نبذة مختصرة عن سيرة الشيخ الألباني -رحمه الله-

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
نبذة مختصرة عن سيرة الشيخ الألباني -رحمه الله-
العلامة الشيخ

العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أحد أبرز العلماء المسلمين في العصر الحديث، ويعتبر الشيخ الألباني من علماء الحديث البارزين المتفردين في علم الجرح والتعديل، والشيخ الألباني حجة في مصطلح الحديث وقال عنه العلماء المحدثون إنه أعاد عصر ابن حجر العسقلاني والحافظ بن كثير وغيرهم من علماء الجرح والتعديل.

مولده ونشأته

* ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني عام 1333 ه الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة عاصمة دولة ألبانيا - حينئذ - عن أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابع العلمي، فكان والده مرجعاً للناس يعلمهم و يرشدهم.

* هاجر صاحب الترجمة بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها بعد أن انحرف أحمد زاغو (ملك ألبانيا) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية.

* أتم العلامة الألباني دراسته الإبتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق.

* نظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، و التجويد، و النحو و الصرف، و فقه المذهب الحنفي، و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي و بعض كتب اللغة و البلاغة، هذا في الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات العلامه بهجة البيطار.

* أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهره فيها، و أخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنه وقتاً جيداً للمطالعة و الدراسة، و هيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية و الاطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية.

تعلمه الحديث

توجهه إلى علم الحديث و اهتمامه به :

على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي و تحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ الألباني بالتوجه نحو علم الحديث و علومه، فتعلم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثراً بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا (رحمه الله) و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب "المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" للحافظ العراقي (رحمه الله) مع التعليق عليه.

كان ذلك العمل فاتحة خير كبير على الشيخ الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث و علومه شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في الأوساط العلمية بدمشق، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء، أما عن التأليف و التصنيف، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره، و كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" و هو مطبوع مراراً، و من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب "الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير" و لا يزال مخطوطاً.

كان لإشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ، و قد زاد تشبثه و ثباته على هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيميه و تلميذه ابن القيم و غيرهما من أعلام المدرسة السلفية.

حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد و السنة في سوريا حيث زار الكثير من مشايخ دمشق و جرت بينه و بينهم مناقشات حول مسائل التوحيد و الإتباع و التعصب المذهبي و البدع، فلقي الشيخ لذلك المعارضة الشديدة من كثير من متعصبي المذاهب و مشايخ الصوفية و الخرافيين و المبتدعة، فكانوا يثيرون عليه العامة و الغوغاء و يشيعون عنه بأنه "وهابي ضال" و يحذرون الناس منه، هذا في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء المعروفين بالعلم و الدين في دمشق، و الذين حضوه على الاستمرار قدماً في دعوته و منهم، العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة، و غيرهم من أهل الفضل و الصلاح (رحمهم الله).

نشاط الشيخ الألباني الدعوي

نشط الشيخ في دعوته من خلال:

أ) دروسه العلمية التي كان يعقدها مرتين كل أسبوع حيث يحضرها طلبة العلم و بعض أساتذة الجامعات و من الكتب التي كان يدرسها في حلقات علمية:

- فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب.

- الروضة الندية شرح الدرر البهية للشوكاني شرح صديق حسن خان.

- أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف.

- الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير شرح احمد شاكر.

- منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد.

- فقه السنه لسيد سابق.

ب) رحلاته الشهريه المنتظمة التي بدأت بأسبوع واحد من كل شهر ثم زادت مدتها حيث كان يقوم فيها بزيارة المحافظات السورية المختلفه، بالإضافة إلى بعض المناطق في المملكة الأردنية قبل استقراره فيها مؤخراً، هذا الأمر دفع بعض المناوئين لدعوة الألباني إلى الوشاية به عند الحاكم مما أدى إلى سجنه.

صبره على الأذى ... و هجرته

في أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السوريه، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له. فقد تعرض للإعتقال مرتين، الأولى كانت قبل 67 حيث اعتقل لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الاسلام (ابن تيمية)، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين.

لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، و لكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري و اجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل.

أعماله وانجازاته

لقد كان للشيخ جهود علمية و خدمات عديدة منها:

1) كان شيخنا -رحمه الله- يحضر ندوات العلامة الشيخ محمد بهجت البيطار -رحمه الله- مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق، منهم عز الدين التنوحي - رحمه الله- إذ كانوا يقرؤن "الحماسة" لأبي تمام.

2) اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م.

3) اختير عضواً في لجنة الحديث، التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر و سوريا، للإشراف على نشر كتب السنة و تحقيقها.

