بقلم مفتاح سحنون
الإعلام الجزائري حسم أمره تقريبا فيما يخص الثورات العربية ، فقد جعلها مؤامرات أجنبية بتخطيط صهيوني ، والربيع العربي استحال خريفا ، والمنظر الرئيسي لهذه الثورات هو برنار ليفي بمساعدة الشيخ حمد وساركوزي وبتحريض من الجزيرة ، كل ذلك قيل لأن فحيح الثورة صار يُسمع على مرمى حجر من الأراضي الجزائرية ، وهذا على خلاف كلامهم السابق غداة سقوط مبارك وبن علي ...
من حق الإعلام الجزائري أن يرفض ثورة مزعومة انطلاقا من معطيات يملكها حول واقع بلده ، ولكن ليس من حقه مصادرة رغبة الآخرين في التغيير ...ليس من حقه أن يسفه رأي فئات عريضة من الشعوب العربية احتضنت الثورة وآمنت بها ودفعت لأجلها الغالي والنفيس... هذا التتفيه والتسفيه وصل إلى درجة تصوير الشعوب على أنها قطعان من الماشية سهلة الانقياد ولها قابلية عجيبة للاستغباء ، أما الإعلام الجزائري بمنظريه الكبار وحدهم من اكتشفوا بعبقريتهم الفذة أن ما حدث ويحدث مؤامرة ، واكتشف فجأة أن البوعزيزي وخالد سعيد وفتحي تربل وحمزة الخطيب كلهم عملاء للموساد الإسرائيلي... !
بوتفليقة ينفذ أوامر برنار ليفي..؟!
حكماء السياسة وأذكياء الصحافة عندنا سمّوا الربيع العربي مؤامرة كبرى وتخطيط صهيوني أمريكي لتدمير العرب ...العرب المدمرون أصلا من غير أن يخطط لهم من هو على شاكلة برنار ليفي وساركوزي والشيخ حمد والإخوان المسلمون كأنهم كانوا يعيشون في نعيم قبل أن يكيد لهم الكائدون ...
علينا تصديق هذا "التحليل الغبي " بل يجب أن نقتنع ونسلم به وإلا كنا متآمرين وعملاء ومنفذي أجندات أجنبية خاصة .. !
الغريب أن نفس الصحف التي هللت لإصلاحات رئيس الجمهورية هي نفسها التي تلعن الربيع العربي وتتهجم على من خطط له ، و الحال أن إصلاحات رئيس الجمهورية كانت تفاعلا مع الربيع العربي واقتناعا منه بان التغيير السلمي الهادئ بأقل التكاليف هو الأضمن ( هذا هو كلامهم بعد إعلان الرئيس عن الإصلاحات)
والسؤال الذي يطرح على هذا الرهط من الصحفيين والسياسيين : ألم يلغي فخامته قانون الطوارئ بسبب الربيع العربي وتحديدا بعد سقوط بن علي ومبارك ؟؟؟ ألم يُنشئ لجنة للمشاورات استطلعت رأي الطبقة السياسية حول إصلاحات سياسية على خلفية الربيع العربي ؟؟؟ أليس فتح المجال السمعي البصري يندرج في سياق الإصلاحات التي أتت تحت ضغط الثورات ..؟؟؟هل من المنطقي أن يقتنع رئيس الجمهورية بضرورة الإصلاح ومباشرته بالفعل – وبالرغم من النقائص التي تعتري آلياته – في الوقت الذي يصر فيه الصحفيون والسياسيون على أن الأمور على أحسن ما يرام وان الشعب قام بثورته سنة 1988 ..؟؟ !
أليست عملية الإصلاح السياسي التي ظهرت في توقيت الثورات اعتراف ضمني من فخامته بوجود فساد يجب أن يعالج بإصلاح ؟؟؟
إن هذا الرهط من الصحفيين يسيء إلى رئيس الجمهورية عندما يقولون إن برنار ليفي هو من يقف وراء الثورات العربية فمعنى ذلك أن الرئيس بوتفليقة ينفذ توصيات برنار ليفي ويتأثر بمخططاته بطريق غير مباشر ... !
