نظرة ابن خلدون للتربية و التعليم
يعتبر ابن خلدون أول مؤسس لعلم الاجتماع فقد نادى في كتابه المعروف بالمقدمة بوجوب اتخاذ الاجتماع الإنساني موضوعا لعلم مستقل وآمن، و رأى أن الأحوال الاجتماعية لها عللها وأسبابها كما أدرك أن تلك العلل والأسباب إنما تعود أولا وقبل كل شيء إلى طبيعة العمران أ و طبيعة الاجتماع وقد درس هذه الموضوعات كلها دراسة مستفيضة وخرج منها بقوانين تتعلق بها وقد درس ابن خلدون شخصية الإنسان العربي في منطقة معينةوكلمة عمران التي ركز عليها كثيرا تحمل في طياتها معنى أخلاقيا بعيد المدى حيث أن هدف الأخلاق الأول والأخير هو المحافظة على تعمير الأرض ورفاهية سكانها ماديا وأخلاقيا وقد درس الأخلاق بوصفها ظاهرة اجتماعية وفي ثنايا تأسيسه لعلم الاجتماع أو علم العمران البشري كما- أسماه هو- تطرق لعدة علوم منها التربية والتعليم
تحدث ابن خلدون عن أصل الخير والشر في الإنسان، ودور العائلة والمجتمع والمحيط والظروف الطبيعية في تهذيب أخلاقه وتعلمه وتوجيهه وذكر أثر المناخ ، ونوع البيئة والأكل في صفات البشر ،و فصل بين البدو والحضر وخصص لكل منهما حديثا فذكر خصالهم وأخلاقهم وصفاتهم ..........،كما أنه تنبه إلى أن شخصية الفرد إنما هي نتيجة للتربية النفسية في الصغر وكان دائم البحث عن الأسباب ليصل إلى النتائج ،فاستنتج أن العنف لا يفيد مع الصغار في التربية لأنه يقضي على شخصية الطفل وطموحاته يقول ابن خلون في مقدمته: ( إن إرهاف الحد في التعليم مضر بالمتعلم ،سيَما في أصاغر الولد لأنه من سوء الملكة ومن كان مربَاه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا عليه القهر وضيَق على النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمله على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي عليه،و علَمه المكر والخديعة لذلك وصارت له هذه عادة وخلقا و فسدت معاني الإنسانية التي له) ،و أن التعليم إنما يكون بالتدرج يقول دائما في مقدمته( اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا إذا كان على التدرج شيئا فشيئا وقليلا قليلا......... ويراعى في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول مايو رد عليه..... )، والمقصود من هذه الطريقة التدريجية هو خلق حب الاطلاع وخلق اهتمام ورغبة المتعلم في المعرفة
كما يرى ابن خلدون انه من الضروري أن يكرر الدرس ثلاثا وينبغي أن تفوق كل مرة ما قبلها في التفصيل والتدقيق يقول في مقدمته دائما : "هذا هو وجه التعليم المفيد وإنما يحصل في ثلاث تكرارات ، وقد يحصل للبعض في أقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه "