
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، وعلى التابعين لهم بإحسان الذين لا ينحرفون عن السنة ولا يعدلون أما بعد :
قال الله تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)الزخرف: آية 67. وقال تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا * / ياويلتى ليتنى لم اتخذ فلانا خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني و كان الشيطان للإنسان خذولاً)الفرقان: الآيات 27ـ29. فهذا شأن كل محبة في الدنيا، على غير طاعة الله.
و عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث من كن فيه و جد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبداً لا يحبه إلا لله تعالى، و من يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)) رواه البخاري و مسلم
و عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)) رواه مسلم
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((أن رجلا ً زار أخا له في قرية أخرى، فأرصدالله على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد. قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها. قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى. قال: فإني رسول الله إليك، أن الله تعالى قد أحبك، كما أحببته فيه)) رواه مسلم
المدرجة: الطريق، و تربها: أي تقوم بها، و تسعى في صلاحها.
و عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [قال الله تعالى]: ((و جبت محبتي للمتحابين في، و للمتجالسين في، و للمتزاورين في، و للمتباذلين في)) رواه مالك بإسناد صحيح
وعنه أيضاً قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي، لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون و الشهداء)).
رواه الترمذي و قال: حسن صحيح .
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء، يغبطهم الأنبياء والشهداء، قيل: من هم لعلنا نحبهم؟.قال: هم قوم تحابوا بنور الله، من غير أرحام ولا أنساب، و جوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(يونس: آية 62 رواه النسائي وابن حبان في ((صحيحه))وهذا لفظه.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يجلسهم يوم القيامة على منابر من نور، يغشي وجوههم النور، حتى يفرغ من حساب الخلائق)) رواه الطبراني بإسناد جيد.
وعنه أيضا(، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة لعمداً من ياقوت، عليها غرف من زبرجد، لها أبواب مفتحة، تضيء كما يضيء الكوكب الدري. قال قلنا: يا رسول الله من يسكنها؟ قال: المتحابون في الله تعالى و المتباذلون في الله تعالى و المتلاقون في الله تعالى)) رواه البزار.كشف الأستار)) رقم (3592)، وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/278): وفيه محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف. و أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان، و الببيهقي في ((الشعب)) كما في ((الكنز)) (9/5).
و عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب لله و أبغض لله، و أعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)) رواه أبو داود.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: كيف ترى في رجل، أحب قوما ًً ولم يلحق بهم؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرء مع من أحب)) رواه البخاري و مسلم.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، يرفعه قال: ((ما من رجلين تحاباً في الله تعالى بظهر الغيب، إلا كان أحبهما إلى الله تعالى، أشدهما حبا لصاحبه)) رواه الطبراني بإسناد جيد
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، و شاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحاباً في الله: اجتمعا على ذلك و تفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال: إني أخاف الله تعالى، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)) رواه البخاري و مسلم.
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال: ((أن تحب لله، وتبغض لله، و تعمل لسانك في ذكر الله تعالى، قال: و ماذا يا رسول الله؟ قال: ((و أن تحب للناس / ما تحب لنفسك، و تكره لهم ما تكره لنفسك)) رواه أحمد.
فليتأمل الناصح لنفسه هذه الأحاديث الصحيحة، المتواردةعلى وتيرة واحدة في خصوص هذه المسألة التي هي: الحب في الله و البغض في الله، الذي لا يعده أكثر الناس عملاً صالحاً. فضلاً عن كونه يعتقد، أنه من أفضل الأعمال الصالحة. فضلاً عن كونه يعتقد، أنه من فرائض الأعيان. فالله المستعان.
وصلى الله على محمد و آله و صحبه وسلم تسليماً .
أوثق عرى الإيمان - (ج 1 / ص 47)
للشيخ : سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب