مسائل في سجود الشكر. السلام عليكم ورحمة الله
شيخنا الفاضل من انعم الله عليه بفضل واراد ان يبلغ الشكر لله
فهل هي سجود الشكر أم صلاة
وان كانت ايا منها فما شروطها وما كيفيتها
وجزاك الله الف خير
والمعذرة على الازعاج
تلميذتك.
الجواب : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ليس ثمّ إزعاج بارك الله فيك
سجود الشكر اسمه " سجود " فهو سجود وليس صلاة .
قال ابن قدامة في المُغني : ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم ، واندفاع النقم ...
ثم ذكر الأقوال في المسألة ، وذكر اختياره وترجيحه بقوله :
ولنا ما روى ابن المنذر بإسناده عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يُسرّ بِهِ خرّ ساجدا ورواه أبو داود ولفظه قال : كان إذا أتاه أمرٌ يُسرّ بِهِ ، أو بُشِّر به خرّ ساجدا شكراً لله ... وسجد الصديق حين فتح اليمامة ، وعليٌّ حين وجد ذا الثديّة . أي حين وجده في الخوارج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر به ووصفه ، وروي عن جماعة من الصحابة ، فثبت ظهوره وانتشاره ، فبطل ما قالوه . وتَرْكُه تارة لا يدل على أنه ليس بمستحب ، فإن المستحب يُفعل تارة ، ويُترك أخرى . انتهى .
وسجد كعب بن مالك رضي الله عنه لما بلغه خبر توبة الله عليه ، والحديث في الصحيحين .
والصحيح أنه لا يُشترط لسجود الشكر ما يُشترط للصلاة من وضوء واستقبال قبلة وتكبير ؛ لأنه مجرد سجود .
وإن كان الأفضل أن يسجد على طهارة ويكون مستقبلا القبلة .
فمن تجددت له نعمة ، أو اندفعت عنه نقمة ، فيُسنّ له أن يسجد شكراً لله ، سواء كان متوضأ أو غير متوضئ ، وسواء كان مُستقبلا القبلة أو غير مستقبل القبلة .
والله أعلم .
جزاكم الله شيخنا الفاضل على هذا الايضاح ، ولكن كثيرا ما نسمع أن البعض عندما تظهر له نعم الله يتوضأ ويصلي ركعتين لله شكرا على نعمه ... فهل هذه بدعة ؟؟
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا .
الجواب : وفيكِ بُورِك ، وجُزيتِ خيراً .
صلّى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ثمان ركعات ، كما في الصحيحين .
واختُلِف في توجيه هذه الصلاة
فقالت طائفة من أهل العلم : هي صلاة الضحى ، واستدلوا برواية لمسلم . قالت أم هانئ : ثم صلى ثمان ركعات ، سبحة الضحى .
يعني سُنّة الضحى .
وقالت طائفة أخرى : هي صلاة شكر لله تعالى على الفتح .
ونقل الطبري عن خالد بن الوليد أنه صلى صلاة الشكر لما فتح الحيرة .
ولكن لا يُشرع للعبد كلما تجددت له نعمة أن يقوم إلى الصلاة ، فيُصلّي ركعتين .
وإن كانت الصلاة من شُكر الله عز وجل ، والتقرّب إلى الله بها من أفضل القربات ، لكن المشروع عند تجدد النّعم هو سجود الشكر ؛ ولأن الصلاة تحتاج إلى وضوء وقد لا يجد المسلم الماء في وقت ورد ما يسرّه ، فيتأخر عن المقصود ، بخلاف السجود ، خاصة إذا قلنا إنه لا يحتاج إلى وضوء ولا استقبال قبلة ولا تكبير . بل يخـرّ ساجداً لله .
قال أبو عبد الرحمن الحبلي : الصلاة شكر ، والصيام شكر ، وكل خير تعمله لله عز وجل شكر ، وأفضل الشكر الحمد .
وقال : محمد بن كعب القرظي : الشكر تقوى الله تعالى ، والعمل الصالح .
