bensaid saber
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 28 سبتمبر 2011
- المشاركات
- 243
- نقاط التفاعل
- 38
- النقاط
- 7
[font="]شرح الحديث من مصدر إسلام ويب
[/font][font="]عن[/font][font="] أبي العباس عبد الله بن عباس [/font][font="]رضي الله عنهما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال[/font][font="] : [/font][font="]([/font][font="]يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،[/font][font="]إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو[/font][font="]اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن[/font][font="] اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت[/font][font="] الأقلام وجفت الصحف[/font][font="])[/font][font="]. [/font][font="]رواه[/font][font="] الترمذي[/font][font="] وقال :" حديث حسن صحيح[/font][font="] ".[/font][font="]
[/font][font="]وفي رواية الإمام[/font][font="] أحمد[/font][font="]: [/font][font="]( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم[/font][font="] أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن [/font][font="]النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا[/font][font="] )[/font][font="].[/font][font="]
[/font][font="]الشرح[/font][font="]
[/font][font="]اصطفى الله تعالى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، ليكتب[/font][font="]لها التمكين في الأرض ، وهذا المستوى الرفيع لا يتحقق إلا بوجود تربية[/font][font="]إيمانية جادة تؤهلها لمواجهة الصعوبات التي قد تعتريها ، والأعاصير التي[/font][font="]قد تحيق بها ، في سبيل نشر هذا الدين ، وإقامة شرع الله في الأرض[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]ومن هذا المنطلق ، حرص النبي صلى الله عليه وسلم على[/font][font="] غرس العقيدة في النفوس المؤمنة ، وأولى اهتماما خاصا للشباب ، ولا عجب في[/font][font="]ذلك! ، فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها نصرة هذا[/font][font="]الدين ، وتحمّل أعباء الدعوة[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]وفي الحديث الذي نتناوله ، مثال حيّ على هذه التنشئة[/font][font="]الإسلامية الفريدة ، للأجيال المؤمنة في عهد النبوة ، بما يحتويه هذا[/font][font="]المثال على وصايا عظيمة ، وقواعد مهمة ، لا غنى للمسلم عنها[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث ، قوله صلى الله عليه وسلم[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك[/font][font="] ) [/font][font="]،[/font][font="]إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره[/font][font="]، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما[/font][font="]خلقت له ، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل ، مصداقا لما أخبرنا[/font][font="]الله تعالى في كتابه حيث قال[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]البقرة : 40 ) ، وقال أيضا[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]فاذكروني أذكركم[/font][font="] } [/font][font="]
( [/font][font="]البقرة : 152[/font][font="] ) .[/font][font="]
[/font][font="]وهذا الحفظ الذي وعد الله به من اتقاه يقع على نوعين[/font][font="] : [/font][font="]
[/font][font="]الأول : حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ،[/font][font="]فيحفظه في بدنه وماله وأهله ، ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه[/font][font="] ورعايته ، كما قال تعالى[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الرعد : 11 ) أي : بأمره ، وهو عين ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح ومساء[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]اللهم إني أسألك العفو والعافية ، في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي،[/font][font="]اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن [/font][font="]يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي[/font][font="] ) [/font][font="]رواه[/font][font="] أبو داوود[/font][font="]و[/font][font="]ابن ماجة[/font][font="]، وبهذا الحفظ أنقذ الله سبحانه وتعالى[/font][font="] إبراهيم [/font][font="]عليه السلام من النار ، وأخرج [/font][font="]يوسف[/font][font="] عليه السلام من الجبّ ، وحمى [/font][font="]موسى[/font][font="] عليه السلام من الغرق وهو رضيع ، وتتسع حدود هذا الحفظ لتشمل حفظ المرء في ذريّته بعد موته ، كما قال [/font][font="]سعيد بن المسيب [/font][font="]لولده : " لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك " ، وتلا قوله تعالى[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]وكان أبوهما صالحا[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الكهف : 82[/font][font="] ) .[/font][font="]
