- إنضم
- 17 جانفي 2012
- المشاركات
- 6,330
- نقاط التفاعل
- 9,304
- النقاط
- 351
يُذكر أن فلاحا كان يمتلك حمارين، قرر في يوم من الأيام أن يُحمّل على أحدهما ملحا والآخر صحونا وقدورا، انطلق هذان الحماران بحمولتهما ، وفي منتصف الطريق شعر صاحب الملح بأنه مظلوم حيث أن كمية الملح كانت أكثر وأثقل من القدور الفارغة ، واغتبط صاحب القدور بحمولته حيث كانت أقل وأخف .
على كل حال قرر صاحب الملح من شدة الإعياء أن ينغمس في بركة من الماء كانت بجوار الطريق كي يستعيد قواه التي خارت من وطأة الملح ، فلما خرج من البركة شعر كأنه بُعث حيّا من جديد ، فقد ذاب الملح المُحمل على ظهره في البركة وخرج نشيطا كأن لم يمسه ملح من قبل ، فلما رأى صاحب القدور ما نزل على صاحبه من النشاط قفز بـقدوره في البركة لينال ما نال صاحبه ، فامتلأت القدور ماءً ، فلما أراد أن يخرج من البركة كاد ظهره أن ينقسم قسمين من وطأة القدور المُحمّلة بالماء.
الحكمة من القصة :
العبرة من هذه القصة كما هو ظاهر أن يتعلم الفرد بأن لا يقلد غيره، بل عليه أن يُعمل عقله وفكره قبل أن يُقدم على اتخاذ قرار مهما كان هذا القرار تافها ولو كان القفز في بركة ماء، وإن لم يُعمل عقله وفكره واكتفى بتقليد غيره فسيصيبه ما أصاب صاحب القدور .
-

في تجربة على البط للعالم الألماني "كونرا لورنز" اكتشف فيها أن البطات تتبع بعد خروجها من البيضة أول كائن تراه خلال فتره زمنية معينة , و لا يُهمها المتبوع كان إنساناً أو حيواناً أو جماداً , حتى و إن كانت الأم الموهومة للبطات لا تُعطي طعاماً أو حناناً , بدليل تجربة سابقة تبعت فيها البطات كرات مطاطية و مكعبات خشبية , و هذا السلوك لا يُمحى, و يُسمى في علم النفس بالدمغ .
-
فشبهت حال البط بحال الكثير من الناس , من مّن يتبعون الأحزاب , و الجماعات , و الحكومات , دون تعقل و تفكر في تصرفاتهم و أفكارهم, و يجعلون عقولهم مستنسخه من عقول هؤلاء , حتى يصبح العقل الحر عبداً لهم , فالإنسان لم يُخلق ليكون أمعه , بل مستقلاً بذاته .
و ينبغي منا و إن كُنا موالون لمنظمة أن نُحكم عقولنا في الأفكار المُسربة إلينا , كي لا يكتسب العقل توجهات خاطئة ، و ليُزرع فيه الأفكار التي تتناسب مع قناعاته , و ليس قناعات الآخرين .
-
فالعقل نعمة أعطاها الله الإنسان , و يستطيع الشعور معه بالحرية, وإن كان مستعبد الجسد, فإذا حرص الإنسان على حريته استطاع أن يبني عمارات وأبراجاً من الأفكار في عقله , و إذا أهمله تمكنت الجهات الأخرى من تخديره مغناطيسياً، و توجيهه على أهوائهم .
-
و من أهم طرق استعباد العقول: الوسائل الإعلامية و الحروب النفسية , و إذا كان الأبوانِ يهودان المولود أو ينصرانه , فإنّ التلفاز و الشبكة المعلوماتية يظلان الإنسان أو يهديانه , فعلينا الحذر ممّا تبثه لنا الوسائل الإعلامية , و الحرص على التأكد من كل ما يُقال و يُكتب ,
و كما قال الله تعالى: "يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"
و بعد التبيُن يبدأ دور العقل , بالحكم على ما سمعنا أو قرأنا .
-
فمن الجميل أن تجعل دائرة فكرك واسعة ،و تتنقَل فيها بحُرية لا حدود لها إلا حدود الله , و تتركه يأخذ من كل بستان ما أراد من الأزهار , فإنك إن لم تكن حرَ العقل، فلن تكون حر الجسد .