قال ثابت البناني : بلغنا أن داود نبي الله جزّأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده ، فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان قائم من آل داود يصلي ، فعمّتهم هذه الآية : ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ) رواه ابن أبي شيبة .
فهذا شكر مطلوب على الدوام لتتابع نِعم الله علينا .
والله تعالى أعلم. كتبه عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم.
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله اخونا الغالي سائل
******
الجواب
.
لم يرد في الأحاديث تخصيص سجود الشكر بدعاء معين ، ولذلك قال العلماء : يقول في سجود الشكر ما يقوله في سجود الصلاة من التسبيح والدعاء . فيقول : سبحان ربي الأعلى ، اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ . ثم يدعو بما أحب .
قال ابن قدامة رحمه الله : صفة سجود الشكر في أفعاله وأحكامه وشروطه كصفة سجود التلاوة اهـ المغني 2/372 . وقال في سجود التلاوة : ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يكون سجود الشكر عن مصيبة اندفعت أو لنعمة تهيأت للإنسان وهو كالتلاوة خارج الصلاة ، فبعض العلماء يرى له الوضوء والتكبير ، وبعضهم يرى التكبيرة الأولى فقط ، ثم يخر ساجدا ويدعو بعد قوله سبحان ربي الأعلى . اهـ فتاوى منار الإسلام .
ما هي صفة سجود الشكر؟ سجود الشكر مثل سجود الصلاة، ومثل سجود السهو ومثل سجود التلاوة، سجدة واحدة، يقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يحمد الله ويثني عليه ويشكره على ما من عليه من صحة أو ولد أو نصر للإسلام وفتح على المسلمين، أو نحو ذلك مما يسره أو يسر المسلمين، النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد لله للشكر، وهكذا الصديق - رضي الله عنه - لما جاءه فتح اليمامة، ومقتل مسيلمة الكذاب سجد لله شكرا. والصحيح أنه يجوز ولو كان الساجد على غير طهارة إذا جاءه الخبر السار سجد وإن كان على غير طهارة وهكذا سجود التلاوة من جنس سجود الشكر سجدة واحدة عند تلاوة الآيات التي فيها السجود ولو كان على غير طهارة في أصح قولي العلماء، يقول فيه مثل ما يقول في سجود الصلاة، سجود التلاوة، سجود الشكر، سجود السهو كله يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى ، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ويدعو فيه بما يسر الله من الدعوات الطيبة، ويشكر الله في سجود الشكر زيادة يشكر الله على النعمة التي بلغته، ويقول في السجود أيضا اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحولته وقوته تبارك الله أحسن الخالقين. يقال هذا في سجود الصلاة وسجود التلاوة وسجود الشكر مع سبحان ربي الأعلى، لا بد من كلمة سبحان ربي الأعلى ولو مرة ولو كررها ثلاثا أو خمسا كان أفضل وأولى في جميع أنواع السجود؛ سجود التلاوة، سجود الشكر، سجود الصلاة، سجود السهو.
من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله.
السؤال: هل سجود الشكر تتوفر فيه شروط ، مثلاً : الحجاب ، الوضوء ... ؟ .
