ما هي مكائد الشيطان للبعد عن الوسطية ؟
وما الواجب لتحقيق الوسطية ؟
إن الشيطان يشتمّ قلب العبد ويختبره ، فإن رأى فيه داعية للبدعة ، وإعراضا عن كمال الانقياد للسنة أخرجه عن الاعتصام بها ، وإن رأى منه حرصا على السن ، وشدة طلب لها لم يفر به من باب اقتطاعه عنها ؛ فأمره بالاجتهاد ، والجور على النفس ، ومجاوزة حد الاقتصاد فيها قائلا : هذا خير وطاعة ، والزيادة فيها أكمل ، فلا تفتر مع أهل الفتور ، ولا تنم مع أهل النوم . فلا يزال يحثه ويحرضه ، حتى يخرجه عن الاقتصاد فيها ؛ فيخرج عن حدها . كما إن الأول خارج عن الحد ، فكذا هذا الآخر خارج عن الحد الخارج .
وهذا حال الخوارج ، يحقر أهل الاستقامة صلاتهم مع صلاتهم ، وصيامهم مع صيامهم ، وقراءتهم مع قراءتهم ، وكلا الأمرين خروج عن السنة إلى البدعة ؛ لكن هذا إلى بدعة التفريط والإضاعة ، والآخر إلى بدعة المجاوزة والإسراف .
وقال بعض السلف : ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان : إما إلى تفريط ، وإما إلى مجاوزة ؛ وهي الإفراط ، ولا يبالي بأيهما ظفر ؛ زيادة أو نقصان . مدارج السالكين 2/ 107
الغلو
لغة : مجاوزة الحد .
اصطلاحا : هو تجاوز الحد الشرعي بالزيادة . والحد : النهاية لما يجوز من المباح المأمور به ، وغير المأمور به . وقد يكون الغلو بمجاوزة الحد في الترك ، والتفريط . وجاء في القرآن الكريم بلفظ الطغيان : (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى) . النازعات 37-39 والطغيان هنا : غلو بالترك ، والعصيان لأمر الله تعالى .
التطرف
لغة : تجاوز حد الاعتدال .
والأصولية والتطرف مصطلح محدث ليس من الألفاظ الشرعية ( عبود / 66 ) .
التشدد
لغة : المغالبة والمقاومة .
التنطع
لغة : التعمق في القول أم الفعل . وكل من التشدد والتنطع لفظان شرعيان مقاربان لـ : الغلو .
العنف
لغة : خلاف الرفق .
وهذه المصطلحات جميعها : التنطع . التشدد ، العنف . بمثابة أوصاف ، أو مظاهر للغلو ، فالغالي يتسم في أخذه للدين بالشدة ، وفي معاملة الآخرين بالعنف ، ويتسم بالتنطع والتعمق في أفعال الدين .
ملامح الغالي والغلو :
1- يتعلق بفقه النصوص ، بتفسيرها تفسيرا متشددا يتعارض مع السمة العامة للشريعة ؛ فيشدد على نفسه وعلى الآخرين . أو يتعمق في معاني التنـزيل بما لم يكلَّف به .
2- في الأحكام ؛ بإلزام نفسه ، أو الآخرين بما لم يوجبه الله ؛ عبادةً وترهّباً . أو تحريم الطيبات التي أباحها الله تعبّدا ؛ كتحريمه أكل الحم ، أو ترك الضرورات ؛ كالنوم ، والنكاح .
3- أو يتعلق بالحكم على الآخرين من المدح الغالي الموصل إلى درجة العصمة ، أو الذم الغالي الموصل إلى الكفر والمروق من الدين . ومن ذلك أن يأخذ رأيا متشددا ، ويصم الآخرين بالمروق من الدين .
والغلو نوعان :
1- كلي اعتقادي : وهو المتعلق بكليات الشريعة في باب العقائد ؛ مثل الغلو في الأئمة ، وادعاء العصمة لهم . والغلو في البراءة من المجتمع العاصي . والغلو في تكفير أفراد المجتمع .
2- جزئي عملي : أي في باب الأعمال والعبادات ؛ مثل : قيام الليل كله ، واعتزال مساجد المسلمين لأنه يراها مساجد ضرار .
ومن الغلو :
التكفير ، والتبديع ، والتفسيق بلا علم :
1- المعين لا يحكم بكفره حتى تتحقق فيه شروط التكفير ، وتنتفي موانعه ؛ مع ثبوت الحجة عليه ؛ وذلك ( بأن يكون بالغا عاقلا مختارا غير متأول ، بلغته الحجة )
وهناك فرق بين كون المقالة أو الفعلة كفرا ، وبين تكفير القائم بها . وكذا التفسيق . والبدعة المفسقة : هي ما لم يداوم عليها ، ولا يدعو إليها ، ولا تفعل في اجتماعات الناس ، ولا يستصغرها ، ولا يحتقرها .
2- لا يحكم على أحد من علماء أهل السنة أو حكامهم أنه مبتدع ، أو خارج عن أهل السنة والجماعة لخطأ في الاجتهاد ؛ سواء في مسائل العقيدة ، أو الحلال والحرام ، مما كثر فيه الاختلاف بين علماء الأمة ، لأنه إنما قصد الحق وطلبه ، فهو معذور ، بل مأجور على اجتهاده ، فلا يُبَدَّع ولا يُفَسَّق .
(لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قال الله تعالى : قد فعلت . م 125
وهذا لا يعني عدم التنبيه على أخطائهم ، ومناصحتهم ، وبيان الحق للناس ؛ بل هذا من أعظم واجبات أهل العلم الذين استحفظهم الله عليها .
(وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) آل عمران 187 .
( موقف أهل السنة / الرحيلي / 64، 192 ، 201 ) .
هل الغلو ظاهرة جديدة ؟
لا ، بل قديمة قِدَم الرسالات السماوية ؛ فقوم نوح غلوا في جماعة من الصالحين ، وأوصلوهم إلى درجة الألوهية ، وكذا غلا أهل الكتاب كما أخبر الله عنهم .
ووقع في عصر النبي :
1- بذرة الغلو العقدي في حديث أبي سعيد الخدري ، في الرجل الذي اعترض على قسمة النبي وإعطائه صناديد نجد أكثر من غيرهم ، ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله ، فقال :
( إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن ، لا يجاوز حناجرهم ، يقتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ) . خ ، م
ثم تدرج الأمر حتى كان بعد موقعة الجمل ظهرت أكبر فئتين غاليتين في تاريخ المسلمين : الخوارج ، والروافض .
2- الغلو العملي في وقائع كثيرة :
ومنها الغلو بالتورع عما لا ورع منه ، كمن يفضل الطعام الجاف واللباس الخشن المزري بصاحبه ، مع وجود ما هو أصلح منه لإظهارهم الزهد والفقر ، واحتقار لباس الزينة الذي أمر الله به في قوله تعالى : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الأعراف 31 .
ومن صور الغلو المعاصر :
1- تكفير العصاة أصحاب الكبائر . ويقول قائلهم : إن كلمة عاصي هي اسم من أسماء الكافر ، وليس من دين الله أن يسمى المرء في آن واحد مسلما وكافرا . والتوبة عندهم تجديد الإسلام . أين هم من رسول الله الذي كان يمنع من قتل المنافقين ، مع علمه بنفاقهم ، وفضح القرآن الكريم إياهم ، ويقول : ( لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) خ 4905 .
2- الانفصال الكامل عن المجتمع : وذلك بغير مبرر شرعي ، ولكن لأنه .... أو فسّقهم ، وبذا يقع في ترك الجمع والجماعات ، ويوجب العزم على اتباعه ، ويسمونها المفاصلة الشعورية ، أو المفاصلة الكاملة . وقد ترتب على كليهما لوازم باطلة .
3- تكفير المقيم غير المهاجر ، أي : في دار الكفر . والصواب أنه إذا كان مظهراً لدينه ، متبرئاً مما هم عليه استحبت الهجرة في حقه ، ولا يكفر بتركها . وكذا المستضعف ، وإنما يكفر إذا رضي وتابع ، ووالى الكفار وأعانهم على المسلمين .
اللويحق 96، 273 ، 476 ، 500 ، 306 .
الغلو في الولاء والبراء :
الولاء : هو النصرة والمحبة والإكرام .
والبراء : البعد والخلاص ، والعداوة بعد الإعذار والإنذار .
ويتجلى الغلو فيهما :
1- الغلو في مفهوم الجماعة : بأن يعتقد أن الجماعة التي ينتمي إليها هي جملة المسلمين ، وتكفير مفارقها .