الشعوب ليست غبية يا أذكياء الصحافة
حهابذة الإعلام عندنا اكتشفوا هذا المخطط الصهيوني الكبير المسمى الربيع العربي ...هم افترضوا إصابة الشعوب العربية باعراض الغباء المستديم والسذاجة المفرطة حتى يصدقوا هذا الهراء ...والسؤال الذي يطرح : إذا كانت المخططات والحيل والدسائس بهذه الفعالية والمردودية .. لماذا لم يخططوا لإسرائيل ؟؟ لا نذهب بعيدا : لماذا لم يخططوا لقطر وأميرها ليرتاحوا منه ومن جزيرته وموزته ودسائسه ؟؟؟ ...وإذا كانت المؤامرة تدار من خلال إخطبوط إعلامي كالجزيرة وأخواتها ويتم على إثره صناعة ثورة وهمية مفبركة على حد زعمهم وله قدرة عجيبة على إسقاط الأنظمة ، لماذا لا تكون لهم فضائيات على شاكلة العربية والجزيرة ليقوموا بتسويق وجهة نظرهم .. ؟؟ ولما لا يتم العمل على إسقاط أنظمة تمثل" محور الشر الجديد " وعلى رأسها قطر إذا كان الأمر يتم بهذه السهولة والسطحية ومن خلال قنوات إعلامية ؟؟...ألم يُهزم مبارك الذي كان يملك قمرا كاملا بحجم " النايل السات " و بمئات القنوات وجحافل من الإعلاميين المأجورين أمام بضع قنوات محرومة من مصدر الخبر بل ومن المعلومة ومن التغطية ....لماذا نجحت الثورات في إسقاط و تعرية الحكام ..وفشل الحكام في توقيف قطار الثورة ؟؟أليس لأن "الحق أبلج والباطل لجلج" ......؟؟؟
انجازات الثورات وحصاد الاستبداد
الذي يسمع محللي آخر زمن و"منظري الكارطون" يصاب بالدوار عندما يتكلمون عن حال الشعوب العربية بعد الثورات وقبلها ...الشعوب العربية قبل ما يسمى بالربيع العربي كانت في أحسن حال من جميع الجوانب على حد زعمهم ، ولكن الواقع يقول أن أسوء وضع يمكن اختياره للشعوب العربية المسحوقة والمطحونة هو حالهم في ظل أنظمة حكم جملكية شمولية بدائية لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيل ، والحكام العرب أسوء ما يمكن اختياره لهاته الشعوب ...فلن يجد الليبيون أسوء من القذافي ولا المصريون أسوء من مبارك ولا السوريون أسوء من الأسد ، ولن يجد اليمينيون أسوء من علي صالح ولا التونسيون اسوء من بن علي ..
مبارك الذي قهر شعبه وأفقره وأسكنه المقابر وأدخله العنابر..الذي خرب الاقتصاد المصري ودمره وباع الغاز لإسرائيل بأبخس الأثمان وجعل من مصر رأس حربة الذل والتطبيع والخيانة بعد أن كانت رائدة الأمة العربية ورأس حربة المقاومة والصمود ...مبارك الذي حاصر غزة و جوّع أطفالها وقتل شبابها و ووصلت به الخيانة أن حققت مليشياته الأمنية مع الجرحى من المقاومين الذين دخلوا مصر للعلاج في العدوان على غزة سنة 2008 !
مبارك الذي كان يسعى الى توريث مصر الى ابنه جمال كما يورث المتاع ( توريث مصر وليس حكم مصر) واشرك زوجته سوزان في تسيير بلد بحجم أم الدنيا ...كل ذلك يصوره لنا "مكتشفوا المؤامرة " على أساس انه نعيم أما الثورة التي قامت على هذا الطغيان والتجبر جحيم ... !؟
بن علي الذي كان يعدّ على شعبه شهقاتهم وزفراتهم ويراقب حضور صلواتهم ويحسب عدد شعرات لحاهم ...بن علي الذي جعل شعبه يسكن سجنا كبيرا لا احد يتكلم ولا احد يتنفس ولا احد يتحرك إلا أصهاره الطرابلسية ...بن علي الذي بلغت درجة الهلع والخوف والفزع منه أن تحاشت الصحف أن تضع كامل الدعاء الذي يقال عادة للحاج بعد عودته من الحج وبترت منه : " ذنب مغفور" واكتفت ب:" حج مبرور و سعي مشكوريا فخامة الرئيس " وهذا خشية بطشه وتوجسا من زبانيته ..فعندما يقوم الشعب التونسي ضد هذا الديكتاتور المتأله والذي ادعى العصمة وان ليس له ذنب ليُغفر(استغفر الله)... نقول أنها مؤامرة ، ورفس بن علي للشعب التونسي واحتقاره هو الجنة و النعيم .. ؟!
