أمير الجمال
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 28 فيفري 2008
- المشاركات
- 818
- نقاط التفاعل
- 4
- النقاط
- 17
- العمر
- 35
أنا أو لا أحد...
مخطأ من يعتقد أن الجزائر دولة لا ديمقراطية فيها، بل إن الديمقراطية تكاد تخلق عندنا، ونحن هنا في الجزائر نلقن دروسا للامة العربية في أسس الدمقراطية وطريقة الحياة الجزائرية!! فالكل والحمد لله يشتم الكل -في إطار ديمقراطي طبعا-، الصغير يشتم الكبير والغني يسب الفقير والجاهل يلعن جد المتعلم الأول!.. على صفحات الجرائد والمحطات الفضائية وحتى في غرف الشات ..بل إن الجزائري – شد الله من أزره- يتعلم التمنشير في السياسة قبل أن يتعلم نطق الحروف، ولذلك يبدأ بتعلم الشتائم منذ نعومة أظفاره، يشتم أبويه ماداما يمثلان مظهرا من مظاهر السلطة، ويتمرد عليهما إن إقتضى الأمر، ويشتم معلميه وأساتذته فيما بعد، وبعد أن يكبر قليلا ويتشبع أكثر من مفاهيم الديمقراطية التي تملء مبادئها قنوات الاخبار وعناوين الجرائد وقنوات الردايو يتعلم أن يسب الإدارات والحكومة والنظام والشعب والامة العربية من أكبر راس فيها إلى أصغر راس فيها!! واليوم بالذات أفقت مذعورا حين تملكتني حاجة ماسة إلى شتم أحدهم -بشكل ديمقراطي طبعا- !!....خاصة أني قضيت الليلة السابقة بأكملها أتشبع أنا الآخر من خيرات الديمقراطية! وكالعادة خرجت من بيتي مباشرة نحو أول مقهى -ديمقراطي- صادفته في طريقي، وكالعادة أيضا طلبت قهوة مرة -حتى تحلى القعدة - وفتحت صحيفتي التي أتلهف كل صباح لقراءة أخبارها المطمئنة بأن الاحوال والحمد لله قد وصلت إلى شفير الهاوية ولا يمكن أن يبلغ بنا سوء الطالع قدرا أسوء من هذا، لأنك حين تخسر كل شيء لا يبقى لك شيء لتخسره، والحمد لله أننا لم يبق لنا شيء يستحق البكاء عليه، وإن هي إلى حفنة من براميل النفط التي أنتظر -حسدا- وبفارغ الصبر اليوم الذي تصل فيه لآخر قطرة!! ودعنا نهدم المعبد على من فيه، ومادمنا لم نستفد من ريعها بطريقة أو أخرى فمن الأفضل أن لا يستفيد منها أحد - قاعدة من قواعد الديمقراطية! وفتحت الجريدة على عجل لأعرف ماهي أبرز شتيمة -ديمقراطية- لليوم! ولكن الغريب في الأمر وعلى خلاف الأيام الماضية، كان الجميع سعداء وكأن البلاد بأكملها بخير! والصحف اليوم كانت هي الأخرى راضية مرضية، كل الاخبار تتحدث عن العلم والعلماء والأبحاث والتجارب والتقدم العلمي والصناعي الذي تشهده الجزائر وعن الخيرات التي تملء أراضينا، والقدر الوافر الذي منه الله علينا من الامطار، ومحصول الخضر الذي يتوقعون أن يدخل بقوة للمنافسة على الأسواق العالمية، وعن حجم حبة البطاطا التي صارت أكبر من البطيخة!! بل حتى أخبار الكوارث والمجازر والفقر والهم والميزرية إختفت، فلا أحد يتحدث عن أخبار الزيت الذي أصبح أثمن من ماء زمزم! ولا احد يتحدث عن الدقيق ولا سعر الخبز ولا الخبازين، بل وإختفت أخبار الإضرابات والمضربين والجمعيات والأحزاب التي تتقاتل على رأس هذ المواطن الزوالي أيها يحلقه أولا! بل حتى أخبار القتلة واللصوص والحراقة لا وجود لها!، ووجدتني مصدوما ومدهوشا معا، ولم أجد إلا أن أضرب كفا بكف وأترحم على الديمقراطية التي ضاعت من هذا البلد ولا حول ولا قوة إلا بالله!!! حصل هذا لحظات قبل أن أحس أحدهم يدلق على رأسي ماءا باردا وصوتا يناديني...قم إنها الساعة الحادية عشر..لوقتاه تبقى راقد؟!!...نوض تخدم على روحك!... الحمد لله أني شربت القهوة أولا ووفرت العشرين دينارا!.....والحمد لله أنه لم يكن إلأ كابوسا والديمقراطية لا تزال بخير!... وهنا استرجعت إجابة أحدهم حين سألته عن الفريق العربي الذي يتمنى أن يصل إلى نهائي كأس إفريقيا: ما دمنا لم نتأهل نحن فمن الأفضل أن لا يحصل عليها أحد!!...