4) طلبت إليه الجامعة السلفية في بنارس "الهند" أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل و الأولاد بسبب الحرب بين الهند و باكستان آنذاك.

5) طلب إليه معالي وزير المعارف في المملكة العربية السعودية الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ عام 1388 ه ، أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة، وقد حالت الظروف دون تحقيق ذلك.

6) اختير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395 ه إلى 1398 ه.

7) لبى دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا، و ألقى محاضرة مهمة طبعت فيما بعد بعنوان "الحديث حجة بنفسه في العقائد و الأحكام" .

8) زار قطر و ألقى فيها محاضرة بعنوان "منزلة السنة في الإسلام".

9) انتدب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رئيس إدارة البحوث العلمية و الإفتاء للدعوة في مصر و المغرب و بريطانيا للدعوة إلى التوحيد و الاعتصام بالكتاب و السنة و المنهج الإسلامي الحق.

10) دعي إلى عدة مؤتمرات، حضر بعضها و اعتذر عن كثير بسبب أنشغالاته العلمية الكثيرة.

11) زار الكويت و الإمارات و ألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضا عدداً من دول أوروبا، و التقى فيها بالجاليات الإسلامية و الطلبة المسلمين، و ألقى دروساً علمية مفيدة.

12) للشيخ مؤلفات عظيمة و تحقيقات قيمة، ربت على المئة، و ترجم كثير منها إلى لغات مختلفة، و طبع أكثرها طبعات متعددة و من أبرزها، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة و شيء من فقهها و فوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة و أثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها.

13) و لقد كانت قررت لجنة الإختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية من منح الجائزة عام 1419ه / 1999م ، و موضوعها "الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً و تخريجاً و دراسة" لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني السوري الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً و تحقيقاً ودراسة و ذلك في كتبه التي تربو على المئة.

ثناء العلماء عليه

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

(ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني)

وسئل سماحته عن حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم-: "ان الله يبعث لهذه الأمه على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم.

وقال الفقيه العلامة الإمام محمد صالح العثيمين:

فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به.

العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي

قول الشيخ عبد العزيز الهده : "ان العلامه الشنقيطي يجل الشيخ الألباني إجلالاً غريباً، حتى إذا رآه ماراً وهو في درسه في الحرم المدني يقطع درسه قائماً ومسلماً عليه إجلالاً له".

وقال الشيخ مقبل الوادعي:

والذي أعتقده وأدين الله به أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله من المجددين الذين يصدق عليهم قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) [إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها]

آخر وصية للعلامة المحدث

أوصي زوجتي و أولادي و أصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعو لي بالمغفرة و الرحمة -أولاً- وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع.

وثانياً: أن يعجلوا بدفني، و لا يخبروا من أقاربي و إخواني إلا بقدر ما يحصل بهم واجب تجهيزي، وأن يتولى غسلي (عزت خضر أبو عبد الله) جاري و صديقي المخلص، ومن يختاره -هو- لإعانته على ذلك.

وثالثاً: أختار الدفن في أقرب مكان، لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السيارة، و بالتالي يركب المشيعون سياراتهم، وأن يكون القبر في مقبره قديمة يغلب على الظن أنها سوف لا تنبش...

و على من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا من كان خارجها من أولادي - فضلاً عن غيرهم- إلا بعد تشييعي، حتى لا تتغلب العواطف، و تعمل عملها، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي.

سائلاً المولى أن ألقاه و قد غفر لي ذنوبي ما قدمت و ما أخرت..

وأوصي بمكتبتي -كلها- سواء ما كان منها مطبوعاً، أو تصويراً، أو مخطوطاً -بخطي أو بخط غيري- لمكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب و السنة، و على منهج السلف الصالح -يوم كنت مدرساً فيها-.

راجياً من الله تعالى أن ينفع بها روادها، كما نفع بصاحبها -يومئذ- طلابها، وأن ينفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم.

(رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك و إني من المسلمين).

27 جمادى الأول 1410 هـ

وفاته

توفي العلامة الألباني قبيل يوم السبت في الثاني و العشرين من جمادى الآخرة 1420ه، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء.

و قد عجل بدفن الشيخ لأمرين أثنين:

الأول: تنفيذ وصيته كما أمر.

الثاني: الأيام التي مر بها موت الشيخ رحمه الله و التي تلت هذه الأيام كانت شديدة الحرارة، فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن يقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته رحمه الله فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعاً.

بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه، بالإضافه إلى قصر الفترة ما بين وفاة الشيخ ودفنه، إلا أن الآف المصلين قد حضروا صلاة جنازته حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه.
 
في رثاء الشيخين ابن باز والالباني



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :


في سنة 1999 الميلادية يموت شيخا الاسلام : الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، ثم الشيخ محمد

ناصر الدين الألباني، وقد نظم الشاعر الدكتور عبدالمحسن الطبطبائي هذه القصيدة كوقفة رثاء

آنذاك..

الموت ما الموت لا صوت ولا صور ***** ولا كلام ولا أسرار تجــــــــــتهر

المـــــــــــــــوت أكبر من أن تحتويه يد ***** والموت أصغر مما يدرك البصر

يا موت كم من أناس كنت آخذهــــــم ***** مازال في الأرض والدنيا لهم أثر

كم من أناس هويناهم على قـــــــــــدر ***** وكان يعرف أن دونهم كـــــــــــدر

كم من أناس بنو للعلم ألويــــــــــــــــة ***** وأحسنوا في بناء العلم اذ عمـــروا

أخذتهم والهوى قد كنت آخــــــــــــذه ***** من بعد، والقلب في الأحشاء يستعر

عام يمر على الدنيا كأن لـــــــــــــــه ***** وقعا غريبا حوى أحداثه العــمـــــــر

عام، ولكنه دهر أطال كـــــــــــــمــا ***** ليل المعنى .. طويل عابس عــــــكر

عام يموت (في شيخان) علمهمــــــــا ***** أحيا قلوب البرايا وهي تحتضــــــــــر**

لمثل ناصر دين الله أدمـــــــــــعـــنا ***** لمثله في سبيل الحق نعتصــــــــــــــر

لمثل عبدالعزيز الباز أدمعنــــــــــا ***** عينان لم تبصرا الدنيا .. هما النظـر

رباه آنس قلوب الناس بعدهمــــــا ***** واخلف لنا فيهما ما يحبب البشــــــــــر

وارحمهما..ربنا.. واغفر ذنوبهما ***** وانفع بعلمهما من كان يدكــــــــــــــــر

واهد الأناسي ايمانا وتبصــــــــرة ***** وانصر عبادك حتى يذهب الخطــــــر

6/10/1999م

(من ديوان "على أرجوحة الأحلام" للشاعر الدكتور عبدالمحسن أحمد الطبطبائي)

والشاعر عبدالمحسن الطبطبائي دكتور في جامعة الكويت - كلية الاداب - قسم اللغة العربية وادابها

** قد يكون الصواب( فيه شيخان) في البيت التاسع ولكنني نقلت القصيدة كما هي خشية من اختلال الوزن ..

منقول من مكتبة المسجد النبوي.
 
المرثية الالبانبة

الحمد الله وصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد : فهذه القصيدة تعد رثاء في شيخ الإسلام .. ومحدث الأنام ... وقائد الأئمة الأعلام .. ودرة أهل الشام ،
الذي امتلأ به السحر والنحر .. والسهل والقفر .. محدث العصر ، فضيلة الشيخ العلامة :


محمد ناصر الدين الالباني


طيب الله ثراه ، وأسكنه الفردوس الأعلى عند ربه ومولاه.


انصداع الصدر بخبر وفاة محدث العصر


المرثية الالبانبة


لا النظم نظمي ولا الأشعار أشعاري = ولا القريض قريضي يا ابنة الجار
لو تعلمين بأن الشعر أكتبه = وذلك الشعر عن أوزانه عار
لو تعلمين بأن الشعر أكتبه = به المعاني توارت خلف أستار
لو تعلمين بأن الشعر أكتبه والحزن يعصف قلبي عصف إعصار


****​


لو تبصرين رياض الشعر قاحلة = فلم يغرد بها أصناف أطيار
لو تبصرين عيون الشعر غائرة = فليس ينفعها جرْيٌ لأنهار
وكيف أكتب شعراً حين أكتبه = وقد تربص بي مليون غدار
فرب معنىً جميلٍ كنت أكتبه = والآن لا يُرتضى إلا بمقدار
أرى الوجوه وجوه القوم عابسة = وينقلون إلى الأشياخ أخباري


****​


هل قلت إفكاً – معاذ الله – ذاك إذن = شر وبيل وعند الله أسراري
لكنما ذاك قول الحق أعصره = وبالمرارة يُسـقى كل جبار
أليس بالأمس قد ألقيت رائعتي = عن ابن بازٍ وفي الأمصار أشعاري
وأنه فارق الدنيا وزهرتَها = لكنما الموت في أرواحنا سار
وأن ناصر دين الله قاطبةً = غدا مريضاً بجسم منه منهار
وقد أشرتُ إلى أنْ سوف يتركنا = وها هو اليوم قد ولى عن الدار​


