............
يوم حار .. رياح ساخنة.. تلفح وجوه كل من بالخارج ..
فراغ ...يعم تلك الأرض.. المسطحة... الساطعة ...لانعكاس اشعة الشمس الحارقة عليها ..
لكن... هناك ...ظِلّ يزحف وسط ذلك السطوع ...
دخل السوبرماركت بمظلته ''الوستارنية'' ...
...رمق التاجر الكوري المسكين بنظرة غضب
قال بجدية .. أريد ''غيتارا'' ... مسدسا بحشوتي رصاص ... وكمية من المورفين...
لكن سرعان ما أطلق النار على رأس التاجر .. فأرداه قتيلا ...قبل ان ينطق كلمة واحدة ...
نظر الى جثة البائع الهامدة ... طويلا.. بنظرات يعمها ...الحقد والاستحقار ..معقبا اياها بضحكة ساخرة ...
(هه !..لآ فائدة من الكوريين) ..
خرجت من ذلك المحل فزعا ..
انها أميركا ... الكثير من المتبجحين... على جميع الوان سكان الأرض ..
يجولون في الشوارع الواسعة لهذه المدينة ..التي لم أجد لها مدخلا واضحا لحد الآن ..
كنت كالذي يجول في دوامة لا متناهية ...
قد يدور حولها مرارا ...
حول نقطة واحدة ..ربما ..
لكن ...أبدا ...لن يعرف أين هو ؟؟ .. أو الى أين سيصل
كان محيطا غير مألوف بالنسبة لي ...
كنت أحاول وبصعوبة ... أن أعتاد جسديا على هكذا جو ...
كان علي حتى تبديل ايقاع تنفسي ...
كأن أوكسجينهم .. كان غير اوكسجيننا ...
كنت احس بما يشبه الدوار بين الحين والآخر ...
لكن الدوار ...كان من الأشياء ...التي رافقتني طوال جولتي بهذه الدنيا ..
مذ ان أدركت أنني انسان ..
مع ذكر حقيقة انه ازداد مؤخرا ... بعد خروجي من المستشفى ...
ففي الفترة الأخيرة ... لم أعد حتى احتمل الركوب في الطائرة ...
والسفر لمسافات طويلة ...- كنت أطمئن نفسي بأنه دوار السفر لا غير - ..
لم يكن هناك شيء جد مميز .... بالمدينة ..
لعل ذلك يعود الى ان كل شيء ...وبدون استثناء .. كـآن مميزا ...
طابع البناء ... مفترقات الطرق وتجمعاتها ... الشرطة ... السيارات ... حتى لآفتات المرور كانت مميزة ...
والأكثر تميزا ...كان اختلاف هندام المارة ... وانشغالهم البادي على اعينهم ..
قبل ان يتوضح هذا الانشغال أكثر .. من رنات هواتفهم ..
التي لم تكد تتوقف ... عن الطنين في اذني ..
طوال سيري بينهم ...
. كان علي ان اغير قليلا من مظهري ..
أحسست بغرابتي ..
- رغم ان الكل من حولي كانوا حتى أغرب مني - ...
دخلت الى محل للحلاقة ..
الكثير من الحلاقين .. يعملون بسرعة خيالية ..
ويتحدثون أيضا بسرعة خيالية ...
كانوا يتطرقون الى كل المواضيع في العالم تقريبا ...
يمرون من موضوع لآخر... دون أن أنتبه لذلك ... الا بعد فوات الأوان ...
كانوا يتخاصمون ..
يسخرون ...
ثم يعودون للعمل بصمت للحظة....
قبل ان ينطلق موضوع جديد ....
كان من المسلي الاستماع الى نقاشاتهم ...
لعلها كانت امتيازا اضافيا ... لاغاثة الزبون من ملل الانتظار ...
رغم ان كل شيء كان اسرع مما توقعت ...
تيقنت معظم الجالسين .. افارقة اميريكيون ...
وهذا واضح من لون بشرتهم الداكن ... وغلظ نسبي في انوفهم ...
لطالما شد انتباهي في ملامح الأفارقة ...
لاحظت ان الصلعة كانت غالبة على رؤوسهم ..
ربما هي الأنسب لهم ... بسبب رؤوسهم المستديرة الداكنة ...
انه دوري ...
اخبرت الحلاق عن نيتي بـ ''تصليع'' رأسي أيضا ...
رغم ان ذلك سيظهر الوشم المطبوع في قفاي ... والذي أخفاه شعري لسنين ..
لكنه ..... لم يكن ذنبي
و لا اعلم حتى من وشمه لي فذلك الوشم اللعين رافقني مذ كنت صغيرا
انا قلق ...من أن يلفت الأنظار نحوي ... ابتداءا من الحلاق نفسه ...
هذا الأخير... الذي أطرق موافقا ... لكن لم يعرني بعدها اهتماما بالغا.. عندما كان بصدد الحلاقة ..
كان مركزا تماما .... على عمله .. .....
خرجت من المحل .. بعد ان عاينت مظهري ...
من دون شعر ولا قبعة ...
كان مقبولا ... كل شيء ..مقبول ..و غير مقبول ..هنا ...
علي الاعتياد على هذه ..التناقضات ...
عدت الى جولتي الأولية .. في دوامة الشوارع ،تلك ....
كان كل شيء موزعا بشكل رهيب .. شكل جد قريب للمثالية ..
فمختلف الشعوب ..كانت تتقاسم نشاطات منطقة واحدة ... كل حسب ما يبرع فيه ...
خذ مثلا ...الفرنسيين ...بمحلات العطور والملابس الراقية ... ولكنتهم الغائية ...
تصحبها ايماءات بالأيدي ... تغلب عليها حركات تشبه حركات راقصي باليه ...
او شيء ما شاهدته بمسرحية لآ أذكر حتى اسمها ...
ربما كان هذا جيدا لهم ... فعلى الأقل .. يمكنهم ايصال أفكارهم ... للبكم .. مثلا ..
الانجليز.. ببدلاتهم الأنيقة... ونظراتهم ''المتأملة'' حسب ما يزعم بعضهم ...
يبحثون دائما عن مفتاح لباب لآ وجود له ... ويعللون ذلك بأن من لا يرى الباب بالدرجة الأولى ...
لن يفيده عناء البحث عن المفتاح ... عن أي مفتاح وأي باب يتحدثون .. هم فقط من يعلم ..او يدعي العلم ...
على أي حال ... يمكنني ان أرى بعضهم .. يدخلون مباني ضخمة ...أظنها لشركات ..أو وكالات...
.. هممم من يدري ... أو فلنقل .. من يهتم ؟ ..
عند انسحابي بشارع فرعي واحد للداخل ... وسط تلك الشوارع الواسعة الرئيسية ...
تربع اللون الأسود على عرش ألوان البشرة ...
لم يكن يبدو ان جميعهم كانوا بطيبة من في محل الحلاقة ...
كانوا أفارقة أيضا ...
لكن من نوع ... او لنقل أنواع اخرى ....
من السهل استفزازهم ... ومن الصعب اقتناص فرصة لكسب معلومة منهم ...
كانت نظراتهم الميتة ... تجعل كل قراءاتي لأفكارهم ... عقيمة ...
هم عموما من عشاق ... الايقاع ... التسلح ... البهرجة ... بكل ما يلمع ...
وكما سمعت عنهم ...لم يكونوا عموما من محبي أي شيء حكومي حولهم ...
..وهكذا يتواصل التوزع ..
فالباكستانيون سائقو تاكسي ..
الصينيون بائعو سمك ..
اللاتينيون .. عمال نظافة..
لكن الخطأ الفــآدح .. أن الكوريين كانوا كثيرين كبائعين في السوبر ماركت )
كانت بالفعل شبكة لا متناهية من الأعراق ...
قلما تستطيع العثور عليها ...
في اي من بلدان العالم ...
لكن كان من الأكيد ان هذه العملة الذهبية للتعايش ...
تخفي تحتها وجها آخر ...
يعرفه فقط من استطاع البقاء ...هنا ...لفترة ...كافية لقلب تلك العملة ....
اذن ...فقد كان من السهل جدا .. التعرف على اصول المارة ..وسط هذا الاختلاط ..المزيف ..للأعراق ...
لكن السؤال .. اين العرب ... ؟؟!
لم ألاحظ أي ملامح عربية في الطريق ..
رغم ان هدا كان جد... طبيعي ..
فلم أكن أبدا اتوقع من العرب ... محبي الغموض ...
ان يجعلوا ... أوكارهم ...على قارعة هذه الطرق ..المليئة بالحركة ..
شعرت للحظة ... بشيء ... كان اقرب الى تسمية ...الحاجة لبني وطني ...
رغم انني لست قوميا على الاطلاق ...
كل ما اهمني كان نفسي بالدرجة الأولى ...ولطالما كنت صريحا بشأن ذلك ...
عدا بعض الأهداف ..التي يرتأي لي ..انه يتوجب تحقيقها ...
ويحدث عرضا ان تكون متلعقة ببعض ما يهمهم ...
فكل ما ربطني ببني وطني ... هو مجرد مصالح ... مشتركة ..
لكن شيئا ما في زمرة دم الانسان ... يدفعه الى التعلق بفئة معينة من الناس ...
