الخوارج في المغرب
[font=arial, helvetica, sans-serif]الخوارج في المغرب [/font][font=arial, helvetica, sans-serif]
تعاقب على المغرب بعد موسى بن نصير ولاة صالحون، وولاة أساءوا السيرة في البربر فثاروا عليهم. لكن ثورة البربر بدأت عندما تمكن الإسلام من أنفسهم ووجدت من داخل الإسلام ما يسندها ويعطيها مشروعيتها وكان ذلك أحد أسباب انتشار المذهب الخارجي في المغرب والقبول الذي لقيه عند البربر المسلمين مما يعني أن الثورة لم تكن على الإسلام بل على الظلم الاجتماعي وفساد بعض الولاة العرب المسلمين الذين ساروا فيهم سيرة غير إسلامية.
وكان من أول الولاة الذين جاءوابعد موسى بن نصير محمد بن يزيد حيث ولاه سليمان بن عبد الملك أمر المغرب وكان محمد بن يزيد على ما يقول صاحب الاستقصاء عادة حسن السيرة ولم يزل واليا عليه حتى مات سليمان.
واصطبغت ولاية المغرب على عهد عمر بن عبد العزيز بالطابع الإصلاحي الراشد للخلافة العمرية حيث ولى عمر بن عبد العزيز اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، فقدم القيروان سنة مائة وكان خير أمير وخير وال ولم يزل حريصا على دعوة البربر إلى الإسلام حتى تم إسلامهم على يده وبث فيهم من فقهم في دينهم.
وكان ممن ولى أم المغرب أيضا بعد وفاة عمر بن عبد العزيز يزيد بن أبي مسلم دينار مولى الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المشهور فسار في أهل المغرب سيرة الحجاج في أهل العراق فثار عليه البربر وقتلوه وكتبوا إلى الخيفة يزيد: "إنا لم نخلع يدا من طاعة ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا مالا يرضى به الله ورسوله، فقتلناه وأعدنا عاملك فكتب إليهم يزيد:
"إني لم أرض ما صنع ابن أبي مسلم" وأقر محمد بن يزيد على المغرب.
وفي ولاية عبد الملك بن هشام تولى أمر الأندلس عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وفي عهده وقعت معركة بلاط الشهداء أو معركة بواتيي سنة 114 هـ حيث تجاوز المسلمون جبال "البيريني" ودخلوا فرنسا وامتلكوا عدة مدن مهمة مثل ليون وديجون وبلفور وقد تحالفت ملوك الافرنج آنذاك لصد العرب وكانت هذه المعركة آخر عهد المسلمين بفرنسا.
وكان ممن ولى أمر الأندلس بعد ذلك عبد الله بن قطن الفهري فكان محمود السيرة، وهو الذي تمم بناء جامع الزيتونة بالقيروان واتخذها دار صناعة لإنشاء المراكب البحرية ووصل في فتوحاته إلى تخوم بلاد السودان وحاصر سرقوسة أعظم مدن صقلية وضرب على أهلها الجزية واثخن في سائر الجزيرة.
أما عمر بن عبيد الله الذي كان بطنجة فاساء السيرة في برابرة المغرب الأقصى وأراد أن يخمس من أسلم منهم وزعم أنه الفيء، فنفر البربر من العرب عامة وقامت بينهم عدة ثورات وكان ذلك من أسباب اعتناق البربر على ما يذكره الناصري لانتشار المذهب الخارجي في المغرب وسعيهم لإقامة خلافة بربرية كما حدث عندما ثار البربر في ولاية عبيد الله بن الحبحاب لما أصابهم من عماله من جور وعسف وبايعوا مسيرة المضغري المعروف بالخضير بالخلافة وخاطبوه بأمي المؤمنين، إذ الخوارج لا يشرطون في الإمام الأعظم القريشي وعلى العموم اضطرم المغرب نارا أو ثروة وفشا في جميع قبائله المذهب الخارجي وانتفض على حلفاء المشرق فلم يراجع طاعتهم بعد.
------------------------------------------
أسباب ظهور الخوارج ... وآراؤهم :
الخوارج : فرقة من الفرق الإسلامية التي ظهرت مبكرا في عهد الصحابة رضي عنهم، وكانت لها آراء أحدثت شرخا سياسيا في بناء الأمة.
وكان أول ظهور لها تحديدا في معركة صفين التي جرت أحداثها بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وذلك حين رفع أهل الشام "جيش معاوية" المصاحف داعين أهل العراق "جيش علي" إلى الاحتكام إليها، فاغتر الخوارج بتلك الدعوة، في حين رآها علي رضي الله عنه حيلة من أهل الشام لدفع هزيمة بدت علاماتها، فتوجه إليهم - رضي الله عنه - بأن يواصلوا القتال، إلا أنهم أبوا إلا قبول تلك الدعوة، وحَمْل علي على قبولها، وتهددوه قائلين :" أجب إلى كتاب الله عز وجل إذ دعيت إليه، وإلا دفعناك برمتك إلى القوم .. !" فنهاهم - رضي الله عنه - فأبوا، فقبل رضي الله عنه بالتحكيم استجابة لهم وصيانة لجماعة المسلمين من التفرق والتشرذم .
ثم انتدب رضي الله عنه ابن عباس للمفاوضة عنه، فرغب الخوارج عنه وقال هو منك وسيحابيك، ولكن أرسل أبا موسى فإنه قد اعتزل القتال ونصح لنا، فوافق علي رضي الله عنه على كره منه.
وعندما اجتمع الحكمان - أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص - اتفقا على تأجيل التحكيم إلى رمضان، فرجع علي بمن معه من صفين إلى الكوفة، إلا أن الخوارج انقلبوا على موقفهم، وأعلنوا البراءة من التحكيم، ورأوا فيه ضلالا وكفرا، وهم الذين تهددوا عليا رضي الله عنه بقبوله والرضا به، ففارقوا الجماعة رأيا وفارقوها جسدا، إذ انحاز اثنا عشر ألفا منهم إلى حروراء، فأرسل إليهم عليٌ رضي الله عنه عبدَالله بن عباس رضي الله عنهما، وقال له : لا تعجل إلى جوابهم وخصومتهم حتى آتيك، فاستعجلوا محاورته فحاورهم رضي الله عنه، فلجوا في خصامه . فلما جاء علي أجابهم على ما نقموا عليه من أمر الحكمين، وكان مما اعترضوا عليه قولهم: خَبِّرْنا : أتَراهُ عَدْلاً تَحكيمَ الرجالِ في الدماء ؟ فقال لهم علي رضي الله عنه: إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن ، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال . قالوا : فخَبِّرْنا عن الأجل لم جعلته بينكم ؟ قال : ليعلم الجاهل ويتثبت العالم ، ولعل الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة، ادخلوا مصركم رحمكم الله . فدخلوا من عند آخرهم.
ولما دخلوا الكوفة أظهروا المعارضة مرة أخرى لقضية التحكيم، وعندما اعتزم علي أن يبعث أبا موسى للحكومة، أتاه زرعة بن البرح الطائي وحرقوص بن زهير السعدي من الخوارج وقالا له: تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم، وقال علي: قد كتبنا بيننا وبينهم كتابا وعاهدناهم، فقال حرقوص: ذلك ذنب تنبغي التوبة منه، فقال علي: ليس بذنب ولكنه عجز من الرأي، فقال زرعة: لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك أطلب وجه الله، فقال علي: بؤسا لك كأني بك قتيلا تسفى عليك الرياح، قال: وددت لو كان ذلك . وخرجا من عنده يناديان لا حكم إلا الله ، وخطب علي يوما فتنادوا من جوانب المسجد بهذه الكلمة ، فقال علي : الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل، وخطب ثانيا فقالوا كذلك ، فقال: أما إن لكم عندنا ثلاثا ما صحبتمونا، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا الفيء ما دمتم معنا، ولا نقاتلكم حتى تبدؤنا، وننتظر فيكم أمر الله.
وقعة النهروان
انحاز الخوارج - بعد معارضتهم لعلي - وخرجوا على جماعة المسلمين، وقتلوا عبدالله بن خباب بن الأرت، وبقروا بطن جاريته، فطالبهم علي رضي الله عنه بقتلته فأبوا عليه وقالوا كلنا قَتَلَهُ، وكلنا مستحلٌّ دمائكم ودمائهم، فوعظهم وأنَّبهم ونصح لهم، فأبوا إلا المناجزة والقتال، فقاتلهم رضي الله عنه بمن معه حتى أفناهم فلم يبق منهم إلا سبعة أو ثمانية - كما يذكر المؤرخون - تفرقوا في البلاد، ومنهم نبتت بذرة الخوارج مرة أخرى، وكونوا جماعات ظلت مصدر قلق للدولة الإسلامية .
