في أسبوع طويل، لم يقدم جديدا يُذكر، باستثناء دراما تتعلق بجون غاليانو، وما أثارته قضية فصله من دار «ديور» بسبب تفوهه بعبارات مضادة للسامية من جدل، فضلا عن دخول مصمم دار «بالمان» كريستوف ديكارنين، إلى المستشفى بسبب تعرضه لما يشبه الانهيار العصبي، كان عرض إيلي صعب في اليوم الأخير بمثابة النسمة المنعشة. لم يكن كل ما فيه جديدا، لكن كل ما فيه كان يثير الحلم، وهذا هو العنصر الذي غاب عن عدة عروض بما فيها عرض «شانيل» الذي تميز بألوان قاتمة وأزياء تخاطب صغيرات السن وامرأة عملية.
بمعنى آخر، نجح في كل شيء سوى في إيقاظ الحلم الذي عادة ما ينجح مصممها كارل لاغرفيلد في إشعاله بداخلنا بعد كل عرض. إيلي صعب، في المقابل، على الرغم من أنه دخل مجال الأزياء الجاهزة منذ سنوات قليلة فقط، فإنه نجح في أن يبقى وفيا لما يتقنه جيدا وهو إعطاؤنا أزياء تتوافر على كل عناصر الحلم والأناقة والجمال.
وأكد في الأسبوع الماضي بما لا يترك أدنى شك أنه يتقن مجال الأزياء الجاهزة بنفس القدر الذي يتقن الـ«هوت كوتير»، فلمسته السحرية كانت جلية يوم الأربعاء الماضي في حديقة «التويلريز» من خلال أزياء تتنفس الكثير من الفخامة مع جرعة متوازنة من العملية، التي تحتاجها امرأة عاملة ومترفة في الوقت ذاته، ويبدو أنه عانق فيها مفهوم «القليل كثير» بطريقته .. فقد غابت التفاصيل الكثيرة، وكذلك التطريزات المبالغ فيها، ليحل محلها بريق معتدل ومتوازن، كانت فيه التفاصيل جزءا من الزي والتصميم ودرسا مباشرا في الأناقة.
لم تختف الفساتين الطويلة المطرزة بالخرز والترتر، التي تعتبر ماركته المسجلة، فقد ظهرت في مجموعة خصصها لمناسبات السهرة والمساء ونجمات هوليوود، لكنه أضاف إليها مجموعات أخرى بنقوش أو بألوان أحادية اتخذت أشكالا مختلفة لتخاطب الأذواق والأجسام كلها.
فإلى جانب تصاميم منحوتة تعانق الجسم من الأكتاف إلى الكاحل، كانت هناك أخرى تلتف حول الخصر لتموه عن أي عيوب في هذا الجزء، ثم تنسدل عنه كاشفة إما عن تنورة بفتحة طويلة وإما عن تنورة تنسدل لتمسح الأرض، ولم يكتف فيها إيلي بالطيات التي تعتمد على تقنية الدرابيه، بل برع في نحتها بتفصيل يشي باتجاهه نحو أسلوب أكثر حداثة وعصرية يجمع سخاء الشرق بتوازن الغرب.
لكن على الرغم من أناقتها، لم تكن فساتين السهرة القوية الوحيدة في هذه التشكيلة؛ لأن أزياء النهار سحبت البساط من تحتها، حتى تتمكن المرأة من الاستمتاع بكل مناسباتها. فمن السهل أن تستعملها في المكتب ومنه تتوجه إلى سهرة خفيفة من دون حاجة إلى أي إضافات سوى طبقة من الماكياج. فقد كانت هناك تايورات بسيطة ببنطلونات ضيقة تستحضر صورة أودري هيبورن في الستينات، فساتين من الجرسيه ملفوفة حول الخصر بإيحاءات من السبعينات، أو قطع منفصلة لعبت فيها الجلود دورا مهما.
الألوان أيضا كانت بنفس التنوع؛ فقد استهل العرض، مثلا، بالأسود في زي مصنوع من الجلد والفرو في لوحة رائعة تلاها بأخرى باللون نفسه، استبدل فيها التنورة ببنطلون. بعد بضع قطع بدأ الجلد يتراجع لتحل محله أقمشة استعملت فيها تقنيات جديدة، وكأنها دانتيل، خصوصا في فستان سهرة طويل محدد على الجسم. بعد الأسود، أرسل مجموعة بنقوش، أيضا بأطوال متنوعة وتصاميم مختلفة بعضها يناسب النهار وبعضها الآخر المساء.
ولم تتوقف لعبة الألوان عند هذا الحد؛ فقد كانت هناك قطع كثيرة تتباين بين البيج العادي والرمادي والأحمر القاني، والبنفسجي الغامق، وكأن إيلي يريد أن يلبي حاجة كل نساء العالم الأنيقات، ولا يفوت على أي واحدة منهن فرصة اختيار ما يناسبها. وهذا بصراحة ما تحبه المرأة فيه؛ فكلما زادت رغبته في إرضائها، زاد إقبالها على إبداعاته وبادلته الحب نفسه وزيادة.