القذافي الذي جعل ليبيا مملكة خاصة يوزع فيها ثروات الشعب الليبي على عاهرات أوروبا و على الأفارقة من اجل لقب زعيم ملك ملوك إفريقيا ...القذافي الذي أنكر السنة وحرف القران واستهزأ بالأنبياء واستغبى شعبه بالكتاب الأخضر طيلة اثنين وأربعين سنة واستحمرهم بتنظيم سخيف اسمه المؤتمرات الشعبية وقتل الف ومئتيي مسجون في سجن بوسليم دفعة واحدة وقسم ليبيا كما تقسم الثروة والتركة على أبنائه فأعطى الأكبر محمد الاتصالات وأعطى سيف الإسلام البترول وإدارة الشأن السياسي ، وأعطى خميس والساعدي مسؤولية الجيش وصفقات السلاح وهكذا دواليك الى آخر الأبناء .....فعندما يصرخ الشعب الليبي من الألم ويتأوه من الضيم ويزأر ضد الفساد نجعل كل ذلك في سياق الفوضى والانخراط في الأجندات الأجنبية ، أما ما كان يقوم به القذافي وأبناءه هو قدر ليبيا إلى الأبد ولا يجب تغييره .. !
وما يقال عن ليبيا يقال عن اليمن وعن سوريا وعن باقي الدول العربية التي تعاني بطش أنظمة شمولية أحادية .
أيُ منطق هذا الذي يصور ثورة الشعوب على أنظمة قمعية الديمقراطية السائدة فيها هي ديمقراطية عزرائيل... ويجعل من الثورة على هذا الواقع من قبيل المؤامرة..؟؟
أي منطق هذا الذي يصور الثورة على حكام يسيّرون البلد من المستشفيات واغلب وقتهم يرتدون "البيجامات " وهناك من يضع "الحفاظات" .. ويجعل الانخراط في هذه الثورة فوضى وتهور..؟؟
أي منطق هذا الذي يصور الثورة على حكام برعوا في حفظ أمن إسرائيل وتفننوا في الانبطاح والعمالة وسلموا مقدرات البلد على طبق من ذهب للأعداء ويجعل من الثورة على هذا الوضع تنفيذ لمخططات أجنبية ..؟؟
أي منطق هذا الذي يمنع المتألم من الصراخ والمظلوم من الشكوى ، والمسحوق من الانتفاضة ،ويمنع المسروق من السعي إلى استرداد ما سرق منه ، والمهدور كرامته لا سترجاع كرامته ، والمسجون من استرداد حريته ..؟؟
إن هذه الدعوات وهذه التّرهات التي ظهرت مؤخرا والتي تصور الثورات على أنها مؤامرات صهيونية وتندرج في سياق "صناعة شرق أوسط جديد "..كلها دعوات ضد المنطق وضد مجرى الأحداث ..دعوات تريد أن تبقى عجلة التاريخ عند عتبة الاستبداد ولا تتقدم ، ولكن إعصار الثورات سيحيلها إلى مزبلة التاريخ كما أحال هرطقات " وجبات الكنتاكي "و "حبوب الهلوسة" "فزاعة الإخوان والسلفيين" إلى أرشيف :" نكت وطرائف الثورات"
إذا كانت الثورة ضد الفساد والشمولية والأحادية ، وضد الانبطاح والعمالة تأمرا فما عساني إلا أن أدعو الله عز وجل: "اللهم أحييني
متآمرا وأمتني متآمرا واكتبني متآمرا واحشرني مع المـتآمرين ... " اللهم أمين
منقول للفائدة
الإعلام الجزائري حسم أمره تقريبا فيما يخص الثورات العربية ، فقد جعلها مؤامرات أجنبية بتخطيط صهيوني ، والربيع العربي استحال خريفا ، والمنظر الرئيسي لهذه الثورات هو برنار ليفي بمساعدة الشيخ حمد وساركوزي وبتحريض من الجزيرة ، كل ذلك قيل لأن فحيح الثورة صار يُسمع على مرمى حجر من الأراضي الجزائرية ، وهذا على خلاف كلامهم السابق غداة سقوط مبارك وبن علي ...
