قراءة هادئة للمادة 8 من القانون 08/09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية
كتبهاالأستاذ هرادة عبد الكريم maitre herrada a.elkarim ، في 2 مايو 2009 الساعة: 16:07 م
[FONT="]
ثمة حديث نبوي مشهور يحذر فيه لرسول –ص- من لحن القول الذي قد يجر القاضي إلى إصدار أحكام مخالفة للحقيقة فقال – إنما أنا بشر مثلكم وإنكم لتختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع إلى آخر الحديث .وثمة حادثة تذكرها كتب التراث العربي عن خليفة كان شديد الغيرة على اللغة العربية فقضى على المدعى عليه كونه رد على ادعاء خصمه بأكل ماله بأن قال –ماله علي حق –بضم اللام بدل فتحها .[/FONT]
[FONT="]اللحن لم يعد اليوم لحن اللسان وفلتاته أ وحتى فصاحته كما لم تعد مسألة الغيرة على اللغة العربية كما حدث في قضية هارون الرشيد المشار إليها أعلاه مطروحة بهذا المستوى ، لكن اللحن اليوم قد يقع بطرق أخرى لم يكن يتصورها هارون الرشيد – وفي الخلافة العباسية ترجمت أمهات الكتب من التراث العالمي وعلومه وفنونه إلى اللغة العربية دون عقدة - ولكن محمد صلى الله عليه وسلم كان بالتأكيد يقصد اللحن الذي نحن بصدد الحديث عنه فهو الذي لا ينطق عن الهوى كما قال فيه ربه عز وجل .[/FONT]
[FONT="]الحديث كما سيلاحظ القارئ الكريم مرسل إلى ما استحدثه قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الذي من شروط تقدم الوثائق والمستندات المعدة للإثبات أمام القضاء باللغة العربية ، الموضوع الذي شغل الممارسين على مدار سنة كاملة واستحوذ على انشغال المتقاضين أو المحتمل لجوئهم إلى القضاء على مدار الأسبوع الذي سبق بداية تطبيق هذا القانون.[/FONT]
[FONT="]وإذا كان انشغال هؤلاء الأخيرين جاء متأخرا لتأخر الإعلام الجزائري في تناول الموضوع تقصيرا أو جهلا ،وإذا كانت الصحافة تناولت الموضوع بنوع من العمومية، فإن الممارسين أيضا وقعوا في نفس الشرك بحيث لم يفكروا في وسائل الإثبات المتعددة غير الوسيلة الكاتبية وفي غير المصاريف الجديدة والباهضة التي سيتكبدها المتقاضي في الوقت الذي يصرح فيه أعضاء من لجنة الصياغة في ملتقيات شرح القانون الجديد أن القضاء لم يعد مجانيا وأن التقاضي بات كلفة، وهو ما يعرض مكاتب المحامين بالتأكيد إلى الإفلاس بسبب نفور المتقاضين من العدالة ، وحيث سيصبح المحامي في ضل القانون الجديد – كعامل تشغيل الشباب – ينتظر ما تجود به جهات المساعدة القضائية .[/FONT]
[FONT="]لذلك أحببت تناول الموضوع من الزاوية التي كان من المفروض على الممارسين تناولها..[/FONT]
[FONT="] النص المثير لهذا النقاش هو نص الفقرة 2 من المادة 8 من القانون 08/09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية والتي جاءت حرفيا كمايلي: [/FONT]"[FONT="]يجب تقديم الوثائق والمستندات باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة تحت طائلة عدم القبول[/FONT]"[FONT="].[/FONT]
[FONT="]القراءة القانونية الصحيحة للمادة من وجهة نظري المتواضعة هي كالآتي :[/FONT]
1- [FONT="]الأصل الذي يتضمن الوجوب أن تقدم الوثائق والمستندات باللغة العربية .[/FONT]
