بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمحة تاريخية عن مدينة الجلفة:
*-الحضور التاريخي لمنطقة الجلفة عبر التاريخالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمحة تاريخية عن مدينة الجلفة:
*- رصد لحركة قبائل المنطقة.
*- تأسيس مدينة الجلفة
العصر الحجري:
دلت الاستكشافات الأثرية، على وجود الإنسان في منطقة الجلفة ، منذ بداية العصور الحجرية أي من 200ألف سنة ، فأدوات عصر ما قبل التاريخ كذا الوجهين(bifaces ) المصقولة من الجهتين و المصنوعة من الحصى القاسي خلال العصر الباليوليتي (حوالي 200ألف سنة) وتم حصر هذه الاستكشافات في محيط مدينة الجلفة ، كما عثر في نفس المحيط على مواقع تعود إلى الحضارة العاترية و التي تمتد إلى 50 ألف سنة (تنسب إلى بئر العاتر جنوب تبسة ، أثناء الباليوليتي الأعلى) .
أما آثار الإيبيباليوتيك وهي مرحلة من العصر الحجري تتوسط الباليوليتي و النيوليتي ، وجدت أيضا في منطقة الجلفة وتعود إلى حوالي 20 ألف سنة للقديمة جدا ، و 7 آلاف سنة للمتأخرة و الجد متأخرة من العصر الحجري .
ما قبل التاريخ و فجر التاريخ :
على العكس من البداية المتأخرة للتجمعات السكانية خلال العهد الاحتلالي ، فمنطقة الجلفة تمتد جذورها حتى بدايات ما قبل التاريخ ، فموقع عين الناقة وهي نقطة اتصال بين مجبارة و مسعد هي الشاهد الحيي بأدواتها كذات الوجهين من الطابع الأشيلي التي تعود إلى الباليوليتي وأدوات حجرية أخرى تؤرخ للنيوليتي بالمواع المسماة واد بوذبيب و صفية بورنان و حجرة الرباق
أن الحفريات المتواجدة على مستوى عين الناقة و التي قام بها الدكتور قريبونون GREBENANT (مؤلف كتاب : عين الناقة ، القفصي و النيوليتي ،1969) ترجع تعمير هاته المنطقة إلى 7000 سنة قبل القرن الأول الميلادي بالنسبة للإيبيباليوتيك و5000 سنة للنيوليتيك ، إضافة إلى مناطق أخرى تخفي بقايا أدوات ونقوش ورسومات صخرية :
- النقوش الصخرية البارزة للثيران القديمة بناحية زاغز.
- مواقع النقوش الصخرية المتواجدة في السفوح الجنوبية للأطلس الصحراوي بمنطقة جبل بوكحيل ومسعد وعين الإبل ، وشمالا تتمركز بخنق تاقة ، قريقر، زنينة، فايجة اللبن، سيدي عبد الله بن أحمد و عرقوب الزمالة .
- ومواقع الرسومات و هي عموما في حالة سيئة ، تتمركز بزكار (المكان المسمى فايجة سيدي سالم) بجبل الدوم وحجرة موخطمة .
الآثار البشرية التي تعود إلى هذا الزمن وهذا ما يفسر الطبيعة الرعوية(رحل) للسكان القدامى لهاته المنطقة ، وكذلك لنقص البحوث الأثرية ، فالعديد من الكهوف ليست مصنفة لفترة فجر التاريخ وتتواجد آثار هذه المنطقة بعدة منها :
- كتابات ليبية بربرية في روشي دو بييجون ، واد حصباية ، صفية البارود، عين الناقة ، واد بوزقينة و صفية بورنان .
- عربات في المناطق المسماة واد حصباية و صفية البارود.
- أحصنة مستأنسة في المناطق المسماة ضاية المويلح ،صفية بورنان ، بني حريز و واد حصباية.
- رسومات تمثل أحصنة في أماكن بها رسومات لظبي و نعامة و شخص وكذلك كتابات ليبية بربرية بالمكان المسمى صفية بورنان.
- نصوب جنائزية(تيميليس و بازينا) في مجموعة هامة من المواقع اكتشفت جنوب واد جدي قرب ضاية زخروفة وكذلك شمال شرق مدينة الجلفة.
البربر و الرومان :
البربرهم السكان الأصليين لإفريقيا الشمالية ، وتواجدوا في منطقة الجلفة منذ 1500 سنة قبل الميلاد ، وتشكلوا من قبائل سنجاس و بني أويرا و الأغواط و تنحدر كلها من مغراوة ، و عكس القبائل البربرية في الشمال فقد كانوا مستقلين عن كل الإمبراطوريات و الممالك التي حكمت البلاد حتى سنة 704 م السنة التي احتضن فيها البربر الإسلام ، و مواقع عديدة تشهد بتواجد البربر بمنطقة الجلفة .
- الكتابات الليبية البربرية على الصخور.
- القبور على شاكلة تيميليس و بازينا .