مهما كانت الظروف ...
انه الدم اللعين اذا ..المسيطر علينا نحن البشر ...
فلطالما كان ذلك السائل الأحمر ... سبب قوتنا وضعفنا معا
في غضون تجوالي.. كنت اتفقد كل شيء بعناية ...
كنت اراقب اعين الناس ايضا ... وكانت بعض الأعين تراقبني .. كلما اقطع طريقا ..
او اقف على الرصيف لوهلة ..
لأتبين ان كنت قد مررت بهذه الشوارع سابقا أم لا ...
أحسست بالبعض يرمق وشمي بنظرات مستغربة ...
لكني لم أعرهم اهتماما بالغا ... وذلك ليقيني بعدم ادراكهم لمعناه ..
فقد كان فقط يلفت انتباه عينة غير مربكة من الناس ..
أطفال صغار يركضون تباعا ... يتوقفون فجأة ليرسلوا كلمات اعجاب او استغراب منه...
شيخ وعجوز .. يستندان على بعضهما فوق كرسي بالحديقة ... ''حب الثمانينات ''
... ينظر الشيخ الى الوشم ويغرق في بحر ذكرياته ..
عسى ان يجد... نسخة من هذا الوشم فيها ...
لكن ...
بشكل مفاجئ ..
صوت رقيق... شد انتباهي ...
وسط كل تلك الأصوات ...
التي لا حصر لهـآ ...
كنت كالمفيق من غيبوبة طويلة ...
كان صوت فتاة ...صهباء ...
آتية من الجهة المقابلة للشارع ...
تتحدث ...عبر الهاتف ...
تتكلم العامية الجزائرية .. لا، بل ..وبكل طلاقة ..
حاولت متعمدا .. لفت انتباهها لي ..
ما لم يكن بالأمر الصعب ...
فرغم شدة تركيزها على ..مكالمتها ..
-- والتي حسب فهمي النسبي للهجتها الوهرانية .. كانت من ''والدتها''...
تسأل عن سبب غيابها... لكن غيابها من أين؟؟ ... سؤال شغل ذهني لوهلة .. --
كانت تنظر مباشرة صوبي .... في غضون سلسلة تبريراتها ...
التي لم تتوقف عن ارسالها ..عبر الهاتف ...
لكنها كانت تتكلم عبارات ... شبه معدة مسبقا ...
فملامحها لم تتغير بحسب ما تتكلمه ...
و كأنها ..وبوضوح ..ترسل رسالة أخرى ... ربما ...لي أنا ..
بعينيها العذبتين
كــآن وراء تلك العذوبة .... شيء ، ان لم أقل ..أشيــآء.. مريبة ...
لطالما تفاخرت ..بقدرتي على قراءة ..تفكير الناس..
من اعينهم ...وطريقة نظرهم ...
لكني ، وبطريقة ما ...
عجزت تماما ...عن فهم ما خلف هاتين العينين ..بالذات ..
تملكني بعض التوتر ... لم استطع مقاومته .. لم استطع اخفاءه ...
لعلي كنت ...أنا ...فريستها ... تساءلت بحيرة .. بادية على وجهي ...
فقد ارتسمت ابتسامة لئيمة في وجهها ...
جعلتني أتأكد من أحساسها بتوتري ...
اللعنة !!.. ما أغباني ....
فقدت تركيزي ... خسرت خطواتي المتوازنة ..
امتعضت ملامح وجهي ...
أحسست بكل دمائي تندفع ...مرة واحدة الى فوق ...نحو دماغي ...
أمسكت رأسي بين يدي ...
لعلي استطيع ايقاف ذلك التشويش المتواصل ...
الذي يكاد يصم اذني .. والذي بدأ يتزايد بسرعة ... كنوبة مفاجئة ...
ثم سرعان ما راح يتناقص حتى توقف ...
بدأت أهدأ ...
عدت بنظري الى الجهة المقابلة من الطريق ...
أين هي ؟ ...
لقد اختفت .... بكل بساطة ... نعم ..
أكيد ، ما أسهل أن تختفي وسط هذه الحشود ...
لقد تغيرت كل الوجوه ...
يالنشاط هذا البلد ...
لم ار مثل هذا النشاط بحياتي ..
شعرت شعورا أبله ..
نعم ... احسست بلوم داخلي يخنقني ..
لكن لماذا ألوم نفسي ؟؟ .. هل ارتكبت اي خطأ ؟؟
...مـَنْ تلك الفتاة على كل حال ؟؟...ماذا تريد مني ؟؟
لم شدت انتباهي من البداية؟؟ ...
ولم انتبهت لي أصلا ؟؟.. لماذا لم تمر كباقي الناس ؟؟..
كيف استطاعت ان تسيطر على حواسي .. وتنفذ بسلام .. ؟؟من أين لها هذه القدرة على التأثير ..؟
هل أعرفها .. هل تعرفني ؟؟ .......
كانت اسئلة كثيرة تدور في ذهني ...
باجابات مبهمة .... حتى الأسئلة نفسها كانت مبهمة ...
فقط كنت أتساءل عن ما لم أدركه ... تلك الأفكار التي اتت في لحظة واحدة ..
لم استطع حتى أن أصوغ سؤالا واضحا ...
كنت وبكلي ... مضطربا ..
قررت الابتعــآد عن الأنظار ... لكن أي انظار؟؟ ... لا أعلم !، فعلا ! ....
لم اعد ادري ..ممن يجب توخي ..الحذر ...
فقط ..صارت تتملكني ...ريبة فظيعة ...بكل من حولي ...
اخترت شارعا متوسط الازدحام ... وسط ذلك الأخطبوط الضخم من الشوارع...
جلست في ركن الشارع ... قرب محل... لم أدري حينها ...محل ماذا؟؟ ..
لم أكن في حالة تدعني الاحظ ...
كل ما استطعت فعله ..
هو اني وجدت مكانا مريحا للجلوس ... وبقيت اراقب المارة في ..سكون .
لم أستغرق وقتا طويلا ..
لآكتشف ان المحل الذي خلفي ...هو محل لأطعمة سريعة ...
لكني لم أر اي كم من زبائن ...الأطعمة السريعة ...
والتي تعد الأكتر رواجا ...في هدا البلد ... السريع بذاته ..
صار ذلك المحل مستَقَرًا نسبياً لي ...
فكل احتياجاتي.. من طعام .. شراب .. كنت اقتنيها منه ..
... كل شيء ..
كان صاحب المحل... كهلاً طيباً بالفعل ...
فقد عاملني بكل احترام ... لطالما استقبلني بحرارة استقبال والد لابنه ..
رغم عدم معرفتي به من قبل ..
الطيبة ... آخر صفة توقعت ايجادها في وحشة هذا البلد ...
لعل هذا مما يثبت نظريتي التناقض .. وتوقع أي شيء .
مرت علي ايام ... اختليت بها بنفسي ..
كنت كراهب بوذي في جبل شاهق منعزل من نواحي التبت ..
لكن خلوتي كانت في اغزر مدينة بالحياة ... ربما في العالم ...
في تلك الزاوية من الشارع...
لم اكن ادري عدد الآيام ... لم أدري حتى ان كانت قليلة أو كثيرة ..
كل ما احسست به هناك .. هو تعاقب الليل والنهار ...
بزوغ الشمس صباحا ...
عربات تنظيف الشوارع ...
ساعة الازدحام .... -صرت اعتاد وجوه المارة شيئا فشيئا ...
عمال يوميون ... عائلات عادية .. من طبقة المجتمع الوسطى ..
صرت أستطيع حتى أن اقرأ من وجوه المارة .. ومن طريقة كلامهم ...
أيام العطل .. مواعيد قبض رواتبهم .. الوضع في البلد ... حالة الطقس المتوقعة ...
والكثير الكثير من المعلومات .. تمر بقربي كل يوم ...
وكنت استمتع بالتقاطها .. من الصباح ..
الى حين اختفاء الشمس بين المباني العالية ... قبل موعد الغروب ...
ثم ياتي..ليلآ. صباح عالم آخر... وشعب آخر .. هم أساسا ...
دوريات الشرطة الليلية ... نشالو محافظ النقود ... ورواد النوادي الليلية الثمالى ... والمتشردون ...والكثير غيرهم ..
''المتشردون'' ..
قد أكون بنفس ظروف عيشهم ..
لكني لم أحس قط بكوني ..''متشردا'' ....على الأقل حتى الآن ...
على العكس ... كنت أحس بأني صرت ...أملك ''زاويتي'' في الطريق ...
وأستطيع ان اجزم بأن كل المارة يحسون بذلك أيضا ...
كما ان عيشي ... كان أفضل بكثير ...من اولئك المتشردين ...القذرين والجوعى..
وما جعلني جد ممتن له ... هو ان صاحب المحل أغدق علي بطيبته ...
وكنت ابادله جميله ضمنيا ...
بحمايتي لمحله من الاعتداءات ... ليلا ونهارا ..
كنت أستطيع السطو على اي من المحلات ... ليلا ...
او حتى في وضح النهار ....
لم يكن ذلك بالصعب ...
في فترات سابقة من حياتي... كنت لأفعل ما هو.... أحقر بكثير من هذا ....
لكني ...لم أكن اريد تشتيت تركيزي.. على ما انا هنا ..لفعله ...
لم ارد شد انتباهي.. الى اشياء ..أصغر بكثير من ان أهتم بها حاليا ...
كما أن ضميري... لم يخول لي مجازاة صاحب المحل ...من عاملني... كأخ كبير حنون ...
بفعل ..هو في دناءته... أكبر من ما سيعود علي به ...
وهي من المرات النادرة ...التي استمعت فيها الى - الضمير - ..
لعل وجه الخير الذي رأيته من ذلك الانسان ..
هو ما روض ذلك الحيوان المتوحش بداخلي .
لم أسأله حتى عن جنسيته ... والمشكل انني لم أعرفها ايضا ..
لكني كنت متأكد على الأقل من كونه مغربيا ...
فلكنته الانجليزية وعاداته ... مغربية عموما ..
أعرف المغاربة ..
كثيرا ما تعاملت معهم من قبل ...
كانوا طيبين على الأغلب .. رغم كرهي للبعض ...
كانت تعاملاتي نقية معهم ...
رغم معاناتهم ..هم ...مع الآخرين ...
كان ابتلاؤهم الأكبر هو الخيانة ...
فقد كان من السهل جدا .. دس جواسيس بينهم ...
لكن لطالما أيضا سمعت في نشرة الأخبار ... او قرأت في مجلة حكومية ...عن خلافنا معهم...
على العموم ...لم يكن هذا يهمني كثيرا .. ..
كما ان صاحب المحل أيضا ... لم يبدو على وفاق مع كل هذه النشاطات ... الأفكار...
ومع كل المحادثات السياسية عموما ..
حتى لزبائنه ...
لقد أحسست به ... أستطيع تفهمه أكثر من أي واحد من زبائنه '' المخلصين '' ..
أمكن لي ان اتقمص شطرا كبيرا من هذا التفكير ... من شخصيته ..
خصوصا قبل مجيئي الى هنا بأشهر قليلة ...
فهو هنا أيضا... للعيش في أبعد مكان عن مسقط رأسه ... ومسقط رأس عائلته ...
يريد العيش لنفسه ...والموت لنفسه ...
انها ليست خيانة ..
أنا متأكد من كونه عانى الكثير في بلده ...
لم يجد فقط الآذان الصاغية... ليفصح لها عن حقيقة ما أتى به.. هنا
وبينما انا جالس في زاويتي.....
اعد الايام والليالي .......
اذا بنسمة ريح .....
تلفح وجهي ... واي نسمة ....
كانت تحمل... معها الموت والالم ...
جاء فصل الشتاء مسرعا ........
كان كالموت..... القادم من الشرق ...
يقطع اوصالي .....
رياحه تشتت ....افكاري
وانا هناك ...
وكان لابد لي ان ..... اجد حلا لمشكلتي .......
يجب ان افعل شيئا ......
فلا يعقل ان ابقى في هذا الشارع .... المقيت
غرقت في التفكير ........
اردت ان اكون.... سيدا في عالم .... الذئاب ..
من سينضم الي قطيعي ... انا هنا وحيد !!!
وفي الاخير.....
استقريت على ان اطلب عمل ...... من صاحب المطعم ...
انتظرته الى ان اتم عمله .....
ثم اخبرته بما تخفيه سريرتي .........
سرعان ما اجابني بالقبول ....
كيف لا .... وقد كان ينتظر هذه .... اللحظة بفارغ الصبر ....
طلبت منه ان .... يكلفني بغسل الاواني ....
عدا قتل الاشخاص ....و استفزازهم ..
كان ذلك .... كل ما اجيد ...
كنت اغسل ..... امسح .....انظف .....كل شيء
لم اهتم كثيرا بهذه المشكلة .....
التي ابسط .... ما يقال فيها تافهة ....
كل ما فكرت به ....
او ما سافكر به .....
طيلة مكوثي في ... هذا البلد اللعين ....
هو تلك المهمة التي غربتني.....
و باعدت بيني و بين الديار ......
تلك المهمة التي حتمت علي ...... البقاء هنا طويلا !
............
افقت صباحا على هدوء غير عادي ...
اهو يوم عطلة ... لكن هل الجميع في عطلة ؟
اكتشفت ان كل المحلات مغلقة ...
اسمع اصوات شجار ... آتيه ربما من خلف المبنى ...
لكن ما الذي يحدث ...
حظر تجوال ؟؟ ...
لا تستطيع فرض.. حظر تجوال ..
على كل تلك الآلاف من البشر التي تمر من هنا.. كل يوم ...
كان اشبه بفيلم رعاة بقر أمريكي ...
وكنت اترقب طلوع - ايستوود - بين الحين والآخر ..
... كنت فقط ارى عشرات من الناس يملؤون طريقا... كان يحتضن الآلاف قبل اليوم ...
ما سر هذا اليوم ؟..
هل فيه ما يسر؟؟ .. ام أنه الأقبح على الاطلاق؟؟ ...
في ظل ذلك الهدوء ...
قطع تساؤلاتي ..صوت رجل..
يقترب من بعيد ..
لم أفهم كلامه بادئ الأمر ...
لكن .. طول قامته ... شعره الكثيف الدهني ... بشرته الفاتحة .. قميصه السخيف ..
ونظراته المغرورة ...
كانت تخبرني أنه أيطالي .
كان في طول رقبته و لمعان كل ما يلبسه ... و مشيته المختالة ...
ما يدعوني لتشبيهه بديك رومي مزعج ...
وما أكد لي أيضا انه ايطالي ...
هو ذاك الصوت الصاخب لحرف الراء بين شفتيه .
كان يقترب شيئا فشيئا ..
يلوح يمينا و شمالا بسلاح Uzi ...
بدت ملامحه أوضح ... مع اقترابه ...
واشتممت رائحة - المافيا - من نظراته الباردة ..
صار جليا انه متوجه نحوي مباشرة ...
اشحت بنظري الي الجهة الأخرى من الطريق ...
طفقت اراقب الأفق ...
محاولا ابداء حيادي ...
لآ دخل لي بما يدور في هدا الشارع ... في هذه المدينة .. وفي هذا البلد بكله ..
كنت منصتا بحذر لوقع حذائه المطقطق على الرصيف ..
انه خلفي تماما الآن ..
استرقت النظر الى سلآحه المخيف المزعوم ... لقد كان أسوأ Uzi رأيته في حياتي ...
الأحمق ... لآ أدري من أين اشتراه ...
من هو زعيمه ...أو من المحظوظ .. الذي استطاع توفير أغبياء كفاية لشراء هذه ..الخردة ...
لم يزعجني تبجحه ...بقدر ما انزعجت من ما تحتم علي ...
وهو مراقبة شلة من الحمقى ...
في تلك اللحظة ...
تملكني شعور قديم ..
نادرا ما استطعت مقاومته ...
كنت أريد وبشدة ان أدك عنق هذا الغبي ..
بيدي الفارغتين ...
لم أكن أريد اظهار غريزتي العدوانية ...
أمام أي أحد ..
علي التخفي ... لا يجب ان اجلب الأنظار نحوي ..
فمن يريد ان يصبح في موضع التساؤل والريبة ...
كنت أتقمص بشكل غير بارع .. شخصية المغلوب على أمره ...
والواضح ان صديقنا الايطالي ...اشتم رائحة الذئب بداخلي أيضا ..
وكان هذا جليا من تغير ايقاع خطواته ... مع اقترابه منذ قليل ...
* استدر !..* قالها بصوت يشبه طفلآ يمثل بمسرحية ...في الطور الابتدائي ...
لم تكن تبدو القوة التي توقعت من هيئته ..في نبرة صوته ...
لقد كـآن طفوليا عابثا .. أكثر من كونه خطيرا ...
كثيرا ما تعاملت مع هكذا نوع من الناس ...
لكنهم يدعون للقلق أيضا ...لأنني لآ استطيع توقع أفعالهم ...
لم أكن قد تمعنت في تفاصيل وجهه بعد ...
كل ما رأيته من قبل كان استراقا للنظر ...
لفهم ما كان يدور حولي ...
بمجرد أن استدرت .. حدقت في عيني الهر اللتين يحملهما ...
كان متخوفا مني بدوره ... رغم كل هؤلاء العتاريس الذين من خلفه ...
لاحظ عدم الاهتمام،.. بملامحي ... وابتسامتي البـآردة ...
عشت واياه ... لحظة تبادل نظرات صامتة ...
نظرة اكتشاف ... تساؤل .. تخوف ..
استغراب ..يصحبه تحدي .....والكثير دار بين عينينا... في لحظة واحدة ...
كان ذلك أجدى من أي عبارات أو أسئلة ...
كنا كجهازي كشف معلومات ... من الحرب الباردة ... في اشدها ...
وقد برعنا ..نحن الاثنين ...في فعل هذا ...
صوت سيارات الشرطة آت من بعيد ...
ليس بعيدا جدا ...
ربما خلف شارعين او ثلاثة ...
كان عليهم الانسحاب سريعا ... كان آخر ما يريدونه مواجهة مع الشرطة ...
ما يلفت الأنظار اليهم ... لكن ...
ألآ يلفت هذا الأنظار أكثر من أي شيء ؟؟؟ ...