[/font][font="]الثاني : حفظ الله للعبد في دينه ، فيحميه من مضلات [/font][font="]الفتن ، وأمواج الشهوات ، ولعل خير ما نستحضره في هذا المقام : حفظ الله[/font][font="]تعالى لدين [/font][font="]يوسف[/font][font="] عليه السلام ، على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له ، يقول الله تعالى في ذلك[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]يوسف : 24 ) ، وتستمر هذه الرعاية للعبد حتى يلقى ربّه مؤمنا موحدا[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]ولكن الفوز بهذا الموعود العظيم يتطلب من المسلم إقبالا[/font][font="]حقيقيا على الدين ، واجتهادا في التقرب إلى الله عزوجل ، ودوام الاتصال به[/font][font="]في الخلوات ، وهذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية[/font][font="]الثانية لهذا الحديث[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]تعرّف إلى الله في الرخاء ، يعرِفك فـي الشدة[/font][font="] ) [/font][font="]، فمن اتقى ربه حال الرخاء ، وقاه الله حال الشدّة والبلاء[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]ثم انتقل الحديث إلى جانب مهم من جوانب العقيدة ، ويتمثّل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم[/font][font="] لابن عباس[/font][font="]: [/font][font="]( [/font][font="]إذا سأَلت فاسأَل الله[/font][font="] ) [/font][font="]، وسؤال الله تعالى والتوجه إليه بالدعاء من أبرز مظاهر العبوديّة والافتقار إليه ، بل هو العبادة كلها كما جاء في الحديث[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]الدعاء هو العبادة[/font][font="] ) [/font][font="]، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين في كتابه العزيز فقال[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الأنبياء : 90[/font][font="] ).[/font][font="]
[/font][font="]وإن من تمام هذه العبادة ترك سؤال الناس ، فإن في[/font][font="]سؤالهم تذلل لهم ومهانة للنفس ، ولا يسلم سؤالهم من منّة أو جرح للمشاعر ،[/font][font="]أو نيل من الكرامة ، كما قال[/font][font="] طاووس [/font][font="]لعطاء[/font][font="]رحمهما[/font][font="]الله : " إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونك حجابه ،[/font][font="]وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ، ووعدك أن يجيبك[/font][font="] " [/font][font="]، وصدق[/font][font="] أبو العتاهية[/font][font="]إذ قال[/font][font="] : [/font][font="]
[/font][font="]لا تسألن بني آدم حاجـة وسل الذي أبوابه لا تُحجب[/font][font="]
[/font][font="]فاجعل سؤالك للإله فإنمـا في فضل نعمة ربنـا تتقلب[/font][font="]
[/font][font="]وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم[/font][font="]الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]البقرة : 273 ) ، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم رهطا من أصحابه على ترك سؤال الناس ، وكان منهم [/font][font="]أبوبكر الصديق[/font][font="] و[/font][font="]أبو ذر الغفاري [/font][font="]و[/font][font="]ثوبان[/font][font="] رضي الله عنهم أجمعين ، فامتثلوا لذلك جميعا ، حتى إن أحدهم إذا سقط منه سوطه أو خطام ناقته لا يسأل أحدا أن يأتي به[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]إن ما سبق ذكره من الثناء على المتعفّفين إنما هو متوجه [/font][font="]لمن تعفّف عن سؤال الناس فيما يقدرون عليه ، وما يملكون فعله ، أما ما[/font][font="]يفعله بعض الجهلة من اللجوء إلى الأولياء والصالحين الأحياء منهم أو[/font][font="]الأموات ، ليسألونهم ويطلبون منهم أعمالاً خارجةً عن نطاق قدرتهم ، فهذا[/font][font="]صرفٌ للعبادة لغير الله عزوجل ، وبالتالي فهو داخل تحت طائلة الشرك[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]وفي قوله[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]وإذا استعنت فاستعن بالله[/font][font="] ) [/font][font="]أمر[/font][font="]بطلب العون من الله تعالى دون غيره ، لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من[/font][font="]يعينه في أمور معاشه ومعاده ، ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك [/font][font="]إلا الحي القيوم ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا[/font][font="]خاذل له ، ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا ، قال تعالى[/font][font="]: [/font][font="]{ [/font][font="]إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]آل عمران : 160 ) ، ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قول[/font][font="] :[/font][font="] ( [/font][font="]اللهم أعني ولا تعن علي[/font][font="]) [/font][font="]، وأمر[/font][font="]معاذا[/font][font="]رضي الله عنه ، ألا يدع في دبر كل صلاة أن يقول[/font][font="]( [/font][font="]اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك[/font][font="] ) [/font][font="]رواه[/font][font="] النسائي [/font][font="]وأبو[/font][font="]داود[/font][font="].[/font][font="]