****​


قالت : صدقتَ فذاك الشعر نعرفه = لكن قوماً هنا من دون أبصار
فقلت : إني سألقي اليوم رائعتي = أرثي بها شيخَ علمٍ شيخَ آثار
وليس شيطان جنٍّ سوف ينفعني = فينفث الشعر في روعي وأطماري
لكنّ تأييد ربي سوف يدفعني = في صف حسان مثل السلسل الجاري
فإن علمت بأن الشعر أنظمه = فليس مني فتلكم مِنَّةُ الباري



****


خنساء لا تذكري صخراً وسيرته = فإن صخراً تولى نَهج كفار
وقد مضى مشركاً فيما يفارقه = والمشركون غداً يُلقون في النار
لكن تعالي إلى مدح الرسول ومن = بكفه النور أعني صاحب الغار
لكن تعالى إلى وصف الرسول ومن = تحتار في وصفه ألوان أشعاري


****


فقد أتانا بدين الله تقدمه = سماحةٌ قابلت مليون جبار
وصار يدعو إلى الرحمن منهجه = هداية أشرقت عن خير أنوار
فشرعه قائمٌ بل إن سنته = مرفوعة الرأس تعلو كل أقطار
ما مات إلا وقد أرسى قواعدَها = في درب أصحابه من كل أنصاري
وقال : عضُّوا عليها في خفلافكمُ = وأمسكوها بأنيــابٍ وأظفار


****​


وقد توارثها الأجيالُ صافيةً = حتى أتى عصرنا الماضي بأكدار
عصر تناهت إليه كل واقعةٍ = وحادث صار فيه فقد أبرار
ممن لهم نشر هذا الدين في زمنٍ = أضحى مليئاً بأحداثٍ وأقدار
في عقد عشرين حطَّت كل فاجعةٍ = رحالها ، وتولت حين إدبار
في عقد عشرين تبكي العين راضيةً = فدمعها نازلٌ كالغيث مدرار
على شيوخ لهدي المصطفى نشروا = يعلون سنته في كل أمصار​


****
فتلكم السند قد ولى محدثها = بديعها مثل نجم آفل سار
وذي المدينة كم تبكي على عَلَمٍ = يُدعى ابن فلاَّتة يسمو بآثار
وذاك جامينا ولى ويسبقه = عفيفنا بعده حماد الأنصاري
وابن الغصون كذا إسماعيل يقدمه = سندينا ، إن تلكم حكمة الباري
خنساء لو كنت في ذا العصر حاضرة = لقلتِ شعراً بدمع منك مكثار
وكيف يرقأ دمع حين ترسله = عينٌ له لهبٌ في القلب كالنار


****​


إذا ابن باز بيوم الأمس ندفنه = واليوم ندفن شيخ العصر والدار
فقد تواترت الأنباء قاذفة = أسماعنا بثقيل الأمر قهّار
بأن ناصر هذا الدين قد صعدت = أنفاسه بخروج الروح للباري
وأن ناصر هذا الدين قد ذرفت = له العيون وجفّت عين جبار
فالموت لا يترك الأحباب ثانية = فكم يجيء على صحبٍ وأخيار


****
لو كان يخلد فينا عالم أبداً = لَخُلِّد المصطفى في هذه الدار
لكن هو الموت لا يبقى على أحدٍ = وفي توارده رايات تذكار
يا ناصر الدين هل غادرت ساحتنا = فلست تنظر في أهل وأصهار
وكيف تترك داراً أنت تسكنها = تعيش في ظلها من غير أكدار؟
وكيف تترك دوراً أنت تملؤها = بعلمك الجم فيما ينفع القاري؟
وكيف تترك طلاباً وقد نهلوا = من فيض علمك في تحقيق آثار؟
وكيف تترك جيراناً وقد عرفوا = حسْن الجوار وكنت العون للجار؟

****​


يا ناصر الدين إن لم ترض جيرتنا = فقد رضيت بأخرى جيرة الباري
بكت عليك بقاع الأرض قاطبة= وذاب من وجدكم أصلاب أحجار
بكت عليك رياض العلم دامعة = وذات من فقدكم أشياخ أمصاري
يا ناصر الدين شعري لا يطاوعني = فشخصكم فوق ما تبديه أشعاري​


