات وطرده من البلاد ، إلا أنها في مجملها تصب في خانة الضرر بالمصالح المصرية العليا ، وتضر بعلاقة مصر مع دول هامة مثل دول الخليج .
ــ إيران تعلم جيدا مدى عمق الروابط التاريخية والاقتصادية والسياسية التي تربط مصر مع دول الخليج عموما والسعودية خصوصا ، ودول الخليج في حالة حرب باردة مع الكيان الإيراني بسبب طموحاته التوسعية ورغبته العلنية في ضم البحرين وأجزاء من الكويت والعراق ، وتهديد إيران الدائم لدول الخليج بورقة الأقليات الشيعية المنتشرة في كل دول الخليج والتي تعتبر بمثابة ورقة مؤرقة لهذه الدول ، ومن أجل الوصول لأهدافها فقد وضعت إيران سياسة جديدة من أجل استعادة علاقتها مع مصر ، وهي العلاقة التي يجب أن تمر على أنقاض علاقات مصر مع دول الخليج ، من ثم بدأت لإيران في خطوات عملية على طريق تفخيخ علاقات مصر بعد الثورة مع محيطها الإقليمي والدولي .
ــ إيران أرادت أن تستغل حالة عدم الرضا السائدة عند العديد من دول الخليج من جراء محاكمات الرئيس المخلوع مبارك وأسرته ، وكانت الإمارات والكويت أكثر الدول العربية تذمرا من هذه المحاكمات ، حتى وصل الأمر لانتقاد علني لحكومة عصام شرف من هذه المحاكمات ، مما دفع بعصام شرف لأن يؤجل زيارته للإمارات عدة مرات حتى تعود الأجواء لطبيعتها ، إيران أحسنت استغلال الأمر جيدا بإطلاق حملات دعائية في قنواتها الإخبارية التابعة لها مباشرة أو بالوكالة ، واستكتبت مجموعة من الأقلام الموالية لها لبث الكراهية والتحريض تجاه دول الخليج ، وعلى الرغم من كون الإمارات والكويت هما أشد الدول اعتراضا ، إلا أن الحملة الإعلامية قد تركزت على السعودية باعتبارها الخصم التاريخي والسياسي والديني للكيان الإيراني ، وتفننت قناة العالم الإيرانية في استضافة بعض الإعلاميين والسياسيين المصريين المعروفين بعداوتهم للتيار الإسلامي على الساحة المصرية من أجل الهجوم بمناسبة وبدون مناسبة على السعودية ، وتوتير العلاقات الإقليمية ، وذلك بمنتهى الغباء السياسي ، ولا أقول طمعا في الكرم الإيراني السخي !
ــ وبالتوازي مع الحملة الإعلامية الشرسة ضد دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص ، تحركت الجاسوسية الإيرانية لرصد تحركات الشارع السياسي المصري بعد الثورة وتحسس أماكن القوة ومواضع التأثير ، و جس نبض الشارع المصري تجاه قبول فكرة قيام أحزاب شيعية في مصر ، وبالتعاون مع الأقلية الشيعية الضئيلة جدا في مصر ، جرى التحضير لإنشاء حزب سياسي ، وتحريك دعاوي قضائية ضد رموز التيار السلفي ، الخصم التاريخي الكبير للرافضة ، كما جرى تحريك مظاهرات صغيرة واعتصامات فاشلة أمام السفارات والقنصليات السعودية في مصر ، بدعوى تمويل التيار السلفي في مصر ، ولكن أحلام الجاسوسية الإيرانية قد تحطمت على صخرة الوعي المصري الجديد ، وانتبهت الحكومة المصرية للمكيدة الإيرانية ، فأرسلت رسالة تحذير شديدة اللهجة على لسان وزير خارجيتها " نبيل العربي " أن تكف إيران عن التدخل في العلاقة المتينة بين مصر ودول الخليج .