[/font][font="]وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق [/font][font="]إيمانه بقضاء الله وقدره ، والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله ، وعندها[/font][font="]لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ، ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم[/font][font="]يكتبه الله له ، ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب[/font][font="]في علم الله ، كما قال سبحانه[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الحديد : 22[/font][font="] ) .[/font][font="]
[/font][font="]ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية ، أورثهم ذلك ثباتا[/font][font="]في العزيمة ، وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي [/font][font="]تواجههم ، والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون [/font][font="]بالعمل بهذه الوصية النبوية ، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب ، وأن العسر[/font][font="]يعقبه اليسر ، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام ،[/font][font="]فما كُتب النصر ل[/font][font="]نوح [/font][font="]عليه السلام ، إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه ، والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه [/font][font="]يونس [/font][font="]عليه [/font][font="]السلام من بطن الحوت ، إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربّه ، راجيا[/font][font="]فرجه ، معتمدا عليه في كل شؤونه ، حتى انكشفت غمّته ، وأنقذه من بلائه[/font][font="] ومحنته ، وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبر على البلاء والامتحان[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة ،[/font][font="]من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق ، فما أحوجنا إلى[/font][font="]أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ، ونستلهم منها الحلول[/font][font="]الناجعة لمشكلات الحياة ، ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو[/font][font="]واجباتها[/font]
[/font][font="]عن[/font][font="] أبي العباس عبد الله بن عباس [/font][font="]رضي الله عنهما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال[/font][font="] : [/font][font="]([/font][font="]يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،[/font][font="]إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو[/font][font="]اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن[/font][font="] اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت[/font][font="] الأقلام وجفت الصحف[/font][font="])[/font][font="]. [/font][font="]رواه[/font][font="] الترمذي[/font][font="] وقال :" حديث حسن صحيح[/font][font="] ".[/font][font="]
[/font][font="]وفي رواية الإمام[/font][font="] أحمد[/font][font="]: [/font][font="]( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم[/font][font="] أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن [/font][font="]النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا[/font][font="] )[/font][font="].[/font][font="]
[/font][font="]الشرح[/font][font="]
[/font][font="]اصطفى الله تعالى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، ليكتب[/font][font="]لها التمكين في الأرض ، وهذا المستوى الرفيع لا يتحقق إلا بوجود تربية[/font][font="]إيمانية جادة تؤهلها لمواجهة الصعوبات التي قد تعتريها ، والأعاصير التي[/font][font="]قد تحيق بها ، في سبيل نشر هذا الدين ، وإقامة شرع الله في الأرض[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]ومن هذا المنطلق ، حرص النبي صلى الله عليه وسلم على[/font][font="] غرس العقيدة في النفوس المؤمنة ، وأولى اهتماما خاصا للشباب ، ولا عجب في[/font][font="]ذلك! ، فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها نصرة هذا[/font][font="]الدين ، وتحمّل أعباء الدعوة[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]وفي الحديث الذي نتناوله ، مثال حيّ على هذه التنشئة[/font][font="]الإسلامية الفريدة ، للأجيال المؤمنة في عهد النبوة ، بما يحتويه هذا[/font][font="]المثال على وصايا عظيمة ، وقواعد مهمة ، لا غنى للمسلم عنها[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث ، قوله صلى الله عليه وسلم[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك[/font][font="] ) [/font][font="]،[/font][font="]إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره[/font][font="]، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما[/font][font="]خلقت له ، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل ، مصداقا لما أخبرنا[/font][font="]الله تعالى في كتابه حيث قال[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]البقرة : 40 ) ، وقال أيضا[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]فاذكروني أذكركم[/font][font="] } [/font][font="]