****​


محدث العصر أنّى لي بوصفكمُ؟ = حزت الفضائل في سر وإظهار
أنت الإمام الذي سارت بسيرته = أجيالنا حينما فضتم بأنوار
كم بدعةٍ يا إمام العصر كنتَ لها = سداً منيعاً فصارت وسط أغوار
كم منهجٍ فاسد صيَّرتَ قامته = قصيرةً فاكتوى من ردك الناري
يا ناصر الدين من يبكيك رائعةً = أهل الهوى؟ لا وربي الخالق الباري


****
فليس يبكيك إلا تابعٌ سلفاً = ونَهجه يُستقى من خير مختار
كم شاعر صيَّر الأبيات سلسلةً = في حب ليلى وتمجيد لشطَّار
ولم تحرِّك وفاة الشيخ حافظةً = لديه بل أظهرت أحقاد مكار
يا ناصر الدين عذراً إن قسى قلمي = فذي الحقيقة دقت جَرْس إنذار
إن لم نسخِّر وميض الحرف رائعةً = نرثي لكم فلتلكم وصمة العار​


****
ففي الحجاز ونجد كل فاجعةٍ = وكنت فاجعةً في كل أمصاري
سل الجزائر سل ربات أخدرها = تُنبئك عن حزنِها من داخل الدار
فتلك فتواك يا شيخي مدونةٌ = بخط كل فتاةٍ ذات إسوار
ويسمع اليمن المحبوب فاجعتي = فيحتسي أكؤساً من فقد أخيار
كذاك في الشام أعلامٌ قلوبُهمُ = تفطَّرت حين لبيتم ندا الباري
هذا سليمٌ يواري اليوم دمعته = والحزن في قلبه قد صار كالنار


****
وانظر إلى شقرةٍ ضاعت بلاغته = وكم تلعثم عند الحادث الجاري
وذاك مشهور قد سالت مدامعه = فقداً لشيخٍ عظيم القدر مهصار
أما عليٌّ فلا تنظر لساحته = فإنَّها ساحة من دون أشجار
يا راحلين إلى عمَّان دونكمُ = هذا القريض يريكم بعض أخباري
يا راحلين إلى عمّان دونكمُ = قلبي يتوق إلى بستان أبرار
إني لأكتب شعري حين أكتبه = وكتمة الصدر كم تؤذي بأشعاري


****
كم كنت أرجو لقاء الشيخ أبصره = أرى محيَّاه بدراً في السما ساري
كم كنت أرجو سماع الشيخ يطربني = بصوته عبر تحقيق وآثار
لكنما في المنايا كل قاطعة = لذي الرغائب أو عن نيل أوطاري
يا ناصر الدين إن فارقت دوحتنا = فقد تركتَ علوماً تتحف القاري
قد كنت في الأرض للتعليم جامعة = بشطّها صار يرسو كل بحَّار
تهفو إليك قلوب الخلق طامعةً = بعلمكم فاستقوا من نَهرك الجاري


****
من للسلاسل يذكي نشر طيِّبها؟ = إلا ابن نوحٍ بعلم منه معطار
ومن سيروي غليلاً عند نَهمته؟ = إلا ابن نوحٍ ويعطي دون إقتار
ومن يرد دعاة الغي إن نعقوا؟ = إلا ابن نوحٍ بسيف منه بتار
وكيف يسطيع خصمٌ في مناقشةٍ = نقاش ذالك الهِزَبْر العاقر الضار​


****
كم باحث ناقدٍ في الشيخ خطته = ونقده لا يساوي عشر معشار
يسير خلف ذوي الأهواء مجتهداً = وباعه لا يساوي شبر مغوار
يرميه زوراً بذا الإرجاء في سفه = ونَهجــه خارجي نَهج جزار
لكن أولو الفضل قد شادوا برتبته = وأنه شامةٌ في كل أقطار
مضى ابن نوح إلى الرحمن سيرته = محمودةٌ ، وجبين الخصم كالفار
مضى إلى الله يرجو كل مغفرة = من عالمٍ سرَّه للذنب غفار
فرحمة الله تغشى روحه أبداً = يعلو بها منزلاً في دار أبرار


****
فإن غدت شمسه في الكون آفلةً = فقد بدت ههنا شمس بأمصاري
فذلك الوادعي يمضي بسيرته = يقفو هنا نهجه في نقد آثار
يا وادعيُّ عيون الناس قد شخصت = إلى علومك في حضْر وأسفار
يبغون رِفدَك في التعليم فاتجهت = قلوبهم ترتوي من نبعك الجاري
أبقاك ربي لهذا الدين جامعةً = مبارك الوقت في جسْم وأعمار
والختْم صلى إله الكون ما طلعت = شمس الضحى أو توارت خلف أستار
على نبي الهدى والتابعين له = والمقتدين به في خير مضمار​


