أمنيةٌ لطالما اختالت أمام أعيني خيالاً لا واقعاً. فلما تجسدت واقعاً طرقتها بمطرقةِ البلاهةِ العقلية فانحلت في محاليل الجاهلية!
وُهِبتُ " ابنة " فاستقر فؤادي بعالم المسرات وشعرت بكيـاني وقتها! وبذاك القابعِ بين أضلع قفصي الصدري يريد الانفلات كعصفورٍ أطلق للحريةِ بعد حبسٍ طويلٍ فانطلق في الفضاء هائماً يتخبطُ بين عجاجِ السحاب ارتفاعاً وهبوطاً .. إلا أني زجرتهُ عن رقصهِ، فتشبثَ بما طوقه من أضلاع ليمنعَ نفسه الانطلاق.. كطفلٍ نهرتهُ والدته عن أحب ألعابه فأطاع كرهاً. تأملت ابنتي ملياً، جميلة هي بكل المقاييس .. عبثت بسواد أيامي ولطختها بالزاهي والصارخ من الألوان. تجاوزت بفكري المنهك إلى ما وراء تلك اللحظة .. وما بعدها من لحظات... فكرت بـ عمق وبـ صدق وبـ صراحــة متناهية .. ابنتي وماذا بعد ؟؟!! ما أنا إلا " ضعف " فكيف سيتسنى لي تقويتها ؟! هائمة في بحوري اللامنتهية فكيف سأوجهها إلى صائب المسالكِ ؟! عجزت عن الاحتفاظ بحقوقي فأنى بحقوقها ؟! كيفيـاتٌ كثيــرةٌ كنت أجهلها ... تزيدُ من قلقي عليها / على نفسي... تداخلت الرؤى في رأسي، وتوالى مرور الشريط – شريط خيباتي وعجزي – خضتُ بحورَ الأفكار، فما ارتاحت نفسي إلا لأصعب قرارٍ وأنسبهـا. قررت أن ( أئد ) ابنتي قبل أن تجلبَ لي مالا أريـد.. سأدفنها بيدي وسأنهي وجودها من حياتي .. سأقدم اعتذاراتي المحترقة لقلبي الباكي فما وجدت أرجح من " رأي الجاهلية " في هذا الأمر بالذات...
تقلص قلبي اعتراضاً ... وطُرق عقلي بنواحِ البائسين حين ظننتُ أني من البؤساء وأني سأكون أقدر على وأدها من الاحتفاظ بها.. تراجعتُ خطوةً إلى الوراءِ، فعادت رحى الحرب تطحنُ المشاعر على أعتابِ ذاك الدماغ.. أمسكتُ جمجمتي بكلتا يدي، وضغطتُ عليها بكل قوةٍ وأنا أترنحُ حيرةً وتذبذباً... أغمضتُ عيني .. وسرتُ إلى الخزانة .. أخرجت منها لفائفاً سوداء لففتُ بها فتاتي .. وخرجتُ في عتمةِ الليل أسابقُ نور الفجر. وفي دربي ... سمعتها! سمعت أنينها وصراخها – لأول مرةٍ – ترسل لحنا من حنجرتها. أجبرتني عذوبة الصوت ورقته على التوقفِ حيث سمعته .. وأخذت أعيد حساباتي وأراجع قراري الجاهلي وخلاصي. إلا أن صرخةً حاادةً -لربما هي من منطلق استشعارها بما يدور بخلد أمها القاسي- جعلتني أسرع الخطى إلى هدفي / حتفها ... سرت في مساربِ الظلامِ حتى وصلتُ المقبرةَ. تسمرت قدماي عند بوابتها.. وطَرقَ مخيلتي لحنُ الضمير "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور" وصوتٌ آخر يعلن خطأي! تداخلت الأصوات، وضغط الدم على عروقي المسممة حد الهلاك .. فجثوتُ على ركبتي وأنا أرسل الحروف مقطعةً: لا .. أر..يد ! أريد..كِ فـ..قط! ... أنـ تِ...فـ قـ ط! علت موجة صراخها تفاعلاً مع صوتي ورهبةِ المكان. حدقتُ فيها بعينين دموتين، وأطبقتُ على فمها بيدي بقوةٍ شديدةٍ فما رفعتها إلا على شهقةٍ عصرت فؤادي البائس، حين أحسَّ بصعوبةِ اجتذاب الأكسجين إلى رئتيها. عادت موجة التذبذب، وأخذتني الرحمة بها إلى حدٍ دعاني للبكاء كما لم أبكِ من قبـل. أطبقتُ على فمها أخرى، وعضضتُ لساني بفكي الظامي إلى جزيئاتِ ماءٍ نقي.. فسال الدم بمساحةِ الفم ومنها إلى وجهِ الصغيرة
رأيتُ شبحاً يطل من زاوية المقبرة، ويزجر بقايا الحياة في جسدٍ وقلب ... من هناك ؟؟!! أطلقت للريح ساقيّ وأخذتُ أعدو بلا خريطةٍ في صحاري الحياة اللامنقطعة! رفعت يدي عن فمها – وقد كنت أفعل بين الحين والآخر – لأسمح لجزيئاتِ الأكسجين أن تلجَ إلى خلايا أنسجتها المتقلصة. لفحُ الهواءِ لها وأنا أعدو أسكتها .. وأضاع مسارَ لحنها في عرضهِ الأخير.. فـصمتت في مشهدِ الخاتمةِ. لتتمَّ دورَ البطولةِ وتسندَ لي فلمَ المأساةِ..
وصلتُ إلى صحراءٍ بعيدةٍ ...."متفحمة"، بلا جهد، بلا لون، بلا شيء سوى .. ( طفله ) !! وكأن كل ذلك أحال الأنا بداخلي إلى وحشٍ لم تُعهد شراسته.. ولفرط الرهبة؛ رفعت طفلتي عالياً ثم هويتُ بها أرضاً وكأنها دمية. أطلقتْ على إثرها صرخةً كالسيفِ. كأول العزفِ لمقطوعةِ وداعٍ دفعتْ بجنوني إلى مطِّ شفتيّ بقدرِ ما تسمح مرونتهما بالاقتراب من أذني ... وخرجتُ من ابتسامتي إلى ضحكةٍ شرسة أعقبتها موجة "هسترية" من الضحك اللامبرر ! لأرتمي على الأرض .. أزيدُ من عمق جحرٍ رأيته بنثرِ ترابِ سطحه عن جانبيهِ وبعيداً .. حتى أصلُ إلى نقطةٍ شبهِ عميقة تلدغني عندها أفعى الجحر المحفور على ترنيمات موت الفؤاد ... فأنظرُ بسكرٍ إلى أفعاي تلك ... أهديها قبلةً، وأنزعها من يدي؛ لأرمي بها في أقصى الأفق وأعودُ إلى مشهدي.. أحفرُ قبر طفلتي على ترنيماتها المتهدجة. وأهديها بين الحين والآخر، صفعة حانية بكفي الغرقى بدمائها. تأملتُ قبرها ... بات عمقهُ يكفي لاحتضانِ فؤادي المنزوع .. وقفتُ عن يمينها وأهديتها ركلةً إلى قبرها .. كختامٍ لمشهد وداع الحياة بذاك المحبوسِ خلف قفصي .. بما يتناغمُ مع وحشةِ سواد الصحاري المقفرةِ .. كقلبي من بعدها. أسمعُ معزوفة بكائها التي أوشكت على الخمود .. فـ أُفَعِّلُ نغمة ضَحِكي المُضَادِّ وأنا أتراقصُ حولَ القبرِ وأنثرُ الترابَ برجلي على تلك اللفائفِ الفارغةِ إلا من المعنوياتِ الخياليةِ !
