لجامع لفتاوى ومقالات أهل العلم في التفجيرات

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

ابو الفداء الجزائري

:: عضو فعّال ::
أحباب اللمة
إنضم
19 ديسمبر 2007
المشاركات
1,527
نقاط التفاعل
8
نقاط الجوائز
457
فتوى هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، أما بعد، فإن مجلس هيئة كبار العلماء في جلسته الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض يوم الأربعاء 13/3/1424هـ استعرض حوادث التفجيرات التي وقعت في مدينة الرياض مساء يوم الاثنين 11/3/1424هـ وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع واصابات لكثير من الناس من المسلمين وغيرهم.
ومن المعلوم أن شريعة الإسلام قد جاءت بحفظ الضروريات الخمس وحرمت الاعتداء عليها وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل.
ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الأنفس المعصومة والأنفس المعصومة في دين الإسلام إما أن تكون مسلمة فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام يقول الله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).
ويقول سبحانه (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا .. الاية) قال مجاهد رحمه الله في الإثم وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله الا باحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزانى والمارق من الدين التارك للجماعة) متفق عليه وهذا لفظ البخارى.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وفي سنن النسائي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم). ونظر ابن عمر رضي الله عنهما يوما الى البيت أو الى الكعبة فقـال (ما أعظمـك وأعظـم حـرمتــك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك).
كل هذه الأدلة وغيرها كثير تدل على عظم حرمة دم المرء المسلم وتحريم قتله لأي سبب من الأسباب الا ما دلت عليه النصوص الشرعية فلا يحل لاحد أن يعتدي على مسلم بغير حق يقول أسامة بن زيد رضي الله عنهما .. (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا اله الا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعدما قال لا اله الا الله قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
وهذا يدل أعظم الدلالة على حرمة الدماء فهذا رجل مشرك وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به وتمكنوا منه نطق بالتوحيد فتأول أسامة رضي الله عنه قتله على أنه ما قالها الا ليكفوا عن قتله ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره وتأويله وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها.
وكما أن دماء المسلمين محرمة فان أموالهم محرمة محترمة بقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) أخرجه مسلم وهذا الكلام قاله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم عرفة وأخرج البخاري ومسلم نحوه في خطبة يوم النحر.
وبما سبق يتبين تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق ومن الأنفس المعصومة في الإسلام .. أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وان ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما) أخرجه البخاري.
ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فان نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له ومن قتله فانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لم يرح رائحة الجنة) وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة يقول النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم).
ولما أجارت أم هانئ رضي الله عنها رجلا مشركا عام الفتح وأراد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله ذهبت للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال صلى الله عليه وسلم (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) أخرجه البخاري ومسلم.
والمقصود أن من دخل بعقد أمان أو بعهد من ولي الامر لمصلحة رآها فلا يجوز التعرض له ولا الاعتداء لا على نفسه ولا ماله.
إذا تبين هذا فان ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام وتحريمه جاء من وجوه ..
1 / أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين وترويع للآمنين فيها.
2 / أن فيه قتلا للانفس المعصومة في شريعة الإسلام.
3 / أن هذا من الإفساد في الأرض.
4 / أن فيه إتلافا للأموال المعصومة.
وإن مجلس هيئة كبار العلماء اذ يبين حكم هذا الأمر ليحذر المسلمين من الوقوع في المحرمات المهلكات ويحذرهم من مكائد الشيطان فانه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك اما بالغلو بالدين واما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله. والشيطان لا يبالي بأيهما ظفر من العبد لان كلا طريقي الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه.
وما قام به من نفذوا هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة) اخرجه أبو عوانه في مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) وهو في البخاري بنحوه.
ثم ليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية اليوم تعاني تسلط الأعداء عليها من كل جانب وهم يفرحون بالذرائع التي تبرر لهم التسلط على أهل الإسلام وإذلالهم واستغلال خيراتهم فمن أعانهم في مقصدهم وفتح على المسلمين وبلاد الإسلام ثغرا لهم فقد أعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم وهذا من أعظم الجرم.
كما أنه يجب العناية بالعلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة وذلك في المدارس والجامعات وفي المساجد ووسائل الاعلام كما أنه تجب العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي على الحق فان الحاجة بل الضرورة داعية اليه الآن أكثر من أى وقت مضى وعلى شباب المسلمين إحسان الظن بعلمائهم والتلقي عنهم وليعلموا أن مما يسعى إليه أعداء الدين الوقيعة بين شباب الأمة وعلمائها وبينهم وبين حكامهم حتى تضعف شوكتهم وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا.
وقى الله الجميع كيد الأعداء وعلى المسلمين تقوى الله في السر والعلن والتوبة الصادقة الناصحة من جميع الذنوب فإنه ما نزل بلاء الا بذنب ولا رفع الا بتوبة نسأل الله أن يصلح حال المسلمين ويجنب بلاد المسلمين كل سوء ومكروه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