الجواب : الحمد لله نوجز الكلام على " سجود الشكر " في النقاط التالية : 1. سجود الشكر من أعظم ما يشكر به العبد ربه جل وعلا ؛ لما فيه من الخضوع لله بوضع أشرف الأعضاء - وهو الوجه - على الأرض ، ولما فيه من شكر الله بالقلب ، واللسان والجوارح . 2. سجود الشكر من السنن النبوية الثابتة التي هجرها كثير من الناس . 3. الخلاف في مشروعية سجود الشكر يعدُّ خلافاً ضعيفاً ؛ لمخالفته ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن كثير من أصحابه رضي الله عنهم في ذلك . 4. سجود الشكر يُشرع كلما حصلت للمسلمين نعمة عامة ، أو اندفعت عنهم نقمة ، أو حصلت للمسلم نعمة خاصة ، سواء تسبب في حصولها ، أو لم يتسبب ، وكلما اندفعت عنه نقمة . قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - : فإن قلتَ : نعَمُ الله على عباده لا تزال واردة عليه في كل لحظة ؟ قلت : المراد النعَم المتجددة التي يمكن وصولها ويمكن عدم وصولها ، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد إلا عند تجدد تلك النعم مع استمرار نعم الله سبحانه وتعالى عليه وتجددها في كل وقت . " السيل الجرار " (1/175). 5. الصحيح أنه لا يشترط لسجود الشكر ما يشترط للصلاة ، من الطهارة ، وستر العورة – ومنه الحجاب للمرأة - ، واستقبال القبلة ، وغيرها . وهذا قول كثير من السلف ، واختاره بعض المالكية ، وكثير من المحققين ، كابن جرير الطبري ، وابن حزم ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، والشوكاني ، والصنعاني ، ورجحه كثير من مشايخنا ، ومنهم : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين – رحمهم الله - ، وغيرهم . خلافاً لمن اشترط لسجود الشكر ما يشترط للنافلة ، وهو مذهب الشافعية ، وقال به أكثر الحنابلة ، وبعض الحنفية ، وبعض المالكية . ومما استدل به أصحاب القول الأول : أ. أن اشتراط الطهارة ، أو غيرها من شروط الصلاة لسجود الشكر : يحتاج إلى دليل ، وهو غير موجود ، إذ لم يأت بإيجاب هذه الأمور لهذا السجود كتاب ، ولا سنَّة ، ولا إجماع ، ولا قياس صحيح ، ولا يجوز أن نوجب على أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم أحكاماً لا دليل عليها. ب. أن ظاهر حديث أبي بكرة – " أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ " رواه الترمذي ( 1578 ) وحسَّنه ، وأبو داود ( 2774 ) وابن ماجه ( 1394 ) - وغيره من الأحاديث التي روي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجود الشكر ، تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتطهر لهذا السجود ، فخروره صلى الله عليه وسلم مباشرةً يدل على أنه كان يسجد للشكر بمجرد وجود سببه ، سواء كان محدثا ، أم متطهراً ، وهذا أيضا هو ظاهر فعل أصحابه رضي الله عنهم . ج. أنه لو كانت الطهارة - أو غيرها من شروط الصلاة - واجبة في سجود الشكر : لبيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمَّته ؛ لحاجتهم إلى ذلك ، ومن الممتنع أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا السجود ويسنُّه لأمته وتكون الطهارة - أو غيرها - شرطاً فيه ، ولا يسنُّها ، ولا يأمر بها صلى الله عليه وسلم أصحابَه ، ولا يروى عنه في ذلك حرف واحد . د. أن سبب سجود الشكر يأتي فجأة ، وقد يكون من يريد السجود على غير طهارة ، وفي تأخير السجود بعد وجود سببه حتى يتوضأ أو يغتسل : زوالٌ لسرِّ المعنى الذي شُرع السجود من أجله . هـ. أن هذه الشروط من الطهارة وغيرها إنما تشترط للصلاة ، ومما يدل على ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ الْخَلاءِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَذَكَرُوا لَهُ الْوُضُوءَ فَقَالَ : ( أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَتَوَضَّأَ ) – رواه