2- [FONT="]الاستثناء الذي يفيد التخيير والجواز أن تقدم هذه الوثائق بلغتها الأصلية شرط أن تكون مصحوبة بترجمة رسمية إلى العربية.[/FONT]
[FONT="]إن هذه القراءة مهمة من عدة جوانب – إذا ما طبقنا حرفية النص و استندنا إلى الأصل طارحين الاستثناء الاختياري- منها ماهو إجرائي بحت ومنها ماهو من صميم الموضوع.[/FONT]
- [FONT="]فإذا كان الجانب الإجرائي مفصول فيه – من حيث المبدأ- بنص المادة ذاتها حين رتبت جزاء عدم قبول الوثيقة أو المستند المعد للإثبات المقدم بغير اللغة العربية أو مترجما إليها وليس عدم قبول الدعوى أو الحق الذي تطالب به أو بحمايته وهذا استنادا إلى التعريف الذي أعطته المادة 67 من القانون 08/09 للدفع بعدم القبول ، الذي هو الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم لانعدام الحق في التقاضي وأوردت أمثلة على ذلك ، فالفرق إذن بين الجزاء الإجرائي الذي رتبته المادة 8 والدفع الذي نظمته وعرفته المادة 67 واضح لا غبار عليه ولا يطرح أي إشكال قانوني.[/FONT]
[FONT="]والخوض في التفسير قد يجر ني إلى متاهة قانونية تحيد بالمقالة عن موضوعها وقد يجرني إلى التساؤل عن مصير الحق المعلق إثباته أو حمايته على الوثيقة الغير مقبولة أو حتى المستبعدة بناء على نص المادة 23 من نفس القانون كونها لم تبلغ إلى الخصم في الآجال أو بالكييفيات التي حددها القاضي؟.[/FONT]
- [FONT="]أما الجانب الموضوعي المعلق على فحوى الوثيقة المعدة للإثبات والمترجمة إلى العربية فإنه لا محالة يثير مسائل ومشاكل من نوع مختلف منها ما يتصل بالصياغة الفنية لها ومنها ما يتعلق بها كوسيلة إثبات والآثار المترتبة على اعتبارها كذلك.[/FONT]
- [FONT="]1- إن الترجمان الرسمي عندنا – وبصريح العبارة – غير متخصص إلا في غير اللغات التي يترجم منها وإليها ، فتكوينه القاعدي من حيث المبدأ تكوين أدبي عمومي محض لا يرقى إلى ما قد تتطلبه الوثيقة المترجمة من مصطلحات متخصصة وهو ما ينعكس على محتوى الوثيقة المعدة للإثبات والمترجمة بهذا الوصف أو المستوى وبالتالي ينعكس على الحصيلة المرجوة من الحكم القضائي الذي يستند إليها.[/FONT]
[FONT="]فإذا ما أخذنا في عين الاعتبار تنوع وتعدد وسائل الإثبات المكتوبة بتنوع وتعدد مناحي الحياة والتي لا تنحصر فيها على الالتزامات وحدها وإنما تتعداها إلى كم ضخم وهائل من الحوادث التي قد ترتب آثارا حقوقية قد ترتبط بما هو متخصص قانونيا وعلميا … وغير ذلك ،أو ما أصلحنا عليه فنيا.[/FONT]
[FONT="] والمترجم بهذا التكوين البسيط –غير المتخصص- قد يفقد وسيلة الإثبات معناها أو يغير فيه ، خاصة مع ظهور مصطلحات خاصة بكل علم من العلوم بل بكل فرع من فروع العلم الواحد ، والمترجم بذلك مستحيل عليه الإلمام بكل المصطلحات الحاسمة والدقيقة قانونية كانت ، بنكية ، طبية أو ميكانيكية….[/FONT]
[FONT="]فترجمة عقد بنكي واحد تختلف عن ترجمة عقد بنكي آخر ، وترجمة خبرة طبية تختلف عن ترجمة خبرة أخرى وترجمة سند ملكية تختلف عن ترجمة سند حيازة وترجمة خبرة منجمية تختلف عن ترجمة صفقة عمومية…وهكذا [/FONT]
[FONT="]هذه المصطلحات على ضرورتها قد تكون حاسمة في تكييف النزاع أو الحق أو الإلتزام … وبالتالي حاسمة في النتيجة القضائية المرجوة من العدالة التي تطلب الوثيقة بلغة غير لغة المتخصص.[/FONT]
