لا للاختلاط (1)

أم انس عبد الله

:: عضو مُتميز ::
إنضم
5 أفريل 2010
المشاركات
583
نقاط التفاعل
589
نقاط الجوائز
73
العمر
31
مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز
[font=traditional arabic,serif]لا للاختلاط[font=traditional arabic,serif] (1)
__________
(1) مجلة الدعوة .

(4/244)
[font=traditional arabic,serif]تحريم الدعوة إلى الاختلاط
اطلعت على ما كتبه الأستاذ سعد البواردي في جريدة الجزيرة بعددها رقم 3754 وتاريخ 15 \ 4 \ 1403 هـ الذي اقترح فيه اختلاط الذكور والإناث في الدراسة بالمرحلة الابتدائية ولما يترتب على اقتراحه من عواقب وخيمة رأيت التنبيه على ذلك .
فأقول : إن الاختلاط وسيلة لشر كثير وفساد كبير لا يجوز فعله .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع » (1) . وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع; لأن قرب أحدهما من الآخر في سن العاشرة وما بعدها وسيلة لوقوع الفاحشة بسبب اختلاط البنين والبنات . ولا شك أن اجتماعهم في المرحلة الابتدائية كل يوم وسيلة لذلك . كما أنه وسيلة للاختلاط فيما بعد ذلك من المراحل .
وبكل حال فاختلاط البنين والبنات في المراحل الابتدائية منكر لا يجوز فعله لما يترتب عليه من أنواع الشرور وقد جاءت الشريعة الكاملة بوجوب سد الذرائع المفضية للشرك والمعاصي . وقد دل على ذلك دلائل كثيرة من الآيات والأحاديث. ولولا ما في ذلك من الإطالة لذكرت كثيرا منها .
وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين منها تسعة وتسعين دليلا . .
ونصيحتي للأستاذ سعد وغيره ألا يقترحوا ما يفتح على المسلمين أبواب شر قد أغلقت . نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .
ويكفي العاقل ما جرى في الدول المجاورة وغيرها من الفساد الكبير
__________
(1) سنن أبو داود الصلاة (495),مسند أحمد بن حنبل (2/187).

(4/245)
[font=traditional arabic,serif]بسبب الاختلاط . وأما ما يتعلق بالحاجة إلى معرفة الخاطب مخطوبته فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يشفي بقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل » (1) فيشرع له أن ينظر إليها بدون خلوة قبل عقد النكاح إذا تيسر ذلك فإن لم يتيسر بعث من يثق به من النساء للنظر إليها ثم إخباره بخلقها وخلقها , وقد درج المسلمون على هذا في القرون الماضية وما ضرهم ذلك بل حصل لهم من النظر إلى المخطوبة أو وصف الخاطبة لها ما يكفي والنادر خلاف ذلك لا حكم له . والله المسئول أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم وسعادتهم في العاجل والآجل , وأن يحفظ عليهم دينهم , وأن يغلق عنهم أبواب الشر ويكفيهم مكائد الأعداء إنه جواد كريم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن باز
__________
(1) سنن أبو داود النكاح (2082),مسند أحمد بن حنبل (3/334).

(4/246)
[font=traditional arabic,serif]حكم مصافحة الطالب لزميلته (1)
س 1 : ما حكم مصافحة الطالب لزميلته في الدراسة ؟ وماذا يفعل لو مدت يدها للسلام عليه ؟
ج 1 : لا تجوز الدراسة المختلطة مع الفتيات في محل واحد أو في مدرسة واحدة , أو في كراس واحدة بل هذا من أعظم أسباب الفتنة فلا يجوز للطالب ولا للطالبة هذا الاشتراك لما فيه من الفتن .
وليس للمسلم أن يصافح المرأة الأجنبية عنه ولو مدت يدها إليه . ويخبرها أن المصافحة لا تجوز للرجال الأجانب; لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه « قال حين بيعته للنساء : إني لا أصافح النساء » (2) وثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( « والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امراة قط , ما كان يبايعهن إلا بالكلام » (3) وقد قال الله عز وجل : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } (4) ولأن المصافحة للنساء من غير محارمهن من وسائل الفتنة للطرفين فوجب تركها .
أما السلام الشرعي الذي ليس فيه فتنة ومن دون مصافحة ولا ريبة ولا خضوع بالقول ومع الحجاب وعدم الخلوة فلا بأس به , لقول الله عز وجل : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } (5) ولأن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يسلمن عليه ويستفتينه فيما يشكل عليهن , وهكذا كانت النساء يستفتين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يشكل عليهن .
أما مصافحة المرأة للنساء ولمحارمها من الرجال كأبيها وأخيها وعمها وغيرهم من المحارم فليس في ذلك بأس , والله ولي التوفيق .
__________
(1) نشرت بالمجلة العربية في باب ''فاسألوا أهل الذكر'' .
(2) سنن النسائي البيعة (4181),سنن ابن ماجه الجهاد (2874),مسند أحمد بن حنبل (6/357),موطأ مالك الجامع (1842).
(3) صحيح البخاري تفسير القرآن (4609),صحيح مسلم الإمارة (1866),سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2941),سنن ابن ماجه الجهاد (2875),مسند أحمد بن حنبل (6/270).
(4) سورة الأحزاب الآية 21
(5) سورة الأحزاب الآية 32

(4/247)
[font=traditional arabic,serif]حكم الاختلاط في التعليم[font=traditional arabic,serif] (1)
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فقد اطلعت على ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24 \ 7 \ 1404 هـ بعددها 5644 منسوبا إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقال الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة , وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد , الرجل والمرأة , وقال ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) , وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولا شك أن هذا الكلام فيه جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية ؛ لأن الشريعة لم تدع إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها , بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (2) الآية , وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ } (3) وقال سبحانه : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } (4)
__________
(1) مجلة البحوث الإسلامية العدد 15 ص 6 إلى 11 ربيع الأول ربيع الثاني جمادى الأولى جمادى الثانية 1406 هـ .
(2) سورة الأحزاب الآية 33
(3) سورة الأحزاب الآية 59
(4) سورة النور الآية 31

(4/248)
[font=traditional arabic,serif]إلى أن قال سبحانه : { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (1) وقال تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } (2) الآية , وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن حذرا من الفتنة بهن , إلا من حاجة تدعو إلى الخروج , ثم حذرهن سبحانه من التبرج تبرج الجاهلية , وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال , وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء » (3) متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما جميعا , وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستحلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء » (4) ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة , ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب , وتبرجن فيه تبرج الجاهلية , وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد , وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق , ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة
__________
(1) سورة النور الآية 31
(2) سورة الأحزاب الآية 53
(3) صحيح البخاري النكاح (4808),صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2741),سنن الترمذي الأدب (2780),سنن ابن ماجه الفتن (3998),مسند أحمد بن حنبل (5/210).
(4) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2742),سنن الترمذي الفتن (2191),سنن ابن ماجه الفتن (4000),مسند أحمد بن حنبل (3/61).

(4/249)
[font=traditional arabic,serif]من أعظم أسباب الفتنة ,
ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من بينهم الله سبحانه في الآية السابقة من سورة النور .
ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النجعة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى : { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } (1) فإنه لا يجوز أن يقال إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ، ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة رضي الله عنهم لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق , فإن الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين , فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة وأشد افتقارا إليها ممن قبلهم; ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص , فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة; لأنه سبحانه بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } (2) وقال سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } (3) وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله كما قال تعالى : { هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } (4) وقال عز وجل : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } (5) الآية , وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 53
(2) سورة الأعراف الآية 158
(3) سورة سبأ الآية 28
(4) سورة إبراهيم الآية 52
(5) سورة الأنعام الآية 19

