الدرر السنية في الآداب الشرعية
(6)
35 أدبا في النكاح وما يتعلق به
لا يختلف العلماء فى أن النكاح(1) مستحب، مندوب إليه، كثير الفضائل
وفيه فوائد:
منها:
1. الولد، لأن المقصود بقاء النسل، وفيه فوائد محبة الله تعالى بالسعي لذلك، ليبقى جنس الإنسان.
2. وفيه طلب محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى تكثير من به مباهاته.
3. وفيه طلب التبرك بدعاء الولد الصالح والشفاعة بموت الولد الصغير .
4. وفيه: التحصن من الشيطان بدفع غوائل الشهوة.
5. وفيه ترويح النفس، وإيناسها بمخالطة الزوجة.
6. ومنها: تفريغ القلب عن تدبير المنزل، والتكفل به بشغل الطبخ والكنس والفراش وتنظيف الأواني وتهيئة أسباب العيش، فإن الإنسان يتعذر عليه أكثر ذلك مع الوحدة، ولو تكفل به لضاع أكثر أوقاته، ولم يتفرغ للعلم والعمل، فالمرأة الصالحة عون على الدين بهذه الطريقة، إذ اختلال هذه الأسباب شواغل للقلب.
7. ومن فوائده أيضاً: مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية، والقيام بحقوق الأهل.
ويعتبر فى المرأة لطيب العشرة أمور:
1. الدين، وهو الأصل، لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم : " عليك بذات الدين"، فإذا لم يكن لها دين أفسدت دين زوجها، وأَزْرَتْ به . وإن سلكت سبيل الغيرة لم يزل فى بلاء وتكدير عيش.
2. حُسْن الُخُلقِ، فان سيئة الخلق ضررها أكثر من نفعها.
3. حُسْن الخَلْق، وهو مطلوب، إذ به يحصل التحصن، ولهذا أمر بالنظر إلى المخطوبة. وقد كان أقوام لا ينظرون فى الحُسْنِ ، ولا يقصدون التمتع، إلا أن هذا يندر، والطباع على ضده.
4. خِفَّة المهر، وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين.
وقال عمر رضى الله عنه : لا تغالوا فى مهور النساء. وكما تكره المغالاة فى المهر من جهة المرأة، يكره السؤال عن مالها من جهة الرجل. قال الثوري: إذا تزوج الرجل وقال:أي شئ للمرأة؟ فاعلم أنه لص.
5. البكارة، لأن الشارع ندب إلى ذلك، ولأنها تحب الزوج وتألفه أكثر من الثيب، فيوجب ذلك الود، فان الطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف، وهو أيضاً أكمل لمودته لها ، لأن الطبع ينفر من التي مسها غيره.
6. أن تكون ولوداً.
7. النسب، وهو أن تكون من بيت دين وصلاح.
وكما ينبغي للرجل أن ينظر فى المرأة، ينبغي للولى أن ينظر فى دين الرجل وأخلاقه وأحواله، لأنه تصير بالنكاح مرقوقة، ومتى زوجها من فاسق أو مبتدع، فقد جنى عليها وعلى نفسه.
قال رجل للحسن: من أُزّوج ابنتي؟ قال : ممن يتقى الله ؟ فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لن يظلمها.
آداب المعاشرة والنظر فيما على الزوج وفيما على الزوجة
أما الزوج، فعليه مراعاة الاعتدال والأدب فى :
1. الوليمة .
2. حسن الخلق مع الزوجات. واحتمال الأذى منهن لقصور عقلهن
واعلم: أنه ليس حسن الخلق مع المرأة كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها، والحلم على طيشها وغضبها، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
، ففى "الصحيحين"، من حديث عمر رضى الله عنه أن أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم كن يراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. والحديث مشهور.
3. أن يداعبها ويمازحها، وقد سابق عليه السلام عائشة رضى الله عنها، وكان يداعب نساءه صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال لجابر: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك".
4. أن يكون ذلك بقدر، ولا ينبسط فى الرعاية إلى أن تسقط هيبته بالكلية عند المرأة، بل ينبغي أن يقصد طريق الاقتصاد.
5. الاعتدال فى الغيرة، وهو أن لا يتغافل عن مبادئ الأمور التي يَخشى غوائلها، ولا يبالغ فى إساءة الظن ، وقد نهى النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً.
6. الاعتدال فى النفقة والقصد دون الإسراف والتقتير، ولا ينبغي للرجل أن يستأثر عن أهله بالطعام الطيب، فان ذلك مما يوغر الصدر.
7. أن يتعلم المتزوج من علم الحيض وأحكامه وما يدرى به كيف معاشرة الحائض، ويلقنها الاعتقاد الصحيح، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن كانت.
8. إذا كانت له نسوة ينبغي أن يعدل بينهن، والعدل فى المبيت والعطاء، لا فى الحب والوطء، فإن ذلك لا يملكه، فان سافر وأراد استصحاب إحداهن أقرع بينهن، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
9. النشوز، فإذا كان النشوز من المرأة، فله أن يؤدبها ويحملها على الطاعة قهراً، ولكنه ينبغي أن يتدرج فى تأديبها بتقديم الوعظ والتخويف، فإن لم ينفع هجرها في المضجع ، فولاّها ظهره أو انفرد عنها بالفراش، وهجرها فى الكلام فيما دون ثلاثة أيام ، فإن لم ينفع ضربها ضرباً غير مُبَرّح، وهو أن لا يدمى جسماً ، ولا يضرب لها وجهاً.
10. فى آداب الولادة
وهى ستة:
1. أن لا يكثر فرحه بالذكر وحزنه بالأنثى، فانه لا يدرى في أيهما الخير.
3. أن يسميه اسماً حسناً. وفى أفراد مسلم :" إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن" ومن كان له اسم مكروه، استحب تبديله، فقد غير النبى صلى الله عليه وآله وسلم أسماء جماعة، وقد كره من الأسماء، أفلح، ونافع، ويسار، ورباح، وبركة، لأنه يقول: أهو ثمة؟ فيقال: لا.
4. العقيقة عن الذكر شاتان ، وعن الأنثى شاة.
5. أن يحنكه بتمرة أو حلاوة.
6. الختان.
ما على الزوجة لزوجها:
عن أبى أُمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لو جاز لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" لعظم حقه عليها. وفى هذا القسم أحاديث كثيرة تدل على تأكيد حق الزوج على زوجته، وحقوقه عليها كثيرة، أهمها :
1. الستر والصيانة.
2. القناعة: وعلى هذا كان النساء فى السلف، كان الرجل إذا خرج من منزله يقوله له أهله، إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
3. ومن الواجب عليها : أن لا تفرط فى ماله، فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره، وإن كان بغير رضاه، كان له الأجر وعليها الوزر.
4. وينبغى لوالديها تأديبها قبل نقلها إلى الزوج لتعرف آداب العشرة.
5. وينبغى للمرأة أن تكون قاعدة فى بيتها، لازمة لمغزلها، قليلة الكلام لجيرانها، كثيرة الانقباض حالة غيبة زوجها، تحفظه غائباً وحاضراً، وتطلب مسرّته فى جميع الأحوال، ولا تخونه فى نفسها ولا فى ماله، ولا تُوطئ فراشه من يكره، ولا تأذن فى بيته إلا باذنه، ولتكن همتها صلاح شأنها وتدبير بيتها، قائمة بخدمة الدار فى كل ما أمكنها، ولتكن مُقَدَّمة لحق زوجها على حق نفسها وحق جميع أقربائها.
انتهى المنتقى والحمد لله رب العالمين.
جمع وإعداد:
أبي أسامة سمير الجزائري
بلعباس
30 جمادى الأولى 1431
3 ماي 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذه الحلقة السادسة من سلسلة "الدرر السنية في الآداب الشرعية" وقد جمعتها وانتقيتها من "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة المقدسي رحمة الله.