[FONT="]-2- وإذا كانت الورقة المعدة للإثبات تقدم بهذه العمومية أو بهذه العيوب فما مدى صلاحيتها لإثبات حق أو نفيه حينما نسقط عليها قواعد الإثبات الموضوعية المتشعبة ؟[/FONT]
[FONT="]فحينما نسقط عليها على سبيل المثال مسألة توزيع عبء الإثبات بين المتخاصمين – وهي جزئية ضئيلة من كليات قواعد الإثبات – المنصوص عليها في المادة 323 من القانون المدني التي تفرض على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه نجد أن القاعدة تخول بمفهوم بسيط للطرف الذي يتمسك اتجاهه بمحرر مشوب بعيب من العيوب أن يقيم الدليل على وجود ذلك العيب. وفي غياب الورقة الأصلية كيف يمكنه إثبات صحة ادعائه ؟ أو كيف يثبت المدعي نفسه صحة الوثيقة إذا كانت النسخة المترجمة تحيد بالمعنى أو لحقها عيب من عيوب البطلان التي يتمسك بها المدعى عليه بسبب الترجمة ذاتها؟[/FONT]
[FONT="]القانون لا يكتفي بمجرد الاحتمال كما هو معروف بل لابد من اليقين الذي لا يساوره الشك ، وإذا ما أثيرت المنازعة في صحة الترجمة فهل يجوز للمدعي الذي يتمسك بصحة الأصل أن يقدمه بغير اللغة المطلوبة بنص المادة 8 ؟ أما إذا أثيرت المنازعة من قبل المدعى عليه أو صاحب المصلحة في صحة الوثيقة الأصلية بغض النظر عن سلامة الترجمة من عدمها هل يجوز له ان يطالب بالإطلاع على الأصل ؟ وهل يصبح المدعى أو المدعى عليه أو الغير مطالبا بتقديم ترجمة مغايرة للترجمة التي هي عليها الوثيقة المقدمة في معرض المرافعات تدعيما للدعوى؟ أم على القاضي الرجوع حينئذ إلى اللغة الأصلية للوثيقة ؟[/FONT]
[FONT="]الإجابة على السؤال الأخير تكون [/FONT]"[FONT="]نعم بالتأكيد[/FONT]"[FONT="] ذلك أن القاضي ملزم ولا شك بالرجوع إلى اللغة الأصلية للوثيقة مادامت المسألة مسألة قانون لا مسألة وقائع هو ملزم باحترامها . فإذا ما فعل أفلا نكون قد رجعنا إلى المربع الأول و يكون المتقاضي قد تكبد بالفعل مصاريف الترجمة بلاطائل؟[/FONT]
[FONT="]-3- مسألة أخرى تطرح وهي إذا لم يتمكن المتقاضي من الدفاع على الوجه الذي بينا -باعتبار أنه معفى من التمثيل بمحام في هذا المستوى من التقاضي ألا وهو المحكمة - ولم يثر ما يشوب الورقة المعدة للإثبات من عيوب قد تجر إلى الحكم عليه بسبب جهله مادام القاضي لا يجوز له أن يؤسس حكمه على وقائع لم تكن محل المناقشات والمرافعات كما تنص على ذلك المادة 26 من القانون 08/09 فإن الحكم الذي يصدر مبنيا على وسيلة خاطئة في جوهرها ستكون نتيجته مخالفة للحقيقة وللعدالة بالتأكيد، الأمر الذي لا يمكن استدراكه أمام المجلس كدرجة ثانية للتقاضي لإمكانية اصطدامه بنص المادة 341 من القانون المذكور والتي لا تجيز تقديم طلبات جديدة لأول مرة أمام المجلس ، كما أنه لا يمكن بناء الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا لأول مرة بسبب مخالفة مبدأ توزيع عبء الإثبات بين الخصوم.[/FONT]
[FONT="]هذه قراءة سريعة وتحليل مقتضب عن ما قد تثيره المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تطالب فيها الدولة المواطن بتعريب الدولة وقطاعاتها العامة والخاصة بل وحتى القطاع الخاص .[/FONT]
كتبهاالأستاذ هرادة عبد الكريم maitre herrada a.elkarim ، في 2 مايو 2009 الساعة: 16:07 م
