جروح كامنة

العائدة الى الله

:: عضو مُتميز ::
إنضم
23 أكتوبر 2009
المشاركات
693
نقاط التفاعل
55
النقاط
77
(جــروح كامـنة )

سرت بالهم وحدي ، تثاقلت الطريق .. الوقت الشعور ..

سرت وصار الطريق همي .. وقوفي عناء وسيري هباء ..

همي أرقٌ لا ينتهي وجرحي نزفٌ لا ينجلي ..

أتراني اشتقت أم أشقيت نفسي بهوى من هواه شقائي ..

أتراني احتجت أم اجتحت عالما فيه هلاكي ..

سرت وسرت ولا من هم فات ولا من دمع مات ..

هكذا كانت سارة تتمتم ..

هكذا كانت تشكي الحال والمحال .. تؤرقها الدمعة ..

وتبكيها الغصة .. وتوقظها الصرخة ..

أعلى جبينها ترتسم ويلات الزمان وحبكة الأقدار ..

وداخل مقلتيها عالم من الأسى ينتظر فرجا أبى أن يأتي ..

وأسفل جفنيها قهر مكبوت .. وحزن منحوت .. وبين يديها أرقٌ أنهكه التعب ..

أرقٌ رسمه حالٌ صعبٌ ..

وبالقرب من قدميها يقبع قلمٌ لطالما سار بالقرب منها ..

كلما مال القلم على ظهر وريقاتها .. مال حالها أكثر وأكثر

قلمٌ لطالما واسى أنين أضلاعها .. وكان عرين سقطاتها ..

وعلى يمينها تكمن الطعنة .. ومصدر الرجفة .. تلك السماعة .. سماعة الهاتف ..

بها كانت القتلة .. ومنها ثارت الدمعة .. ذاك الصوت الجاف الذي كان يتحدث ..

ذاك القرار .. وتلك المرارة .. وهذه الغصة .. نعم إنها الغصة التي وقفت على أبواب الحلقوم ..

وقفت ليقف كل ذلك العالم .. ذلك الحلم المزعوم .. ذلك الأمل المهدور .. وذلك الطموح المغدور ..

هكذا كانت سارة .. تحاكي النفس وتناجي جروحا كامنة .. قبعت في أسفل مخيلتها ..

جروحٌ لطالما كانت لها غذاء الروح ..

ولم يكن ينقصها سوى همٍ جديد .. في القلب يبيت ..

جاء ذلك الصوت لينقل لسارا ذلك الخبر ..

ذلك النعش ليضعها فيه .. ويحملها إلى مقابر الأوجاع والأحزان ..

ليقتل أملا .. عاشته سارة بالأيام .. اليوم يليه اليوم ..

ذلك الخبر الذي حمله صوتٌ جاء ليقول : جروحٌ كامنةٌ ..

أريد أن أنقل لك قرار رئيس تحرير المجلة .. لم يعد لقلمك مكاناً بيننا ..

أطلت في الكشف عن هويتك واسمك الكامل فلا مكان للأسماء المستعارة بيننا متأسف ..

تنتهي المكالمة

وتنتهي معها آمال سارة .. تلك الآمال الصحفية ..

تلك الأحلام بل الأوهام التي رسخت في ذاتها منذ الطفولة ..

تلك القبضة التي كانت بها تشد على ساعد القلم .. لتخط إبداعاتها .. وتنفث بها همومها ..

ما بال حلم عاش سنين كثيرة بداخلها ؟؟ .. ما باله يحتضر ويموت ؟؟ ..

انتهى ذلك الصوت بعد أن نقل لها القرار ..

وبعد أن صمت أذنيها عن كل تفاؤل وأمل ..

في هذه اللحظة ما كانت تسمع سوى صوت أنينها وهمها وحزنها ..

سارة .. لم تنطق كلمة واحدة أثناء تلك المكالمة اكتفت بالاستماع ..

انتهى ذلك الصوت .. وهي لاتزال تمسك بالسماعة ..

تقبضها بيديها حتى تكاد تخنق أنفاسها لولا ذلك القلم الذي تساقط أمام ناظريها

ولفت انتباهها .. تنظر أسفل منها لتجد قلم يموت .. وأمل يفوت ..

سارة تتمتم وتقول : لما لا مكان لي ؟؟

هل لأني جروح كامنة .. أم لأني اخترت جروحي عنوانا لي ؟؟ ..

لما يكمن القهر في أسفل سطوري وفي همز كلماتي ؟؟..

هل لأني اخترت أسرتي ؟؟..

اخترت رفعتها .. هل لأني أحلت نفسي جانباً واخترت والدي والدتي ؟؟ ..

اخترت أن أرى ضحكة ترتسم فوق شفاه أخي الصغير

دون أن يشار إليه بالبنان ..أختك سارة ..

لماذا هل لأني رفضت الأثرة لنفسي واخترت الأثرة لواقعي ؟؟

سارة .. تقبع على الأريكة ..

وهي تودع نعش أملها وحلمها .. تودعه إلى مثواه الأخير ..

تودع عالما ما كانت لتحي فيه ..

دون همها .. عالم ما كان ليكون ذاتها .. وبيتها ..

عالم انتهى من قبل أن تبدأه ..

هكذا سارة .. كانت ومازالت تودع نعشاً لتوقظ أملا جديداً

لعلها تجد فيه أثرة لنفسها ..

لعل جروح كامنة في صدرها تنجلي وتختفي ..


هكذا كانت سارة جروح كامنة ..



بقلم / نبيلة الميراس

منقول للأمانة
 
بآآرك آلله فيك على آلطرح آلمميز ♥
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top