من حق الإعلام الجزائري أن يرفض ثورة مزعومة انطلاقا من معطيات يملكها حول واقع بلده ، ولكن ليس من حقه مصادرة رغبة الآخرين في التغيير ...ليس من حقه أن يسفه رأي فئات عريضة من الشعوب العربية احتضنت الثورة وآمنت بها ودفعت لأجلها الغالي والنفيس... هذا التتفيه والتسفيه وصل إلى درجة تصوير الشعوب على أنها قطعان من الماشية سهلة الانقياد ولها قابلية عجيبة للاستغباء ، أما الإعلام الجزائري بمنظريه الكبار وحدهم من اكتشفوا بعبقريتهم الفذة أن ما حدث ويحدث مؤامرة ، واكتشف فجأة أن البوعزيزي وخالد سعيد وفتحي تربل وحمزة الخطيب كلهم عملاء للموساد الإسرائيلي... !
بوتفليقة ينفذ أوامر برنار ليفي..؟!
حكماء السياسة وأذكياء الصحافة عندنا سمّوا الربيع العربي مؤامرة كبرى وتخطيط صهيوني أمريكي لتدمير العرب ...العرب المدمرون أصلا من غير أن يخطط لهم من هو على شاكلة برنار ليفي وساركوزي والشيخ حمد والإخوان المسلمون كأنهم كانوا يعيشون في نعيم قبل أن يكيد لهم الكائدون ...
علينا تصديق هذا "التحليل الغبي " بل يجب أن نقتنع ونسلم به وإلا كنا متآمرين وعملاء ومنفذي أجندات أجنبية خاصة .. !
الغريب أن نفس الصحف التي هللت لإصلاحات رئيس الجمهورية هي نفسها التي تلعن الربيع العربي وتتهجم على من خطط له ، و الحال أن إصلاحات رئيس الجمهورية كانت تفاعلا مع الربيع العربي واقتناعا منه بان التغيير السلمي الهادئ بأقل التكاليف هو الأضمن ( هذا هو كلامهم بعد إعلان الرئيس عن الإصلاحات)
والسؤال الذي يطرح على هذا الرهط من الصحفيين والسياسيين : ألم يلغي فخامته قانون الطوارئ بسبب الربيع العربي وتحديدا بعد سقوط بن علي ومبارك ؟؟؟ ألم يُنشئ لجنة للمشاورات استطلعت رأي الطبقة السياسية حول إصلاحات سياسية على خلفية الربيع العربي ؟؟؟ أليس فتح المجال السمعي البصري يندرج في سياق الإصلاحات التي أتت تحت ضغط الثورات ..؟؟؟هل من المنطقي أن يقتنع رئيس الجمهورية بضرورة الإصلاح ومباشرته بالفعل – وبالرغم من النقائص التي تعتري آلياته – في الوقت الذي يصر فيه الصحفيون والسياسيون على أن الأمور على أحسن ما يرام وان الشعب قام بثورته سنة 1988 ..؟؟ !
أليست عملية الإصلاح السياسي التي ظهرت في توقيت الثورات اعتراف ضمني من فخامته بوجود فساد يجب أن يعالج بإصلاح ؟؟؟
إن هذا الرهط من الصحفيين يسيء إلى رئيس الجمهورية عندما يقولون إن برنار ليفي هو من يقف وراء الثورات العربية فمعنى ذلك أن الرئيس بوتفليقة ينفذ توصيات برنار ليفي ويتأثر بمخططاته بطريق غير مباشر ... !