كتبت في يوم الأحد الموافق لليوم الثامن من شهر رجب لعام 1420هـ
بدار الحديث بدماج – صعدة – اليمن


بقلم الشاعر
أبي رواحة عبدالله بن عيسى




مرثية العثيمين


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد :
فهذه القصيدة تعد تعزية ورثاء .. في فقيه العلماء .. وعالم الفقهاء ..
وحامل اللواء .. وناشر علم السلف في سائر الأنحاء والأرجاء …
من كان متصفاً بخصال البر ودلالات الذكاء. سماحة الوالد العلامة الشيخ /


محمد بن صالح العثيمين
المدرسة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالقصيم وإمام وخطيب الجامع الكبير بعنيزة ،
أنار الله له قبره ، ورفع له في الآخرة قدره ، وأسكنه فسيح الجنة عند مليك مقتدر.

كان ركنا ثابتاً فانهدما
تساءل المجد هل طود الهدى مالاً؟ = أم فتنة كسرت باباً وأقفالا؟
أم قد تهاوت نجوم الكون ثاوية؟ = في أرضنا أحدثت قرعاً وأهوالا
فصيَّرت من رياض الأرض طائفةً = بلاقعا وعيونَ الماء أوحالا

ألم يزل جرح فقد الباز يجرحنا = بموته كم أمات اليوم آمالا؟
ألم تزل بقيود الحزن أفئدة = موثوقة؟ أُقفِلت بالغم إقفالا؟
ألم يزل ناصر للدين يؤلمنا = فراقه حين تاج العلم قد نالا؟
ألم تزل بفراق الشيخ تثقلنا = كتائبٌ من هموم البين إثقالا؟
شيخان قد تركا الدنيا زهرتها = لم يصحبا معهما أهلاً ولا مالا
كانا كركنين للتعليم فانهدما = وأصبحا في بطون الأرض أوصالا
حتى هوى ثالث الأركان حين مضى = ذاك العثيمين من لله قد آلا

ذالك الذي كان من أثار سيرته = حُسْن اللقاء وكم قد فاق أفعالا
فوجهه مشرق في حُسْن طلعته = صبحا يهز كيان الليل إن طالا
جم التواضع في الأخلاق جامعةٌ = ما كان يمشي أمام الناس مختالا
تراه إن مرَّ بالصبيان قال لهم = سلام ربي عليكم تبْلغ الآلا
أوقاته لم تكن في القيل ضائعة = ولم يكن بوخيم الإفك قوالا
سامي المقام رفيع القدر منزلة = جنابه كم يفوق القوم إجلالا
تراه من هيبة يبدو بصورته = ليثا يكسِّر عبْر القيد أغلالا

علو كعب بهذا العلم بل رسخت = أقدامه من جنا التأليف قد نالا
ألم يكن ممتعاً للناس مُمتِعُه = بشرحه الزاد كم قد حلَّ إشكالا
شرح الرياض رياض في حدائقه = فكم يهز غصون الشوق آصالا
وانظر إلى شرحه التوحيد إن له = قولاً مفيداً به قد صار سربالا
أسفاره في الورى كالشمس مسفرةً = علومُها إذ حوت من ذاك إشكالا
هذا وإن كان في أرض القصيم فكم = يعطي من العلم تدريساً وأقوالا
فإن أتى نحو بيت الله كان له = درس يقدمـه عذبـا وسلسالا

وجاءنا اليوم والأمراض تنهشه = وكم يقاوم ألاماً وأحمالا
حتى أتته منايا الموت شاهرةً = صمصامها حين دمع الكل قد سالا
سقطت يا ثالث الأركان حين علت = أنفاسك اليوم ترجو الرب آمالا
فليس باقٍ سوى الرحمن خالِقنا = وأنه ضارب للخلق آجالا

وسار جثمانه بعد الصلاة إلى = مقابر العدل لا عمًّا ولا خالا
فجاور الباز عِلْمًا ثم جاوره = من بعد ذلك قبراً صار منهالا
فإن توارت أسود الأرض في زمنٍ = فحسبها تَركَتْ للأمن أشبالا

حررت في الساعة الخامسة والنصف قبل فجر يوم الأربعاء الموافق لليوم
السادس من شهر
ذي القعدة لعام 1421هـ
المملكة العربية السعودية – مكة المكرمة – جبل السودان
بقلم الشاعر

أبي رواحة عبدالله بن عيسى الموري


المرثية البازية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد :
فهذه القصيدة تعد رثاء لإمام المسلمين ، وقدوة المحققين ، ودرة الفقهاء المدققين ، وتاج السلفيين ، ونادرة العلماء العاملين ،
مفتي عام المملكة العربية السعودية ، سماحة الوالد العلامة الشيخ :
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نوّر الله ضريحه ورحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
المرثية البازية

