الحبيب بورقيبة ولد في 3 أوت 1903 - توفـّي في 6 أفريل 2000. أول رئيس للجمهورية التونسية
سيرة حياته
ولد في 3 أوت 1903 في حي الطرابلسية بمدينة المنستير الساحلية، من عائلة متواضعة ماديًّا واجتماعيًّا وكان أصغر ثمانيه إخوة وأخوات، تلقـّى تعلـّمه الثـّانوي بالمعهد الصـّادقي فمعهد كارنو بتونس ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927 وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
تزوج للمرة الأولى من الفرنسية ماتيلد وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاما وهي أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بحوالي 12 سنة، وطلقها بعد 22 عاما من الزواج.
وتزوج للمرة الثانية من وسيلة بن عمار رسميا في 12 أفريل عام 1962، في احتفال كبير بقصر المرسى. وسيلة بن عمار الثائرة التونسية التي قادت عددا من عمليات النضال الوطني ضد الإستعمار، حتى ألقي القبض عليها عام 1948 وسجنت. وتعرف عليها في القاهرة حيث عاش بورقيبة في إحدى الشقق في شارع نوال بالدقي.
تحريرالكفاح الوطني
انضم إلى الحزب الحر الدستوري سنة 1933 واستقال منه في نفس السنة ليؤسس في 2 مارس 1934 الحزب الحر الدستوري الجديد رافقه محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة.
تم اعتقاله في 3 سبتمبر 1934 لنشاطه النضالي وأبعد إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936.
ثم سافر إلى فرنسا وبعد سقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها أعيد في 10 نيسان/ ابريل من عام 1938م إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و 9 أفريل 1938، ونقل بورقيبة إلى مرسيليا وبقي فيها حتى 10 ديسمبر 1942عندما نقل إلى سجن في "ليون" ثم إلى حصن "فانسيا" حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى "نيس" ثم إلى "روما" ولكنه رفض الإنحياز إليهم وأعلن عن موقف تونس الحيادي من الحرب العالمية الثانية.
قرر الهروب إلى المنفى الإختياري إلى القاهرة وكان لابد من حيلة ماكرة للهروب من الحصار، ولم يجد أمامه سوى سيدة تونسية ارتضت أن تخاطر بحياتها من أجله فأعارته بعضا من ملابسها وزينت أذنيه بقرطين كبيرين وسارا جنبا إلى جنب كامرأتين وبهذه الطريقة استطاع أن يخرج من مدينته تحت أعين القوات الفرنسية التي تطلبه حيا أو ميتا وعند الشاطئ كانت جماعة من أصدقائه تنتظره لتودعه في مركب شراعي اخترق البحر لمدة أسبوع كامل قبل أن يضع قدمه على بر الأمان على الساحل الليبي ومن هناك اضطر بورقيبة للسير على قدميه لمسافة خمسمائة كيلومتر ليصل إلى الحدود المصرية وهناك لجأ رسميا إلى مصر.
عاد إلى تونس في 7 أفريل 1943 قبل أن يغادرها مجددا في 16 مارس 1945 موفدا من الحزب للدعاية للقضية الوطنية وحيث زار مصر والولايات المتحدة قبل أن يعود إلى تونس في 8 سبتمبر 1948 وسافر من جديد إلى فرنسا سنة 1950 ليقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة والهند واندونيسيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في 2 جانفي 1952 معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا ولما اندلعت الثورة المسلحةالتونسية في 18 جانفي 1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملائه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في 1 جوان 1955 ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 3 جويلية 1954 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي، وتقضي بإعلان الدولة التونسية. وهي الإتفاقية التي عارضها الزعيم صالح بن يوسف واصفا إياها أنها خطوة إلى الوراء مما أدى إلى نشأة مايعرف بالصراع "البورقيبي اليوسفي" ويتهمه خصومه السياسيون بالتهاون والتخاذل ويصدر صالح بن يوسف سكرتير الحزب الحاكم قرارا بإعدام بورقيبة ورفاقه الذين وافقوا على المعاهدة.
في 20 مارس 1956، تم توقيع وثيقة الإستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الإستقلال. في 13 أوت 1956، صدرت مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر من أهم أعمال الزعيم بورقيبة حيث أنها تضمنت أحكاما ثورية كمنع تعدد الزوجات وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، ولا تزال هذه المجلة تحظى إلى اليوم بسمعة تكاد تكون أسطورية.