مسلم ( 374 ) - وسجود الشكر ليس صلاة ؛ لأنه لم يرد في الشرع تسميته صلاة ، ولأنه ليس بركعة ولا ركعتين ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن له تكبيراً ولا سلاماً ولا اصطفافاً ولا تقدم إمام ، كما سنَّ ذلك في صلاة الجنازة وسجدتي السهو بعد السلام وسائر الصلوات ، فلا يشترط لسجود الشكر ما يشترط للصلاة . و. قياس السجود المجرد على سائر الأذكار التي تفعل في الصلاة وتشرع خارجها ، كقراءة القرآن - التي هي أفضل أجزاء الصلاة وأقوالها ، وكالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ، فكما أن هذه الأمور لا تشترط لها الطهارة إذا فعلت خارج الصلاة - مع أنها كلها من أجزاء الصلاة - : فكذلك السجود المجرد . قال علماء اللجنة الدائمة : الصحيح : أن سجود الشكر وسجود التلاوة لتالٍ أو مستمع : لا تشترط لهما الطهارة ؛ لأنهما ليسا في حكم الصلاة . الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 263 ) . 6. القول الراجح في صفة سجود الشكر أنه لا يجب فيه تكبير في أوله ، أو في آخره ، أو تشهد ، أو سلام ، وهذا هو المنصوص عن الإمام الشافعي ، وهو قول الإمام أحمد في رواية عنه ، وهو وجه في مذهب الشافعية ؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم . وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه لا يشرع في هذا السجود تشهد أو سلام ، بل هو بدعة ، لا يجوز فعله . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : وأما سجود التلاوة والشكر : فلم يَنقل أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه أن فيه تسليماً ، ولا أنهم كانوا يسلمون منه ، ولهذا كان أحمد بن حنبل ، وغيره من العلماء : لا يعرفون فيه التسليم ، وأحمد في إحدى الروايتين عنه لا يسلِّم فيه ؛ لعدم ورود الأثر بذلك ، وفي الرواية الأخرى يسلِّم واحدة ، أو اثنتين ، ولم يثبت ذلك بنصٍّ ، بل بالقياس ، وكذلك من رأى فيه تسليماً من الفقهاء ليس معه نصٌّ ، بل القياس أو قول بعض التابعين . " مجموع الفتاوى " ( 21 / 277 ) . وقال – رحمه الله – عن سجود التلاوة والشكر - : فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمِّ ذلك صلاة ، ولم يشرع لها الاصطفاف ، وتقدم الإمام ، كما يشرع في صلاة الجنازة ، وسجدتي السهو بعد السلام ، وسائر الصلوات ، ولا سنَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم سلاماً ، لم يُروَ ذلك عنه ، لا بإسنادٍ صحيح ولا ضعيف ، بل هو بدعة ، ولا جعل لها تكبير افتتاح . " مجموع الفتاوى " ( 23 / 171 ) . 7.أنه لا يجب فيه ذِكْرٌ معيَّن ، وإنَّما يشرع للساجد أن يقول في سجوده ما يناسب المقام ، من حمد الله وشكره ودعائه واستغفاره ، ونحو ذلك . قال الشوكاني - رحمه الله - : فإن قلت : لم يرِد في الأحاديث ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم في سجود الشكر ، فماذا يقول الساجد للشكر ؟ قلت : ينبغي أن يستكثر من شكر الله عز وجل ؛ لأن السجود سجود شكر . " السيل الجرار " ( 1 / 286 ) . 8. أنه لا يسجد للشكر إذا بُشِّر بما يسره وهو يصلي . لأن سبب السجود ، في هذه الحالة ليس من الصلاة ، وليس له تعلق بها ، فإن سجد متعمِّداً : بطلت صلاته ، كما لو زاد فيها سجوداً متعمداً ، أو سجد فيها لسهو صلاة أخرى ، وكما لو صلى فيها صلاة أخرى ، وهذا القول هو مذهب الشافعية ، وقال به أكثر الحنابلة . وقال بعض الحنابلة : إنه يستحب سجود الشكر في هذه الحالة ، قياساً على سجود التلاوة . ويمكن أن يناقش دليلهم : بأن ما ذكروه من القياس غير صحيح ؛ لأنه قياس مع الفارق ، فإن سجود التلاوة سببه من أفعال الصلاة ، وهو القراءة ، أما سجود الشكر : فسببه من خارج الصلاة . قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : مَن سَجَدَ سَجْدةَ الشُّكر عالماً بالحُكم ، ذاكِراً له : فإنَّ صلاتَه تبطُلُ ... . وما ذكرَه المؤلِّفُ صحيحٌ ؛ أي : أنَّ الصَّلاة تبطلُ بسُجودِ الشُّكرِ ؛ لأنَّه لا علاقة له بالصَّلاة ، بخلافِ سُجودِ التِّلاوة ؛ لأن سُجودَ التِّلاوةِ لأمرٍ يتعلَّق بالصَّلاة ، وهو القِراءة . " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 4 / 107 ، 108 ) . 