(6)
35 أدبا في النكاح وما يتعلق به
لا يختلف العلماء فى أن النكاح(1) مستحب، مندوب إليه، كثير الفضائل
وفيه فوائد:
منها:
1. الولد، لأن المقصود بقاء النسل، وفيه فوائد محبة الله تعالى بالسعي لذلك، ليبقى جنس الإنسان.
2. وفيه طلب محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى تكثير من به مباهاته.
3. وفيه طلب التبرك بدعاء الولد الصالح والشفاعة بموت الولد الصغير .
4. وفيه: التحصن من الشيطان بدفع غوائل الشهوة.
5. وفيه ترويح النفس، وإيناسها بمخالطة الزوجة.
6. ومنها: تفريغ القلب عن تدبير المنزل، والتكفل به بشغل الطبخ والكنس والفراش وتنظيف الأواني وتهيئة أسباب العيش، فإن الإنسان يتعذر عليه أكثر ذلك مع الوحدة، ولو تكفل به لضاع أكثر أوقاته، ولم يتفرغ للعلم والعمل، فالمرأة الصالحة عون على الدين بهذه الطريقة، إذ اختلال هذه الأسباب شواغل للقلب.
7. ومن فوائده أيضاً: مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية، والقيام بحقوق الأهل.
ويعتبر فى المرأة لطيب العشرة أمور:
1. الدين، وهو الأصل، لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم : " عليك بذات الدين"، فإذا لم يكن لها دين أفسدت دين زوجها، وأَزْرَتْ به . وإن سلكت سبيل الغيرة لم يزل فى بلاء وتكدير عيش.
2. حُسْن الُخُلقِ، فان سيئة الخلق ضررها أكثر من نفعها.
3. حُسْن الخَلْق، وهو مطلوب، إذ به يحصل التحصن، ولهذا أمر بالنظر إلى المخطوبة. وقد كان أقوام لا ينظرون فى الحُسْنِ ، ولا يقصدون التمتع، إلا أن هذا يندر، والطباع على ضده.
4. خِفَّة المهر، وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين.
وقال عمر رضى الله عنه : لا تغالوا فى مهور النساء. وكما تكره المغالاة فى المهر من جهة المرأة، يكره السؤال عن مالها من جهة الرجل. قال الثوري: إذا تزوج الرجل وقال:أي شئ للمرأة؟ فاعلم أنه لص.
5. البكارة، لأن الشارع ندب إلى ذلك، ولأنها تحب الزوج وتألفه أكثر من الثيب، فيوجب ذلك الود، فان الطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف، وهو أيضاً أكمل لمودته لها ، لأن الطبع ينفر من التي مسها غيره.
6. أن تكون ولوداً.
7. النسب، وهو أن تكون من بيت دين وصلاح.
وكما ينبغي للرجل أن ينظر فى المرأة، ينبغي للولى أن ينظر فى دين الرجل وأخلاقه وأحواله، لأنه تصير بالنكاح مرقوقة، ومتى زوجها من فاسق أو مبتدع، فقد جنى عليها وعلى نفسه.
قال رجل للحسن: من أُزّوج ابنتي؟ قال : ممن يتقى الله ؟ فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لن يظلمها.
آداب المعاشرة والنظر فيما على الزوج وفيما على الزوجة
أما الزوج، فعليه مراعاة الاعتدال والأدب فى :
1. الوليمة .
2. حسن الخلق مع الزوجات. واحتمال الأذى منهن لقصور عقلهن
واعلم: أنه ليس حسن الخلق مع المرأة كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها، والحلم على طيشها وغضبها، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
، ففى "الصحيحين"، من حديث عمر رضى الله عنه أن أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم كن يراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. والحديث مشهور.
3. أن يداعبها ويمازحها، وقد سابق عليه السلام عائشة رضى الله عنها، وكان يداعب نساءه صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال لجابر: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك".