( [/font][font="]البقرة : 152[/font][font="] ) .[/font][font="]
[/font][font="]وهذا الحفظ الذي وعد الله به من اتقاه يقع على نوعين[/font][font="] : [/font][font="]
[/font][font="]الأول : حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ،[/font][font="]فيحفظه في بدنه وماله وأهله ، ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه[/font][font="] ورعايته ، كما قال تعالى[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الرعد : 11 ) أي : بأمره ، وهو عين ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح ومساء[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]اللهم إني أسألك العفو والعافية ، في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي،[/font][font="]اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن [/font][font="]يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي[/font][font="] ) [/font][font="]رواه[/font][font="] أبو داوود[/font][font="]و[/font][font="]ابن ماجة[/font][font="]، وبهذا الحفظ أنقذ الله سبحانه وتعالى[/font][font="] إبراهيم [/font][font="]عليه السلام من النار ، وأخرج [/font][font="]يوسف[/font][font="] عليه السلام من الجبّ ، وحمى [/font][font="]موسى[/font][font="] عليه السلام من الغرق وهو رضيع ، وتتسع حدود هذا الحفظ لتشمل حفظ المرء في ذريّته بعد موته ، كما قال [/font][font="]سعيد بن المسيب [/font][font="]لولده : " لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك " ، وتلا قوله تعالى[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]وكان أبوهما صالحا[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الكهف : 82[/font][font="] ) .[/font][font="]
[/font][font="]الثاني : حفظ الله للعبد في دينه ، فيحميه من مضلات [/font][font="]الفتن ، وأمواج الشهوات ، ولعل خير ما نستحضره في هذا المقام : حفظ الله[/font][font="]تعالى لدين [/font][font="]يوسف[/font][font="] عليه السلام ، على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له ، يقول الله تعالى في ذلك[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]يوسف : 24 ) ، وتستمر هذه الرعاية للعبد حتى يلقى ربّه مؤمنا موحدا[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]ولكن الفوز بهذا الموعود العظيم يتطلب من المسلم إقبالا[/font][font="]حقيقيا على الدين ، واجتهادا في التقرب إلى الله عزوجل ، ودوام الاتصال به[/font][font="]في الخلوات ، وهذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية[/font][font="]الثانية لهذا الحديث[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]تعرّف إلى الله في الرخاء ، يعرِفك فـي الشدة[/font][font="] ) [/font][font="]، فمن اتقى ربه حال الرخاء ، وقاه الله حال الشدّة والبلاء[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]ثم انتقل الحديث إلى جانب مهم من جوانب العقيدة ، ويتمثّل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم[/font][font="] لابن عباس[/font][font="]: [/font][font="]( [/font][font="]إذا سأَلت فاسأَل الله[/font][font="] ) [/font][font="]، وسؤال الله تعالى والتوجه إليه بالدعاء من أبرز مظاهر العبوديّة والافتقار إليه ، بل هو العبادة كلها كما جاء في الحديث[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]الدعاء هو العبادة[/font][font="] ) [/font][font="]، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين في كتابه العزيز فقال[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الأنبياء : 90[/font][font="] ).[/font][font="]
[/font][font="]وإن من تمام هذه العبادة ترك سؤال الناس ، فإن في[/font][font="]سؤالهم تذلل لهم ومهانة للنفس ، ولا يسلم سؤالهم من منّة أو جرح للمشاعر ،[/font][font="]أو نيل من الكرامة ، كما قال[/font][font="] طاووس [/font][font="]لعطاء[/font][font="]رحمهما[/font][font="]الله : " إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونك حجابه ،[/font][font="]وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ، ووعدك أن يجيبك[/font][font="] " [/font][font="]، وصدق[/font][font="] أبو العتاهية[/font][font="]إذ قال[/font][font="] : [/font][font="]