عقائد وأفكار الخوارج :
لم يكن للخوارج عند بدء ظهورهم منظومة أفكار تشكل مذهبهم الذي فارقوا به أهل السنة، فقد كانت مفارقتهم للمسلمين متعلقة باعتراضهم على مسألة التحكيم، إلا أن مذهب الخوارج اتسع في بِدَعِه ومخالفاته، نظرا لما استتبع اعتراضهم الأول من التزامات، ولما استجد عليهم من محدثات، فمن آرائهم:
من صفات الخوارج في الحديث النبوي
لم يرد في فرقة من الفرق الإسلامية من البيان النبوي ما ورد في الخوارج، فقد تواترت الأحاديث في التحذير منهم وبيان صفاتهم، ومن صفاتهم التي ورد بها الحديث:
ومن أوصافهم التحليق، كما ثبت في صحيح "البخاري" مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفهم
سيماهم التحليق ) والمراد به : حلق رؤسهم على صفة خاصة، أو حلقها بالكلية، حيث لم يكن ذلك من عادة المسلمين ولا من هديهم في غير النسك .
وخاتمة الأوصاف النبوية للخوارج أنهم ( شر الخلق والخلقية ) كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، وأن قتلاهم ( شر قتلى تحت أديم السماء ) كما عند الطبراني مرفوعا، وأنهم ( كلاب النار ) كما في مسند أحمد ، وأنهم
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) كما ثبت ذلك في الصحيحين.
كيفية التعامل مع الخوارج :
لقد وضع أمير المؤمنين رضي الله عنه منهجا قويما في التعامل مع هذه الطائفة ، تمثل هذا المنهج في قوله رضي الله عنه للخوارج: " .. إلا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا : لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا "رواه البيهقي وابن أبي شيبة .
وهذه المعاملة في حال التزموا جماعة المسلمين ولم تمتد أيديهم إليها بالبغي والعدوان، أما إذا امتدت أيديهم إلى حرمات المسلمين فيجب دفعهم وكف أذاهم عن المسلمين، وهذا ما فعله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين قتل الخوارج عبدالله بن خباب بن الأرت وبقروا بطن جاريته، فطالبهم رضي الله عنه بقتلته فأبوا، وقالوا كلنا قتله وكلنا مستحل دمائكم ودمائهم، فسل عليهم رضي الله عنه سيف الحق حتى أبادهم في وقعة النهروان.
ومن منهجه رضي الله عنه في التعامل مع الخوارج حال بقائهم في جماعة المسلمين محاورتهم لإزالة اللبس عنهم، فقد أرسل إليهم عبدالله بن عباس فحاورهم، وحاورهم هو بنفسه فرجع منهم جم غفير .
.
1. الخروج على الحكام إذا خالفوا منهجهم وفهمهم للدين. 2. تكفير أصحاب الكبائر. 3. التبروء من الخليفتين الراشدين عثمان وعلي رضي الله عنهما. 4. تجويز الإمامة العظمى في غير القرشي، فكل من ينصبونه ويقيم العدل فهو الإمام، سواء أكان عبدا أم حرا، عجميا أم عربيا. وذهبت طائفة منهم وهم النجدات إلى عدم حاجة الناس إلى إمام، وإنما على الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن لابد من إمام جاز لهم أن يقيموا لهم إماماً. 5. إسقاط حد الرجم عن الزاني، وإسقاط حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال دون من قذف المحصنات من النساء . 6. إنكار بعضهم سورة يوسف، وهو من أقبح أقوالهم وأشنعها، وهذا القول ينسب إلى العجاردة منهم، حيث قالوا لا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن !! 7. القول بوجوب قضاء الصلاة على الحائض، فخالفوا النص والإجماع . 1- قلة فهم القرآن ووعيه ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله أنه قال في وصفهم : ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة ) متفق عليه . 2- زهد وعبادة وخبث اعتقاد : كما سبق في حديث أبي سعيد الخدري . 3- سلم على أهل الكفر حرب على أهل الإسلام : فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله أنه قال في وصفهم ( يقتلون أهل الإسلام ويَدَعُون أهل الأوثان ) . 4- صغار الأسنان سفهاء الأحلام: فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصف الخوارج
حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام ) متفق عليه. [/font]
[font=arial, helvetica, sans-serif]الخوارج في المغرب [/font][font=arial, helvetica, sans-serif]
تعاقب على المغرب بعد موسى بن نصير ولاة صالحون، وولاة أساءوا السيرة في البربر فثاروا عليهم. لكن ثورة البربر بدأت عندما تمكن الإسلام من أنفسهم ووجدت من داخل الإسلام ما يسندها ويعطيها مشروعيتها وكان ذلك أحد أسباب انتشار المذهب الخارجي في المغرب والقبول الذي لقيه عند البربر المسلمين مما يعني أن الثورة لم تكن على الإسلام بل على الظلم الاجتماعي وفساد بعض الولاة العرب المسلمين الذين ساروا فيهم سيرة غير إسلامية.
