قصة كتبها شاب جزائري كان قد تنصر عن غفلة ثم عاد الى ايمانه بعد ان تبين الطريق القويم بفضل الله عز و جل
و لقد حذفت المقدمة رغم محتواها الغني و ذالك لطولها و لعلمي ان معظم الناس لا يطلعون على محتواها
ارجو ان تستفيدوا و لا تنسونا من بعض دعائكم
كنت نصرانيـا
(شاب جزائري)
تأليف :محنــــــــــد أزواو
تقديــم
أعلم من متابعتي لقضايا وطني أنّ شبّانه يتعرضون لحملات متعددة ، ومخططات متنوعة لإبعادهم عن الإسلام، ويأتي في مقدمة هذه الحملات الداخلية والخارجية حملة تنصيرية شديدة ، تركّز بصفة خاصة على منطقة جرجرة ، وهي حملة مدعومة من مراكز التنصير المختلفة في أوربا -فرنسا على الخصوص -وأمريكا.
إنّ هذا الكتيب يروي قصّة شاب فتنه دعاة التضليل ، واستطاعوا تنصيره فترة من الزمن ، واستغلّوا الفتنة التي تتخبط فيها البلاد التي نشأ عنها فراغ روحي وفكري في نفوس بعض الناس وعقولهم ، وأوهموه ، كما أوهموا بعض الشبّان ، أنّ "الخلاص" الذي يبحثون عنه ، وأنّ الطمأنينة التي ينشدونها لا تحققها الاّ النصرانية .
وكذبوا ، فلو كانت النصرانية تضمن ذلك وتحقّقه لما وجدنا أنّ النسبة الكبرى للضياع في العالم توجد في المناطق التي يدين أهلها بالنصرانية ، رغم ما يتمتع به سكانها من رفاه مادّي ، وبحبوحة عيش .
يا مسيحي يا كريم أيضرك أن يكون الله أكبر؟
(يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الرّسُولُ بِالْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنّ للّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً(170)يَأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ إِنّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىَ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لّكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لُّه ما فِي السّمَاوَات وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً (171)) [سورة: النساء - الآية: 170-171]
الحمد لله رب السموات والأرض ، الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النّور ، الذي يهدي الضال ويعفو عن السيئات.
اللهمّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، تعرف سرّ قلبي ، عليك توكلت ، أشهد أن لا اله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا ( صلى الله عليه وسلم) عبده ورسوله ، هو أسوتي في العبادة الحقّة لله .
سفر التكوين أو بداية المأساة
في سنة 1995 ، سنة اعتناقي للنصرانية ، كانت الجزائر في أوج الغليان ، الركود في كل مكان ، وعلى جميع المستويات ، منطقتنا القبائل ، لم تلمسها حقا ظاهرة الإرهاب ، ولكن كنّا نعيش المقاطعة الدراسية ، ولست بصدد تقديم درس في التاريخ ، ولكن لأصف لكم كيف كانت تلك الحالة مرتعا خصبا لأكون فريسة للتنصير .
كان عمري آنذاك 20 سنة ، وكنت طالبا ثانويا ، إيماني بالله كان دائما في قلبي ، ولم أشك أبدا في وجود الله ، أليس كل هذا الخلق وهذا التنظيم الرائع والمنسجم للكون والحياة ، يشهد على وجوده ؟! (إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ) [سورة: الرعد - الآية: 3]
لكن : " قال الجاهل في قلبه : لا يوجد إله !" ) مزامير : 14 نص 1(.
عبادة الله كانت دائما بالنسبة لي أمرا محوريا وجوهريا ، كنت أقول في قرارة نفسي : يوما ما حتما سألتزم في سبيل الله ... أعترف أنّني كنت في تلك المرحلة لا أعرف شيئا عن الإنجيل ، وأنّ معرفتي بالإسلام كانت سطحية .
لم أقرأ قط القرآن الكريم ، سوى بعض السور والآيات ، شيء غريب ، أغلب النّاس يقرؤون مختلف الكتب التي هي أقوال البشر ، ولكن لا يقرؤون القرآن ، كلمة الله إلى البشر ... لا نعرف أيّ " سحر " يصدّ الناس عن قراءة هذا الكتاب ، هل هو مخصّص فقط للأئمة ؟!
في تلك المرحلة لم أكنّ متديّنا ، ولا ممارسا لواجباتي الدينية.
كانت المطالعة تسليتي المفضّلة ، فكانت بالتالي ملاذي الوحيد للهروب من الغمّ اليومي : الروتين والقلق .
لقد كانت قراءاتي عامة ، تقوم أساسا على الفكرة الغربية ، الفكرة التي لا تنفصل بتاتا عن أسلوب الإنجيل ، فكان من الصعب جدّا الهروب من التطلّع على زيادة المعرفة بهذه العقيدة ، إذ كنت ألتقي دوما بكلمات من الإنجيل ، مثل : " تحابوا فيما بينكم "، " أحب الربّ من كل قلبك ، بكل روحك ، وبكل أفكارك ".
هذه الكلمات أثرت فيّ بعمق ، لأن ميلي إلى الجانب الروحي كان مفرطا جدّا، إلى درجة أنّي كنت أصاب بالذهول أثناء قراءتها ، وهذا ولّد لديّ رغبة ملحة وعارمة لقراءة الكتاب المقدّس ، فقط قراءته ، وليس لكي أتنصّر !!.
كانت في قريتنا عائلة نصرانية جزائرية كنت لا أعرفها جيدا خاصة ربّ العائلة الذي كان يعيش في عزلة تقريبا .
لا أدري كيف أصفهم ؟ كانوا مسالمين محترمين محبوبين ...وبكلّ إيجاز واختصار : كانوا نصارى صادقين يُنَفّذون وصايا يسوع بقدر المستطاع.
فبدأ اهتمامي بهؤلاء النّصارى ، يزداد أكثر حتى وضعت نصب عيني هدف تزويدي بالإنجيل ، فاتّصلت بإبن هذا النّصراني الذي كان شابا في مثل سنّي ، أخذ كل واحد منا يقترب من الآخر ، وكنّا كثيرا ما نتحدث عن مواضيع روحية حتّى أصبحنا متجاوبين معا ، إلى غاية اليوم الذي وعدني فيه بإحضار العهد الجديد وكتاب حكم سليمان .
وهو ذاهب إلى السفر أوصى والديه بإعطائي الكتب ، اليوم الذي بعده - إن كانت ذاكرتي قوية وجيدة - ذهبت إلى أبيه لآخذ التصانيف الموعودة ، وأثناء تلاقينا ، قررنا السير لتبادل أطراف الحديث ... أحضَر الكتابَين ...وضعهما في جيبه ... وذهبنا في نزهة ... لن أنسى أبدا ذلك الوقت الذي أمضيناه معا ، حقا لقد بهرني الرجل في ذلك اليوم ، لا جرم أنّه كان يعيش في عزلة ، لكنه يخفي حتما أمورا ما !.
ونحن نسير معا ، قبل غروب الشمس ، كان يحدثني عن حياته ، وعن التغيير الذي أحدثه فيه يسوع ، وفسّر لي كيف كان يعيش فيما مضى في الظلمات والذنوب ، وكيف أنّ يسوع أنقذه ، وأخذه إلى النّور ، والطمأنينة والسعادة .ومنذ تلك اللحظة وآلة الاقتناع بدأت تفعل فعلها فيّ طبعا ، كان الرجل يظن أنّ الروح القدس هو الذي يساعده في الوعظ ، أما أنا فلم أكن أعلم أنّه كلما توغلنا في ظلام الليل ، كلما توغلت في ظلام التنصير .
