هدا ما وصل اليه المجتمع بي مفهوم : تخطي راسي
تشهد أحياء 3 كاف، سوناكوم وسليم زميرلي على مستوى منطقة الحراش شرق العاصمة، تجاوزات خطيرة غير مسبوقة في ظل غياب الرقابة الأمنية نتيجة انتشار الاعتداءات والسرقات باستعمال مختلف الأسلحة البيضاء والسيوف، وأمام مرأى العام والخاص، وعلى بعد بضعة أمتار من الحواجز الأمنية الثابتة ومراكز الشرطة، تنفذ عصابات وقطاع الطرق في وضح النهار اعتداءاتها على ممتلكات المواطنين.
عبر مرتادو الأحياء الشعبية عن تذمرهم جراء تقاعس السلطات المعنية في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة الاعتداءات اليومية التي حولت حياتهم إلى جحيم، وخلقت في نفوسهم الرعب والخوف جراء التجاوزات الخطيرة المنتهجة من قبل لصوص محترفين أعمارهم بين 17 و20 سنة، امتهنوا السطو على حقائب وهواتف الفتيات باستعمال العنف وتحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض، ناهيك عن خطر تعرضهم لاعتداءات جسدية في مقاومة اللص المسلح، لا سيما أن المجرمين لجؤوا إلى طريقة الخطف بالقوة بعدما انتقلت الاعتداءات من الطريق العمومي إلى داخل الحافلات وسط المسافرين.
وحسب شهود عيان، تعرضت فتاة في العقد الثاني قبل أسبوع إلى عملية سرقة حقيبتها حين كانت على متن حافلة لنقل المسافرين من منطقة بومعطي إلى براقي، حيث صعد شابان بالقرب من مستشفى سليم زميرلي بالحراش وترصدا تحركاتها، وبمجرد توقف الحافلة قام احدهما بخطف حقيبتها بالقوة بينما كانت جالسة بالقرب من السائق أمام مرأى الركاب وقاما بالفرار معا، لينزل ركاب الحافلة الذين أوقفوا الدرك على متن دراجات نارية، لكن الغريب أنهم لم يتخذوا أي إجراء مكتفين بالقول إن الحادثة خارج صلاحياتهم.
وأمام اللا مبالاة وتفاقم الاعتداءات، يناشد المواطنون السلطات الوصية التدخل العاجل وتأمين حياتهم قبل ممتلكاتهم بتكثيف دوريات أمنية للحد من السرقات.
- - - -
حذّر خبراء ومختصون من الارتفاع الخطير لظاهرة الإجرام والتمرد على القيم الأسرية والمجتمعية في الجزائر، نتيجة للتحولات الجوهرية التي عرفها المجتمع خلال الـ25 سنة الأخيرة التي شهدت أزمة هيكلية متعددة الأبعاد.
وقالت الدكتور أمينة قادري، أستاذة علم الاجتماع في جامعة الجزائر في تصريحات لـ"الشروق"، إن التوسع الخطير لظاهرة العنف والإجرام بشتى أنواعه وتراجع الإحساس بالأمن من قبل المواطنين عموما، يعود إلى التراكمات الاجتماعية التي خلفتها الأزمة التي عاشتها البلاد، وعجز السلطات على مرافقة تلك التحولات بدراسات معمقة تسمح بمعرفة جيدة للمجتمع .
وأضافت قادري، أن غياب الدراسات على المجتمع الجزائري تؤدي إلى اللجوء المبالغ فيه للردع الذي أثبت محدوديته في الحد من ظاهرة العنف وغياب الأمن في أوساط المجتمع، مشددة على أن التحول المجتمعي خلف ظروفا اجتماعية واقتصادية قاهرة ساهمت في انحراف فئات عريضة من الشباب وزيادة الفئات الهشة نتيجة التغييرات الجوهرية التي عرفها المجتمع .
من جهته كشف البروفسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث (فورام)، في تصريحات لـ"الشروق" إن ما لا يقل عن 13 ألف مراهق تتم إحالتهم سنويا على العدالة، مضيفا أن 100 ألف مراهق أقل من 16 سنة يتركون المدرسة سنويا، مضيفا أن العدالة تقوم بتسليم 90 بالمائة من المراهقين إلى عائلاتهم، موضحا أن الجنوح ساهم في بروز حالات الاأمن الاجتماعي والسطو والاعتداء. وكشف أن شبكات الجريمة المنظمة تلجأ إلى استعمال المراهقين في الاعتداءات وترويج المخدرات والسرقة لعلم تلك المجموعات بتساهل القوانين مع الأحداث، مشيرا إلى أنه لا يوجد تكفل حقيقي بالمشاكل التي يعيشها المراهقون في العائلة وخارجها. ويعتقد خياطي، أن تخلي العائلات عن استقبال الأطفال الذين ولدوا خارج مؤسسة الزواج ساهم في ارتفاع حدة ظاهرة الجنوح.
انحصار فضاءات المرافقة
أكد الدكتور عرعار عبد الرحمان، رئيس الجمعية الجزائرية لحماية حقوق الطفل "ندى" في حديثه لـ"الشروق"، أن ما يعيشه الشباب من تفكك وعنف ورفض للقيم المجتمعية وعزوف وانطوائية يعود إلى التراكم الكبير للآلام التي عاشتها الجزائر نتيجة العنف المسلح، وزيادة معدلات البطالة والفقر وتوسع الطبقات الهشة .
وأضاف عرعار، أن الأزمة المتعددة الجوانب التي عاشتها الجزائر دفعت إلى إحداث تحولات اجتماعية، حيث أصبح العنف هو سمة التعبير الأساسية بين جميع الفئات، ما جعل الإحساس بالأمن شبه منعدم، ويشير إنه بدون مراجعة شاملة من قادة الرأي والسياسيين والقائمين على مختلف مؤسسات الدولة، فإن الاتجاه السائد هو أن يصبح العنف نموذج حياة للمجتمع الجزائري .
وكشف المتحدث، أن الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والأفلام العنيفة وألعاب الأنترنت، أصبحت تمثل المرجع الأساسي للمراهق في المجتمع الجزائري نتيجة انحصار المرجعيات التقليدية وفضاءات المرافقة على مستوى الأسرة والعائلة والمدرسة والحي، من فضاءات المرافقة التي كانت تساهم مجتمعة في التكفل بالطفل والمراهق والوصول الآمن به إلى مرحلة الشباب والكهولة، مما يتطلب وبسرعة إعادة نظر شاملة في المنظومة الاجتماعية السائدة وفي الفضاء الاجتماعي الذي يجمع بين الكبار والمراهقين.
الدرك يزيد وتيرة دورياته
أوضح رئيس خلية الإتصال بجهاز الدرك الوطني، المقدم كرود عبد الحميد، أن جهاز الدرك رفع من وتيرة دورياته في المناطق الخاضعة لدائرة اختصاصه التي تعرف زيادة في عمليات الجريمة أو على مستوى المحاور الطرقية الرئيسية والطرق السريعة، مضيفا في تصريحات لـ"الشروق"، أن زيادة عدد الدوريات المتنقلة ساهم في الحد من عمليات الجريمة بمختلف مستوياتها. وكشفت في حصيلة لمصالح الشرطة المتخصصة في مكافحة العنف والجريمة في الوسط الحضري، عن توقيف 559 شخص خلال أفريل وماي بالعاصمة، في عمليات مختلفة أهمها حمل السلاح بطريقة غير مشروعة، وامتلاك واستهلاك المخدرات وعمليتي اعتداء بكل من براقي وبئر توتة مما سمح بتوقيف 35 شخصا تم إيداع 17 منهم السجن .