وكان من أول الولاة الذين جاءوابعد موسى بن نصير محمد بن يزيد حيث ولاه سليمان بن عبد الملك أمر المغرب وكان محمد بن يزيد على ما يقول صاحب الاستقصاء عادة حسن السيرة ولم يزل واليا عليه حتى مات سليمان.
واصطبغت ولاية المغرب على عهد عمر بن عبد العزيز بالطابع الإصلاحي الراشد للخلافة العمرية حيث ولى عمر بن عبد العزيز اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، فقدم القيروان سنة مائة وكان خير أمير وخير وال ولم يزل حريصا على دعوة البربر إلى الإسلام حتى تم إسلامهم على يده وبث فيهم من فقهم في دينهم.
وكان ممن ولى أم المغرب أيضا بعد وفاة عمر بن عبد العزيز يزيد بن أبي مسلم دينار مولى الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المشهور فسار في أهل المغرب سيرة الحجاج في أهل العراق فثار عليه البربر وقتلوه وكتبوا إلى الخيفة يزيد: "إنا لم نخلع يدا من طاعة ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا مالا يرضى به الله ورسوله، فقتلناه وأعدنا عاملك فكتب إليهم يزيد:
"إني لم أرض ما صنع ابن أبي مسلم" وأقر محمد بن يزيد على المغرب.
وفي ولاية عبد الملك بن هشام تولى أمر الأندلس عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وفي عهده وقعت معركة بلاط الشهداء أو معركة بواتيي سنة 114 هـ حيث تجاوز المسلمون جبال "البيريني" ودخلوا فرنسا وامتلكوا عدة مدن مهمة مثل ليون وديجون وبلفور وقد تحالفت ملوك الافرنج آنذاك لصد العرب وكانت هذه المعركة آخر عهد المسلمين بفرنسا.
وكان ممن ولى أمر الأندلس بعد ذلك عبد الله بن قطن الفهري فكان محمود السيرة، وهو الذي تمم بناء جامع الزيتونة بالقيروان واتخذها دار صناعة لإنشاء المراكب البحرية ووصل في فتوحاته إلى تخوم بلاد السودان وحاصر سرقوسة أعظم مدن صقلية وضرب على أهلها الجزية واثخن في سائر الجزيرة.
أما عمر بن عبيد الله الذي كان بطنجة فاساء السيرة في برابرة المغرب الأقصى وأراد أن يخمس من أسلم منهم وزعم أنه الفيء، فنفر البربر من العرب عامة وقامت بينهم عدة ثورات وكان ذلك من أسباب اعتناق البربر على ما يذكره الناصري لانتشار المذهب الخارجي في المغرب وسعيهم لإقامة خلافة بربرية كما حدث عندما ثار البربر في ولاية عبيد الله بن الحبحاب لما أصابهم من عماله من جور وعسف وبايعوا مسيرة المضغري المعروف بالخضير بالخلافة وخاطبوه بأمي المؤمنين، إذ الخوارج لا يشرطون في الإمام الأعظم القريشي وعلى العموم اضطرم المغرب نارا أو ثروة وفشا في جميع قبائله المذهب الخارجي وانتفض على حلفاء المشرق فلم يراجع طاعتهم بعد.
------------------------------------------
أسباب ظهور الخوارج ... وآراؤهم :
الخوارج : فرقة من الفرق الإسلامية التي ظهرت مبكرا في عهد الصحابة رضي عنهم، وكانت لها آراء أحدثت شرخا سياسيا في بناء الأمة.