[FONT="]قراءة هادئة للمادة 8 من القانون 08/09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية[/FONT]
ثمة حديث نبوي مشهور يحذر فيه لرسول –ص- من لحن القول الذي قد يجر القاضي إلى إصدار أحكام مخالفة للحقيقة فقال – إنما أنا بشر مثلكم وإنكم لتختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع إلى آخر الحديث .وثمة حادثة تذكرها كتب التراث العربي عن خليفة كان شديد الغيرة على اللغة العربية فقضى على المدعى عليه كونه رد على ادعاء خصمه بأكل ماله بأن قال –ماله علي حق –بضم اللام بدل فتحها .[/FONT]
[FONT="]اللحن لم يعد اليوم لحن اللسان وفلتاته أ وحتى فصاحته كما لم تعد مسألة الغيرة على اللغة العربية كما حدث في قضية هارون الرشيد المشار إليها أعلاه مطروحة بهذا المستوى ، لكن اللحن اليوم قد يقع بطرق أخرى لم يكن يتصورها هارون الرشيد – وفي الخلافة العباسية ترجمت أمهات الكتب من التراث العالمي وعلومه وفنونه إلى اللغة العربية دون عقدة - ولكن محمد صلى الله عليه وسلم كان بالتأكيد يقصد اللحن الذي نحن بصدد الحديث عنه فهو الذي لا ينطق عن الهوى كما قال فيه ربه عز وجل .[/FONT]
[FONT="]الحديث كما سيلاحظ القارئ الكريم مرسل إلى ما استحدثه قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الذي من شروط تقدم الوثائق والمستندات المعدة للإثبات أمام القضاء باللغة العربية ، الموضوع الذي شغل الممارسين على مدار سنة كاملة واستحوذ على انشغال المتقاضين أو المحتمل لجوئهم إلى القضاء على مدار الأسبوع الذي سبق بداية تطبيق هذا القانون.[/FONT]
[FONT="]وإذا كان انشغال هؤلاء الأخيرين جاء متأخرا لتأخر الإعلام الجزائري في تناول الموضوع تقصيرا أو جهلا ،وإذا كانت الصحافة تناولت الموضوع بنوع من العمومية، فإن الممارسين أيضا وقعوا في نفس الشرك بحيث لم يفكروا في وسائل الإثبات المتعددة غير الوسيلة الكاتبية وفي غير المصاريف الجديدة والباهضة التي سيتكبدها المتقاضي في الوقت الذي يصرح فيه أعضاء من لجنة الصياغة في ملتقيات شرح القانون الجديد أن القضاء لم يعد مجانيا وأن التقاضي بات كلفة، وهو ما يعرض مكاتب المحامين بالتأكيد إلى الإفلاس بسبب نفور المتقاضين من العدالة ، وحيث سيصبح المحامي في ضل القانون الجديد – كعامل تشغيل الشباب – ينتظر ما تجود به جهات المساعدة القضائية .[/FONT]
[FONT="]لذلك أحببت تناول الموضوع من الزاوية التي كان من المفروض على الممارسين تناولها..[/FONT]
[FONT="] النص المثير لهذا النقاش هو نص الفقرة 2 من المادة 8 من القانون 08/09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية والتي جاءت حرفيا كمايلي: [/FONT]"[FONT="]يجب تقديم الوثائق والمستندات باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة تحت طائلة عدم القبول[/FONT]"[FONT="].[/FONT]
[FONT="]القراءة القانونية الصحيحة للمادة من وجهة نظري المتواضعة هي كالآتي :[/FONT]
1- [FONT="]الأصل الذي يتضمن الوجوب أن تقدم الوثائق والمستندات باللغة العربية .[/FONT]
2- [FONT="]الاستثناء الذي يفيد التخيير والجواز أن تقدم هذه الوثائق بلغتها الأصلية شرط أن تكون مصحوبة بترجمة رسمية إلى العربية.[/FONT]
