اعود اليكم اليوم بموضوع جديد وبطريقة جديدة في الكتابة اتمنى ان تروق لكم ...
من أنا؟؟
بعد اربع سنوات من الجد والكد و الدراسة في الجامعة ،جاء اليوم الذي ارهقني انتظاره نعم انه حفل تخرجي من الجامعة : ابي امي اخواتي اخواتي ،اصدقائي... كلهم هنا فمدرج الجامعة يعج بمعارفي واحبتي انه اليوم الذي لن انساه ابدا...
بدات مناقشة رسالتي في ظروف رائعة ...حتى انتهت المناقشة بسرعة البرق لحلاوة الجلسة .
كانت الفرحة تعمر قلبي وانا اتلقى التهاني من احبائي واصدقائي ....لتبدا رحلتي التي طالما خشيتها انها رحلة ما بعد التدرج والبحث عن عمل يليق بي ،اجل لقد كنت خائفا جدا من هذه اللحظة التي اراها قاسية وصعبة جدا ، ولكن جدي كان يقف معي على قدم وساق اين عرض علي المساعدة لأكمل دراستي في الخارج * فرنسا* بدات اشعر بالراحة بعدا ان طمأنني جدي بارسالي الى فرنسا لاتمام دراستي واحصل على عمل يليق بي ،بالفعل لقد فعلها جدي حيث ساعدني على الحصول على التاشيرة وجواز السفر،ومنحني ايضا مبلغا من المال حتى اشد رحالي الى بلد احلامي فرنسا...بعدما تناسيت تماما امي الجزائر التي علمتني البارحة كيف اكتب : الألف والباء وكيف افرق بين الواحد والاربعة....المهم بعد طول انتظارجاء موعد رحلتي: الوجهة باريس رافقني اصدقائي واهلي الى المطار وكلهم امل ان اعود الى الجزائر: دكتورا ....يخدم الجزائر والجزائريين،وصلت الى فرنسا وبدأت ادرس في جامعة السربون الى ان تحصلت على شهادة الدكتوراه ...كم كنت سعيدا بهذا الانجاز الرائع ...
بعد ان انهيت دراستي قررت ان اعود الى ارض الوطن حتى اساهم في بناء الجزائر كغيري من المثقفين الجزائريين المتواجدين هناك الى انني قد تراجعت عن قراري عندما تذكرت صديقتي الشامية * فتاة سورية جمعنا الحب في فرنسا* التي تعرفت عليها ايام الجامعة هناك فخفت ان اتركها بعدما تعلقنا ببعضنا البعض و اصبحنا نتنفس الحب بدل الهواء ...
اذن وقفت في حيرة من امري بين الوطن وبين الحبيبة الى ان حدث ما لا يحمد عقباه لقد اخطأت انا وصديقتي واجبرت ان اتزوج بها
قررت الزواج من صديقتي الشامية اتصلت باهلي واخبرتهم انني ساتزوج وكم كانت امي حزينة وهي تسمع هذا الخبر خاصة وانها كانت تنتظر عودتي لتزف الي ابنة عمي التي تركتها تنتظرني و وعدتها بالزواج بعد عودتي، المهم اجبرت على الزواج واتخذت من الشامية زوجة لي وبعد سنة رزقت بولد رائع وسميته * جون* انساني الجزائر واهلي معنا.
رغم الخطأ الفاذح الذي قمت به الى ان اسرتي اصرت على عودتي الى الجزائر مع زوجتي لكنني رفضت ذلك جملة وتفصيلا حيث قلت للأبي بالحرف الواحد لقد سئمت الجزائر يا ابي دعني اعيش هنا وكم كنت قاسيا و انا اسمع أمي تبكي وتلح على عودتي وانا مصر على راي الله غالب* شاوي راسي قاسح* المهم اصبحت صاحب ثروة كبيرة فيلا سيارات فاخرة مختلفة الانواع والالوان زوجة جميلة و ابن كالقمر فكنت اقول دوما لنفسي لماذا تعود الى الجزائر يا شفيق؟؟
وبدأت اتنكر لمقوماتي و لهويتي اين اجد لساني يترفع على لغة الضاد ليتبنى اللغة الفرنسية، بدا ابني يكبر ويكبر وانا لااعلمه اطلاقا العربية ولا تقاليدنا الجزائرية ،مرت اكثر من اريع سنوات لم ارى فيها اهلي ولا بلدي الى ان جاء اليوم الذي اهتز فيه كياني ...
نعم هاتفي يرن ان المتصل من الجزائر..
Allo oui c'est qui?
الو بني انا امك
A maman comment va tu?
Cava?
امي: بني انا لا افهم الفرنسية جيدا تحدث بالعربية تحدث بلغة اجدادك تحدث بلغة الرسل والانبياء فكانت كلماتها كصفعة مدوية حاولت الحديث بالعربية لكنني نسيتها من شدة التناسي...
ثم انفجرت امي بالبكاء وهي تردد * هذي اربع سنين يا ولدي ماشفتكش حرام عليك * وكم لمست ذلك الشوق والحنين في كلماتها الرقيقة والعذبة ،نعم انها اللحظة التي ايقضت جميع مشاعري واحاسيسي التي اضمحلت وتلاشت في باريس وليون، مارساي ليل...اجل لقد احسست بمدى الذنب الذي اقترفته في حق اهلي واحبتي وخاصة في حق امي الجزائر التي تخليت عنها من اجل اليورو....