لقد حولوا وسط مدينة كهذه ...
الى شبه قرية بصحراء اريزونا ...
عادو بسرعة الى سياراتهم ... المركونة وسط الطريق بشكل عشوائي ...
كانوا مثالا عن احترافية مصطنعة ...
كتلك التي نشاهدها في أفلآم المجرمين الحمقى ...
كنت أبتسم ساخرا ... لكن شيئا ما فجأة عكر تلك الابتسامة ...
انه ذلك الشعور ثانية ....
نعم ... انها هي ... الوهرانية لا غيرها ...
كانت بالسيارة التي توجه اليها ...ذاك... الديك ...المزهو بحاله ...
احتلت مرمى عيني ...بمجرد ان فتح باب سيارته ...
ليرسل لي نظرة أخيرة ... ترجمتها .. - سنلتقي ثانية - ...
لكني لم أكن معه أبدا ...
كنت معها هي ....
لقد رمقتني بنفس تلك النظرة الثاقبة ... والجد واثقة ...
بدأ هذا يرعبني حقا ...
هذا حقا ...
غير عادي ...
قبل لحظات من حضور الشرطة ....
انطلقت جميع السيارات بسرعة ...
مخلفين وراءهم جسدا غير حاضر بعقله ....
لقد غصت مجددا في تلك التساؤلات ...
عادت تلك الحيرة المشوشة ...لتحاول اغراقي في بحر لا خروج منه ....
يا الهي من هذه الفتاة ... كنت أصرخ بصمت ...
كانت عيناي جامدتين تماما وأنا أفكر ...
كعيني شخص ضرير .. لآ يعلم في أي اتجاه تنظر حدقتاه ...
عدت الى ..... زاويتي ...
لم استطع النوم ... اه كم اشتقت الى ..
ان اغلق جفوني دون تفكير ....
امسكت راسي ... احسست بنفسي انهار
اخذت افكر...
نعم كانت تلك الليلة الاطول في حياتي...
اخذت افكر ... في مصيري ..
هل اكتشفوا امري ... ؟!!
ام ان ذلك الوغد ... و كل تحركاته ...
مجرد حركات صبيانية لاغاضتي .....
نعم .... اظن انهم اكتشفوا امري .....
كيف لا و ذلك الايطالي ...اللعين ....
اصبح يلاحقني .... كظلي تماما ...
اصبحت تلك التناقضات الغبية تقتلني ....
اخذتي الشكوك والاوهام...
فكرت طويلا...... قد اصبحت مهمتي اكثر خطرا ....
لم اخف يوما من الموت ..
ماذا ... ماذا دهاني !
لقد اصبحت اكثر غرابة ....
بعد ان التقيت ... ذلك المغربي ....
ربما خفت على ..... صاحب المحل .....
اكثر من خوفي .... على نفسي ..
لقد كان بالنسبة لي .... الماوى الذي التجأ اليه ..
كلما ذاقت بي سبل الحياة .....
هل ارحل ؟!! ابحث عن مكان اخر ..
اذا اردت الرحيل ... لن يعرفوا ابدا ..
تسائلت ....
كيف لشحنة من المخدرات ...
ان تجبرني على الرحيل ؟!
هههههه لا يمكنني ان انكر ....
إنها السبب في غربتي اصلا ......
ظلت الافكار تتجمع في راسي .....
الى صباح اليوم التالي ....
ذلك الصباح اخبرت العم ..... ان هناك عملا ساقوم به .......
ابتسم ....
اومأ لي براسه .. موفقا يابني ....
صمت رهيب تملكني........ لم اعرف بما اجيب .....
شكرته وعجلت بالخروج ......
لقد مسح العم لي غربتي .........
ثم اخذت اتامل الطرقات ...... اتجول هنا وهناك ....
لا ادري عما ابحث ....
لقد تشوشت افكاري .......
اصبحت افكر ...بحق الجحيم !!
متى تنتهي هذه المهمة لكي اعود الى الديار .......
وفي ظل ذلك الضجيج ......
اعترى صوت سيارات الشرطة سمعي .... تزايدت نبضات قلبي ....
وعندها رايت سيارة سوداء..... من تلك التي رايتها من قبل .......
يا الهي ........ تملكني رعب كبير
منذ متى صرت انسانا ... له مشاعر !
انا حقا و ببساطة ..... لا ادري ...
رايت طيف ذلك الرجل العجوز ....
غادرت المكان مسرعا ..
رجعت ..... لارى العم .....
دخلت مسرعا للمحل....... لم اجده .....
بدات الافكار السوداء تعبث بنفسي ... و دخلت في نوبة ... من الضياع
بدات بالصراخ ..... عمي عمي ......
دخل مسرعا..... ما بك يا بني !!
تنهدت ..
احسست براحة و رغبة جامحة ..... في عناق العم
لم البث ان افقت من احلامي الوردية .... وجدته يربت على كتفي
طمانته ... بل كذبت عليه ... اخبرته بان لا شيء حصل ...
لم استطع ان اهدأ
من شدة خوفي زادت دقات قلبي ....
لم يعد جسمي قادرا على حملي... ثقل كبير كبس علي..
اختنقت .... خارت قواي .. فسقطت
ارتميت في الارض .....امسكت قلبي ..خوفا من ان يفر من مكانه
خوفا من ...... ان يسمع العم دقاتي المتسارعة ,,,,,,الخائفة
خانتني دموعي ..... انهمرت تباعا
لا ادري ا من خوفي على العم ..... ام من ......
تبعثرت الحروف.......
لم اجد ما اقول...
ساقاي ترتجفان ......يداي ترتعشان,,, كيدي عجوز طاعن في السن
يا الهي !!انا اتعرق... في مثل هذا الجو المتجمد !!
أردت كوب ماء .... نظرت للعم نظرات اليائس المحتضر
لم اكن اعرف انه... يقرا افكاري
قدم لي كوب ماء بسرعة .....
مت.... لا أريد توريطه في مشاكلي....
في خضم التفكير بيني وبين نفسي
كنت ارى العم صورة ....... من غير صوت
لم افهم شيئا مما كان يقوله ....
اسرتني ابتسامته ...... البريئة
هنا .....
قررت ..... الرحيل
كيف لي ان اسبب مزيدا من الاذى لهذا الملاك الطاهر
ولكني لا أعرف .... ماذا يقول عقلي المشتت ...
كنت في عالم ثاني...... لم ورطت نفسي في هذا؟
ركضت مسرعا .....
ذهبت .... الى المطار و انا اندب ... حظي
لماذا .... كتب لي الله في لوح مقاديره .... ان التقي رجلا كهذا ...
و لماذا كتبت لي ملاقاته ......ان كنت سافارقه ! ....
كنت مرتبكا .....
لاحظ سائق التاكسي ذلك ....
لم اعره اهتماما ...
كان يتكلم ... طوال الوقت
احسست ..... برغبة جامحة في ان اضغط على الزناد .... و اسكته للابد ..
لكن شيء ما ..... كان يمنعني ...
اهي ... صحوة ضمير ...... في الوقت بدل الضائع
كنت افكر ... في شحنة المخدرات
لقد قررت .... ان اترك هذا العمل المشبوه ... لكن هيهات
استقليت اول طائرة الى ...... مرسيليا ..
بعد سفر متعب ... وصلت للاراضي الفرنسية
لم اكن اعلم ... سبب اختياري لمرسيليا ......
القربها من بلدي !! ماهذا الهراء الذي اصبحت اتفوه به ...
على كل .... من يهتم !
ساقضي هنا بضعة ايام ...
و سادرس ... الخطوة التالية ...
ترجلت قليلا.. بإحدى الشوارع الضيقة المرسيلية .....
فجأة .. وقع نظري على لافتة ...
في إحدى العمارات البالية..كتب عليها ... ثلاثة أحرف متتاليه نزل....ش.م.ع.؟
ادركت .... انني اقف امام نزل ..
حاولت العبث .... بتلك الحروف ...
لكني لم اجد لها تفسيرا .... واحدا ...
دنوت قليلا نحو باب النزل....
كان الفضول ... يقتلني لاعرف ما يمكن ل3 احرف ان تعني ....
هممت بالدخول ....
ما أن دنوت من جناح ألإستقبال...
إذ بعجوز تكتنفها ... الاوشام من كل ناح ...
القيت عليها التحية .... بحبور و جفاء ..
اظن انها لاحظت ..... لغة الخشب ... التي كنت اتكلمها ...
استغربت حين طلبت ... جواز السفر ..
بدا قلبي يرقص ....
و الوساويس ..... تتسرب لدماغي ..
أدخلت يدي بالحافضه .... لتقديم جواز السفر...
و ما ان رات .... الجواز الاخضر ..
حتى صاحت .... بلهجة جزائرية بحتة ...
إعطيه مفتاح الغرفه رقم 16 ...
لا تقبض ثمن الغرفه ....
استغربت ... فتحت عينيا على اخرهما ....
قالت بلهجة .... ساخرة
لا اظن انني جميلة كل هذا القدر ..... حتى تطيل النظر .. فيا
احسست بدمي ..... يفور ...
لم اهن يوما في حياتي .....
لكنها اعقبت بابتسامة .... طلبت مني ان اعطيها الجواز ....