الشعوب ليست غبية يا أذكياء الصحافة
حهابذة الإعلام عندنا اكتشفوا هذا المخطط الصهيوني الكبير المسمى الربيع العربي ...هم افترضوا إصابة الشعوب العربية باعراض الغباء المستديم والسذاجة المفرطة حتى يصدقوا هذا الهراء ...والسؤال الذي يطرح : إذا كانت المخططات والحيل والدسائس بهذه الفعالية والمردودية .. لماذا لم يخططوا لإسرائيل ؟؟ لا نذهب بعيدا : لماذا لم يخططوا لقطر وأميرها ليرتاحوا منه ومن جزيرته وموزته ودسائسه ؟؟؟ ...وإذا كانت المؤامرة تدار من خلال إخطبوط إعلامي كالجزيرة وأخواتها ويتم على إثره صناعة ثورة وهمية مفبركة على حد زعمهم وله قدرة عجيبة على إسقاط الأنظمة ، لماذا لا تكون لهم فضائيات على شاكلة العربية والجزيرة ليقوموا بتسويق وجهة نظرهم .. ؟؟ ولما لا يتم العمل على إسقاط أنظمة تمثل" محور الشر الجديد " وعلى رأسها قطر إذا كان الأمر يتم بهذه السهولة والسطحية ومن خلال قنوات إعلامية ؟؟...ألم يُهزم مبارك الذي كان يملك قمرا كاملا بحجم " النايل السات " و بمئات القنوات وجحافل من الإعلاميين المأجورين أمام بضع قنوات محرومة من مصدر الخبر بل ومن المعلومة ومن التغطية ....لماذا نجحت الثورات في إسقاط و تعرية الحكام ..وفشل الحكام في توقيف قطار الثورة ؟؟أليس لأن "الحق أبلج والباطل لجلج" ......؟؟؟
انجازات الثورات وحصاد الاستبداد
الذي يسمع محللي آخر زمن و"منظري الكارطون" يصاب بالدوار عندما يتكلمون عن حال الشعوب العربية بعد الثورات وقبلها ...الشعوب العربية قبل ما يسمى بالربيع العربي كانت في أحسن حال من جميع الجوانب على حد زعمهم ، ولكن الواقع يقول أن أسوء وضع يمكن اختياره للشعوب العربية المسحوقة والمطحونة هو حالهم في ظل أنظمة حكم جملكية شمولية بدائية لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيل ، والحكام العرب أسوء ما يمكن اختياره لهاته الشعوب ...فلن يجد الليبيون أسوء من القذافي ولا المصريون أسوء من مبارك ولا السوريون أسوء من الأسد ، ولن يجد اليمينيون أسوء من علي صالح ولا التونسيون اسوء من بن علي ..
مبارك الذي قهر شعبه وأفقره وأسكنه المقابر وأدخله العنابر..الذي خرب الاقتصاد المصري ودمره وباع الغاز لإسرائيل بأبخس الأثمان وجعل من مصر رأس حربة الذل والتطبيع والخيانة بعد أن كانت رائدة الأمة العربية ورأس حربة المقاومة والصمود ...مبارك الذي حاصر غزة و جوّع أطفالها وقتل شبابها و ووصلت به الخيانة أن حققت مليشياته الأمنية مع الجرحى من المقاومين الذين دخلوا مصر للعلاج في العدوان على غزة سنة 2008 !
مبارك الذي كان يسعى الى توريث مصر الى ابنه جمال كما يورث المتاع ( توريث مصر وليس حكم مصر) واشرك زوجته سوزان في تسيير بلد بحجم أم الدنيا ...كل ذلك يصوره لنا "مكتشفوا المؤامرة " على أساس انه نعيم أما الثورة التي قامت على هذا الطغيان والتجبر جحيم ... !؟
بن علي الذي كان يعدّ على شعبه شهقاتهم وزفراتهم ويراقب حضور صلواتهم ويحسب عدد شعرات لحاهم ...بن علي الذي جعل شعبه يسكن سجنا كبيرا لا احد يتكلم ولا احد يتنفس ولا احد يتحرك إلا أصهاره الطرابلسية ...بن علي الذي بلغت درجة الهلع والخوف والفزع منه أن تحاشت الصحف أن تضع كامل الدعاء الذي يقال عادة للحاج بعد عودته من الحج وبترت منه : " ذنب مغفور" واكتفت ب:" حج مبرور و سعي مشكوريا فخامة الرئيس " وهذا خشية بطشه وتوجسا من زبانيته ..فعندما يقوم الشعب التونسي ضد هذا الديكتاتور المتأله والذي ادعى العصمة وان ليس له ذنب ليُغفر(استغفر الله)... نقول أنها مؤامرة ، ورفس بن علي للشعب التونسي واحتقاره هو الجنة و النعيم .. ؟!
القذافي الذي جعل ليبيا مملكة خاصة يوزع فيها ثروات الشعب الليبي على عاهرات أوروبا و على الأفارقة من اجل لقب زعيم ملك ملوك إفريقيا ...القذافي الذي أنكر السنة وحرف القران واستهزأ بالأنبياء واستغبى شعبه بالكتاب الأخضر طيلة اثنين وأربعين سنة واستحمرهم بتنظيم سخيف اسمه المؤتمرات الشعبية وقتل الف ومئتيي مسجون في سجن بوسليم دفعة واحدة وقسم ليبيا كما تقسم الثروة والتركة على أبنائه فأعطى الأكبر محمد الاتصالات وأعطى سيف الإسلام البترول وإدارة الشأن السياسي ، وأعطى خميس والساعدي مسؤولية الجيش وصفقات السلاح وهكذا دواليك الى آخر الأبناء .....فعندما يصرخ الشعب الليبي من الألم ويتأوه من الضيم ويزأر ضد الفساد نجعل كل ذلك في سياق الفوضى والانخراط في الأجندات الأجنبية ، أما ما كان يقوم به القذافي وأبناءه هو قدر ليبيا إلى الأبد ولا يجب تغييره .. !
وما يقال عن ليبيا يقال عن اليمن وعن سوريا وعن باقي الدول العربية التي تعاني بطش أنظمة شمولية أحادية .
أيُ منطق هذا الذي يصور ثورة الشعوب على أنظمة قمعية الديمقراطية السائدة فيها هي ديمقراطية عزرائيل... ويجعل من الثورة على هذا الواقع من قبيل المؤامرة..؟؟
أي منطق هذا الذي يصور الثورة على حكام يسيّرون البلد من المستشفيات واغلب وقتهم يرتدون "البيجامات " وهناك من يضع "الحفاظات" .. ويجعل الانخراط في هذه الثورة فوضى وتهور..؟؟
أي منطق هذا الذي يصور الثورة على حكام برعوا في حفظ أمن إسرائيل وتفننوا في الانبطاح والعمالة وسلموا مقدرات البلد على طبق من ذهب للأعداء ويجعل من الثورة على هذا الوضع تنفيذ لمخططات أجنبية ..؟؟
أي منطق هذا الذي يمنع المتألم من الصراخ والمظلوم من الشكوى ، والمسحوق من الانتفاضة ،ويمنع المسروق من السعي إلى استرداد ما سرق منه ، والمهدور كرامته لا سترجاع كرامته ، والمسجون من استرداد حريته ..؟؟
إن هذه الدعوات وهذه التّرهات التي ظهرت مؤخرا والتي تصور الثورات على أنها مؤامرات صهيونية وتندرج في سياق "صناعة شرق أوسط جديد "..كلها دعوات ضد المنطق وضد مجرى الأحداث ..دعوات تريد أن تبقى عجلة التاريخ عند عتبة الاستبداد ولا تتقدم ، ولكن إعصار الثورات سيحيلها إلى مزبلة التاريخ كما أحال هرطقات " وجبات الكنتاكي "و "حبوب الهلوسة" "فزاعة الإخوان والسلفيين" إلى أرشيف :" نكت وطرائف الثورات"
إذا كانت الثورة ضد الفساد والشمولية والأحادية ، وضد الانبطاح والعمالة تأمرا فما عساني إلا أن أدعو الله عز وجل: "اللهم أحييني
متآمرا وأمتني متآمرا واكتبني متآمرا واحشرني مع المـتآمرين ... " اللهم أمين
منقول للفائدة