عدت مسرعا الى منزلي وتحدثت الى زوجتي واخبرتها انه علينا السفر الى الجزائر لزيارتي اهلي فوافقت واتجهت لحجز تذاكر اول رحلة الى الجزائر و قمت بارسال سيارتي الفاخرة في الباخرة حتى لا اتاخر على امي ...
الكل ينتظرني امي ابي ...اصدقائي، وخاصة صاحب هذا الفضل الذي انا فيه جدي طبعا بعد الله ..
وصلت الطائرة لتحط بمطار هواري بومدين الدولي حيث كانت الساعة تشير الى الخامسة مساء رافقني اهلي من المطار الى المنزل التقت بامي وقمت بضمها حتى شعرت بحنان كبير لم اشعر به منذ اربع سنوات سلمت على اهلي وكنت اتحدث معهم بالفرنسية وكان جدي يعينهم على فهم بعض المصطلحات ...
معلنا للجميع انني قد تخليت عن اللغة العربية وانها اصبحت لا يعني لي شئيا...
المهم وضعت امي الطعام وكان تقليديا: طبق الكسكس انه طعامي المفضل ولكن للأسف فات الاون اصبحت اترفع عنه لكثرة ما تجولت في المطاعم الفرنسية المشهورة ولكثرة ما كنت اكل من اطباق فرنسية الاصل انستني حتى الاكل الجزائري،اكلت الطعام بالحاح من امي.
عكسي تما لقد اكانت زوجتي متواضعة جدا ومحافظة على اللغة العربية رغم كل هذا الى ان الامسية كانت رائعة رفقة الاهل وكم كانوا فرحين بابني عدا جدي الذي كان متحفظا على اسم ابني* جون*
وفي صباح اليوم الموالي ذهبت رفقة اخي وجدي لإستلام سيارتي ،ثم بدانا نتجول في شوارع العاصمة ،فقال لي اخي سادعوك الى مكان تحبه كثيرا نعم لقد اخذني الى *مقام الشهيد* ذهبنا الا انني قلت له ان هذا المكان لا يعجبني بقدر ما يعجبني *برج افيل * فبدت ملامح الغضب على وجه جدي دون ان يتحدث معي،ثم توجهنا الى المقهى الموجود بالحي لنحتسي فنجان قهوة فجاء اصدقائي ولكنني فاجائتهم وتنكرت كانني لا اعرفكم ولا اذكركم فهز الغضب الجميع وخاصتا جدي الذي استمر في الصمت خاصتا و ان جل حديثي كان بالفرنسية ،اتجهنا بعد ذلك الى المنزل فاذا بجدي ينطق بعد ان صمت دهرا وهو يطلب مني ان ارافقه الى غرفته ...
دخلت مع جدي الى الغرفة فاذا به يصفعني ويصرخ في وجهي: كـــبرت ورجعت ما تعرف حتى واحد؟ يا شفيق
هل نسيت من انت؟ هل انستك فرنا اللغة العربية هل انستك ارض الشهداء؟ هل انستك مقام الشهيد هل انستك عادتنا وتقاليدنا؟....
لماذا؟ لماذا؟
لماذا تتنكر للغة العربية لماذا تتبنى الفرنسية ام تراها احسن من لغة الضاد؟
ان كانت كذلك لماذا لم ينزل القرآن بالفرنسية ؟
كيف تنسى لغة الأنبياء والرسل يا بني كيف؟
كيف تنسى اصدقاء الطفولة وتتنكر لهم ام لأنك اليوم غني وتملك ثروة طائلة ؟؟
لماذا تسمي ابنك باسم اجنبي وخير خلق الله يقول محمد صلى الله عليه وسلم يقول خير الاسماء ما حمد وعبد ...
هل انتم ضعيفون لهذه الدرجة حتى تتخلو ا من الهوية الاسلامية العربية ؟؟
كم كان وقع هذه الكلمات قاسيا وشاق ..الى ان دفعني الى الاحساس بالخطأ الذي وقعت فيه ،نعم انه خطأ فاذح اتجاه وطني واتجاه هويتي ولغتي نعم لانني تنكرت لجميع المبادئ التي نشات عليها ...مستعينا بقيم لا تغني ولا تسمن من جوع ...
هل نسيت من انت؟
كم شعرت بالاحراج وجدي يوبخني ويهديني الى الصواب...
واذا بصوت عذب ينادي باسمي : شفيق شفيق نوض يا ولدي راح لحال ، نوض باش تمشي لمديرية التشغيل تجدد العقد نتعك ...
آآه امي هذه انت الحمد لله وين جدي ؟؟
ما بك يا ابني جدك توفقي منذ عقود ...
آآآه صحيح الله يرحموا
فقلت في نفسي الحمد لله لقد انقذتني امي من توبيخ جدي الذي ايقض ضميري اتجاه لغتي وديني و وطني...
ثم اتجهت الى مديرية التشغيل قصد ايداع ملف تمديد عقد الادماج وكلي امل ان اجد عملا يليق بي في بلد المليون ونصف المليون شهيد
في بلد العزة والشموخ
.....
وكنت اضحك من حين الى اخر وانا اتذكر رحلتي في فرنسا مع زوجتي الشامية وابني جون ...
اخوتي اخواتي:
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله
بقلم شفيق الخنشلي الجزائري الاصيل ...
و في الختاام تقبلوو تحياات
chafik.dz
http://dc03.**********/i/01331/neaauhnxyg85.gif
آخر تعديل: