أما بعد، وقد انتصف المشوار، وبات البرشلوني سعيداً في الدار، وبات موسم الريال على شفا الانهيار، لم يعد هناك مجالاً للانتظار حتى كتابة هذا الإخطار.
لم يعد مورينيو ذاك الرجل الموثوق فيه .. بات الكثيرون متشككين في قدراته وفيما يمكنه أن يقدمه مستقبلاً لريال مدريد، فقد خسر الفريق الكثير، ولم يعد بالصدارة جدير.
لم يخسر ريال مدريد فقط فرصة المنافسة على الليجا، بل إنه خسرها بسرعة مريعة .. 18 نقطة من أصل 51 ممكنة خسرها الميرينجي أي ثلث النقاط. 7 مباريات كاملة عجز الفريق فيها عن الفوز من أصل 17 مباراة.
خسارة ريال مدريد تعدت خسارة الليجا، بل إن الفريق خسر الثقة في قدراته، وكذلك الجماهير .. وهي خسارة أفدح بالتأكيد قد تكلف الفريق كثيراً في دوري الأبطال بجانب خسارة الريال "مؤقتاً" لمشروع مورينيو المستقبلي والخسارة قد تتحول من لفظة "مؤقتاً" إلى "نهائياً" في أي لحظة مع احتمالية إقالة مورينيو.
أما عن كاسياس، فربما يكون لمورينيو وجهة نظر في استبعاده على سبيل "قرص الأذن" فمستوى القديس في تراجع –وقد كتبت عدة مقالات بهذا الشأن أهمها ما كتبته فيما بعد كلاسيكو الليجا- لكن السؤال هو .. هل افتقد مورينيو الحنكة في توقيت القرار خصوصاً قبل مواجهة لا تبدو مضمونة أبداً أمام ملقة ؟ ألا كان يجدر به إما تقديم هذا القرار ليخوض أدان مباراة كمباراة إسبانيول أو لينتظر مورينيو لما بعد لقاء ملقة ؟
الجميع يعلم أنه دائماً ما يريد المدربون واللاعبون الفوز بالمباراة الأخيرة قبل أي فترة توقف، فهذا كفيل بألا يجعل الفريق مادة دسمة للصحافة لأنه لا توجد مباراة قريبة كفيلة بتصحيح الأوضاع في حالة الهزيمة في المباراة الأخيرة فما بالك بقرار يعد تاريخياً باستبعاد معشوق جماهير الميرينجي. ألم يفكر "مو" في أن أسبوعين من اللا مباريات كفيلان بأن يسلخا الفريق سلخاً بين القيل والقال والاستنتاجات والتحليلات والتكهنات لمثل هذه القرارات "خصوصاً مع الهزيمة التي لم تكن مستبعدة" بدلاً من انشغال الصحافة بتحليل مباراة الفريق السابقة والقادمة وخطة اللقاء القادم ؟
هذا يجرنا إلى بيت القصيد .. إقالة مورينيو من عدمها .. هذا هو بيت القصيد، فقد اجتهد الكثيرون لتحليل أسباب انهيار الميرينجي لكن خسارة مورينيو باتت هي حجر الزاوية في الوقت الحالي، فلم يعد ينفع الحديث عن الماضي بل بات على المدريديين أن يجيبوا على سؤالٍ صعب .. ماذا لو رحل مورينيو ؟
سنكون مضطرين إلى العودة للخلف قليلاً لمشاهدة جوزيه مورينيو يوقع على عقدٍ يمتد حتى عام 2016 وهو خطأ فادح سقطت فيه إدارة ريال مدريد .. خطأ نبع من الإيمان الذي يصل إلى درجة لا حد لها بقدرات مورينيو وبأنه سيفوز دائماً لا محالة.
آمن فلورنتينو بيريث بمورينيو لدرجة الجنون فوقّع معه على عقد باهظ الشرط الجزائي طويل الأمد ليضع نفسه في مأزق .. فهو مضطر لدفع 16 مليون يورو في حالة إقالة "مو". ظن فلورنتينو أن الـ16 مليون يورو كافية لإبعاد أي نادٍ عن "مو" لكنه لم يضع في حساباته أن من يريد مورينيو سيكون مستعداً لدفع ذلك خصوصاً إن كان باريس سان جيرمان أو مانشستر سيتي وبالتالي فقد هذا المبلغ معناه، تماماً كما فعل هو عندما أنعش إنتر ميلان بـ15 مليون ليجلب الرجل الخاص والجميع يعرف أن من يريد أن يجلب سيدفع بطيب نفس أما قرار الإقالة فسيكون صعباً مع الاضطرار لدفع 16 مليوناً من الوريقات ذات التصميم البسيط التي تُدعى يورو.
مورينيو شخص ذكي، لكنه في هذه اللحظة فقد أعصابه. بعض اللاعبين القادمين من دوريات أخرى كانوا يتصورون أن الليجا سهلة –كما قال لوكا مودريتش- لكنهم فوجئوا بأن هناك فريقاً كبرشلونة بالكاد يخسر نقاطاً .. صحيح أن البرسا استفاد من التحكيم في مباراتين في بداية الليجا هما أوساسونا وإشبيلية، لكن بعد ذلك انطلق الفريق كحصان جامح يسحق هذا وينكّل بهذا ولا يمكن لأحد أن يبخسه أحقيته وجدارته في تصدر الترتيب أبداً لكن انطلاقته العظيمة هذه من الواضح أنها تسببت في انفلات أعصاب مورينيو وجعله يتخذ بعض القرارات المتسرعة كقرار كاسياس أو أن يعاند في بعض الأمور الأخرى كإبعاد كاكا حتى يُثبت أنه على حق فدفع الريال الثمن فادحاً.
لكن ينبغي الأخذ في الاعتبار ملاحظة مهمة جداً، وهي أن مورينيو عندما ترك تشيلسي ثم الإنتر، عانى الفريقان أشد المعاناة لإيجاد بديل كفء وهو أمر متوقع مع مدرب كمورينيو يملك من القدرات على خلق دوافع جديدة للاعبين ويملك السيطرة والنفوذ الكثير وازدادت هذه السيطرة توغلاً بتجديد مبكر للعقد من جانب فلورنتينو تسبب في منح الرجل الخاص مزيداً من الثقة والنفوذ ما جعله يؤثر على عمله وشغله بصراعات مع لاعبين مهمين في الفريق فكان ما كان وحدث ما حدث.