هيئة كبار العلماء: رئيس المجلس عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، صالح بن محمد اللحيدان، عبدالله بن سليمان المنيع، عبدالله بن عبدالرحمن الغديان، د. صالح بن فوزان الفوزان، حسن بن جعفر العتمي، محمد بن عبدالله السبيل، د. عبدالله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ، محمد بن سليمان البدر، د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، محمد بن زيد آل سليمان، د. بكر بن عبدالله ابو زيد (لم يحضر لمرضه)، د. عبدالوهاب بن ابراهيم ابو سليمان (لم يحضر)، د. صالح بن عبدالله بن حميد، د. أحمد بن علي سير المباركي، د. عبدالله بن علي الركبان، د. عبداللـه بن محمد المطلق.
 
رد: لجامع لفتاوى ومقالات أهل العلم في التفجيرات

فتوى فضيلة الشيخ ابن جبرين حفظه الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ...

فقد أكد الله الوفاء بالعهد، في مثل قوله تعالى: ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا )
وقوله تعالى: ( وبعهد الله أوفوا )
وقوله تعالى: ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ )

والعهد هو: أن يتعهد المسلم أو المسلمون لغيرهم من مسلمين أو كفار على عدم الحرب، وعدم القتل، وقد ذكر العلماء أن للكفار مع المؤمنين أربع حالات:

الأولـى: أن يكونوا من أهل الذمة إذا بذلوا الجزية.

والثانية: أن يكون له عهد ، كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً.

الثالثـة: أن يدخلوا بأمان، لقول الله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }

الرابعة: المحاربون. فيصح الأمان للكافر، ويكون الذي يؤمنه من المسلمين حتى ولو امرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ "

وقوله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون تتكافأ دمائهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم"

والذمة هي العهد، فإذا دخل بلاد المسلمين أحد من المشركين بأمان من الدولة، أو بأمان من أحد الأفراد، سواء دخل لحاجة المسلمين كالعمال والعاملين، أو دخل لحاجته هو، فإنه يجب على أفراد المسلمين ألا يغدروا به، فإن الغدر من صفات المنافقين،

لقوله صلى الله عليه وسلم : " وإذا عاهد غدر"،

وقد شهد الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يغدر

وقد أمره الله تعالى بالوفاء للذين عاهدوا، كما في قوله تعالى: { إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ (}

وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على المؤمنين احترام أهل العهد حتى قال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة"،

وسواء كان هؤلاء المعاهدون من اليهود أو النصارى أو غيرهم من أصناف الكفار فإنه يجب الوفاء لهم وعدم إيذائهم حتى يصلوا إلى بلادهم،

وما حصل في هذه الليالي القريبة من تلك التفجيرات، والتي مات على إثرها خلق كثير وجرح آخرون، لاشك أن هذا من أفظع الجرائم،

وقد وقع من تلك التفجيرات وفيات وجراحات للآمنين، ولبعض المسلمين الساكنين في تلك البنايات، وذلك بلاشك من الغدر ومن إيذاء المستأمنين وإلحاق الضرر بهم،

فالذين حصل منهم هذا التفجير يعتبرون مجرمين،

ومن اعتقد منهم أن هذا جهاد وأن هؤلاء الساكنين في هذه الأماكن من الكفار ومن الذين تحل دماؤهم بكفرهم، قيل له: إن هذا من الخطأ، فإنه لا يجوز قتالهم ولا قتلهم إلا بعد إخبارهم بذلك، ونبذ عهدهم إليهم،