اعلان الجمهورية
في 25 جويلية 1957 تم الغاء الملكية وإعلان الجمهورية فخلع الملك محمد الأمين باي وتم اختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية. وتواصلت في العهد الجمهوري أعمال استكمال السيادة فتم جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي في 15 أكتوبر 1963 وتم جلاء المعمرين (أي المستعمرين) عن الأراضي الزراعية، كما تم اقرار عديد الإجراءات لتحديث البلاد كإقرار مجانية التعليم وإجباريته وتوحيد القضاء.
في 3 مارس 1965 ألقى الرئيس الحبيب بورقيبة خطابه التاريخي في أريحا الذي دعا فيه اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم التمسك بالعاطفة وإلى أخذ زمام أمورهم بيدهم وإلى مواصلة الكفاح.
في الستينات، وقع اتباع سياسة التعاضد وهي سياسة تتمثل في تجميع الأراضي الفلاحية وقد عرفت هذه السياسة فشلا دفع بالرئيس بورقيبة إلى تبني سياسة ليبرالية منذ بداية السبعينات قادها الوزير الأول الهادي نويرة.
في 27 ديسمبر 1974 تم تنقيح الدستور وأسندت رئاسة الدولة مدى الحياة إلى الرئيس بورقيبة.
في 26 جانفي 1978 وقعت في تونس مظاهرات وأحداث مؤلمة إثر خلاف بين الحكومة ونقابة العمال.
في 13 نوفمبر 1979 انتقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وانتخب الشاذلي القليبي أمينا عاما لها.
في 3 يناير 1984 مظاهرات وحوادث مؤلمة عرفت بثورةالخبزالتي سقط خلالها الضحايا بالمئات. وشهدت صراعات دموية حادة بين المواطنين ورجال الأمن بسبب زيادة في سعر الخبز أقرها رئيس الوزراء محمد مزالي، واستخدام وزير الداخلية إدريس قيقة للقوة ضد المتظاهرين ولم تهدأ تلك الثورة إلا بعد تراجع الحكومة عن الزيادة بعد يوم واحد فقط من إقرارها، وأستدعيّ زين العابدين بن علي من وارسو ليشغل منصب مدير عام الأمن الوطني.
في 1 أكتوبر 1985 شن الطيران الإسرائيلي غارة جوية على مقر القيادة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية وهي الغارة التي أدانها مجلس الأمن في 14 أكتوبر من ذات العام.
في 7 نوفمبر 1987 وأمام الحالة الصحية المتردية للرئيس بورقيبة، قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بتغييره وأعلن نفسه رئيسا جديدا للجمهورية.
بعد هذا التغيير، أقام الحبيب بورقيبة بمسقط رأسه المنستير إلى حين وفاته في 6 أفريل 2000.
بورقيبة في تاريخ
ألقاب كثيرة أطلقت على الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مثل "الزعيم" و "المجاهد الأكبر" و "صانع الأمة" لكن الألقاب المثيرة هي تلك التي لاوجود لها في القاموس السياسي مثل " الرئيس الأبدي" و "الباي الجمهوري" أي الأمير الجمهوري حسب وصف الكاتب التونسي الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة .. سيرة شبه محرمة"، فقد كان الزعيم التونسي "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير، لقد جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي والمقيم العام الفرنسي ما بأنفسهم" لم يكن دمويًّا على طريقة الأنظمة العسكرية والفاشية، لكنه قرر إعدام العديد من معارضيه ببرودة شديدة، حدث ذلك مع "اليوسفيين" في مطلع الإستقلال، وعندما تدخل عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية "قفصة" الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامره من الغد بتنفيذ حكم الإعدام على 16 منهم.
أظهر شراسة شديدة في مواجهة خصومة السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح، لقد استغَلَّ تأسيسه للدولة واحتكاره لها ليُجْهِزَ على المؤسسة الزيتونية الإسلامية رغم ضعفها، ويطارد من عُرِفُوا باليوسفيين الذين وقفوا مع الكاتب العام للحزب صالح بن يوسف، فقتل العديد منهم، واعتقل الآلاف، ولم يُغْلِق هذا الملف إلا بعد اغتيال زعيمهم اللاجئ بألمانيا. كما استغل محاولة الإنقلاب التي استهدفته عام 1961م ليجمد الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، مستعينًا في ذلك بالإتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الحزب الدستوري إلى درجة قبول التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه وعلى قيادته. ومع تبني "الاشتراكية" في الستينات، غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم.