9. سجود الشكر يُشرع للراكب على الراحلة بالإيماء ، ويومئ على قدر استطاعته . 10. أنه يجوز قضاء سجود الشكر إذا لم يتمكن من أدائه في وقته . وإذا بُشِّر الإنسان بما يسرُّه ، أو حصلت له نعمة ولم يسجد ، ولم يأت له عذر في ترك السجود عند حصول سببه : فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يشرع له قضاء هذا السجود بعد ذلك ؛ وذلك لأنه غير معذور في تأخير السجود . انظر " حاشية قليوبي " ( 1 / 209 ) . انتهى ملخَّصاً مرتَّباً – بزيادة يسيرة - من بحث بعنوان " سجود الشكر وأحكامه في الفقه الإسلامي " ، إعداد : الدكتور : عبد الله بن عبد العزيز الجبرين وفقه الله . نشره في " مجلة البحوث الإسلامية " ( 36 / 267 – 309 ) .
السؤال : فضل سجدة الشكر : ( إن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة ، فيقول : يا ملائكتي ! انظروا إلى عبدي ، أدى فريضتي ، وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، يا ملائكتي ماذا له ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك . ثم يقول الرب تعالى : ثم ماذا له ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا جنتك . فيقول الرب تعالى : ثم ماذا ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا كفاه ما همه . فيقول الله سبحانه وتعالى : ثم ماذا ؟ فلا يبقى شيء من الخير إلا قالته الملائكة . فيقول الله تعالى : يا ملائكتي ثم ماذا ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا لا علم لنا . فيقول الله تعالى : لأشكرنه كما شكرني ، وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي ) . أفتوني بارك الله فيكم : ما صحته ؟
الجواب : الحمد لله سجود الشكر مستحب ، وهو سجدة واحدة يسجدها المسلم عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة ، واستحبابها ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعل أصحابه الكرام رضي الله عنهم . فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ) رواه أبو داود (2774) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " . وقد سجد كعب بن مالك رضي الله عنه حين جاءه خبر توبة الله عليه . رواه البخاري (4418) ومسلم (2769) .
وسجد أبو بكر رضي الله عنه شكرا حين جاءه خبر قتل مسيلمة الكذاب . وسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين رأى ذا الثدية بين قتلى الخوارج . انظر : "مصنف ابن أبي شيبة" (2/366-368) .
وأما الحديث الوارد في السؤال فلم يروه أحد من علماء الحديث الثقات ، ولم يذكره أحد في كتب السنة والآثار ، وإنما تذكره بعض كتب الشيعة المليئة بالأحاديث المكذوبة ، ككتاب " من لا يحضره الفقيه " (1/333، حديث رقم/979، باب سجدة الشكر والقول فيها ، وكتاب " تهذيب الأحكام " للطوسي (2/110)، وإنما يسندانه إلى جعفر الصادق ، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن في إسناده محمد بن أبي عمير ، جاء في ترجمته في " لسان الميزان " (5/221) " محمد بن أبي عمير ، عن أبيه : حدَّث عنه ابن جريج : مجهول . انتهى . وفي إسناده أيضا كل من حريز بن أبي حريز ، ومرازم بن حكيم ، ولم يذكر أحد من أهل العلم فيهما توثيقاً ، وانظر ترجمتهما في "لسان الميزان" (2/181 ، 186) .
فالحاصل : أنه لا تجوز نسبة هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجب الحذر من نشره بين الناس .