(4/250)
[font=traditional arabic,serif]في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذرا من فتنته , بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول صلى الله عليه وسلم : « خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها » (1) حذرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء , وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعا رجالا ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم , وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق حذرا من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا عند السير في الطريق , وأمر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن , ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط , فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء - هداه الله وألهمه رشده- بعد هذا كله , أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد , وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة , ومعلوم أن الفرق عظيم , والبون شاسع , لمن عقل عن الله أمره ونهيه , وعرف حكمته سبحانه في تشريعه لعباده , وما بين في كتابه العظيم من الأحكام في شأن الرجال والنساء , وكيف يجوز لمؤمن أن يقول : إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال , هذا لا يقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول , هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي , فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة مع التبرج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة
__________
(1) صحيح مسلم الصلاة (440),سنن الترمذي الصلاة (224),سنن النسائي الإمامة (820),سنن أبو داود الصلاة (678),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1000),مسند أحمد بن حنبل (2/340),سنن الدارمي الصلاة (1268).

(4/251)
[font=traditional arabic,serif]والأحاديث التي تجر إلى الفتنة , فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله , قال الله عز وجل : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } (1)
وأما قوله : ( والواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد )
فالجواب عن ذلك أن يقال : هذا صحيح , لكن كان النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة , والرجال في مقدم المسجد , فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن , وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته , وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء - هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه- : ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد , مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم , ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم , وأن يكن على حدة والشباب على حدة , حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة; لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة; ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة , وأسلم للشباب من الفتنة بهن , ولأن انفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن , وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور .
__________
(1) سورة الحج الآية 46

(4/252)
[font=traditional arabic,serif]وأما زعمه- أصلحه الله- أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة , فهي دعوى غير مسلمة , بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين , ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه , وأن يرجع إلى الصواب والحق , فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف . والله المسئول سبحانه أن يهدينا جميعا سبيل الرشاد وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم , ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان , كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم في كل مكان لما فيه صلاح البلاد والعباد في المعاش والمعاد , وأن يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

(4/253)
[font=traditional arabic,serif]الاختلاط والسفور[font=traditional arabic,serif] (1)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين , وفقني الله وإياهم لفعل الطاعات وجنبني وإياهم البدع والمنكرات .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أما بعد :
فمن واجب النصح والتذكير أن أنبه على أمر لا ينبغي السكوت عليه بل يجب الحذر منه والابتعاد عنه وهو الاختلاط الحاصل من بعض الجهلة في بعض الأماكن والقرى مع غير المحارم لا يرون بذلك بأسا , بحجة أن هذا عادة آبائهم وأجدادهم وأن نياتهم طيبة , فتجد المرأة مثلا تجلس مع أخي زوجها أو زوج أختها أو مع أبناء عمها ونحوهم من الأقارب بدون تحجب وبدون مبالاة , ومن المعلوم أن احتجاب المرأة المسلمة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها وسائر مفاتنها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح قال الله سبحانه وتعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ } (2) الآية ,
وقال تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } (3) الآية وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } (4) والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة .
__________
(1) نشرة صدرت من مكتب سماحته بالرياض .
(2) سورة النور الآية 31
(3) سورة الأحزاب الآية 53
(4) سورة الأحزاب الآية 59