2- الغلو في التعصب للجماعة : فيتعصبون لمن انتسب إليهم بالحق والباطل ، ويعرضون عمن ليس معهم ؛ سواء كان على الحق أو الباطل .
حديث أبي هريرة : ( من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية ، أو يدعو أو ينصر عصبية فقُتِل فقتلته جاهلية ) م 1478 .
3- الغلو بجعل الجماعة مصدر الحق ، فطريقه للقبول ما جاءت به هذه الجماعة .
4- الغلو في القائد الذي يقود الجماعة : ومبايعته بيع النفس كاملة لله من خلال تلك الجماعة على يد إمام يعتبرونه الإمام الأعظم .
5- الغلو بالنيل من العلماء ، والطعن في المخالف لأفكارهم ، والحق أنه حتى لو خالفهم فيما يرونه حقا ، فلا ينال منه ، يقول الشافعي : ( ما رأيت كتابا ألف في العلم أكثر صوابا من موطأ مالك ) .
التكفير
الكفر نوعان : كفر مخرج عن الملة ، وكفر غير مخرج عن الملة .
ويجب أن يُعلم : أنه قد يجتمع في الشخص شعب إيمان ، وشعب كفر . وأن التكفير مزلق خطير : ( إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ، فقد باء به أحدهما ) . خ الأدب : من كفره أخاه . م : الإيمان .
( ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله ) خ
( من دعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله ، وليس كذلك إلا حار عليه ) خ م .
والكافر هو : من شرح بالكفر صدرا . لا بد من شرح الصدر بالكفر ، وطمأنينة القلب به ، وسكون النفس إليه ، ولا اعتبار بصدور فعل كفري ، أو لفظ يدل على الكفر ، ولا يعتقد معناه .
ومن أعظم البغي : أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ، ولا يرحمه ، بل يخلد في النار .
وتظهر جوانب الغلو في التكفير في :
1- التكفير بالمعصية .
2- تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق .
3- تكفير المحكومين بغير ما أنزل الله بإطلاق .
4- تكفير المعين دون اعتبار لضوابط الشرع .
5- تكفير من لم يكفر الكافر بزعمهم .
6- القول بجاهلية المجتمعات المسلمة . تعليق حول سيد قطب ، ومحمد قطب ، أنهما لا يعتقدان الجاهلية العامة ، بل جاهلية الحكم .
( اللويحق / 194-264
التشديد على الناس :
لقد بُنِـي الدين على اليُسر ورفع الحَـرَج ، وجعل الله الدين رحمةً للناس ويسرا ، وكان يأمر أصحابه بالتيسير على الناس ، قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري ما حين بعثهما إلى اليمن ( يسّرا ، ولا تعسّرا ، وبشّرا ، ولا تنفرا ) .
الإنسان في ذاته له أن يأخذه نفسه بالأشد من المشروع ، كأن يصلي صلاة طويلة ، ولكن ليس له إلزام الناس بهذا .
والتشديد على الناس لا يدخل فيه إلزامهم بما شرع الله ، بل إلزام الناس بغير ما شرع الله قسمان :
1- ما لم يشرع أصلا ، وهذا من البدع .
2- ما شُرِع أصله ، لكن وقع الغلو في صفته ، أو قدره ، بالمساواة بين الأحكام المتفاوتة ، ومحاسبة الناس بالأعمال كلها على قدم المساواة .
التشديد أو الغلو العملي والسلوكي ( الفردي ) :
1- التشديد على النفس بمشقة غير معتادة : مثاله عندما دخل النبي على عائشة وعندها امرأة ، وقال : من هذه ؟ قالت : فلانة ، تذكر من صلاتها ، قال : مه ، عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا . وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه . خ م .
مثال : قول سعيد حوى أن يضع في حسابه الاشتغال بأوراد الذكر من استغفار إلى صلاة على الرسول سبعين ألف مرة .
وهذا التشديد يؤدي إلى السآمة والملل ، ثم العجز ، أو الانقطاع ، لتزاحم الحقوق . وليس للمكلف أن يقصد المشقة في العمل نظرا إلى عظم أجرها
2- تحريم الطيبات .
وفي السلوك الاجتماعي :
1- الخروج على الحكام :
ومن الغلو :
غلو التفريط :
1- الإعراض عن التكاليف ، بنبذها والاستخفاف بها . ويرتكب في الغالب باسم العصرية أو التحرر والعقلانية .
2- القول بالاكتفاء بالقرآن ونبذ السنة ، والله تعالى يقول : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) الحشر 7
3- رد التكاليف ؛ بحجة أن المعول عليه صلاح القلب ، كمن تكشف وجهها وتختلط بغير محارمها من أقاربها ، وتقول : إذا صلح القلب ، وحسنت النية ، فلا يضر بعد ذلك شيء .
ونقول لها : لا شك أن القلب فاسد ؛ إذ لو صلح لصلحت الأعمال ، فإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب .
( د / الصادق / 22، 23 )
غلو الغرور :
بالجرأة على الفتوى ، والتعلق بشواذ المسائل ، المؤدي إلى تضييع بعض الواجبات ، أو الوقوع في بعض المحرمات بقول عالم شذّ ، ومالك بن أنس رحمه الله يقول : ( ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس ؛ حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل ، وأهل الجهة فإن رأوه أهلا لذلك جلس ، وما جلست حتى شهد سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك ) .
وفي الحديث : ( المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور ) خ .
( د . الصادق / 26، 27 ) .
من أقوال العلماء
من الذي كان وراء الغلو ؟
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
( ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان : إما إلى تفريط وإضاعة ، وإما إلى إفراط وغلو . ودين الله وسط بين الجافي عنه ، والغالي فيه ، كالوادي بين جبلين ، والهدى بين ضلالتين ، والوسط بين طرفين ذميمين . فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له ، والغالي فيه مضيع له ؛ هذا بتقصيره عن الحد ، وهذا بتجاوزه الحد ) المدارج 2/ 496 , وانظر الأضواء 1/ 494
قال الإمام الطحاوي : ( ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ، ولا نقول : لا يضع مع الإيمان ذنب لمن عمله ) . الطحاوية .
وقال الإمام البخاري رحمه الله : باب المعاصي من أمر الجاهلية ، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك ، يقول النبي : ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ، ويقول الله تعالى : (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) النساء 116.
آثار الغلو :
الغلو في التعصب أدى إلى موالاة من كان على طريقة المتعصب ومذهبه ، ومنافرة من عداه ، بل مقاتلته عند المتشدد منهم ، والكيد له . كل ذلك باسم الدين والتقوى ، ومناصرة الحق وأهل الإيمان .
الصادق / 32
وهذا ينافي عقد الأخوَّة : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 10
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) التوبة 71 .
( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا – وشبك بين أصابعه - ) خ 481
وقد عانت الأمة الإسلامية في عصر انحطاطها من هذا التعصب البغيض ، فكان الحنبلي يقتل الشافعي ، والشافعي يكيد للحنفي ، ولا يصلي معه ، وتقام في المسجد الواحد جماعات متعددة لكل مذهب وطائفة وإمام .
( د . الصادق / 33 ) .
وليعلم أن الغلو :
ليس قاصرا على المسلمين ، بل حصل وما زال غلو عند غيرهم ، ومن ذلك غلو الأقباط ، وغلو الهندوس ، وغلو النصارى في لبنان وفي الفلبين ، والغلو في الغرب ، لكن الذي يركز عليه الغرب ويضخمه هو الغلو عند المسلمين فحسب .
اللويحق / 135 .
ومن أسباب الغلو :
1- الابتداع .
2- الجهل .
3- اتباع الهوى.
4- تحكيم العقل .
5- التعصب والتقليد ، واتباع العوائد .
6- الدعاية السيئة ضد أهل السنة والجماعة .
7- مخالفة منهج أهل السنة والجماعة .
توجيهات :
1- إن تطبيق الغلو على الأشخاص والحوادث يحتاج إلى عدل وميزان دقيق .
2- مقدار تدين المرء ، وتدين المحيط الذي يعيش فيه له أثر في الحكم على الآخرين بالغلو ، أو التوسط ، أو التسيب ؛ فمتبلد الإحساس لا يرى في إتيان الكبائر حرجا ، ويرى الالتزام بالدين غلوا وتشددا .
( اللويحق )
أمور لا بد من اعتبارها في موضوع التيسير ورفع الحرج :
1- إن رفع الحرج والسماحة والسماحة راجع إلى الاعتدال والوسط ؛ وسط بين الإفراط والتفريط ، فالتنطع والتشدد حرج في جانب عسر التكليف . والتفريط والتقصير حرج فيما يؤدي إليه من تعطيل المصالح ، وعدم تحقيق مقاصد الشرع .
والتوسط منبع الكمالات ، والتخفف والسماحة هو في سلوك طريق الوسط والعدل .
2- إن رفع الحرج ، وإن كان شاملا لجميع أحكام الشريعة ، وكافة مجالاتها ، إلا إنه ليس غاية في ذاته ، بل هو وسلية واقعة في طريق الامتثال لأوامر الله تعالى ، تعين على تحقيق الغاية .
فالمطلوب : هو الطاعة ، وتحقيق العبودية لله وحده ، وبذل منتهى الاستطاعة في الإصلاح ، واستعمار الأرض وبناؤها ، وتحقيق مراد الشرع من جلب المصالح ، ودرء المفاسد .
وتحقيق المقصد العام من التشريع يحفظ نظام العالم ، واستدامة صلاحه بصلاح المستخلَفين في عقيدتهم وعبادتهم ، وكافة شئون حياتهم ، وما بين أيديهم .
والذي يتلمس التخفيفات ، ويتتبع مواطن الرخص ورفع الحرج ، بعيدا عن الغاية الحقيقية من تمام العبودية ، وخالص الخضوع والطاعة لله وحده . وإنما غايته الأخذ بأسهل الأمور فينسلخ من الأحكام ، ويبتعد عن الشرع ، ويتهاون في مسائل الحلال والحرام في المطاعم والمشارب والمعاملات ، مدّعيا أن لا حرج في الدين ، فقد أخطأ وضل السبيل ، إذ قلب الوسيلة غاية ، أو غلّب الوسائل على الغايات .
3- الجزاء في الإسلام دنيوي وأخروي ، والجزاء الأخروي يتناول كافة أعمال ابن آدم الظاهرة الباطنة ، ومنها ما لا يمكن الوصول إليه من قبل الحكام والقضاة ؛ كالجحود والكتمان ، والغش والخداع ، مما قد يتوصل إليه بالإجراءات القضائية . وأحكام الإسلام هي من عند الله تعالى ، وليست من وضع البشر ، ومن أجل هذا فإن له هيبتها واحترامها ، والخوم من الجرأة على مخالفتها ، ولهذا تجد عند المسلم وازعا من نفسه يدعو إلى الاستقامة ، وعدم المخالفة ، واحترام الأحكام الشرعية ؛ لأنها من عند الله الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم المفسد من المصلح .
وعلى هذا ، فينبغي أن يكون عند المسلم من المانع ما يثنيه عن الإقدام على مواطن الرخص ، والأخذ بالأيسر ، وهو ممن لا يسوغ له ذلك ، أو أن يلبس على المفتي أو المتقاضي ، هو الذي يعلم خفايا وقائعه ، وقضاياه ، وهو الذي يرجو الله ويخشى عذابه . ( الشيخ د . صالح بن حميد : رفع الحرج / 13-21 * .
إن الكلفة والمشقة التي في المطلوبات الشرعية في الأحوال والظروف العادية ؛ هي كلف معتادة ، ولا يمتنع التكليف معها ، وهي داخلة في حدود الاستطاعة والوسع المذكور في قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن 16 ، وفي قوله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) البقرة 286 .
بل إن أعمال الدنيا المجردة ؛ بما فيها من كسب المعاش فيها كلفة ، بل كلف لا تخفى ، لكنها لا تخرج عن حدود المعتاد ، ولا يتقاعس الناس عن العمل من أجلها .
وكل عمل تكليفي في نفسه له مشقة معتادة فيه توازي مشة مثله من الأعمال العادية ، وتتفاوت الأعمال في ذاتها ، وفي مشقتها .
( الموافقات 2/ 111 )
والعقوبات الزاجرة ؛ كقطع يد السارق ، وقتل الجاني وقاطع الطريق ، ورجم الزاني ، أ وجلده وتغريبه ؛ فيها من المشقات بل من المفاسد على من لحقت به ما يماثل مشقة المخاطرة بالأرواح في الجهاد ، لكنها جاءت لتحصيل ما رتب عليها من المصالح الحقيقية التي هي أعلى منها ؛ فهي تؤدي إلى مصالح حقيقية كلية عامة .
( الموافقات 1/ 111-112 )
تحديد المصطلحات :
الحرج : كل ما أدى إلى مشقة زائدة في البدن – الآلام أو الأمراض - ، أو النفس – الآلام النفسية - ، أو المال – إتلافه ، أو إضاعته ، أو الغبن الفاحش – حالا ، أو مآلا - إذا كان الحرج للمداومة - مجردة لعظم المشقة المقارنة للفعل .
رفع الحرج : إزالة ما يؤدي إلى هذه المشاق .
أمثلته : في الحج : " افعل ولا حرج " ؛ حيث أباح ترك الترتيب بين الشعائر : الرمي ، الحلق ، الطواف ، النحر ....
إن القرآن الكريم رحمة وشفاء ، والشريعة رحمة للعالمين ، والنبي هو نبي الرحمة ، وديننا دين الرحمة ؛ جاء ليخفف الإصر عن أتباعه مما كان على الأمم السابقة .
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء 82
(إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء 29
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء 107
التخفيف عن هذه الأمة :
1- في الأحكام الأصلية : مثل مشروعية التجمل في الجمعة للرجال ، وفي العيدين للجميع .
2- في الأحكام الطارئة : كالقصر في السفر ، والجمع ، وإسقاط الجمعة والحج والعمرة والجهاد للأعذار المسقطة لذلك ، وكالتيمم ، والفطر للمريض والمسافر .
سقوط بعض التكاليف يعتبر تخفيفا ، مثل : سقوط الصلاة والصوم عن الحائض والنفساء .
وهنا وقفة :
يقول الشيخ صالح بن حميد : إن هذا يُظهِر بجلاء أن حالة الأنوثة ليست كحالة الذكورة ، فالنقص والضعف ظاهرة في المرأة مهما تشدق المتشدقون ، فالواقع يخالف دعاواهم ، فلا تقوم – غالبا – بأعمال تتطلب القوة والعنف والشدة ، ومن جهة أخرى هي تقوم بوظيفتها الخاص التي لا يقوم بها غيرها ؛ من ( الحمل ، والولادة ) والتربية ، والسهر على تنشئة البنين والبنات .
والتقليل من شأن هذه الوظيفة ؛ إما لقصور في الإدراك ، أو خيانة للأمة في أعز ما لديها ، وهو أفرادها .
وقد راعت الشريعة هذا الجانب ، وهيأت كافة الظروف للمرأة لتقوم بمهمتها ودورها الرئيس في بناء المجتمع ، فلم تطالبها بما طالبت به الرجال من الجمعة ، والجماعة ، والجهاد ، والجزية ، واستكمالا لمساهمتها ، وتمشيا مع أنوثتها أباح لها ما لم يبح للرجال ؛ من لبس الذهب والحرير ، ولباس الزينة . إنها أحكام مُرَاعى فيها التخفيف والتيسير ، تتمشى مع الضعف النسوي ، والطبيعة والوظيفة الأنثوية .
( رفع الحرج 203 ) .
فهل تبحثين عمن ينصفك ، ويرفع مكانتك أعظم من هذه الرفعة ؟!!
مفاهيم خاطئة :
1- إطلاق لفظ الغلو على طلب الكمال في العبادة دون مجاوزة الحد ، أي : دون إثقال على النفس إلى درجة الملل ، بل هو من الأمور المحمودة . إنما الممنوع : الإفراط المؤدي إلى الملال ، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل .
2- أن الحكم على العمل بأنه غلو باب خطير لا يقدر عليه إلا العلماء الذين يدركون حدود هذا العمل . وهم الذين تبحروا في علوم العقائد . وإطلاق الغلو على من التزم المحافظة على المشروع من التكاليف على وجه القصد دون إفراط أو تفريط بفقه وبصيرة .
وهذا الاتهام معصية ؛ لأنها تهمة تتضمن وصف الطاعة ، ووصف المعصية ، ويقتضي التنفير من الطاعة ، والحض على ضدها .
كمن يعتب مثلا على من تحرص على أمر ابنها بأداء الصلاة ، وكمن تصف المرأة بالغلو لأنها متحجبة ، وقد تصمها بالتخلف والتطرف .
( الغرياني / 14 ) .
وكمن يعتبر تحريم الغناء غلوا ( محمد الغزالي ) ترك اللحية على سجيتها ( الميداني ) ، وفي الحجاب واعتباره غلوا ( خالد محمد خالد ) .
النيل من العلماء الربانيين ، لمجرد أن يقولوا ما يخالف آراءهم ، ووصمهم
بأبشع الأوصاف ، وممن يجرئهم على ذلك أولئك الذين جعلوهم مصدرا
للتلقي .