على صعيد السياسة الخارجية، تحالف مع الغرب وكان من أوائل السياسيين العرب الذين رحبوا بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ففي خطاب ألقاه في شهر مايو 1968م قال "إننا نعتبر أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية يشكل عنصر استقرار يحمي العالم من نوع من الأنظمة الاستبدادية. دون أن يدخل في نزاع مع الاتحاد السوفييتي، رفضا قاطعا إقامة علاقات اقتصادية وعسكرية معه، معتبرا أن دخول خرطوشه واحدة من هذا المعسكر قادرة على أن تفتح الباب واسعا أمام الخبراء والأفكار "الهدامة" حسب تعبيره، بل أنه صرح أكثر من مرة في خطبه الرسمية بأن المعسكر الإشتراكي لن يستمر طويلا في الحياة، وأن سقوطه أمر محتم. وبنى علاقات جيدة مع الأنظمة الملكية والخليجية. شهدت علاقاته مع عبدالناصر توترات مستمرة، حيث اختلف معه في الخطاب والأيديولوجيا ومواقف من قضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين، ذات مرة قال "لو خيرت بين الجامعة العربية والحلف الأطلسي لاخترت هذا الأخير". كما كان حذرًا من حزب البعث، وحال دون امتداداته التنظيمية داخل تونس، ثم تجدد صراعه مع القذافي، ورأى فيه شابًّا "مُتَهوِّرًا" في السياسة، وكان يخشى أن تُطَوَّق تونس بتحالف ليبي-جزائري لهذا وثق علاقاته مع فرنسا والولايات المتحدة، وعندما تسربت مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من الجزائر، وسيطرت على مدينة "قفصة" في يناير 1980م، استنجد بباريس وواشنطن الذين قدما له مساعدات عسكرية ولوجستيكية، مكَّنَت النظام التونسي من إنهاء التمرد بأقل التكاليف.
طيلة حكمه استعان بورقيبة بالوزراء الأول التالين: الباهي الأدغم، الهادي نويرة، محمد مزالي، رشيد صفر وأخيرا زين العابدين بن علي
سيرة حياته
ولد في 3 أوت 1903 في حي الطرابلسية بمدينة المنستير الساحلية، من عائلة متواضعة ماديًّا واجتماعيًّا وكان أصغر ثمانيه إخوة وأخوات، تلقـّى تعلـّمه الثـّانوي بالمعهد الصـّادقي فمعهد كارنو بتونس ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927 وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
تزوج للمرة الأولى من الفرنسية ماتيلد وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاما وهي أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بحوالي 12 سنة، وطلقها بعد 22 عاما من الزواج.
وتزوج للمرة الثانية من وسيلة بن عمار رسميا في 12 أفريل عام 1962، في احتفال كبير بقصر المرسى. وسيلة بن عمار الثائرة التونسية التي قادت عددا من عمليات النضال الوطني ضد الإستعمار، حتى ألقي القبض عليها عام 1948 وسجنت. وتعرف عليها في القاهرة حيث عاش بورقيبة في إحدى الشقق في شارع نوال بالدقي.
تحريرالكفاح الوطني
انضم إلى الحزب الحر الدستوري سنة 1933 واستقال منه في نفس السنة ليؤسس في 2 مارس 1934 الحزب الحر الدستوري الجديد رافقه محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة.
تم اعتقاله في 3 سبتمبر 1934 لنشاطه النضالي وأبعد إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936.
ثم سافر إلى فرنسا وبعد سقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها أعيد في 10 نيسان/ ابريل من عام 1938م إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و 9 أفريل 1938، ونقل بورقيبة إلى مرسيليا وبقي فيها حتى 10 ديسمبر 1942عندما نقل إلى سجن في "ليون" ثم إلى حصن "فانسيا" حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى "نيس" ثم إلى "روما" ولكنه رفض الإنحياز إليهم وأعلن عن موقف تونس الحيادي من الحرب العالمية الثانية.
قرر الهروب إلى المنفى الإختياري إلى القاهرة وكان لابد من حيلة ماكرة للهروب من الحصار، ولم يجد أمامه سوى سيدة تونسية ارتضت أن تخاطر بحياتها من أجله فأعارته بعضا من ملابسها وزينت أذنيه بقرطين كبيرين وسارا جنبا إلى جنب كامرأتين وبهذه الطريقة استطاع أن يخرج من مدينته تحت أعين القوات الفرنسية التي تطلبه حيا أو ميتا وعند الشاطئ كانت جماعة من أصدقائه تنتظره لتودعه في مركب شراعي اخترق البحر لمدة أسبوع كامل قبل أن يضع قدمه على بر الأمان على الساحل الليبي ومن هناك اضطر بورقيبة للسير على قدميه لمسافة خمسمائة كيلومتر ليصل إلى الحدود المصرية وهناك لجأ رسميا إلى مصر.
عاد إلى تونس في 7 أفريل 1943 قبل أن يغادرها مجددا في 16 مارس 1945 موفدا من الحزب للدعاية للقضية الوطنية وحيث زار مصر والولايات المتحدة قبل أن يعود إلى تونس في 8 سبتمبر 1948 وسافر من جديد إلى فرنسا سنة 1950 ليقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة والهند واندونيسيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في 2 جانفي 1952 معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا ولما اندلعت الثورة المسلحةالتونسية في 18 جانفي 1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملائه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في 1 جوان 1955 ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 3 جويلية 1954 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي، وتقضي بإعلان الدولة التونسية. وهي الإتفاقية التي عارضها الزعيم صالح بن يوسف واصفا إياها أنها خطوة إلى الوراء مما أدى إلى نشأة مايعرف بالصراع "البورقيبي اليوسفي" ويتهمه خصومه السياسيون بالتهاون والتخاذل ويصدر صالح بن يوسف سكرتير الحزب الحاكم قرارا بإعدام بورقيبة ورفاقه الذين وافقوا على المعاهدة.
في 20 مارس 1956، تم توقيع وثيقة الإستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الإستقلال. في 13 أوت 1956، صدرت مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر من أهم أعمال الزعيم بورقيبة حيث أنها تضمنت أحكاما ثورية كمنع تعدد الزوجات وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، ولا تزال هذه المجلة تحظى إلى اليوم بسمعة تكاد تكون أسطورية.
اعلان الجمهورية
في 25 جويلية 1957 تم الغاء الملكية وإعلان الجمهورية فخلع الملك محمد الأمين باي وتم اختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية. وتواصلت في العهد الجمهوري أعمال استكمال السيادة فتم جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي في 15 أكتوبر 1963 وتم جلاء المعمرين (أي المستعمرين) عن الأراضي الزراعية، كما تم اقرار عديد الإجراءات لتحديث البلاد كإقرار مجانية التعليم وإجباريته وتوحيد القضاء.
في 3 مارس 1965 ألقى الرئيس الحبيب بورقيبة خطابه التاريخي في أريحا الذي دعا فيه اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم التمسك بالعاطفة وإلى أخذ زمام أمورهم بيدهم وإلى مواصلة الكفاح.
في الستينات، وقع اتباع سياسة التعاضد وهي سياسة تتمثل في تجميع الأراضي الفلاحية وقد عرفت هذه السياسة فشلا دفع بالرئيس بورقيبة إلى تبني سياسة ليبرالية منذ بداية السبعينات قادها الوزير الأول الهادي نويرة.
في 27 ديسمبر 1974 تم تنقيح الدستور وأسندت رئاسة الدولة مدى الحياة إلى الرئيس بورقيبة.
في 26 جانفي 1978 وقعت في تونس مظاهرات وأحداث مؤلمة إثر خلاف بين الحكومة ونقابة العمال.
في 13 نوفمبر 1979 انتقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وانتخب الشاذلي القليبي أمينا عاما لها.
في 3 يناير 1984 مظاهرات وحوادث مؤلمة عرفت بثورةالخبزالتي سقط خلالها الضحايا بالمئات. وشهدت صراعات دموية حادة بين المواطنين ورجال الأمن بسبب زيادة في سعر الخبز أقرها رئيس الوزراء محمد مزالي، واستخدام وزير الداخلية إدريس قيقة للقوة ضد المتظاهرين ولم تهدأ تلك الثورة إلا بعد تراجع الحكومة عن الزيادة بعد يوم واحد فقط من إقرارها، وأستدعيّ زين العابدين بن علي من وارسو ليشغل منصب مدير عام الأمن الوطني.