اعطيتها اياه .... و انا الوم نفسي ..
لماذا لا اتقبل المزاح !
الهذه الدرجة اصبحت ....
قاطعت تفكيري ..... طلبت مني الصعود ..
وقبل وضع رجلي بالدرج ألأول هاما بالصعود للغرفة...
بدأت تحدثني نفسي .... أزدادت حيرتي ...
ما سر اللافتة ...و العجوز ...لماذا تلك الغرفة دون غيرها؟
سمعتها تناديني ...بإسمي..
توقفت دقات قلبي ...
ثم خاطبت ... نفسي معاتبا ...
الى متى امثل دور .. الابله ..
اوليس اسمي مطبوعا على الجواز !!
التفت لها ...
أمكث ما شئت بالنزل ومن دون مقابل...
وقعت كلماتها على قلبي ... وقع الرصاص ...
تضاعفت حيرتي .....
اومأت لها ان ..... شكرا لك ....
و صعدت مسرعا ...
تمددت بالسرير لكن ....
النوم .... رغم التعب جافاني .....
لم استطع التحمل ...
تلك الافكار .. اللعينة .. تذبحني ....
احسست براسي ينفجر ..... من كثر الضغط
لماذا تفعل .. نفسي بي هكذا .. في خلوتي !!
قررت ان انزل ... الى الصالة لعل ذلك .. يخفف عني ...
هناك مجموعة من الشباب ...تأملت جيدا في وجوههم ....
وقفت بالسلم الأخير ......
بدا ذلك كملتقى للعرب ..
تلك اللهجات المغاربية .. تترتفع ......
جلست على الأريكه المتواضعه...نضرت للتلفزة فإذا بقناة نسمة !!
تملكني شعور .... اقل ما يقال عنه .. مميز
كانما عاد الي الحنين .... الى ابناء جلدتي ..
جلست .. العجوز بجانبي ...
لهجتها كانت غريبة ....
خليط ... من جميع اللهجات المغاربية ..
اخذنا نتسامر ... حتى اخذتني سنة الكرى ....
ذهبت الى غرفتي ... بعد ان استئذنت منها ..
دخلت للغرفة ....
ارتميت على سريري ....
علقت عيناي .... الجاحضتان في سقف الغرفة....
لم أستطع أن أرمش ....
غفوت .....لم أجد راحة حتى في نومي ...
التفتت و اذا بتلك الوهرانية جالسة على مكتبي.......
ترمقني بنظرات غريبة ..... استعصى علي فهمها ...
رأيتها ... مكبلة اليدين ....
تنظر إلي.... متوسلة ....
في خضم التمعن في ملامحها .....
وقفت لافكها ....
اوذا بذلك الايطالي .....يظهر خلفي بملابس سوداء .....
ذلك الغراب اللعين .....بسلاحه الاشبه ما يكون بالخردة.......
قادم في اتجاهي.... مصوبا سلاحه نحوي...
بحق الجحيم .....هل فررت منهم اليهم !!
لا أدري ماذا يريد مني.....
هل هي ........ المخدرات المقيتة !
صرخت الفتاة اهرب.... بسرعة ...
لكني ...تسمرت بمكاني ..
رجلاي متصقتان..... بالارض ...
لايمكنني الفرار ...
حاولت تحريكهما .... دون جدوى .....
من غضبي على رجلاي صرخت بأعلى صوتي...
صحوت...... على تلك الصرخة
كان قلبي يدق.... بسرعة
عرفت انا هذا ...... لم يكن سوى حلم ....
بل ...كابوس احمق...
ضاق صدري ....
اكسجين الغرفة اصبح .... خانقا ..
انا اهذي ...
خرجت الى .... الشرفة ...
انا بحاجة للهواء... قمت مع رجفة بكل جسمي ...
فتحت الباب ... فإذا بنسمة تزعزع أوصالي
انها عودة الحياة لي... بقيت قليلا...
اصبحت النسائم .... كالكساكين .... تقطعني ..
هممت بالدخول ...
لمحت سيارة سوداء ...
بدات الشكوك تراودني ...
أمامها رجل .... يتحدث مع صاحبة النزل ..
اختفيت عن ناظريهما... ياإلهي من هذا ؟
أتراه من العصابة؟ ولكن ماعلاقته بالمرأة....
بدأت الأحداث تتوارى لذهني كأنها شريط سينيمائي...
بدءا من رؤيتي للفتاة... إلى ذلك الإيطالي وتعقبه لي...
إلى هذه المرأة ومعاملتها المغرية ...
ياإلهي أهي من العصابة؟....
أووووه... كفى... كفى تراهات......
لربما هو رجل عادي معه بينه وبينها مصالح مشتركة...
لاينبغي الشك في كل من هم حولي...
علي التركيز على إيجاد حل .... للتخلص من هذه المخدرات
في أقرب وقت ممكن...
نزلت الى الاسفل ....
لقد دخلت تلك .... العجوز
انسب ما يقال عنها .... في هذه اللحظة ... شمطاء
شمطاء !! .... لقد جننت .. لقد عاملتني معاملة ...
مميزة ... رباه لقد كرهت التفكير ....
ماذا يمكن لهذا ... الجسم الهزيل ان يحتمل بعد !
كيف يمكن للمرء ... ان يقاوم ..
اماه ..... اين انت يا امي ..
كيف هذا ... بعد كل هذه السنين ....
هذا ... لا يعقل .. لا يعقل ..
لاول مرة احس ... بالغربة
لاول مرة ... اتذكر امي .. اهلي .. الديار
لاول مرة .. يراودني هذا الشعور .. الاحمق ...
ارتميت على السرير ... دموعي لم تنقطع ..
سمعت الاذان ...
يا الهي .. الاذان .... الصلاة ... الاسلام !!
لم اصل ركعة واحدة ... مذ تغربت لم اسجد لله ...
رباه ... كيف عصيتك و انت خالقي ...
لا يمكن .. لا يمكن ....
الاذان .. لاول مرة اسمعه ..
او بالاحرى .. لاول مرة انتبه له ...
قررت فتح .. صفحة جديدة ..
نزلت مسرعا ...
وجدت العجوز ... تصلي ..
امعنت النظر فيها ...
لعلي اتذكر كيفية الصلاة ....
ما ان انتهت .. حتى حضنتها باكيا ....
حضني لا يسوى امام راحة السجود ...
للرب المعبود وحده لا شريك له ..
قالتها ... بنبرة خاشعة ......
ذهبت لاتوضأ ...
كيف لم انسى كيفية الوضوء ...
صليت اول ركعة .... اول ركعة في الغربة ...
اكملت الصلاة ... احتضنت المصحف ...
تلوت قليلا ...
احسست برغبة .... في العودة الى الجزائر ...
صعدت الى الغرفة .... لانام ...
التقيت العجوز ...
ترددت قليلا ..
ثم سالتها ... نعم سالتها ... عن سر تلك الحروف الثلاثة ...
ش . ع . م .....
ضحكت .... لم تكن ضحكتها تدل على انها ...... تخفي سرا خطيرا ....
ش ====> شباب
ع ====> عرب
م ====> مغاربة
اردفت ان هذا هو سبب طلبها لجواز سفري ....
هذا النزل .... لا يستقبل غير المغاربة ....
اما سر الغرفة 16 .....
فهو كوني جزائريا ...
فعاصمتنا تحمل ..... الرقم 16
سررت كثيرا ...
هذا كفيل ... بازالة كل الشكوك ....
لكن ماذا لو ... كانت تكذب ؟؟!
لا ... هذا مستبعد .. فلو كانت كاذبة لاكتشفت ذلك ....
صعدت لغرفتي و نمت ....
كانت اول مرة .... انام فيها ... بسلام ..
نهضت باكرا .....
تبادرت الى ذهني .. فكرة .. ان لم اقل افكار ...
المخدرات .. يا الهي نسيت امرها ...
يجب ان ارميها ....
حسنا ... يقال انه يجب دق الحديد .. و هو ساخن ..
يجب ان اتخلص منها ... في اقرب وقت ...
أين مسدسي؟
هاهو.... يجب التصرف على سجيتي .... امام هؤلاء النزلاء ..
خاصة تلك العجوز .....
لا أدري لم .... لكن قلبي غير مرتاح لها.......
نزلت السلالم.......
سأخرج في نزهة ....... قلتها لها بسرعة
خرجت أتلفت عن يميني ...... وعن شمالي ......
كالفار من ..... السجن ..
أضبط نفسك .....ستثير الشكوك بارتباكك اللعين ...
وجدت نفسي في شارع ..... مكتظ بالمارة ...
علي عبور الشارع ..... إلى الجهة الأخرى ...
لمحت دورية شرطة ...
صرت اقفز .... من الخوف .....
رجال الشرطة ..... منذ متى صرت اخافهم !!
الحمد لله نجوت...
ههه ماهذه التفاهة ....
مما نجوت .......
هههههه من يهتم ...
شدة قلقي توترني...إهدأ...
خذ نفسا عميقا... أين سأجد المكان المناسب..
أين... أين؟؟؟!!
وجدت نفسي أمام البحر... ذهت نظري للأفق...