لقول الله تعالى: { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ )

فليس قتلهم وهم آمنون من المصلحة، بل إن فيه مفسدة شرعية، وهي اتهام المسلمين بالخيانة والغدر وأن فيهم إرهابيون بغير حق
فنقول لمن اعتقد حل دمائهم لكونهم غزوا بعض البلاد الإسلامية: إن هذا غير صحيح، وأن الذين غزوا بلاد الإسلام غير هؤلاء،

فلا يجوز الغدر بهؤلاء الذين لم يحصل منهم قتل ولا قتال،

وقد قال الله تعالى: ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)

ولاشك أن كل من شارك في هذه العمليات الإجرامية يأثم ويستحق التعزير، سواء الذي باشر هذا التفجير، أو الذي ساعده بهذه المتفجرات، أو أعان على نقلها

لدخولهم في قول الله تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ولا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

وقد نهى الله تعالى عن ظلم الكفار إذا كانوا مستأمنين،

فقال تعالى: { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }

وقال تعالى: { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} والشنآن هو البغض والحقد،

فنصيحتنا للشباب المسلمين ألا يفتحوا علينا وعلى بلاد المسلمين باب فتنة، وأن يرفقوا بإخوانهم المسلمين، وأن يقوموا بما يجب عليهم من الدعوة إلى الله على حد قوله تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

فإن هؤلاء الكفار قد يهديهم الله ويسلمون إذا رأوا معاملة المسلمين لهم بالإحترام، وبالرفق بهم والإكرام، فيدخلون في الدين الإسلامي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه"،

ولما دخل بعض اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: السام عليكم، فقال:"وعليكم"، قالت لهم عائشة: بل السام عليكم و لعنكم الله وغضب عليكم أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "مهلاً يا عائشة ، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش"

ونصيحتنا لهؤلاء الشباب الذين معهم هذه الحماسة وهذه الغيرة نقول لهم: على رسلكم، إربعوا على أنفسكم، ولا تعجلوا، ولا يحملكم ما ترون أو تسمعون من أعمال الكفار على هذا الاعتداء والظلم، وتعريض إخوانكم وشباب المسلمين للتهم والأضرار والعذاب الشديد،

وتفتحوا باباً على عباد الله الصالحين باتهامهم واتهام كل صالح ومتمسك بأنهم متهورون، وأنهم غلاة ومتسرعون، فتعم التهمة للصالحين، وليس ذلك من مصلحة المسلمين،

ونشير على شباب المسلمين أن يعلنوا البراءة من هذه الأعمال الشنيعة، مع إظهار بغضهم للكفار، ولأعمالهم الشنيعة مع المسلمين، ومع البراءة من موالاة الكفار ومحبتهم، كما نهى الله تعالى عن المولاة والتولي، الذي يستلزم المحبة ورفع المكانة، لقول الله تعالى: { تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }،

ولا يدخل في موالاتهم إستخدامهم، أو عقد العهد معهم لكف شرهم، فإن ذلك لا يستلزم محبتهم ومودتهم، فإن الله تعالى قطع الموالاة بين المؤمنين وبين الكفار ولو كانوا أقارب، ولم يحرم تقريبهم لإظهار محاسن الإسلام،

فقد ثبت أن بعض الصحابة كانوا يصلون أقاربهم الكفار، فقد أهدى عمر بن الخطاب حلة لأخيه الكافر، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بنت أبي بكر أن تصل أمها وهي كافرة لأجل التودد، ولما يحصل بذلك من تصور الكفار للإسلام، وأنه دين العدل والمساواة، وأنه بعيد من الظلم والجور والعدوان. والله المستعان.


قاله وأملاه
عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين
13-3-1424هجريا .
 