[/font][font="]لا تسألن بني آدم حاجـة وسل الذي أبوابه لا تُحجب[/font][font="]
[/font][font="]فاجعل سؤالك للإله فإنمـا في فضل نعمة ربنـا تتقلب[/font][font="]
[/font][font="]وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم[/font][font="]الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]البقرة : 273 ) ، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم رهطا من أصحابه على ترك سؤال الناس ، وكان منهم [/font][font="]أبوبكر الصديق[/font][font="] و[/font][font="]أبو ذر الغفاري [/font][font="]و[/font][font="]ثوبان[/font][font="] رضي الله عنهم أجمعين ، فامتثلوا لذلك جميعا ، حتى إن أحدهم إذا سقط منه سوطه أو خطام ناقته لا يسأل أحدا أن يأتي به[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]إن ما سبق ذكره من الثناء على المتعفّفين إنما هو متوجه [/font][font="]لمن تعفّف عن سؤال الناس فيما يقدرون عليه ، وما يملكون فعله ، أما ما[/font][font="]يفعله بعض الجهلة من اللجوء إلى الأولياء والصالحين الأحياء منهم أو[/font][font="]الأموات ، ليسألونهم ويطلبون منهم أعمالاً خارجةً عن نطاق قدرتهم ، فهذا[/font][font="]صرفٌ للعبادة لغير الله عزوجل ، وبالتالي فهو داخل تحت طائلة الشرك[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]وفي قوله[/font][font="] : [/font][font="]( [/font][font="]وإذا استعنت فاستعن بالله[/font][font="] ) [/font][font="]أمر[/font][font="]بطلب العون من الله تعالى دون غيره ، لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من[/font][font="]يعينه في أمور معاشه ومعاده ، ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك [/font][font="]إلا الحي القيوم ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا[/font][font="]خاذل له ، ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا ، قال تعالى[/font][font="]: [/font][font="]{ [/font][font="]إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]آل عمران : 160 ) ، ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قول[/font][font="] :[/font][font="] ( [/font][font="]اللهم أعني ولا تعن علي[/font][font="]) [/font][font="]، وأمر[/font][font="]معاذا[/font][font="]رضي الله عنه ، ألا يدع في دبر كل صلاة أن يقول[/font][font="]( [/font][font="]اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك[/font][font="] ) [/font][font="]رواه[/font][font="] النسائي [/font][font="]وأبو[/font][font="]داود[/font][font="].[/font][font="]
[/font][font="]وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق [/font][font="]إيمانه بقضاء الله وقدره ، والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله ، وعندها[/font][font="]لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ، ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم[/font][font="]يكتبه الله له ، ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب[/font][font="]في علم الله ، كما قال سبحانه[/font][font="] : [/font][font="]{ [/font][font="]ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير[/font][font="] } [/font][font="]( [/font][font="]الحديد : 22[/font][font="] ) .[/font][font="]
[/font][font="]ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية ، أورثهم ذلك ثباتا[/font][font="]في العزيمة ، وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي [/font][font="]تواجههم ، والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون [/font][font="]بالعمل بهذه الوصية النبوية ، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب ، وأن العسر[/font][font="]يعقبه اليسر ، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام ،[/font][font="]فما كُتب النصر ل[/font][font="]نوح [/font][font="]عليه السلام ، إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه ، والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه [/font][font="]يونس [/font][font="]عليه [/font][font="]السلام من بطن الحوت ، إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربّه ، راجيا[/font][font="]فرجه ، معتمدا عليه في كل شؤونه ، حتى انكشفت غمّته ، وأنقذه من بلائه[/font][font="] ومحنته ، وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبر على البلاء والامتحان[/font][font="] .[/font][font="]
[/font][font="]إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة ،[/font][font="]من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق ، فما أحوجنا إلى[/font][font="]أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ، ونستلهم منها الحلول[/font][font="]الناجعة لمشكلات الحياة ، ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو[/font][font="]واجباتها[/font]