3- إطلاق الغلو على من التزم رأيا فقهيا متشددا – من وجهة النظر المخالفة – والتزامه مبني على اجتهاد سائغ شرعا لمن بلغ درجة الاجتهاد ، أو تقليد لعالم شرع موثوق في دينه وعلمه لمن لم يبلغ . والصواب أنه لا يصح الوصف بالغلو لأخذ الشخص برأي يراه أسلم لدينه وأبرأ لذمته .
اللويحق 155
أما العلمانيون فيجعلون من الغلو :
1- تطبيق الشريعة في جميع مناحي الحياة .
ولذا تصدر بعض التعليمات في بعض البلاد الإسلامية تمنع لبس الحجاب ؛ باعتباره مظهرا دالا على الغلو والتطرف .
2- يعمد أعداء الدين إلى القول بأن الالتزام بالفرائض والمندوبات ، والتجافي عن المحرمات ، والورع عن المتشابهات ، أو دعوة الناس إلى شيء من ذلك من قبيل الغلو في الدين . وإن المسلم ليعجب أشد العجب من جرأة هؤلاء الظالمين على هذا . وما عسى أن يكون ذلك الاعتدال المنشود .
إن جماع الدين التزام الواجبات ، والكف عن المحرمات ، والورع عن المتشابهات ( الحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ) .
وإن الدعوة إلى ذلك هي الدعوة إلى الدين ، واتهام ذلك بالتطرف أو الغلو إنما هو اتهام للدين ذاته .
الأدلة على النهي عن الغلو :
في قول الله عز وجل : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) المائدة 77 . أي : لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق .
ومن السنة :
عن ابن عباس ما ، عن النبي قال : ( وإياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) س / جه
( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ) حم ، وحسنه الألباني .
ابن سعد ( هلك المتنطعون ) ثلاثا ( م 2055 ) .
حديث أبي هريرة : ( إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة ، وشيء من الدلجة ) . خ 31 .
وفي لفط : ( القصد القصد ؛ تبلغوا ) .
لا تتعمق في الأعمال الدينية ، وتترك الرفق فتعجز ، وتنقطع فتُغلَب ، والمطلوب القصد والتوسط في العبادة ، فلا يقصر فيما أمر به ، ولا يتحمل منها ما لا يطيقه .
( إن الغلو إذن خروج عن المنهج ، وتعدٍّ للحد ، وعمل ما لم يأذن به الله ورسوله . وإن عاقبته كما أخبر الرسول : الهلاك ، وانقلاب الحال إلى استهتار ، وتفريط بعد الإفراط والتشدد .
حكم الغلو :
الغلو من المعاصي التي لا يستهان بها ، وإن بدت بعض صورها من المحقرات في أعين الناس . وقد كانت عاقبته شركا وكفرا حين ألهوا عيسى . والغلو كله مذموم ؛ قليله وكثيره ، ولذا أنكر رسول الله من زاد في حجم حصى الجمار عن القدر المطلوب وقال : ( يا أيها الناس ، إياكم والغلو في الدين ) .
عوائق عن الإصلاح
1- من أسلحة الغالية :
رمي كل من يعارضهم بالحق ليردهم إليه بأنه معادٍ لمعتقدهم ، فإن كانوا من الغلاة في أولياء الله تعالى وكراماتهم رموا معارضيهم بأنه معادٍ للصالحين ، ولا يحب أولياء الله ، ولا يؤمن بالكرامات .
وإن كان من المتعصبة للمذاهب رُمِي بأنه معارض للأئمة منكر للمذابه ، ويدعونه ( وهابي ) .
ويمكن أن يرمي من يعارضه بأنه يرد الكتاب والسنة ، وأنه صاحب بدعة ، فيضطر البعض إلى مهادنتهم ، ومداهنتهم ، ومجانبة الصواب والإنصاف ، والعزوف عن تبين الحق إيثارا للسلامة من أذاهم ، فيفسح للباطل فتضرب جذوره وتنتشر فروعه .
2- مؤثرات على العالم والمفتي :
أ – تأثير العامة بمجاملتهم ، ومهادنتهم تحت اسم البدعة الحسنة .
واللعامة في استدراج أهل العلم بابان :
o إما بتعظيمهم ومدحهم ، وتشييخهم ؛ فيجرونهم بذلك إلى مجالسهم المشبوهة ليقروهم عليها .
o أو بالاستطالة عليهم بألسنتهم إن عارضوهم ، فيحدون من معارضتهم .
فتتخذ العامة ظهور العلماء جسورا على جهنم .
( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) آل عمران 187
ب _ تأثير الرأي العام والمنصب :
بالتنازلات ، وإصدار آراء وفتاوى غريبة في قضايا العصر ؛ مثل : قضايا المرأة وغيرها ؛ باسم التيسير ورفع الحرج . وهي مجاملة لأولئك ، وهم على طريق اليهود والنصارى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) البقرة 120
جـ - تأثير الإعلام :
بالاستفتاءات المباشرة التي يجيب عنها العالم في التو ؛ حتى لو كانت مسألة من القضايا الشائكة التي لا يستطيع الجواب عنها بمفرده ، وما كان هذا نهج أسلافنا من العلماء ، قال مالك رحمه الله : ( من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه – قبل أن يجيب – على الجنة والنار ، وكيف يكون خلاصه في الآخرة ، ثم يجيب ) .
وقال أبو حصين الأسدي : ( إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر ) .
3- الاختلاف المذموم :
بين العلماء والدعاة والمصلحين ، ولا يسلم من الانتصار للنفس والتعصب للرأي ، ومغالبة الخصم ، وأنفة الرجوع إلى الحق ، ثم التشهير والتنكيل والتعيير والغمز المشين .
أين الإخلاص والعمل لله ابتداء ودواما ؟ فمن اجتاز القنطرة سهل عليه ترك ما لنفسه ؛ من أجل إصلاح غيره ، ولا يلقّاها إلا الصابرون .
د . الصادق / 177
العلاج
1- نشر عقيدة السلف ، وتحكيم الكتاب والسنة .
2- الإخلاص ، وتجريد المتابعة .
3- نشر العلم الشرعي ، والتفقه في الدين ، وهو جماع كل خير ، والتخفف من دعوى أن الحاجة الآن فقط للجانب الدعوي التوجيهي ، وتقويم السلوك دون حاجة إلى فقه أحكام الشريعة . ورسولنا يعلم أصحابه الوضوء ، ويراقب صنعهم ويقول : ( ويل للأعقاب من النار ) . ويتعلم كبار التابعين من كبار الصحابة كيفية الوضوء عمليا .
4- طلب الحق وتحريه ، واتباع الدليل ، والالتزام به .
5- إحياء دور العلماء ، وتواصلهم مع الشباب ، والحرص على التلقي في طلب العلم ، وعدم الاقتصار على الكتاب . ( الشبكة ) .
6- محاورة الغلاة
7- توضيح الحقائق ، والتعامل مع المشكلة من جذورها . وبيان نوعي الغلو كليهما : غلو الإفراط ، وغلو التسيب والتفريط .
8- معالجة الغلو بشكليه : الإفراط والتفريط عند العلمانيين .
9- الحذر من الخلط بين التمسك بالدين ( الصحوة ) وبين الغلو ؛ فالغلو قليل الحجم ، ومن الظلم سحبه على لكثرة التي تمثل تيار الاعتدال .
( اللويحق / 215 ) ( عبود / 312 ) ( د . الصادق / 167 ) ( د . الحقيل / 38 ) .
* مما يعين على الوصول إلى الحق :
1- تقوى الله عز وجل (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) الأنفال / 28 .
2- الإخلاص والتجرد : الحرص على نجاة النفس بتربيتها على الإخلاص ، ومجانبة كل ما يفسد فطرتها ، ويؤثر على قصدها .
3- اللجوء إلى الله عز وجل ، والافتقار إليه .
4- تدبر الكتاب والسنة (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) .الإسراء 9 وتفسيرها في الأضواء 3/ 409 ، 457 .
5- اتباع سبيل السابقين الأولين .
6- الصحبة الطيبة .
اللهم لا تعذب يدا كتبت تريد نفي تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين عن دينك ، ولا لسانا أراد الذب والدفاع عن شريعتك ، ولا تحرمني إلهي ، خير ما عندك بشر ما عندي . اللهم وأرنا الحق حقا ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ، وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضلّ .
من محاضرة الدكتور حصة الصغير
محاضرة "الوسطية في الاسلام"
<h2>شبكة الاتباع
http://www.al-ittibaa.net
</h2>
وما الواجب لتحقيق الوسطية ؟
إن الشيطان يشتمّ قلب العبد ويختبره ، فإن رأى فيه داعية للبدعة ، وإعراضا عن كمال الانقياد للسنة أخرجه عن الاعتصام بها ، وإن رأى منه حرصا على السن ، وشدة طلب لها لم يفر به من باب اقتطاعه عنها ؛ فأمره بالاجتهاد ، والجور على النفس ، ومجاوزة حد الاقتصاد فيها قائلا : هذا خير وطاعة ، والزيادة فيها أكمل ، فلا تفتر مع أهل الفتور ، ولا تنم مع أهل النوم . فلا يزال يحثه ويحرضه ، حتى يخرجه عن الاقتصاد فيها ؛ فيخرج عن حدها . كما إن الأول خارج عن الحد ، فكذا هذا الآخر خارج عن الحد الخارج .
وهذا حال الخوارج ، يحقر أهل الاستقامة صلاتهم مع صلاتهم ، وصيامهم مع صيامهم ، وقراءتهم مع قراءتهم ، وكلا الأمرين خروج عن السنة إلى البدعة ؛ لكن هذا إلى بدعة التفريط والإضاعة ، والآخر إلى بدعة المجاوزة والإسراف .
وقال بعض السلف : ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان : إما إلى تفريط ، وإما إلى مجاوزة ؛ وهي الإفراط ، ولا يبالي بأيهما ظفر ؛ زيادة أو نقصان . مدارج السالكين 2/ 107
الغلو
لغة : مجاوزة الحد .
اصطلاحا : هو تجاوز الحد الشرعي بالزيادة . والحد : النهاية لما يجوز من المباح المأمور به ، وغير المأمور به . وقد يكون الغلو بمجاوزة الحد في الترك ، والتفريط . وجاء في القرآن الكريم بلفظ الطغيان : (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى) . النازعات 37-39 والطغيان هنا : غلو بالترك ، والعصيان لأمر الله تعالى .
التطرف
لغة : تجاوز حد الاعتدال .
والأصولية والتطرف مصطلح محدث ليس من الألفاظ الشرعية ( عبود / 66 ) .
التشدد
لغة : المغالبة والمقاومة .
التنطع
لغة : التعمق في القول أم الفعل . وكل من التشدد والتنطع لفظان شرعيان مقاربان لـ : الغلو .
العنف
لغة : خلاف الرفق .
وهذه المصطلحات جميعها : التنطع . التشدد ، العنف . بمثابة أوصاف ، أو مظاهر للغلو ، فالغالي يتسم في أخذه للدين بالشدة ، وفي معاملة الآخرين بالعنف ، ويتسم بالتنطع والتعمق في أفعال الدين .
ملامح الغالي والغلو :
1- يتعلق بفقه النصوص ، بتفسيرها تفسيرا متشددا يتعارض مع السمة العامة للشريعة ؛ فيشدد على نفسه وعلى الآخرين . أو يتعمق في معاني التنـزيل بما لم يكلَّف به .
2- في الأحكام ؛ بإلزام نفسه ، أو الآخرين بما لم يوجبه الله ؛ عبادةً وترهّباً . أو تحريم الطيبات التي أباحها الله تعبّدا ؛ كتحريمه أكل الحم ، أو ترك الضرورات ؛ كالنوم ، والنكاح .
3- أو يتعلق بالحكم على الآخرين من المدح الغالي الموصل إلى درجة العصمة ، أو الذم الغالي الموصل إلى الكفر والمروق من الدين . ومن ذلك أن يأخذ رأيا متشددا ، ويصم الآخرين بالمروق من الدين .
والغلو نوعان :
1- كلي اعتقادي : وهو المتعلق بكليات الشريعة في باب العقائد ؛ مثل الغلو في الأئمة ، وادعاء العصمة لهم . والغلو في البراءة من المجتمع العاصي . والغلو في تكفير أفراد المجتمع .
2- جزئي عملي : أي في باب الأعمال والعبادات ؛ مثل : قيام الليل كله ، واعتزال مساجد المسلمين لأنه يراها مساجد ضرار .
ومن الغلو :
التكفير ، والتبديع ، والتفسيق بلا علم :
1- المعين لا يحكم بكفره حتى تتحقق فيه شروط التكفير ، وتنتفي موانعه ؛ مع ثبوت الحجة عليه ؛ وذلك ( بأن يكون بالغا عاقلا مختارا غير متأول ، بلغته الحجة )
وهناك فرق بين كون المقالة أو الفعلة كفرا ، وبين تكفير القائم بها . وكذا التفسيق . والبدعة المفسقة : هي ما لم يداوم عليها ، ولا يدعو إليها ، ولا تفعل في اجتماعات الناس ، ولا يستصغرها ، ولا يحتقرها .
2- لا يحكم على أحد من علماء أهل السنة أو حكامهم أنه مبتدع ، أو خارج عن أهل السنة والجماعة لخطأ في الاجتهاد ؛ سواء في مسائل العقيدة ، أو الحلال والحرام ، مما كثر فيه الاختلاف بين علماء الأمة ، لأنه إنما قصد الحق وطلبه ، فهو معذور ، بل مأجور على اجتهاده ، فلا يُبَدَّع ولا يُفَسَّق .
(لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قال الله تعالى : قد فعلت . م 125
وهذا لا يعني عدم التنبيه على أخطائهم ، ومناصحتهم ، وبيان الحق للناس ؛ بل هذا من أعظم واجبات أهل العلم الذين استحفظهم الله عليها .
(وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) آل عمران 187 .
( موقف أهل السنة / الرحيلي / 64، 192 ، 201 ) .
هل الغلو ظاهرة جديدة ؟
لا ، بل قديمة قِدَم الرسالات السماوية ؛ فقوم نوح غلوا في جماعة من الصالحين ، وأوصلوهم إلى درجة الألوهية ، وكذا غلا أهل الكتاب كما أخبر الله عنهم .
ووقع في عصر النبي :
1- بذرة الغلو العقدي في حديث أبي سعيد الخدري ، في الرجل الذي اعترض على قسمة النبي وإعطائه صناديد نجد أكثر من غيرهم ، ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله ، فقال :
( إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن ، لا يجاوز حناجرهم ، يقتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ) . خ ، م
ثم تدرج الأمر حتى كان بعد موقعة الجمل ظهرت أكبر فئتين غاليتين في تاريخ المسلمين : الخوارج ، والروافض .
2- الغلو العملي في وقائع كثيرة :
ومنها الغلو بالتورع عما لا ورع منه ، كمن يفضل الطعام الجاف واللباس الخشن المزري بصاحبه ، مع وجود ما هو أصلح منه لإظهارهم الزهد والفقر ، واحتقار لباس الزينة الذي أمر الله به في قوله تعالى : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الأعراف 31 .
ومن صور الغلو المعاصر :
1- تكفير العصاة أصحاب الكبائر . ويقول قائلهم : إن كلمة عاصي هي اسم من أسماء الكافر ، وليس من دين الله أن يسمى المرء في آن واحد مسلما وكافرا . والتوبة عندهم تجديد الإسلام . أين هم من رسول الله الذي كان يمنع من قتل المنافقين ، مع علمه بنفاقهم ، وفضح القرآن الكريم إياهم ، ويقول : ( لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) خ 4905 .
2- الانفصال الكامل عن المجتمع : وذلك بغير مبرر شرعي ، ولكن لأنه .... أو فسّقهم ، وبذا يقع في ترك الجمع والجماعات ، ويوجب العزم على اتباعه ، ويسمونها المفاصلة الشعورية ، أو المفاصلة الكاملة . وقد ترتب على كليهما لوازم باطلة .
3- تكفير المقيم غير المهاجر ، أي : في دار الكفر . والصواب أنه إذا كان مظهراً لدينه ، متبرئاً مما هم عليه استحبت الهجرة في حقه ، ولا يكفر بتركها . وكذا المستضعف ، وإنما يكفر إذا رضي وتابع ، ووالى الكفار وأعانهم على المسلمين .
اللويحق 96، 273 ، 476 ، 500 ، 306 .
الغلو في الولاء والبراء :
الولاء : هو النصرة والمحبة والإكرام .
والبراء : البعد والخلاص ، والعداوة بعد الإعذار والإنذار .
ويتجلى الغلو فيهما :
1- الغلو في مفهوم الجماعة : بأن يعتقد أن الجماعة التي ينتمي إليها هي جملة المسلمين ، وتكفير مفارقها .
2- الغلو في التعصب للجماعة : فيتعصبون لمن انتسب إليهم بالحق والباطل ، ويعرضون عمن ليس معهم ؛ سواء كان على الحق أو الباطل .
حديث أبي هريرة : ( من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية ، أو يدعو أو ينصر عصبية فقُتِل فقتلته جاهلية ) م 1478 .
3- الغلو بجعل الجماعة مصدر الحق ، فطريقه للقبول ما جاءت به هذه الجماعة .
4- الغلو في القائد الذي يقود الجماعة : ومبايعته بيع النفس كاملة لله من خلال تلك الجماعة على يد إمام يعتبرونه الإمام الأعظم .
5- الغلو بالنيل من العلماء ، والطعن في المخالف لأفكارهم ، والحق أنه حتى لو خالفهم فيما يرونه حقا ، فلا ينال منه ، يقول الشافعي : ( ما رأيت كتابا ألف في العلم أكثر صوابا من موطأ مالك ) .
التكفير
الكفر نوعان : كفر مخرج عن الملة ، وكفر غير مخرج عن الملة .
ويجب أن يُعلم : أنه قد يجتمع في الشخص شعب إيمان ، وشعب كفر . وأن التكفير مزلق خطير : ( إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ، فقد باء به أحدهما ) . خ الأدب : من كفره أخاه . م : الإيمان .
( ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله ) خ
( من دعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله ، وليس كذلك إلا حار عليه ) خ م .
والكافر هو : من شرح بالكفر صدرا . لا بد من شرح الصدر بالكفر ، وطمأنينة القلب به ، وسكون النفس إليه ، ولا اعتبار بصدور فعل كفري ، أو لفظ يدل على الكفر ، ولا يعتقد معناه .
ومن أعظم البغي : أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ، ولا يرحمه ، بل يخلد في النار .
وتظهر جوانب الغلو في التكفير في :
1- التكفير بالمعصية .
2- تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق .
3- تكفير المحكومين بغير ما أنزل الله بإطلاق .
4- تكفير المعين دون اعتبار لضوابط الشرع .
5- تكفير من لم يكفر الكافر بزعمهم .
6- القول بجاهلية المجتمعات المسلمة . تعليق حول سيد قطب ، ومحمد قطب ، أنهما لا يعتقدان الجاهلية العامة ، بل جاهلية الحكم .
( اللويحق / 194-264
التشديد على الناس :
لقد بُنِـي الدين على اليُسر ورفع الحَـرَج ، وجعل الله الدين رحمةً للناس ويسرا ، وكان يأمر أصحابه بالتيسير على الناس ، قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري ما حين بعثهما إلى اليمن ( يسّرا ، ولا تعسّرا ، وبشّرا ، ولا تنفرا ) .
الإنسان في ذاته له أن يأخذه نفسه بالأشد من المشروع ، كأن يصلي صلاة طويلة ، ولكن ليس له إلزام الناس بهذا .
والتشديد على الناس لا يدخل فيه إلزامهم بما شرع الله ، بل إلزام الناس بغير ما شرع الله قسمان :
1- ما لم يشرع أصلا ، وهذا من البدع .
2- ما شُرِع أصله ، لكن وقع الغلو في صفته ، أو قدره ، بالمساواة بين الأحكام المتفاوتة ، ومحاسبة الناس بالأعمال كلها على قدم المساواة .
التشديد أو الغلو العملي والسلوكي ( الفردي ) :
1- التشديد على النفس بمشقة غير معتادة : مثاله عندما دخل النبي على عائشة وعندها امرأة ، وقال : من هذه ؟ قالت : فلانة ، تذكر من صلاتها ، قال : مه ، عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا . وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه . خ م .
مثال : قول سعيد حوى أن يضع في حسابه الاشتغال بأوراد الذكر من استغفار إلى صلاة على الرسول سبعين ألف مرة .
وهذا التشديد يؤدي إلى السآمة والملل ، ثم العجز ، أو الانقطاع ، لتزاحم الحقوق . وليس للمكلف أن يقصد المشقة في العمل نظرا إلى عظم أجرها
2- تحريم الطيبات .
وفي السلوك الاجتماعي :
1- الخروج على الحكام :
ومن الغلو :
غلو التفريط :
1- الإعراض عن التكاليف ، بنبذها والاستخفاف بها . ويرتكب في الغالب باسم العصرية أو التحرر والعقلانية .
2- القول بالاكتفاء بالقرآن ونبذ السنة ، والله تعالى يقول : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) الحشر 7
3- رد التكاليف ؛ بحجة أن المعول عليه صلاح القلب ، كمن تكشف وجهها وتختلط بغير محارمها من أقاربها ، وتقول : إذا صلح القلب ، وحسنت النية ، فلا يضر بعد ذلك شيء .
ونقول لها : لا شك أن القلب فاسد ؛ إذ لو صلح لصلحت الأعمال ، فإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب .
( د / الصادق / 22، 23 )
غلو الغرور :
بالجرأة على الفتوى ، والتعلق بشواذ المسائل ، المؤدي إلى تضييع بعض الواجبات ، أو الوقوع في بعض المحرمات بقول عالم شذّ ، ومالك بن أنس رحمه الله يقول : ( ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس ؛ حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل ، وأهل الجهة فإن رأوه أهلا لذلك جلس ، وما جلست حتى شهد سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك ) .
وفي الحديث : ( المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور ) خ .
( د . الصادق / 26، 27 ) .
من أقوال العلماء
من الذي كان وراء الغلو ؟
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
( ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان : إما إلى تفريط وإضاعة ، وإما إلى إفراط وغلو . ودين الله وسط بين الجافي عنه ، والغالي فيه ، كالوادي بين جبلين ، والهدى بين ضلالتين ، والوسط بين طرفين ذميمين . فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له ، والغالي فيه مضيع له ؛ هذا بتقصيره عن الحد ، وهذا بتجاوزه الحد ) المدارج 2/ 496 , وانظر الأضواء 1/ 494
قال الإمام الطحاوي : ( ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ، ولا نقول : لا يضع مع الإيمان ذنب لمن عمله ) . الطحاوية .
وقال الإمام البخاري رحمه الله : باب المعاصي من أمر الجاهلية ، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك ، يقول النبي : ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ، ويقول الله تعالى : (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) النساء 116.
آثار الغلو :
الغلو في التعصب أدى إلى موالاة من كان على طريقة المتعصب ومذهبه ، ومنافرة من عداه ، بل مقاتلته عند المتشدد منهم ، والكيد له . كل ذلك باسم الدين والتقوى ، ومناصرة الحق وأهل الإيمان .
الصادق / 32
وهذا ينافي عقد الأخوَّة : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات 10
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) التوبة 71 .
( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا – وشبك بين أصابعه - ) خ 481
وقد عانت الأمة الإسلامية في عصر انحطاطها من هذا التعصب البغيض ، فكان الحنبلي يقتل الشافعي ، والشافعي يكيد للحنفي ، ولا يصلي معه ، وتقام في المسجد الواحد جماعات متعددة لكل مذهب وطائفة وإمام .
( د . الصادق / 33 ) .
وليعلم أن الغلو :
ليس قاصرا على المسلمين ، بل حصل وما زال غلو عند غيرهم ، ومن ذلك غلو الأقباط ، وغلو الهندوس ، وغلو النصارى في لبنان وفي الفلبين ، والغلو في الغرب ، لكن الذي يركز عليه الغرب ويضخمه هو الغلو عند المسلمين فحسب .
اللويحق / 135 .
ومن أسباب الغلو :
1- الابتداع .
2- الجهل .
3- اتباع الهوى.
4- تحكيم العقل .
5- التعصب والتقليد ، واتباع العوائد .
6- الدعاية السيئة ضد أهل السنة والجماعة .
7- مخالفة منهج أهل السنة والجماعة .
توجيهات :
1- إن تطبيق الغلو على الأشخاص والحوادث يحتاج إلى عدل وميزان دقيق .
2- مقدار تدين المرء ، وتدين المحيط الذي يعيش فيه له أثر في الحكم على الآخرين بالغلو ، أو التوسط ، أو التسيب ؛ فمتبلد الإحساس لا يرى في إتيان الكبائر حرجا ، ويرى الالتزام بالدين غلوا وتشددا .
( اللويحق )
أمور لا بد من اعتبارها في موضوع التيسير ورفع الحرج :
1- إن رفع الحرج والسماحة والسماحة راجع إلى الاعتدال والوسط ؛ وسط بين الإفراط والتفريط ، فالتنطع والتشدد حرج في جانب عسر التكليف . والتفريط والتقصير حرج فيما يؤدي إليه من تعطيل المصالح ، وعدم تحقيق مقاصد الشرع .