رأيت القلب يزداد اكتئاباً = وأحزاناً لنا أمست عذابا
وفي الأحشاء نيران تلظى = وكم قد أَلهَبت قلبي التهابا
إذا رُزئ الفتى بحديث إفكٍ = فيكفي أن يكون له مصابا
فكيف إذا أتى خطبٌ جسيمٌ = يهز القلب والشم الصلابا


فقد نُبِّئت أن إمام عصري = لبارئـه وخالقـه أجـابا
فساءت الكرام أذاك حقٌ = فإنَّ لكل حادثةٍ جوابا
فقالوا كلهم بلسان حزنٍ = مضى ابن الباز حين صفا وطابا
فإنَّ حوادث الأيام تترى = ويتبع بعضها بعضاً منابا
يرقِّق بعضها بعضاً وتبدو = هنا فتنٌ فتصطخب اصطخابا
يثيب الغم أقواماً ويأتي = له غمٌّ فينسى ما أثابا
أيا عبد العزيز رأتك عيني = بهذا العام مخدوشاً مصابا


رأيتك في هزال الجسم تبدو = وظهرك منحنٍ يأبى انتصابا
على الرجلين إن تمشي تُهادى = ضعيفاً حين تجتذب الرقابا
تشحطت الدماء بكل عرقٍ = وإن سوادها يبدو خضابا
فداخلني لذاك الأمر همٌ = وكم قلبي لمنظره استرابا
ولكن بعدها سافرت عَوداً = إلى ذي الأرض أقترب اقترابا
فلم ألبث بِها إلا يسيراً = فوافتني وفاة من استجابا
لأمر الله والمقدور حقاً = فإنَّ لكل ذي أجلٍ كتابا


وإن الموت مكتوب علينا = وكم يأتي ويحدونا طلابا
أتاه الموت حين أتاه صبحا = ليقرع في الدخول عليه بابا
فأنشبت المنية كل ظفر = لتأخذ روح من في الله شابا
ففي يوم الخميس أتت صباحاً = لتأخذ روح من لله تابا
يعاني شدة السكرات حقاً = وحشرجةً وضيقاً واكتئابا
تقٌعـقِعُ روحه فيضيق صدرٌ = وإنَّ لسانه بالذكر طابا


يحف الأقربون به فتجري = دموعهمُ وتنسكب انسكابا
وعند خروج تلك الروح منه = رأيت لهم بكاءً وانتحابا
على من قارب التسعين عاماً = وأفنى العمر صبراً واحتسابا
فقال أحبة ألديك شعرٌ = يرتل ذكر أعلمنا كتابا؟
وقالوا لي بربك هات شعراً = يشيد به ويرفعه جنابا
فقلت نعم فشعري حين يبدو = يكون به لساناً مستطابا


لذا استنفرت أوزاني وشعري = وكل قصيدة كانت شبابا
فألفيت القصيد هنا حزيناً = وليس بأحرفي حرفٌ تصابى
قوافي الشعر واجمةٌ حيارى = ومن حسراتها لبست حجاباً
أيا عبد العزيز فدتك روحي = وأشعاري فقد كنت الشهابا
وأوزاني بها تسعون كسراً = وأعظمها لَنَجمُكَ حين غابا
فما شعراً أسطِّره ولكن = أسطر ذلك الدمع المذابا
وفاتك ثلمةٌ في كل قلبٍ = لفقدك صار ينتحب انتحابا


وفاتك لوحة سوداء تبدو = كليلٍ كاسف سدل الحجابا
أشاهد كل أرض الله ثكلى = وكل عمارةٍ أضحت خرابا
أراني إن ذكرتك هاج حزني= ودمع العين ينسكب انسكابا
بكتك جوانحي وبكاك قلبي = وفقدك صار يكوينا عذابا
بكتك ضمائرٌ وكذا نفوسً = كأنك كنت توليها العتابا
بكتك الطير والأغصان حزناً = كأنك كنت تسقيها الشرابا
بكتك الأرض أوهاداً وسهلاً = كأنت للربا كنت السحابا


بكتك عوالم الدنيا وتبكي = منائرها وتضطرب اضطرابا
وقد أضحى الحجاز حبيس حزنٍ = كذا نجدٌ غدت ترثي المصابا
وكم تبدو الرياض بلا رياضٍ = كذلك مكة صارت يبابا
كذاك الطائف الولهان أضحى = كسيف البال يعظمها مصابا
بكاك الطفلُ في الأعياد حزناً = لأنك كنت تكسوه الثيابا
بكى ذاك اليتيم عليك دمعاً = لأنك كنت تنسيه السغابا
بكاك البذلُ والإحسان صدقاً = لأنك كنت ترفعه ركابا