وربما هذا ما شجعه على أن يتوسع إلى مجالات أخرى، مثل الإكسسوارات التي شملت مجموعة من حقائب اليد، والأحذية بنفس ألوان الأزياء، التي بدت مريحة على الرغم من ارتفاع كعوبها، الأمر الذي كان واضحا في الطريقة التي كانت تمشي بها العارضات وكأنهن غزالات. كانت هناك أيضا قلادات بلون الذهب لإضفاء المزيد من البريق على تشكيلة لا ينقصها البريق أساسا، لكن «زيادة الخير خيرين» كما يقال.
إذا كان هناك شيء واحد ناقص في هذه التشكيلة المتكاملة، فهو غياب المعطف من تشكيلة موجهة أساسا للخريف والشتاء. فباستثناء معطف وحيد بقماش خفيف باللون البيج العاجي متناسق مع فستان ناعم بنفس اللون ودثار من الفرو يغطي الكتفين، لم يظهر أي معطف من الصوف في التشكيلة.
وعلى الرغم من كل ما يقال من أن المصمم ابن بيئته، مما يعني أن المعطف الشتوي السميك ليس من أولويات نساء الشرق الأوسط، إلا أن إيلي يخاطب نساء العالم ككل، لهذا كان غياب هذه القطعة لافتا للنظر. عدا أن إيلي يبدو أنه عانق هذه المرة مفهوم «القليل كثير» بطريقته؛ لأن التفاصيل الكثيرة، كذلك التطريزات المبالغ فيها، كانت غائبة ليحل محلها بريق معتدل ومتوازن، كانت فيه التفاصيل جزءا من الزي والتصميم ودرسا مباشرا في الأناقة.
توجهات باريس للموسمين المقبلين
- المعطف كان قطعة مهمة في معظم العروض، وجاء بأطوال مختلفة، كان فيها الماكسي قويا، كما في عرضي «ديور» و«كلوي».
- الكنزة ذات الياقة العالية، كانت مميزة في عدة عروض وعلى رأسها «سيلين».
- القبعات ستكون من الإكسسوارات المهمة في الموسمين المقبلين، فقد ظهرت في عروض كل من: «غاليانو»، «لانفان»، «سونيا ريكييل» بأشكال متنوعة.
- الجلد أيضا سيبقى قويا؛ فقد ظهر في عدة عروض، وعلى رأسها عرض «لويفي» و«هيرميس» الدارين اللتين تأسستا كداري جلود. لكن في الوقت الذي اكتسى عند «هيرميس» بصبغة إثنية خفيفة، فإنه عند «لويفي» اكتسى بصبغة أنثوية مثيرة.
- لحسن الحظ أن الألوان لن تكون كلها قاتمة في خريف وشتاء 2011، فإلى جانب الرمادي والأسود، تراقصت ألوان قوس قزح، في عروض «لانفان»، «كلوي»، «كنزو» وغيرها.
- الطول القصير، أو «الميني» غاب من معظم العروض وحل محله الـ«ماكسي» الذي يلامس الركبة أو يغطي نصف الساق.
أخبار جانبية
- إذا كنت مصمما شابا تريد أن تلفت الأنظار إليك، خصوصا أن هذه أول تشكيلة لك، فاستعن بـ«ليدي غاغا»؛ لأنها ستضمن لك تغطية إعلامية مجانية .. هذا ما قام به نيكولا فورميشيتي، مصمم دار «موغلر» الجديد. فـ«ليدي غاغا» صديقته، بحكم أنه عمل معها كخبير أزياء قبل التحاقه بـ«موغلر»، وعلى هذا الأساس رحبت بفكرة مساعدته بعرضها قطعتين من تصميمه، بينما صدحت أغانيها على الخلفية، مما جعل العرض مسرحية ممتعة. وحتى إذا لم تخاطب التصاميم الأذواق كلها، فإنها راقت لـ«ليدي غاغا» على الأقل، التي يقال إنها اشترتها بالكامل.
- من سيخلف جون غاليانو في دار «ديور»؟ هو السؤال الصعب حاليا، لكن المرشح القوي هو ريكاردو تيشي، مصمم دار «جيفنشي»، التي تملكها مجموعة «إل في إم إتش» المالكة لـ«ديور»، مما سيجعل النقلة سهلة. هناك أسماء أخرى مقترحة مثل ألبير إلبيز وحيدر أكرمان وغيرهما، بينما يقول البعض إن الاسم سيكون مفاجأة؛ لأنه غير متوقع.
- قد يكون النجوم وجها مألوفا ومرحبا بهم في عروض الأزياء، لكن باريس أكدت الأسبوع الماضي أنه ليس كل النجوم سواسية. المغني كيني ويست، مثلا، لم تشفع له شهرته وفشل في دخول عرضي «بالمان» و«ألكسندر ماكوين».
وعلى الرغم من حضوره شخصيا، فإن رجال الأمن ومسؤولي العلاقات العامة رفضوا السماح له بالدخول، ليس لأنهم لم يتعرفوا عليه، بل لأنه لم يكن مرغوبا فيه. تجدر الإشارة إلى أن مغني الراب الشهير كان يعرف بنفسه، طوال فترة زيارته باريس، كمصمم أزياء. والسبب، كما يقال، أنه يفكر جديا في إطلاق ماركة أزياء تحمل توقيعه، من باريس، حتى يعطي لاسمه في هذا المجال الشرعية. يقال أيضا إنه التحق للدراسة بمعهد «سانت مارتنز» اللندني الذي تخرج فيه أمثال جون غاليانو، والراحل ألكسندر ماكوين، وستيلا ماكارتني وغيرهم.