(4/254)
[font=traditional arabic,serif]قالت أم سلمة رضي الله عنها : ( لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها ) .
وفي هذه الآيات الكريمات دليل واضح على أن رأس المرأة وشعرها وعنقها ونحرها ووجهها مما يجب عليها ستره عن كل من ليس بمحرم لها وأن كشفه لغير المحارم حرام . ومن أدلة السنة « أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : " لتلبسها أختها من جلبابها » (1) رواه البخاري ومسلم ، فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب .
فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج بغير جلباب . وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس » (2) وقالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل , وأعلاها أخلاقا وأدبا ، وأكملها إيمانا وأصلحها عملا فهم القدوة الصالحة لغيرهم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه » (3) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ففي قولها : ( فإذا حاذونا ) تعني ( الركبان ) سدلت إحدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه . لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفا .
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة منها : الفتنة التي تحصل بمظهر وجهها وهي من أكبر
__________
(1) صحيح البخاري الحج (1569),صحيح مسلم صلاة العيدين (890),سنن الترمذي الجمعة (539),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1307),مسند أحمد بن حنبل (5/84),سنن الدارمي الصلاة (1609).
(2) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (553),صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (645),سنن الترمذي الصلاة (153),سنن النسائي السهو (1362),سنن ابن ماجه الصلاة (669),مسند أحمد بن حنبل (6/37),موطأ مالك وقوت الصلاة (4),سنن الدارمي الصلاة (1216).
(3) سنن أبو داود المناسك (1833),مسند أحمد بن حنبل (6/30).

(4/255)
[font=traditional arabic,serif]دواعي الشر والفساد , ومنها زوال الحياء عن المرأة وافتتان الرجال بها .
فبهذا يتبين أنه يحرم على المرأة أن تكشف وجهها بحضور الرجال الأجانب ويحرم عليها كشف صدرها أو نحرها أو ذراعيها أو ساقيها ونحو ذلك من جسمها بحضور الرجال الأجانب , وكذا يحرم عليها الخلوة بغير محارمها من الرجال وكذا الاختلاط بغير المحارم من غير تستر , فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة الرجال وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم « استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق به من لصوقها » (1) . ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } (2)
فيحرم على المرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها بل يجب عليها ستره كما يحرم عليها الخلوة بهم أو الاختلاط بهم أو وضع يدها للسلام في يد غير محرمها ، وقد بين سبحانه وتعالى من يجوز له النظر إلى زينتها بقوله : { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (3)
أما أخو الزوج أو زوج الأخت أو أبناء العم وأبناء الخال والخالة ونحوهم
__________
(1) سنن أبو داود الأدب (5272).
(2) سورة النور الآية 31
(3) سورة النور الآية 31

(4/256)
[font=traditional arabic,serif]فليسوا من المحارم وليس لهم النظر إلى وجه المرأة ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم لما في ذلك من افتتانهم بها ، فعن عقبه بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت » (1) متفق عليه . والمراد بالحمو أخو الزوج وعمه ونحوهما وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها ، وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها ولو كانوا صالحين موثوقا بهم; لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في أناس بينهم في الآية السابقة وليس أخو الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم .
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : « لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم » (2) والمراد بذي المحرم من يحرم عليه نكاحها على التأبيد لنسب أو مصاهرة أو رضاع كالأب والابن والأخ والعم ومن يجري مجراهم .
وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما » (3) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة وأن يتعاونوا في القضاء عليها . والتخلص من شرها محافظة على الأعراض وتعاونا على البر والتقوى وتنفيذا لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم . وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه . ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس إليه .
ولا يجوز اتباع
__________
(1) صحيح البخاري النكاح (4934),صحيح مسلم السلام (2172),سنن الترمذي الرضاع (1171),مسند أحمد بن حنبل (4/149),سنن الدارمي الاستئذان (2642).
(2) صحيح البخاري النكاح (4935),صحيح مسلم الحج (1341),مسند أحمد بن حنبل (1/222).
(3) سنن الترمذي الفتن (2165),مسند أحمد بن حنبل (1/18).

(4/257)
[font=traditional arabic,serif]الأهواء والعادات التي لم يشرعها الله سبحانه وتعالى , لأن الإسلام هو دين الحق والهدى والعدالة في كل شيء , وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنهي عما يخالفها .
والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لما يرضيه , وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

(4/258)
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]​
 
موضوع يستحق الالتفاتة فعلا
في زمن اصبح فيه الاختلاط اهم عامل من عوامل الفساد و تفشي الرديلة
 


أكتب ردك هنا...
العودة
Top