بكاك الذكرُ للرحمن جهراً = لأنك كنت تُكثِرُه متابا
بكاك العلمُ في الأمصار دهراً = لأنك كنت تنشره ثوابا
بكاك المنهجُ السلفيُّ حقاً = لأنك كنت تسترضيه بابا
بكى العلماءُ والأشياخ طراً = على من كان أفضلهم جنابا
بكى الأدباءُ والشعراء شعراً = على من كان أجملهم خطابا
بكى العبادُ والزهاد نثراً = على من كان مقبولاً مجابا
رسائله إلى الحكام نصرٌ = لأن اللين يقدمها خطابا


بأوزاعيِّنا أضـحى شبيهاً = يقول الحق لا يخشى العقابا
أيا شيخ الجزيرة يا ابن بازٍ = ويا من كنت في الدنيا مُهابا
أتصبح بعد ذا في بطن أرضٍ = تُدَسَّ بِها وتفترش الترابا؟
أتصبح بعد ذا جسماً رميماً = وكنت بأمسنا رجلاً شبابا؟
بموتك تُظهِر الأحزاب عرساً = لأنك كنت تسقيها العذابا
بموتك ترفع الأهواء رأساً = لأنك كنت تخفضها رقابا
فنم نوع العروس حباك ربي = جنان الخلد تسكنها ثوابا


ونم نوع العروس جزاك ربي = ثماراً تلقى يانعة رطابا
فإن فارقتنا فارقت أهلاً = وأوطانا وإخواناً صحابا
فتلك معاهد التعليم أضحت = تُنكِّس رأسها حزناً غضابا
وطلاب العلوم لهم بكاء = لفقدك حين قدمت الذهابا
فقد كنت الفقيه وكنت حبراً = عظيم القدر مرفوعاً جنايا
عَلِمتُك حافظاً ثبتًا إمامًا = وبراً ناصحاً تزكو ثيابا
وللعلماء كنت أباً رحيماً = بِدُرِّ العلم مملوءٌ جرابا


أنادي كل من أضحى كسولاً = بهذا العلم لم يقرأ كتابا
وفي سكراته لا ليس يدري = بأن لهذه الدنيا انقلابا
فذا شيخ الجزيرة قد تولى = كبدر التمِّ حين بدا وغابا
وألبانيُّنا أضـحى مريضاً = طريح الأرض لم يرفع جوابا
وتدعوه المنون بكل حينٍ = فيوشك أن يفارقنا ذهابا
ويعلم كل من بالأرض أنا = فقدنا حينها نجماً شهابا
وهذا الوادعي غدا عليلاً = وبالأسقام يلتهب التهابا
وكم تأتيه أخبار ابن بازٍ = فتحزنه وكم يجد اكتئابا


يداهمه السعال بكل وقتٍ = وفي ساعاته يلقى الصعابا
أنزهد بعد ذا عن كل درسٍ = يقدِّم في العلوم المستطابا؟
أنطمع بد ذا في كل فلسٍ = وللدنيا نجدُّ لها طلابا؟
لهذا كم أنادي اليوم قومي = إلى علم نشق به العبابا
ستعلم أيها الجافي كلامي = وتذرف بالدموع هنا سحابا
إذا أباؤنا غابوا فإنا = نكون بعالم الدنيا سرابا
إلهي فارحم الأموات منهم = وفي الأجداث ثبتهم جوابا


وأسكنهم غداً جنات عدن = لما فعلوا تكون لهم ثوابا
كذلك واحفظ الأحياء منهم = وُرد بهم عن الحق الحرابا
وأختم بالصلاة على رسول = رفيع القدر محمود جنابا​


كتبت في يوم الجمعة الموافق لليوم السادس من شهر صفر لعام 1420هـ
بدار الحديث بدماج – صعدة

بقلم الشاعر

أبي رواحة عبدالله بن عيسى الموري
 
نظم فريد فضلت به يا ايها الليث ابا ليث

انعم الله عليك و يسر امرك الى خير بوركت

جاري القرااااااااءة
 
جزاك الله كل الخير
وجعله في ميزان اعمالك
ونفع بك وكل الود والتقدير لشخصك الكريم
ولا حرمنا الله جديدك
في امان الله
..جاري القراءة ان شاء الله
 
حياكم الله اخي الكريم ابا الليث
حفظكم الله يا اخي الكريم وتقبل الله منا ومنكم
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top