والتوسط منبع الكمالات ، والتخفف والسماحة هو في سلوك طريق الوسط والعدل .
2- إن رفع الحرج ، وإن كان شاملا لجميع أحكام الشريعة ، وكافة مجالاتها ، إلا إنه ليس غاية في ذاته ، بل هو وسلية واقعة في طريق الامتثال لأوامر الله تعالى ، تعين على تحقيق الغاية .
فالمطلوب : هو الطاعة ، وتحقيق العبودية لله وحده ، وبذل منتهى الاستطاعة في الإصلاح ، واستعمار الأرض وبناؤها ، وتحقيق مراد الشرع من جلب المصالح ، ودرء المفاسد .
وتحقيق المقصد العام من التشريع يحفظ نظام العالم ، واستدامة صلاحه بصلاح المستخلَفين في عقيدتهم وعبادتهم ، وكافة شئون حياتهم ، وما بين أيديهم .
والذي يتلمس التخفيفات ، ويتتبع مواطن الرخص ورفع الحرج ، بعيدا عن الغاية الحقيقية من تمام العبودية ، وخالص الخضوع والطاعة لله وحده . وإنما غايته الأخذ بأسهل الأمور فينسلخ من الأحكام ، ويبتعد عن الشرع ، ويتهاون في مسائل الحلال والحرام في المطاعم والمشارب والمعاملات ، مدّعيا أن لا حرج في الدين ، فقد أخطأ وضل السبيل ، إذ قلب الوسيلة غاية ، أو غلّب الوسائل على الغايات .
3- الجزاء في الإسلام دنيوي وأخروي ، والجزاء الأخروي يتناول كافة أعمال ابن آدم الظاهرة الباطنة ، ومنها ما لا يمكن الوصول إليه من قبل الحكام والقضاة ؛ كالجحود والكتمان ، والغش والخداع ، مما قد يتوصل إليه بالإجراءات القضائية . وأحكام الإسلام هي من عند الله تعالى ، وليست من وضع البشر ، ومن أجل هذا فإن له هيبتها واحترامها ، والخوم من الجرأة على مخالفتها ، ولهذا تجد عند المسلم وازعا من نفسه يدعو إلى الاستقامة ، وعدم المخالفة ، واحترام الأحكام الشرعية ؛ لأنها من عند الله الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم المفسد من المصلح .
وعلى هذا ، فينبغي أن يكون عند المسلم من المانع ما يثنيه عن الإقدام على مواطن الرخص ، والأخذ بالأيسر ، وهو ممن لا يسوغ له ذلك ، أو أن يلبس على المفتي أو المتقاضي ، هو الذي يعلم خفايا وقائعه ، وقضاياه ، وهو الذي يرجو الله ويخشى عذابه . ( الشيخ د . صالح بن حميد : رفع الحرج / 13-21 * .
إن الكلفة والمشقة التي في المطلوبات الشرعية في الأحوال والظروف العادية ؛ هي كلف معتادة ، ولا يمتنع التكليف معها ، وهي داخلة في حدود الاستطاعة والوسع المذكور في قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن 16 ، وفي قوله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) البقرة 286 .
بل إن أعمال الدنيا المجردة ؛ بما فيها من كسب المعاش فيها كلفة ، بل كلف لا تخفى ، لكنها لا تخرج عن حدود المعتاد ، ولا يتقاعس الناس عن العمل من أجلها .
وكل عمل تكليفي في نفسه له مشقة معتادة فيه توازي مشة مثله من الأعمال العادية ، وتتفاوت الأعمال في ذاتها ، وفي مشقتها .
( الموافقات 2/ 111 )
والعقوبات الزاجرة ؛ كقطع يد السارق ، وقتل الجاني وقاطع الطريق ، ورجم الزاني ، أ وجلده وتغريبه ؛ فيها من المشقات بل من المفاسد على من لحقت به ما يماثل مشقة المخاطرة بالأرواح في الجهاد ، لكنها جاءت لتحصيل ما رتب عليها من المصالح الحقيقية التي هي أعلى منها ؛ فهي تؤدي إلى مصالح حقيقية كلية عامة .
( الموافقات 1/ 111-112 )
تحديد المصطلحات :
الحرج : كل ما أدى إلى مشقة زائدة في البدن – الآلام أو الأمراض - ، أو النفس – الآلام النفسية - ، أو المال – إتلافه ، أو إضاعته ، أو الغبن الفاحش – حالا ، أو مآلا - إذا كان الحرج للمداومة - مجردة لعظم المشقة المقارنة للفعل .
رفع الحرج : إزالة ما يؤدي إلى هذه المشاق .
أمثلته : في الحج : " افعل ولا حرج " ؛ حيث أباح ترك الترتيب بين الشعائر : الرمي ، الحلق ، الطواف ، النحر ....
إن القرآن الكريم رحمة وشفاء ، والشريعة رحمة للعالمين ، والنبي هو نبي الرحمة ، وديننا دين الرحمة ؛ جاء ليخفف الإصر عن أتباعه مما كان على الأمم السابقة .
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء 82
(إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء 29
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء 107
التخفيف عن هذه الأمة :
1- في الأحكام الأصلية : مثل مشروعية التجمل في الجمعة للرجال ، وفي العيدين للجميع .
2- في الأحكام الطارئة : كالقصر في السفر ، والجمع ، وإسقاط الجمعة والحج والعمرة والجهاد للأعذار المسقطة لذلك ، وكالتيمم ، والفطر للمريض والمسافر .
سقوط بعض التكاليف يعتبر تخفيفا ، مثل : سقوط الصلاة والصوم عن الحائض والنفساء .
وهنا وقفة :
يقول الشيخ صالح بن حميد : إن هذا يُظهِر بجلاء أن حالة الأنوثة ليست كحالة الذكورة ، فالنقص والضعف ظاهرة في المرأة مهما تشدق المتشدقون ، فالواقع يخالف دعاواهم ، فلا تقوم – غالبا – بأعمال تتطلب القوة والعنف والشدة ، ومن جهة أخرى هي تقوم بوظيفتها الخاص التي لا يقوم بها غيرها ؛ من ( الحمل ، والولادة ) والتربية ، والسهر على تنشئة البنين والبنات .
والتقليل من شأن هذه الوظيفة ؛ إما لقصور في الإدراك ، أو خيانة للأمة في أعز ما لديها ، وهو أفرادها .
وقد راعت الشريعة هذا الجانب ، وهيأت كافة الظروف للمرأة لتقوم بمهمتها ودورها الرئيس في بناء المجتمع ، فلم تطالبها بما طالبت به الرجال من الجمعة ، والجماعة ، والجهاد ، والجزية ، واستكمالا لمساهمتها ، وتمشيا مع أنوثتها أباح لها ما لم يبح للرجال ؛ من لبس الذهب والحرير ، ولباس الزينة . إنها أحكام مُرَاعى فيها التخفيف والتيسير ، تتمشى مع الضعف النسوي ، والطبيعة والوظيفة الأنثوية .
( رفع الحرج 203 ) .
فهل تبحثين عمن ينصفك ، ويرفع مكانتك أعظم من هذه الرفعة ؟!!
مفاهيم خاطئة :
1- إطلاق لفظ الغلو على طلب الكمال في العبادة دون مجاوزة الحد ، أي : دون إثقال على النفس إلى درجة الملل ، بل هو من الأمور المحمودة . إنما الممنوع : الإفراط المؤدي إلى الملال ، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل .
2- أن الحكم على العمل بأنه غلو باب خطير لا يقدر عليه إلا العلماء الذين يدركون حدود هذا العمل . وهم الذين تبحروا في علوم العقائد . وإطلاق الغلو على من التزم المحافظة على المشروع من التكاليف على وجه القصد دون إفراط أو تفريط بفقه وبصيرة .
وهذا الاتهام معصية ؛ لأنها تهمة تتضمن وصف الطاعة ، ووصف المعصية ، ويقتضي التنفير من الطاعة ، والحض على ضدها .
كمن يعتب مثلا على من تحرص على أمر ابنها بأداء الصلاة ، وكمن تصف المرأة بالغلو لأنها متحجبة ، وقد تصمها بالتخلف والتطرف .
( الغرياني / 14 ) .
وكمن يعتبر تحريم الغناء غلوا ( محمد الغزالي ) ترك اللحية على سجيتها ( الميداني ) ، وفي الحجاب واعتباره غلوا ( خالد محمد خالد ) .
النيل من العلماء الربانيين ، لمجرد أن يقولوا ما يخالف آراءهم ، ووصمهم
بأبشع الأوصاف ، وممن يجرئهم على ذلك أولئك الذين جعلوهم مصدرا
للتلقي .