رد: لجامع لفتاوى ومقالات أهل العلم في التفجيرات

التفجير وتداعياته!
الشيخ سلمان العودة وفقه الله
1- تسامع الجميع بالتفجيرات؛ التي حدثت في الرياض , ليلة الثلاثاء الموافق 12/3/1424هـ؛ والتي استهدفت مجمعات سكنية؛ يفترض أنه يقيم فيها أجانب , وراح ضحيتها عشرات القتلى , ومئات المصابين , من الأمريكان, والسعوديين, وغيرهم!وأي معالجة للحدث يجب أن تكون منطلقة من إدانة صريحة واضحة, لا لبس فيها لهذا العمل الشائن المحرّم !
فالشريعة جاءت بحفظ الأمن ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ( وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا) ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ) (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْف)
وحفظ الدماء ( أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ) (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )
وحفظ العهود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ) .
ومدار الشريعة على تحقيق المصالح وتكميلها, ودرء المفاسد وتعطيلها ، ومثل هذه الأعمال تشكل الشرارة الأولى لإثارة الفتنة, والاحتراب الداخلي الذي يدمّر الطاقات, ويشتت الجهود ويهدر المكتسبات, ويعيق التنمية في مجالاتها المختلفة, ويؤخر مسيرة الإصلاح والدعوة ويفتح الباب أمام الطموحات الكامنة, والتناقضات المذهبية, والقبلية, والإقليمية, والفقهية التي لا يخلو منها مجتمع .
وربما شكل فرصة مناسبة للتدخلات الخارجية؛ التي تتذرع بملاحقة الإرهاب , كما تسميه, أو بالمحافظة على المصالح الاقتصادية , أو بتحرير الشعوب إلى آخر المعزوفة المعروفة !
إن الموقف المبدئي الشرعي الصريح يجب أن يكون قدراً مشتركاً لدى جميع المؤمنين وجميع العقلاء برفض هذا العمل وتحريمه, وإدانته شرعاً ؛ وبإدراك الآثار السلبية الناجمة عنه محلياً, وإقليمياً .

2- وهذه الإدانة يجب ألا تكون محاولة لتبرئة النفس من الاتهام , وكأن المتحدث يريد أن يبعد التهمة عن شخصه فحسب !
إن المسؤولية أعظم من ذلك, ونحن جميعاً في خندق واحد , وسفينة واحدة , والخرق فيها يفضي إلى غرق الجميع , ويجرنا إلى دوامة من العنف لا يعلم نهايتها إلا الله ! وانفلات الأمن أسهل بكثير من إمكانية ضبطه وإعادته .
وهذا الإحساس الجاد بالمسؤولية هو الذي يحمل المرء على رفض هذه الأعمال! أياً كانت مبرراتها .
لقد دأبت بعض وسائل الإعلام على توسيع دوائر الاتهام, ومحاولة جرِّ أطراف عديدة إلى الميدان؛ لتصفية حسابات شخصية, أو حزبية, أو ما شابه .
وهذا يجب أن يتوقف , ولا يجوز أن نعيد إنتاج التهم الأمريكية؛ التي أدانت الإسلام والعرب والسعودية ؛ واعتبرت المجتمع بمؤسساته العلمية والسياسية والتربوية مسؤولاً عما يحدث .
والإحساس بالمسؤولية الشرعية , بل والوطنية؛ يقتضي عزل الحادث في أضيق نطاق, وعدم توسيع دائرة التهمة ؛ لأننا بهذا التوسيع نصنع تعاطفاً معه, ومع منفذيه لدى شرائح جديدة في المجتمع .

لقد فتحتُ حواراً موضوعياً -بعيداً عن التكلف والتصنع والمجاملة- مع شرائح من طلاب الدراسات الشرعية, ومن طلابي في الحلقة العلمية؛ فوجدت إطباقاً على رفض العمل الذي وقع وتحريمه ، وإن كان الناس يختلفون في الجهة المسؤولة عنه , أو في الحديث عن أسبابه , وهذا من حقهم أن يختلفوا فيه .
إن السعي للوصول إلى مكاسب شخصية, أو فئوية لطرف ما بتوظيف هذا الحدث؛ هو استثمار خاطئ لأزمة حقيقية, لن تستثنى أحداً من تبعاتها وآثارها !

3- إن من أعظم المخاطر أن تتسع شقة الانشطار, والانشقاق في المجتمع, وأن يجد الناس أنفسهم في مواقف متقابلة يتداخل فيها الشرعي بالقبلي بالمنطقي بالشخصي ، وهذه هي الفتنة بعينها : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ) .

وقد تكون الشرارة الأولى عملاً فردياً؛ يفتح الباب أمام الطموحات المتناقضة, ويتم توظيفه من الأطراف المختلفة, كل حسب رؤيته الخاصة ، وهذا يُحتّم على المسؤولين في هذه البلاد أن يتعاملوا بمنتهى الشفافية مع الحدث وتداعياته, وأن يقطعوا الطريق على المزايدات التي تصب الزيت على النار .

يجب العدل في التعامل مع المتهمين, وعدم استخدام أساليب الترهيب النفسي معهم, أو مع أسرهم وذويهم, أو التعذيب, أو التجاوز؛ لأن هذا ليس من الإسلام, ولا يزيد الحقد إلا تأججاً ، والعقل والحكمة تقتضي إلجام الغضب , والعدل أساس الملك ( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .

4- الموقف من الإدارة الأمريكية, ورفض سياساتها التعسفية الاستعلائية الانفرادية؛ ليس حكراً على بلد متدين كالسعودية , ولا على دول عربية ولا إسلامية ؛ فالكراهية لتلك السياسات الفاسدة تتنامى في سائر أنحاء أوروبا , وأمريكا الجنوبية , والصين , وغيرها

وثمت عامل إضافي يخص العالم الإسلامي وهو أنه المستهدف الأول بدينه وثقافته وأرضه وخيراته ومنهج حياته , كما هو مشاهد للعيان .
والعربي والمسلم بطبيعته يرفض الذل , ولولا قيد الدين وأثره في منع الناس من الاندفاع , لكان الأمر أشد وأعظم وأنكى! وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الإيمان قيد الفتك؛ لا يفتك مؤمن " .

لقد تجاوز الأمريكيون الحد في الاستخفاف بالشعوب, وتجاهل إرادتها! ومع هذا؛ فإن من الحكمة القول : بأن الإدارة الأمريكية , أو بعض متطرفيها قد يطيب لهم اضطراب الأمن في أي بلد إسلامي ؛ لأنه قد يمنحهم ذريعة حاضرة , أو مستقبلية في التدخل بحجة المتابعة الأمنية , أو الحفاظ على المصالح , أو إغلاق هذه المؤسسة , أو تلك ، وقد تتطور الأمور بشكل لا يمكن التحكم فيه .
وعلينا أن ننفذ غضبنا على هؤلاء المتطرفين, من خلال آلية عملية واقعية؛ كالمقاطعة الاقتصادية على مستوى الأفراد, والشركات, ورجال الأعمال والحكومات .
ومثل ذلك المواقف السياسية الناضجة, وتهيئة البدائل في العلاقات, والاتفاقيات .
ومثله الدعوة في الولايات المتحدة, وتدعيمها, وبناء المؤسسة الجادة؛ التي تدافع عن قضايا العرب والمسلمين في أمريكا وأوروبا .
ومن ذلك الإعداد لتطوير بلادنا, وتقويتها, وتعزيز روح الشورى, والمشاركة والتعاون , والوقوف أمام التجاوزات بصراحة وحزم, ولكن بشكل سلمي, لا يعتمد العنف وسيلة للتغيير.

5- يجب صناعة الجو والمناخ الصالح؛ الذي تشيع فيه روح العدالة والإنصاف, وتحفظ فيه حقوق الناس كافة ؛ ويتمتع الفرد فيه بذات الفرصة التي يتمتع فيها أخوه الآخر ، ويملك الفرد أن يعبِّر عن رأيه ووجهة نظره ؛ بالكتابة , أو الخطابة , أو أي صورة من صور التعبير الرشيد ؛ ويتحمل مسؤولية هذه الكلمة وتبعتها في الدنيا والآخرة , ويحاسب كل من أخل بمبدأ , أو تجاوز حداً , أو تعدى على مقدس, أو أساء إلى أحد , ضمن المعايير الشرعية التي يتفق عليها الجميع . وضمن هذا الإطار تأتي شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يجب دعمها, وتنظيمها, وتطوير آلياتها, ومجالات عملها .

إن المجتمع العادل-الذي يتمتع بالحقوق والحريات المضبوطة بضابط الشرع فحسب- هو مجتمع محروس بعناية الله , محفوظ من الانسياق وراء الاعتبارات الخاصة , والرؤى الضيقة, وهو الذي يشعر كل فرد فيه بمسؤولياته تجاه القضايا والقرارات الصغيرة والكبيرة .

والمعروف أن أساليب التعبير العنيفة- ومنها القتل, والتفجير, والاغتيالات- تأتي عادة في ظل انسداد السبل الطبيعية, وعدم قدرة الناس, أو فئة منهم على التعبير والحوار الحرِّ ؛ ويعمقها الشعور بالغبن, والحيف, والظلم, والتهميش !
ومثل هذا الحدث -مهما يكن مؤلماً- يجب أن يكون منطلقاً لحركة تصحيحية إصلاحية جادة داخل مؤسسات الدولة .

والإطار المبدئي الذي يمكن الانطلاق منه لهذا الإصلاح؛ هو مبدأ الحوار النزيه, المحتكم إلى مسلمات الشريعة ومقرراتها ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
ومن حق كل إنسان أن يشارك ويقدم ما لديه؛ فالبلد بلده, والمصلحة له ولمن بعده , ولا يُستبعد من هذا الحوار صاحب فكر بحجة الغلو أو غيره؛ فالفكر يعالج ويصحح بالفكر, والحوار, والحجة, والبرهان .
وأفضل الفرص لنشوء وانتشار الفكر المنحرف؛ هي الأجواء المغلقة الخانقة ! المهم هو عدم الاحتكام إلى السلاح والقوة في حل الإشكاليات, أو تحقيق المطالب .

6- إن أوضاع الشباب في السعودية تحتاج إلى معالجة شاملة؛ لتوسيع مشاركتهم في العمل الاجتماعي, وإعطائهم الفرص المناسبة للحياة الكريمة, وتشغيلهم, وتأهيلهم عبر مؤسسات رسمية وخيرية, وملء فراغهم بالمفيد النافع, والأخذ بأيديهم إلى الجادة المعتدلة, وتعزيز التيار المتوازن الملتزم بالقيم, وعزل الأطراف الموغلة؛ بالتساهل, أو التشدد . وهذه مسؤولية الحكومة بالدرجة الأولى ثم رجال الأعمال ورجال التربية .

إن أكثر من0 6% من الشعب السعودي؛ هم من الشباب دون سن العشرين . وهؤلاء يكادون أن يكونوا محرومين من الفرص التي يستحقها أمثالهم؛ من الناحية المادية والوظيفية التي تحقق احتياجاتهم, وتمنحهم الخبرة والتجربة .
إن الشباب قنبلة موقوتة, مرشحة للانفجار في أي اتجاه! وعلينا ألا ننتظر لكي تقع المشكلة حتى نعالجها؛ بل أن نمتلك رؤية مستقبلية ناضجة؛ تستطيع أن تقرأ أثر المتغيرات, وأن ترسم الحل, وأن تنفذه.
ونحن بحمد الله دولة نفطية؛ لديها إمكانيات مادية هائلة, وخبرات بشرية جيدة, ومساحات متسعة من الأرض, ومستقبل واعد -بإذن الله- إذا توفرت الإرادة للإصلاح؛ كما قال سبحانه ( إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) .
إن الحدث ناقوسُ خطرٍ يعلن عما وراءه! وعلينا أن نفهم الرسالة جيداً, ونتعامل معها بمسؤولية وتقوى على مستوى الحاكم والمحكوم وعلى مستوى المرسل والمتلقي .

والله أعلم
سلمان بن فهد العودة
14/3/1424
 
رد: لجامع لفتاوى ومقالات أهل العلم في التفجيرات

بارك الله فيك أخي جزاك الله الف خير.
 
رد: لجامع لفتاوى ومقالات أهل العلم في التفجيرات

يعطيك الصحة اخي بارك الله فيك
 
رد: لجامع لفتاوى ومقالات أهل العلم في التفجيرات

شكرا على الردود
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top