مع سؤال أول مرة ..... أطرحه على نفسي
منذ وقت طويل... متى اعود الى الوطن؟!
بينما انا عائد ...
ممرت ب"صالون للشاي" ....
احتسيت كوبا ... من القهوة الفرنسية ...
ازعجني النادل ... بلهجته الغائية ...
فووددت اسكاته ... طول العمر ..
لم يرق لي ... ذلك المحل ...
خرجت ...
التقيت ببائع للمكسرات ...
كان .. يهذي ...
اقتربت منه ...
وضع لي كمية منها في ورق ...
دون حتى ان يسالني .... عن نوعي المفضل ..
و دون ان ... ياخذ مني فرنكا ...
ذهبت الى النزل ...
شدت انتباهي .... التواريخ في ورق المكسرات ....
تفحصتها ...
و اذا بي اجد ... تحت كل تاريخ حكمة ...
هي مذكرات ... مذكرات ....
فيها تاريخ ... اليوم ..
24 ديسمبر ... 1993
يا الهي .... قديم جدا ..
كتب تحته ...
" ان الافاعي و ان لانت ملامسها عند التقلب في انيابها العطب"
تبادرت الى ذهني ... صورة العجوز ..
بحق الجحيم ماهاذا ... فيما افكر ...
قطعت العجوز تفكيري ...
دخلت الى غرفتي ...
تحمل معها ... كوب حليب ساخن ..
ملاءة .. و مصباح كهربائيا ...
استغربت معاملتها ... اللطيفة ..
تذكرت ... الحكمة ...
لا يمكنني الوثوق بها ...
انا حتى لا اعرف ... اسمها ..
احترت ... لماذا احضرت المصباح ...
امكنني عقلي من تقبل الملاءة و الحليب ...
ذلك لبرودة الطقس ...
انا اعيش في "سيبيريا" و ليس "مارساي" ...
اخبرتي ان سبب ذلك ...
هو احتمال ... انقطاع الكهرباء الليلة ...
لاول مرة منذ قدومي ... لا اصدقها ...
خرجت مسرعة ... بعد ان رمقتها بنظرات الشك ....
حدث ما قالت .... بعد خروجها بمدة ...
انقطع الكهرباء ....
وضعت اذني على الباب ....
لا ادري لماذا ...
سمعت تمتمات كثيرة ...
بدات الشكوك تراودني ....
قررت الخروج ...
فتحت الباب ... لكنه كان موصدا ...
من اللعين الذي اوصده ؟؟!
لكنه تجاهل ... احترافيتي ...
و استخف بقدراتي ....
هل نسي انني .... خبير في هذا المجال !!
فتحت الباب ... بملعقة الحليب ....
تلك العجوز الحمقاء ..... اعطتني مفتاحا بديلا ...
خرجت ....
استرقت النظر من فوق ...
رباه !! الايطالي المقيت ... هنا !
و تلك الوهرانية .... ما الذي اتى بها ؟!
لم ارد افساد الاجتماع .... انا رجل نبيل بطبعي ...
دخلت الى الغرفة ... اوصدت الباب ....
و بدات اتسائل ...
لا يمككني الوثوق .... بكومة الجلود تلك مجددا ...
عاد التيار ...
بعد لحظات ... اتت تلك الهرمة ....
تعتذر من انقطاع الكهرباء ....
و قالت بانه امر .... روتيني ...
لم ارد اظهار .... ريبتي ..
اخبرتها باني كنت .... نائما ...
اعتذرت .. عن الازعاج و ذهبت ...
في صباح اليوم التالي ....
ذهبت لورقة ... المذكرات ....
كانت الحكمة .... في محلها يوم امس ...
فلنرى .... حكمة اليوم ...
25 ديسمبر .... 1993
انظر الى الاعلى .... هناك دائما بصيص امل ...
نظرت الى الاعلى ....
اندهشت ... دخلت في نوبة صراخ هستيرية ....
لم ارى بصيص الامل ....
لكني رايت بصيص كاميرا ... المراقبة في الثرية ....
تلك العجوز الحمقاء ..... كانت تراقب تصرفاتي ......
كل تلك الطيبة .... المزيفة كانت ...... للايقاع بي ...
لكنها لم ...... و لن تمسكني ....
صليت ركعتين ...استخارة ......
و القيت عليها التحية ...... كالعادة .....
خرجت مسرعا .... بدات اتجول .....
امشي ..... كالتائه بين الطرقات ......
افكر كيف ..... اخرج من هذا المازق .....
وبدءت ..... العديد من الافكار
تتدافع الى راسي .......
رفعت راسي ....... وجت حديقة عامة
قررت الدخول اليها ..........
جلست على ..... احد المقاعد ....
اخذت ..... ارتب افكاري ..........
هل يجب علي ..... التخلص من المخدرات الان ؟؟!!
ههههه ...... يجب ان اورط اولئك ...
لم اكن يوما ..... وغدا لهذه الدرجة ...
لكني .. والله .... ساكون ...
الى ذلك الوقت ..... اخاف ان يمسكو بي .....
وحتى ذلك النزل ..... لم يعد آمنا البتة ....
ان تركت النزل .... ساصبح محط الانظار ....
لن اتركه ......
رباه ....... حملت .... قصاصة الورق ...
وجد حكمتين !! تحت تاريخ .... اليوم ...
الاولى .... قادتني الى مكان الكاميرا ....
اما .... الثانية " ضربة واحدة .... يمكنها تحقيق هدفين "
بحق السماء !! .... من كتب ذلك .....
انتظر ..... ايها الابله !!!
يمكنك ....... التخلص من المخدرات ..... و توريط تلك العصابة بها ....
شكرا لك ....
يا كاتب هذا ....
لدي فكرة ..... ساورط بيها كل الاوغاد ...........
يجب ...... علي المخاطرة .....نعم ........
خرجت من ذلك المتنزه ....
ذهبت الى مركز الشرطة ....... تاملته كثيرا ....
قدمت لهم شكوى .....
هناك حركة غير عادية .... بالقرب من النزل الذي اقطن به ............
خرجت وانا متيقن .... بانى علي الحذر اكثر .....
لكي اكمل الباقي ...... من خطتي .....
رجعت الى النزل .... القيت التحية .....
ذهبت الى غرفتي مباشرة ....... فتحت الباب ....
وجت ان هناك .... من عبث بها .....
جاءت العجور ....قدمت لي العشاء .......
قالت انها رتبت الغرفة ...........
ساورتني الشكوك ...........
في صباح اليوم الموالي ......
خرجت باكرا متسللا ....
لكي لا يراني .... احد ذهبت الى المتنزه ....
كانت حركة الناس ....قليلة
لايزال الوقت مباكرا ......
تاكدت بان لا احد يراقبني ..........
تحركت بخطوات مسرعة .......
الى المكان الذي اخبئ فيه المخدرات .....
تاكدت بان ليس فيها .... اشياء اخرى تشير لي .....
عدت للمتنزه وضعتها خلف الكرسي ..........
جيد .... المكان خالي تماما .........
ثم بدءت الحركة ..... كنت اتامل كل من يسير امامي .........
كنت امسك قلما ...... كراسا .....احاول ان اكتب اي شيئ ...
جلست وجلست وانا افكر هل اقدم على الخطوة الموالية ؟؟؟؟!!
ما من حل اخر .......
كنت اكتب اسماء .... كل احبابي
في الجزائر لقد .. اشتقت لهم كثيرا ......
نعم حان الوقت .... اخذت تلك الحقيبة وفتحتها ....
اصتنعت الذهول و الدهشة ....
لقد مثلت ... الدور بامتياز ....
اخذتها ..... توجهت مباشرة الى مركز الشرطة ........
دخلت مسرعا ........
وجدت هذه الحقيبة ..... لا اعرف ما هي ولكن اظن انها مواد ممنوعة ......
قلتها و انا امثل دور " الاطرش في الزفة " ......
اخذها الشرطي ...... طلب مني الانتظار هنا ....
جمعت كل قواي .... لكي استمر .......
ناداني الشرطي ...... ادخل هذه الغرفة .......
اسرع ...... يجب ان نفتح تحقيقا في الامر ....
بدات الحديث... مع ضابط التحقيق .....
طلب مني اخباره .....
عن مكان عثوري على الحقيبة .......
اجبت .... في المتزه ....
اممممممم حسنا سنرى .......
اتصل هاتفيا الى كل ..... القوات
يجب التحرك بسرية .....الى حين اكتشاف شيئ اخر .......
اعطيته رقم هاتفي........
وشكرته ........
خرجت ..... كلي ثقة بان الايقاع بهم سيكون وشيكا ........
ماذا فيما يخص تلك العجوز .......
اممم ربما هي اخطر من الاخرين .......
رجعت الى النزل ....
سلمت على الحاضرين ...
بدلت ملابسي .......
نزلت اشاهد التلفاز ...... بشكل عادي .......
ولكن كنت احس ..... بعيون تراقبني .......
لم يعد هذا النزل آمنا ...
قررت الهرب .....
لقد ضقت ذرعا .... من مراقبتها لي .....
لم اعد احس بالامان ....
حملت اغراضي و تسللت ....
اللعنة ..... ماذا افعل !
افكاري مشتتة .....
احس بالضياع ....
مر طيف .... تلك الصهباء امامي....