في 1 أكتوبر 1985 شن الطيران الإسرائيلي غارة جوية على مقر القيادة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية وهي الغارة التي أدانها مجلس الأمن في 14 أكتوبر من ذات العام.
في 7 نوفمبر 1987 وأمام الحالة الصحية المتردية للرئيس بورقيبة، قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بتغييره وأعلن نفسه رئيسا جديدا للجمهورية.
بعد هذا التغيير، أقام الحبيب بورقيبة بمسقط رأسه المنستير إلى حين وفاته في 6 أفريل 2000.
بورقيبة في تاريخ
ألقاب كثيرة أطلقت على الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مثل "الزعيم" و "المجاهد الأكبر" و "صانع الأمة" لكن الألقاب المثيرة هي تلك التي لاوجود لها في القاموس السياسي مثل " الرئيس الأبدي" و "الباي الجمهوري" أي الأمير الجمهوري حسب وصف الكاتب التونسي الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة .. سيرة شبه محرمة"، فقد كان الزعيم التونسي "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير، لقد جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي والمقيم العام الفرنسي ما بأنفسهم" لم يكن دمويًّا على طريقة الأنظمة العسكرية والفاشية، لكنه قرر إعدام العديد من معارضيه ببرودة شديدة، حدث ذلك مع "اليوسفيين" في مطلع الإستقلال، وعندما تدخل عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية "قفصة" الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامره من الغد بتنفيذ حكم الإعدام على 16 منهم.
أظهر شراسة شديدة في مواجهة خصومة السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح، لقد استغَلَّ تأسيسه للدولة واحتكاره لها ليُجْهِزَ على المؤسسة الزيتونية الإسلامية رغم ضعفها، ويطارد من عُرِفُوا باليوسفيين الذين وقفوا مع الكاتب العام للحزب صالح بن يوسف، فقتل العديد منهم، واعتقل الآلاف، ولم يُغْلِق هذا الملف إلا بعد اغتيال زعيمهم اللاجئ بألمانيا. كما استغل محاولة الإنقلاب التي استهدفته عام 1961م ليجمد الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، مستعينًا في ذلك بالإتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الحزب الدستوري إلى درجة قبول التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه وعلى قيادته. ومع تبني "الاشتراكية" في الستينات، غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم.
على صعيد السياسة الخارجية، تحالف مع الغرب وكان من أوائل السياسيين العرب الذين رحبوا بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ففي خطاب ألقاه في شهر مايو 1968م قال "إننا نعتبر أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية يشكل عنصر استقرار يحمي العالم من نوع من الأنظمة الاستبدادية. دون أن يدخل في نزاع مع الاتحاد السوفييتي، رفضا قاطعا إقامة علاقات اقتصادية وعسكرية معه، معتبرا أن دخول خرطوشه واحدة من هذا المعسكر قادرة على أن تفتح الباب واسعا أمام الخبراء والأفكار "الهدامة" حسب تعبيره، بل أنه صرح أكثر من مرة في خطبه الرسمية بأن المعسكر الإشتراكي لن يستمر طويلا في الحياة، وأن سقوطه أمر محتم. وبنى علاقات جيدة مع الأنظمة الملكية والخليجية. شهدت علاقاته مع عبدالناصر توترات مستمرة، حيث اختلف معه في الخطاب والأيديولوجيا ومواقف من قضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين، ذات مرة قال "لو خيرت بين الجامعة العربية والحلف الأطلسي لاخترت هذا الأخير". كما كان حذرًا من حزب البعث، وحال دون امتداداته التنظيمية داخل تونس، ثم تجدد صراعه مع القذافي، ورأى فيه شابًّا "مُتَهوِّرًا" في السياسة، وكان يخشى أن تُطَوَّق تونس بتحالف ليبي-جزائري لهذا وثق علاقاته مع فرنسا والولايات المتحدة، وعندما تسربت مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من الجزائر، وسيطرت على مدينة "قفصة" في يناير 1980م، استنجد بباريس وواشنطن الذين قدما له مساعدات عسكرية ولوجستيكية، مكَّنَت النظام التونسي من إنهاء التمرد بأقل التكاليف.
طيلة حكمه استعان بورقيبة بالوزراء الأول التالين: الباهي الأدغم، الهادي نويرة، محمد مزالي، رشيد صفر وأخيرا زين العابدين بن علي