التفاعل
874
الجوائز
693
- تاريخ التسجيل
- 6 نوفمبر 2010
- المشاركات
- 2,429
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 18 مارس

°°°اليتيم°°°
كان متكئا على الحائط يلمح أمه من بعيد وهي مستلقية على السرير قد لفظت أنفاسها الأخيرة,إنا لله
وانتبه.. فإذا بالبيت كله حزن ودموع وسواد إنما لم يؤمن بأن قلبا قد اكتوى من فراقها بمثل قلبه. أجاب
خالته : "هو في الساحة الخلفية للبيت". اتجهت إليه زاد من ألمها مظهره وهو فرح بلعبه مع بقية الصغار الذين حضروا رفقة أسرهم, لم يكن يفهم ما يحدث ولا يستوعب كونه صغير جدا إنه يعيش حياته بلحظاتها وقد يفطن فيما بعد..عادت الخالة أدراجها لقد تركت أختها التي توفيت اليوم ولدين وبنت كانت ولادتها بابنتها عسيرة توفيت بعدها بأيام .عانى الولدان غياب أمهما عندما أجبرتها حالتها الصحية أن تلازم المشفى قبل موعد الولادة بأيام عديدة,
لكن من حولهم تمكن من اشغالهم عنها بعدة أمور.إنما اليوم لا سبيل لهم لذلك فلا أمل في لقائها بعد هذا في الدنيا إلا أن يتوضح الأمر لديهم مع الأيام.. كان عبد الله واعيا بما يحدث لقد بلغ التاسعة من عمره, كم كان ألمه كبيرا عند مغادرة من حضروا للعزاء, لقد أحس فراغ البيت أكثر بغياب من كانت تحتل المساحة الكبرى منه, من عوضته حنان الأب الذي غادرهم قبل أشهرلمرض أصابه وسقتهم حنان الأم, ففي كل مكان يلمحها ويلمح حتى ما كانت تقوم به, أثرها في كل مكان. وزاد من ألمه أخوه الصغيرأحمد عندما احتاج إليها فراح يفتش في أمكنتها المعتادة وهو يرقبه ثم استسلم للبكاء بعد أن فشل في العثور عليها, بكى واشتد بكاؤه وعلا صراخه إلى أن تعب ونام .. برغم كل الألم كان حنينه يفضل البقاء في البيت على الانتقال الى بيت عمهم بقربهم فهكذا كان إتفاق الأهل واختارت الخالة أن تأخذ الفتاة . عانى ثلاثتهم ويلات الفراق, كانت للولدين زوجة عم قاسية لا تهتم لأمرهما وزيادة على ذلك تتهمهما بأي
شي سيء يحصل داخل البيت وزوجها يصدقها. سئم عبد الله -الذي صار شابا- من هذا الوضع واختار السفرإلى الخارج مع أقارب له بقصد العمل. أما أحمد فلم يجد حلا إلا أن يتجنب التعامل مع زوجة عمه ولو مات جوعا وشقاء.في الجانب الآخر وجدت البنت راحتها لدى خالتها التي كانت تحبها وتهتم بها وبتعليمها كابنتها تماما.كانت تلتقي اخوتها من الوقت الى الآخر حين يأخذونها إلى زيارتهم , وكان أخوها يزورها كلما عاد من سفره. كبرت الفتاة كانت خالتها تنوي مستقبلا باذن الله تزويجها لابنها فلما علم عم الفتاة بأمرها حضر وأخذها من حضن خالتها ادعاء منه بخوفه عليها من أولاد خالتها . بقي مظهر خالتها وهي تتبعها وتبكي عالقا في ذهنها لم تكن قادرة حينئذ على فعل شيء سوى
الخضوع للأمربعدها بدأت معاناتها الحقيقية كانت تجوع فلا يقدم لها الطعام فتضطر لسرقة القليل حتى لا يتفطنوا لأمرها كانت تعيش كخادمة من دون أجر ولا اهتمام كانت عندما تمشي تلم ثوبها الوحيد الممزق حتى لا يُظهر عورتها فكانت تنتظر بشوق عودة أخيها عبد الله ببعض الأمتعة. لم تكن تعرف معنى كلمة الأم كان كل من يقول لها "أمك" تنزعج وكأنه شتمها إلا عندما ازداد وعيها حينها صارت تحس ذلك وتفتقدها وتبكي لفقدانها كلما تذكرتها . مرت الأيام.. أراد ابن عمها الزواج منها لكن عمها وزوجته أغضبهم ذلك ورفضوا له طلبه و خاصة عندما علما
موافقة البنت على ذلك وقررا تزويجها لشخص غني تقدم لخطبتها بعد ذلك لكن ابن عمها أصر واستعان ببعض أهله على ذلك فما كان من والديه إلا أن تراجعا عن موقفهما وتزوجت الفتاة من ابن عمها وعاشت حياة مستقرة برغم محاولة البعض إفسادها ورزقت ذرية طيبة عوضتها قسوة الأيام ورزقهم الله من فضله من كل خير و عاد أخوها من الغربة وقد نجح في سعيه وفي عمله وأشرك أخوه معه ووفقهما الله وكونا عائلتين ملتحمتين يملؤهما الحب والخير والاستقرار . الغريب أن جميع من كان يؤذي الأيتام الثلاثة في صغرهم صار يتودد إليهم الآن.منقول