[FONT="]إن هذه القراءة مهمة من عدة جوانب – إذا ما طبقنا حرفية النص و استندنا إلى الأصل طارحين الاستثناء الاختياري- منها ماهو إجرائي بحت ومنها ماهو من صميم الموضوع.[/FONT]
- [FONT="]فإذا كان الجانب الإجرائي مفصول فيه – من حيث المبدأ- بنص المادة ذاتها حين رتبت جزاء عدم قبول الوثيقة أو المستند المعد للإثبات المقدم بغير اللغة العربية أو مترجما إليها وليس عدم قبول الدعوى أو الحق الذي تطالب به أو بحمايته وهذا استنادا إلى التعريف الذي أعطته المادة 67 من القانون 08/09 للدفع بعدم القبول ، الذي هو الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم لانعدام الحق في التقاضي وأوردت أمثلة على ذلك ، فالفرق إذن بين الجزاء الإجرائي الذي رتبته المادة 8 والدفع الذي نظمته وعرفته المادة 67 واضح لا غبار عليه ولا يطرح أي إشكال قانوني.[/FONT]
[FONT="]والخوض في التفسير قد يجر ني إلى متاهة قانونية تحيد بالمقالة عن موضوعها وقد يجرني إلى التساؤل عن مصير الحق المعلق إثباته أو حمايته على الوثيقة الغير مقبولة أو حتى المستبعدة بناء على نص المادة 23 من نفس القانون كونها لم تبلغ إلى الخصم في الآجال أو بالكييفيات التي حددها القاضي؟.[/FONT]
- [FONT="]أما الجانب الموضوعي المعلق على فحوى الوثيقة المعدة للإثبات والمترجمة إلى العربية فإنه لا محالة يثير مسائل ومشاكل من نوع مختلف منها ما يتصل بالصياغة الفنية لها ومنها ما يتعلق بها كوسيلة إثبات والآثار المترتبة على اعتبارها كذلك.[/FONT]
- [FONT="]1- إن الترجمان الرسمي عندنا – وبصريح العبارة – غير متخصص إلا في غير اللغات التي يترجم منها وإليها ، فتكوينه القاعدي من حيث المبدأ تكوين أدبي عمومي محض لا يرقى إلى ما قد تتطلبه الوثيقة المترجمة من مصطلحات متخصصة وهو ما ينعكس على محتوى الوثيقة المعدة للإثبات والمترجمة بهذا الوصف أو المستوى وبالتالي ينعكس على الحصيلة المرجوة من الحكم القضائي الذي يستند إليها.[/FONT]
[FONT="]فإذا ما أخذنا في عين الاعتبار تنوع وتعدد وسائل الإثبات المكتوبة بتنوع وتعدد مناحي الحياة والتي لا تنحصر فيها على الالتزامات وحدها وإنما تتعداها إلى كم ضخم وهائل من الحوادث التي قد ترتب آثارا حقوقية قد ترتبط بما هو متخصص قانونيا وعلميا … وغير ذلك ،أو ما أصلحنا عليه فنيا.[/FONT]
[FONT="] والمترجم بهذا التكوين البسيط –غير المتخصص- قد يفقد وسيلة الإثبات معناها أو يغير فيه ، خاصة مع ظهور مصطلحات خاصة بكل علم من العلوم بل بكل فرع من فروع العلم الواحد ، والمترجم بذلك مستحيل عليه الإلمام بكل المصطلحات الحاسمة والدقيقة قانونية كانت ، بنكية ، طبية أو ميكانيكية….[/FONT]
[FONT="]فترجمة عقد بنكي واحد تختلف عن ترجمة عقد بنكي آخر ، وترجمة خبرة طبية تختلف عن ترجمة خبرة أخرى وترجمة سند ملكية تختلف عن ترجمة سند حيازة وترجمة خبرة منجمية تختلف عن ترجمة صفقة عمومية…وهكذا [/FONT]
[FONT="]هذه المصطلحات على ضرورتها قد تكون حاسمة في تكييف النزاع أو الحق أو الإلتزام … وبالتالي حاسمة في النتيجة القضائية المرجوة من العدالة التي تطلب الوثيقة بلغة غير لغة المتخصص.[/FONT]
[FONT="]-2- وإذا كانت الورقة المعدة للإثبات تقدم بهذه العمومية أو بهذه العيوب فما مدى صلاحيتها لإثبات حق أو نفيه حينما نسقط عليها قواعد الإثبات الموضوعية المتشعبة ؟[/FONT]
[FONT="]فحينما نسقط عليها على سبيل المثال مسألة توزيع عبء الإثبات بين المتخاصمين – وهي جزئية ضئيلة من كليات قواعد الإثبات – المنصوص عليها في المادة 323 من القانون المدني التي تفرض على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه نجد أن القاعدة تخول بمفهوم بسيط للطرف الذي يتمسك اتجاهه بمحرر مشوب بعيب من العيوب أن يقيم الدليل على وجود ذلك العيب. وفي غياب الورقة الأصلية كيف يمكنه إثبات صحة ادعائه ؟ أو كيف يثبت المدعي نفسه صحة الوثيقة إذا كانت النسخة المترجمة تحيد بالمعنى أو لحقها عيب من عيوب البطلان التي يتمسك بها المدعى عليه بسبب الترجمة ذاتها؟[/FONT]
[FONT="]القانون لا يكتفي بمجرد الاحتمال كما هو معروف بل لابد من اليقين الذي لا يساوره الشك ، وإذا ما أثيرت المنازعة في صحة الترجمة فهل يجوز للمدعي الذي يتمسك بصحة الأصل أن يقدمه بغير اللغة المطلوبة بنص المادة 8 ؟ أما إذا أثيرت المنازعة من قبل المدعى عليه أو صاحب المصلحة في صحة الوثيقة الأصلية بغض النظر عن سلامة الترجمة من عدمها هل يجوز له ان يطالب بالإطلاع على الأصل ؟ وهل يصبح المدعى أو المدعى عليه أو الغير مطالبا بتقديم ترجمة مغايرة للترجمة التي هي عليها الوثيقة المقدمة في معرض المرافعات تدعيما للدعوى؟ أم على القاضي الرجوع حينئذ إلى اللغة الأصلية للوثيقة ؟[/FONT]
[FONT="]الإجابة على السؤال الأخير تكون [/FONT]"[FONT="]نعم بالتأكيد[/FONT]"[FONT="] ذلك أن القاضي ملزم ولا شك بالرجوع إلى اللغة الأصلية للوثيقة مادامت المسألة مسألة قانون لا مسألة وقائع هو ملزم باحترامها . فإذا ما فعل أفلا نكون قد رجعنا إلى المربع الأول و يكون المتقاضي قد تكبد بالفعل مصاريف الترجمة بلاطائل؟[/FONT]
[FONT="]-3- مسألة أخرى تطرح وهي إذا لم يتمكن المتقاضي من الدفاع على الوجه الذي بينا -باعتبار أنه معفى من التمثيل بمحام في هذا المستوى من التقاضي ألا وهو المحكمة - ولم يثر ما يشوب الورقة المعدة للإثبات من عيوب قد تجر إلى الحكم عليه بسبب جهله مادام القاضي لا يجوز له أن يؤسس حكمه على وقائع لم تكن محل المناقشات والمرافعات كما تنص على ذلك المادة 26 من القانون 08/09 فإن الحكم الذي يصدر مبنيا على وسيلة خاطئة في جوهرها ستكون نتيجته مخالفة للحقيقة وللعدالة بالتأكيد، الأمر الذي لا يمكن استدراكه أمام المجلس كدرجة ثانية للتقاضي لإمكانية اصطدامه بنص المادة 341 من القانون المذكور والتي لا تجيز تقديم طلبات جديدة لأول مرة أمام المجلس ، كما أنه لا يمكن بناء الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا لأول مرة بسبب مخالفة مبدأ توزيع عبء الإثبات بين الخصوم.[/FONT]
[FONT="]هذه قراءة سريعة وتحليل مقتضب عن ما قد تثيره المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تطالب فيها الدولة المواطن بتعريب الدولة وقطاعاتها العامة والخاصة بل وحتى القطاع الخاص .[/FONT]
[FONT="]الأستاذ هرادة عبد الكريم [/FONT]
[FONT="]محام بمنظمة سطيف[/FONT]
[FONT="]العلمة في 26/05/2006[/FONT]