حتى إذا ما استوى القبر، أمطرتهُ بوابلِ دمعاتٍ تبخرَ أكبرُ ذراتِ تكوينها بمجردِ مُلامستها لحرارةِ وجنتيَّ . وكتبتُ عليهِ بدمي :: (( هنـَـا ... دفنتُ ... مشاعري / ابنتي ))
وُهِبتُ " ابنة " فاستقر فؤادي بعالم المسرات وشعرت بكيـاني وقتها! وبذاك القابعِ بين أضلع قفصي الصدري يريد الانفلات كعصفورٍ أطلق للحريةِ بعد حبسٍ طويلٍ فانطلق في الفضاء هائماً يتخبطُ بين عجاجِ السحاب ارتفاعاً وهبوطاً .. إلا أني زجرتهُ عن رقصهِ، فتشبثَ بما طوقه من أضلاع ليمنعَ نفسه الانطلاق.. كطفلٍ نهرتهُ والدته عن أحب ألعابه فأطاع كرهاً. تأملت ابنتي ملياً، جميلة هي بكل المقاييس .. عبثت بسواد أيامي ولطختها بالزاهي والصارخ من الألوان. تجاوزت بفكري المنهك إلى ما وراء تلك اللحظة .. وما بعدها من لحظات... فكرت بـ عمق وبـ صدق وبـ صراحــة متناهية .. ابنتي وماذا بعد ؟؟!! ما أنا إلا " ضعف " فكيف سيتسنى لي تقويتها ؟! هائمة في بحوري اللامنتهية فكيف سأوجهها إلى صائب المسالكِ ؟! عجزت عن الاحتفاظ بحقوقي فأنى بحقوقها ؟! كيفيـاتٌ كثيــرةٌ كنت أجهلها ... تزيدُ من قلقي عليها / على نفسي... تداخلت الرؤى في رأسي، وتوالى مرور الشريط – شريط خيباتي وعجزي – خضتُ بحورَ الأفكار، فما ارتاحت نفسي إلا لأصعب قرارٍ وأنسبهـا. قررت أن ( أئد ) ابنتي قبل أن تجلبَ لي مالا أريـد.. سأدفنها بيدي وسأنهي وجودها من حياتي .. سأقدم اعتذاراتي المحترقة لقلبي الباكي فما وجدت أرجح من " رأي الجاهلية " في هذا الأمر بالذات...
تقلص قلبي اعتراضاً ... وطُرق عقلي بنواحِ البائسين حين ظننتُ أني من البؤساء وأني سأكون أقدر على وأدها من الاحتفاظ بها.. تراجعتُ خطوةً إلى الوراءِ، فعادت رحى الحرب تطحنُ المشاعر على أعتابِ ذاك الدماغ.. أمسكتُ جمجمتي بكلتا يدي، وضغطتُ عليها بكل قوةٍ وأنا أترنحُ حيرةً وتذبذباً... أغمضتُ عيني .. وسرتُ إلى الخزانة .. أخرجت منها لفائفاً سوداء لففتُ بها فتاتي .. وخرجتُ في عتمةِ الليل أسابقُ نور الفجر. وفي دربي ... سمعتها! سمعت أنينها وصراخها – لأول مرةٍ – ترسل لحنا من حنجرتها. أجبرتني عذوبة الصوت ورقته على التوقفِ حيث سمعته .. وأخذت أعيد حساباتي وأراجع قراري الجاهلي وخلاصي. إلا أن صرخةً حاادةً -لربما هي من منطلق استشعارها بما يدور بخلد أمها القاسي- جعلتني أسرع الخطى إلى هدفي / حتفها ... سرت في مساربِ الظلامِ حتى وصلتُ المقبرةَ. تسمرت قدماي عند بوابتها.. وطَرقَ مخيلتي لحنُ الضمير "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور" وصوتٌ آخر يعلن خطأي! تداخلت الأصوات، وضغط الدم على عروقي المسممة حد الهلاك .. فجثوتُ على ركبتي وأنا أرسل الحروف مقطعةً: لا .. أر..يد ! أريد..كِ فـ..قط! ... أنـ تِ...فـ قـ ط! علت موجة صراخها تفاعلاً مع صوتي ورهبةِ المكان. حدقتُ فيها بعينين دموتين، وأطبقتُ على فمها بيدي بقوةٍ شديدةٍ فما رفعتها إلا على شهقةٍ عصرت فؤادي البائس، حين أحسَّ بصعوبةِ اجتذاب الأكسجين إلى رئتيها. عادت موجة التذبذب، وأخذتني الرحمة بها إلى حدٍ دعاني للبكاء كما لم أبكِ من قبـل. أطبقتُ على فمها أخرى، وعضضتُ لساني بفكي الظامي إلى جزيئاتِ ماءٍ نقي.. فسال الدم بمساحةِ الفم ومنها إلى وجهِ الصغيرة
رأيتُ شبحاً يطل من زاوية المقبرة، ويزجر بقايا الحياة في جسدٍ وقلب ... من هناك ؟؟!! أطلقت للريح ساقيّ وأخذتُ أعدو بلا خريطةٍ في صحاري الحياة اللامنقطعة! رفعت يدي عن فمها – وقد كنت أفعل بين الحين والآخر – لأسمح لجزيئاتِ الأكسجين أن تلجَ إلى خلايا أنسجتها المتقلصة. لفحُ الهواءِ لها وأنا أعدو أسكتها .. وأضاع مسارَ لحنها في عرضهِ الأخير.. فـصمتت في مشهدِ الخاتمةِ. لتتمَّ دورَ البطولةِ وتسندَ لي فلمَ المأساةِ..
وصلتُ إلى صحراءٍ بعيدةٍ ...."متفحمة"، بلا جهد، بلا لون، بلا شيء سوى .. ( طفله ) !! وكأن كل ذلك أحال الأنا بداخلي إلى وحشٍ لم تُعهد شراسته.. ولفرط الرهبة؛ رفعت طفلتي عالياً ثم هويتُ بها أرضاً وكأنها دمية. أطلقتْ على إثرها صرخةً كالسيفِ. كأول العزفِ لمقطوعةِ وداعٍ دفعتْ بجنوني إلى مطِّ شفتيّ بقدرِ ما تسمح مرونتهما بالاقتراب من أذني ... وخرجتُ من ابتسامتي إلى ضحكةٍ شرسة أعقبتها موجة "هسترية" من الضحك اللامبرر ! لأرتمي على الأرض .. أزيدُ من عمق جحرٍ رأيته بنثرِ ترابِ سطحه عن جانبيهِ وبعيداً .. حتى أصلُ إلى نقطةٍ شبهِ عميقة تلدغني عندها أفعى الجحر المحفور على ترنيمات موت الفؤاد ... فأنظرُ بسكرٍ إلى أفعاي تلك ... أهديها قبلةً، وأنزعها من يدي؛ لأرمي بها في أقصى الأفق وأعودُ إلى مشهدي.. أحفرُ قبر طفلتي على ترنيماتها المتهدجة. وأهديها بين الحين والآخر، صفعة حانية بكفي الغرقى بدمائها. تأملتُ قبرها ... بات عمقهُ يكفي لاحتضانِ فؤادي المنزوع .. وقفتُ عن يمينها وأهديتها ركلةً إلى قبرها .. كختامٍ لمشهد وداع الحياة بذاك المحبوسِ خلف قفصي .. بما يتناغمُ مع وحشةِ سواد الصحاري المقفرةِ .. كقلبي من بعدها. أسمعُ معزوفة بكائها التي أوشكت على الخمود .. فـ أُفَعِّلُ نغمة ضَحِكي المُضَادِّ وأنا أتراقصُ حولَ القبرِ وأنثرُ الترابَ برجلي على تلك اللفائفِ الفارغةِ إلا من المعنوياتِ الخياليةِ !
حتى إذا ما استوى القبر، أمطرتهُ بوابلِ دمعاتٍ تبخرَ أكبرُ ذراتِ تكوينها بمجردِ مُلامستها لحرارةِ وجنتيَّ . وكتبتُ عليهِ بدمي :: (( هنـَـا ... دفنتُ ... مشاعري / ابنتي ))