- آثار قرية بربرية محصنة بالقرب من الجلفة أسفل الطاحونة المائية القديمة، وكذلك آثار أخرى متواجدة بعمورة ، عامرة ، بني زروال ، دمد ، بني حلوان(شرق تعظميت) ، الفج و بورديم بواد جدي.
نجت منطقة الجلفة من الغزو الروماني ، إلا أن الرومان اضطروا لإقامة حدودا (الليمس النوميدي) لكبح و إيقاف غارات الجيتول و المور فشكلوا حصونا موسعة تمتد إلى حوالي 40 كيلومتر ، وزيادة على الدور الدفاعي لهاته الحصون فإنها إستعملت كقواعد لشن غارات .
نظرا للضغط الكبير الذي طبقه الجيتول و المور ، اضطر الإمبراطور الروماني أنطوان التقي ، إلى استدعاء القبائل الجرمانية والذين بدؤوا بالدخول من 144إلى 152 قبل الميلاد شنوا حربا عرفت بحرب المونس أين تمكنوا من دفع الرحل من الجيتول و المور وبنوا العديد من القلاع كاستيليوم castellums وتواجدت في المنطقة في المواقع التالية :
- آثار حصن دمد castellum demmediالذي بناه الرومان في 198 ق م وهجر 238 بعد تقوية الحدود.
- آثار على مستوى حمام الشارف ، محصن بحجارة مصقولة كبيرة .
- آثار برج روماني على مساحة تقارب 45متر/40متر ، يقع على بعد 2 كيلومتر شمال مدينة الجلفة على الضفة اليمنى لواد ملاح .
ولغياب البقايا الأثرية يبقى من الصعب إيجاد مواقع أخرى .
الفتح الإسلامي:
سنة 704 ميلادية إعتنق البربر بمنطقة الجلفة الإسلام ، وفي سنة 1049 غزا بني هلال و سليم ( قبائل عربية ) المغرب، بطلب من الخليفة الفاطمي المستنصر بعد العصيان الذي قاده المعز بن باديس بن منصور بن بولوغين ، وبمجيئهم سنة 1051 استولوا بسرعة على البلاد وطردوا قبائل زناتة من المنطقة و لاحقوهم إلى غاية سهل الزاب و الحضنة ، وفي نهاية القرن الـ12،قدم الزغبيين (ينتمون إلى قبائل بني هلال ، السحاري) و الذين دانوا بالولاء للموحدين ودعموا جيشهم و بالمقابل أقطعوهم أراضي في الشمال ، و في القرن الـ13 استقر السحاري و هم فرع من قبيلة نادر الهلالية و قسم من زغبة ،بجبل مشنتل (جبل السحاري حاليا) وسيطروا على المنطقة خلال هذا القرن ،إلى أن زحف أولاد نائل على المنطقة.حيث لم يمكنهم البقاء بعين الريش أين عاش جدهم ، و تفرقوا في المنطقة وخاضوا العديد من المعارك حتى العهد التركي ، و تشمل قبائل أولاد نايل أعراش :
- أولاد عيسى وتحكموا بسهل فيض البطمة واستقروا بجبل بوكحيل .
- أولاد مليك استقروا بزاغز.
- أولاد لعور تحالفوا مع أولاد يحي بن سالم و احتلوا سهل مسعد حتى سهل المعلبة و سيطرت هاتين القبيلتين على قبائل واد جدي و الهضاب الصحراوية مما سمح لهم بالمرور إلى غاية تقرت.
العهد التركي:
تأسس بايلك التيطري في 1547 من طرف حسن باشا بن خير الدين ، و كان حده الجنوبي بوغزول و واد سباو ويسر في الشمال ،و توسعت هذه الحدود إلى غاية الأغواط سنة 1727 ، وبعد العديد من الانتفاضات الشعبية في الجنوب قام باشا الجزائر بتنظيم مدني و عسكري جديد تحول مقر بايلك التيطري بعده إلى المدية ، وتتبع كل قبيلة بالباي عن طريق وسيط وهو شيخ تختاره القبيلة ،و أسسوا سوق القمح بعين الباردة ، حيث يدفع أولاد نايل ضريبة بعد كل شراء للقمح وضريبة سنوية جماعية ، و القبائل التي رفضت عدت قبائل متمردة ، وآثار هذه المرحلة في المنطقة هي :
- الحصن التركي بعين الإبل.
- قبة سيدي محمد بن علية شمال جبل السحاري واد بستانية.
من الاستعمار إلى الاستقلال:
مع قدوم الفرنسيين في 1837 بعد هزيمة الأتراك ، تحالف جزء من أولاد نايل مع الأمير عبد القادر و خاضوا معارك عديدة ضد الفرنسيين ، وجاء الدخول الفرنسي للمنطقة كالتالي:
- 1843: هجوم الجنرال ماري Marey إلى غاية ناحية زكار ، أين استسلم شيخ الأغواط.
- 1844: أحد آغاوات سي الشريف بلحرش ، التلي بلكحل يقوم بانتفاضة بمنطقة الإدريسية ، يخمدها الجنرال ماري .
- 1845: الأمير عبد القادر يعين سي الشريف بلحرش كخليفة ليؤدب القبائل التي خضعت لفرنسا من أجل تأمين طريقها إلى أسواق الشمال ، وبهذا يسود الأمير عبد القادر على منطقة الجلفة ويوقع بالفرنسيين في عدة مواقع حاسمة بفضل دعم السكان المحليين ( عين الكحلة، زنينة ، بوكحيل ) ، وبعد الخسارة الكبيرة باستسلام الأمير عبد القادر ، استسلم سي الشريف بلحرش للفرنسيين وتم سجنه في بوغار.
- 1848: التلي بلكحل عين من طرف الفرنسيين كآغا على أولاد نايل غير أنه لم يستطع بسط نفوذه على القبائل المحلية .
- 1849: انتفاضات بادرت بها بعض الطرق الدينية كالتيجانية و الشاذلية .
- 1850: تم إطلاق سراح سي الشريف بلحرش و عين آغا على كل قبائل أولاد نائل في تجمع كبير تم في التاسع من أفريل 1852 بقصر الحيران.
- 1852: 24 سبتمبر، الجنرال يوسف Youssouf يضع الحجر الأول لبناء البرج بالجلفة.
- 1854: مدنيين يستقرون بالقرب من البرج ليمارسوا التجارة مع العساكر، تأسيس عيادة من طرف الطبيب العسكري ريبوReboud (معرف بأبحاثه النباتية و الأثرية) ، بناء الطاحونة على طرف الوادي.
- 1855: بناء منزل بالجلفة لسي الشريف بلحرش،الذي أتى بالعبازيز (المنحدرين من سيدي عبد العزيز) واستقروا اقرب نبع الماء.
- 1856: سي الشريف بلحرش يستدعي السحاري من صور الغزلان بدون أراضي.
- 1861: قرية الجلفة تعرف نموا كبيرا بداية من الحصن ، وفي العاشر من جانفي من نفس السنة صدر المرسوم الإمبراطوري يؤسس للمكان المعروف بالجلفة مركز للتجمع السكاني مساحته 1775 هكتار و29 آر و63 سنتيآر ، وبناء كنيسة بالجلفة.
- 1862: افتتاح ورشة أعمال التيليغراف.
- 1863: بناء أول مدرسة.
- 1864: ثورة أولاد سيدي الشيخ.
- 1869: الجلفة نصبت كبلدية مختلطة في 01 جانفي .
- 1870: 21 فيفري بناءا على القرار الإمبراطوري تنصيب الجلفة كقسمة subdivision للمدية ، وبناء مدرسة ثانية في نفس السنة.
- 1871: بناء حصن في الشمال ،و حصن صغير بالجلفة.
- 1874: بناء مقر البلدية ، دار العدالة، ومحكمة للقاضي ، إبرام اتفاق (رواق لرباع) بين قبائل الجلفة و آفلو و أعترف به رسميا عن طريق مرسوم الحاكم العام المؤرخ في 02 نوفمبر 1874 حيث يعطي ضمانات أمنية للأرباع أثناء رحلتهم نحو التل.
- 1877: أشغال بناء مسجد سيدي بلقاسم .
- 1878: بداية الأشغال للسور الجديد ( انتهى في 1882 )
- 1880: إنجاز أول سجل عقاري للغابات.
- 1888: بداية السجل الطوبوغرافي للمنطقة.
- 1889: إنهاء ثاني شبكة للماء الصالح للشرب ( الأولى سنة 1854).
- 1895: بناء المكتب العربي.
- 1900: إنجاز أول شبكة صرف المياه لبلدية الجلفة.
- 1901: عدد سكان مدينة الجلفة يصل إلى 2016 ساكن.
- 1902: الإلحاق بمنطقة الجنوب 24 ديسمبر 1902.
- 1907: إنهاء الشبكة الثالثة للمياه الصالحة للشرب.
- 1908: بناء دار للغابات داخل الغابة .عدد سكان الجلفة 2239 ساكن.
- 1912: بناء مدرسة للبنات.
- 1919: بناء مسجد وسط المدينة.
- 1921: وصول السكة الحديدية ، عدد سكان الجلفة 3019 ساكن.
- 1927: بناء مستوصف و عيادة.
- 1931: توزيع الكهرباء في مدينة الجلفة.
- 1936: بناء البريد ومساكن حي المشتلةpépiniere .
- 1948: إحصاء1948، عدد سكان الجلفة 6212 ساكن منهم حوالي 5800 داخل المدينة.
- 1950: بداية هدم السور .
- 1954: اندلاع الكفاح المسلح ، عدد سكان الجلفة 10070 ساكن.
مما سبق فالمنطقة سجلت الحضور في الفعل السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي الذي عاشته الجزائر بأكملها ، خاصة أثناء الثورة التحريرية حيث شاركت الولاية السادسة التي تلحق بها المنطقة بقوة و امتياز كجبل بوكحيل الذي كان مسرحا لعدة عمليات عسكرية قامت بها وحدات جيش التحرير الوطني ضد جيش الاحتلال