إنّ خطة الوعظ عند المنصّر يتمثل في إقناع الشخص الذي يعظ ، والإثبات له بأنّه نجس ، دنس ، غارق في الظلام ، وذلك طبعا لفطرتنا ، لأن أبوينا - آدم وحواء ( عليهما الصلاة والسلام ) - هما أول من أذنب ، وبعد أن يقتنع الشخص بهذا ، يعرفه بالوجه المخالف ، قداسة الربّ ، مجده ، طهره ، مما يجعل الشخص في حيرة من أمره :
فكيف يمكن له أن يتوب إلى الله المقدس الطاهر، وهو ملوث بالذنوب والدنس؟
ثم ينتقل المنصّر إلى الطور الأخير ، ضاربا الضربة القاضية ، تلك التي تطمئنه ، بأنّ الله يحبه ويريد أن ينقذه من هذا ، ثم يتلو عليه النص المشهور ، والذي حسب النصارى يختصر الكتاب المقدس " لكن هكذا أحبّ الله العالم حتى وهب ابنه الأوحد ، فلا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " ( إنجيل يوحنا : 3 نص 16).
إذن " بوسيلة الإيمان " يكون الخلاص ، وذلك بأن تعتقد أنّ يسوع هو " ابن الله " ومات على الصليب من أجل ذنوب البشر ، وأنّ الخطايا دفنت معه في القبر ، ثم في اليوم الثالث يبعث نقيا منيرا ، تاركا الذنوب تحت التراب .
فيكون الشخص إذن أمام اختيارين :
- إما أن يؤمن بهذا وذنوبه كلها مغفورة ، وهذا يؤهله إلى حياة منيرة أبدية ، وهو مبرأ أمام الربّ بهذه العقيدة.
- أو يجهل كلّ هذا ، ويموت بذنوبه ، وسيكون مستوجب العقاب الأبدي ( إنجيل مرقس : 16نص 15).
* * *
أعزائي القرّاء ؛ هلاّ فهمتم عملية التلاعب هذه ؟
إنّ الاعتقاد في النصرانية يتمثل في اعتقاد أعمى !
ألم يأت في الإنجيل : " إن آمنت تشاهدين مجد الله " ؟ ( إنجيل يوحنا :11 نصّ 40).
فالواعظ إذن يجمّد عقلك ، ويركز على العواطف فقط.
إنّه يثير فيك شعور الإحساس بالذنب ، والخوف من الموت بذنوبك من جهة ، ومن جهة أخرى يثير فيك شعورا بالأمل .
وبهذه الكيفية وقعت في هذه الحيلة ، ونحن نسير في منتصف الليل ، وأنا لا أميّز تماما وجه المنصّر، ولا أسمع سوى كلمات سحرية وعذبة مثل العسل .
لم أفهم ماذا يحدث لي ؟ لم أعرف أينبغي لي أن أخاف أم أكون مطمئنا؟
كنت أتساءل في مكنون نفسي: من هذا الرجل ؟ مع من لي الشرف ؟ هل مع الشيطان أم مع ملاك ؟ وقبل أن نفترق قدّم لي الكتابين .
شيء عجيب ، منذ ذلك الحين وصورة هذا الرجل لم تعد تفارق مخيلتي ...
وصلت إلى الدار وفي ساعة متأخرة من الليل ، تناولت العشاء بسرعة ، ودخلت غرفتي وبدأت في قراءة العهد الجديد بلهفة شديدة ، قرأت إذن الأناجيل ، والتي كانت أمنيتي ، لقد انبهرت انبهارا شديدا بنورانية كلمات يسوع ، كانت لا تتحدث إلاّ عن الحب والمغفرة . وانبهرت من المعجزات والبركات التي يتركها أينما حلّ( عليه السلام).
كان أفقا جديدا فتح أمامي ، لقد كان المثل الأعلى !ثم نمّت متأخرا تلك الليلة .
بعد استيقاظي في صبيحة الغد ، الأحاسيس التي أحسست بها داخليا كانت نفسها ، شعرت أنّي في نور وسعادة ، ومنذ ذلك الحين وزياراتي لهذا الشخص النصراني تتكرّر ، حتى شعرت أنّي جد متعلق به...
لم أعتنق النصرانية مباشرة ... لكن كنت أشعر دوما بشيء ما يدعو قلبي لإعتناق هذه العقيدة، كان هناك حاجزان اثنان: التثليث والإسلام..
غير أنّي - مع فرط ما تحدثت مع النصراني - إتضح لي كل شيء ، إذ كان يحدثني عن الإسلام معتبرا إياه عقيدة الشيطان ، أمّا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فهو عنده مدّعي النبوة ، كان يردد عليّ مرارا كلمة المسيح( عليه الصلاة السلام) في الإنجيل التي يقول فيها : " كل شجرة طيبة تحمل ثمارا طيبة ، لكن الشجرة الخبيثة تؤتي ثمارا خبيثة " ( إنجيل متى 7نص 17).
فالإسلام مثل ما يزعمون : شجرة خبيثة : تؤتي ثمارا خبيثة ، وثمار الإسلام هي الإرهاب ، الجريمة ، العنف.
أمّا فيما يخص التثليث فكان يقول لي بأنّ النّصارى لا يعبدون إلاّ إلها واحدا، والذي يتجلّى في ثلاثة أشخاص !! الأب، الابن، الروح القدس !!
والذي يكونوا واحدا وهم متساوون !!ولكي يفسر هذه " الجمبازية الروحية " قدّم لي النّصراني مثاله الشهير : (فالإنسان خلق على صورة الله ، مثل ما يقول الإنجيل ، فهو يملك جسدا ، وروحا ونفسا ولكنّهم شيء واحد).
وبجهل منّي ، بدا لي أنّ الأمور واضحة ، فلم يبق لي إلا أن أتبنى الجهر بالعقيدة الجديدة ، وأن ألتزم في طريق المسيح ، والذي صار منذ ذلك الوقت سبيلي وحقيقتي .
وفي صبيحة أحد الأيام ، ذهبت إلى النّصراني لأجهر بإيماني ، وكم كانت سعادته كبيرة ... وأصبحت منذ ذلك الحين " ابن الله ".
ولم أكن أعلم أنّي أمضيت عقدا مع الشيطان.
و لقد حذفت المقدمة رغم محتواها الغني و ذالك لطولها و لعلمي ان معظم الناس لا يطلعون على محتواها
ارجو ان تستفيدوا و لا تنسونا من بعض دعائكم
كنت نصرانيـا
(شاب جزائري)
تأليف :محنــــــــــد أزواو
تقديــم
أعلم من متابعتي لقضايا وطني أنّ شبّانه يتعرضون لحملات متعددة ، ومخططات متنوعة لإبعادهم عن الإسلام، ويأتي في مقدمة هذه الحملات الداخلية والخارجية حملة تنصيرية شديدة ، تركّز بصفة خاصة على منطقة جرجرة ، وهي حملة مدعومة من مراكز التنصير المختلفة في أوربا -فرنسا على الخصوص -وأمريكا.
إنّ هذا الكتيب يروي قصّة شاب فتنه دعاة التضليل ، واستطاعوا تنصيره فترة من الزمن ، واستغلّوا الفتنة التي تتخبط فيها البلاد التي نشأ عنها فراغ روحي وفكري في نفوس بعض الناس وعقولهم ، وأوهموه ، كما أوهموا بعض الشبّان ، أنّ "الخلاص" الذي يبحثون عنه ، وأنّ الطمأنينة التي ينشدونها لا تحققها الاّ النصرانية .
وكذبوا ، فلو كانت النصرانية تضمن ذلك وتحقّقه لما وجدنا أنّ النسبة الكبرى للضياع في العالم توجد في المناطق التي يدين أهلها بالنصرانية ، رغم ما يتمتع به سكانها من رفاه مادّي ، وبحبوحة عيش .
يا مسيحي يا كريم أيضرك أن يكون الله أكبر؟
(يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الرّسُولُ بِالْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنّ للّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً(170)يَأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ إِنّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىَ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لّكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لُّه ما فِي السّمَاوَات وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً (171)) [سورة: النساء - الآية: 170-171]
الحمد لله رب السموات والأرض ، الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النّور ، الذي يهدي الضال ويعفو عن السيئات.
اللهمّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، تعرف سرّ قلبي ، عليك توكلت ، أشهد أن لا اله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا ( صلى الله عليه وسلم) عبده ورسوله ، هو أسوتي في العبادة الحقّة لله .
سفر التكوين أو بداية المأساة
في سنة 1995 ، سنة اعتناقي للنصرانية ، كانت الجزائر في أوج الغليان ، الركود في كل مكان ، وعلى جميع المستويات ، منطقتنا القبائل ، لم تلمسها حقا ظاهرة الإرهاب ، ولكن كنّا نعيش المقاطعة الدراسية ، ولست بصدد تقديم درس في التاريخ ، ولكن لأصف لكم كيف كانت تلك الحالة مرتعا خصبا لأكون فريسة للتنصير .
كان عمري آنذاك 20 سنة ، وكنت طالبا ثانويا ، إيماني بالله كان دائما في قلبي ، ولم أشك أبدا في وجود الله ، أليس كل هذا الخلق وهذا التنظيم الرائع والمنسجم للكون والحياة ، يشهد على وجوده ؟! (إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ) [سورة: الرعد - الآية: 3]
لكن : " قال الجاهل في قلبه : لا يوجد إله !" ) مزامير : 14 نص 1(.
عبادة الله كانت دائما بالنسبة لي أمرا محوريا وجوهريا ، كنت أقول في قرارة نفسي : يوما ما حتما سألتزم في سبيل الله ... أعترف أنّني كنت في تلك المرحلة لا أعرف شيئا عن الإنجيل ، وأنّ معرفتي بالإسلام كانت سطحية .
لم أقرأ قط القرآن الكريم ، سوى بعض السور والآيات ، شيء غريب ، أغلب النّاس يقرؤون مختلف الكتب التي هي أقوال البشر ، ولكن لا يقرؤون القرآن ، كلمة الله إلى البشر ... لا نعرف أيّ " سحر " يصدّ الناس عن قراءة هذا الكتاب ، هل هو مخصّص فقط للأئمة ؟!
في تلك المرحلة لم أكنّ متديّنا ، ولا ممارسا لواجباتي الدينية.
كانت المطالعة تسليتي المفضّلة ، فكانت بالتالي ملاذي الوحيد للهروب من الغمّ اليومي : الروتين والقلق .
لقد كانت قراءاتي عامة ، تقوم أساسا على الفكرة الغربية ، الفكرة التي لا تنفصل بتاتا عن أسلوب الإنجيل ، فكان من الصعب جدّا الهروب من التطلّع على زيادة المعرفة بهذه العقيدة ، إذ كنت ألتقي دوما بكلمات من الإنجيل ، مثل : " تحابوا فيما بينكم "، " أحب الربّ من كل قلبك ، بكل روحك ، وبكل أفكارك ".
هذه الكلمات أثرت فيّ بعمق ، لأن ميلي إلى الجانب الروحي كان مفرطا جدّا، إلى درجة أنّي كنت أصاب بالذهول أثناء قراءتها ، وهذا ولّد لديّ رغبة ملحة وعارمة لقراءة الكتاب المقدّس ، فقط قراءته ، وليس لكي أتنصّر !!.
كانت في قريتنا عائلة نصرانية جزائرية كنت لا أعرفها جيدا خاصة ربّ العائلة الذي كان يعيش في عزلة تقريبا .
لا أدري كيف أصفهم ؟ كانوا مسالمين محترمين محبوبين ...وبكلّ إيجاز واختصار : كانوا نصارى صادقين يُنَفّذون وصايا يسوع بقدر المستطاع.