لكن لماذا ...... تذكرتها ....
لم ..في هذه اللحظة .... بالذات؟
لا أعرف....
هناك احساس ... داخلي...
علامات استفهام كثيرة .... في قضية الفتاة ...
كيف لها .... ان تعمل في .... عصابة كهذه !!
الاقرب الى ... المنطق ..... انها تحت تهديداتهم ....
حدسي لا يخطا ....
شيء ما ... دفعني للعودة الى النزل ...
عدت .....
بقيت استرق النظر ....
لا أريد أن ... تلمحني تلك اللعينة ...
أثناء مراقبتي ....
توقفت سيارة سوداء....
نفس لوحة الارقام ...
نفس الوشم .... في مؤخرة السيارة ....
نفس رسم جي غيفارا ... المعتوه ..
انها لهم ....
اخر ما كنت .... انتظر حدوثه ... حدث ...
ذلك الديك ... الايطالي ... المتبختر ..
نزل من السيارة .....
معه الوهرانية ... نعم الوهرانية ...
يجرها كأمة .... من شعرها ....
و هي .... لم تهمس ببنت شفة ....
كانت تسير .... كالمغلوب على ... امره ..
و هذا ... اكد نظريتي الاولى ....
إنه يسلم .... على صاحبة النزل ....
لم اخطا حين .... شككت بتلك العجوز !
تعرفه حق المعرفة...
بدا ذلك جليها ... من نظراتها الحارة .....
كانها التقت باحد ابنائها ....
علي ان... اتعقبه ....
لعلي امسك ... طرف الخيط ...
او بالاحرى .... الخيط كله ...
أنتهز الفرصة وبلغ عنه الشرطة... ايها الغبي ....
ولكن قبل ذلك .... عليك انقاذ الفتاة ...
إنه يخرج...
ركضت بسرعة .... أوقفت سيارة أجرة .....
وطلبت منه .... تتبع السيارة ...
اخبرته ان حياة كلينا في خطر .....
اذا ما عرف ذلك.... المتبجح اننا خلفه ....
[FONT="]كانوا يسيرون .... بسرعة جنونية[FONT="] ....[/FONT]
[FONT="] لا نزال خلفهم .....[/FONT]
[FONT="] نلاحقهم من .... شارع لاخر ....[/FONT]
[FONT="] وصلنا لمكان خارج المدينة ....[/FONT]
[FONT="] يبعد عنها .... بنحو 15 كلم ....[/FONT]
[FONT="] إنه بيت كبير.... أعتقده فيلا ... [/FONT]
[FONT="] ترجلت من السيارة .... من السائق انتظاري ....[/FONT]
[FONT="] امرته بالابتعاد عن الفيلا .....[/FONT]
[FONT="] أخذت أسير .... أتمعن من حولي... [/FONT]
[FONT="] نظرت للباب الرئيسي... هناك حارس عليه... [/FONT]
[FONT="] تذكرت مواهبي ...... في التسلق ...[/FONT]
[FONT="] تسلقت الجدار الخلفي ......[/FONT]
[FONT="] كنت متاكدا ... بعدم وجود ... الحراس من الخلف ..[/FONT]
[FONT="] خبرتي في ..... هذا المجال .....[/FONT]
[FONT="] سمحت لي بتوقع .... عدد الحراس .... اماكنهم ..[/FONT]
[FONT="] فكلما زاد عدد الحراس .....[/FONT]
[FONT="] كلما كان .... المكان محط الانظار ....[/FONT]
[FONT="] دخلت .....[/FONT]
[FONT="] كان كل شيء .... كما توقعته ....[/FONT]
[FONT="] اتجهت إلى أحد زوايا المنزل.... [/FONT]
[FONT="] هناك نوافذ كثيرة... نظرت من خلال احداها ......[/FONT]
[FONT="] فلمحت رجلا جالسا على كرسي... [/FONT]
[FONT="] أمام باب غرفة ... [/FONT]
[FONT="] مشيت بحذر .... وجدت نفسي أمام باب.. [/FONT]
[FONT="] فتحته... إنه المطبخ... [/FONT]
[FONT="] لم يكن هناك أحد.. [/FONT]
[FONT="] دخلت... لمحت حقنا مرمية ...... [/FONT]
[FONT="] إنها المخدرات دون .... أدنى شك ...[/FONT]
[FONT="] تفحصت المكان قبل الغوص في المجهول... [/FONT]
[FONT="] لم أجد أحد ... سرت للأمام... [/FONT]
[FONT="] وجدت بابا آخر... [/FONT]
[FONT="] أضنه يقود للقاعة الرئيسية... [/FONT]
[FONT="] فتحت فإذا بوجه ذلك الرجل أمامي... [/FONT]
[FONT="] أقفلت الباب بسرعة... أتمنى أنه لم يرني.... [/FONT]
[FONT="] أخذت أنظر من قفل الباب ......[/FONT]
[FONT="] حينها اكتشفت أنه يغط في نوم عميق... [/FONT]
[FONT="] ياله من حارس... إنها فرصتي... [/FONT]
[FONT="] فتحت الباب على مهل .....[/FONT]
[FONT="] ومشيت دون أن أحدث أي ضجة.... [/FONT]
[FONT="] حتى وصلت إليه ..... لمحت تمثالا خشبيا صغيرا فأخذته... [/FONT]
[FONT="] حركت يدي نحو المفتاح الذي معه .... وأخذته بكل حذر... [/FONT]
[FONT="] فجأة تحرك... حك ذقنه وواصل نومه ...[/FONT]
[FONT="] هيا... أسرع... فتحت الباب.... [/FONT]
[FONT="] كان قلبي حينها واقعا في الأرض من خوفي... [/FONT]
[FONT="] دخلت بصمت ....... فإذا بي ألمح شخصا مربوطا ..... على السرير...[/FONT]
[FONT="] دنوت فإذا بها الوهرانية... الصهباء ... يا الله.. [/FONT]
[FONT="] كانت مكبلة ... ومقفلة الفم.... [/FONT]
[FONT="] اومأت لي ان فك قيدي ... [/FONT]
[FONT="] أسرعت إليها وفككتها .... [/FONT]
[FONT="] صارت تستنجد ...[/FONT]
[FONT="] أمسكت بيديها ..... المرتجفتين ......[/FONT]
[FONT="] سرنا نحو الباب... [/FONT]
[FONT="] لازال ذلك الحارس نائما ......[/FONT]
[FONT="] خرجنا من حيث دخلت... أسرعنا نحو السائق... [/FONT]
[FONT="] طلبت منه الاقلاع بسرعة... خفت من اكتشافنا... [/FONT]
[FONT="] نظرت إليها ..... كانت ترتعش من الخوف [/FONT]
[FONT="] الدموع تنزل ... من عينيها بغزارة..[/FONT]
[FONT="] أردت التحدث معها.... [/FONT]
[FONT="] تراجعت... [/FONT]
[FONT="] اردت ان نكون لوحدنا .....[/FONT]
[FONT="] ففي هذه اللحظة .... بالذات [/FONT]
[FONT="] الخيانة هي ... اخر ما اريده .......[/FONT]
[FONT="] لم اثق بالسائق ....ذي العيون الزرق ....[/FONT]
[FONT="] كنت أفكر طول الطريق... ما العمل الآن؟[/FONT]
[FONT="] في خضم التفكير... انتبهت أننا دخلنا للمدينة ....[/FONT]
[FONT="] طلبت من السائق التوقف... [/FONT]
[FONT="] نزلنا وأعطيته أجرته... شكرته على المساعدة...[/FONT]
[FONT="] لم أعرف إلى أين أذهب بها ....لمحت حديقة عامة .......[/FONT]
[FONT="] أخذتها إليها... جلسنا نرتاح قليلا... [/FONT]
[FONT="] كانت ترمقني .... بنظرات فيها مزيج من الخوف .... الامتنان و الفرح ....[/FONT]
[FONT="] تشجعت وسألتها عن مشكلتها معهم... [/FONT]
[FONT="] أخبرتني بان والدها .... هو سبب معاناتها ......[/FONT]
[FONT="] كان يعمل مع المافيا .....[/FONT]
[FONT="] من مروجي ... المخدرات ....[/FONT]
[FONT="] ان ديونه هي ... سبب عيشها معهم .....[/FONT]
[FONT="] لطالما هددوها ..... بمقاضاتها ....[/FONT]
[FONT="] و هذا ما كانت في غنى عنه .....[/FONT]
[FONT="] كنت أرى مثل هذه القصص في الأفلام فقط ... [/FONT]
[FONT="] هدأت من روعها... وحكيت لها عن قصتي .... أنا الآخر [/FONT]
[FONT="] كانت مثلي الدهشة تملأ وجهينا... [/FONT]
[FONT="] ارتحنا قليلا... اشترينا مانأكله ....[/FONT]
[FONT="] جائتني فكرة جهنمية... لماذا لانلفق أنا وهي كذبة صغيرة... [/FONT]
[FONT="] منها نوقع العصابة في أيدي الشرطة ...... [/FONT]
[FONT="] ومنها نخرج أنا وهي من المأزق سلام... [/FONT]
[FONT="] سنضرب عصفورين بحجر واحد... طرحت الفكرة عليها[/FONT]
[FONT="] أظنها اقتنعت بالفكرة... [/FONT]
[FONT="] آخذتها للشرطة مدعيا أني أنقذتها ....[/FONT]
[FONT="] من شخص كان ....يحاول ابتزازها .... مقابل شيء تقوم به ....[/FONT]
[FONT="] ايجاد حقيبة المخذرات الضائعة... حكت لهم قصتها معهم .....[/FONT]
[FONT="] ادخلت المخذرات .... وسط الموضوع ....[/FONT]
[FONT="] كانت مترددة... [/FONT]
[FONT="] معها حق هي مجازفة خطيرة ...[/FONT]
[FONT="] لقد كان قلبي يدق بسرعة لامتناهية... [/FONT]
[FONT="] بعدها نادى على شرطي... [/FONT]
[FONT="] تعال سنفتح محضرا...[/FONT]
[FONT="] أمرني بالانتظار في الخارج... [/FONT]
[FONT="] أخذ في استجوابها... كنت قلقا من اكتشافنا...[/FONT]
[FONT="] أو أن تزل الفتاة بكلمة فتأخذنا في "ستين الف دهية"... [/FONT]
[FONT="] مر وقت طويل... وفجأة خرج الضابط مسرعا ......[/FONT]
[FONT="] هيا اتصل ببفرقة مكافحة المخذرات... [/FONT]
[FONT="] خرجت الفتاة بعده... صفراء كأنها حبة ليمون...[/FONT]
[FONT="] فسألتها ماذا حدث؟.. [/FONT]
[FONT="] فأجابت: أعتقد أنه صدقني... [/FONT]
[FONT="] لكن عليك الخروج قبل احضارهم ....[/FONT]
[FONT="] فإذا رآك مارتن سيشركك معه... [/FONT]
[FONT="] لم اكن املك ادنى ... شك ... انه ذلك الايطالي ...[/FONT]
[FONT="] ستظل محجوزة لحين عودتهم.... هي الآن شاهدة... [/FONT]
[FONT="] ارحل... ستفسد الخطة .. ايها الحيوان النزق ....[/FONT]
[FONT="] كنت اصارع افكاري .....[/FONT]
[FONT="] لم املك ادنى فكرة ... عما سيحدث ....[/FONT]
[FONT="] خرجت ولكن لم أبتعد... [/FONT]
[FONT="] أخذت مكانا مقابلا للمركز .......[/FONT]
[FONT="] بقيت .... أنتظر عودتهم ....[/FONT]
[FONT="] مرت ساعات على انتظاري... [/FONT]
[FONT="] وقلبي واقع ... بين رجلي ...[/FONT]
[FONT="] لم أكن خائفا على نفسي... [/FONT]
[FONT="] بل على تلك المسكينة... ماذا سيحل بها؟[/FONT]
[FONT="] سمعت صوت سيارات الشرطة آتية...[/FONT]
[FONT="] أوه... لقد أتوا... [/FONT]
[FONT="] نزل الضابط .... بعده بقية أركان الشرطة [/FONT]
[FONT="] يجرون رجال العصابة مكبلين ...[/FONT]
[FONT="] انها لحظة النشوة بالنصر المؤقت ....[/FONT]
[FONT="] كم سرني منظر .... ذلك الغراب المكبل ....[/FONT]
[FONT="] فرحت لأنهم أمسكوا بهم... [/FONT]
[FONT="] وخفت حين تذكرتها... نويت الدخول ولكن تراجعت...[/FONT]
[FONT="] ماذا لو رآني اللعين؟... يجب التريث قليلا...[/FONT]
[FONT="] عدت لمكاني وجلست أنتظر ...فإذا بالنوم يأخذني معه...[/FONT]
[FONT="] ولم أصحو إلا على صوت .... غير مآلوف ....[/FONT]
[FONT="] فتحت عيناي... فإذا بي ألمح وجه الفتاة... يعلوه ابتسامة رقيقة[/FONT]
[FONT="] نهضت سرعة من مكاني... ماذا حدث؟[/FONT]
[FONT="] كيف ..... أنت هنا؟ [/FONT]
[FONT="] لقد فاتني الكثير.... [/FONT]
[FONT="] قلت لها بلهفة .....ما الذي فاتني .. !![/FONT]
[FONT="] ابتسمت ...[/FONT]
[FONT="] كنت اريد ان اعرف ما الذي حدث ......[/FONT]
[FONT="] تمعنت ... فيها كثيرا .....[/FONT]
[FONT="] هيا انا لم اعد استطيع ان اصبر اكثر .....[/FONT]
[FONT="] فرجت اخيراااااااا ..[/FONT]
[FONT="] اكتشفت الشرطة ...... المكان الذي تقطن فيه العصابة ...[/FONT]
[FONT="] وجدت هناك كثير ..... من المخدرات ....[/FONT]
[FONT="] بعض المواد المسروقة ......[/FONT]
[FONT="] بعد ان نجونا ....[/FONT]
[FONT="] ما الذي .... ستفعله الفتاة ......[/FONT]
[FONT="] سؤال اخذ .... جل تفكيري لوهلة ....[/FONT]
[FONT="] كانها .... قرات افكاري ...[/FONT]
[FONT="] اخبرتني بانها ستذهب .... لجدتها ...[/FONT]
[FONT="] القاطنة في .... تبسة ...[/FONT]
[FONT="] شكرتها كثيرا ...[/FONT]
[FONT="] افترقنا .....[/FONT]
[FONT="] ذهبت ..... لتحضير اوراقي ......[/FONT]
[FONT="] كنت افكر ...... وافكر .......[/FONT]
[FONT="] ولكن كان المهم اني تخلصت ....[/FONT]
[FONT="] من المشكلة التي كنت فيها .......[/FONT]
[FONT="] .......الحمد لله ........[/FONT]
[FONT="] تفقدت كل اوراقي .....[/FONT]
[FONT="] واشتريت هدايا لاهلي ...[/FONT]
[FONT="] الرجاء من ركاب ...طائرة الجزائر ...[/FONT]
[FONT="] التوجه الى المدرج "4" .......[/FONT]
[FONT="] كم انتظرت ...... سماع هذا النداء .....[/FONT]
[FONT="] لم استطع .... حبس دموعي .......[/FONT]
[FONT="] كم اشتقت الى الجزائر ....[/FONT]
[FONT="] ركبت الطائرة ...[/FONT]
[FONT="] كلي شوق .... لملقاة الاهل ....[/FONT]
[FONT="] امي ... والدي ... اخوتي ..[/FONT]
[FONT="] غفوت قليلا ....[/FONT]
[FONT="] سمعت نداء ... ربط الاحزمة ...[/FONT]
[FONT="] احسست ..... بنسيم الجزائر .... يناغيني ...[/FONT]
[FONT="] اكسجين الجزائر ....[/FONT]
[FONT="] شمسها ....[/FONT]
[FONT="] سحابها .....[/FONT]
[FONT="] كل شيء كان مختلفا ....[/FONT]
[FONT="] وطات قدماي ...... تراب الجزائر .....[/FONT]
[FONT="] اخذت الثمه ..... و ابلله بعبراتي ...[/FONT]
[FONT="] خرجت من المطار .....[/FONT]
[FONT="] توجهت نحو .... الحافلة ....[/FONT]
[FONT="] سمعت الجزائريين .....[/FONT]
[FONT="] يتبادلون الشتائم .... و العبارات النابية ...[/FONT]
[FONT="] ابتسمت ....[/FONT]
[FONT="] هذا حقا وطني .....[/FONT]
[FONT="] نزلت في .. مفترق طرق ...[/FONT]
[FONT="] اشبه ما يكون .... بذلك الذي في امريكا ....[/FONT]
[FONT="] من بين كل المارة .....[/FONT]
[FONT="] لفتت انتباهي .... تلك "الروجية" .......[/FONT]
[FONT="] بصوتها العذب ...... و لهجتها العنابية ...[/FONT]
[FONT="] سحرني ... عدم نطقها .. لحرفي الثاء و الذال ...[/FONT]
[FONT="] اناقتها ... خفة مشيتها .....[/FONT]
[FONT="] ببساطة ..[/FONT]
[FONT="] لم استطع ..... ابعاد نظري عنها ...[/FONT]
[FONT="] تذكرت الوهرانية .....[/FONT]
[FONT="] ههههه ... هو نفس الموقف ... حدث منذ شهور ...[/FONT]
[FONT="] اهو .... التاريخ يعيد نفسه !![/FONT]
[FONT="] ام هي البداية نفسها ..... لقصتين مختلفتين ؟؟[/FONT][/FONT]
ألف مبروك ليكم خاوتي كل هذا الإنجاز البارع و الرائع
مستوى راقي جدا كان منكم
الله يخليكم و تبقى إبداعاتكم دائما فوق تعلوا في سماء اللمة
نرى الجديد منكم ان شاء الله
تحيتي يسبقها تقديري
سلامو
شكرا لكلم
مبروووووووووووووووووووووووووووووووك علينا وعليكم :shiny: بل مبارك علينا ماحققناه وان شاء الله يكون قد نال اعجابكم
وسنحاول ان نلتقي في مسابقات اخرى
سلامي واحترامي