وكان أول ظهور لها تحديدا في معركة صفين التي جرت أحداثها بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وذلك حين رفع أهل الشام "جيش معاوية" المصاحف داعين أهل العراق "جيش علي" إلى الاحتكام إليها، فاغتر الخوارج بتلك الدعوة، في حين رآها علي رضي الله عنه حيلة من أهل الشام لدفع هزيمة بدت علاماتها، فتوجه إليهم - رضي الله عنه - بأن يواصلوا القتال، إلا أنهم أبوا إلا قبول تلك الدعوة، وحَمْل علي على قبولها، وتهددوه قائلين :" أجب إلى كتاب الله عز وجل إذ دعيت إليه، وإلا دفعناك برمتك إلى القوم .. !" فنهاهم - رضي الله عنه - فأبوا، فقبل رضي الله عنه بالتحكيم استجابة لهم وصيانة لجماعة المسلمين من التفرق والتشرذم .
ثم انتدب رضي الله عنه ابن عباس للمفاوضة عنه، فرغب الخوارج عنه وقال هو منك وسيحابيك، ولكن أرسل أبا موسى فإنه قد اعتزل القتال ونصح لنا، فوافق علي رضي الله عنه على كره منه.
وعندما اجتمع الحكمان - أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص - اتفقا على تأجيل التحكيم إلى رمضان، فرجع علي بمن معه من صفين إلى الكوفة، إلا أن الخوارج انقلبوا على موقفهم، وأعلنوا البراءة من التحكيم، ورأوا فيه ضلالا وكفرا، وهم الذين تهددوا عليا رضي الله عنه بقبوله والرضا به، ففارقوا الجماعة رأيا وفارقوها جسدا، إذ انحاز اثنا عشر ألفا منهم إلى حروراء، فأرسل إليهم عليٌ رضي الله عنه عبدَالله بن عباس رضي الله عنهما، وقال له : لا تعجل إلى جوابهم وخصومتهم حتى آتيك، فاستعجلوا محاورته فحاورهم رضي الله عنه، فلجوا في خصامه . فلما جاء علي أجابهم على ما نقموا عليه من أمر الحكمين، وكان مما اعترضوا عليه قولهم: خَبِّرْنا : أتَراهُ عَدْلاً تَحكيمَ الرجالِ في الدماء ؟ فقال لهم علي رضي الله عنه: إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن ، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال . قالوا : فخَبِّرْنا عن الأجل لم جعلته بينكم ؟ قال : ليعلم الجاهل ويتثبت العالم ، ولعل الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة، ادخلوا مصركم رحمكم الله . فدخلوا من عند آخرهم.
ولما دخلوا الكوفة أظهروا المعارضة مرة أخرى لقضية التحكيم، وعندما اعتزم علي أن يبعث أبا موسى للحكومة، أتاه زرعة بن البرح الطائي وحرقوص بن زهير السعدي من الخوارج وقالا له: تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم، وقال علي: قد كتبنا بيننا وبينهم كتابا وعاهدناهم، فقال حرقوص: ذلك ذنب تنبغي التوبة منه، فقال علي: ليس بذنب ولكنه عجز من الرأي، فقال زرعة: لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك أطلب وجه الله، فقال علي: بؤسا لك كأني بك قتيلا تسفى عليك الرياح، قال: وددت لو كان ذلك . وخرجا من عنده يناديان لا حكم إلا الله ، وخطب علي يوما فتنادوا من جوانب المسجد بهذه الكلمة ، فقال علي : الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل، وخطب ثانيا فقالوا كذلك ، فقال: أما إن لكم عندنا ثلاثا ما صحبتمونا، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا الفيء ما دمتم معنا، ولا نقاتلكم حتى تبدؤنا، وننتظر فيكم أمر الله.
وقعة النهروان
انحاز الخوارج - بعد معارضتهم لعلي - وخرجوا على جماعة المسلمين، وقتلوا عبدالله بن خباب بن الأرت، وبقروا بطن جاريته، فطالبهم علي رضي الله عنه بقتلته فأبوا عليه وقالوا كلنا قَتَلَهُ، وكلنا مستحلٌّ دمائكم ودمائهم، فوعظهم وأنَّبهم ونصح لهم، فأبوا إلا المناجزة والقتال، فقاتلهم رضي الله عنه بمن معه حتى أفناهم فلم يبق منهم إلا سبعة أو ثمانية - كما يذكر المؤرخون - تفرقوا في البلاد، ومنهم نبتت بذرة الخوارج مرة أخرى، وكونوا جماعات ظلت مصدر قلق للدولة الإسلامية .