فبدأ اهتمامي بهؤلاء النّصارى ، يزداد أكثر حتى وضعت نصب عيني هدف تزويدي بالإنجيل ، فاتّصلت بإبن هذا النّصراني الذي كان شابا في مثل سنّي ، أخذ كل واحد منا يقترب من الآخر ، وكنّا كثيرا ما نتحدث عن مواضيع روحية حتّى أصبحنا متجاوبين معا ، إلى غاية اليوم الذي وعدني فيه بإحضار العهد الجديد وكتاب حكم سليمان .
وهو ذاهب إلى السفر أوصى والديه بإعطائي الكتب ، اليوم الذي بعده - إن كانت ذاكرتي قوية وجيدة - ذهبت إلى أبيه لآخذ التصانيف الموعودة ، وأثناء تلاقينا ، قررنا السير لتبادل أطراف الحديث ... أحضَر الكتابَين ...وضعهما في جيبه ... وذهبنا في نزهة ... لن أنسى أبدا ذلك الوقت الذي أمضيناه معا ، حقا لقد بهرني الرجل في ذلك اليوم ، لا جرم أنّه كان يعيش في عزلة ، لكنه يخفي حتما أمورا ما !.
ونحن نسير معا ، قبل غروب الشمس ، كان يحدثني عن حياته ، وعن التغيير الذي أحدثه فيه يسوع ، وفسّر لي كيف كان يعيش فيما مضى في الظلمات والذنوب ، وكيف أنّ يسوع أنقذه ، وأخذه إلى النّور ، والطمأنينة والسعادة .ومنذ تلك اللحظة وآلة الاقتناع بدأت تفعل فعلها فيّ طبعا ، كان الرجل يظن أنّ الروح القدس هو الذي يساعده في الوعظ ، أما أنا فلم أكن أعلم أنّه كلما توغلنا في ظلام الليل ، كلما توغلت في ظلام التنصير .
إنّ خطة الوعظ عند المنصّر يتمثل في إقناع الشخص الذي يعظ ، والإثبات له بأنّه نجس ، دنس ، غارق في الظلام ، وذلك طبعا لفطرتنا ، لأن أبوينا - آدم وحواء ( عليهما الصلاة والسلام ) - هما أول من أذنب ، وبعد أن يقتنع الشخص بهذا ، يعرفه بالوجه المخالف ، قداسة الربّ ، مجده ، طهره ، مما يجعل الشخص في حيرة من أمره :
فكيف يمكن له أن يتوب إلى الله المقدس الطاهر، وهو ملوث بالذنوب والدنس؟
ثم ينتقل المنصّر إلى الطور الأخير ، ضاربا الضربة القاضية ، تلك التي تطمئنه ، بأنّ الله يحبه ويريد أن ينقذه من هذا ، ثم يتلو عليه النص المشهور ، والذي حسب النصارى يختصر الكتاب المقدس " لكن هكذا أحبّ الله العالم حتى وهب ابنه الأوحد ، فلا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " ( إنجيل يوحنا : 3 نص 16).
إذن " بوسيلة الإيمان " يكون الخلاص ، وذلك بأن تعتقد أنّ يسوع هو " ابن الله " ومات على الصليب من أجل ذنوب البشر ، وأنّ الخطايا دفنت معه في القبر ، ثم في اليوم الثالث يبعث نقيا منيرا ، تاركا الذنوب تحت التراب .
فيكون الشخص إذن أمام اختيارين :
- إما أن يؤمن بهذا وذنوبه كلها مغفورة ، وهذا يؤهله إلى حياة منيرة أبدية ، وهو مبرأ أمام الربّ بهذه العقيدة.
- أو يجهل كلّ هذا ، ويموت بذنوبه ، وسيكون مستوجب العقاب الأبدي ( إنجيل مرقس : 16نص 15).
* * *
أعزائي القرّاء ؛ هلاّ فهمتم عملية التلاعب هذه ؟
إنّ الاعتقاد في النصرانية يتمثل في اعتقاد أعمى !
ألم يأت في الإنجيل : " إن آمنت تشاهدين مجد الله " ؟ ( إنجيل يوحنا :11 نصّ 40).
فالواعظ إذن يجمّد عقلك ، ويركز على العواطف فقط.
إنّه يثير فيك شعور الإحساس بالذنب ، والخوف من الموت بذنوبك من جهة ، ومن جهة أخرى يثير فيك شعورا بالأمل .
وبهذه الكيفية وقعت في هذه الحيلة ، ونحن نسير في منتصف الليل ، وأنا لا أميّز تماما وجه المنصّر، ولا أسمع سوى كلمات سحرية وعذبة مثل العسل .
لم أفهم ماذا يحدث لي ؟ لم أعرف أينبغي لي أن أخاف أم أكون مطمئنا؟
كنت أتساءل في مكنون نفسي: من هذا الرجل ؟ مع من لي الشرف ؟ هل مع الشيطان أم مع ملاك ؟ وقبل أن نفترق قدّم لي الكتابين .
شيء عجيب ، منذ ذلك الحين وصورة هذا الرجل لم تعد تفارق مخيلتي ...
وصلت إلى الدار وفي ساعة متأخرة من الليل ، تناولت العشاء بسرعة ، ودخلت غرفتي وبدأت في قراءة العهد الجديد بلهفة شديدة ، قرأت إذن الأناجيل ، والتي كانت أمنيتي ، لقد انبهرت انبهارا شديدا بنورانية كلمات يسوع ، كانت لا تتحدث إلاّ عن الحب والمغفرة . وانبهرت من المعجزات والبركات التي يتركها أينما حلّ( عليه السلام).
كان أفقا جديدا فتح أمامي ، لقد كان المثل الأعلى !ثم نمّت متأخرا تلك الليلة .
بعد استيقاظي في صبيحة الغد ، الأحاسيس التي أحسست بها داخليا كانت نفسها ، شعرت أنّي في نور وسعادة ، ومنذ ذلك الحين وزياراتي لهذا الشخص النصراني تتكرّر ، حتى شعرت أنّي جد متعلق به...
لم أعتنق النصرانية مباشرة ... لكن كنت أشعر دوما بشيء ما يدعو قلبي لإعتناق هذه العقيدة، كان هناك حاجزان اثنان: التثليث والإسلام..
غير أنّي - مع فرط ما تحدثت مع النصراني - إتضح لي كل شيء ، إذ كان يحدثني عن الإسلام معتبرا إياه عقيدة الشيطان ، أمّا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فهو عنده مدّعي النبوة ، كان يردد عليّ مرارا كلمة المسيح( عليه الصلاة السلام) في الإنجيل التي يقول فيها : " كل شجرة طيبة تحمل ثمارا طيبة ، لكن الشجرة الخبيثة تؤتي ثمارا خبيثة " ( إنجيل متى 7نص 17).
فالإسلام مثل ما يزعمون : شجرة خبيثة : تؤتي ثمارا خبيثة ، وثمار الإسلام هي الإرهاب ، الجريمة ، العنف.
أمّا فيما يخص التثليث فكان يقول لي بأنّ النّصارى لا يعبدون إلاّ إلها واحدا، والذي يتجلّى في ثلاثة أشخاص !! الأب، الابن، الروح القدس !!
والذي يكونوا واحدا وهم متساوون !!ولكي يفسر هذه " الجمبازية الروحية " قدّم لي النّصراني مثاله الشهير : (فالإنسان خلق على صورة الله ، مثل ما يقول الإنجيل ، فهو يملك جسدا ، وروحا ونفسا ولكنّهم شيء واحد).
وبجهل منّي ، بدا لي أنّ الأمور واضحة ، فلم يبق لي إلا أن أتبنى الجهر بالعقيدة الجديدة ، وأن ألتزم في طريق المسيح ، والذي صار منذ ذلك الوقت سبيلي وحقيقتي .
وفي صبيحة أحد الأيام ، ذهبت إلى النّصراني لأجهر بإيماني ، وكم كانت سعادته كبيرة ... وأصبحت منذ ذلك الحين " ابن الله ".
ولم أكن أعلم أنّي أمضيت عقدا مع الشيطان.