4. أن يكون ذلك بقدر، ولا ينبسط فى الرعاية إلى أن تسقط هيبته بالكلية عند المرأة، بل ينبغي أن يقصد طريق الاقتصاد.
5. الاعتدال فى الغيرة، وهو أن لا يتغافل عن مبادئ الأمور التي يَخشى غوائلها، ولا يبالغ فى إساءة الظن ، وقد نهى النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً.
6. الاعتدال فى النفقة والقصد دون الإسراف والتقتير، ولا ينبغي للرجل أن يستأثر عن أهله بالطعام الطيب، فان ذلك مما يوغر الصدر.
7. أن يتعلم المتزوج من علم الحيض وأحكامه وما يدرى به كيف معاشرة الحائض، ويلقنها الاعتقاد الصحيح، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن كانت.
8. إذا كانت له نسوة ينبغي أن يعدل بينهن، والعدل فى المبيت والعطاء، لا فى الحب والوطء، فإن ذلك لا يملكه، فان سافر وأراد استصحاب إحداهن أقرع بينهن، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
9. النشوز، فإذا كان النشوز من المرأة، فله أن يؤدبها ويحملها على الطاعة قهراً، ولكنه ينبغي أن يتدرج فى تأديبها بتقديم الوعظ والتخويف، فإن لم ينفع هجرها في المضجع ، فولاّها ظهره أو انفرد عنها بالفراش، وهجرها فى الكلام فيما دون ثلاثة أيام ، فإن لم ينفع ضربها ضرباً غير مُبَرّح، وهو أن لا يدمى جسماً ، ولا يضرب لها وجهاً.
10. فى آداب الولادة
وهى ستة:
1. أن لا يكثر فرحه بالذكر وحزنه بالأنثى، فانه لا يدرى في أيهما الخير.
3. أن يسميه اسماً حسناً. وفى أفراد مسلم :" إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن" ومن كان له اسم مكروه، استحب تبديله، فقد غير النبى صلى الله عليه وآله وسلم أسماء جماعة، وقد كره من الأسماء، أفلح، ونافع، ويسار، ورباح، وبركة، لأنه يقول: أهو ثمة؟ فيقال: لا.
4. العقيقة عن الذكر شاتان ، وعن الأنثى شاة.
5. أن يحنكه بتمرة أو حلاوة.
6. الختان.
ما على الزوجة لزوجها:
عن أبى أُمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لو جاز لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" لعظم حقه عليها. وفى هذا القسم أحاديث كثيرة تدل على تأكيد حق الزوج على زوجته، وحقوقه عليها كثيرة، أهمها :
1. الستر والصيانة.
2. القناعة: وعلى هذا كان النساء فى السلف، كان الرجل إذا خرج من منزله يقوله له أهله، إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
3. ومن الواجب عليها : أن لا تفرط فى ماله، فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره، وإن كان بغير رضاه، كان له الأجر وعليها الوزر.
4. وينبغى لوالديها تأديبها قبل نقلها إلى الزوج لتعرف آداب العشرة.
5. وينبغى للمرأة أن تكون قاعدة فى بيتها، لازمة لمغزلها، قليلة الكلام لجيرانها، كثيرة الانقباض حالة غيبة زوجها، تحفظه غائباً وحاضراً، وتطلب مسرّته فى جميع الأحوال، ولا تخونه فى نفسها ولا فى ماله، ولا تُوطئ فراشه من يكره، ولا تأذن فى بيته إلا باذنه، ولتكن همتها صلاح شأنها وتدبير بيتها، قائمة بخدمة الدار فى كل ما أمكنها، ولتكن مُقَدَّمة لحق زوجها على حق نفسها وحق جميع أقربائها.
انتهى المنتقى والحمد لله رب العالمين.
جمع وإعداد:
أبي أسامة سمير الجزائري
بلعباس
30 جمادى الأولى 1431
3 ماي 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذه الحلقة السادسة من سلسلة "الدرر السنية في الآداب الشرعية" وقد جمعتها وانتقيتها من "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة المقدسي رحمة الله.