إسرائيل وتفخيخ العلاقات الداخلية
ـ الكيان الصهيوني بلا ريب هو أشد الأطراف الخارجية عداوة لمصر ، وهو أيضا أشدهم تضررا من رحيل مبارك ونظامه ، فهو أخلص وأوثق حلفاء إسرائيل ، وهو الكنز الاستراتيجي الذي فقدوه إلى غير رجعة ، والمخاوف الإسرائيلية من مصر بعد الثورة كثيرة ومتزايدة ، فعلاقة السيد المطاع ، والآمر الناهي ، قد ولت وانتهت أيامها ، والمعادلة الاستراتيجية المختلة قد اعتدلت ، وعادت مصر ـ أو على الأقل على طريق العودة ــ لمكانتها وثقلها الاستراتيجي في المنطقة ، وسقف المخاوف الإسرائيلية ارتفع بشدة منذ نتيجة الاستفتاءات التي دفعت بالتيار الإسلامي لتصدر المشهد السياسي ، وفرض أجندته المعادية للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ، فقد رأى الخبير الاستراتيجي والمتخصص في دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "إيهود عيلام" أن هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بل واحتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري، ولأسباب أخرى متعلقة بالجانب الإقليم ،
وقال إن احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في مصر في فرض سيطرتها وإحكام قبضتها على البلاد، بواسطة انتخابات ديمقراطية، أو بواسطة حرب أهلية من أهم المخاطر التي تهدد اتفاق السلام ،لافتاً إلى أنّ من سيُنتخب رئيسًا للجمهورية في الانتخابات المصريّة القادمة سيكون الفيصل في تحديد وجه العلاقة المصرية الإسرائيلية.
ــ ومن ثم لم تنتظر إسرائيل طويلا حتى أرسلت جواسيسها ، لتستطلع الأوضاع داخل مصر ، ومدى تأثير المتغيرات الجديدة على الداخل والخارج المصري ، وكان رجل المهمة ضابط سلاح المظلات ، وأحد أبطال حرب 2006 الصهيوني الأمريكي " إيلان جرابيل " الذي دخل مصر لرصد تداعيات ثورة 25 يناير ، ولإجادته العربية ، ولملامحه الشامية حقق الجاسوس نجاحا كبيرا وصل لحد إقناعه للكثيرين برغبته في الإسلام ، حتى قيل أنه صلي ببعض المصريين في المساجد عدة مرات ، وصوره الكثيرة التي التقطها في مناسبات كثيرة ومع شرائح متباينة من الشعب المصري تكشف مدى نجاحه في تحقيق مهمته ، كما تكشف عن سذاجة وبساطة كثير من المصريين ، ولكن كل هذه المهارات والمواهب لم تفد مع العيون الساهرة للشباب الواعي الذي ارتاب من تحركات وأسئلة هذا المتظاهر بأنه مراسل لصحيفة أمريكية ، خاصة وأن حواراته كلها تصب لصالح الانفلات الأمني والتحريض ضد المجلس العسكري ، ورفض التعديلات الدستورية ، وغيرها من الأمور التي تسهم بطريق غير مباشر في مزيد من القلاقل والتوترات الاجتماعية والسياسية ، فقام هذا الشباب الواعي بإبلاغ المخابرات العامة في مصر الجديدة ، حيث تم رصد تحركاته وضبطه بالصوت والصورة وهو يحاول بث الفرقة والفتنة الطائفية بين المصريين ، ودفع المال للتحريض ضد الجيش المصري ، ومن ثم تم القبض عليه ، لتوجه مصر الجديدة صفعة عنيفة للكيان الصهيوني ، لم تحدث منذ خمسين سنة أيام فضيحة " لافون" في أوائل الستينيات
ـ الكيان الصهيوني يريد أن تبقى مصر أسيرة صراعات داخلية طويلة ومريرة ، فالصهاينة يعلمون جيدا أن مبارك وأيامه لن تعود ، لذلك كان من الوجوب تعطيل مصر وإغراقها في المشاكل الداخلية لتبقى رهينة الإملاءات الأمريكية والغطرسة الصهيونية ، ويحضرني في هذا المقام تصريحات الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" مائير داغان ، والتي كشفت هي الأخرى بوضوح أبعاد ما المؤامرة الصهيونية ضد مصر بعد الثورة، و محاولتها العبث بأمن واستقرار مصر ، وكان داغان وفي تعليقه على سؤال لمقدمة النشرة الصباحية بالقناة الثانية الإسرائيلية في 8 مايو حول انتفاضة الخامس عشر من مايو التي دعا إليها كثير من الشباب العربي على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت للزحف نحو فلسطين المحتلة وكسر الحصار الخانق على غزة ، رد وهو يبتسم بسخرية ووقاحة ، قائلا :" شكرا للفتنة الطائفية في مصر".
ولعل الحقير داغان قد وصله الرد المصري الحاسم ، بكلمات واضحة وقصيرة : " شكرا للغباء الإسرائيلي "
منقول