عقائد وأفكار الخوارج :
لم يكن للخوارج عند بدء ظهورهم منظومة أفكار تشكل مذهبهم الذي فارقوا به أهل السنة، فقد كانت مفارقتهم للمسلمين متعلقة باعتراضهم على مسألة التحكيم، إلا أن مذهب الخوارج اتسع في بِدَعِه ومخالفاته، نظرا لما استتبع اعتراضهم الأول من التزامات، ولما استجد عليهم من محدثات، فمن آرائهم:
من صفات الخوارج في الحديث النبوي
لم يرد في فرقة من الفرق الإسلامية من البيان النبوي ما ورد في الخوارج، فقد تواترت الأحاديث في التحذير منهم وبيان صفاتهم، ومن صفاتهم التي ورد بها الحديث:
ومن أوصافهم التحليق، كما ثبت في صحيح "البخاري" مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفهم
وخاتمة الأوصاف النبوية للخوارج أنهم ( شر الخلق والخلقية ) كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، وأن قتلاهم ( شر قتلى تحت أديم السماء ) كما عند الطبراني مرفوعا، وأنهم ( كلاب النار ) كما في مسند أحمد ، وأنهم
كيفية التعامل مع الخوارج :
لقد وضع أمير المؤمنين رضي الله عنه منهجا قويما في التعامل مع هذه الطائفة ، تمثل هذا المنهج في قوله رضي الله عنه للخوارج: " .. إلا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا : لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا "رواه البيهقي وابن أبي شيبة .
وهذه المعاملة في حال التزموا جماعة المسلمين ولم تمتد أيديهم إليها بالبغي والعدوان، أما إذا امتدت أيديهم إلى حرمات المسلمين فيجب دفعهم وكف أذاهم عن المسلمين، وهذا ما فعله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين قتل الخوارج عبدالله بن خباب بن الأرت وبقروا بطن جاريته، فطالبهم رضي الله عنه بقتلته فأبوا، وقالوا كلنا قتله وكلنا مستحل دمائكم ودمائهم، فسل عليهم رضي الله عنه سيف الحق حتى أبادهم في وقعة النهروان.
ومن منهجه رضي الله عنه في التعامل مع الخوارج حال بقائهم في جماعة المسلمين محاورتهم لإزالة اللبس عنهم، فقد أرسل إليهم عبدالله بن عباس فحاورهم، وحاورهم هو بنفسه فرجع منهم جم غفير .
.
1. الخروج على الحكام إذا خالفوا منهجهم وفهمهم للدين. 2. تكفير أصحاب الكبائر. 3. التبروء من الخليفتين الراشدين عثمان وعلي رضي الله عنهما. 4. تجويز الإمامة العظمى في غير القرشي، فكل من ينصبونه ويقيم العدل فهو الإمام، سواء أكان عبدا أم حرا، عجميا أم عربيا. وذهبت طائفة منهم وهم النجدات إلى عدم حاجة الناس إلى إمام، وإنما على الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن لابد من إمام جاز لهم أن يقيموا لهم إماماً. 5. إسقاط حد الرجم عن الزاني، وإسقاط حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال دون من قذف المحصنات من النساء . 6. إنكار بعضهم سورة يوسف، وهو من أقبح أقوالهم وأشنعها، وهذا القول ينسب إلى العجاردة منهم، حيث قالوا لا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن !! 7. القول بوجوب قضاء الصلاة على الحائض، فخالفوا النص والإجماع . 1- قلة فهم القرآن ووعيه ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله أنه قال في وصفهم : ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة ) متفق عليه . 2- زهد وعبادة وخبث اعتقاد : كما سبق في حديث أبي سعيد الخدري . 3- سلم على أهل الكفر حرب على أهل الإسلام : فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله أنه قال في وصفهم ( يقتلون أهل الإسلام ويَدَعُون أهل الأوثان ) . 4- صغار الأسنان سفهاء الأحلام: فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصف الخوارج