تلقّى تلميذ المعهد الكولونيالي بسكيكدة مسعود بوقادوم (*) الدعوة الوطنية في صائفة 1932 بواسطة بعض أعداد صحيفة ''الأمة'' لسان نجم شمال إفريقيا عاد بها من باريس طالب كلية الطب جمال الدين دردور.
هذه البذرة الأولى ما لبثت أن برعمت بفرنسا ـ الفضاء الرئيسي لنشاط النجم يومئذ ـ التي التحق بها الطالب بوقادوم، ابتداء من الموسم الجامعي 33 ـ 1934 لمتابعة دراسته في مدرسة الكهرباء والميكانيك. لا سيما بعد المظلمة التي ذهب ضحيتها في بداية سنته الثانية عندما رفضت مصالح الخدمة العسكرية الإجبارية طلب التأجيل مرة أخرى بسبب الدراسة فدعته إلى الالتحاق فورا بالثكنة مطلع 1935 على الحدود الألمانية.
صدم الطالب بهذا القرار المفاجئ فأصر على رفضه!
فقد راح يشتكي وينتحل الأعذار لتسريحه، متعللا خاصة بمرض في عينيه. وأمام إصراره لم تجد الإدارة العسكرية من حل سوى تسريحه، لكن بعد حوالي ستة أشهر مما أفسد عليه موسمه الجامعي.
وبعد تسريحه مباشرة التقى بباريس المناضل الكبير بلقاسم راجف، العضو القيادي في النجم، وكان يسعى آنذاك لتجسيد فكرة انفتاح الحركة على الطلبة، لاحظ راجف استعداد الطالب المظلوم فجنّده فورا.
أخذ الطالب المناضل يتكون ويتدرج في مراتب النضال بالاحتكاك مع رواد آخرين أمثال سي الجيلاني وعمار أمعاش، وبعض الطلبة المناضلين من حزبي الدستور الجدد بتونس والاستقلال بالمغرب. وكان إلى جانب ذلك يواظب على متابعة نشاط الأمير شكيب أرسلان الذي يصدر يومئذ مجلة ''الأمة العربية من جنيف''.
وبعد أن استجمع رصيدا من زاد المناضل، بدأ يساهم بدوره في نشاط الحركة بإلقاء محاضرات لتوعية المهاجرين الجزائريين بأمور دينهم وتعريفهم بتاريخ بلادهم. وكان هذا النشاط يجري أساسا في المقاهي، حيث كان ''أنصار الخبزة'' يتعرضون لدعاة الاستقلال بالضرب والبصاق، ناهرين إياهم بقولتهم الشهيرة: ''تحبو تقطعوا علينا الخبز!''.
كان نجم شمال إفريقيا يومئذ قد شرع في هيكلة نفسه بتأسيس أولى قسماته بباريس وضواحيها، فكان للطالب المناضل شرف المشاركة في ذلكم العمل التأسيسي الهام الذي يقول عنه:''لقد استطعنا أن نؤسس في مرحلة أولى 12 قسمة، وبلغ عدد المناضلين بباريس وحدها زهاء 600 مناضل، كان سجل أسمائهم عزيزا علينا جدا، فكنا نتداوله كل ليلة تقريبا حرصا عليه وعلى التنظيم القاعدي الوليد..''.
وحسب الطالب المناضل، فإن اختيار عناصر الحركة كان يتم بطريقة صارمة، بهدف انتقاء نخبة قادرة فعلا على التأثير في مسيرة التاريخ.. ويستدل على استقامة هؤلاء الرواد بتصرفات الشرطة الفرنسية التي كانت تلجأ عقب توزيع المناشير السرية إلى إلقاء القبض على عدد من الشبان الجزائريين عشوائيا فتسألهم: هل تدخنون؟ هل تتناولون الخمور؟ هل تزنون؟ فإذا أجابوا بالنفي قبضت عليهم بتهمة الإنتماء إلى النجم!
بفضل تفاني المناضل بوقادوم في خدمة الحركة الوطنية بفرنسا، ما لبث أن أصبح عنصرا قياديا في النجم الذي سارعت حكومة الجبهة الشعبية نجله في يناير 1937وقد رد الحاج مصالي ورفاقه على هذا القرار التعسفي بتأسيس حزب الشعب الجزائري في 11 مارس الموالي، فاحتفظ بوقادوم فيه بمنصبه كعضو في لجنته المديرة.