3- إطلاق الغلو على من التزم رأيا فقهيا متشددا – من وجهة النظر المخالفة – والتزامه مبني على اجتهاد سائغ شرعا لمن بلغ درجة الاجتهاد ، أو تقليد لعالم شرع موثوق في دينه وعلمه لمن لم يبلغ . والصواب أنه لا يصح الوصف بالغلو لأخذ الشخص برأي يراه أسلم لدينه وأبرأ لذمته .
اللويحق 155
أما العلمانيون فيجعلون من الغلو :
1- تطبيق الشريعة في جميع مناحي الحياة .
ولذا تصدر بعض التعليمات في بعض البلاد الإسلامية تمنع لبس الحجاب ؛ باعتباره مظهرا دالا على الغلو والتطرف .
2- يعمد أعداء الدين إلى القول بأن الالتزام بالفرائض والمندوبات ، والتجافي عن المحرمات ، والورع عن المتشابهات ، أو دعوة الناس إلى شيء من ذلك من قبيل الغلو في الدين . وإن المسلم ليعجب أشد العجب من جرأة هؤلاء الظالمين على هذا . وما عسى أن يكون ذلك الاعتدال المنشود .
إن جماع الدين التزام الواجبات ، والكف عن المحرمات ، والورع عن المتشابهات ( الحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ) .
وإن الدعوة إلى ذلك هي الدعوة إلى الدين ، واتهام ذلك بالتطرف أو الغلو إنما هو اتهام للدين ذاته .
الأدلة على النهي عن الغلو :
في قول الله عز وجل : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) المائدة 77 . أي : لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق .
ومن السنة :
عن ابن عباس ما ، عن النبي قال : ( وإياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) س / جه
( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ) حم ، وحسنه الألباني .
ابن سعد ( هلك المتنطعون ) ثلاثا ( م 2055 ) .
حديث أبي هريرة : ( إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة ، وشيء من الدلجة ) . خ 31 .
وفي لفط : ( القصد القصد ؛ تبلغوا ) .
لا تتعمق في الأعمال الدينية ، وتترك الرفق فتعجز ، وتنقطع فتُغلَب ، والمطلوب القصد والتوسط في العبادة ، فلا يقصر فيما أمر به ، ولا يتحمل منها ما لا يطيقه .
( إن الغلو إذن خروج عن المنهج ، وتعدٍّ للحد ، وعمل ما لم يأذن به الله ورسوله . وإن عاقبته كما أخبر الرسول : الهلاك ، وانقلاب الحال إلى استهتار ، وتفريط بعد الإفراط والتشدد .
حكم الغلو :
الغلو من المعاصي التي لا يستهان بها ، وإن بدت بعض صورها من المحقرات في أعين الناس . وقد كانت عاقبته شركا وكفرا حين ألهوا عيسى . والغلو كله مذموم ؛ قليله وكثيره ، ولذا أنكر رسول الله من زاد في حجم حصى الجمار عن القدر المطلوب وقال : ( يا أيها الناس ، إياكم والغلو في الدين ) .
عوائق عن الإصلاح
1- من أسلحة الغالية :
رمي كل من يعارضهم بالحق ليردهم إليه بأنه معادٍ لمعتقدهم ، فإن كانوا من الغلاة في أولياء الله تعالى وكراماتهم رموا معارضيهم بأنه معادٍ للصالحين ، ولا يحب أولياء الله ، ولا يؤمن بالكرامات .
وإن كان من المتعصبة للمذاهب رُمِي بأنه معارض للأئمة منكر للمذابه ، ويدعونه ( وهابي ) .
ويمكن أن يرمي من يعارضه بأنه يرد الكتاب والسنة ، وأنه صاحب بدعة ، فيضطر البعض إلى مهادنتهم ، ومداهنتهم ، ومجانبة الصواب والإنصاف ، والعزوف عن تبين الحق إيثارا للسلامة من أذاهم ، فيفسح للباطل فتضرب جذوره وتنتشر فروعه .
2- مؤثرات على العالم والمفتي :
أ – تأثير العامة بمجاملتهم ، ومهادنتهم تحت اسم البدعة الحسنة .
واللعامة في استدراج أهل العلم بابان :
o إما بتعظيمهم ومدحهم ، وتشييخهم ؛ فيجرونهم بذلك إلى مجالسهم المشبوهة ليقروهم عليها .
o أو بالاستطالة عليهم بألسنتهم إن عارضوهم ، فيحدون من معارضتهم .
فتتخذ العامة ظهور العلماء جسورا على جهنم .
( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) آل عمران 187
ب _ تأثير الرأي العام والمنصب :
بالتنازلات ، وإصدار آراء وفتاوى غريبة في قضايا العصر ؛ مثل : قضايا المرأة وغيرها ؛ باسم التيسير ورفع الحرج . وهي مجاملة لأولئك ، وهم على طريق اليهود والنصارى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) البقرة 120
جـ - تأثير الإعلام :
بالاستفتاءات المباشرة التي يجيب عنها العالم في التو ؛ حتى لو كانت مسألة من القضايا الشائكة التي لا يستطيع الجواب عنها بمفرده ، وما كان هذا نهج أسلافنا من العلماء ، قال مالك رحمه الله : ( من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه – قبل أن يجيب – على الجنة والنار ، وكيف يكون خلاصه في الآخرة ، ثم يجيب ) .
وقال أبو حصين الأسدي : ( إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر ) .
3- الاختلاف المذموم :
بين العلماء والدعاة والمصلحين ، ولا يسلم من الانتصار للنفس والتعصب للرأي ، ومغالبة الخصم ، وأنفة الرجوع إلى الحق ، ثم التشهير والتنكيل والتعيير والغمز المشين .
أين الإخلاص والعمل لله ابتداء ودواما ؟ فمن اجتاز القنطرة سهل عليه ترك ما لنفسه ؛ من أجل إصلاح غيره ، ولا يلقّاها إلا الصابرون .
د . الصادق / 177
العلاج
1- نشر عقيدة السلف ، وتحكيم الكتاب والسنة .
2- الإخلاص ، وتجريد المتابعة .
3- نشر العلم الشرعي ، والتفقه في الدين ، وهو جماع كل خير ، والتخفف من دعوى أن الحاجة الآن فقط للجانب الدعوي التوجيهي ، وتقويم السلوك دون حاجة إلى فقه أحكام الشريعة . ورسولنا يعلم أصحابه الوضوء ، ويراقب صنعهم ويقول : ( ويل للأعقاب من النار ) . ويتعلم كبار التابعين من كبار الصحابة كيفية الوضوء عمليا .
4- طلب الحق وتحريه ، واتباع الدليل ، والالتزام به .
5- إحياء دور العلماء ، وتواصلهم مع الشباب ، والحرص على التلقي في طلب العلم ، وعدم الاقتصار على الكتاب . ( الشبكة ) .
6- محاورة الغلاة
7- توضيح الحقائق ، والتعامل مع المشكلة من جذورها . وبيان نوعي الغلو كليهما : غلو الإفراط ، وغلو التسيب والتفريط .
8- معالجة الغلو بشكليه : الإفراط والتفريط عند العلمانيين .
9- الحذر من الخلط بين التمسك بالدين ( الصحوة ) وبين الغلو ؛ فالغلو قليل الحجم ، ومن الظلم سحبه على لكثرة التي تمثل تيار الاعتدال .
( اللويحق / 215 ) ( عبود / 312 ) ( د . الصادق / 167 ) ( د . الحقيل / 38 ) .
* مما يعين على الوصول إلى الحق :
1- تقوى الله عز وجل (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) الأنفال / 28 .
2- الإخلاص والتجرد : الحرص على نجاة النفس بتربيتها على الإخلاص ، ومجانبة كل ما يفسد فطرتها ، ويؤثر على قصدها .
3- اللجوء إلى الله عز وجل ، والافتقار إليه .
4- تدبر الكتاب والسنة (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) .الإسراء 9 وتفسيرها في الأضواء 3/ 409 ، 457 .
5- اتباع سبيل السابقين الأولين .
6- الصحبة الطيبة .
اللهم لا تعذب يدا كتبت تريد نفي تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين عن دينك ، ولا لسانا أراد الذب والدفاع عن شريعتك ، ولا تحرمني إلهي ، خير ما عندك بشر ما عندي . اللهم وأرنا الحق حقا ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ، وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضلّ .
من محاضرة الدكتور حصة الصغير
محاضرة "الوسطية في الاسلام"
<h2>شبكة الاتباع
http://www.al-ittibaa.net
</h2>