* طالع شهادة الفقيد كاملة في كتابنا رواد الوطنية ـ دار هومة 2003 ـ الطبعة الثانية.
هذه البذرة الأولى ما لبثت أن برعمت بفرنسا ـ الفضاء الرئيسي لنشاط النجم يومئذ ـ التي التحق بها الطالب بوقادوم، ابتداء من الموسم الجامعي 33 ـ 1934 لمتابعة دراسته في مدرسة الكهرباء والميكانيك. لا سيما بعد المظلمة التي ذهب ضحيتها في بداية سنته الثانية عندما رفضت مصالح الخدمة العسكرية الإجبارية طلب التأجيل مرة أخرى بسبب الدراسة فدعته إلى الالتحاق فورا بالثكنة مطلع 1935 على الحدود الألمانية.
صدم الطالب بهذا القرار المفاجئ فأصر على رفضه!
فقد راح يشتكي وينتحل الأعذار لتسريحه، متعللا خاصة بمرض في عينيه. وأمام إصراره لم تجد الإدارة العسكرية من حل سوى تسريحه، لكن بعد حوالي ستة أشهر مما أفسد عليه موسمه الجامعي.
وبعد تسريحه مباشرة التقى بباريس المناضل الكبير بلقاسم راجف، العضو القيادي في النجم، وكان يسعى آنذاك لتجسيد فكرة انفتاح الحركة على الطلبة، لاحظ راجف استعداد الطالب المظلوم فجنّده فورا.
أخذ الطالب المناضل يتكون ويتدرج في مراتب النضال بالاحتكاك مع رواد آخرين أمثال سي الجيلاني وعمار أمعاش، وبعض الطلبة المناضلين من حزبي الدستور الجدد بتونس والاستقلال بالمغرب. وكان إلى جانب ذلك يواظب على متابعة نشاط الأمير شكيب أرسلان الذي يصدر يومئذ مجلة ''الأمة العربية من جنيف''.
وبعد أن استجمع رصيدا من زاد المناضل، بدأ يساهم بدوره في نشاط الحركة بإلقاء محاضرات لتوعية المهاجرين الجزائريين بأمور دينهم وتعريفهم بتاريخ بلادهم. وكان هذا النشاط يجري أساسا في المقاهي، حيث كان ''أنصار الخبزة'' يتعرضون لدعاة الاستقلال بالضرب والبصاق، ناهرين إياهم بقولتهم الشهيرة: ''تحبو تقطعوا علينا الخبز!''.
كان نجم شمال إفريقيا يومئذ قد شرع في هيكلة نفسه بتأسيس أولى قسماته بباريس وضواحيها، فكان للطالب المناضل شرف المشاركة في ذلكم العمل التأسيسي الهام الذي يقول عنه:''لقد استطعنا أن نؤسس في مرحلة أولى 12 قسمة، وبلغ عدد المناضلين بباريس وحدها زهاء 600 مناضل، كان سجل أسمائهم عزيزا علينا جدا، فكنا نتداوله كل ليلة تقريبا حرصا عليه وعلى التنظيم القاعدي الوليد..''.
وحسب الطالب المناضل، فإن اختيار عناصر الحركة كان يتم بطريقة صارمة، بهدف انتقاء نخبة قادرة فعلا على التأثير في مسيرة التاريخ.. ويستدل على استقامة هؤلاء الرواد بتصرفات الشرطة الفرنسية التي كانت تلجأ عقب توزيع المناشير السرية إلى إلقاء القبض على عدد من الشبان الجزائريين عشوائيا فتسألهم: هل تدخنون؟ هل تتناولون الخمور؟ هل تزنون؟ فإذا أجابوا بالنفي قبضت عليهم بتهمة الإنتماء إلى النجم!
بفضل تفاني المناضل بوقادوم في خدمة الحركة الوطنية بفرنسا، ما لبث أن أصبح عنصرا قياديا في النجم الذي سارعت حكومة الجبهة الشعبية نجله في يناير 1937وقد رد الحاج مصالي ورفاقه على هذا القرار التعسفي بتأسيس حزب الشعب الجزائري في 11 مارس الموالي، فاحتفظ بوقادوم فيه بمنصبه كعضو في لجنته المديرة.
* طالع شهادة الفقيد كاملة في كتابنا رواد الوطنية ـ دار هومة 2003 ـ الطبعة الثانية.